المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملوك الطوائف



Dr_X
20-11-2005, 06:41 PM
مقالة د. وليد أحمد فتيحي

جريدة عكاظ

الثلاثاء 8 نوفمبر 2005م



ملوك الطوائف


لم أشاهد أوأتابع منذ ربع قرن من الزمن مسلسلاً عربياً واحداً حيث أنني أجد في ذلك مهدرة للوقت الثمين الذي هو رأس مال الإنسان، أضف إلى ذلك انني استسخف الحوار المبتذل أو السطحي والتافه في معظم ما يعرض على الشاشة العربية من أعمال فنية ومسلسلات.

ولكنني ولأول مرة منذ خمس وعشرين عاماً أتابع مسلسلاً عربياً وأحرص عليه وهو بعنوان "ملوك الطوائف" علماً بأنني لم أنوي مشاهدة هذا المسلسل ولكن أذني لقطت مصادفة أطراف حوار دار في الحلقة الأولى من المسلسل فأسرت به وبطريقة إلقائه فأعطيت المسلسل فرصة في مشاهدة حلقة اخرى فأدركت آنذاك بأن المسلسل يستحق المتابعة فَفَعلت وعشت مع كاتب الحوار ومع ما يحاول أن يصل به إلى المشاهد من قراءة أعمق للتاريخ وما يحمل كل حوار من فكرة يستحق الوقوف عليها والتأمل والإعتبار وما يحمل ما بين السطور من إسقاطات على الواقع الأليم لأمتنا الإسلامية.

تاريخنا في الأندلس هو صفحة من التاريخ إن ظننا أنها قد طُويت في كتبنا فأنها لا تطوى في السجل الأعلى، وستبقى محفورة في تاريخ الإنسانية وتاريخ هذه الأمة إلى قيام الساعة، وستبقى دروسها شاهداً على كل من سيأتي بعدها ولا يعتبر بعبرها من أبناء الأمة الإسلامية حاكماً كان أو محكوماً، أو من أهل الخاصة أو العامة.

مسلسل "ملوك الطوائف" هو إحياء بعض الدروس والعبر في فترة تمزق الأندلس إلى 22 دويلة بين عام 400هـ وحتى وفاة المعتمد بن عباد عام 488هـ، وبين السطور يبدع كاتب الحوار والمفكر القدير الدكتور وليد سيف في أن يحطم في عقلية المشاهد العربي سطحية قراءة الأحداث فليس من خير مطلق وليس من شر مطلق، وإنما تتبدل المواقع وتتغير المواقف وفي كلٍ إبتلاء وامتحان وتمحيص ينجح فيه من ينجح ويفشل فيه من يفشل، وكثيرٌهم من خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً وان إختلفت نسب الخير والشر في كل منهم. وهل جُلُّ مصائبنا هذه الأيام إلاَّ أنَّ بين أظهرنا من يقرأ الأفراد والأحداث والمواقف بسطحية تؤدي به أن يَدَّعى أو ينسب الخير كله أو الشر كله لفرد بعينه أو مجموعة أو حركة بعينها؟.. فيفقد بذلك التوازن الذي ينشأ به الميزان ويتحقق به العدل في الحكم على الأفراد والمواقف والأحداث.

وبذلك فانني وجدت الكاتب القدير يحاول إعادة هذا التوازن في عقلية المشاهد العربي لما يفترضه المواطن العربي اليوم بأنه مُسَلَّمات وحقائق بناء على النظرة السطحية الظاهرية للأحداث والمواقف والأشخاص.

فهذا هو المعتمد بن عباد الذي كان من خيار ملوك الطوائف شأناً وأفسحهم ملكاً والذي كان يُشبه بهارون الرشيد لزكاء نفسه، وغزارة أدبه وهو الذي ملك أشبيلية بين عامي 461هـ ـ 484هـ، ورفع شأنها والذي تبنى فكرة الإستعانة بالمرابطين للحفاظ على الأندلس، والذي قاتل في معركة الزلاقة ضد الصليبين بنفسه فأبلى فيها بلاءًا حسنا وقاتل قتالاً عجيباً حتى عُقرت تحته ثلاثة أفراس كلما عقر فرس قدم آخر وسالت الدماء الغزيرة فانزلقت الخيول والناس ولذلك سميت المعركة بالزلاقة.

هذا هو المعتمد بن عباد الذي عاد إلى أشبيلية منتصراً بعد معركة الزلاقة فاقدم عليه الشعراء والخطباء يقدمون ما جادت به قرائحهم يهنؤون المعتمد على الظفر الميمون ولكن المعتمد أمر القراء بتلاوة القرآن الكريم فقرأ أحدهم قول الله تعالى "الا تنصروه فقد نصره الله" التوبه :40، فقال أحد الشعراء الذين حضروا المجلس وأسمه عبد الجليل بن وهبون: كنت قد نظمت قصيدة لألقيها بين يدي المعتمد لكن المعتمد أمر بتلاوة القرآن فقلت في نفسي بعد سماع الآيه بعداً لي ولشعري والله ما أبقت هذه الآيه معنى لما أقول.

هذا هو المعتمد بن عباد دفع ثمن ما صدر منه من بعض الزلات والأخطاء وان كان من أفضل ملوك الطوائف وأزكاهم نفساً وأعظمهم إعتزازاً بإسلامه وعروبته فأخطاء الحكام لا كأخطاء الرعية، فهذا المعتمد بعينه بعد بضع سنوات من معركة الزلاقة يرفض مؤازرة المرابطين "وهو الذي دعاهم بادئ ذي بدء" في قتال النصارى خوفاً على ملكه أن يضيع بل ويبعث سراً لملك النصارى "ألفونسو السادس" يستنجد به على المرابطين فكان الخطأ وكانت الخيانة فحاصره المرابطون وقد أقام الحجة على نفسه وأصر على عدم تسليم المدينة وحرَّض شعبه لمساعدته في القتال ضد المرابطين لكن شعبه أبى، ورفض المسلمون هناك مؤازرته فأسقط في يده وأضطر للإستسلام بعد مقاومة منه ومن أتباعه.

نعم ... جاء العقاب من الله سريعاً لحاكم إمتلأ تاريخه بالمواقف العظيمة المشرفة ذلك أن خطأ الخاصة الخلص لا كخطأ العامة، وخطأ القادر لا كخطأ المقدور عليه، وخطأ الحاكم لا كخطأ المحكوم فالله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن.

ويخرج المعتمد وأهله من الأندلس كلها وتُصادر أملاكه وأمواله كلها، وينفى إلى "أغمات" في المغرب ليعيش ما بقي من عمره فقيراً محروماً بعد أن كان ذا صوله وجوله وجاه وغنى وسلطان وكان ملء السمع والبصر.

هذا هو المعتمد بن عباد الذي كان لا يرد طلباً لزوجته "إعتماد"، وقد رأت يوماً بدويات يبعن القرب وقد شمَّرن عن سوقهن يخضن في الطين فقالت لزوجها بن عباد: أشتهي أن أفعل انا وبناتي كفعل هؤلاء البدويات، فلبى طلبها ولكن بطريقة عجيبة هي من طرق السلاطين والملوك مما يتفتق به ذهن من ألِف العزْ والترف وسكنت إليه نفسه وهي تعكس ما وصل إليه ملوك الأندلس من بذخ وإسراف فأمر المعتمد بالعنبر والمسك والكافور فَخُلِط بماء الورد ليكون في هيئة الطين وأحضر القرب والحبال لإعتماد وبناتها فحملنها ثم رفعن عن سوقهن وخضن في طين العنبر والمسك والكافور. وتدور الأيام عليه وعلى أهله وبينما هو في المنفى فقير محروم تدخل عليه بناته يوماً في أطمار باليه فثارت نفسه على أحواله وأحوالهن فقال:

فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً

فساءك العيد في أغماتَ مأسوراً

ترى بناتِك في الأطمـار جائعـةٌ

يغزلن للناس ما يملكن قطميـراً

يطأن في الطين والأقدام حافيـةٌ

كأنها لم تطـأ مسكـاً وكافـوراً

ثم أتعظ وبكى حاله فقال:-



قد كان دهرُك إن تأمْره ممتثـلاً

فردك الدهر منهيـاً ومأمـوراً

من بات بعدك في ملك يَسرُّ بـه

فانما بات بالأحـلام مغـروراً




ملوك طوائف الأندلس دروس تاريخية عظيمة لأمة لا تتحقق عظمتها إلاَّ بقدر ما تُمكن لعظمة الرسالة التي بين يديها من فكرها وفؤادها وبقدر ما تعمل في سبيل تعظيم وإجلال أمانة حمل آخر رسالات السماء للأرض.

وأعظم هذه الدروس هو ما يصنعه التناحر والصراع بين المسلمين في ذهاب ريحهم وكسر شوكتهم وإذلالهم وضياع الأمانة، والفساد في الأرض حتى قال فيهم قائل:-

مما يُزِّهدني في أرض أنـدلس ألقاب معتمـد فيهـا ومعتضـد

ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي إنتفاخاً صولة الأسد

وقال فيهم أبن حزم رحمة الله عليه "فضيحة لم يقع في الدهر مثلها، أربعة رجال في مسافة ثلاثة أيام يسمى كل واحد منهم بأمير المؤمنين، ويخطب لهم في زمن واحد، أحدهم في أشبيلية والثاني بالجزيرة الخضراء والثالث بمالطة والرابع بسبتة".

دروس ثلاث عظيمة عرضتها في ثنايا مقالي هذا لو اعتبرت بها الأمة، كان ضياع الأندلس كلها ثمناً يدفع لإمتلاك هذه الدروس واستيعابها وتفادي الوقوع في أخطائها مرة اخرى لقلت والله ما ضاعت الأندلس هدراً، ولكن وأاسفاه فللأمم والشعوب ذاكرة قصيرة المدى وان كان التاريخ لا يرحم ولا ينسى وفوق هذا وذاك رب يرقب خبير عليم بما يصنع عباده يمهل ولا يهمل، ولذلك فالتاريخ كثيراً بل غالباً ما يعيد نفسه ... خاصه لمن لا يعتبر به.



د/ وليد أحمد فتيحي

طبيب استشاري ورئيس مجلس إدارة مستشفى المركز الطبي الدولي


----
و اضح أن ما ورد أعلاه منقول :أفكر:
---

ماذا أقول يا مسلمين ؟ .. >>> يتأوه

بالنسبة للمسلسل كان بالطبع أسطورة

أترك التعليق على المقال لكم :)

Angel whisper
20-11-2005, 06:56 PM
لو الواحد بيتم يتذكر اللي استوى نم زمان ويتمدح فيه وما يهتم بحاضره .. ما بيتغير شي فيه ..

مقال جميل بس

اختيار حلو :)

Dr_X
20-11-2005, 07:26 PM
لو الواحد بيتم يتذكر اللي استوى نم زمان ويتمدح فيه وما يهتم بحاضره .. ما بيتغير شي فيه ..

مقال جميل بس

اختيار حلو :)

فعلاً ... من المفروض أن نهتم بالماضي لكي نعتبر و لا نقع في نفس الأخطاء ... و بذلك نكون نهتم بالحاضر و المستقبل في نفس الوقت. لاحظوا أن عدد مملكات الطوائف حوالي 22 مملكة ... مين الذكي الذي يقول لي كم دولة نحن الآن؟ :أفكر:

و لكن للأسف كالحكمة التي يرددها أحد أصدقائي ..
المفروض غير الواقع .

و مشكوره على الرد :)

و ننتظر مشاركات بقية الأعضاء الكرام :)

الخيال
20-11-2005, 07:38 PM
يستنجد به على المرابطين فكان الخطأ وكانت الخيانة فحاصره المرابطون
العرب خونه ^_^
تعليق على المضمون :
انا تابعت السلسله من البداية من صقر القريش الى ملوك الطوائف بصراحه شيء خيالي ومؤثر في نفس الوقت وتحزُ في القلب <<< كيف طلعت ذي:33:
تعليق على المسلسل :
نفس القصه تكررت في مسلسلين ... والله من قلة الشغل
وماراح أعطيك صح ^_^

Dr_X
21-11-2005, 04:15 PM
العرب خونه ^_^
تعليق على المضمون :
انا تابعت السلسله من البداية من صقر القريش الى ملوك الطوائف بصراحه شيء خيالي ومؤثر في نفس الوقت وتحزُ في القلب <<< كيف طلعت ذي:33:
تعليق على المسلسل :
نفس القصه تكررت في مسلسلين ... والله من قلة الشغل
وماراح أعطيك صح ^_^

و أنا تابعت السلسلة ايضاً .... فعلاً رائعة جداً.

الغريب إن أغلب الناس ما يحبون هذا النوع من المسلسلات:33: ... لكن ما يدرون ايش اللي فاتهم :D

و بالنسبة للقصة ... فالمسلسل الأفضل هو طبعاً ملوك الطوائف ... فهو الأفضل من كل النواحي.

و بالنسبة للصح :dong:>> :02:>> :15:>> :bawling:

:D

ملاحظة هامة جداً جداً جداً جداً

جداً

جداً

جداً

جداً


جداً






جداً



جداً >>>>> خلاص فهمنا :aargh4: :vereymad:


الذي لم يعجبه الموضوع يجب عليه و ضع التالي:



7

7

7

















7

7

7

7

7

7

7

7

7

7



7

7

7













7

7

7















7

7



( :sucks: )



.

.

.













:D