rajaab
12-12-2005, 04:45 PM
محاسبة الحاكم:
والشرع الذي أنزله الله وبيَّنه لم يتركه أفكاراً مبينة فقط، بل أراده الشارع أن يكون واقعاً مجسماً. فأنزل أحكاماً عملية من شأنها أن تحافظ على وجوده في الواقع، وتمنع ما يمنعه، وجعل طريقة ذلك الدولة. فأمر بإيجادها للمحافظة على الشرع، وجعل الله للحاكم أحكاماً، وأمره ونهاه، وطلب منه إقامة الدين والسهر عليه، وطلب من الأمة طاعته في ذلك، ومحاسبته إن هو قصر، وطلب ذلك من الأمة أفراداً وأحزاباً، قال رسول الله r: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» [رواه الحاكم]. وقال r: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» [رواه ابن ماجة والنسائي] وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: «لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر ولتأخذنَّ على يد الظالم ولتأطرنَّه على الحق أطراً ولتقصرنَّه على الحق قصراً» [رواه أبو داود والترمذي]. ولا يستطيع أن يأطر الحاكمَ الظالمَ على الحق أطراً ولا أن يقصُرَه على الحق قصراً إلا من كان ذا شوكه وقوة، أي جماعة أو حزب لأن الأفراد لا يستطيعون ذلك.
والصحابة والفقهاء في الماضي عرفوا أن دولة الإسلام هي ملاك الأمر. وبوجودها تطبق الأحكام وبضياعها تضيع، فقد قال أبو بكر رضي الله عنه عندما سئل عن ملاك الأمر (الإسلام) كيف يدوم؟ قال: "ما استقامت الأمراء" .وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عن الفضيل عن عياض وأحمد بن حنبل قولهما: "لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان".
والإسلام دين لكلِ الناس، يحمل في طياته الخير لجميع بني البشر، وليس لقوم دون قوم. فعقيدته عالمية ونظامه عالمي، وهو كذلك يحمل طريقة نشره في العالم، وذلك بوجود دولة تطبقه وتحمله للعالم، فالدولة الإسلامية هي بدورها معروف يجب أن توجد، لتقوم بما عليها أن تقوم به، فما هي وظيفتها؟ ومن الذي يوجدها إذا لم توجد؟ ومن الذي يقوّم اعوجاجها إذا اعوجت؟.
أما وظيفتها التي أناطها الله بها فهي إقامة الدين كل الدين. فالدولة مسؤولة عن التطبيق سواء للأحكام الفردية أو الجماعية، للفروض العينية أو الكفائية. فهي مسؤولة عن إقامة الدين أي إقامة المعروف، وإزالة المنكر بالشكل العملي. فالمسلم إذا لم يصلِّ أمرته الدولة بالصلاة وإلا عاقبته. وكذلك إذا لم يزكِّ أو يحج أو يَصُمْ، فإن كل هذه الفروض العينية وأمثالها مطلوب من الدولة أن تسهر على وجودها، ومحاسبة المقصرين فيها. وكذلك هي الحال بالنسبة للفروض الكفائية. فإن لم تتأمن كل المصالح التي تحتاج لها الأمة من تأمين للطب والهندسة والتعليم وغيره مما يحتاج إيجاده إلى سياسة وتنسيق وتوزيع مهمات، وإن لم توجد الفروض التي يتوزع على الأمة وجودها من وجود للجهاد والاجتهاد فإن هذه أحكام أناطها الشارع بالخليفة وأمره أن يوجدها. وأي تقصير منه في ذلك يجب أن تحاسبه الأمة عليه. وتحمله على تلافيه. وقد حدد الشارع أحكاماً دقيقة في ذلك. فقد حرَّم على المسلمين الخروج على الحاكم إلا في حالة إظهار الكفر البواح.
إن الأصل في الدولة الإسلامية أن يكون الحاكم فيها هو القوَّام على رعاية شؤون الناس بأحكام الشرع، وهو المسؤول شرعاً عن منع المنكرات، سواء حصلت من أفراد أو من جماعات. فالرسول r يقول: «الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته» [متفق عليه] وقد أوكل الله إليه أن يرغم الناس أفراداً وجماعات على القيام بأداء جميع الواجبات التي أوجبها الله عليهم. وإذا استدعى الأمر استخدام القوة لإرغامهم على أدائها وجب عليه أن يستخدمها. كما أوجب الله عليه أن يمنع الناس من ارتكاب المحرمات وإذا استدعى الأمر استخدام القوة لمنعهم من ارتكاب المحرمات وجب عليه استخدامها. فالدولة هي الأصل في تغيير المنكر وإزالته باليد أي بالقوة، لأنها مسؤولة شرعاً عن تطبيق الإسلام ، وعن إلزام الناس بأحكامه .
ولكن إذا حصل من الحاكم منكر – كأن يظلم أو يأكل أموال الناس بالباطل، أو يمنع الحقوق، أو يهمل في شأن من شؤون الرعية، أو يقصر في واجب من واجباتها، أو يخالف حكماً من أحكام الإسلام أو غير ذلك من المنكرات – ففرض على المسلمين جميعاً أن يحاسبوه وأن ينكروا عليه ذلك، وأن يعملوا على التغيير عليه أفراداً وجماعات، ويأثمون بالسكوت عنه، وبترك المنكر والتغيير عليه.
ويكون الإنكار والتغيير عليه عند ارتكاب منكر من المنكرات بطريقة المحاسبة باللسان. لما روى مسلم عن أم سلمة أن رسول الله r قال: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم ، ولكن من رضي وتابع» ولما روي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله r: «... كلا والله لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر، ولتأخذنَّ على يد الظالم، ولتأطرنّه على الحق أطراً، ولتقصرنّه على الحق قصراً» وفي رواية: «أو ليضربنَّ الله قلوب بعضكم على بعضأو ليلعنكم كما لعنهم » [رواه أبو داود] كما جعل رسول الله r قولة الحق عند سلطان جائر أفضل الجهاد حيث أجاب الرجل الذي سأله أي الجهاد أفضل؟ قال: «كلمة حق عند سلطان جائر» [رواه ابن ماجة والنسائي]. ولورود أحاديث تُحرِّم الخروج عليه بالسلاح إلا في حالة واحدة استثنيت من حرمة الخروج عليه بالسلاح وهي حالة ما إذا أظهر الكفر البَواح الذي فيه من الله برهان بأنه كفر صراح لا شك فيه. أي إذا أظهر الحكم بأحكام الكفر الصراح، وترك الحكم بما أنزل الله. فعن عوف بن مالك الأشجعي قال: سمعت رسول الله r يقول: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم ، قالوا : قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك، قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة» [رواه مسلم]. والمراد بإقامة الصلاة الحكم بالإسلام، أي تطبيق أحكام الشرع من باب تسمية الكل باسم الجزء. وعن أم سلمة أن رسول الله r قال: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عَرَفَ برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا» [رواه مسلم] أي ما قاموا بأحكام الشرع ومنها الصلاة من باب إطلاق الجزء على الكل. وعن عبادة بن الصامت قال: «بايعنا رسول الله r على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثَرةٍ علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله قال: إلا أن تروا كفراً بَواحاً عندكم من الله تعالى فيه برهان، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم» [رواه مسلم].
فمفهوم هذه الأحاديث ينهى عن الخروج على الحاكم بالسلاح إلا في حالة عدم حكمه بما أنزل الله. أي في حالة حكمه بأحكام الكفر البواح، الذي فيه من الله برهان بأنه كفر صراح لا شك فيه.
هذا كله فيما إذا كان الحاكم المسلم موجوداً ثم هو قصر، وإذا وصل به الحال أن حكم بحكم الكفر الصراح – ولو بحكم واحد – وجب على الأمة بأفرادها وجماعتها الوقوف بوجهه ومنعه ولو بقوة السلاح، فكيف يكون الحال إذا لم يوجد الحاكم المسلم أصلاً، ولم تكن هناك دار إسلام. فمن الطبيعي أن كل الأحكام المناطة بالحاكم ستتعطل، ويعم الفساد، وتشيع الرذيلة، وتفشو الأخلاق السيئة، وستقوم العلاقات الفاسدة، ويستفيض المنكر وينتشر، ويضمر المعروف وينحسر. وسيضعف المسلمون وتقل هيبتهم وتلين شوكتهم. وسيصبحون كالأسد بلا أنياب ولا مخالب، وسيصبحون صورة من غير واقع، فلا صورة الأكل تشبع ولا صورة الأسد تفزع.
ففي مثل هذه الحالة – وهي حالنا اليوم – فإنه ينبغي على الأمة إيجاد الخليفة الذي يحكم بما أنزل الله، لأن وجوده فرض. ولكن من يقوم بإيجاده، وكيف يكون إيجاده؟ وهنا يأتي بحث وجوب وجود الجماعات الإسلامية وعملها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والشرع الذي أنزله الله وبيَّنه لم يتركه أفكاراً مبينة فقط، بل أراده الشارع أن يكون واقعاً مجسماً. فأنزل أحكاماً عملية من شأنها أن تحافظ على وجوده في الواقع، وتمنع ما يمنعه، وجعل طريقة ذلك الدولة. فأمر بإيجادها للمحافظة على الشرع، وجعل الله للحاكم أحكاماً، وأمره ونهاه، وطلب منه إقامة الدين والسهر عليه، وطلب من الأمة طاعته في ذلك، ومحاسبته إن هو قصر، وطلب ذلك من الأمة أفراداً وأحزاباً، قال رسول الله r: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله» [رواه الحاكم]. وقال r: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» [رواه ابن ماجة والنسائي] وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: «لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر ولتأخذنَّ على يد الظالم ولتأطرنَّه على الحق أطراً ولتقصرنَّه على الحق قصراً» [رواه أبو داود والترمذي]. ولا يستطيع أن يأطر الحاكمَ الظالمَ على الحق أطراً ولا أن يقصُرَه على الحق قصراً إلا من كان ذا شوكه وقوة، أي جماعة أو حزب لأن الأفراد لا يستطيعون ذلك.
والصحابة والفقهاء في الماضي عرفوا أن دولة الإسلام هي ملاك الأمر. وبوجودها تطبق الأحكام وبضياعها تضيع، فقد قال أبو بكر رضي الله عنه عندما سئل عن ملاك الأمر (الإسلام) كيف يدوم؟ قال: "ما استقامت الأمراء" .وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عن الفضيل عن عياض وأحمد بن حنبل قولهما: "لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان".
والإسلام دين لكلِ الناس، يحمل في طياته الخير لجميع بني البشر، وليس لقوم دون قوم. فعقيدته عالمية ونظامه عالمي، وهو كذلك يحمل طريقة نشره في العالم، وذلك بوجود دولة تطبقه وتحمله للعالم، فالدولة الإسلامية هي بدورها معروف يجب أن توجد، لتقوم بما عليها أن تقوم به، فما هي وظيفتها؟ ومن الذي يوجدها إذا لم توجد؟ ومن الذي يقوّم اعوجاجها إذا اعوجت؟.
أما وظيفتها التي أناطها الله بها فهي إقامة الدين كل الدين. فالدولة مسؤولة عن التطبيق سواء للأحكام الفردية أو الجماعية، للفروض العينية أو الكفائية. فهي مسؤولة عن إقامة الدين أي إقامة المعروف، وإزالة المنكر بالشكل العملي. فالمسلم إذا لم يصلِّ أمرته الدولة بالصلاة وإلا عاقبته. وكذلك إذا لم يزكِّ أو يحج أو يَصُمْ، فإن كل هذه الفروض العينية وأمثالها مطلوب من الدولة أن تسهر على وجودها، ومحاسبة المقصرين فيها. وكذلك هي الحال بالنسبة للفروض الكفائية. فإن لم تتأمن كل المصالح التي تحتاج لها الأمة من تأمين للطب والهندسة والتعليم وغيره مما يحتاج إيجاده إلى سياسة وتنسيق وتوزيع مهمات، وإن لم توجد الفروض التي يتوزع على الأمة وجودها من وجود للجهاد والاجتهاد فإن هذه أحكام أناطها الشارع بالخليفة وأمره أن يوجدها. وأي تقصير منه في ذلك يجب أن تحاسبه الأمة عليه. وتحمله على تلافيه. وقد حدد الشارع أحكاماً دقيقة في ذلك. فقد حرَّم على المسلمين الخروج على الحاكم إلا في حالة إظهار الكفر البواح.
إن الأصل في الدولة الإسلامية أن يكون الحاكم فيها هو القوَّام على رعاية شؤون الناس بأحكام الشرع، وهو المسؤول شرعاً عن منع المنكرات، سواء حصلت من أفراد أو من جماعات. فالرسول r يقول: «الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته» [متفق عليه] وقد أوكل الله إليه أن يرغم الناس أفراداً وجماعات على القيام بأداء جميع الواجبات التي أوجبها الله عليهم. وإذا استدعى الأمر استخدام القوة لإرغامهم على أدائها وجب عليه أن يستخدمها. كما أوجب الله عليه أن يمنع الناس من ارتكاب المحرمات وإذا استدعى الأمر استخدام القوة لمنعهم من ارتكاب المحرمات وجب عليه استخدامها. فالدولة هي الأصل في تغيير المنكر وإزالته باليد أي بالقوة، لأنها مسؤولة شرعاً عن تطبيق الإسلام ، وعن إلزام الناس بأحكامه .
ولكن إذا حصل من الحاكم منكر – كأن يظلم أو يأكل أموال الناس بالباطل، أو يمنع الحقوق، أو يهمل في شأن من شؤون الرعية، أو يقصر في واجب من واجباتها، أو يخالف حكماً من أحكام الإسلام أو غير ذلك من المنكرات – ففرض على المسلمين جميعاً أن يحاسبوه وأن ينكروا عليه ذلك، وأن يعملوا على التغيير عليه أفراداً وجماعات، ويأثمون بالسكوت عنه، وبترك المنكر والتغيير عليه.
ويكون الإنكار والتغيير عليه عند ارتكاب منكر من المنكرات بطريقة المحاسبة باللسان. لما روى مسلم عن أم سلمة أن رسول الله r قال: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم ، ولكن من رضي وتابع» ولما روي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله r: «... كلا والله لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر، ولتأخذنَّ على يد الظالم، ولتأطرنّه على الحق أطراً، ولتقصرنّه على الحق قصراً» وفي رواية: «أو ليضربنَّ الله قلوب بعضكم على بعضأو ليلعنكم كما لعنهم » [رواه أبو داود] كما جعل رسول الله r قولة الحق عند سلطان جائر أفضل الجهاد حيث أجاب الرجل الذي سأله أي الجهاد أفضل؟ قال: «كلمة حق عند سلطان جائر» [رواه ابن ماجة والنسائي]. ولورود أحاديث تُحرِّم الخروج عليه بالسلاح إلا في حالة واحدة استثنيت من حرمة الخروج عليه بالسلاح وهي حالة ما إذا أظهر الكفر البَواح الذي فيه من الله برهان بأنه كفر صراح لا شك فيه. أي إذا أظهر الحكم بأحكام الكفر الصراح، وترك الحكم بما أنزل الله. فعن عوف بن مالك الأشجعي قال: سمعت رسول الله r يقول: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم ، قالوا : قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك، قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة» [رواه مسلم]. والمراد بإقامة الصلاة الحكم بالإسلام، أي تطبيق أحكام الشرع من باب تسمية الكل باسم الجزء. وعن أم سلمة أن رسول الله r قال: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عَرَفَ برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا» [رواه مسلم] أي ما قاموا بأحكام الشرع ومنها الصلاة من باب إطلاق الجزء على الكل. وعن عبادة بن الصامت قال: «بايعنا رسول الله r على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثَرةٍ علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله قال: إلا أن تروا كفراً بَواحاً عندكم من الله تعالى فيه برهان، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم» [رواه مسلم].
فمفهوم هذه الأحاديث ينهى عن الخروج على الحاكم بالسلاح إلا في حالة عدم حكمه بما أنزل الله. أي في حالة حكمه بأحكام الكفر البواح، الذي فيه من الله برهان بأنه كفر صراح لا شك فيه.
هذا كله فيما إذا كان الحاكم المسلم موجوداً ثم هو قصر، وإذا وصل به الحال أن حكم بحكم الكفر الصراح – ولو بحكم واحد – وجب على الأمة بأفرادها وجماعتها الوقوف بوجهه ومنعه ولو بقوة السلاح، فكيف يكون الحال إذا لم يوجد الحاكم المسلم أصلاً، ولم تكن هناك دار إسلام. فمن الطبيعي أن كل الأحكام المناطة بالحاكم ستتعطل، ويعم الفساد، وتشيع الرذيلة، وتفشو الأخلاق السيئة، وستقوم العلاقات الفاسدة، ويستفيض المنكر وينتشر، ويضمر المعروف وينحسر. وسيضعف المسلمون وتقل هيبتهم وتلين شوكتهم. وسيصبحون كالأسد بلا أنياب ولا مخالب، وسيصبحون صورة من غير واقع، فلا صورة الأكل تشبع ولا صورة الأسد تفزع.
ففي مثل هذه الحالة – وهي حالنا اليوم – فإنه ينبغي على الأمة إيجاد الخليفة الذي يحكم بما أنزل الله، لأن وجوده فرض. ولكن من يقوم بإيجاده، وكيف يكون إيجاده؟ وهنا يأتي بحث وجوب وجود الجماعات الإسلامية وعملها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.