المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلى المنهزمين فكرياً!!



mernoir
16-12-2005, 11:48 PM
تاريخنا الإسلامي تاريخ مجيد، حافل بالبطولات والانتصارات، وسابق بكثير من الانجازات والاكتشافات والاختراعات، فهو صفحات بيضاء مشرقة، ناصعة البياض في تاريخ البشرية، وإن كانت هذه الصفحات لم تخلُ من نقاط سوداء صغيرة مظلمة، فالكمال لله وحده، لكنّ أعداء الإسلام من المستشرقين وغيرهم عمدوا إلى هذه النقاط السوداء الصغيرة، فسلّطوا عليها الأضواء المبهرة، وعملوا - بكلّ ما أوتوا من جهد ومكر ودهاء - على تضخيمها، وبثّها إلى الأمّة الإسلاميّة من خلال بحوثهم ودراساتهم المسمومة، ثمّ من خلال تلامذتهم من بعض أبناء المسلمين المغفلين - وللأسف الشديد - الذين لم يعرفوا تاريخهم المجيد، ورضعوا من فكر أولئك المرضى، أو من المنافقين الحاقدين الموتورين، الحانقين على دينهم وأمتهم، وذلك ليصوّروا للأجيال المسلمة وغيرها أنّ هذا هو الإسلام لا غير، وقد صرّح أحدهم - وهو المستشرق الشهير ( شاتلي) - بهذه الخطّة الجهنّمية فقال: - وإذا أردتم أن تغزو الإسلام وتكسروا شوكته، وتقضوا على هذه العقيدة التي قضت على كلّ العقائد السابقة واللاحقة، والتي كانت السبب الأوّل والرئيس لاعتزاز المسلمين وشموخهم، وسبب سيادتهم وغزوهم للعالم، إذا أردتم غزو هذا الإسلام، فعليكم أن توجّهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم والأمّة الإسلاميّة، بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم وتاريخهم، وكتابهم القرآن، وتحويلهم عن كلّ ذلك بواسطة نشر ثقافتكم وتاريخكم، ونشر روح الإباحيّة، وتوفير عوامل الهدم المعنوي، وحتّى لو لم نجد إلا المغفّلين منهم والسذّج والبسطاء لكفانا ذلك، لأنّ الشجرة يجب أن يتسبّب لها في القطع أحد أغصانها،- وصدق هذا الخبيث، فها نحن اليوم نسمع من بعض أبناء المسلمين - ليس من السذّج والبسطاء، بل من أدعياء الثقافة والفكر والعقل المستنير(!) _ من يحتقر أمّته، وتاريخها المجيد، ويتقيأ مثل هذا الكلام قائلاً - مجاهراً به غير مستحٍ - : إنّ حضارتنا الإسلاميّة حضارة دينيّة، لم تقدّم للبشرية شيئاً يذكر، وأنّ الحضارة الغربيّة المعاصرة ما هي إلا امتداد للحضارة اليونانية القديمة، التي كانت قبل الإسلام !! كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً، وعلى الرغم من أنّ عقلاء الغرب ومنصفيهم قد اعترفوا بفضل الحضارة الإسلاميّة؛ إلا أنّ هؤلاء المنهزمين فكرياً أبوا إلا احتقار أمّتهم وحضارتهم.

وصدق محمّد إقبال- رحمه الله- حين وصف هذا الجيل من أبناء المدارس الحديثة، الراضع من لبان الغرب، بأنّه: "فارغ الأكواب، ظمآن الشفتين، مصقول الوجه، مظلم الروح، مستنير العقل، كليل البصر، ضعيف اليقين، كثير اليأس، هؤلاء الشبّان أشباه الرجال ولا رجال، ينكرون أنفسهم، ويؤمنون بغيرهم، يبني الأجانب من ترابهم الإسلاميّ كنائس وديار، إنّ المدرسة قد نزعت منهم العاطفة الدينيّة، وأصبحوا خبر كان، أجهل الناس لنفوسهم، وأبعدهم عن شخصياتهم، شغفتهم الحضارة الغربيّة، فيمدّون أكفّهم إلى الأجانب ليتصدّقوا عليهم بخبز شعير، يبيعون أرواحهم في ذلك، إنّ المعلّم لا يعرف قيمتهم، فلم يخبرهم بشرفهم، ولم يعرّفهم بشخصيتهم، مؤمنون ولكن لا يعرفون سرّ الموت، ولا يؤمنون بأنّه لا غالب إلا الله، إنّ الإفرنج قد قتلهم من غير حرب ولا ضرب، عقول وقحة، وقلوب قاسية، وعيون لا تعفّ عن الحرام، وقلوب لا تذوب بالقوارع، كلّ ما عندهم من علم، وفنّ ودين وسياسة، وعقل وقلب، يطوف حول الماديات، قلوبهم لا تتلقّى الخواطر المتجدّدة، وأفكارهم لا تساوي شيئاً، حياتهم جامدة واقفة متعطّلة ".

إنّها كلمات تكتب بماء الذهب، قالها شاعرنا الأديب قبل قرن من الزمان، عن رؤية ومشاهدة، لا عن تخمين .

وها هي تلك الوجوه الوقحة تطلّ علينا اليوم من جديد وبقوّة، لا سيما بعد التحوّلات العالمية الجديدة، والانفتاح الإعلامي الهائل، لتردّد بغباء كالببغاء ما كان يردّده المستشرقون الحاقدون قبل قرون، من شبهات وأفكار، بل إنّ بعضهم فاق أولئك المستشرقين خبثاً ومكراً ودهاءً، واحتقاراً لأمّته ودينه، حتى انطبق عليهم قول الشاعر:

وكنت امرئ من جند إبليس فارتقى *** بي الحال حتّى صار إبليس من جندي

في الوقت الذي اعتنق فيه بعض أولئك المستشرقين الإسلام، اعترافاً بفضله وعظمته، وقد كانوا من قبل قد درسوه للطعن فيه، والبحث عن نقاط الضعف في منعطفاته ومنحنياته، فهالهم ما رأوا فيه من النور العظيم، والحضارة المجيدة، والصفحات المشرقة التي كانوا يحاولون طمسها، فلم يتمالكوا إلا أن دخلوا فيه إعجاباً وإجلالاً، فمتى يفيق المنهزمون نفسياً، ويعترفون بفضل دينهم وحضارتهم ؟؟. فلن يَصْلُحَ حالُ آخر هذه الأمّة إلا بما صلح به حال أوّلها، والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.

الذئب المتوحش
18-12-2005, 11:35 AM
شكر وتقدير على الموضوع القيم


من وجهة نظري : الحكومات العربية وراء هذا التخبط و الضياع الفكري 0

و جزاك الله ألف على موضوعك 00000000