المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحج



Dark Gamer
30-12-2005, 01:08 PM
تعريف الحج
الحج لغة: قصد الشيء المعظم وإتيانه.

وشرعا: قصد البيت الحرام والمشاعر العظام وإتيانها، في وقت مخصوص، على وجه مخصوص، وهوالصفة المعلومة في الشرع من: الإحرام، والتلبية، والوقوف بعرفة، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بالمشاعر ورمي الجمرات وما يتبع ذلك من الأفعال المشروعة فيه، فإن ذلك كله من تمام قصد البيت.

حكم الحج
الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، وهو خاصة هذا الدين الحنيف، وسرالتوحيد. فرضه الله على أهل الإسلام بقوله سبحانه: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين .

فسمى تعالى تاركه كافرا، فدل على كفر من تركه مع الاستطاعة، وحيث دل على كفره فقد دل على آكدية ركنيته. وقد حاءت السنه الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالتصريح بأنه أحد أركان الإسلام، ففي الصحيحين عن ابن عمر- رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام .

وفي حديث جبريل في رواية عمر- رضي الله عنه- عند مسلم، أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ما الإسلام؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا . وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا . وأحاديث كثيرة - في الصحيحين وغيرهما - في هذا المعنى، وبفرضه كمل بناء الدين وتم بناؤه على أركانه الخمسة.

وأجمع المسلمون على أنه ركن من أركان الإسلام وفرض من فروضه، إجماعا ضروريا، وهو من العلم المستفيض الذي توارثته الأمة خلفا عن سلف.

وفي مسند أحمد وغيره بسند حسن عن عياش بن أبي ربيعة مرفوعا : لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة - يعني الكعبة حق تعظيمها، فإذا تركوها وضيعوها هلكوا .

قال بعض أهل العلم: الحج على الأمه فرض كفاية كل عام على من لم يجب عليه عينا. فيجب الحج على كل: مسلم، حر، مكلف، قادر، في عمره مرة واحدة. وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم.

والقدرة : هي استطاعة السبيل التي جعلها الشارع مناط الوجوب. روى الدارقطني بإسناده عن أنس- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: من استطاع إليه سبيلا . قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة . وعن ابن عباس عند ابن ماجة، والدارقطني بنحوه .

وعن جماعة من الصحابة يقوي بعضها بعضا للاحتجاج بها، ومنها عن ابن عمر- رضي الله عنهما-: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة. قال الترمذي : العمل عليه عند أهل العلم .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد سرد الآثار فيه: هذه الأحاديث مسندة من طرق حسان مرسلة وموقوفة تدل على أن مناط الوجوب الزاد والراحلة.

قلت: المراد بالزاد: ما يحتاج إليه الحاج في سفره إلى الحج ذهابا وإيابا من: مأكول، ومشروب، وكسوة ونحو ذلك، ومؤونة أهله حال غيابه حتى يرجع.

والمراد بالراحلة: المركوب الذي يمتطيه في سفره إلى الحج ورجوعه منه بحسب حاله وزمانه.

وتعتبرالراحلة مع بعد المسافة فقط وهو ما تقصرفيه الصلاة لا فيما دونها. والمعتبر شرعا في الزاد والراحلة في حق كل أحد، ما يليق بحاله عرفا وعادة لاختلاف أحوال الناس.

ويشترط للوجوب سعة الوقت عند بعض أهل العلم، لتعذر الحج مع ضيقه. واعتبر أهل العلم من الاستطاعة أمن الطريق بلا خفارة، فإن احتاج إلى خفارة لم يجب، وهو الذي عليه الجمهور.

قلت: وقد أوضح الله تبارك وتعالى في سياق ذكر فرض الحج على الناس وإيجابه عليهم بشرطه، محاسن البيت وعظم شأنه بما يدعو النفوس الخيرة إلى قصده وحجه، فقال سبحانه: إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا الآية. وفي موضع آخرأخبر سبحانه أنه إنما شرع حج البيت ليشهدوا منافع لهم الآية. وكل ذلك مما يدل على الاعتناء به والتنويه بذكره والتعظيم لشأنه، والرفعة من قدره، ولو لم يكن إلا إضافته إليه سبحانه بقوله: وطهر بيتي للطائفين لكفى بذلك شرفا وفضلا.

فهذه النصوص وأمثالها هي التي أقبلت بقلوب العالمين إليه حبا له وشوقا إلى رؤيته فلا يرجع قاصده منه إلا وتجدد حنينه إليه وجد في طلب السبيل إليه.

أما من كفر بنعمة الله في شرعه وأعرض عنه وجفاه فلا يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئا: ومن كفر فإن الله غني عن العالمين فله سبحانه الغنى الكامل التام عن كل أحد من خلقه من كل وجه وبكل اعتبار فإنه سبحانه هو الغني الحميد

الفورية في أداء الحج
من اكتملت له شروط وجوب الحج، وجب عليه أداؤه فورا عند أكثرأهل العلم.

والفورية: هي الشروع في الامتثال عقب الأمر من غيرفصل، فلا يجوز تأخيره إلا لعذر، ويدل على ذلك ظاهر قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا . وقوله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس، إن الله فرض عليكم الحج فحجوا رواه مسلم فإن الأمر يقتضي الفورية في تحقيق المأموربه، والتأخير بلا عذرعرضة للتأثيم.

وروي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له .

وروى سعيد في سننه عن عمربن الخطاب- رضي الله عنه- أنه قال: لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار، فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج ليضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين .

وروي عن علي- رضي الله عنه - قال: من قدرعلى الحج فتركه فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا . وعن عبد الرحمن بن باسط يرفعه: من مات ولم يحج حجة الإسلام لم يمنعه مرض حابس، أو سلطان جائر، أو حاجة ظاهرة، فليمت على أي حال يهوديا أو نصرانيا . وله طرق توجب أن له أصلا.

ومما يدل على أن وجوب الحج على الفورحديث الحجاج ابن عمرالأنصاري - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كسرأوعرج- يعني أحصرفي حجة الإسلام بمرض أو نحوه - فقد حل، وعليه الحج من قابل . رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن وغيرهم قال فيه النووي : رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، والبيهقي، وغيرهم بأسانيد صحيحة.

فالحديث دليل على أن الوجوب على الفور، وهناك أدلة أخرى عامة من كتاب الله دالة على وجوب المبادرة إلى امتثال أوامره جل وعلا، والثناء على من فعل ذلك، مثل قوله سبحانه: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين .

وقوله سبحانه: فاستبقوا الخيرات . ولا شك أن المسارعة والمسابقة كلتيهما على الفور، ويدخل فيه الاستباق إلى امتثال أوامره تعالى؛ فإن صيغة افعل إذا تجردت من القرائن اقتضت الوجوب، كما هو الصحيح المقررفي علم الأصول، ومما يؤكد ذلك تحذيزه سبحانه من مخالفة أمره بقوله: فليحذرالذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم . وقال تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا . فصرح سبحانه أن أمره قاطع للاختيار موجب للامتثال.

وكم في القرآن من النصوص الصريحة الحاثة على المبادرة إلى امتثال أوامره سبحانه، والمحذرة من عواقب التواخي والتثاقل عن فعل ما أمرالله به، وأن الإنسان قد يحال بينه وبين ما يريد بالموت أو غيره، كقوله سبحانه: أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم . فقد يقترب الأجل فيضيع عليهم الأجر بعدم المبادرة قبل الموت، حيث يعاجلهم الموت ولما يفعلوا فيصبحوا من الخاسرين النادمين، ففي الآية دليل واضح على وجوب المبادرة إلى الطاعة خشية أن يعاجل الموت الإنسان قبل التمكن منها.

فهذه الأدلة العامة مع ما سبق من الأدلة الخاصة، تفيد وجوب الحج على الشخص فور استطاعته، وأنه إذا تأخرعن ذلك كان في عداد المفرطين الجديرين بفوات الخير إلا أن يتداركهـم الله برحمة منه وفضل، فاغتنموا فرصة الاستطاعة والإمكان على هذه الفريضة قبل فواتها وعجزكم عن أدائها بحادث موت أو غيره من العوارض المانعة. ولأحمد عنه صلى الله عليه وسلم قال: تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له .

وكان فرض الحج على الصحيح سنة تسع من الهجرة ولكن لم يتمكن النبي صلى الله عليه وسلم من الحج تلك السنة لاسباب ذكرها أهل العلم منهـا:

1- أن الله تعالى كره له أن يحج مع أهل الشرك وفيهم الذين يطوفون بالبيت عراة، ولهذا بعث الصديق رضي الله عنه تلك السنة يقيم الحج للناس ويبلغهم أن لا يحج العام مشرك ولا يطوف بالبيت عار 2- أن ذلك من أجل استدارة الزمان حتى يقع الحج في وقته الذي شرعه الله. 3- أو لعدم استطاعته صلى الله عليه وسلم الحج تلك السنة لخوف منعه ومنع أكثر أصحابه. 4- أو لأجل أن يتبلغ الناس أنه سيحج العام القادم ويجتمع له الجم الغفير من الناس ليبين لهم المناسك ويوضح لهم الأحكام ويضع أمور الجاهلية، ويودعهم ويوصيهم في خاصة أنفسهم وأهليهم وذويهم وغير ذلك.
قلت: ولعل هذه الامور كلها مرادة له صلى الله عليه وسلم ومن ذلك أن يوسع على الناس، ويبين لهم جواز التأخير مع العذر رحمة بهم وشفقة عليهم والله أعلم.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:09 PM
معنى الحج والعمرة


للحج معنى في اللغة ومعنى في اصطلاح الشرع .

أما معنى الحج في اللغة فهو : القصد إلى معظم .

وأما معناه شرعا فهو : قصد البيت الحرام لأداء أفعال مخصوصة من الطوات والسعي والوقوف بعرفة وغيرها من الأعمال .

والحج من الشرائع القديمة ، فقد ورد أن آدم عليه السلام حج وهنأته الملائكة بحجه .

وكلمة الحج تأتي في اللغة بكسر الحاء وبفتحها ، وقد قرئت في القرآن بهما .

وأما العمرة فمعناها في اللغة : الزيارة .

ومعناها في الشرع : زيارة الكعبة على وجه مخصوص مع الطواف والسعي والحلق أو التقصير .

Dark Gamer
30-12-2005, 01:11 PM
الحج ومناسكه

من أعظم ما شرع الله تعالى لعباده لتطهير أرواحهم وتزكية نفوسهم عبادة الحج لبيته الحرام

معنى كلمتي الحج والمناسك

الحج بكسر الحاء وفتحها- مصدر حج المكان يحجه إذا قصده، فمعنى الحج على هذا: قصد بيت الله الحرام بمكة المكرمة لأداء عبادات خاصة من طواف وسعي، وما يتبع ذلك من وقوف بعرفة ومبيت بمزدلفة، ورمي للجمرات.

والمناسك: جمع منسك، والمنسك: الموضع الذي يقضى فيه النسك. والنسك: العبادة عامة، ويطلق على أعمال الحج خاصة: لقوله تعالى حكاية عن إبراهيم الخليل وولده إسماعيل عليهما السلام وأرنا مناسكنا الآية، وقوله: فإذا قضيتم مناسككم وقد يطلق النسك على الذبح تقربا، ومنه قوله تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له الآية، وقوله: ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وقد قال الرسول صلى الله عليه سلم لفاطمة رضي الله تعالى عنه: قومي فاشهدي أضحيتك وقولي: إن صلاتي ونسكي الحديث ففيه بيان أن المراد بالنسك الذبح تقربا.

تاريخ الحج وبيان فرضيته على هذه الأمة
يرجع تاريخ الحج إلى عهد نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام، فهو أول من بنى البيت على التحقيق، وأول من طاف به مع ولده إسماعيل عليهما السلام، وهما اللذان سألا ربهما سبحانه وتعالى أن يريهما أعمال الحج ومناسكه، قال تعالى: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم .

ومن ثم نعلم أن الله تعالى قد تعبد ذرية إسماعيل بهذه المناسك وأنها بقيت في العرب إلى عهد الإسلام الحنيف. غير أن العرب لما نسوا التوحيد وداخلهم الشرك تبع ذلك تحريف وتغيير في أعمال هذه العبادة، شأنهم في ذلك شأن الأمم إذا فسدت سرى الفساد في كل شيء منها.
وقول الله تعالى: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس

وقوله جلت قدرته: فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا يدل دلالة واضحة على أن هذه العبادة كانت موجودة قبل الإسلام، وذلك أن قريشا كانت تقف في الحج موقفا دون موقف سائر العرب الحجاج الذي يقفونه، وكانت تفيض من مكان غير الذي يفيضون منه، فلما أقر الإسلام الحج، أمر المسلمين بالمساواة في الموقف والإفاضة، فقال تعالى: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس وكانوا يجتمعون في الحج للفخر بالأحساب وذكر شرف الآباء والأنساب، فأمر الإسلام أتباعه أن يستبدلوا بذكر الآباء ذكر الله ذي الفضل والآلاء.. قال تعالى: فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا كما صحح التاريخ أن النبي صلى الله عليه وسلم في أول أمره بالدعوة الإسلامية كان يلاقي العرب في أسواقهم ومواسم حجهم.

أما تاريخ فريضة الحج على هذه الأمة، فالجمهور يقولون: إنه فرض في السنة التاسعة من الهجرة حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق على الناس ليحج بهم أميرا للحج، وفي السنة العاشرة حج الرسول صلى الله عليه سلم بالأمة حجة الوداع، فاستدل الجمهور على فرضية الحج في هذه السنة، سنة تسع من الهجرة، ولكن الصواب والله أعلم أن الحج كان مفروضا قبل الإسلام، أي من عهد الأب الرحيم وولده إسماعيل عليهما السلام، وأقره الإسلام في الجملة ونزل في إيجابه وتأكيد فرضيته قول الله تبارك وتعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ثم إن هذه الآية المصرحة بفرضية الحج وليس لدينا غيرها، هي إحدى آيات سورة آل عمران التي نزلت عقب غزوة أحد مباشرة، ومن المعروف أن غزوة أحد وقعت في السنة الرابعة من الهجرة، وعلى هذا يمكن القول بأن الحج فرض قبل سنة تسع ولم ينفذ إلا فيها لما كان من عجز المسلمين عن ذلك، لأن مكة كانت في تلك الفترة من الزمن خاضعة لسلطان قريش فلم يسمح للمسلمين بأداء هذه العبادة العظيمة، وقد أرادوا العمرة فعلا فصدوهم عن المسجد الحرام، كما أخبر تعالى بقوله: هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله فعجز المسلمين أسقط عنهم هذه الفريضة، كما أن العجز مسقط لفريضة الحج عن كل مسلم، ولما فتح الله سبحانه وتعالى على رسوله مكة سنة ثمان من الهجرة لم يتوان الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الناس بأداء فريضة الحج، فأمر أبا بكر أن يحج بالناس فحج بهم في السنة التاسعة المباشرة لعام الفتح تماما.

أدلة فرضية الحج ووجوب العمرة
أما أدلة الكتاب على فرضية الحج فأظهرها آية آل عمران: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا وأما أدلة السنة على ذلك فكثيرة جدا، منها: قوله صلى الله عليه وسلم في جوابه لجبريل عليه السلام حين سأله عن الإسلام فقال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا .

وقوله: في حديث ابن عمر رضي الله عنه الذي رواه الشيخان: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا .

وإجماع الأمة من أقوى الأدلة على ذلك، فجحود هذه العبادة يعتبر من الكفر الصراح الذي لا يقبل الجدل بحال من الأحوال.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:14 PM
روح الحج

--------------------------------------------------------------------------------

الحج ركن أساسي من أركان الإسلام وروحه الأصلية هي التقوى كسائر العبادات الأخرى.. إلا أن للحج نوعية خاصة ينفرد بها وهي أنه يعود في أصله إلى حياة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام.
وهدف الحج هو أن يصل كل عبد من عباد الله إلى مقامات الحج مرة واحدة على الأقل في حياته، إن استطاع إلى ذلك سبيلا، فيقدّم هناك دليلا على عبوديته الكاملة لله، بمختلف الأعمال والشعائر، وبالتالي يحاول أن يصبغ ظاهره وباطنه بالصبغة الإبراهيمية الحنيفية السمحة.

وكان إبراهيم عليه السلام قد نادى في الناس بعد بناء الكعبة بأن يأتوا ويحجوا لبيت ربهم.. ورحلة الحج هي تلبية هذا النداء الإبراهيمي، وأصوات لبيك اللهم لبيك التي نسمعها في الحج هي ردنا على ذلك النداء الإبراهيمي، فهي تعني أن الحاج قد لبى النداء الإبراهيمي فجاء يحج لله مؤكدا بعمله هذا أنه مستعد استعدادا كاملا لتنفيذ كل أحكام الله.

ويعني الحج - لفظا - القصد أو الزيارة، وهو يعني في المصطلح الإسلامي الشعيرة السنوية التي تتمثل في قصد المسلم مكة المكرمة في الوقت المحدد ليطوف حول الكعبة ويقيم في ميدان عرفات ويأتي أعمالا أخرى معروفة بمراسم أو شعائر الحج.

والحج عبادة جامعة، ففيه إنفاق المال، ومشقة الجسد، وذكر الله، والتضحية في سبيله.. فالحج عبادة تشمله روح كل العبادات الأخرى بصورة أو أخرى.

ومركز أداء فرائض الحج هو بيت الله في مكة المكرمة. ويذكرنا هذا البيت الإلهي بحياة إيمانية عظيمة عاشها عباد من أصلح عباد الله على وجه الأرض... فهي تبدأ بتاريخ إبراهيم خليل الله وتنتهي بتاريخ نبي آخر الزمان محمد صلى الله عليه وسلم. وبيت الله يذكرنا كيف يضحي عبد من عباد الله بكل ما لديه في سبيل ربه، كيف يصوغ حياته طبقا لمرضاة الله وحده، كيف يسخر نفسه لأجل الرسالة الإلهية إلى أن تحين منيته...

مسيرة نحو الله
والحج مسيرة العبد نحو الله، وهو منتهى القرب الذي يمكن أن يسمو إليه العبد من ربه في هذه الحياة الدنيوية. فالعبادات الأخرى ذكر الله بينما الحج أبعد من ذلك قربا ً....!! وإذا كانت العبادات العامة عبادة الله على مستوى الغيب فالحج عبادة الله على مستوى الشهود..

وعندما يقف الحاج أمام الكعبة فهو يشعر أنه واقف أمام رب الكعبة نفسه. والطواف حول الكعبة مظهر لحقيقة أن العبد يجد ربه فيطوف حوله طواف الفراشة حول القنديل.. وعندما يمسك العبد بالملتزم ويدعو فكأنه أمسك بطرف من ربه فالتف به التفافا وهو يريد أن يقول له كل ما في أعماقه.

ويتمتع الحج بكل هذه الخواص لأن شعائره تؤدى في مكان تنزل فيه التجليات الإلهية، وهو المكان الذي اختاره الله ليكون مركز الرسالة الدينية لأعظم داع إلى حياة العبودية الكاملة لله وهو إبراهيم عليه السلام.. وهذا هو المكان الذي وقعت على ترابه الأحداث التي صاغت تاريخ بدء الإسلام.. وتنتشر حوله آثار الدعوة الربانية المثالية التي تحققت قبل 14 قرنا بقيادة خاتم النبيين وآخر المرسلين.

وقد اكتسبت ديار الحرم أهمية غير عادية بسبب مثل هذه التقاليد والخصائص، فظهرت بها بيئة روحانية وتاريخية من نوع خاص فلا يبقى شخص يزورها إلا ويتأثر بها أعمق التأثر. وهو يعود بعد الحج كما يعود شخص قذر بعد أن يستحم في مياه نهر صاف .

ويتمتع الحج بأهمية غير عادية بين العبادات الإِسلامية. وقد وصف الحج في أحد الأحاديث بأنه أفضل العبادات .. وهذه الأهمية الخاصة هي في روح الحج وليس في مظاهره . وبكلمة أخرى ليس الحج أن يذهب واحد منا إلى ديار الحرم ثم يعود، بل الحج هو أن يتمتع الحاج بالكيفيات التي من أجلها فرضت هذه الفريضة. فكون الحج أفضل العبادات يعني أنه سيكون أفضل عبادة للعبد الذي يؤدي شعائره بروحه الحقيقية وآدابه الصحيحة. فالطعام يعطي القوة لمن يأكله، إلا أن أفضل الأغذية لن تفيد من لا يأكلها بل يكتفي بالنظر إليها أو يفرغها فوق رأسه.. وهكذا لن يفيد الحج فائدة حقيقية إلا من يقوم بما ينبغي له بالفعل أن يقوم به في الحج.

سيد العبادات
الحج - كما ذكرنا - لقاء بالله تعالى.. وتطرأ على الحاج كيفيات ربانية من نوع خاص عندما يصل إلى مقامات الحج بعد تحمل مشاق السفر. وهو يشعر كأنه انتقل من دنياه إلى الدنيا الإلهية، كأنه يلمس ربه، ويطوف حوله، ويسعى إليه، ويسافر من أجله، ويقدم القرابين (الهدي) أمامه، ويرمي بالجمرات أعداءه، ويسأله كل ما كان يتمنى أن يسأله، ويظفر منه - بمشيئة الله - بكل ما كان يتمنى أن يحصل عليه.

والكعبة علامة من علامات الله على وجه الأرض. فهناك تأتي الأرواح البشرية الضالة لتسكن في رحاب ربها. وهنالك تتفجر عيون العبودية من الصدور المتحجرة. وهنالك تشاهد العيون المظلمة تجليات الله.. ولكن هذا كله يحدث للذى يذهب مستعدا وباحثا. أما الذين لم يستعدوا فحجهم لن يعدو أن يكون أكثر من سياحة. فهم لا يذهبون هناك إلا لكي يعودوا كما ذهبوا.

وقد قال رسول الله: الحج عرفة أي أن الحج هو القيام في ميدان عرفات. وهذا يدل على أهمية عرفات في شعائر الحج.. فميدان عرفات في أيام الحج يقدم منظرا تمثيليا لميدان الحشر. فنشاهد أفواجا بعد أفواج من عباد الله يأتونه من كل حدب وصوب في يوم معين.

وما أغربه من منظر.. فعلى كل الأجساد لباس بسيط من نوع واحد. لقد فقد الكل صفاته المميزة.. وكل الألسنة تردد كلمة واحدة: لبيك اللهم لبيك، لبيك اللهم لبيك . ويتذكر الناظر الذي يشاهد هذا المنظر تلك الآية القرآنية التي تذكرنا بيوم الحشر: ونـُفـِخ َ في الصـُّور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون فحضور عرفات يهدف إلى تذكير العبد بمثوله أمام الله يوم الحشر، لكي يجري على نفسه بصورة رمزية وتصورية ما سيجري عليه غدا.

والحقيقة أن للحج معاني تميزه بطعم خاص.. ودرجة الحج إزاء العبادات الأخرى كدرجة الكعبة إزاء المساجد الأخرى.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:15 PM
تعريف الحج.



الحج هو الخروج في سبيل الله.. هو الوصول ببذل الوقت والمال إلى المقامات التي هي شعائر الله التي ترتبط بها ذكريات عباد الله الصالحين. وكل شعائر الحج إظهار عملي لنشاط الإنسان من أجل الله وفي سبيله.. فتطوف حياته حول الحقائق العليا، وهو يصادق أولياء الله، ويعادي أعداءه، ويـُجرِي اليوم على نفسه كيفية المثول أمام الله يوم الحشر، ويصبح أخشى الناس لله وأذكرهم له، ولا يقر له قرار في سبيل تحويل الإسلام إلى حقيقة عالمية ولنشره على المستوى الدولي . والحج في ظاهره عبادة وقتية محددة بأيام، ولكنه في حقيقته صورة للحياة الإيمانية بأسرها، وهو إقرار للعبودية حتى النفس الأخير.. فالمؤمن يعيش لكي يحج في سبيل ربه، وهو يحج لكي يعيش من أجل ربه. فالحج تعبير عن حياة المؤمن ومماته في وقت واحد.

والحج زيارة لله تعالى وهو منتهى ما يمكن للإِنسان أن يقترب من ربه في الحياة الدنيوية...

وقد جاء في القرآن عن حقيقة الحج: الحج أشهر مـَعلومات ٌ فمـَن فـَرض َ فيهن َّ الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جـِدال في الحـَج ِّ وما تـَفـْعـَلوا من خير ٍ يعلمْه اللهُ وتزوَدُوا فإن َّ خير َ الزاد ِ التـَّقوَى واتـَّقون ِ يا أ ُولي الألباب ِ

ويعني الرفث القول البذيء، ويقارب معنى الفسق ما نقوله بالأردية : إن فلانا تعرى من لباس الإنسانية، أما الجدال فيعني المخاصمة. وهذه الكلمات الثلاثة تستخدم لبيان شرور اجتماعية تقع عموما بواسطة الكلام، كأن تجتمع مجموعة من الناس فيأتي شخص بذيء ويفسد اجتماعا رزينا بكلامه الفاحش وأحيانا يقع للبعض شيء على غير العادة فيتعرى من لباسه الوقور الظاهري ويقول الباطل، وأحيانا يسيء شيء ما إلى بعض الناس فلا يتحمله بل يسرع في الخصام.

واجتماع الحج تربية عملية للابتعاد عن هذه الشرور الاجتماعية. وترتبط بمقامات الحج ذكريات القدسية والاحترام فيؤتى بالمؤمن هناك ليكتمل تدريبه على اجتناب هذه الشرور. وهو يعيش في بيئة اجتماعية خاصة فينصرف بنفسه عن الفواحش والأنشطة السطحية إلى الأشياء الرزينة، ويصقل مزاجه على الثبات على الحق والصلاح في كل الأحوال، فلا يخاصم أخاه في الحياة الاجتماعية رغم التجارب المؤسفة التي تؤذي مشاعره.

وكلما اجتمع بعض الناس في مكان ما أو عاشوا معا تثور شكاوى وخلافات بين بعضهم. ويقع هذا الاجتماع على مستوى عظيم في موسم الحج لأن عددا ضخما من الناس من مختلف الأنواع يجتمعون في مكان واحد ووقت واحد. وتكون النتيجة أن الأذى يصيب الناس مرة بعد أخرى، ولو بدأ الناس يخاصمون بعضهم بسبب هذه الشكاوى الفردية فسيقضي على جو العبادة ولن يتحقق هدف الحج. ولهذا حرم الجدال والخصام خلال الحج تحريما مطلقا.. وهكذا جعل الحج وسيلة لتربية المسلمين على شيء عظيم لأن الخصام والجدال كما يبطلان الحج ، فإنهما يبعدان المسلمَ عن الإسلام في الحياة العادية كذلك.

وكثيرا ما يحدث أن يعتبر الإنسان شيئا ظاهريا علامة على التقوى ويظن باختياره إياه أنه قد حصل على حياة التقوى وإن كان قلبه خاليا من التقوى في حقيقة الأمر.. وهكذا ظن البعض من قدماء العرب أن عدم حمل الزاد خلال الحج علامة على التقوى فاهتموا بألا يحملوا معهم زادا خلال الحج.. ولكن علاقة الزاد علاقة بالحاجة والضرورة، وليست بالتقوى.

وينبغي على الإنسان أن يستعد في مثل هذه الأمور حسب حاجته.. ولكن التقوى شيء يختلف عن هذا كله، فعلاقتها بالقلب. فلا يقبل الله عمل شخص ما لمجرد أنه سافر في سبيله بدون الزاد أو لأنه أخضع جسده لمشقة عظيمة لا ضرورة لها، فالله يطلب تقوى القلب. والمطلوب من رحلة الحج أن توفر لصاحبها زاد التقوى. وهذا هو الزاد الذي سيفيده في رحلة الآخرة.. فيجب على مسافر الحج، وكذلك على مسافر الحياة، أن يجتنب الأمور الشهوانية ويبتعد عن الجدال والخصام والأشياء التي لا يحبها الله.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:16 PM
هل تود أن تعرف ما هو النسك وعلى ماذا يدور؟


الجواب: النسك يطلق ثلاثة إطلاقات؛ فتارة يراد به العبادة عموما، وتارة يراد به التقرب إلى الله تعـالى بالذبح، وتارة يراد به أفـعـال الحج وأقواله.

فالأول كقولهم: فلان ناسك، أي عابد لله عز وجل. والثاني كقوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ويمكن أن يراد بالنسك هنا: التعبد، فيكون من المعنى الأول، والثالث كقـوله تـعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا هذا هو معنى النسك، وهذا الأخير هو الذي يخص شعائر الحج، والنسك المراد به الحج نوعان: نسك العمرة، ونسك الحج.

أما نسك العمرة: فهو مـا اشتمل على هيئتها، من الأركان، والواجبات، والمستحبات؛ بأن يحرم من الميقات، ويطوف بالبيت، ويصعد إلى الصفا والمروة، ويحلق أو يقصر. وأما الحج: فهو أن يحرم من الميقات، أو من مكة إن كان بمكة، ويخرج إلى منى ثم إلى عرفة، ثم إلى مزدلفة، ثم إلى منى مرة ثانية، ويطوف ويسعى، ويكمل أفعال الحج على ما سيذكر إن شاء الله تعالى تفصيلا.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:19 PM
قال تعالى : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ .
وأخبر - - صلى الله عليه وسلم - - أنه أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام , وأن من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه , وأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة , وكل هذا في الصحيحين .

وأخبر أن الحج والعمرة ينفيان الذنوب والفقر كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة .

وورد في فرضه وفضله وثوابه أحاديث كثيرة وذلك لما فيه من المنافع العامة والخاصة , وقد بيَّن تعالى مجمل حكمه ومنافعه في قوله : لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ . أي منافع دينية واجتماعية ودنيوية .

وقال : جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ . الآية . فإن به تقوم أحوال المسلمين ويقوم دينهم ودنياهم , فلولا وجود بيته في الأرض وعمارته بالحج والعمرة والتعبدات الأخر لآذن هذا العالم بالخراب .

ولهذا من أمارات الساعة واقترابها هدمه بعد عمارته وتركه بعد زيارته , فإن الحج مبني على المحبة والتوحيد الذي هو أصل الأصول كلها , فإن حقيقته استزارة المحبوب لأحبابه وإيفادهم إليه ليحظوا بالوصول إلى بيته ويتمتعوا بالتذلل له والانكسار له في مواضع النسك ويسألوه جميع ما يحتاجونه من أمور دينهم ودنياهم , فيجزل لهم من قراه ما لا يصفه الواصفون .

وبذلك تتحقق محبتهم لله ويظهر صدقهم بإنفاق نفائس أموالهم , وبذل مهجهم في الوصول إليه , فإن أفضل ما بذلت فيه الأموال وأتعبت فيه الأبدان , وأعظمه فائدة وعائدة ما كان في هذا السبيل . وما توسل به إلى هذا العمل الجليل , ومع ذلك فقد وعدهم بإخلاف النفقات والحصول على الثواب الجزيل والعواقب الحميدة .

ومن فوائد الحج أن فيه تذكرة لحال الأنبياء والمرسلين ومقامات الأصفياء المخلصين .
كما قال تعالى : وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى والصحيح في تفسيرها أن هذا عام في جميع مقاماته في الحج من الطواف وركعتيه والسعي والوقوف بالمشاعر ورمي الجمار والهدي وتوابع ذلك .
ولهذا كان - صلى الله عليه وسلم - يقول في كل مشعر من مشاعر الحج : خذوا عني مناسككم فهو تذكرة بحال إبراهيم الخليل والمصطفين من أهل بيته , وتذكير بحال سيد المرسلين وإمامهم ومقاماته في الحج التي هي أجلّ المقامات .
وهذا التذكير أعلى أنواع التذكيرات , فإنه تذكير بأحوال عظماء الرسل إبراهيم ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ومآثرهم الجليلة وتعبداتهم الجميلة , والمتذكر بذلك مؤمن بالرسل معظم لهم متأثر بمقاماتهم السامية مقتد بآثارهم الحميدة ذاكر لمناقبهم وفضائلهم فيزداد به العبد إيمانا ويقينا .

وشرع أيضا لما فيه من ذكر الله الذي تطمئن به القلوب ويصل به العبد إلى أكمل مطلوب كما قال - صلى الله عليه وسلم - : إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله .

ومن فوائد الحج أن المسلمين يجتمعون في وقت واحد وموضع واحد على عمل واحد

ويتصل بعضهم ببعض ويتم التعاون والتعارف ويكون وسيلة للسعي في تعرف المصالح المشتركة بين المسلمين والسعي في تحصيلها بحسب القدرة والإمكان , وبذلك تتحقق الوحدة الدينية والأخوة الإيمانية ويرتبط أقصى المسلمين بأدناهم فيتفاهمون ويتعارفون ويتشاورون في كل ما يعود بنفعهم , وبذلك يكتسب العبد من الأصدقاء والأحباء ما هو أعظم المكاسب ويستفيد بعضهم من بعض .

أما توابع ذلك من المصالح الدنيوية بالتجارات والمكاسب الحاصلة في مواسم الحج ومواضع النسك فإنها تفوق العد , وكل هذا داخل في قوله : لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ .

موسم عظيم لا يشبهه شيء من مواسم الأقطار , كم أنفقت فيه نفائس الأموال وكم أتعبت في السعي إليه الأبدان وكم حصل فيه شيء كثير من أصناف التعبدات , وكم أريقت في تلك المواضع العبرات وكم أُقيلت فيه العثرات وغفرت الذنوب والسيئات , وكم فرجت فيه الكربات , وقضيت الحاجات .

وكم ضج المسلمون فيه بالدعوات المستجابات . وكم تمتع فيه المحبون بالافتقار إلى رب السموات , وكم أسبغ الباري فيه عليهم من ألطاف ومواهب وكرامات , وكم عاد المسرفون على أنفسهم كيوم ولدتهم الأمهات , وكم حصل فيه من تعارف نافع واستفاد به العبد من صديق صادق , وكم تبودلت فيه الآراء والمنافع المتنوعة , وكم تم للعبد فيه من مآرب ومطالب متعددة , ولله الحمد على ذلك .

Dark Gamer
30-12-2005, 01:21 PM
فضل الحج والعمرة والحكمة من تشريعهما

قال تعالى: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام .

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله .

فالمقصود من تشريع الحج والعمرة أن يحضروا منافع لهم أي يحصلوها وإقامة ذكرالله عزوجل في تلك البقاع التي عظمها سبحانه وشرفها وجعل زيارتها على الوجه الذي شرعه من تعظيم حرماته وشعائر دينه، وذلك خير لصاحبه في العاجلة والآجلة، وأمارة على تقوى القلوب، التي - جعل الله لأهلها البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة وذلك من أعظم المنافع.

روى الإمام أحمد في مسنده وابن ماجة حديث جابر- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: الإيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله . قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور. متفق عليه .

وروى البخاري عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:قلت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: لكن أفضل من الجهاد حج مبرور .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه . والمعنى: غفرت ذنوبه فلم يبق عليه منها شيء.

وفيهما عنه - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .

وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثرمن أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء أخرجه مسلم بهذا اللفظ .

وفي الصحيحين عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمرة في رمضان تعدل حجة

وعند الترمذي وصححه عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرخبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة .

ومن أحاديث الجامع الصغير للسيوطي وزياداته للنبهاني، والتي صححها الشيخ العلامة محمد ناصرالدين الألباني - حفظه الله تعالى-:

قوله صلى الله عليه وسلم : من طاف بهذا البيت أسبوعا - يعني سبعا- فأحصاه كان كعتق رقبة، لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة .

قوله صلى الله عليه وسلم : ما أهل يعني لبى مهل ولا كبر مكبر قط إلا بشر بالجنة .

وقوله صلى الله عليه وسلم : ما ترفع إبل الحاج رجلا ولا تضع يدا إلا كتب الله له بها حسنة، أو محا عنه سيئة، أو رفع له درجة . وهذا يدل على فضل السفر إلى الحج والعمرة.

وقوله صلى الله عليه وسلم : الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم . وفي ذلك تنبيه على ما لهم عند الله من الضيافة وإجابة الدعاء.

وقوله صلى الله عليه وسلم : أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة، ويمحوعنك بها سيئه. وأما وقوفك بعرفة، فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاءوا شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي، ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور، وأما حلقك شعرك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيت خرجت ذنوبك كيوم ولدتك أمك .

فكل هذه الفضائل من المنافع العظيمة التي يحصلها الحجاج بحجهم إلى بيت الله الحرام.

ومن المنافع العظيمة: أن الحج اجتماع عام للمسلمين يلتقون فيه من شتى أقطارالأرض، يكون من أسباب جمع كلمتهم ووحدة صفهم، وإصلاح ذات بينهم، وتقوية أواصرالمودة والإخاء فيما بينهم، مع ما يحصل فيه من التفقه في الدين والتعاون على مصالح الدنيا، وقيام كل شخص وطائفة بما يجب عليه نحوإخوانه مغ الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمغروف، والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والصبر والمرحمة، والتفاهم في القضايا المهمة والحوادث المستجدة وتحصيل مارتب الله على القيام بهذه الطاعات من الأجورالعظيمة.

ومن المنافع الدنيوية: ما يصيبونه من لحوم الهدي من البدن وغيرها- مع عبوديتهم لله فيها بذكراسمه عليها -، فيأكلون ويهدون ويتصدقون، قال تعالى: لكم فيها منافع إلى أجل مسمى .

ومن المنافع الدنيوية أيضا: ما يحصل لمن اتجر في الحج من الأرباح- غالبا - وزيادة الفضل من الله تعالى، وقد اتفق علماء التفسير على أن معنى قوله تعالى: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم . أنه ليس على الحاج حرج ولا إثم إذا ابتغى فضل الله - خلال موسم الحج- بالتجارة والكرى- أي الإجارة- ما دام ذلك لا يشغله عن شيء من نسكه، ولا يعرضه ذلك إلى الوقوع في شيء مما يخل بالحج، من الرفث والفسوق والجدال ونحو ذلك.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:22 PM
الحج والوحدة الإسلامية

الوحدة الإسلامية جانب من جوانب الحج. فالمسلمون من كل أنحاء العالم يجتمعون في مكان واحد ويؤدون معا مناسك الحج. فالحج هو الاجتماع الديني العالمي للمسلمين. ولنتدبر معا الآيات القرآنية التالية:
- وإذ جـعلـنا البيت مثابة للناس وأمنا

- إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين

- جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس

- فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهـم

- وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق

المركز العالمي للتوحيد
نعرف من خلال هذه الآيات أن الهدف الإلهي وراء بناء إبراهيم للكعبة كان إعداد مركز لأهل التوحيد يؤمه الناس من قريب وبعيد. وهيـّأ الله أسبابا تاريخية حول الكعبة لتنجذب إليها قلوب الناس فيقصدوها جماعات وأفواجا.. فبيت الله هو المركز الإسلامي العالمي إلى يوم القيامة، وهو مقر الاجتماع العالمي السنوي لكل مسلمي العالم، ولذا تقول الروايات إن الله تعالى أمر إبراهيم بأن ينادي في الناس بأن يأتوا هذا البيت زائرين فقال : يا رب كيف أبلغ الناس وصوتي لا يصل إليهم فقال : ناد وعلينا البلاغ . فقام على الحجر وقال : يا أيها الناس، إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجـّوا إليه. فيقال : إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض وسمع من في الأرحام والأصلاب وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة : لبيك اللهم لبيك . وهذا لا يعني أن كل الناس على كل وجه الأرض ممن كانوا موجودين في ذلك الوقت وممن ولدوا في المستقبل سمعوا صوت إبراهيم في نفس ذلك الوقت، بل كان صوت إبراهيم نداء رمزيا. لقد سمع الناس كلهم هذا الصوت بدون شك ولكنه كان سمعا بصورة رمزية وليس بصورة فعلية.. فقد كان النداء الإبراهيمي بدءا لواقعة مستمرة لا تنقطع. فأطلق إبراهيم نداءه في عصره، وأخذه الآخرون من بعده فأسمعوه لمن في عصرهم، وهكذا استمر هذا العمل جيلا بعد جيل، وعندما جاء عصر الصحافة والإذاعة انتشر هذا الصوت على مدى أكبر، فجاوز الجبال والبحار حتى تلاشى الخوف من أن يوجد على وجه البسيطة من لم يصله هذا النداء الإبراهيمي .

إعلان عام
والحج هو المقام الطبيعى لإعلان القضايا الاجتماعية، ولذلك أعلنت أهم أمور الإسلام في مناسبات الحج، ومن أمثلته إعلان البراءة من الكفار والمشركين والذي تم بعد نزول سورة التوبة.

وكانت مكة قد فتحت في رمضان سنة 8 هـ. ووقعت ثلاث حجات بعد ذلك فى حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يقم رسول الله بالحج خلال السنتين الأوليين، بل أدى في السنة العاشرة حجته المعروفة عموما بحجة الوداع ثم توفي إلى رحمة الله.

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد عين أبا بكر الصديق أميرا على الحجاج سنة 9 هـ. فتوجه أبو بكر إلى مكة مع مجموعة من الصحابة، وبعد خروجه من المدينة نزل الجزء الأول من سورة التوبة الذي أمر الله فيه بأن يعلن الرسول براءة الله ورسوله من المشركين، وأعطي له مهلة أربعة أشهر لوضع هذا الإعلان موضع التنفيذ.
وقد ورد في الروايات بهذه المناسبة :

لما نزلت براءة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان قد بعث أبا بكر ليقيم الحج للناس فقيل يا رسول الله : لو بعثتَ إلى أبي بكر ؟ فقال : لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي ، ثم دعا عليا فقال : اذهب بهذه القصة من سورة براءة وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان.. ويقول على كرم الله وجهه : إنه طاف بمكة معلنا إعلان البراءة بين الجموع إلى أن صحل صوته .

لقد نزل حكم البراءة من مشركي الجزيرة العربية وكفارها في المدينة إلا أنه أعلق بمكة خلال موسم الحج. وهذا دليل واضح على أن موسم الحج بمكة هو المكان الصحيح لإعلان كل القرارات الإسلامية الهامة. فالحج هو المركز الاجتماعي لكل مسلمي العالم، وهم يجتمعون هنا وعليهم أن يعلنوا هنا قراراتهم الكبرى وعليهم أن يضعوا هنا الخطط العالمية للأعمال التي تجب عليهم تنفيذا لأوامر الله ورسوله.

والمثال الواضح الثاني لهذا هو خطبة حجة الوداع، التي هي أهم خطبة فى حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فمن خلالها أراد أن يعرِّف الناس بمقتضيات الدين الأساسية بصورة نهائية قبيل وفاته، ولم يعلنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أي مكان آخر بل أخـّرها إلى أن حان الحج سنة 10 هـ. ولذلك قال في مستهل الخطبة: أيها الناس، اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا ثم أخبر رسول الله الناسَ بكلِّ أمور الدين الأساسية ثم سألهم في نهاية الخطبة : ألا هل بلـّغتُ ، ألا هل بـّلغتُ . فشهد الناس بنعم ، قد بلـّغتَ .

وكانت الجزيرة العربية قد دانت له بعد فتح مكة سنة 8 هـ. وكان بإمكان رسول الله أن يتوجه إلى أي مكان آخر غير مكة ليذيع هذا الإعلان. وكانت المدينة مركز الإسلام السياسي حينئذ. وكان بإمكان رسول الله أن يستقدم الناس إلى المدينة ليقوم بهذا الإعلان أمامهم ولكنه لم يسلك هذه الطرق بل انتظر الحج، فأعلنها بعد وصوله إلى مكة.. وهكذا تبيـِّن سنة رسول الله أن الحج هو المكان الأنسب لإعلان كل الأمور والقرارات الهامة في الإسلام.

أسلوب فطري
ويعود السبب في هذا الاختيار إلى أن الإسلام يفضل الأسلوب البسيط والطبيعي لكل الأمور. وعلى سبيل المثال: فإن من أعمال الحج السعي بين الصفا والمروة. وهنا ثار سؤال الترتيب ، أي هل يبدأ السعي من الصفا أو من المروة ؟. وحين قام رسول الله بالسعي قال: أبدأ بما بدأ الله به وكان يشير بذلك إلى الآية القرآنية التالية إن الصفا والمروة من شعائر الله وهي الآية التي تأمر الحاج بالسعي بين الصفا والمروة وهي تقدِّم الصفا على المروة. فجعل رسول الله ترتيب العمل على غرار الترتيب القرآني البياني لكي لا يضطر الإنسان إلى حفظ ترتيبين: أحدهما في القرآن وآخرهما في مناسك الحج.

وقد جعل الحج مكان الإعلان مراعاةً لهذه الحكمة الطبيعية. فيجتمع المسلمون من كل أنحاء العالم لأداء شعائر الحج كل سنة وسيظلون يجتمعون ما بقيت للدنيا قائمة، ولذلك جعل الحج مكان الإعلان الاجتماعي لكي يكفي اجتماع واحد لتحقيق هدفين في آن واحد.

ومن فوائد الإعلان الاجتماعي عند الحج أن مثل هذا الإعلان يكتسب نوعا من القدسية.. فإن الحج هو أقدس مكان في نظر المسلمين والإعلان الذي يتم عند الحج يكتسب نوعا من القدسية والاحترام في أنظار الناس .

اجتماعية الحج
الحج أهم عبادة إسلامية تؤدى كل سنة، وهو يقع في الشهر الأخير من التقويم القمري والمعروف بذي الحجة. وتؤدى شعائر الحج في بيت الله بمكة وبعض الأمكنة المحيطة بها. وتعتبر هذه العبادة جامعة لكل العبادات الأخرى لأنها تحتوي على عدد من الجوانب العبادية. ومنها الجانب الاجتماعي ، فهذا الجانب بارز بروزا كبيرا في عبادة الحج. وقد قالت دائرة المعارف البريطانية : يؤدي الحجَّ كل سنة مليونان من الأفراد، وتؤدي هذه العبادة دور قوة توحيدية في الإسلام بأنها تجلب أتباعا له من مختلف الجنسيات ليجتمعوا معا في احتفال ديني

وقد ورد في القرآن في معرض الأمر بالحج: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا والمثابة مرادفة لكلمة المركز بمعناها الحديث، أي المكان الذي يجتمع فيه الناس ويكون مرجعا يرجعون إليه وجامعا يجمعهم ويصونهم من التشتت.

ويأتي الناس لعبادة الحج من كل أنحاء العالم ومن كل الأجناس، ويبلغ عددهم كل سنة نحو مليونين ونصف مليون، حتى إنك لترى وجوه البشر في كل مكان بمكة وضواحيها أيام الحج، وهم يتحدثون بلغات مختلفة، وأشكالهم ووجوههم تختلف كذلك، ولكن يتحد تفكيرهم بعد المجيء هنا، فالكل يسير نحو هدف مشترك، حتى إنه ليبدو أن هناك مغناطيسا ربانيا يجذب كل هؤلاء إلى نقطة واحدة مشتركة.

وحين يقترب هؤلاء الناس من مقام الحج يتخلون عن ملابسهم المحلية ويرتدون لباس الإحرام المشترك الذي يتكون من ردائين أبيضين، يتزر الحاج أحدهما ويضع الآخر فوق كتفه وظهره. وهكذا ترى مئات الألوف من البشر في وضع واحد ولباس واحد.

ويجتمع هؤلاء الناس في جبل عرفات الفسيح في آخر الأمر بعد أداء مختلف شعائر الحج.. وما أغربه من منظر.. إنه ليبدو أن كل الفروق بين البشر امّحت فجأة، وتلاشى البشر في وحدة الله ناسين كل خلافاتهم. لقد اتحد الناس هنا كوحدة إلههم.

ولو نظرت إلى الحجاج من أعلى جبل وهم مجتمعون في ميدان عرفات الكبير بملابس الإحرام فسترى أن الإنسان قد اتحد على اختلاف لغاته وألوانه ومراتبه وجنسياته، وترى الشعوب والقوميات تنصهر في قومية واحدة جامعة.. والحقيقة هي أن الحج أكبر مظاهرة اجتماعية من نوعها ولا تجد لها مثالا في أي مكان آخر من العالم.

والكعبة قبلة المسلمين.. يتجه إليها المسلمون كل يوم خمس مرات في صلواتهم. فالقبلة العبادية لكل المسلمين واحدة. وتكون هذه القبلة حقيقة تصورية في الأحوال العادية. ولكنها تصبح حقيقة مرئية عندما تصل إلى مكة في أيام الحج.. وعندما يأتيها المسلمون من كل أنحاء العالم ويصلون متجهين إليها من كل ناحية فترى بصورة محسوسة أن قبلة مسلمي العالم جميعا قبلة واحدة مشتركة بالفعل.

والكعبة بناء عالٍ مكعـّب - ، ويمشى الناس حوله في دائرة. ويطلق على هذا الطواف وهم يصطفون ويصلون حولها في دائرة وتكون الكعبة مركز كل اتجاهاتهم خلال الحج. فالحج عبادة تعطينا دروسَ الاجتماعية المركزية بمختلف شعائره ومناسكها.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:24 PM
الحج والوحدة الإسلامية 2


الراحة بعد المعاناة
يتجمع أناس من كل أنحاء العالم خلال الحج ويتأذى الناس بعضهم من البعض الآخر مرة بعد أخرى خلال الحج ويجد المرء نفسه في مواقف تشق على نفسه. ولو توجه المرء في موقع كهذا إلى ربه لتغيرت حاله وستتحول أمر التجارب إلى أحلاها عنده.. والشيء الذي يعطيه الرزق النفساني في الأحوال العادية سيتحول إلى الرزق الرباني في مثل هذه الحالة.
وعلى سبيل المثال: أنت واقف تصلي في المسجد الحرام فإذا بطوفان من الناس يزحف ولا يجد متسعا من المكان فيقف الناس أمامك يصلون وأنت لا تجد متسعا حتى للركوع والسجود بصورة سليمة. ولو توجهت ببصرك إلى أولئك الناس فلن تجد في نفسك إلا مشاعر الغضب والبغضاء.. ولكن أمرك سيتحول إلى شيء آخر تماما لو بدأت تحاسب نفسك في هذه الحالة، فقلت: يا رب تقبل مني هذه الصلاة على ما فيها من نقص لأن صلواتي الأخرى التي أظنها صحيحة في ظاهر الأمر هي ضعيفة وناقصة كصلاتي هذه.. ولو حول الإنسان ذهنه على هذا النحو فستختلف حاله تماما. والحدث الذي يغذي عامة الناس بالغضب والبغضاء سيعطيهم غذاء القرب الإلهي في مثل هذه الحالة.

وهكذا تحدث مختلف التجارب المريرة خلال الحج.. مثل زحام البشر عند رمي الجمرات وغيره من المناسبات، وشدة الحر بمنى وعرفات، وتدافع الناس لأجل الماء.. وتقع أحداث وتجارب كثيرة خلال رحلة الحج ولو ركـّزت بنظرك على ذلك الحادث وحده فستثور في نفسك نوبات الغضب والتوتر. أما لو بدأت تفكر في أنه لو كانت مشكلات هذه الدنيا الصغيرة مزعجة إلى هذا الحد فكيف ستكون مشكلات يوم القيامة؟... فستجد من فورك أن الشيء الذي كان يزعجك هو عينه مبعث الراحة في نفسك ورحمة من ربك تظللك.


رحلة غير عادية
وقد كتبت في رحلتي المذكورة للحج في معرض انطباعاتي: خرجت زائرا بعض البلدان سنة 1982، ولم يكن الحج في برنامج زيارتي ، ولم يكن حتى يجول في خاطري حينئذ أن أتوجه إلى الحجاز لتأدية الحج تلك السنة. وحين ذهبت إلى بلد أفريقي وجدت هناك صديقا كريما ، وفجأة توفرت أسباب سفر الحج.. وحدث لي في هذه القضية ما يصوّره أحد شعراء الأردية في بيت شعر له يمكن ترجمته كالآتي : ‎ اسأل موسى عن أحوال عطايا الرب فهو يذهب باحثا عن نار، ويفوز بالنبوة..

وكان من باب الحرمان أنني لم أكن قد خططت بعد لرحلة الحج. لقد خرجت من أرض الوطن في سفر آخر ولكن الله تعالى أوصلني بصورة غريبة - عبر رحلة في آسيا وأوروبا وإفريقيا - إلى أرض الحرم لأنعم بالحج. كنت حاجا ولكن الله تعالى وحده الذي هيـّأ لي أسباب الحج.. فليس لأحد آخر يد في هذا السفر. ووصلت في نهاية الأمر إلى الحرم ووقع بصري على الكعبة فكان منظرا لا يمكن للكلمات أن تعبر عنه. فأن تنظر إلى الكعبة وتجد نفسك في رحابه تجربة يعجز قلمي عن التعبير عنها. ومرت بقلبي كيفية عجيبة بهذه النعمة التي لم أكن أتوقعها فخرج من لساني: يا رب، لم أخطط في حياتي إلى اليوم لرحلة الحج، أي أنني كنت راضيا أن أموت بدون الحج. فما أعظم إحسانك أن أنقذتني من هذا الحرمان الذي لا يوصف بكلمات ..

وهذه الانطباعات في ظاهر الأمر هي انطباعات حاج في لحظات خاصة، ولكن ينبغي أن تكون هذه هي انطباعات كل حاج، فعليه أن يدرك أن حجه إنما هو بتدبير من الله تعالى.. وعليه عندما يجد نفسه في رحاب الحرم أن يشعر بأن الله وحده أوصله إلى هنا، فقد خرج كمسافرعادي من وطنه، والآن هو ضيف الله في بيته. ولم يقطع الحاج إلا المسافات المادية، ولكنه حل في بيئة تفيض بالبركات الإلهية الربانية. ولم يكن لديه إلا الحرمان لكن الله تعالى برحمته الخاصة حول حرمانه إلى إنعام.


العطاء بقدر الكفاية
الكعبة علامة من علامات الله على وجه الأرض. لقد وفر الله هنا أسبابا تاريخية فلا يبقى زائر لها بدون أن يتأثر بها. وهو المكان الذي تعانق فيه الأرواح الضالة ربـّها. وهنالك تفيض عيون العبودية من القلوب المتحجرة، وتشاهد العيون العمياء تجليات ربها.. ولكن مبدأ العطاء بقدر الكفاية يجري في هذا العالم، ولا يظفر بالعطاء إلا من يحمل الكفاية لتلقيه. أما عديمو الكفاية فلا يعدوا أن يكون حجهم سياحة، فهم يذهبون إلى هناك ليرجعوا كما كانوا... وكتبت في رحلتي المذكورة:

المناظر الربانية التي شاهدتها هناك لا سبيل إلى بيانها، والمناظر البشرية التي رأيتها هناك، لا سبيل إلى وصفها كذلك.. فقد رأيت الناس مشغولين في تجاذب أطراف الحديث فيما بينهم، أو شاهدتهم منهمكين في شراء الحاجات الدنيوية، بينما وجدت البعض الآخر منهم وهو يقوم بإظهار عاطفته الدينية الجياشة بدفع الآخرين ليخلو له المكان بينما مثل هذا السلوك لا يجوز أصلا في الحج.

والمناظر الربانية تملأ الجو هنا لكي ينهمك فيها الإنسان.. ولكن معظم البشر المجتمعين هنا منهمكون في المناظر البشرية. والملائكة تنزل هنا لكي يناجيهم البشر ولكن الناس يناجون بعضهم البعض. والآخرة معروضة هنا للبيع ولكن الناس يتساقطون ليشتروا الدنيا. وحيث كان ينبغي أن يبقى الإنسان في الخلف خشية من الله يتدافع الناس إلى الأمام ليظهروا مهارتهم في سبق الآخرين .


بعض الانطباعات

كتبت كذلك في رحلتي هذه للحج:

قمنا بأداء طواف الوداع مساء 4 أكتوبر 1999، وتوجهنا إلى المدينة ليلا. وكانت كيفية عجيبة تنتابني عندما خرجت من الحرم بعد هذا الطواف، فكنت ألتفت إلى الخلف مرة بعد أخرى لألقي نظرة أخرى على بيت الله الحرام. كانت قدماي تسيران إلى الأمام ولكن قلبي كان مشدودا إلى الخلف. كنت أشعر أنني أخرج من وطني الحقيقي إلى وطن غريب.. وبهذه الكيفيات غادرت المسجد الحرام متوجها إلى المدينة ليلة 4 أكتوبر.

وكان دخولنا إلى الحرم المدني مؤثرا غاية التأثير، فقد مر أمامي التاريخ الكامل للإسلام ورسول الإسلام.. وخرج الدعاء الآتي من شفتي : يا رب أصلـّي وأسلـّم على رسولك، اكتبني في أمة رسولك واجعلني فيمن سيشفع لهم يوم القيامة ممن ستقبل فيهم الشفاعة وتنجيهم من عذاب الجحيم وتدخلهم الجنة..

وكنا نقيم في فندق بالقرب من المسجد النبوي ، وكان صوت الأذان والتكبير يصل إلى داخل غرفتنا. ووُفـّقت إلى أداء الصلوات عدة أيام في المسجد النبوي ، ولكن هجوم المصلين لم يكن يسمح لنا أن نؤدي الصلوات في سكون. وكنت أعاني من هذا في الحرم المكي خلال الأيام الأولى إلى أن بدأت أصلي في طابقه العلوي حيث كنت أتمتع بسكون كبير.. ولا نعرف لماذا لم يبنوا دورا علويا للمسجد النبوي أيضا لكي يلجأ إليه الإنسان من الزحام .

والمسجد النبوي واسع وفخم بصورة غير عادية ولكنه على سعته، لا يكفي للأعداد المتزايدة من الزوار.. ولم يكن منظرا سعيدا لشخص مثلي أن يرى الدكاكين والفنادق تحيط بالمسجد ما عدا جانبا واحدا أقاموا عليه بناء أشبه بالخيام لأداء الصلاة. ليت المسجد النبوي كان محاطا بالميادين المفتوحة من كل جانب لتظهر عظمته. وهذا هو عين ما يجده المرء حول الحرم المكي.

وتنشر الحكومة السعودية إحصائيات الحجاج كل سنة. وحسب ما نشرته في إحصائياتها لسنة 1402 هـ فقد بلغ عدد حجاج الخارج 853.555 حاجا. ومن البلاد التي جاء منها عدد كبير من الحجيج :

1 - مصر 98.408 2 - إيران 89.503 3 - نيجيريا 81.128 4 - باكستان 72.844 5 - أندونيسيا 57.478 6 - تركيا 53.788 7 - الجزائر 40.400 8 - سوريا 27.890 9 - الهند 26.229
وقد هيأت الحكومة السعودية الكثير من أفضل التدابير لتسهيل المناسك، الأمر الذي سهـّل الحج كثيرا في العصر الحاضر. ولكن هناك شيء يبدو أنه لا حل له، وهو هجوم الحجاج، وخصوصا تدافع الناس على بعضهم البعض عند رمي الجمرات، الذي يعتبر أمرا مؤسفا للغاية. وكثير من الناس يهجمون في وقت واحد لرمي الشيطان بالجمرات ولكن يبدو أنهم توّاقون إلى تحطيم الإنسان الحقيقي أكثر منه إلى رجم الشيطان الرمزي . ولم أر في حياتي مثالا أسوأ من هذا التجاهل لأمر إلهي في سبيل تأدية أمر إلهي آخر. وقد رأيت عددا من الناس بالجبس حول أيديهم وأقدامهم لإصابتهم، ثم شاهدت حاجا يتساقط أمام تدافع الحجاج ويموت تحت أقدامهم. وأخبرني الناس أن وقائع كهذه تحدث كل سنة. فما أعجب هذا الحج الذي يتدافع فيه الناس لرمي عدو رمزي فيقتلون إنسانا حقيقا.


تجديد الإيمان
ويمكن اعتبار الحج تجديد للإيمان فكأن الحاج يبايع ربـّه مباشرة عندما يصل إلى مكة ويطوف حول الكعبة مرددا لبيك اللهم لبيك.. .

وسقوط الذنوب السابقة على الحج يقع طبقا لنفس القانون الذي يـُسقـِط الذنوب التي يرتكبها المرء قبل إسلامه. وتبدأ هذه المعاملة الإلهية مع العباد عند إيمانهم الأول وتكتمل بعد الإيمان الثانى المتمثل في الحج. فإذا كان الإيمان الأول إيمانا بصورة غير مباشرة فالإيمان الثاني إيمان مباشر. ويكفي الإيمان الأول لتطهير العبد من تبعات ذنوبه السابقة ولكنه يكتمل بالإيمان الثاني لو كان العبد مستطيعا رحلة الحج. ولعله لهذا ورد في الحديث الشريف: من استطاع أن يحج ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا

Dark Gamer
30-12-2005, 01:25 PM
ما سر جعل الحج في مكة ؟

في تقديري أن الوادي المحروم من الماء والزرع قد وقع الاختيار عليه لأغراض منها:

أولا: إن القحولة في أرضه وسيلة لتذكير الإنسان بعريه أمام الله يخرج فيها من حوله وطوله وماله ورزقه ليجد نفسه أمام الذات الإلهية فقيرا إليه سبحانه، وتتضح في نفسه أمام الصورة الكاملة السلطة الإلهية العليا والوحيدة، فليس أشد أغراء للإنسان وإثارة لغروره من أن يجد معالم الثراء تحيط به من كل جانب. ثانيا: إن الناس في حاجة مستمدة إلى ينبوع يلجأون إليه كلما نزل بهم ضر أو أغواهم الشيطان أو صرفتهم الصوارف عن ذكر الله وليس كالصحراء بما فيها من العري التام ومن العزلة عن متاع الدنيا وزينتها مصدرا المثل المعنى الذي تحدثنا عنه قبل. ثالثا: إن التربية الاعتقادية في الإسلام قد قصدت، بجعل الوادي القاحل مكانا لعبادة الحج، إلى أن تعلن حقيقة نفسية اجتماعية هي أن عناصر التقدم في المجتمع ليست محددة بمواطن الثروة المادية وحسب ولكن هذه العناصر في حاجة مستمرة إلى تلك الطاقة الروحية والمتوفرة في مفهوم العبادة المحضة، والتي بدورها تغذي إرادة التعاون والتجمع والجهاد. واستمرار مكة مدينة حافلة بالحياة رغم كل الظروف وكل المعوقات المادية هو الآية والعلامة على أن العامل الروحي الذي تصنعه العقيدة هو عنصر أساسي من عناصر التكوين المجتمعي ومصدر لانطلاقة مسيرة الحضارة البشرية.
إن قدرة العقيدة على استقطاب الرجال والنساء واجتذابهم لزيارة هذا الوادي المبارك هي وحدها إلى تفسر احتفاظ مدينة مكة بوجودها الدائم. رابعا: إن وجود البيت الحرام في الأرض الفقراء والذي يرمز إلى الوجود المستمر للعقيدة الإسلامية يبدو لنا بمثابة الضمانة المادية دون انصراف الأطماع الكافرة إليه: فليس في أرضه ما يغري أعداء الإسلام على احتياجه أو بدفعهم إلى القضاء على معالمه الدينية .
حديث ضعيف عن المسجد النبوي
من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا يفوته صلاة كتبت له براءة من النار ونجاة من العذاب، وبرئ من النفاق

هو حديث ضعيف، فيه نبيط بن عمرو، وهو مجهول فلا يغتر بمن صححه، وهو يوقع الحجاج في حرج .

حديث ضعيف عن فضل الحج ماشيا
من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة، كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة.. الخ وهو حديث ضعيف جدا فيه عيسى بن سواده قال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث ، وصححه الحاكم ورده الذهبي بقوله: ليس بصحيح وقال ابن معين: كذاب ، رأيته والجمهور على أن الحج راكبا أفضل.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:27 PM
بعض أسرار الحج

قد يبدو بادئ ذي بدء أن الحج عبادة رمزية غير معقولة المعنى، ولا ظاهرة الحكمة وأن ما يأتيه الإنسان من أعمال إنما

هو امتثال للأمر، وإظهار للعبودية وقيام بحق الله (فحسب) ولكنه عند التأمل تتجلى أسراره وتظهر آثاره وتنكشف حكم

الله في تشريعه، وأنه ما كان ليشرع لولا ما فيه من خير ومنافع للناس فهو نوع من السلوك أو من التدريب العملي

على مجاهدة النفس من أجل الوصول إلى المثل الكامل، والاندماج في روحية خالصة، تمتلئ فيها القلوب بحب الله:

والإخبات له، وتنطلق الحناجر هاتفة بذكره في نشيد علوي خالص لله لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك ، لبيك إن

الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك بينما يرتدي المرء ملابس خالية من الزينة، ومن كل ما يثير في النفس عوامل

العجب والخيلاء وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني جبان وإني ضعيف، فقال: هلم إلى جهاد لا

شوكة فيه: الحج.

جاء في كتاب مختصر منهاج القاصدين ما موجزه عن اسرار الحج: اعلم أن في كل واحد من أفعال الحج تذكرة للمتذكر،

وعبرة للمعتبر فمن ذلك أن يتذكر بتحصيل الزاد، زاد الآخرة من الأعمال.

وليقصد بحجه وجه الله تعالى، بعيدا عن الرياء والسمعة.

فإن الله سبحانه لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا له وقد قال: ألا لله الدين الخالص

فإذا فارق وطنه ودخل البادية وشهد تلك العقبات ، فليتذكر بذلك خروجه من الدنيا بالموت إلى ميقات القيامة ، وما بينها

من الأهوال.

ومن ذلك أن يتذكر وقت احرامه وتجرده من ثيابه ، اذا لبس المحرم الإحرام لبس كفنه، وأنه سيلقى ربه على زي

مخالف لزي أهل الدنيا.

وإذا لبى، فليستحضر بتلبيته إجابة الله تعالى، إذ قال: وأذن في الناس بالحج وليرج القبول، وليخش عدم الإجابة.

وكذلك إذا وصل إلى بيت الله الحرام، ينبغي أن يرجو الأمن من العقوبة ، وأن يخشى أن لا يكون من أهل القرب، غير أنه

ينبغي أن يكون الرجاء غالبا عليه، لأن كرم الله سبحانه عميم، وحق الزائر مرعي، وذمام المستجير لا يضيع.

ومن ذلك إذا رأى البيت الحرام، استحضر عظمته في قلبه ، وشكر الله تعالى على تبليغه رتبة الوافدين إليه

وليستشعر عظمة الطواف في البيت فإنه صلاة.

ويعتقد عند استلام الحجر الأسود أنه يبايع الله على طاعته، ويضم ذلك إلى عزيمته على الوفاء بالبيعة وليتذكر بالتعلق

بأستار الكعبة والالتصاق بالملتزم لجوء المذنب إلى سيده وقرب المحبة وقد أنشد بعضهم:

ستور بيتك نيل الأمن منك وقد علقتها مستجيرا أيها البـارى وما أظنك لما أن علقت بهــا خوفا من النار، تدنيني من النار

وها أنا جار بيت، أنت قلت لنا حجوا إليه، وقد أوصيت بالجار


ومن ذلك: إذا سعى بين الصفا والمروة، ينبغي أن يتمثلهما بكفتي الميزان، وتردده بينهما في عرصات القيامة، أو تردد

العبد إلى باب دار الملك، اظهارا لخلود خدمته، ورجاء الملاحظة بعين رحمته، وطمعا في قضاء حاجته.

وأما الوقوف بعرفة: فاذكر بما ترى فيه من ازدحام الخلق، وارتفاع أصواتهم، واختلاف لغاتهم موقف القيامة، واجتماع

الأمم في ذلك الموطن، واستشفاعهم. فإذا رميت الجمار: فأقصد بذلك الانقياد للأمر، وإظهار الرق والعبودية، ومجرد

الامتثال من غير حظ النفس.

وأما المدينة- المنورة- فإذا لاحت لك، فتذكر أنها البلدة التي اختارها الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وشرع إليها

هجرته، وجعل فيها بيته، ثم مثل في نفسك مواضع أقدام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تردده فيها وتصور

خشوعه وسكينته.

فإذا قصدت زيارة القبر- بعد صلاة ركعتي تحية المسجد- فاستحضر مرتبته في قلبك، ثم سلم عليه واعلم بأن الله

تعالى يرد عليه روحه ليرد عليك السلام كما جاء في الحديث الصحيح ا هـ بقليل من التصرف.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:28 PM
مفهوم التعاون وأبعاده في الحج

إن الأمة الإسلامية بوحدتها و تماسكها وقوة إيمانها وثقتها بالله تستطيع أن تتغلب على كل المعوقات التي تحول دون تحقيق التعاون فيما بينها.

ومن هنا يجب علينا تحديد مفهوم واضح للتعاون بين المسلمين، والذي يستند إلى مجموعة من الأبعاد المختلفة . وهذه الأبعاد متشابكة وتشكل في النهاية نسقا رائعا ونظاما متكاملا يفتح الطريق أمام الأمة الإسلامية لتحقيق أهدافها وتتضمن هذه الأبعاد ما يلي:

أ- البعد الديني :

والذي يتمثل في العقيدة الواحدة وإله واحد ودين واحد وكتاب واحد وعبادة واحدة فالجميع يتجهون في صلاتهم في مواعيد محددة إلى الله نحو قبلة واحدة أيا كانوا فى أي مكان في العالم و يجمع بينهم الصيام في شهر واحد ويجمع الحج بينهم من كل الأجناس والأقطار طائفين حول كعبة واحدة في حرم الله الآمن تنجذب إليها أفئدتهم من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات الحج آية 48

ب- البعد الإنساني:

ويتضح البعد الإنساني جليا في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فالله سبحانه وتعالى يلفت نظرنا إلى وحدة الأصل الإنساني فالناس جميعا قد خلقهم الله من نفس واحدة يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة النساء 11

جـ- البعد الاجتماعي :

إذا كانت الأمة الإسلامية ترتبط فيما بينها برباط العقيدة والإنسانية فإن محصلة هذين البعدين على الأخوة هي أقوى من أخوة النسب ومن هنا كان قول القرآن الكريم إنما المؤمنون إخوة سورة الحجرات آية 10

د- البعد الجغرافي:

جعل الله للأمة الإسلامية من وضعها الجغرافي الذي تتميز به في هذا العالم وحدة طبيعية جامعة تمتد في رقعة مترامية الأطراف متلاحمة الأجزاء وهذه الوحدة الجغرافية من شأنها أن تمحو بين أقطار العالم الإسلامي تلك الحواجز الإقليمية المصطنعة في شئون الاقتصاد و الإنتاج.

هـ- البعد الحضاري:

الإسلام ليس دين طقوس عقيدية جامدة إنه دين حياة بكل أبعادها والأمة الإسلامية أمة أراد الله لها أن تكون صاحبة رسالة دينية وحضارية والرسالة الدينية الحضارية المنوطة بالأمة الإسلامية لا يمكن تأديتها والقيام بحقها إلا إذا توحدت جهود الأمة الإسلامية دينيا وفكريا وحضاريا.

و- البعد المصيري:

وإذا كانت الأمة الإسلامية ترتبط بينها برباط ديني وتجمعها وحدة جغرافية طبيعية ولها رسالة نورانية حضارية في هذا الوجود فإن ذلك يعنى غايات واحدة وأهداف مشتركة ويعني في النهاية مصيرا واحدا.

رابعا: المخاطر التي تهدد وحدة الأمة الإسلامية وتعاونها
بعد استعراض أهم العوامل والأبعاد التي توطد دعائم التعاون بين السلمين لا بد من الإشارة إلى المخاطر التي تهدد صرح هذه الأمة وقد حذر الإسلام من الوقوع في شراكها.. وتتلخص هذه المخاطر في عدة عناصر منها:

1- الفرقة والتنازع والصراعات المدمرة بدلا من التعارف والتراحم والتواد والتواصل حتى غاب على الجميع ما يدعو إليه الإسلام من الأخوة وأن المسلمين أمة واحدة. 2- شيوع الخوف والقلق الذي عم العالم وأصبح هما لا يترك لأمة أو فرد فرصة للاستقرار الأمر الذي يجعله لا يأمن الخوف دائما، ولا حق له إلا بذل كل مرتخص وغال في الإعداد والاستعداد لمواجهة ما قد يفاجأ به على غير انتظار. 3- استثمار بعض منتجات الحضارة الحديثة في التدمير بدلا من استثمار ما جاءت به من علوم ومخترعات في خير الإنسانية وتأمين مقدراتها.
خامسا : كيف يتحقق التعاون بين المسلمين
إن إثارة هذه المخاطر لا يقصد بها اعطاء صورة قاتمة ولا يقصد بها اليأس والقنوط من رحمة الله تعالى وإنما القصد منها النقد الذاتي إن أرادت الأمة الإسلامية أن تستعيد مركزها وهدايتها للبشرية كأمة مسلمة.

وإن من واجبنا كأمة اسلامية أن نتخذ من الحج منطلقا؛ لنراجع حياتنا ونزنها بميزان القرآن الكريم وسنة الرسول الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وعلينا أن نبذل الجهد الدائب والجاد لنعود للخالق عز وجل، ونصحح مسار حياتنا وأن نتعاون وأن نبذل الجهود لتطبيق هذه المعاني العظمى للحج ليس في ذي الحجة فقط بل في سائر شهور السنة.

وبعد.. فإنه إذا كان الحج منطلقا لتحقيق التعاون بين المسلمين فإن التاريخ الإنساني يسجل للأمة الإسلامية حضارة زاهرة دفعت الشعوب إلى التقدح مئات السنين وهي تبني اليوم في جميع الميادين العلمية والفنية والاقتصادية حضارة جديدة ستجعل لها مكانته الكبرى بين الأمم، ومحك هذا كله هو العمل الجاد والمخلص على وحدة شعوب هذه الأمة لتصبح أمام التحديات العالمية المعاصرة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:29 PM
أسئلة وأجوبة في الحج

س 1 : ما حكم الحج وما الدليل ؟ ج 1 : واجب وركن من أركان الإسلام , والدليل . قوله تعالى : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا , وقوله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله فرض عليكم الحج فحجوا رواه مسلم . س 2 : على من يجب الحج ؟ ج 2 : يجب الحج على كل مسلم بالغ عاقل حر مستطيع . س 3 : ما هي شروط وجوبه ؟ ج 3 : شروط وجوب الحج خمسة وهي : (1) الإسلام (2) والعقل (3) والبلوغ (4) والحرية (5) والاستطاعة س 4 : ما حكم حج الصبي الذي لم يبلغ ؟ ج 4 : حج الصبي يصح ويثاب عليه ولا يجزيه عن حجة الإسلام فإذا بلغ فعليه أن يحج حجة أخرى . س 5 : هل الحج واجب على الفور أو على التراخي ؟ مع الدليل ؟ ج 5 : الحج واجب على الفور إذا تمت شروط وجوبه لقوله تعالى : فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وقوله - صلى الله عليه وسلم - : تعجلوا إلى الحج -يعني الفريضة- فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له رواه أحمد س 6 : ما حكم حج من لم يصل ؟ جـ 6 : لا يصح حج من لم يصل لأن أركان الإسلام كل لا يتجزأ . فمن آمن بها عمل بها كلها ومن ترك واحدا منها مع القدرة بطلت وفسدت كلها والصلاة من الإسلام بمنزلة الرأس من الجسد فكما أنه لا حياة لمن لا رأس له فلا دين لمن لا صلاة له والصلاة عمود الدين الإسلامي الذي يقوم عليه وهي شعار المسلم وتكفر الذنوب فأولى بمن لا يصلي أن يتوب إلى الله تعالى ويصلي باستمرار ثم يحج . س 7 : ما الذي ينبغي لمن أراد الحج ؟ ج 7 : ينبغي له : أولا : أن يتوب إلى الله توبة نصوحا بعد ترك المعاصي والندم على ما فات منها والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل . ثانيا : أن يختار لحجه نفقة طيبة من مال حلال لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا . ثالثا : أن يصحب في سفره الأخيار من أهل العلم والطاعة والفقه في الدين ليرشدوه وينفعوه . رابعا : أن يحفظ جوارحه ولسانه عن الكلام المحرم والنظر المحرم والسماع المحرم . س 8 : ما هو الحج المبرور الذي وعد صاحبه بالمغفرة والجنة ؟ ج 8 : الحج المبرور هو المقبول الذي لا يخالطه معصية بأن يأتي الحاج فيه بالواجبات والمستحبات ويترك المحرمات والمكروهات ويحج كما شرع الله وكما حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . س 9 : ما هو دعاء السفر ؟ ج 9 : الله أكبر ثلاثا -سبحان الله- ثلاثا- سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون . اللهم إنا نسألك في سفرنا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى- اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل- اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في الأهل والمال والولد . س 10 : ما الذي يقوله المسافر إذا نزل منزلا ؟ ولماذا ؟ ج 10 : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق- إذا قال ذلك لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك . س 11 : ما حكم ترك الحج مع القدرة مع الدليل ؟ ج 11 : حرام وكبيرة من كبائر الذنوب وقد يكون كفرا لقول الله تعالى : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ وفي الحديث من استطاع الحج فلم يحج فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا رواه الترمذي والبيهقي س 12 : اذكر شيئا من فضائل الحج ؟ ج 12 : من فضائل الحج ما ثبتت به الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : العمرة إلى العمرة كفارة لما بينها والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم رواه النسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما س 13 : ما هي خصائص البيت الحرام ؟ ج 13 : من خصائص هذا البيت : (1) أن الصلاة فيه أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد . . (2) أنه أفضل بقاع الأرض . (3) أنه قبلة المسلمين أحياء وأمواتا في مشارق الأرض ومغاربها . (4) وجوب الحج إليه . (5) أن قصده يكفر الذنوب والآثام وليس لقاصده ثواب دون الجنة إذا اتقى الله تعالى وبر وصدق . (6) أن من دخله كان آمنا . (7) أنه يؤاخذ فيه على الهم بالسيئات قال تعالى : وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . (8) تحريم قطع شجره الأخضر . (9) تحريم قتل صيده . س 14 : ما الذي يشرع لمن وصل إلى الميقات في الحج والعمرة ؟ ج 14 : يشرع له أن يتجرد من المخيط إذا كان رجلا وأن يغتسل ويتنظف ويتطيب ثم ينوي الإحرام ويلبس الثياب للإحرام ويتلفظ بما نوى فيقول لبيك عمرة أو لبيك عمرة وحجا أو لبيك حجا . س 15 : ما هي الأشياء المحرمة على المحرم بحج أو عمرة ؟ ج 15 : يحرم عليه عشرة أشياء هي : (1) أخذ الشعر من الرجل والمرأة . (2) تقليم الأظافر . (3) الطيب . (4) لبس الثوب المخيط إذا كان رجلا . (5) تغطية الرأس بالنسبة للرجل والوجه للمرأة إذا لم يرها أجنبي . (6) قتل صيد البر . (7) عقد النكاح له أو لغيره . (8) الجماع وهو يفسد الحج إذا كان قبل التحلل الأول . (9) المباشرة في ما دون الفرج كالقبلة والنظر لشهوة . (10) قطع شجر الحرم ونباته الرطب، وهذا عام للمحرم وغيره . س 16 : ما الذي يفعل الحاج إذا وصل إلى البيت الحرام ؟ ج 16 : يطوف طواف العمرة سبعة أشواط ثم يصلي خلف مقام إبراهيم ركعتين ثم يخرج إلى المسعى فيبدأ بالصفا ويختم بالمروة سبعة أشواط ثم يقصر من شعر رأسه ثم يلبس ثيابه العادية إلى اليوم الثامن من ذي الحجة . س 17 : اذكر صفة الحج باختصار . ج 17 : يحرم الحاج في اليوم الثامن من ذي الحجة من مكة أو قربها من الحرم ثم يذهب إلى منى فيبيت بها ويصلي بها خمس صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع سار إلى عرفة وصلى بها الظهر والعصر جمع تقديم قصرا ثم يجتهد في الدعاء والذكر والاستغفار إلى أن تغرب الشمس .
فإذا غربت سار إلى مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء حين وصوله ثم يبيت بها إلى أن يصلي الفجر فيذكر الله تعالى ويدعوه إلى قبيل طلوع الشمس ثم يسير منها إلى منى ليرمي جمرة العقبة ثم يذبح الهدي وهو شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة ثم يحلق رأسه ثم يذهب إلى مكة فيطوف طواف الحج .

ثم يرجع إلى منى ثم يبيت بمنى تلك الليالي أي ليلة الحادي عشر والثاني عشر من شهر ذي الحجة ويرمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات يبدأ بالصغرى وهي البعيدة من مكة ثم الوسطى ثم جمرة العقبة فإذا انتهت تلك الأيام وأراد السفر لم يسافر حتى يطوف بالبيت طواف الوداع سبعة أشواط إلا المرأة الحائض والنفساء فلا وداع عليهما . س 18 : اذكر أركان الحج ؟ ج 18 : أركان الحج أربعة وهي : (1) الإحرام . (2) والوقوف بعرفة . (3) وطواف الإفاضة . (4) والسعي بين الصفا والمروة . س 19 : ما هي واجبات الحج ؟ ج 19 : واجبات الحج سبعة وهي : (1) الإحرام من الميقات المعتبر . (2) والوقوف بعرفة إلى الليل . (3) والمبيت بمزدلفة . (4) والمبيت بمنى . (5) والحلق أو التقصير لشعر الرأس والحلق أفضل . (6) ورمي الجمار . (7) وطواف الوداع . س 20 : ما هي أركان العمرة وواجباتها ؟ ج 20 : أركان العمرة ثلاثة وهي : (1) الإحرام . (2) والطواف . (3) والسعي . وواجباتها شيئان : (أ) الإحرام من الميقات . (ب) والحلق أو التقصير . س 21 : ما هي سنن الحج ؟ ج 21 : من سنن الحج : (1) الاغتسال عند الإحرام . (2) والتلبية . (3) وطواف القدوم بالنسبة للمفرد أو القارن . (4) والمبيت بمنى ليلة عرفة . (5) والرمل والاضطباع في طواف القدوم . س 22 : ما حكم من ترك ركنا أو واجبا أو سنة في الحج ؟ ج 22 : حكم من ترك ركنا لم يصح حجه إلا به . ومن ترك واجبا : جبره بدم . ومن ترك سنة فحجه صحيح وليس عليه شيء.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:31 PM
مكانة الحج في الإسلام وحكمه

--------------------------------------------------------------------------------

الحج ركن من أركان الإسلام المذكورة في عدة أحاديث صحيحة وهو فرض في العمر مرة على كل مسلم ومسلمة إذا استوفى شروطا خاصة نذكرها فيما بعد ، وفرضيته معلومة بالضرورة ، فمن أنكرها فقد كفر .

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس . قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم رواه أحمد ومسلم والنسائي

وجاء في حديث آخر مماثل الحج مرة فمن زاد فهو تطوع رواه أحمد والنسائي بمعناه وأبو داود وابن ماجة والحاكم وقال : صحيح على شرطهما . والحديث يعتبر مبينا للآية الكريمة وهي قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا

فإن الآية مطلقة والحديث حدد هذا الإطلاق وقيده بأن بين أن المراد بالفرضية مرة واحدة في العمر .

Dark Gamer
30-12-2005, 01:32 PM
فضل الحج والعمرة

--------------------------------------------------------------------------------

إن الأدلة الصحيحة الواردة في فضل الحج ، وفي ثواب العمرة كثيرة ومتنوعة ، بحيث تدفع المسلم إلى محاولة التردد على بيت الله الحرام بحج أو عمرة لينال ثواب الله وفضله ، وليرجع برحمة الله وغفرانه ، وليشهد منافع للمسلمين ، باجتماعهم وتآخيهم وتعاونهم على ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة ، وإليك بعض ما ورد في ذلك من الأحاديث .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل ؟ قال : إيمان بالله ورسوله . قيل : ثم ماذا ؟ قال : الجهاد فى سبيل الله . قيل : ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور رواه البخاري ومسلم

وعنه رضي الله عنه قال : سمعت سول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من حج ، فلم يرفث ولم يفسق ، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه رواه البخاري ومسلم وغيرهما

وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : جهاد الكبير والضعيف والمرأة : الحج والعمرة رواه النسائي بإسناد حسن

وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة رواه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم

وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار يقال لها أم سنان : ما منعك أن تكوني حججت معنا قالت : ناضحان كانا لأبي فلان زوجها حج هو وابنه على أحدهما . وكان الآخر يسقي عليه غلامنا قال : فعمرة فى رمضان تقضي حجة أو حجة معي متفق عليه

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله نرى الجهاد أفضل الأعمال ، أفلا نجاهد ؟ فقال : لكن أفضل الجهاد حج مبرور . رواه البخاري وغيره وابن خزيمة في صحيحه ولفظه قالت : قلت يا رسول الله هل على النساء من جهاد ؟ قال : عليهن جهاد لا قتال فيه ... الحج والعمرة

وعن عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه ، وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة

رواه الترمذي وقال : حسن صحيح ، ورواه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما .

وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ، قيل : وما بره ؟ قال : إطعام الطعام وطيب الكلام رواه أحمد والطبراني في الأوسط بإسناد حسن وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي والحاكم وقال صحيح الإسناد .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحجاج والعمار وفد الله ، إن دعوه أجابهم ، وإن استغفروه غفر لهم

رواه النسائي ، وابن ماجة ، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما

وعن بريدة رضي الله عنه قال : (( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف )).

Dark Gamer
30-12-2005, 01:33 PM
القيود المفروضة على تزكية عبادة الحج للنفس

--------------------------------------------------------------------------------

إن قوله صلى الله عليه وسلم : من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنبه كيوم ولدته أمه نجده قد قيد الحصول على نتيجة هذه العبادة من غفران الذنوب غفرانا كاملا حتى لم يبق على النفس من أثر للتدسية فتطهر بعد ذلك وتصبح أهلا لرضي الله تعالى والقرب منه، قيده بقيدين اثنين:

أولهما: عدم الرفث وهـو اسم جامع لجنس الجماع وسائر مقدماته القولية كلحن الكلام والغناء والألفاظ الدالة على الغريزة الجنسية تصريحا أو تلويحا، أو الفعلية كالجس باليد واللمس، والغمز بالجفن والحاجب، والنظر المريب بالعين، والفكر الفاسد بالقلب، وما إلى ذلك. وثانيهما: عدم الفسوق، وهو لفظ يندرج تحته سائر المعاصي والمخالفات الشرعية من الكفر والشرك إلى أدنى مخالفة، فمع السلامة من هذين القيدين الثقيلين يحصل صلاح النفس وزكاؤها وتصبح النفس طاهرة نقية قريبة من الله مرضية، ومع عدم السلامة منهما فإن الطهارة للنفس لا تتحقق، لأن طهارة النفس عبارة عن محو آثار الذنب عنها، فإذا لم يمح أثر الذنب فمن أين يأتي لها الصفاء والطهر؟
واعلم أن سر هذا الحرمان منشؤه أن المحرم بدخوله أرض الحمى، وبقوله: لبيك اللهم لبيك، قد أصبح وافدا لله ذي الجلال والإكرام، وأن وافدا لا يحترم نفسه ولا وفادته على ربه فيلوث نفسه بالذنب ويطمس نوره بمعصية من وفد إليه، ويذهب كرامته بالخروج عن حدود آداب الزيارة، وبانتهاكه لحرمات الوفادة لحري بأن لا يجد عند ربه أقل ما يسمى إكراما أو حسن وفادة.

ومن هنا كان عدد الناجحين في هذه العبادة دائما قليلا، ولو كان المقبلون عليها كثيرين، وقد قيل يوما لعبد الله بن عمر رضي الله عنه: ما أكثر الحجاج!! فقال للمستكثر: ما أقلهم! وكأن الشاعر كان معه لما قال:

خليلي قطاع الفيافي إلى الحمى

كثير (وجمع) الواصلين قليل
ومن القيود لهذه العبادة: البرور فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة فنراه قد خصص مطلق الحج بصفة البرور فلا يعظم أجر الحاج ولا يجزل ثوابه إلا إذا اتصف حجه بالبرور المشار إليه في الحديث. ومن هنا لزم أن نعرف معنى البرور الذي هو قوام الحج وملاك أمره. البرور: مصدر فعل بر يبر بالفتح بررورا في قوله: صدق، وبر خالقه: أطاعه، وبرت الصلاة: قبلت، وبر الله العبادة قبلها، فعلى هذا يكون من معاني البرور: القبول، ولنا أن نقول: الحج المبرور هو المقبول، لكن قبوله مبني على صدق الحاج في نياته، وأقواله، وأعماله على طاعته لربه، وهذه هي شروط قبول الحج قطعا: الإخلاص فيه لله تعالى وحده، وطاعة الله باجتناب ما حرم من الفسق والرفث والجدال وغيرها، وصحة الأداء بحيث يكون أداؤه كاملا على ما حدد الشارع من هيئات وما وضع له من صفات.

هذا ولنذكر ما ورد عن السلف في معنى البرور، وهو وإن اختلف مع ما ذكرنا لفظا فإنه يتحد معه معنى، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن البرور في الحج فقال: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، وطيب الكلام وسئل ابن عمر رضي الله عنه فقال: (إن البر شيء هين : وجه طليق، وكلام لين)، والمعروف عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان إذا سئل عن أفضل الأعمال يجيب السائل بما يتفق وإصلاح حاله، فكثيرا ما كانت تختلف إجاباته صلى الله عليه وسلم ، والسؤال واحد، فكان صلى الله عليه وسلم يعالج بذلك نفوس السائلين فيصف لكل سائل دواءه الخاص.

هذا والملاحظ في جوابه صلى الله عليه وسلم : أنه كان يهدف إلى حمل الحاج على أن لا يقف بحجه عند الاقتصار على فعل الواجب وترك المحرم فقط، بل عليه أن يسارع في الفضائل وينافس في الكمالات حتى يصل بحجه إلى أعلى درجات القبول بعد أن وصل به إلى أكمل صفات البرور، وبهذا يتضح أن ما عرفنا به البرور لا يختلف أبدا مع ما عرفه به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا مع ما عرفه به صاحبه رضي الله عنه.

وخلاصة القول، إن الحج المبرور هو الحج الذي استكمل سائر مؤهلات القبول من الإخلاص، وحسن الأداء والابتعاد به عن كل ما يخدش في قيمته كحج صادق ملؤه الخير والإحسان، وأن الحاج البار هو ذلك الحاج المطيع الذي لا يعصي، والمحسن الذي لا يسيء في خدمة سيده، والذي جمع إلى الطاعة الكاملة والإحسان العام فعل الخير وإسداء المعروف لوافدي بيت الله فأطعمهم طعامه، وألان لهم كلامه. وإن حاجا كهذا قد ارتقى بحسن طاعته، وسما بطيب نفسه، لم يصبح جزاؤه حسنات، ولا محوا لسيئات فقط، لأن ذلك لا يعادل ما أهله الله له من سامي المنزلة، وعظيم الدرجة، فلم يكن له إذا من جزاء يعادل ثوابه إلا الجنة منزل الأبرار، ومقر الأصفياء الأخيار.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:34 PM
خلاصة ما تقدمت الإشارة إليه من الأسرار للحج

--------------------------------------------------------------------------------

1- في وقوف عرفة: إن قصد البيت لزيارته كان هو المقصد الأول من الحج وإن يوم عرفة هو أشبه بحلقة أقامها رب البيت للزائرين في فناء واسع ليتجلى لهم فيها، وهناك تجري الجرايات الربانية، والهبات الإلهية للمحتفلين، ولما كان هذا اليوم هو اليوم الخاص بتوزيع المنح والعطاءات اعتبر من لم يحضره كأن لم يحضر الحج، ولذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم الحج عرفة .
هذا وفي جمع الناس في هذا المكان إشارة إلى جمعهم يوم القيامة لفصل القضاء. 2- في مزدلفة: قد يكون من حكمة النزول بالمزدلفة إراحة أهل الموقف الذين طال عناؤهم بالوقوف طوال نصف يوم كامل، فرحمة بهم شرع لهم المبيت بمزدلفة، أو على الأقل النزول بها ساعات ريثما يستريحون ويصلون العشاءين، أما سر الوقوف بالمشعر الحرام فإنه يتلخص في ذكر نعم المنعم وشكره والثناء عليه بالتهليل والتكبير لما سبق أن منحه أهل الموقف بعرفات. 3- في رمي الجمرة: شفاء الصدور، وإغاظة إبليس، حيث أن الأنس الذي حظي به أهل الموقف لم يكن ليحرمهم منه في كلتى حياتيهم إلا إبليس لعنه الله، فاستوجب لذلك سخطهم، فلما رأوا مكانا عرفوا أنه وقف فيه معترضا طريق الخليل، لعنوه فيه، فرموه بالحجارة، احتقارا له وإهانة. 4- في النحر والحلق: إعلان شكر، وإظهار سرور وفرح على ما تم لهم من أسمى المطالب، وأشرف الغايات، فذبحوا الذبائح شكرانا لله تعالى، وألقوا التفث وأزالوا الشعث استعدادا لزيارة بيت الله. 5- في الإقامة بمنى: استرداد ما فقد الوافدون من قواهم البدنية، وتمتعا بالراحة والأكل والشرب تعويضا عما فاتهم أيام أداء المراسيم والخدمات.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: أيام منى أيام أكل وشرب وذكر الله رواه مسلم
هذا بعض ما فتح الله به علي من أسرار هذه العبادة التي سرها الأعظم وحكمتها الكبرى طاعة الله المزكية للنفوس التزكية الموجبة لسعادة الإنسان وفلاحه في الدنيا والآخرة، والله أعلم بأسرار شرعه، وأحوال خلقه، وفوائد أمره ونهيه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:35 PM
مواقيت الحج والعمرة وبيانها

المقصود من المواقيت هي تلك الحدود الزمانية والمكانية التي يقف عندها الحاج والمعتمر فلا يتعداها حتى ينوي

حجه أو عمرته، ويتجرد من ملابسه العادية، ويلبس اللباس الخاص الذي يمكنه به الدخول في حمى الله تعالى وحرمه،

ولو بحثنا عن سر هذا الحمى الذي وجب أن تتخذ له الخصوصيات لوجدناه في جلال البيت، وقدسية الحرم، لأنه إذا كانت

قصور الملوك، ودور الحكومات تتخذ لها الساحات الشاسعة، والمساحات الرحبة الفسيحة لتكون لها حمى يحرم اجتيازه

أو الدخول فيه إلا لصاحب رخصة خاصة أو إذن معين، وكان هناك أندية عسكرية ومدنية كثيرة يمنع أصحابها ارتيادها إلا

لذي لباس خاص، وبإشارة خصوصية، فلا بدع إذا أن يكون لبيت مالك الملوك حمى يحرم دخوله على من أراده حاجا أو

معتمرا إلا بإذن خاص، ولباس محدد النوع والصفة، فالإذن هو نية الحج أو العمرة والإعراب عن ذلك بقول: لبيك اللهم

لبيك. هذه التلبية التي معناها إعلان الإجابة المتكررة المرة بعد المرة بعد أن سمع المجيب الندا، وبلغه الإذن بزيارة

البيت والوقوف بالحمى، وأما اللباس المحدد النوع والمضبوط الصفة فهو إزار ورداء ونعلان لا أقل ولا أكثر، رأس

مكشوف، ورجل منتعلة كحافية، ذلك هو اللباس الخاص لرواد حمى الله العزيز الجليل.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:39 PM
فضل الحج والعمرة والحكمة من تشريعها

قال تعالى: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام .

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله .

فالمقصود من تشريع الحج والعمرة أن يحضروا منافع لهم أي يحصلوها وإقامة ذكرالله عزوجل في تلك البقاع التي عظمها سبحانه وشرفها وجعل زيارتها على الوجه الذي شرعه من تعظيم حرماته وشعائر دينه، وذلك خير لصاحبه في العاجلة والآجلة، وأمارة على تقوى القلوب، التي - جعل الله لأهلها البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة وذلك من أعظم المنافع.

روى الإمام أحمد في مسنده وابن ماجة حديث جابر- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: الإيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله . قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور. متفق عليه .

وروى البخاري عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:قلت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: لكن أفضل من الجهاد حج مبرور .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه . والمعنى: غفرت ذنوبه فلم يبق عليه منها شيء.

وفيهما عنه - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة .

وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثرمن أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء أخرجه مسلم بهذا اللفظ .

وفي الصحيحين عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمرة في رمضان تعدل حجة

وعند الترمذي وصححه عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرخبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة .

ومن أحاديث الجامع الصغير للسيوطي وزياداته للنبهاني، والتي صححها الشيخ العلامة محمد ناصرالدين الألباني - حفظه الله تعالى-:

قوله صلى الله عليه وسلم : من طاف بهذا البيت أسبوعا - يعني سبعا- فأحصاه كان كعتق رقبة، لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة، وكتب له بها حسنة .

قوله صلى الله عليه وسلم : ما أهل يعني لبى مهل ولا كبر مكبر قط إلا بشر بالجنة .

وقوله صلى الله عليه وسلم : ما ترفع إبل الحاج رجلا ولا تضع يدا إلا كتب الله له بها حسنة، أو محا عنه سيئة، أو رفع له درجة . وهذا يدل على فضل السفر إلى الحج والعمرة.

وقوله صلى الله عليه وسلم : الحجاج والعمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم . وفي ذلك تنبيه على ما لهم عند الله من الضيافة وإجابة الدعاء.

وقوله صلى الله عليه وسلم : أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة، ويمحوعنك بها سيئه. وأما وقوفك بعرفة، فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاءوا شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي، ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور، وأما حلقك شعرك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيت خرجت ذنوبك كيوم ولدتك أمك .

فكل هذه الفضائل من المنافع العظيمة التي يحصلها الحجاج بحجهم إلى بيت الله الحرام.

ومن المنافع العظيمة: أن الحج اجتماع عام للمسلمين يلتقون فيه من شتى أقطارالأرض، يكون من أسباب جمع كلمتهم ووحدة صفهم، وإصلاح ذات بينهم، وتقوية أواصرالمودة والإخاء فيما بينهم، مع ما يحصل فيه من التفقه في الدين والتعاون على مصالح الدنيا، وقيام كل شخص وطائفة بما يجب عليه نحوإخوانه مغ الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمغروف، والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والصبر والمرحمة، والتفاهم في القضايا المهمة والحوادث المستجدة وتحصيل مارتب الله على القيام بهذه الطاعات من الأجورالعظيمة.

ومن المنافع الدنيوية: ما يصيبونه من لحوم الهدي من البدن وغيرها- مع عبوديتهم لله فيها بذكراسمه عليها -، فيأكلون ويهدون ويتصدقون، قال تعالى: لكم فيها منافع إلى أجل مسمى .

ومن المنافع الدنيوية أيضا: ما يحصل لمن اتجر في الحج من الأرباح- غالبا - وزيادة الفضل من الله تعالى، وقد اتفق علماء التفسير على أن معنى قوله تعالى: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم . أنه ليس على الحاج حرج ولا إثم إذا ابتغى فضل الله - خلال موسم الحج- بالتجارة والكرى- أي الإجارة- ما دام ذلك لا يشغله عن شيء من نسكه، ولا يعرضه ذلك إلى الوقوع في شيء مما يخل بالحج، من الرفث والفسوق والجدال ونحو ذلك.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:41 PM
الحج صانع التاريخ



يقال إن الإمام أبا حنيفة كان يراوده تردد في تحديد أفضل العبادات الإسلامية.. وعندما حج قال: أيقنت الآن أن الحج أفضل العبادات..
ومن الجوانب الخاصة بفضيلة الحج أنه يتعلق بمشروع إلهي عظيم فهو يذكرنا بالمشروع الذي بدأ بإبراهيم عليه السلام واكتمل بمحمد - صلى الله عليه وسلم - . ومناسك الحج المختلفة هي مراحل هذا المشروع الإلهي التي يعيدها الحاج بصورة رمزية. فالحاج يفارق موطنه متجها إلى الحجاز كما كان إبراهيم عليه السلام قد خرج من العراق متجها إلى الحجاز. ويتخلى الحاج عن ملابسه العادية ويلف حول جسده رداءين، وهذا اللباس - الإحرام - مماثل للباس البسيط الذي كان إبراهيم وإسماعيل يرتديانه. وعندما يصل الحاج مكة ويطوف حول الكعبة فهو يقلد الطواف الذي قام به إبراهيم وإسماعيل توثيقا للعهد الإلهي. وعندما يسعى الحاج سبع مرات بين الصفا والمروة فهو يقلد سعي هاجر بحثا عن الماء في الصحراء. وعندما يذهب الحاج إلى منى وينحر قربانه فهو يعيد بصورة رمزية ما فعله إبراهيم حين استعد لنحر ابنه ثم نحر نعجة بأمر ربه. وعندما يتوجه الحاج إلى الجمرات فيرمي الشيطان بالجمار فهو يكرر عمل إسماعيل عليه السلام الذي رمى الشيطان بالجمرات عندما حاول أن يغويه، ثم يجتمع كل الحجاج بميدان عرفات.. وهذا هو الشكل النهائي لكلمات لبيك اللهم لبيك التي يردّدها كل حاج. وهنا يجتمع كل الحجاج في ميدان واحد مفتوح فيعاهدون ربهم عهدا جماعيا بأنهم سيظلون ينفذون في حياتهم القادمة ما تعلموه خلال الحج وأنهم سيعيشون مقلدين حياة أولئك الأبرار الذين يؤدى الحج تذكارا لهم. وقد وصف القرآن مناسك الحج بالشعائر أي العلامات.. وهي كلها الوقائع التي وقعت لإبراهيم وأسرته خلال تنفيذ الخطة الإلهية التي سبق ذكرها. ويقلد الحاج هذه الوقائع بصورة رمزية ويعاهد ربه بأنه - هو الآخر - سيصبح جزءا من هذا التاريخ.

فالحاج يعاهد ربه بأنه لو طرأت الحاجة فإنه سوف يحطم حياته القائمة ليتقدم نحو الحق، وأنه سيرضى بترك الراحة والرفاهية واختيار القناعة والبساطة، وأنه سيسعى من أجل الله، وسيطوف حوله، وأنه سيرمي تقاليد الشيطان بالجمار، وأنه سيدور حيثما دار به دين الله وسيستسلم لكل ما يقتضيه هذا الدين. فالحاج يقول لله تعالى بلسان عمله وحاله: إنه لو اقتضت الضرورة مرة أخرى لأجل الدين فإنه مستعد لكي يذهب إلى منتهى ما يمكن أن يذهب إليه أحد من البشر وهو أن يذبح ابنه ابتغاء مرضاة الله.

وكانت رحلة إبراهيم عليه السلام من العراق إلى مكة والوقائع التي وقعت هنا بعد مجيئه خطة إلهية عظيمة الشأن بدأ تنفيذها قبل نحو 2500 سنة. وخلاصة هذه الخطة أن الشرك كان قد غلب على الفكر البشري منذ نحو خمسة آلاف سنة لدرجة أن شعبة ما من شعب الحياة لم تكن تخلو من أثر الشرك. واستمر هذا الحال جيلا بعد جيل، وكانت النتيجة أن قام تسلسل فكري للشرك عبر الأجيال المتعاقبة. وكل مولود في تلك الأزمنة كان يرث عقلية الشرك وينشأ عليها وهذا هو السبب في أن نداء الأنبياء بالتوحيد لم يكن يؤثر فيهم كثيرا.

وهنا وضع الله تعالى خطة لكي ينشأ نسل جديد من البشر بعيدا عن مؤثرات بيئة الشرك لكي يفكر بعيدا عن تسلسل الشرك الفكري.. وكان أنسب شيء لهذا مكان غير مأهول، وبعيد عن المستوطنات البشرية. ولذلك اختيرت لهذا الغرض بلاد العرب الصحراوية المجدبة التي كانت منقطعة عن العالم المأهول حينذاك.

والإنسان الأول المطلوب لإنشاء نسل جديد في هذه المنطقة الصحراوية الجدباء هو مـَن ْ يكون مستعدا ليسكن فيها مدركا أنه قد يدفع حياته ثمن العيش بها. وهنا رأى إبراهيم رؤيا بأنه ينحر ابنه.. وكان المقصود من هذا هو التأكد مما إذا كان إبراهيم مستعدا لكي ينضم إلى الخطة الإلهية بحيث يذهب بولده ويسكنه هناك حيث لا شيء غير الجبال المجدبة وصحارى الرمال.. فكان السكن في الحجاز حينئذ مرادفا للسكن في وادي الموت.

وقد ظل الحجاز غير مسكون في الأزمنة الغابرة لفقدانه الماء والخضرة. وكان الحجاز القديم خاليا من آثار حضارة الشرك لأنه كان خاليا من وسائل الحياة. وهذه الخاصية التي أخلت الحجاز القديم من المشركين هي التي أهلته لكي يعد به نسل جديد من الموحـِّدين. وكان وضع إبراهيم المدية على حلقوم ابنه إسماعيل إعلانا بأنه مستعد لهذه التضحية كل الاستعداد. ولذلك اختير إبراهيم وإسماعيل لهذه الخطة الإِلهية، وبدأ العمل لإعداد نسل جديد من البشر بإسكان إسماعيل وأمه في منطقة نائية من الحجاز القديم.

وكان إبراهيم عليه السلام قد دعا الله بأن يظهر رسولا من نسل إسماعيل.. وقد ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نتيجة هذا الدعاء. ولكن، كما هو معلوم، هناك فاصل 2500 سنة بين هذا الدعاء وتحققه. والسبب في هذا التأخير هو أن نسلا جديدا كان يـُعـَد خلال هذه المدة ليفكر بعيدا عن تسلسل الشرك الفكري، ويكون مستعدا ومؤهلا نتيجة التربية الصحراوية لكي يقف إلى جانب الرسول ويساعده على تكميل رسالته. ولهذا السبب سميت هذه المجموعة بـ خير أمة . وهي أغرب أمة في التاريخ، فصحيح أن جزءا منها عادى الرسول في بداية الأمر إلا أنها وقفت إلى جانبه بكل قوتها عندما فهمت الأمر وأدركت الحقيقة.

وهذا النسل الذي نشأ بمكة قد تداخلته فيما بعد مؤثرات الشرك من جراء تأثير البيئة المحيطة. ولكنه كان نسلا محفوظا نقيا في حقيقة الأمر. وكان الناس على الفطرة الصحيحة باستثناء بعض الأفراد القليلي الفهم. وقد وقف أفراد من هذا النسل موقف المعاداة من الرسول في بداية الأمر إلا أن معاداتهم كانت تعود إلى الجهل. وعندما أدركوا أن محمدا رسول حقا وأن دينه صادق تحولت عداوتهم إلى قبول وتحولوا إلى أصحاب له بكل ما لديهم من همة ونشاط.



وقد استدار الزمان اليوم مرة أخرى فوصل إلى ما كان عليه في عصر إبراهيم عليه السلام. فكان (الشرك) يسيطر على فكر البشر في تلك الأيام، أما اليوم فيسيطر (الإلحاد) على الفكر العالمي.، وإذا كان إنسان العصور الغابرة يفكر في قالب الشرك فإنسان العصر الحاضر يفكر في قالب الإلحاد.

والحقيقة أن قضية العصر الحاضر هي عين قضية العصر القديم، مع فارق واحد وهو أن شاكلة الشرك كانت تغلب أذهان الناس في العصور الغابرة، أما اليوم فتغلب عليهم شاكلة الإلحاد. وأهم واجب إسلامي اليوم هو تحطيم هذه الشاكلة الفكرية. ويجب أن تسير حملة الإسلام اليوم على نفس المنهج الذي سارت عليه في قديم الزمان.

ويجب أن يستعد البعض مرة أخرى للذبح. ويجب مرة أخرى أن يسكن البعض أولاده في الصحراء لإحياء تاريخ الدين من جديد. وكان القضاء على عصر الشرك يتطلب التضحية بنسل بشري ، واليوم نحتاج إلى تضحية مماثلة للقضاء على عصر الإلحاد. وهذا هو أكبر درس للحج. والحج المبرور هو حج من يعود من الأراضي المقدسة بهذا العزم..

والحقيقة هي أن عمل الحاج لا ينتهي بعد الفراغ من شعائر الحج بل يبدأ عمله الحقيقي بعد الانتهاء منها، فعودته من الحج بداية لرحلة أكثر أهمية..

ويردد الحاج مرة بعد أخرى خلال شعائر الحج كلمات: لبيك اللهم لبيك .. فما هي هذه الكلمات؟ إنها كلمات معاهدة بين الله وعبده.. وتقع المعاهدة دائما في بداية أمر ما، فهي ليست نهاية له. وهكذا عبادة الحج، فمن يعود بعد أداء مراسم الحج فقد رجع بعد عقد معاهدة مقدسة مع ربه. ويجب عليه ألا يخلد لحياته على سابق عهدها قبل الحج، بل يجب عليه أن يبدأ العمل وفق أحواله كفايته طبقا لما عاهد ربه. فالعودة من الحج عودة من مقام العهد إلى مقام العمل. ولا تنتهي مسئوليات الحاج بعد الانتهاء من الحج بل تزداد وتكبر في حقيقة الأمر.

وما هي معاهدة الحج؟. إنها عزم على إعادة تاريخ معين، وهي إقرار باستعداد العبد لتكرار الحياة الإبراهيمية. فحين شاهد إبراهيم عليه السلام أهل العراق المتحضرين لا يصغون لكلامه حول التوحيد والآخرة وضع خطة جديدة لعمله بأن أخضع نفسه وأسرته لأشد التضحيات فأنشأ نسلا جديدا. لقد حوّل إبراهيم عمل الدعوة إلى خطة عظيمة. وقام بكل ما كانت هذه الخطة تقتضي منه من تضحيات.

وهكذا يجب على الإنسان أن يقوم اليوم بكل ما تقضيه الظروف وأن يظل صابرا على هذا الدرب إلى أن تحين منيته أو أن يصل إلى هدفه المنشود.

وكما كان الشرك يتمتع بالغلبة العالمية في عهد إبراهيم عليه السلام فالإلحاد يتمتع بالغلبة العالمية اليوم. وواجب العائدين من الحج اليوم أن يعملوا على القضاء على عصر الإلحاد وإحياء عصر التوحيد من جديد عملا بالأسوة الإبراهيمية. وعليهم أن يحيوا الأسوة الإبراهيمية مرة أخرى في هذا العصر، ويجب عليهم أن يضحوا في هذا السبيل بكل ما تقتضيه الأحوال منهم، فيجب عليهم أن يحوّلوا التضحية الرمزية إلى تضحية حقيقية.

إن الحج عزم على إعادة هذا التاريخ بصورة رمزية في أيام الحج، وبصورة عمل مخطط في الحياة الحقيقية بعد انقضاء أيام الحج.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:42 PM
الترغيب في التواضع والتبذل في الحج


جاءت أحاديث في الترغيب في التواضع في الحج والتبذل ولبس الدون من الثياب اقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام نذكر منها:

روي أنس بن مالك رضي الله عنه قال: حج النبي صلى الله عليه وسلم على رحل رث. وقطيفة خلقة تساوي أربعة دراهم أولا تساوي ثم قال: اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة رواه الترمذي وابن ماجة وغيرهما بسند صحيح.

وعن ثمامة رضي الله عنه قال: حج أنس على رحل ولم يكن شحيحا، وحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم حج على رحل وكانت زاملته رواه البخاري

الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب ، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة وما من مؤمن يظل يومه محرما إلا غابت الشمس بذنوبه. رواه الترمذي وهو حديث حسن صحيح

الاشتراط في الحج
قالت ضباعة بنت الزبير للرسول صلى الله عليه وسلم : إني أريد الحج وأنا شاكية فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني رواه البخاري ومسلم وفائدة هذا الشرط إذا عرض للمحرم ما يمنعه من تمام نسكه من مرض أو صد عدوان ، جاز له التحلل من احرامه ولا شيء عليه.

الحجاج والعمار وفد الله
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه وإن استغفروه غفر لهم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم وفد الله ثلاثة: الغازي والحاج والمعتمر رواه النسائي وسنده حسن

ثمار الحج
قال النبي صلى الله عليه وسلم من حج فلم يرفث ولم يفسق ، رجع كيوم ولدته أمه رواه البخاري ومسلم

سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من الحاج؟ قال: الشعث التفل فقام آخر. فقال: يا رسول الله أي الحج أفضل ؟ قال: العج والثج فقام آخر فقال: يا رسول الله ما السبيل؟ قال زاد وراحلة رواه الترمذي وابن ماجة وغيرهما وهو حديث حسن لشواهده

الحج جزاؤه الجنة
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينها والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة رواه البخاري ومسلم

الحجة المفروضة
عن أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس ، إن الله كتب عليكم الحج فحجوا. فقال رجل أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت... قال الرجل: أكل عام يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم : لو قلت نعم. لوجبت ولما استطعتم، ثم قال ذروني ما تركتكم ، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه. رواه مسلم

من أراد الحج فليتعجل
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أراد الحج فليتعجل!! رواه أبو داود وصححه الحاكم ووافقه الذهبي

ثواب العمرة
قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن عمرة في رمضان تعدل حجة رواه البخاري ومسلم.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : عمرة في رمضان تعدل حجة معي رواه ابن حبان في صحيحه. وهو حديث صحيح.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:43 PM
هل يحقق المسلمون الأبعاد المطلوبة لفريضة الحج ؟

العبادات في الإسلام، التي يرتكز عليها بناؤه، هي تعبير عملي، سلوكي، عضوي، عن قضايا عقيدية، وقناعات عقلية، وعزائم قلبية، واستجابة لما تتوق إليه النفس من النزوع إلى الخلاص من معاناة إصابات الدنيا، ومآسيها... وهي أشبه ما تكون بمحطات على درب الحياة، يتزود منها الإنسان بطاقات نفسية إيمانية، تضمن له ديمومة تغلب دوافع الخير على نوازع الشر، وتحقيق النصر، والفوز في النهاية. ولا شك أن لكل عبادة دورها وأهميتها، وعطاءها، في البناء الإسلامي، وفي ذلك لا تغني عبادة عن أخرى.
ويتفرد الحج عن سائر العبادات، التي يرتكز عليها بناء الإسلام، بأنه فريضة العمر، التي تتطلب من كل مسلم، يمتلك الاستطاعة، من الزاد والراحلة، أن يرتحل إلى مهبط الوحي، ومواقع النبوة، ويعيش فترة من عمره، ضمن إطار الزمان والمكان، الذي كان وعاء لحركة الإسلام الأولى، حيث بدأت الخطوات من غار حراء، وامتدت مع الزمن حتى، بلغت الناس كافة.

والمسلمون مطالبون، بين وقت وآخر، بالعودة إلى المنابع الأولى، وهم دائما، بحاجة إلى المراجعة، والتصويب، لتكون الخطوات بالاتجاه الصحيح.

ولعل هذه المراجعة تتحقق في نفرة هذه الطائفة -الحجاج- سنويا، من كل موقع من العالم الإسلامي، للذهاب إلى موطن الدعوة الأولى، والعيش على أرضها، وإسقاط الحاجز التاريخي والبعد المكاني، والتواصل مع الجذور التاريخية، الممتدة للنبوة، ابتداء بأبي الأنبياء -عليه وعليهم الصلاة والسلام- الذي أرشده الله إلى بناء البيت على التوحيد، وأمره بتطهيره من كل شرك، نفسي أو سياسي، أو اجتماعي أو اقتصادي، ومناداة الناس بالحج، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ويتعرفوا على الواقع الاسلامي في مختلف دول العالم.

وتحضر لأداء الحج عينات، تحمل هموم المسلمين، وتشكل النوافذ الأمينة للمعرفة الصحيحة، وتفقه هذا الواقع عن قرب، بعيدا عن كل صور الزيف، والتضليل الإعلامي والسياسي، ومن ثم يعود أفرادها إلى بلادهم، لينذروا قومهم، إذا رجعوا إليهم: قال تعالى: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون التوبة: 122

وقد اعتبر الإسلام الحج جهادا، أو بابا من أبواب الجهاد، ونفرته نفرة جهاد، وفي أحد ميادينه... وهذه النفرة السنوية، التي تحققها طائفة، تجيء من كل بلاد المسلمين، لتلتقي على أرض النبوة -والحج كما أسلفنا جهاد وفقه وآيات بينات وشهادة منافع- لو كتب لحركتها أن تأخذ الأبعاد الكاملة، وتدرك المسؤولية والأمانة، التي ناطها الله تعالى بها، لكانت إحدى أهم وسائل التحريك وإعادة الفاعلية لعالم المسلمين، الذي هو أشبه ما يكون اليوم بالبرك الراكدة.

لكن الأمر المؤسف، يتجلى في تخلف رؤية المسلمين لمناسك الحج، وحكم الحج، وشعائر الحج، ومنافع الحج؛ في محاولة لتجريده من كل المعاني المطلوب توفرها لعالم المسلمين، ليصبح بذلك مجرد استيفاء لأشكال، وتكرار لطقوس، وأعمال وحركات مقطوعة الصلة بالأصول النفسية، التي شرعت من أجلها هذه الفريضة، ومبتورة عن إدراك الأبعاد التاريخية، لحركة النبوة، التي لا بد من حضورها عند كل خطوة على أرضها.

إنه التخلف الذي انعكس على مظاهر حياتنا، حتى وصل إلى عبادتنا فعطلها، وأفقدها معناها وحكمتها التي شرعت من أجلها، حتى بات بعضنا يهون منها، ولا يرى أهميتها، ولا يلتمس لها أية فائدة عملية، في حياة الناس ومسلكهم، وقد وصل به الأمر إلى درجة، يرى معها أن وضع المال في أي مجال -ولو حتى في الرحلات اللاهية- أجدى من وضعه في الذهاب لأداء فريضة الحج، وما ذلك إلا لتخلف المعاني الكبيرة، التي يجب أن تتحصل من هذه الرحلة، حيث يذهب الكثيرون، وقد لا يختلف مسلكهم في إيابهم عن مسلكهم وعلاقاتهم وصفاتهم، عند ذهابهم.

من هنا ندرك الخطورة البالغة، التي يمكن أن تترتب تدريجيا، على تهميش معاني الحج وعدم الإفادة منها، لواقع المسلمين، والعجز عن تحصيل المنافع لدنياهم: والله تعالى يقول: ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات الحج: 28 وقد قدم الله شهود المنافع في السياق، على ذكره سبحانه، وإن كان العطف هنا يعني -فيما يعني- مطلق الجمع... فشهود المنافع لا بد أن يكون مترافقا مع ذكر الله، حتى لا يضل، ولا يتيه، ولا يستأثر بالنفس البشرية.

وفي اعتقادنا، أن مؤتمر الحج -على الرغم مما يعاني من جهل المسلمين، وقعودهم عن إدراك الآيات البينات، وشهود المنافع، التي تقيم دينهم وتصلح دنياهم، والمحاولات الدائمة لمحاصرة وتوهين شأنه- يمكن أن يعتبر إلى حد بعيد، إحدى الركائز، إن لم يكن الركيزة الأساسية، ضمن هذا الإطار، لضمان الشعور المستمر، بوحدة الأمة المسلمة، لأنه الوسيلة المفروضة الباقية والدائمة لإلغاء الحدود، وتجاوز السدود، وفتح القنوات سنويا، بين المسلمين، للتواصل والتمازج والنقل الثقافي.

وعلى الرغم من فرقة الحكام، وتباين الأنظمة، والاستماتة وراء الحدود التي وضعها المستعمر لتفريق المسلمين، فإن لقاء الحج، يؤكد سنويا، أن إيمان الشعوب بالوحدة، أقوى من فلسفات الفرقة عند الحكومات، وأن العقيدة أبقى من السياسات... والحمد لله الذي جعل الحج فرضا، لا يخضع لاختيار المسلم، ولا لمنع الحاكم الظالم، يتكرر سنويا لنماذج وعناصر جديدة تفد من جميع أنحاء العالم، لتلتقي على أرض النبوة، حيث عجزت السياسات تاريخيا، أن تجمع بينها على أرض غير أرض النبوة، وقد أشار الله سبحانه إلى ذلك بقوله: وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين الأنفال: 46 ذلك أن العدول في اللقاء عن أرض النبوة، ورسالة النبوة، موقع في الفشل والنزاع، وواقعنا شاهد إدانة لذلك.

التوغل في البعد التاريخي
وقد لا نكون بحاجة إلى التذكير بأن الحج رحلة باتجاه الماضي، على مستوى النفس، للقيام بعمليات المراجعة، واستعراض الأخطاء، والتقصير في جنب الله، والنكوص في حمل أمانة الدعوة، والبلاع المبين، والقعود عن القيام بحقوق الأخوة الإسلامية، وتلمس مواطن الإصابات التي لحقت بالمسلم في خاصته، وأن المناسك، والمواقف، تعين على ذلك، ومن ثم تكون توبة الفكر، والعقل، والسلوك، من المعاصي جميعا، وقطع العهد هناك عند البيت الحرام للالتزام بكل المعاني الخيرة، واستئناف رحلة الحياة، بصورة جديدة تماما، ذلك أن الحج، ولادة جديدة لمسلم جديد، ودع الماضي بكل معاصيه، وتوجه صوب المستقبل، بكل معانيه بصورة أخرى، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه متفق عليه

إنه رحلة في الماضي، ووقوف أمام أخطائه، واكتشاف لمواطن الخلل في التاريخ المديد، والإفادة من ذلك في رحلة الإياب، والعودة لصناعة مستقبل أفضل، بعيدا عن عثرات الماضي، ولعل من حكمة ذلك، أن جعل الله الطواف باتجاه الماضي، وعكس عقارب الساعة.

وكما أن الحج رحلة باتجاه الماضي، على مستوى النفس، ومحاسبتها، فهو من وجه آخر رحلة باتجاه قراءة السيرة والتاريخ، وطي للزمن، وإسقاط للنقاط السود، وعودة للاتصال والتزود من المنبع الأصلي، ومشاهدة لأرض النبوة ورصد لحركتها، وتاريخها عن قرب، واستعادة للتألق التاريخي، وإحياء لنقاط الارتكاز، التي كانت الأساس ني ميلاد المجتمع المسلم، وقيام الحضارة، والتحقق بالآيات البينات في حركة الإسلام الأولى، في الدعوة، والهجرة، والحركة، والبيعة، والمعاهدة، والفتنة، والنصر، والهزيمة، والانفعال بذلك كله، واستعادة البصارة، ومعرفة أبعاد المسؤولية، وتجديد الذاكرة واستعادة الفاعلية، ومحاولة عيش الظروف والملابسات نفسها.

ولعل من الأمور المهمة جدا في البناء الإسلامي، أن جعلت العودة إلى الجذور، والتوجه صوب مهبط الوحي، واستعادة تاريخ النبوة المعصوم، والعيش لفترة على أرضها، من الأمور المفروضة على المسلم المستطيع، كضرب من تجديد العهد... ولم يترك ذلك لرغبات النفس التي لا يتحلى بها إلا أصحاب العزائم والتطلعات.

وأهمية مثل هذا الأمر، الذي جعل فرضا على المسلمين، ولم يترك لاختيارهم، أصبح معروفا ومقدرا عند الكثير من الأمم، التي تعي ذاتها، وتحاول بعث وإحياء أمجادها. وكثيرا ما نسمع اليوم، عن مجموعات من المؤرخين، والجغرافيين، وعلماء الاجتماع، والأديان، يحاولون التوغل في العمق التاريخي، واستحضار الظروف والملابسات، التي رافقت ظهور الأحداث، حتى يتمكنوا من تخليص المسار الحضاري، من كل ما علق به، في محاولة للوصول إلى الحقيقة، وبعث الأمجاد وشحذ الفاعلية، والعيش ضمن الظروف التاريخية، لتكون معارفهم صحيحة ودقيقة.

فهناك مجموعات في أوروبا اليوم، تحاول السير على طريق الحملات الصليبية إلى الشرق مستخدمة وسائلها، وآخرون يشدون الرحال، لاقتفاء آثار المكتشفين الجغرافيين، ومتابعة الطرق التي سلكها القادة العظام، في تحقيق انتصاراتهم... كما نسمع عن رجال دين، يحاولون طرح الترجمات والكتب الدينية الحديثة جانبا، وتلمس الطريق إلى النسخ القديمة، والمخطوطات المحفوظة في الكهوف والأديرة، والانقطاع لتعلم اللغات، والمصطلحات، التي كتبت فيها، في محاولة منهم لإلغاء حاجز الزمن، للوصول إلى الصورة الحقيقية للأمور، ومحاولة التلقي من النبع الأصلي، قبل أن يداخله التحريف، والتبديل، والأهواء... وقد لا يكون غريبا، أن يعود بعض رجال الدين النصارى، من رحلاتهم المضنية، في البحث عن الحقيقة، خالين الوفاض؛ مما يدفعهم إلى الاعتقاد بأن الطريق الوحيدة لمعرفة النصرانية، التي خلت من المداخلات البشرية، وخطأ الذاكرة وتحريف البشر، هي القرآن، لأنه أقدم وثيقة تاريخية، وصلت بطريق علمي صحيح بطريق التواتر الذي يفيد علم اليقين... لقد أصبحت الاثار التاريخية مواذ ثقافية، واعتبرت المتاحف مصادر للمعرفة لا تقل عن المدارس والمعاهد اليومية.

فإذا كان نهوض أي مجتمع من المجتمعات مرهونا -إلى حد بعيد- بالتعرف على ظروف وشروط ميلاده، وأن استحضار هذه الظروف والملابسات، والتعرف عليها عن قرب، ضرورة لاكتشاف المسار الحضاري للأمة، ووضع الجهود على الطريق الصحيح، والعودة لاعتماد الأصول، وأن سبيلنا الوحيدة هي الاتصال بالينابيع الأولى، لحركة المجتمع الإسلامي، عرفنا الأهمية البالغة، والمنافع المشهودة والبينات المقصودة، من وراء فرض الحج، وعرفنا أهمية هذه العبادة، ودورها في البناء الإسلامي، وضرورتها في أي نهوض لمجتمع المسلمين.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:47 PM
خاتمة في روحانية الحج


أخي الحاج:

أرجو أن تكون قد أديت جميع مناسكك حسب ما أمر الله تعالى، وأمر رسوله ليكون حجك مقبولا، كما أرجو أن تكون بعد أداء فريضة الحج قد أصبحت إنسانا جديدا وازددت إيمانا عميقا في إسلامك، وتلقيت شحنة قوية في وطنك الروحي: ينبوع الوحي الالهي، ومصدر الذكريات المقدسة ، وتاريخ المجد (والعظمة).. وسعيت جهدك في تحقيق ما أمكنك في شهود مناخ الحج الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وزاد ارتباطك بالمسلمين في جميع أقطار العالم، فتعود وإلى بلادك وأنت ممتلىء يقظة وحماسة ، وتضحية للتمسك بالاسلام: هذا الدين العظيم ، والعمل على تطبيقه في جميع شؤون حياتك ، والسعي لنشره والتبشير به بين الناس، والتعاون مع العالم الإسلامي سياسيا واقتصاديا من أجل تحقيق العزة والمجد والوحدة التي وضع حدودها الله سبحانه.

واعلم يا أخي الحاج أن علامة الحج المبرور المقبول أن يعود الحاج متمسكا بأوامر ربه، مجتنبا نواهيه، متأهبا للقاء رب البيت بعد ما التقى بالبيت.

احرص يا أخي الحاج على الحفاظ على شخصيتك الإسلامية التي صورها الله، واسع على الدوام لكسب رضاه لتظفر بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.

اسأله سبحانه أن يجعل حجنا مقبولا، وذنبنا مغفورا، وجهادنا متواصلا، ويوفقنا لتدبر قرآننا والعمل بما جاء فيه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

محمود مهدي استانبولي

ادعوني استجب لكم
هذه أدعية جاءت في القرآن الكريم والسنة الصحيحة مطلقة وغير مقيدة بزمان أو مكان، فعلى الحاج أن يكثر منها كلما سنحت له الفرصة وساعده الوقت ولا يشغله عن الدعاء شيء في كثير من أوقاته في الحج، فإن الدعاء هو العبادة كما جاء في الحديث الصحيح..

ونذكر بهذه المناسبة أن ما يتداوله بعض الحجاج من الرسائل والأحزاب التي فيها اضافة بعض الأدعية لكل منسك من مناسك الحج شيء لا أصل له في السنة هو يسبب بلبلة وتعقيدا لدى الحاج، ويصرفه عن الافادة من موسم الحج فيما يعود عليه وعلى المسلمين بالنفع والخير من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. وقد ذكرت فيما سبق الادعية الواردة عند القيام ببعض اعمال الحاج، فينبغي الاكتفاء بها، ودعاء الله بالادعية العامه بعد ذلك.

Dark Gamer
30-12-2005, 01:49 PM
من أدعية القرآن الكريم


1- ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
2- ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
3- ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين
4- ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين
5- رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب
6- ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم
7- ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم
8- ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شي قدير
9- ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين
10- ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد
11- وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون
12- على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين
13- الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
14- رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق في الآخرين واجعلني من ورثة جنة النعيم وأغفر لأبي إنه كان من الضالين ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
15- رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين
16- رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت ولي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين
17- رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري
18- ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين
19- ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما
20- ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون
21- رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين
22- سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.


من الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم


1- اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي اليها معادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير. واجعل الموت راحة لي من كل شر
2- اللهم اغفر لي خطئي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدم والمؤخر وأنت على كل شيء قدير
3- اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
4- اللهم إني أعوذ بك من الجبن والكسل والبخل والهرم وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها. اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر وفتنة الدنيا وعذاب القبر
5- اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كبيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمي إنك أنت الغفور الرحيم
6- اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، واغنني بفضلك عمن سواك
7- يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
8- اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يبلغني حبك، اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد
9- اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة والنجاة من النار
10- اللهم أقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون علينا به مصائب الدنيا. ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على أعدائنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا
11- رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصرعلي ، وأمكر لي ولا تمكر علي، واهدني ويسر هداي إلي وأنصرني على من بغى علي
12- رب اجعلني لك شاكرا ، لك ذاكر ، لك راهبا، لك مطواعا، اليك مخبتا ، إليك أواها منيبا ، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي ، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي ، وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي
13- اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل، والجبن والبخل وضلع الدين، وغلبة الرجال والهرم. وأعوذ بك من عذاب القبر. وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ، وأرذل العمر
14- اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنت المستعان ، وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله .




وأنشد الشاعر أبياتا مؤثرة دعا فيها ربه:


يا من يرى ما في الضمير ويسمع أنت المعــد لكــل ما يتوقــع يا مـن يـرجى للشدائــد كلهـا يا من إليـه المشتكـى والمفــزع يا من خزائن رزقه في قول كـن أمنـن فإن الخير عنـدك أجمــع مالـي سوى فقري إليـك وسيلـة فبـالافتقار إليك فقري أدفــــع مالي سوى قرعي لبابـك حيلــة فلئـن رددت فـأي باب أقـــرع ومن الذي أدعـو وأهتـف باسمـه أن كان فضلك عن فقيـرك يمنــع حاشـا لجودك أن تقنـط عاصيـا الفضـل أجـزل والواهب أوســع

Dark Gamer
30-12-2005, 01:53 PM
قال تعالى : ((ليشهدوا منافع لهم )) فما هي المنافع ؟

الغاية الأساسية من العبادة ، هي تحقيق العبودية لله سبحانه ، والخضوع له ، فيما أمر ونهى ، والانعتاق من سائر العبوديات بأشكالها وألوانها ، التي كانت سبب الشر في العالم ، الكامن في تسلط الإنسان على الإنسان ، وعدم التسليم ، بأن السيادة لله ، فمن لم يكن عبدا لله، فهو عبد لسواه يقينا . وإن الذين يحاربون الإيمان بالله والعبودية له ، إنما يحاربونه لأنه يسويهم بغيرهم ، وهذا يحول دون استعبادهم للناس واستخفافهم لهم ، وتسلطهم عليهم .
والعبادات في الإسلام -التي بها قوامه ، وبناء أركانه- وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا - (متفق عليه) - هي التعبير الإيجابي العملي العضوي عن العقيدة ، والغذاء الدائم لها . وهي أشبه بالمحطات التي يتزود منها الإنسان بطاقات ، تضمن له ديمومة تغلب دوافع الخير على نوازع الشر ، ليبقى معنى العبودية الحقة ، في حراسة دائمة ، وحرز أمين .

ولكل عبادة من العبادات الإسلامية، معنى خاص بها، ذلك أنها تتولى بناء جانب من جوانب الشخصية المسلمة ، ولو كان للعبادات في الإسلام مدلول واحد ، لكانت إحداها كافية في عملية بناء الشخصية المسلمة ، وتربيتها على العبودية لله تعالى .

صحيح بأن الصلاة فرض على كل مسلم ، تبدأ مع تمييزه ، ولا يخرج من عهدة التكليف ، ما لم يؤدها بشروطها وأركانها ، ولا تسقط إلا بسقوط العقل . وإن بناءها النفسي والعملي للمسلم أمر على غاية من الأهمية ، حيث تتكرر في اليوم خمس مرات ، إلا أن أركان الإسلام الأخرى ، كالصوم والزكاة والحج ، إنما فرضت أيضا لكنها أنيطت بالاستطاعة ، لأن هذه الحالة من الاستطاعة التي يصير إليها المسلم ، لا بد لها من تربية خاصة بها لتتوجه الوجهة النافعة المفيدة لصاحبها وللمجتمع تسير وجهة النعم ولا ترتكس ارتكاس النقم . وشكر المنعم سبب دوام النعم ، وشكرها إنما يكون بوضعها ، حيث أراد المنعم .

فلعل الإنسان إذا ملك نصابا -والنصاب كما هو معلوم ، بلوغ المال حدا معينا زائدا عن نفقته ونفقة من تجب عليه نفقته- استيقظت في نفسه نزعة الاستغناء والطغيان ، قال تعالى: إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى (العلق : 6)

من هنا كان لا بد لهذه الاستطاعة من تربية خاصة بالحالة التي انتهى إليها هذا الإنسان ، حتى لا تضل مسارها ، ولا تحمل صاحبها على الطغيان والظلم للأخرين ، حيث السقوط في إسار المادة القاتل.

ومن هنا كانت عبادة الزكاة ، أو تربية الزكاة لازمة بالنسبة لمن بلغوا من المال حدا معينا ، حتى يسير الجانب المادي في حياتهم ، منسجما ومتوازنا مع سائر الجوانب الأخرى ، والزكاة عبادة سنوية . وما يقال في شأن الزكاة ، يقال في شأن فريضة الصيام على المستطيع المعافى ، لأن الإنسان القوي المعافى الذي لا يشكو ضعفا تتسرب إلى نفسه بعض نزعات التأله الكاذب ، والاستغناء بقوته عن قوة الله ، فكان لا بد له من تربية الصيام ، التي تشعره ببشريته المحتاجة إلى الطعام والشراب ، إلى جانب الشعور العملي بحاجة الأخرين ، فيكون أقدر على مساعدتهم.

أقول: الشعور العملي ، والتدريب العملي ، وليس الشعار السياسي ، الذي يطرحه المترفون من شرفاتهم العالية ، لذا نرى أن رمضان ارتبط بالأشهر القمرية يتكرر كل عام مرة حتى يستغرق كل الفصول وكل الأنواء ، ويحكم مختلف الحاجات . والحج هو الركن الخامس ، تربية للمسلم الذي يملك الزاد والراحلة ، تربية لا تتأتى في تأدية كل العبادات الأخرى ، فلكل عبادة مدلولاتها في النفس وبناؤها للفرد المسلم ، ولو تأتى هذا البناء من الصلاة أو الزكاة أو الصوم ، لما فرض الحج مرة في العمر ، ولما كان لفرضيته معنى .

صحيح أن العبادات توقيفية ، وأن الغاية منها : العبودية والخضوع لله ، لكن هذا لا يمنع أبدا من معرفة الحكم والتماسها ، خاصة وأن الله تعالى الذي فرض علينا هذه العبادات قد نص على بعض حكمها ، قال تعالى: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر (العنكبوت : 45) وقال: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها (التوبة : 103) وقال: كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تئقون (البقرة : 183) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : الصيام جنة (متفق عليه)

يبقى الأمر المطروح هنا ، أن الصلاة والزكاة والصيام تتكرر في اليوم أو السنة ، أما الحج ففرضه في العمر مرة ، على المسلم الذي يملك الزاد والراحلة ، حيث لا بد للمسلم من أن يشهد ولو لمرة واحدة في مستوى الفرضية ، الآيات البينات قال تعالى : فيه آيات بينات (آل عمران : 97) !

يشهد مهبط الوحي ، ويترسم خطوات النبوة الأولى ، يشهد المرابع ، التي تربى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد حفظه الله من عقائد الجاهلية ، السائدة وعاداتها ، وكره إليه أصنامها... يشهد مكان صراع قريش ، على وضع الحجر الأسود ، وحكمة الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم ، يشهد المكان الذي اتصلت به السماء بالأرض ، وكان بدء الوحي ، وكان اكتماله . يعيش رحلة اللدعوة ، التي قطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بين مكة والمدينة ، متجاوزا كل الروابط القسرية ، التي تواضع عليها الناس ، بكل ما في هذه الرحلة من المعاني الكبيرة الخالدة ، حيث البلاء يشتد هنا وهناك ، وحيث المواجهة المؤمنة ، حيث الأمل والرجاء وبرد اليقين ، لا تحزن إن الله معنا (التوبة : 40) يستروح الذكريات والمعاني ليعيشها ويتمثلها... يستذكر الهجرة إلى الطائف ، وما حملت في طريق الذهاب ، والإياب ، من صور المعاناة والعذاب إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي فيكون شعاره: لا يأس مع الإيمان ، ولا إيمان مع اليأس ، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون .

يرى التاريخ أمامه على أرض التاريخ ، على مقربة من منى ، حيث بيعة العقبة الأولى والثانية ، وعمادها : السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره ، وعلى قول الحق ، وعدم الخوف في الله لومة لائم . يشهد المسلم في حجه دورة سلمية ، يدخلها ويتدرب عليها ، مع نفسه ، ومع المخلوقات من حوله ، حيوانها ونباتها ، يعيش في الحرم آمنا ومن دخله كان آمنا (آل عمران : 97) حيث لا يزال العالم عاجزا عن تأمين بقعة من الأرض ، محايدة آمنة . يشهد مؤتمر المسلمين العام ، حيث ينحدر المسلمون من شتى أنحاء الدنيا ، من كل فج عميق .

يدخل مكة ، فيذكر دخول الرسول صلى الله عليه وسلم ، عندما دخلها فاتحا ، ويكاد رأسه يلامس سرج راحلته ، تواضعا وشكرا لله أن فتح له مكة ، لأن ذلك اليوم ، هو يوم المرحمة ، فلم تعصف بنفوس المسلمين نشوة الظفر ، وصلف المنتصرين ، وما يمكن أن يستدعي ذلك من تجاوز . يسمع ، كلام أبي سفيان للعباس رضي الله عنه: لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما ، ويسمع جواب العباس ، وكيف يصحح المفاهيم ، فيقول: يا أبا سفيان إنها النبوة ، وليس الملك .

إن كل حبة رمل في تلك البقاع ، تحمل تاريخا مشرقا ، وتنطق بحضارة ، ما زال عطاؤها للبشرية مستمرا . لقد شهدت هذه الأماكن ، لحظات الانتصار ، للمعاني الإسلامية ، المعاني الإنسانية ، شهدت انتصار ، الصبر ، والحلم ، والإيثار ، والصدق ، والأمانة ، هذه المعاني ، التي تجسدت في حياة المسلمين الأوائل ، على طريق الدعوة ، وصاغت سلوكهم من جديد ، حتى أصبحوا مؤهلين لدولة الإسلام .

يعيش ولو مرة في العمر ، على أرض الدولة الإسلامية ، التي تربى أفرادها على عين الله ، وتسديد وحيه ، لتبقى الدولة القدوة ، والخلافة الراشدة... يعيش المساواة الكاملة ، فلا تمييز ولا امتياز... يهيج اشتياقه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، الحاكم المسلم العادل ، يقول لجبلة بن الأيهم الأمير الغساني ، عندما كان يطوف حول الكعبة ، لكنه يطوف في الحقيقة حول نفسه ، وأمارته ، وداس الأعرابي على ثوبه ، فضربه جبلة فهشم وجهه ، فشكا الأعرابي جبلة ، إلى عمر رضي الله عنه ، فحكم للأعرابي بأن يقتص منه ، فاستنكر جبلة هذه القيم ، وقال: كيف يا أمير المؤمنين ، وأنا أمير وهو سوقة ، فتكون كلمة عمر التي تربى عليها في الإسلام: (الإسلام سوى بينكما) ، فيفضل جبلة العمالة للروم ، حيث ضمان التميز على الإسلام ، الذي يحكم بالمساواة ... يشتد اشتياق المسلم لسيدنا عمر رضي الله عنه ، أكثر ، عندما يتفلت من ذكرياته وتاريخه ، ويعود إلى واقعه الذي يحاول الهروب منه ، حيث المآسي ، والظلم ، والتمييز ، والامتيازات وكل ما أنتجته العقول الظالمة ، يصدر إلى عالم المسلمين . إذ يعود الإسلام غريبا كما بدأ ، ويغيب عمر ، ويحضر جبلة ، ويصبح حالنا كحال الغاص بالماء ، وفي أمننا يخاف البريء ... (وشر الملوك من خافه البريء) يشهد المسلم في عبادة الحج ويقف على الأرض التي سقطت فيها قيم الجاهلية ونخوة الجاهلية وتعاظمها بالآباء، لأول مرة في تاريخ البشرية حتى باتت تحت الأقدام ، إلا عند الذين نكسوا على رؤوسهم ، وأخلدوا إلى الأرض ، ينبشون ما تحت الأقدام، يبعثونها من جديد .

يشهد يأس الشيطان ، وقافلة الشيطان من دين الإسلام ، قال تعالى : اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم وأخشون (المائدة: 3) يشهد كمال الدين ، واكتمال التشريع اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا (المائدة 3)

يشهد أرض خطبة حجة الوداع ، حيث الرسول صلى الله عليه وسلم ، يضع المعالم الرئيسة للدولة الإسلامية عبر التاريخ ، بقوله: إن دماءكم ، وأموالكم ، وأعراضكم ، حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا ويقول: واعلموا أن الصدور لا تغل على ثلاث: إخلاص العمل لله ، ومناصحة أهل الأمر ، ولزوم جماعة المسلمين ، ألا أن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع... قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله (رواه مسلم وأبو داود والنسائي)

يشهد الطواف حول البيت العتيق ، الذي بني على التوحيد ، من أول يوم لتتأكد هذه الحقيقة في نفسه ، أكثر من مرة بكثرة طوافه . يستعرض بطوافه عكس عقارب الساعة ماضيه ، وما فرط في جنب الله ، ويقابله بماضي هذا البيت ، وهذه الأرض ، فيلتجئ إلى غافر الذنب ، وقابل التوب ، ليتجدد في حياته ، وينخلع من كل ما لا يرضي الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (البخاري وأحمد والنسائي)