مشاهدة النسخة كاملة : مذكرات مغرم..حب..أم..خيانة
just girl
19-01-2006, 02:48 PM
اتفضلوا هاذي القصة وإن شاء الله تعجبكم
مذكرات مغرم..حب..أم خيانة
الجزء الأول
تهادت أمامي تلك الفتاة بفستانها الزهري المنسدل بلطف على بشرتها الناعمة، وهي تحمل مظلتها المطرزة بيد وزهرة الأقحوان بيد أخرى، أحسست بروحي تضمها وقلبي يقبلها، وكل ذلك تلاشى في لحظة،"أسرعي ليزا سنتأخر!"، عدت إلى واقع الحياة مكرهاً، ابتسمت لي فاستمريت بالتحديق بها حتى همست أختي في أذني: لقد غبت طويلاً بحيث لا تتذكر ليزا ابنة الخياط؟!
قلت لها متفاجئاً: هذه هي ليزا؟!
قالت: أجل هذه هي تنتظر حبها الشقي ليضمها!
قلت: اصمتي جينا ، يا إلهي لقد تغيرت!قالت: ما إن رحلت حتى شعت تلك الفتاة كبدر ليلة مقمرة! وبينما أنا على حالي هذا وإذا بها تتوجه إلى ذلك الشاب تقبله وهو يضمه إليها، سألت أختي مسرعاً: من هذا؟!
قالت: هذا خطيبها إدوارد وسيم وثري للغاية، أعلنا خطوبتهما في أيار الماضي!
قلت: أظن أن قضائي كل تلك السنين في اسكتلندا سيجعلني أتعرف على بلدتي وسكانها مجدداً!
خرجنا جميعاً نحن العائلة والأصدقاء إلى الحديقة بالقرب من الكوخ الزجاجي حيث اعتادت نساء الحي الاجتماع للثرثرة وإضاعة الوقت، لكن هذه المرة كان حفل الشاي يضمن الأزواج وأفراد العائلة، لم ترف عيني عن ليزا، كانت تشع جمالاً بريئاً لم أشهده من قبل، سرحت بأفكار يعيداً وإذا بليزا تتجه نحوي وتقول: ها قد عاد البطل إلى بيته!
تفاجأت بقولها ذلك لكني رددت عليها قائلاً: لا أصدق أنك مازلت تذكرين ذلك؟!
قالت: ليس كل يوم يحطم شاب أنف أقوى وأشرس الحطابين من أجلي!
قلت وقد تغيرت نبرة صوتي : أوليس هذا ما فعله خطيبك أم أنه لم يفعل؟!
نظرت لي نظرة ملئها الشك قم أردفت قائلة: لقد كنا يافعين يا جايكوب، ولم أتوقع أنك ستأخذ ذلك على محمل الجد..!
قلت وقد ملئني الغضب: لكني فعلت، لا أصدق كم كنت سخيفاً، لا يمكنك الوثوق بامرأة أبداً!
ثم نهضت وحملت قبعتي نفضتها ووضعتها على رأسي متجهاً إلى حيث جلس ذوونا، أما ليزا فقد ظلت جالسة بضع لحظات ثم تبعتني، وقفت بالقرب من والدي، موجهاً نظري إلى الفراغ، ثم أحسست بيد قوية تدفعني من الخلف وأدت إلى سكب الشاي على ملابسي، استدرت وإذا بإدوارد قد وقف وعيناه تلمعان غضباً، ثم صرخ في وجهي: إذا اقتربت منها مجدداً سأقتلك هل فهمت سأقتلك! ثم استدار وليزا تحاول تهدئته،وقفت في مكاني للحظة أحاول استيعاب ما يجري، ثم حاولت فهم الأمر بشكل أوضح، وضعت الكوب من يدي وقلت: أستأذنكم! توجهت مسرعاً إلى الداخل تناولت أحد المناديل أمامي مسحت وجهي به ثم أحسست بلسعة الشاي وحرارته، جلست على أحد المقاعد، خلعت سترتي أحاول التخفيف من حرارته لكن الشاي قد وصل إلى ما تحت قميصي، أردت خلعه لكن لم يكن من اللائق فعل ذلك، وما هي إلا لحظة وإذا بوالد ليزا واقف أمامي، نهضت له احتراما وقلت: أنا آسف سيد ريلس يمكنني الاعتذار إلى ضيوفك و الانصراف...!
قال لي: يؤسفني أنني لم أقل لك رجعة حميدة إلى وطنك يا بني، ويسعدني ذلك من جهة أخرى..!
قلت مرتبكاً: أنا آسف سيدي لم أقصد..! قاطعني وقد رفع يده مهدداً بالقرب من وجهي وقال: إياك أن تفسد زواج ليزا من إدوارد إياك!؛ هو كل ما تتمناه عائلة من أجل طفلتهم الوحيدة!
قلت وقد حملت معطفي وارتديت قبعتي: أشكرك على هذه الضيافة سيد ريلس واعذر وقاحتي في ترك حفل الشاي من أوله؛ هذه أمور ليست بيدي فقد بدأ الشاي المنسكب بقتلي ألماً لكن ليس بقدر ما يحمله إدوارد لي من كراهية!
وانصرفت وقد تغير لون وجهي إلى جميع الألوان وأنا غير مصدق كيف قلت هذا الكلام للسيد
ريلس، والدي سيقتلني أنا متأكد سيقتلني!
توجه والد ليزا خارجاً فبادره والدي بالسؤال: هل رحل جايكوب؟
قال: أجل لقد اتطر إلى ذلك فالشاي كان يغلي على قميصه!
خرجت مسرعاً من ذاك المنزل وقفت عند بوابته ونظرت خلفي لبرهة علي أجد ليزا على أحدى شرف المنزل، لكن بمقابل ذاك وجدت إدوارد ينظر إلي وقد وضع يديه على حزامه فصرفت نظري لثانية ورحلت.
وفي الليل الحالك الذي غطى بلدتي تلك على ضواحي لندن جلست وقد حملت في يدي كأس الويسكي الفاخر، وبيد أخرى حملت قطعة القماش المبللة على صدري؛ فقد أصبت بحروق سببها شاي السيدة ريلس المثالي، أحدق في تلك الفراغ المقمر للسماء، فلم أحس بأختي جينا وقد وقفت عند الباب فقالت: دق دق هل يمكنني الدخول؟
قلت: ادخلي جينا!
قالت وقد جلست على طرف فراشي: هل أنت بخير؟
قلت: مجرد حروق سطحية لن تترك اثر حتى...!
قالت: أنا لم أسألك عن حروقك بل أسألك كيف تتخطى ما فعله بك إدوارد اليوم؟!
قلت: أظنني أفعل ذلك بشكل جيد جداً! رفعت لها كأس الشراب في يدي، فخطفته وارتشفت منه وقالت: لا أصدق أن ليزا لم تلحق بك حتى عندما خرجت من منزلهم!
قلت: حتى يرديني إدوارد قتيلاً، ثم...لقد انتهى كل شيء جينا..كل شيء!
قالت: بطريقة كلامك أظن أن هذا لم ينتهي بعد!
ثم رفعت قطعة القماش وغمستها في المياه فأطلقت جينا صرخة مكتومة نظرت لها فقالت: أظن أن هذه الحروق ستترك أثرا كبيراً عزيزي، سأستدعي الطبيب..!
قلت: لا حاجة لذلك صدقيني! لكنها لم ترضخ لم قلته وأصرت على حضور الطبيب ومعاينته لي، وفي الصباح التالي قررت ملازمة فراشي حتى أنني لم أذهب للكنيسة صباح هذا الأحد وأظن أن ليزا وخطيبها وحى والديها قد أراحهما هذا، لكن لسوء حظي كان فطور ذلك اليوم في منزلنا، وهذا قد أثر على خطتي في الاختباء من آل ريلس!
وبينما والدي يرحبان بآل ريلس كنت أحاول التواري عن أنظارهم، لكني لم أستطيع؛ وأنا أصعد السلالم فإذا بالسيدة ريلس تنادي قائلة: ها هو جايكوب كيف حالك يا عزيزي؟!
استدرت لها قد تمكنت من تغيير لون وجهي وجعله شاحب عن طريق حبس نفسي بضع لحظات، وقلت: تسرني رؤيتك سيدة ريلس، سيد ريلس، آنسة ريلس!
قالت ليزا: هل أنا الوحيدة التي ترى شحوب وجهك؟!
قال إدوارد وقد ظهر فجأة خلف ليزا: لا يا حلوتي أنا أرى ذلك أيضاً!
قالت والدتي: لقد كنت بخير هذا الصباح بني، عد إلى فراشك ولا ترهق نفسك!
قلت ببهجة مكتومة: أعذروني ليس من اللائق أن أجهد نفسي بما قد يؤدي على انهياري في صباح رائع مثل هذا اليوم!
وانصرفت مسرعاً، وبعد فترة وجيزة سمعت طرقاً على باب غرفتي فقلت:من؟
"هذا أنا جايكوب"، فتحت الباب وإذا بليزا واقفة، ابتعدت قليلاً لأفسح لها مكاناً للدخول، دخلت لكني أبقيت الباب مفتوحاً قليلاً، جلست على فراشي متمدداً بينما هي قد جلست قبالتي في الجهة الأخرى من الغرفة بالقرب من المكتبة، قلت لها:إذاً؟!
قالت: هل أنت بخير؟! قلت مسرعاً: أنا على أحسن ما يرام!
قالت: أنا آسفة على ما حصل البارحة، لكني أرجو أن تسامح إدوارد فهو...!
قلت لها مقاطعاً: فهو مجرد شاب مغرم! قالت: كنت سأقول لم يعرف الحقيقة كاملة!
قلت: وهذا هو الغرام بعينه، صدقيني!
ثم دخلت جينا قائلة: ها أنتِ ذا ليزا؛ إدوارد يبحث عنكِ!
قالت: أظن أنه يتحتم علي الرحيل، سررت بمكالمتك جايكوب،جينا!
وهي في طريقها خارجاً التفتت إلي هامسة وأنا أقرأ شفتاها: عودة حميدة أيها البطل!
نظرت إليها نظرة خاطفة ثم أمعنت النظر إلى موضع قدمي، قالت لي جينا حينها"ألم أقل لك أن شيء لم ينتهي عزيزي"!، كانت تلك لحظة وعي بالنسبة لي، لم أعرف ماذا أقول لوالدتي وحتى جينا عندما يسألنني ماذا كانت ليزا تفعل في غرفتي، إلا أنني بقيت متكتماً قليلاً ذلك الصباح، حتى جاء وقت الغداء، تفاجأت عندما عرفت ببقاء آل ريلس عندنا إلى ذلك الوقت بإصرار والدتي، جلست مكرهاً بالقرب من إدوارد، وما إن بدأ رئيس الخدم لدينا آلفريد بتقديم الطعام، أحسست بنظرات الجميع تأكلني فقد ملأت صحني حتى تكون لدي جبل من الطعام، وهذا على غير عادتي، يبدو أنني لم أكن منتبهاً عندما غرفت الطعام لي، ناديت على آلفريد وهمست في أذنه وأمرته بتغيير صحني، بادر إلى ذلك مسرعاً، سألتني والدتي: ماذا بك اليوم عزيزي؟!
لت: لا شيء أمي، لكن 5سنوات في اسكتلندا جعلتني أغير عاداتي في تناول الطعام!
قالت جينا: لكن هذا على عكس ما قلته لي البارحة!
نظرت إليها نظرة أسكتتها، قال إدوارد متحاذقاً بلكنته الاسكتلندية المتعجرفة التي طالما كرهتها: يبدو أن الطعام في بلدي قد أعجبك جايكوب؟!
قلت: للأسف لا أعتقد ذلك؛ لديكم عادات غريبة للغاية، أمضيت السنتان الأوليتان أحاول فقط حفظ طريقة سكب شراب رخيص وليس فاخر حتى !
قال محنكاً: ظننت أن عاداتنا الغريبة هي التي أبقتك هناك 5سنوات، أوليس ذلك بصحيح حلوتي؟!
ردت ليزا مسرعة: أنا الأخرى ظننت ذلك!
قلت: كنت أحتاج الوقت لتصفية ذهني ومعرفة طريقي ليس إلا، لذلك أطلت المكوث هناك!
قال والدي ساخراً: بل مكث هناك يحاول تنظيف شباكه من الفتيات اللاتي علقن فيها، أليس كذلك بني؟!
نهضت مسرعاً من مكاني وقد انتابني شعور غريب، خليط من المفاجأة و الحنك، إلا أنني تمالكت نفسي و لم أصرخ في وجه والدي"حمداً لله"! قالت والدتي مؤنبة والدي: ما الذي دهاك هارولد!
قال السيد ريلس مؤيداً كلام والدي: ربما ما قاله والده صحيح سيدة رون، لم نسمع رد جايك في هذا الأمر؟!
قلت: أظن أن الأنثى الوحيدة التي وقعت في شباكي يا والدي العزيز هي قطتي لوني!
بهذه الجملة خففت حدة التوتر حول الطاولة لكني زدت من توتري، استأذنت لدقائق وجريت نحو دورة المياه، مضى على وجودي في الداخل فترة، خرجت وقد اصفر لوني، قال لي آلفريد: ما زلت كما كنت عزيزي، كلام والدك يصيبك بالغثيان، خذ ارتشف رشفة واحدة من هذا وسيعود لونك الطبيعي! وأعطاني زجاجة كحول، فعلت كما طلب مني وعدت إلى مقعدي متعذراً بعدد من الأعذار.
وفي فترة بعد الظهر جلست في الغرفة الزجاجية أمام البيانو الذي أمضيت وأنا أعزف عليه أسعد اللحظات، بدأت أتحسسه ببطء ثم بدأت بنغمة حزينة وتمكنت من تحويلها في لحظات من نغمة حزينة لعازف ثمل إلى لحن يلمس الحواس، أنهيت معزوفتي بالنغمة الحزينة التي بدأت بها، ثم سمعت من يصفق لي، استدرت وإذا بإدوارد قد استند على الحاجز الخشبي يدوي الصنع، ونظرته الغبية تظهر ببطء على خطوط وجهه الطويل، فقال: يبدو أنك عدت ومعك شيء مفيد!
قلت: كنت أحمل هذا قبل ذهابي وبعد عودتي!
قال: أنت جيد لكنك لست أفضل مني!
قلت: أتعني في عزف البيانو! لقد دربت نفسي بنفسي أو أنها موهبة أملكها لست متأكد!
قال: لست أعني أني أفضل منك في العزف، بل في كل شيء!
قلت: أعطني إثباتاً على ما تقوله؟!
قال: ما رأيك بـ...ليزا كإثبات؟! قلت: ليزا ماذا بها؟!
قال: لو كنت أنت أفضل مني لكانت انتظرت عودتك، لكنها لم تفعل بل اختارتني عوضاً عنك أنت، شخص جبان خاسر بإضافة إلى كونه خائن!
قلت: إذاً هذه فكرتك عني، مثير للإعجاب حقاً!
توجه حينها إلى باب الحجرة الزجاجية وأغلقه واستدار ببطء وتنهد ثم قال: بل هذه فكرة جميع البلدة عنك يا..جايكوب رون!
قلت: ما زلت غير مهتم بما قد يقوله الغير..! قال مقاطعاً وعيناه تنويان شراً: ماذا إذا عرفت أنها فكرة ليزا عنك؟! قلت: ليزا؟! لا يمكن لليزا أن تفكر بهذا الكلام ناهيك عن قوله، لا أظن ذلك يا صاح، يبدو أنني أعرف مخطوبتك أكثر منك عزيزي إدوارد!
قال وقد بدا على وجهه نظرة من رأى كنز سليمان: هذا صحيح، أنت تعرفها أكثر مني، أنا خطيبها فحسب أما أنت فكنت زوجها يوماً ما أليس كذلك؟!!!
قلت وشريط تلك الفترة من حياتي يمر كالبرق أمام عيني: لقد دام زواجنا ساعات ليس إلا لقد قاموا بإبطاله يا إدوارد، وإذا كانت هذه الساعات القلائل هي مصدر كرهك لي وتسببك لي بهذه الحروق، فاعلم أن شيئاً لم يحدث..ربما حدث قليلاً لكن ليس ما قد يدور برأسك الآن! مرت لحظة صمت وقد قمت بتمزيق قميصي أمامه إبان قولي تلك الكلمة، أخذا أحدق في وجهه أنتظر رداً ثم قال: حقاً وما الذي يثبت لي ذلك؟! قولها؟! أصدقك القول أني لا أصدقها في ذلك؟!
قلت: يمكنك سؤال المحترم الذي زوجنا! لكن كونك لا يمكنك حتى تصديق الفتاة التي تحب فكيف ستصدق ما سيقوله لك من كان في خضم كل هذا؟!
قال: يبدو أنني أعاني من مشاكل في الثقة بالآخرين!
قلت: أجل ويبدو أنها مشاكل مستعصية أيضاً!
قال: لا تراوغ، أجبني بصراحة فحسب، هل مازلت تحبها؟!
نظرت للحظة في لمعان عينيه قم تنهدت قائلاً: هربت بعيداً قبل خمس سنوات بسبب زواجنا ذاك، ظننت أن تلك الفترة ستكون كافية لينسى الجميع ما حصل، وقد حصل ما ظننت، يبدو أنني الوحيد الذي مازال يذكر الأمر كما لو أنه البارحة..!
قاطعني غاضباً: أجب عن سؤالي هل مازلت تحبها؟!
قلت: لم يتغير شيء من ذلك في داخلي، أجل إدوارد أنا أحبها! بل أنا مازلت وسأظل مغرماًَ بها!!
ساد صمت مطبق ثم صوت تنفس إدوارد المرتبك، قاطعه نداء جينا: جايكوب، إدوارد أين أنتما؟
قلت: نحن في الغرفة الزجاجية جينا!
لحظات وفتحت جينا الباب وقالت: ها أنتما، جايكوب لقد جاء عمي وليام وعائلته لمقابلتك، نحن في المرج أسرع!
قلت: أستأذنك! وانصرفت مسرعاً تاركاً إدوارد يراجع حساباته!!
أسرعت إلى غرفتي و بدلت قميصي الممزق، هرولت نحو باب المرج(الحديقة الخلفية)، تأكدت من ترتيب هندامي، وفتحت البوابة، وإذا بجميع الأصدقاء وأفراد العائلة مجتمعين وقد صرخوا:
"عودة حميدة جايكوب"! أحسست بدفء غريب يسري في جسدي، ذهبت كل مشاعر الوحدة التي كانت تتخلل كياني، كان هناك من يعزف الموسيقى ومن يقدم الشراب الفاخر والحلويات، اقتربت من عمي وليام فبادر بضمي بقوة إلى صدره؛ فأنا ابن أخيه الوحيد والمقرب إليه، ثم قال لي: لا أصدق كم تغيرت يا بني، لقد مضى وقت طويل!
قلت: فعلاً عمي لقد مضى وقت طويل اشتقت فيه إلى أحاديثنا السخيفة!
قال: ها قد عدت وعادت أحاديثنا ، نخب الأيام الخالية والأحاديث السخيفة!
وشرب الجميع هذا النخب السخيف، اقتربت من والدتي وقلت لها: منذ متى وأنتم تخططون لهذا؟!
قالت: منذ استلمنا رسالتك الأخيرة قبل أسبوع مضى، التي تعلمنا فيها بموعد عودتك!
قلت: لقد قمتم بعمل رائع، هذا جميل للغاية ولطيف! ثم ضممت والدتي وقبلت رأسها، وبعد فترة وأثناء مغيب الشمس كنا مازلنا نستمتع بوقتنا؛ مازالت الموسيقى تعزف، والشراب يقدم، حتى صرخ ابن عمي وصديقي المقرب فيليب على عازف البيانو: من فضلك اعزف لنا رقصة الفراشة! قام الجميع بتأييد فيليب، عندها سأل إدوارد ليزا: ما هي رقصة الفراشة؟!قالت: مقطوعة موسيقية مميزة تعزف في المناسبات الخاصة في البلدة، رقصتها مميزة مثلها تماماً إلا أنها معقدة.
قال: لماذا لم أسمع بها من قبل؟! قالت: منذ أن أتيت إلى بلدتنا لم يكن هناك أي مناسبة مميزة كفاية من أجل عزفها، ثم إذا عزفت فيجب علينا الرقص، ولم يتسنى لي تعليمك إياها!
قال: ومن هو أفضل راقص في رقصة الفراشة؟!
قالت بسرعة: جايكوب!!! تنهد إدوارد عندها، بدأت الموسيقى وبدأت أنا أغني بصوت منخفض، متابعاً المغني المبدع السيد غانثر بفرنسيتي المحدودة على هذه الأغنية، بدأ الجميع الرقص، لمحتني ليزا واقفاً لوحدي فقالت: ما به أفضل راقص لا يبدأ خطواته؟!
قلت: يبدو أن أفضل راقص قد فقد شريكته في الرقص!
رمقني إدوارد بنظرة غريبة، عندها سمعت من يقول خلفي: يسرني أن أساعد أفضل راقص وأكون شريكته! استدرت وإذا بها ابنة عمي المفضلة صديقة طفولتي روزي، لم ننبس ببنت شفه بل بدأنا الرقص نحاول مجاراة الموسيقى، كانت خطوات هذه الرقصة تتطلب رشاقة وسرعة في الحركة، كان الجميع يتحرك بكيفية واحدة، مع اختلاف طفيف في توقيت كل حركة، كنت أشاهد عيني ليزا تراقبان تحركاتنا أنا و روزي، كيف يتمايل كلاً منا نحو الآخر كموج بحرٍ واثق، أحسست بجسد روزي يتحد مع جسدي نتحرك كما لو أن أدمغتنا ترسل النبضات نفسها، بخطوات مدروسة، بدأنا بذلك الجزء في الرقصة حيث علينا إتمام حركة أجنحة الفراشة و الوصول على نهاية الأغنية وقد انتهى برأس كل شخص بالقرب رقبة شريكته، توقفت الموسيقى وتوقف الراقصون عن الحركة، سمعت تصفيق الجميع لي و لروزي؛ فقد تمكنا من لإتمام الرقصة دون أي خطأ وحتى ولو كان طفيفاً، أحسسنا أنا و روزي بصعوبة في قطع هذا الإتحاد الذي نتج أثناء الرقص، لكننا تمكنا من ذلك، غابت الشمس مودعة ونشر القمر ضوئه الخافت على جدران منزلنا، كان الجميع في غرفة الطعام، كان كل شيء في ذلك اليوم رائعاً؛ كنت قد عدت لتوي من مكان لم أتوقع أن أحداً قد ذكرني عندما كنت فيه ولآن كل هذا في يوم واحد، فعلاً يفقد المرء فيه الإحساس بالوقت، أمضيت نهاري في المنزل أحاول تجنب الجميع، لكن الجميع حولي الآن، بقيت خارجاً في الشرفة لبعض الوقت، وإذا بروزي قد وقفت بجانبي ولم ألاحظ ذلك حتى، كانت مثل نسمة الهواء الدافئة، عندما وعيت وقوفها قلت: يبدو أن كل شيء تغير منذ رحيلي، أليس كذلك روزي؟!
SAD ANGEL
20-01-2006, 12:54 AM
الله يعطيك العافية أخوي :)
بس الخط كتير صغير ومو واضح :( :02:
بصراحة العنوان شدني لقراءة القصة :06: بس للأسف ما قدرت اقراها بسبب الخط :afraid:
ياريت لو بدي غلبك واطلب منك بأنه تعيد القصة بخط أوضح وأكبر حتى نقدر نقراها :09: :o
طبعا ازا سمحت بلييييييييييييييز:09:
ومشكور مرة تانية ;) وبستنى القصة منك لا تتأخر ازا سمحت:ciao:
Hail cloud
20-01-2006, 03:10 AM
ولله ابداع وانا انتضر الجزء الثاني
just girl
20-01-2006, 10:14 AM
شكراً هذا أولاً ثانياً، أختي الملاك الحزين: ولايهمك أحطها لك بخط أكبر، أني حاطتنها لخاطركم.
أخويHail cloud: شكراً، وإن شاء الله الجزء الثاني، بعد الجزء الأول بخط اكبر بعد، وإن شاء رب العالمين بعد ردي هذا، لأن الإنترنت عندي مو ذاك الزود.
أختكم الشاكرة مروركم الممنتنة لردودكم:
just girl
just girl
20-01-2006, 10:20 AM
عشان خاطر أحتي الملاك الحزين هذا الجزء الأول بخط أكبر، وعشان خاطر الجميع الجزء الثاني بعده:
الجزة الأول
تهادت أمامي تلك الفتاة بفستانها الزهري المنسدل بلطف على بشرتها الناعمة، وهي تحمل مظلتها المطرزة بيد وزهرة الأقحوان بيد أخرى، أحسست بروحي تضمها وقلبي يقبلها، وكل ذلك تلاشى في لحظة،"أسرعي ليزا سنتأخر!"، عدت إلى واقع الحياة مكرهاً، ابتسمت لي فاستمريت بالتحديق بها حتى همست أختي في أذني: لقد غبت طويلاً بحيث لا تتذكر ليزا ابنة الخياط؟!
قلت لها متفاجئاً: هذه هي ليزا؟!!
قالت: أجل هذه هي تنتظر حبها الشقي ليضمها!!
قلت: اصمتي جينا ، يا إلهي لقد تغيرت!قالت: ما إن رحلت حتى شعت تلك الفتاة كبدر ليلة مقمرة! وبينما أنا على حالي هذا وإذا بها تتوجه إلى ذلك الشاب تقبله وهو يضمه إليها، سألت أختي مسرعاً: من هذا؟!
قالت: هذا خطيبها إدوارد وسيم وثري للغاية، أعلنا خطوبتهما في أيار الماضي!
قلت: أظن أن قضائي كل تلك السنين في اسكتلندا سيجعلني أتعرف على بلدتي وسكانها مجدداً!
خرجنا جميعاً نحن العائلة والأصدقاء إلى الحديقة بالقرب من الكوخ الزجاجي حيث اعتادت نساء الحي الاجتماع للثرثرة وإضاعة الوقت، لكن هذه المرة كان حفل الشاي يضمن الأزواج وأفراد العائلة، لم ترف عيني عن ليزا، كانت تشع جمالاً بريئاً لم أشهده من قبل، سرحت بأفكار يعيداً وإذا بليزا تتجه نحوي وتقول: ها قد عاد البطل إلى بيته!
تفاجأت بقولها ذلك لكني رددت عليها قائلاً: لا أصدق أنك مازلت تذكرين ذلك؟!
قالت: ليس كل يوم يحطم شاب أنف أقوى وأشرس الحطابين من أجلي!
قلت وقد تغيرت نبرة صوتي : أوليس هذا ما فعله خطيبك أم أنه لم يفعل؟!
نظرت لي نظرة ملئها الشك قم أردفت قائلة: لقد كنا يافعين يا جايكوب، ولم أتوقع أنك ستأخذ ذلك على محمل الجد..!
قلت وقد ملئني الغضب: لكني فعلت، لا أصدق كم كنت سخيفاً، لا يمكنك الوثوق بامرأة أبداً!
ثم نهضت وحملت قبعتي نفضتها ووضعتها على رأسي متجهاً إلى حيث جلس ذوونا، أما ليزا فقد ظلت جالسة بضع لحظات ثم تبعتني، وقفت بالقرب من والدي، موجهاً نظري إلى الفراغ، ثم أحسست بيد قوية تدفعني من الخلف وأدت إلى سكب الشاي على ملابسي، استدرت وإذا بإدوارد قد وقف وعيناه تلمعان غضباً، ثم صرخ في وجهي: إذا اقتربت منها مجدداً سأقتلك هل فهمت سأقتلك! ثم استدار وليزا تحاول تهدئته،وقفت في مكاني للحظة أحاول استيعاب ما يجري، ثم حاولت فهم الأمر بشكل أوضح، وضعت الكوب من يدي وقلت: أستأذنكم! توجهت مسرعاً إلى الداخل تناولت أحد المناديل أمامي مسحت وجهي به ثم أحسست بلسعة الشاي وحرارته، جلست على أحد المقاعد، خلعت سترتي أحاول التخفيف من حرارته لكن الشاي قد وصل إلى ما تحت قميصي، أردت خلعه لكن لم يكن من اللائق فعل ذلك، وما هي إلا لحظة وإذا بوالد ليزا واقف أمامي، نهضت له احتراما وقلت: أنا آسف سيد ريلس يمكنني الاعتذار إلى ضيوفك و الانصراف...!
قال لي: يؤسفني أنني لم أقل لك رجعة حميدة إلى وطنك يا بني، ويسعدني ذلك من جهة أخرى..!
قلت مرتبكاً: أنا آسف سيدي لم أقصد..! قاطعني وقد رفع يده مهدداً بالقرب من وجهي وقال: إياك أن تفسد زواج ليزا من إدوارد إياك!؛ هو كل ما تتمناه عائلة من أجل طفلتهم الوحيدة!
قلت وقد حملت معطفي وارتديت قبعتي: أشكرك على هذه الضيافة سيد ريلس واعذر وقاحتي في ترك حفل الشاي من أوله؛ هذه أمور ليست بيدي فقد بدأ الشاي المنسكب بقتلي ألماً لكن ليس بقدر ما يحمله إدوارد لي من كراهية!
وانصرفت وقد تغير لون وجهي إلى جميع الألوان وأنا غير مصدق كيف قلت هذا الكلام للسيد
ريلس، والدي سيقتلني أنا متأكد سيقتلني!
توجه والد ليزا خارجاً فبادره والدي بالسؤال: هل رحل جايكوب؟
قال: أجل لقد اتطر إلى ذلك فالشاي كان يغلي على قميصه!
خرجت مسرعاً من ذاك المنزل وقفت عند بوابته ونظرت خلفي لبرهة علي أجد ليزا على أحدى شرف المنزل، لكن بمقابل ذاك وجدت إدوارد ينظر إلي وقد وضع يديه على حزامه فصرفت نظري لثانية ورحلت.
وفي الليل الحالك الذي غطى بلدتي تلك على ضواحي لندن جلست وقد حملت في يدي كأس الويسكي الفاخر، وبيد أخرى حملت قطعة القماش المبللة على صدري؛ فقد أصبت بحروق سببها شاي السيدة ريلس المثالي، أحدق في تلك الفراغ المقمر للسماء، فلم أحس بأختي جينا وقد وقفت عند الباب فقالت: دق دق هل يمكنني الدخول؟
قلت: ادخلي جينا!
قالت وقد جلست على طرف فراشي: هل أنت بخير؟
قلت: مجرد حروق سطحية لن تترك اثر حتى...!
قالت: أنا لم أسألك عن حروقك بل أسألك كيف تتخطى ما فعله بك إدوارد اليوم؟!
قلت: أظنني أفعل ذلك بشكل جيد جداً! رفعت لها كأس الشراب في يدي، فخطفته وارتشفت منه وقالت: لا أصدق أن ليزا لم تلحق بك حتى عندما خرجت من منزلهم!
قلت: حتى يرديني إدوارد قتيلاً، ثم...لقد انتهى كل شيء جينا..كل شيء!
قالت: بطريقة كلامك أظن أن هذا لم ينتهي بعد!
ثم رفعت قطعة القماش وغمستها في المياه فأطلقت جينا صرخة مكتومة نظرت لها فقالت: أظن أن هذه الحروق ستترك أثرا كبيراً عزيزي، سأستدعي الطبيب..!
قلت: لا حاجة لذلك صدقيني! لكنها لم ترضخ لم قلته وأصرت على حضور الطبيب ومعاينته لي، وفي الصباح التالي قررت ملازمة فراشي حتى أنني لم أذهب للكنيسة صباح هذا الأحد وأظن أن ليزا وخطيبها وحى والديها قد أراحهما هذا، لكن لسوء حظي كان فطور ذلك اليوم في منزلنا، وهذا قد أثر على خطتي في الاختباء من آل ريلس!
وبينما والدي يرحبان بآل ريلس كنت أحاول التواري عن أنظارهم، لكني لم أستطيع؛ وأنا أصعد السلالم فإذا بالسيدة ريلس تنادي قائلة: ها هو جايكوب كيف حالك يا عزيزي؟!
استدرت لها قد تمكنت من تغيير لون وجهي وجعله شاحب عن طريق حبس نفسي بضع لحظات، وقلت: تسرني رؤيتك سيدة ريلس، سيد ريلس، آنسة ريلس!
قالت ليزا: هل أنا الوحيدة التي ترى شحوب وجهك؟!
قال إدوارد وقد ظهر فجأة خلف ليزا: لا يا حلوتي أنا أرى ذلك أيضاً!
قالت والدتي: لقد كنت بخير هذا الصباح بني، عد إلى فراشك ولا ترهق نفسك!
قلت ببهجة مكتومة: أعذروني ليس من اللائق أن أجهد نفسي بما قد يؤدي على انهياري في صباح رائع مثل هذا اليوم!
وانصرفت مسرعاً، وبعد فترة وجيزة سمعت طرقاً على باب غرفتي فقلت:من؟
"هذا أنا جايكوب"، فتحت الباب وإذا بليزا واقفة، ابتعدت قليلاً لأفسح لها مكاناً للدخول، دخلت لكني أبقيت الباب مفتوحاً قليلاً، جلست على فراشي متمدداً بينما هي قد جلست قبالتي في الجهة الأخرى من الغرفة بالقرب من المكتبة، قلت لها:إذاً؟!
قالت: هل أنت بخير؟! قلت مسرعاً: أنا على أحسن ما يرام!
قالت: أنا آسفة على ما حصل البارحة، لكني أرجو أن تسامح إدوارد فهو...!
قلت لها مقاطعاً: فهو مجرد شاب مغرم! قالت: كنت سأقول لم يعرف الحقيقة كاملة!
قلت: وهذا هو الغرام بعينه، صدقيني!
ثم دخلت جينا قائلة: ها أنتِ ذا ليزا؛ إدوارد يبحث عنكِ!
قالت: أظن أنه يتحتم علي الرحيل، سررت بمكالمتك جايكوب،جينا!
وهي في طريقها خارجاً التفتت إلي هامسة وأنا أقرأ شفتاها: عودة حميدة أيها البطل!
نظرت إليها نظرة خاطفة ثم أمعنت النظر إلى موضع قدمي، قالت لي جينا حينها"ألم أقل لك أن شيء لم ينتهي عزيزي"!، كانت تلك لحظة وعي بالنسبة لي، لم أعرف ماذا أقول لوالدتي وحتى جينا عندما يسألنني ماذا كانت ليزا تفعل في غرفتي، إلا أنني بقيت متكتماً قليلاً ذلك الصباح، حتى جاء وقت الغداء، تفاجأت عندما عرفت ببقاء آل ريلس عندنا إلى ذلك الوقت بإصرار والدتي، جلست مكرهاً بالقرب من إدوارد، وما إن بدأ رئيس الخدم لدينا آلفريد بتقديم الطعام، أحسست بنظرات الجميع تأكلني فقد ملأت صحني حتى تكون لدي جبل من الطعام، وهذا على غير عادتي، يبدو أنني لم أكن منتبهاً عندما غرفت الطعام لي، ناديت على آلفريد وهمست في أذنه وأمرته بتغيير صحني، بادر إلى ذلك مسرعاً، سألتني والدتي: ماذا بك اليوم عزيزي؟!
لت: لا شيء أمي، لكن 5سنوات في اسكتلندا جعلتني أغير عاداتي في تناول الطعام!
قالت جينا: لكن هذا على عكس ما قلته لي البارحة!
نظرت إليها نظرة أسكتتها، قال إدوارد متحاذقاً بلكنته الاسكتلندية المتعجرفة التي طالما كرهتها: يبدو أن الطعام في بلدي قد أعجبك جايكوب؟!
قلت: للأسف لا أعتقد ذلك؛ لديكم عادات غريبة للغاية، أمضيت السنتان الأوليتان أحاول فقط حفظ طريقة سكب شراب رخيص وليس فاخر حتى !
قال محنكاً: ظننت أن عاداتنا الغريبة هي التي أبقتك هناك 5سنوات، أوليس ذلك بصحيح حلوتي؟!
ردت ليزا مسرعة: أنا الأخرى ظننت ذلك!
قلت: كنت أحتاج الوقت لتصفية ذهني ومعرفة طريقي ليس إلا، لذلك أطلت المكوث هناك!
قال والدي ساخراً: بل مكث هناك يحاول تنظيف شباكه من الفتيات اللاتي علقن فيها، أليس كذلك بني؟!
نهضت مسرعاً من مكاني وقد انتابني شعور غريب، خليط من المفاجأة و الحنك، إلا أنني تمالكت نفسي و لم أصرخ في وجه والدي"حمداً لله"! قالت والدتي مؤنبة والدي: ما الذي دهاك هارولد!
قال السيد ريلس مؤيداً كلام والدي: ربما ما قاله والده صحيح سيدة رون، لم نسمع رد جايك في هذا الأمر؟!
قلت: أظن أن الأنثى الوحيدة التي وقعت في شباكي يا والدي العزيز هي قطتي لوني!
بهذه الجملة خففت حدة التوتر حول الطاولة لكني زدت من توتري، استأذنت لدقائق وجريت نحو دورة المياه، مضى على وجودي في الداخل فترة، خرجت وقد اصفر لوني، قال لي آلفريد: ما زلت كما كنت عزيزي، كلام والدك يصيبك بالغثيان، خذ ارتشف رشفة واحدة من هذا وسيعود لونك الطبيعي! وأعطاني زجاجة كحول، فعلت كما طلب مني وعدت إلى مقعدي متعذراً بعدد من الأعذار.
وفي فترة بعد الظهر جلست في الغرفة الزجاجية أمام البيانو الذي أمضيت وأنا أعزف عليه أسعد اللحظات، بدأت أتحسسه ببطء ثم بدأت بنغمة حزينة وتمكنت من تحويلها في لحظات من نغمة حزينة لعازف ثمل إلى لحن يلمس الحواس، أنهيت معزوفتي بالنغمة الحزينة التي بدأت بها، ثم سمعت من يصفق لي، استدرت وإذا بإدوارد قد استند على الحاجز الخشبي يدوي الصنع، ونظرته الغبية تظهر ببطء على خطوط وجهه الطويل، فقال: يبدو أنك عدت ومعك شيء مفيد!
قلت: كنت أحمل هذا قبل ذهابي وبعد عودتي!
قال: أنت جيد لكنك لست أفضل مني!
قلت: أتعني في عزف البيانو! لقد دربت نفسي بنفسي أو أنها موهبة أملكها لست متأكد!
قال: لست أعني أني أفضل منك في العزف، بل في كل شيء!
قلت: أعطني إثباتاً على ما تقوله؟!
قال: ما رأيك بـ...ليزا كإثبات؟! قلت: ليزا ماذا بها؟!
قال: لو كنت أنت أفضل مني لكانت انتظرت عودتك، لكنها لم تفعل بل اختارتني عوضاً عنك أنت، شخص جبان خاسر بإضافة إلى كونه خائن!
قلت: إذاً هذه فكرتك عني، مثير للإعجاب حقاً!
توجه حينها إلى باب الحجرة الزجاجية وأغلقه واستدار ببطء وتنهد ثم قال: بل هذه فكرة جميع البلدة عنك يا..جايكوب رون!
قلت: ما زلت غير مهتم بما قد يقوله الغير..! قال مقاطعاً وعيناه تنويان شراً: ماذا إذا عرفت أنها فكرة ليزا عنك؟! قلت: ليزا؟! لا يمكن لليزا أن تفكر بهذا الكلام ناهيك عن قوله، لا أظن ذلك يا صاح، يبدو أنني أعرف مخطوبتك أكثر منك عزيزي إدوارد!
قال وقد بدا على وجهه نظرة من رأى كنز سليمان: هذا صحيح، أنت تعرفها أكثر مني، أنا خطيبها فحسب أما أنت فكنت زوجها يوماً ما أليس كذلك؟!!!
قلت وشريط تلك الفترة من حياتي يمر كالبرق أمام عيني: لقد دام زواجنا ساعات ليس إلا لقد قاموا بإبطاله يا إدوارد، وإذا كانت هذه الساعات القلائل هي مصدر كرهك لي وتسببك لي بهذه الحروق، فاعلم أن شيئاً لم يحدث..ربما حدث قليلاً لكن ليس ما قد يدور برأسك الآن! مرت لحظة صمت وقد قمت بتمزيق قميصي أمامه إبان قولي تلك الكلمة، أخذا أحدق في وجهه أنتظر رداً ثم قال: حقاً وما الذي يثبت لي ذلك؟! قولها؟! أصدقك القول أني لا أصدقها في ذلك؟!
قلت: يمكنك سؤال المحترم الذي زوجنا! لكن كونك لا يمكنك حتى تصديق الفتاة التي تحب فكيف ستصدق ما سيقوله لك من كان في خضم كل هذا؟!
قال: يبدو أنني أعاني من مشاكل في الثقة بالآخرين!
قلت: أجل ويبدو أنها مشاكل مستعصية أيضاً!
قال: لا تراوغ، أجبني بصراحة فحسب، هل مازلت تحبها؟!
نظرت للحظة في لمعان عينيه قم تنهدت قائلاً: هربت بعيداً قبل خمس سنوات بسبب زواجنا ذاك، ظننت أن تلك الفترة ستكون كافية لينسى الجميع ما حصل، وقد حصل ما ظننت، يبدو أنني الوحيد الذي مازال يذكر الأمر كما لو أنه البارحة..!
قاطعني غاضباً: أجب عن سؤالي هل مازلت تحبها؟!
قلت: لم يتغير شيء من ذلك في داخلي، أجل إدوارد أنا أحبها! بل أنا مازلت وسأظل مغرماًَ بها!!
ساد صمت مطبق ثم صوت تنفس إدوارد المرتبك، قاطعه نداء جينا: جايكوب، إدوارد أين أنتما؟
قلت: نحن في الغرفة الزجاجية جينا!
لحظات وفتحت جينا الباب وقالت: ها أنتما، جايكوب لقد جاء عمي وليام وعائلته لمقابلتك، نحن في المرج أسرع!
قلت: أستأذنك! وانصرفت مسرعاً تاركاً إدوارد يراجع حساباته!!
أسرعت إلى غرفتي و بدلت قميصي الممزق، هرولت نحو باب المرج(الحديقة الخلفية)، تأكدت من ترتيب هندامي، وفتحت البوابة، وإذا بجميع الأصدقاء وأفراد العائلة مجتمعين وقد صرخوا:
"عودة حميدة جايكوب"! أحسست بدفء غريب يسري في جسدي، ذهبت كل مشاعر الوحدة التي كانت تتخلل كياني، كان هناك من يعزف الموسيقى ومن يقدم الشراب الفاخر والحلويات، اقتربت من عمي وليام فبادر بضمي بقوة إلى صدره؛ فأنا ابن أخيه الوحيد والمقرب إليه، ثم قال لي: لا أصدق كم تغيرت يا بني، لقد مضى وقت طويل!
قلت: فعلاً عمي لقد مضى وقت طويل اشتقت فيه إلى أحاديثنا السخيفة!
قال: ها قد عدت وعادت أحاديثنا ، نخب الأيام الخالية والأحاديث السخيفة!
وشرب الجميع هذا النخب السخيف، اقتربت من والدتي وقلت لها: منذ متى وأنتم تخططون لهذا؟!
قالت: منذ استلمنا رسالتك الأخيرة قبل أسبوع مضى، التي تعلمنا فيها بموعد عودتك!
قلت: لقد قمتم بعمل رائع، هذا جميل للغاية ولطيف! ثم ضممت والدتي وقبلت رأسها، وبعد فترة وأثناء مغيب الشمس كنا مازلنا نستمتع بوقتنا؛ مازالت الموسيقى تعزف، والشراب يقدم، حتى صرخ ابن عمي وصديقي المقرب فيليب على عازف البيانو: من فضلك اعزف لنا رقصة الفراشة! قام الجميع بتأييد فيليب، عندها سأل إدوارد ليزا: ما هي رقصة الفراشة؟!قالت: مقطوعة موسيقية مميزة تعزف في المناسبات الخاصة في البلدة، رقصتها مميزة مثلها تماماً إلا أنها معقدة.
قال: لماذا لم أسمع بها من قبل؟! قالت: منذ أن أتيت إلى بلدتنا لم يكن هناك أي مناسبة مميزة كفاية من أجل عزفها، ثم إذا عزفت فيجب علينا الرقص، ولم يتسنى لي تعليمك إياها!
قال: ومن هو أفضل راقص في رقصة الفراشة؟!
قالت بسرعة: جايكوب!!! تنهد إدوارد عندها، بدأت الموسيقى وبدأت أنا أغني بصوت منخفض، متابعاً المغني المبدع السيد غانثر بفرنسيتي المحدودة على هذه الأغنية، بدأ الجميع الرقص، لمحتني ليزا واقفاً لوحدي فقالت: ما به أفضل راقص لا يبدأ خطواته؟!
قلت: يبدو أن أفضل راقص قد فقد شريكته في الرقص!
رمقني إدوارد بنظرة غريبة، عندها سمعت من يقول خلفي: يسرني أن أساعد أفضل راقص وأكون شريكته! استدرت وإذا بها ابنة عمي المفضلة صديقة طفولتي روزي، لم ننبس ببنت شفه بل بدأنا الرقص نحاول مجاراة الموسيقى، كانت خطوات هذه الرقصة تتطلب رشاقة وسرعة في الحركة، كان الجميع يتحرك بكيفية واحدة، مع اختلاف طفيف في توقيت كل حركة، كنت أشاهد عيني ليزا تراقبان تحركاتنا أنا و روزي، كيف يتمايل كلاً منا نحو الآخر كموج بحرٍ واثق، أحسست بجسد روزي يتحد مع جسدي نتحرك كما لو أن أدمغتنا ترسل النبضات نفسها، بخطوات مدروسة، بدأنا بذلك الجزء في الرقصة حيث علينا إتمام حركة أجنحة الفراشة و الوصول على نهاية الأغنية وقد انتهى برأس كل شخص بالقرب رقبة شريكته، توقفت الموسيقى وتوقف الراقصون عن الحركة، سمعت تصفيق الجميع لي و لروزي؛ فقد تمكنا من لإتمام الرقصة دون أي خطأ وحتى ولو كان طفيفاً، أحسسنا أنا و روزي بصعوبة في قطع هذا الإتحاد الذي نتج أثناء الرقص، لكننا تمكنا من ذلك، غابت الشمس مودعة ونشر القمر ضوئه الخافت على جدران منزلنا، كان الجميع في غرفة الطعام، كان كل شيء في ذلك اليوم رائعاً؛ كنت قد عدت لتوي من مكان لم أتوقع أن أحداً قد ذكرني عندما كنت فيه ولآن كل هذا في يوم واحد، فعلاً يفقد المرء فيه الإحساس بالوقت، أمضيت نهاري في المنزل أحاول تجنب الجميع، لكن الجميع حولي الآن، بقيت خارجاً في الشرفة لبعض الوقت، وإذا بروزي قد وقفت بجانبي ولم ألاحظ ذلك حتى، كانت مثل نسمة الهواء الدافئة، عندما وعيت وقوفها قلت: يبدو أن كل شيء تغير منذ رحيلي، أليس كذلك روزي؟!
_________________________
just girl
20-01-2006, 10:25 AM
عشان خاطر أختي الملاك الحزين هذا الجزء الأول بخط أكبر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تهادت أمامي تلك الفتاة بفستانها الزهري المنسدل بلطف على بشرتها الناعمة، وهي تحمل مظلتها المطرزة بيد وزهرة الأقحوان بيد أخرى، أحسست بروحي تضمها وقلبي يقبلها، وكل ذلك تلاشى في لحظة،"أسرعي ليزا سنتأخر!"، عدت إلى واقع الحياة مكرهاً، ابتسمت لي فاستمريت بالتحديق بها حتى همست أختي في أذني: لقد غبت طويلاً بحيث لا تتذكر ليزا ابنة الخياط؟!
قلت لها متفاجئاً: هذه هي ليزا؟!!
قالت: أجل هذه هي تنتظر حبها الشقي ليضمها!!
قلت: اصمتي جينا ، يا إلهي لقد تغيرت!قالت: ما إن رحلت حتى شعت تلك الفتاة كبدر ليلة مقمرة! وبينما أنا على حالي هذا وإذا بها تتوجه إلى ذلك الشاب تقبله وهو يضمه إليها، سألت أختي مسرعاً: من هذا؟!
قالت: هذا خطيبها إدوارد وسيم وثري للغاية، أعلنا خطوبتهما في أيار الماضي!
قلت: أظن أن قضائي كل تلك السنين في اسكتلندا سيجعلني أتعرف على بلدتي وسكانها مجدداً!
خرجنا جميعاً نحن العائلة والأصدقاء إلى الحديقة بالقرب من الكوخ الزجاجي حيث اعتادت نساء الحي الاجتماع للثرثرة وإضاعة الوقت، لكن هذه المرة كان حفل الشاي يضمن الأزواج وأفراد العائلة، لم ترف عيني عن ليزا، كانت تشع جمالاً بريئاً لم أشهده من قبل، سرحت بأفكار يعيداً وإذا بليزا تتجه نحوي وتقول: ها قد عاد البطل إلى بيته!
تفاجأت بقولها ذلك لكني رددت عليها قائلاً: لا أصدق أنك مازلت تذكرين ذلك؟!
قالت: ليس كل يوم يحطم شاب أنف أقوى وأشرس الحطابين من أجلي!
قلت وقد تغيرت نبرة صوتي : أوليس هذا ما فعله خطيبك أم أنه لم يفعل؟!
نظرت لي نظرة ملئها الشك قم أردفت قائلة: لقد كنا يافعين يا جايكوب، ولم أتوقع أنك ستأخذ ذلك على محمل الجد..!
قلت وقد ملئني الغضب: لكني فعلت، لا أصدق كم كنت سخيفاً، لا يمكنك الوثوق بامرأة أبداً!
ثم نهضت وحملت قبعتي نفضتها ووضعتها على رأسي متجهاً إلى حيث جلس ذوونا، أما ليزا فقد ظلت جالسة بضع لحظات ثم تبعتني، وقفت بالقرب من والدي، موجهاً نظري إلى الفراغ، ثم أحسست بيد قوية تدفعني من الخلف وأدت إلى سكب الشاي على ملابسي، استدرت وإذا بإدوارد قد وقف وعيناه تلمعان غضباً، ثم صرخ في وجهي: إذا اقتربت منها مجدداً سأقتلك هل فهمت سأقتلك! ثم استدار وليزا تحاول تهدئته،وقفت في مكاني للحظة أحاول استيعاب ما يجري، ثم حاولت فهم الأمر بشكل أوضح، وضعت الكوب من يدي وقلت: أستأذنكم! توجهت مسرعاً إلى الداخل تناولت أحد المناديل أمامي مسحت وجهي به ثم أحسست بلسعة الشاي وحرارته، جلست على أحد المقاعد، خلعت سترتي أحاول التخفيف من حرارته لكن الشاي قد وصل إلى ما تحت قميصي، أردت خلعه لكن لم يكن من اللائق فعل ذلك، وما هي إلا لحظة وإذا بوالد ليزا واقف أمامي، نهضت له احتراما وقلت: أنا آسف سيد ريلس يمكنني الاعتذار إلى ضيوفك و الانصراف...!
قال لي: يؤسفني أنني لم أقل لك رجعة حميدة إلى وطنك يا بني، ويسعدني ذلك من جهة أخرى..!
قلت مرتبكاً: أنا آسف سيدي لم أقصد..! قاطعني وقد رفع يده مهدداً بالقرب من وجهي وقال: إياك أن تفسد زواج ليزا من إدوارد إياك!؛ هو كل ما تتمناه عائلة من أجل طفلتهم الوحيدة!
قلت وقد حملت معطفي وارتديت قبعتي: أشكرك على هذه الضيافة سيد ريلس واعذر وقاحتي في ترك حفل الشاي من أوله؛ هذه أمور ليست بيدي فقد بدأ الشاي المنسكب بقتلي ألماً لكن ليس بقدر ما يحمله إدوارد لي من كراهية!
وانصرفت وقد تغير لون وجهي إلى جميع الألوان وأنا غير مصدق كيف قلت هذا الكلام للسيد
ريلس، والدي سيقتلني أنا متأكد سيقتلني!
توجه والد ليزا خارجاً فبادره والدي بالسؤال: هل رحل جايكوب؟
قال: أجل لقد اتطر إلى ذلك فالشاي كان يغلي على قميصه!
خرجت مسرعاً من ذاك المنزل وقفت عند بوابته ونظرت خلفي لبرهة علي أجد ليزا على أحدى شرف المنزل، لكن بمقابل ذاك وجدت إدوارد ينظر إلي وقد وضع يديه على حزامه فصرفت نظري لثانية ورحلت.
وفي الليل الحالك الذي غطى بلدتي تلك على ضواحي لندن جلست وقد حملت في يدي كأس الويسكي الفاخر، وبيد أخرى حملت قطعة القماش المبللة على صدري؛ فقد أصبت بحروق سببها شاي السيدة ريلس المثالي، أحدق في تلك الفراغ المقمر للسماء، فلم أحس بأختي جينا وقد وقفت عند الباب فقالت: دق دق هل يمكنني الدخول؟
قلت: ادخلي جينا!
قالت وقد جلست على طرف فراشي: هل أنت بخير؟
قلت: مجرد حروق سطحية لن تترك اثر حتى...!
قالت: أنا لم أسألك عن حروقك بل أسألك كيف تتخطى ما فعله بك إدوارد اليوم؟!
قلت: أظنني أفعل ذلك بشكل جيد جداً! رفعت لها كأس الشراب في يدي، فخطفته وارتشفت منه وقالت: لا أصدق أن ليزا لم تلحق بك حتى عندما خرجت من منزلهم!
قلت: حتى يرديني إدوارد قتيلاً، ثم...لقد انتهى كل شيء جينا..كل شيء!
قالت: بطريقة كلامك أظن أن هذا لم ينتهي بعد!
ثم رفعت قطعة القماش وغمستها في المياه فأطلقت جينا صرخة مكتومة نظرت لها فقالت: أظن أن هذه الحروق ستترك أثرا كبيراً عزيزي، سأستدعي الطبيب..!
قلت: لا حاجة لذلك صدقيني! لكنها لم ترضخ لم قلته وأصرت على حضور الطبيب ومعاينته لي، وفي الصباح التالي قررت ملازمة فراشي حتى أنني لم أذهب للكنيسة صباح هذا الأحد وأظن أن ليزا وخطيبها وحى والديها قد أراحهما هذا، لكن لسوء حظي كان فطور ذلك اليوم في منزلنا، وهذا قد أثر على خطتي في الاختباء من آل ريلس!
وبينما والدي يرحبان بآل ريلس كنت أحاول التواري عن أنظارهم، لكني لم أستطيع؛ وأنا أصعد السلالم فإذا بالسيدة ريلس تنادي قائلة: ها هو جايكوب كيف حالك يا عزيزي؟!
استدرت لها قد تمكنت من تغيير لون وجهي وجعله شاحب عن طريق حبس نفسي بضع لحظات، وقلت: تسرني رؤيتك سيدة ريلس، سيد ريلس، آنسة ريلس!
قالت ليزا: هل أنا الوحيدة التي ترى شحوب وجهك؟!
قال إدوارد وقد ظهر فجأة خلف ليزا: لا يا حلوتي أنا أرى ذلك أيضاً!
قالت والدتي: لقد كنت بخير هذا الصباح بني، عد إلى فراشك ولا ترهق نفسك!
قلت ببهجة مكتومة: أعذروني ليس من اللائق أن أجهد نفسي بما قد يؤدي على انهياري في صباح رائع مثل هذا اليوم!
وانصرفت مسرعاً، وبعد فترة وجيزة سمعت طرقاً على باب غرفتي فقلت:من؟
"هذا أنا جايكوب"، فتحت الباب وإذا بليزا واقفة، ابتعدت قليلاً لأفسح لها مكاناً للدخول، دخلت لكني أبقيت الباب مفتوحاً قليلاً، جلست على فراشي متمدداً بينما هي قد جلست قبالتي في الجهة الأخرى من الغرفة بالقرب من المكتبة، قلت لها:إذاً؟!
قالت: هل أنت بخير؟! قلت مسرعاً: أنا على أحسن ما يرام!
قالت: أنا آسفة على ما حصل البارحة، لكني أرجو أن تسامح إدوارد فهو...!
قلت لها مقاطعاً: فهو مجرد شاب مغرم! قالت: كنت سأقول لم يعرف الحقيقة كاملة!
قلت: وهذا هو الغرام بعينه، صدقيني!
ثم دخلت جينا قائلة: ها أنتِ ذا ليزا؛ إدوارد يبحث عنكِ!
قالت: أظن أنه يتحتم علي الرحيل، سررت بمكالمتك جايكوب،جينا!
وهي في طريقها خارجاً التفتت إلي هامسة وأنا أقرأ شفتاها: عودة حميدة أيها البطل!
نظرت إليها نظرة خاطفة ثم أمعنت النظر إلى موضع قدمي، قالت لي جينا حينها"ألم أقل لك أن شيء لم ينتهي عزيزي"!، كانت تلك لحظة وعي بالنسبة لي، لم أعرف ماذا أقول لوالدتي وحتى جينا عندما يسألنني ماذا كانت ليزا تفعل في غرفتي، إلا أنني بقيت متكتماً قليلاً ذلك الصباح، حتى جاء وقت الغداء، تفاجأت عندما عرفت ببقاء آل ريلس عندنا إلى ذلك الوقت بإصرار والدتي، جلست مكرهاً بالقرب من إدوارد، وما إن بدأ رئيس الخدم لدينا آلفريد بتقديم الطعام، أحسست بنظرات الجميع تأكلني فقد ملأت صحني حتى تكون لدي جبل من الطعام، وهذا على غير عادتي، يبدو أنني لم أكن منتبهاً عندما غرفت الطعام لي، ناديت على آلفريد وهمست في أذنه وأمرته بتغيير صحني، بادر إلى ذلك مسرعاً، سألتني والدتي: ماذا بك اليوم عزيزي؟!
لت: لا شيء أمي، لكن 5سنوات في اسكتلندا جعلتني أغير عاداتي في تناول الطعام!
قالت جينا: لكن هذا على عكس ما قلته لي البارحة!
نظرت إليها نظرة أسكتتها، قال إدوارد متحاذقاً بلكنته الاسكتلندية المتعجرفة التي طالما كرهتها: يبدو أن الطعام في بلدي قد أعجبك جايكوب؟!
قلت: للأسف لا أعتقد ذلك؛ لديكم عادات غريبة للغاية، أمضيت السنتان الأوليتان أحاول فقط حفظ طريقة سكب شراب رخيص وليس فاخر حتى !
قال محنكاً: ظننت أن عاداتنا الغريبة هي التي أبقتك هناك 5سنوات، أوليس ذلك بصحيح حلوتي؟!
ردت ليزا مسرعة: أنا الأخرى ظننت ذلك!
قلت: كنت أحتاج الوقت لتصفية ذهني ومعرفة طريقي ليس إلا، لذلك أطلت المكوث هناك!
قال والدي ساخراً: بل مكث هناك يحاول تنظيف شباكه من الفتيات اللاتي علقن فيها، أليس كذلك بني؟!
نهضت مسرعاً من مكاني وقد انتابني شعور غريب، خليط من المفاجأة و الحنك، إلا أنني تمالكت نفسي و لم أصرخ في وجه والدي"حمداً لله"! قالت والدتي مؤنبة والدي: ما الذي دهاك هارولد!
قال السيد ريلس مؤيداً كلام والدي: ربما ما قاله والده صحيح سيدة رون، لم نسمع رد جايك في هذا الأمر؟!
قلت: أظن أن الأنثى الوحيدة التي وقعت في شباكي يا والدي العزيز هي قطتي لوني!
بهذه الجملة خففت حدة التوتر حول الطاولة لكني زدت من توتري، استأذنت لدقائق وجريت نحو دورة المياه، مضى على وجودي في الداخل فترة، خرجت وقد اصفر لوني، قال لي آلفريد: ما زلت كما كنت عزيزي، كلام والدك يصيبك بالغثيان، خذ ارتشف رشفة واحدة من هذا وسيعود لونك الطبيعي! وأعطاني زجاجة كحول، فعلت كما طلب مني وعدت إلى مقعدي متعذراً بعدد من الأعذار.
وفي فترة بعد الظهر جلست في الغرفة الزجاجية أمام البيانو الذي أمضيت وأنا أعزف عليه أسعد اللحظات، بدأت أتحسسه ببطء ثم بدأت بنغمة حزينة وتمكنت من تحويلها في لحظات من نغمة حزينة لعازف ثمل إلى لحن يلمس الحواس، أنهيت معزوفتي بالنغمة الحزينة التي بدأت بها، ثم سمعت من يصفق لي، استدرت وإذا بإدوارد قد استند على الحاجز الخشبي يدوي الصنع، ونظرته الغبية تظهر ببطء على خطوط وجهه الطويل، فقال: يبدو أنك عدت ومعك شيء مفيد!
قلت: كنت أحمل هذا قبل ذهابي وبعد عودتي!
قال: أنت جيد لكنك لست أفضل مني!
قلت: أتعني في عزف البيانو! لقد دربت نفسي بنفسي أو أنها موهبة أملكها لست متأكد!
قال: لست أعني أني أفضل منك في العزف، بل في كل شيء!
قلت: أعطني إثباتاً على ما تقوله؟!
قال: ما رأيك بـ...ليزا كإثبات؟! قلت: ليزا ماذا بها؟!
قال: لو كنت أنت أفضل مني لكانت انتظرت عودتك، لكنها لم تفعل بل اختارتني عوضاً عنك أنت، شخص جبان خاسر بإضافة إلى كونه خائن!
قلت: إذاً هذه فكرتك عني، مثير للإعجاب حقاً!
توجه حينها إلى باب الحجرة الزجاجية وأغلقه واستدار ببطء وتنهد ثم قال: بل هذه فكرة جميع البلدة عنك يا..جايكوب رون!
قلت: ما زلت غير مهتم بما قد يقوله الغير..! قال مقاطعاً وعيناه تنويان شراً: ماذا إذا عرفت أنها فكرة ليزا عنك؟! قلت: ليزا؟! لا يمكن لليزا أن تفكر بهذا الكلام ناهيك عن قوله، لا أظن ذلك يا صاح، يبدو أنني أعرف مخطوبتك أكثر منك عزيزي إدوارد!
قال وقد بدا على وجهه نظرة من رأى كنز سليمان: هذا صحيح، أنت تعرفها أكثر مني، أنا خطيبها فحسب أما أنت فكنت زوجها يوماً ما أليس كذلك؟!!!
قلت وشريط تلك الفترة من حياتي يمر كالبرق أمام عيني: لقد دام زواجنا ساعات ليس إلا لقد قاموا بإبطاله يا إدوارد، وإذا كانت هذه الساعات القلائل هي مصدر كرهك لي وتسببك لي بهذه الحروق، فاعلم أن شيئاً لم يحدث..ربما حدث قليلاً لكن ليس ما قد يدور برأسك الآن! مرت لحظة صمت وقد قمت بتمزيق قميصي أمامه إبان قولي تلك الكلمة، أخذا أحدق في وجهه أنتظر رداً ثم قال: حقاً وما الذي يثبت لي ذلك؟! قولها؟! أصدقك القول أني لا أصدقها في ذلك؟!
قلت: يمكنك سؤال المحترم الذي زوجنا! لكن كونك لا يمكنك حتى تصديق الفتاة التي تحب فكيف ستصدق ما سيقوله لك من كان في خضم كل هذا؟!
قال: يبدو أنني أعاني من مشاكل في الثقة بالآخرين!
قلت: أجل ويبدو أنها مشاكل مستعصية أيضاً!
قال: لا تراوغ، أجبني بصراحة فحسب، هل مازلت تحبها؟!
نظرت للحظة في لمعان عينيه قم تنهدت قائلاً: هربت بعيداً قبل خمس سنوات بسبب زواجنا ذاك، ظننت أن تلك الفترة ستكون كافية لينسى الجميع ما حصل، وقد حصل ما ظننت، يبدو أنني الوحيد الذي مازال يذكر الأمر كما لو أنه البارحة..!
قاطعني غاضباً: أجب عن سؤالي هل مازلت تحبها؟!
قلت: لم يتغير شيء من ذلك في داخلي، أجل إدوارد أنا أحبها! بل أنا مازلت وسأظل مغرماًَ بها!!
ساد صمت مطبق ثم صوت تنفس إدوارد المرتبك، قاطعه نداء جينا: جايكوب، إدوارد أين أنتما؟
قلت: نحن في الغرفة الزجاجية جينا!
لحظات وفتحت جينا الباب وقالت: ها أنتما، جايكوب لقد جاء عمي وليام وعائلته لمقابلتك، نحن في المرج أسرع!
قلت: أستأذنك! وانصرفت مسرعاً تاركاً إدوارد يراجع حساباته!!
أسرعت إلى غرفتي و بدلت قميصي الممزق، هرولت نحو باب المرج(الحديقة الخلفية)، تأكدت من ترتيب هندامي، وفتحت البوابة، وإذا بجميع الأصدقاء وأفراد العائلة مجتمعين وقد صرخوا:
"عودة حميدة جايكوب"! أحسست بدفء غريب يسري في جسدي، ذهبت كل مشاعر الوحدة التي كانت تتخلل كياني، كان هناك من يعزف الموسيقى ومن يقدم الشراب الفاخر والحلويات، اقتربت من عمي وليام فبادر بضمي بقوة إلى صدره؛ فأنا ابن أخيه الوحيد والمقرب إليه، ثم قال لي: لا أصدق كم تغيرت يا بني، لقد مضى وقت طويل!
قلت: فعلاً عمي لقد مضى وقت طويل اشتقت فيه إلى أحاديثنا السخيفة!
قال: ها قد عدت وعادت أحاديثنا ، نخب الأيام الخالية والأحاديث السخيفة!
وشرب الجميع هذا النخب السخيف، اقتربت من والدتي وقلت لها: منذ متى وأنتم تخططون لهذا؟!
قالت: منذ استلمنا رسالتك الأخيرة قبل أسبوع مضى، التي تعلمنا فيها بموعد عودتك!
قلت: لقد قمتم بعمل رائع، هذا جميل للغاية ولطيف! ثم ضممت والدتي وقبلت رأسها، وبعد فترة وأثناء مغيب الشمس كنا مازلنا نستمتع بوقتنا؛ مازالت الموسيقى تعزف، والشراب يقدم، حتى صرخ ابن عمي وصديقي المقرب فيليب على عازف البيانو: من فضلك اعزف لنا رقصة الفراشة! قام الجميع بتأييد فيليب، عندها سأل إدوارد ليزا: ما هي رقصة الفراشة؟!قالت: مقطوعة موسيقية مميزة تعزف في المناسبات الخاصة في البلدة، رقصتها مميزة مثلها تماماً إلا أنها معقدة.
قال: لماذا لم أسمع بها من قبل؟! قالت: منذ أن أتيت إلى بلدتنا لم يكن هناك أي مناسبة مميزة كفاية من أجل عزفها، ثم إذا عزفت فيجب علينا الرقص، ولم يتسنى لي تعليمك إياها!
قال: ومن هو أفضل راقص في رقصة الفراشة؟!
قالت بسرعة: جايكوب!!! تنهد إدوارد عندها، بدأت الموسيقى وبدأت أنا أغني بصوت منخفض، متابعاً المغني المبدع السيد غانثر بفرنسيتي المحدودة على هذه الأغنية، بدأ الجميع الرقص، لمحتني ليزا واقفاً لوحدي فقالت: ما به أفضل راقص لا يبدأ خطواته؟!
قلت: يبدو أن أفضل راقص قد فقد شريكته في الرقص!
رمقني إدوارد بنظرة غريبة، عندها سمعت من يقول خلفي: يسرني أن أساعد أفضل راقص وأكون شريكته! استدرت وإذا بها ابنة عمي المفضلة صديقة طفولتي روزي، لم ننبس ببنت شفه بل بدأنا الرقص نحاول مجاراة الموسيقى، كانت خطوات هذه الرقصة تتطلب رشاقة وسرعة في الحركة، كان الجميع يتحرك بكيفية واحدة، مع اختلاف طفيف في توقيت كل حركة، كنت أشاهد عيني ليزا تراقبان تحركاتنا أنا و روزي، كيف يتمايل كلاً منا نحو الآخر كموج بحرٍ واثق، أحسست بجسد روزي يتحد مع جسدي نتحرك كما لو أن أدمغتنا ترسل النبضات نفسها، بخطوات مدروسة، بدأنا بذلك الجزء في الرقصة حيث علينا إتمام حركة أجنحة الفراشة و الوصول على نهاية الأغنية وقد انتهى برأس كل شخص بالقرب رقبة شريكته، توقفت الموسيقى وتوقف الراقصون عن الحركة، سمعت تصفيق الجميع لي و لروزي؛ فقد تمكنا من لإتمام الرقصة دون أي خطأ وحتى ولو كان طفيفاً، أحسسنا أنا و روزي بصعوبة في قطع هذا الإتحاد الذي نتج أثناء الرقص، لكننا تمكنا من ذلك، غابت الشمس مودعة ونشر القمر ضوئه الخافت على جدران منزلنا، كان الجميع في غرفة الطعام، كان كل شيء في ذلك اليوم رائعاً؛ كنت قد عدت لتوي من مكان لم أتوقع أن أحداً قد ذكرني عندما كنت فيه ولآن كل هذا في يوم واحد، فعلاً يفقد المرء فيه الإحساس بالوقت، أمضيت نهاري في المنزل أحاول تجنب الجميع، لكن الجميع حولي الآن، بقيت خارجاً في الشرفة لبعض الوقت، وإذا بروزي قد وقفت بجانبي ولم ألاحظ ذلك حتى، كانت مثل نسمة الهواء الدافئة، عندما وعيت وقوفها قلت: يبدو أن كل شيء تغير منذ رحيلي، أليس كذلك روزي؟!
just girl
20-01-2006, 10:29 AM
أبي ألفت أنظار الأعضاء إلى وجود أغنية في كل جزء، وإلي يبي يعيش الأجواء، أغنية رقصة الفراشة هي"تخيلوا أشكالهم وهم يرقصوا": Oceano لـJosh Groban.
ومع نهاية كل جزء يحتوي على أغنية باحط إسمها عشان الأجواء.
وشكراً
just girl
20-01-2006, 10:33 AM
متأسفة باحط الأجزاء بسرعة ورا بعض؛ لأن الإنترنت عندي هادقيقتين صاير زي الفلة.
تفضلوا: الجزء الثاني:
___________________________
قالت: ربما بالنسبة إليك، لكن بالنسبة لي جايكوب، لم يتغير كل شيء!
وإذا بها قد وضعت يدها الناعمة ذات الدفء الحنون في يدي، نظرت للحظة في يدينا معاً وقد تشابكتا في هبات ذلك الليل الهادئ، لم أعرف ماذا أفعل، هل أبعد يدي أم أبقيها؟ هل أسأل روزي ماذا يجول في خاطرها؟!! فقدت كل ما كان يدور في خلدي وشدت قبضتي على يد روزي وأخذت أتحسسها بإبهامي، نظرت إلي روزي وقالت مترددة: جايكوب..أنا..!
قلت لها وأنا لا أعلم كيف قلت ذلك: أعلم ما أنتِ روزي!
أصبحت لا أتحكم بحركاتي، بكلامي، أصبحت كياناً لا إرادياً، كان الوضع غريباً؛ فروزي تعلم عن غرامي بليزا، وهاهي تخبرني بيد دافئة وكلمات مترددة عن حبها لي، أحست روزي بغرابة الموقف وسحبت يدها بسرعة من يدي وقالت: أتمنى أنك لا تشعر كالغريب في بلدتك مجدداً جايكوب، فالجميع هنا كان يساندك بصلواتهم! وضمتي مرحبة بعودتي بطريقتها المرحة وكأن شيئاً لم يكن، مضينا إلى الداخل ونحن نحاول تجنب البقاء في بقعة واحدة معاً لوحدنا، وقبل تناول العشاء، وجدت والدي وعمي قد نهضا، رفعا كأسيهما، قال والدي: أحب أن أشكر جميع من حضر اليوم وساعدنا في إنجاح هذه الحفلة لابننا جايكوب، أعلم أن رحيله قد سبب بعض الأسى و قضى على البهجة في منزلنا حينها، لكن كل شيء عاد كما يكون بعودته، أو هذا ما أتمناه، أليس كذلك ويل؟!
قال عمي: بلى يا أخي، كما رأى كل من عائلتي وعائلة أخي، أحببنا أن نتوج عودة جايكوب بشيء مميز، فها نحن الآن نفخر بأن نعلن خطوبة ابن أخي العزيز والمفضل جايكوب إلى ابنتي الغالية روزي!!!!!!!!!!! و نخب هذا الخبر السعيد!!
شرب الجميع هذا النخب بينما أنا و روزي قد أخذتنا العبرة، نظرت إلي نظرة استفهام فرددتها
بنفس النظرة، أسرعت أختي جينا فضمتني وهي تقول: تهانينا أخي العزيز!وهمست "الخاتم في جيبك"!!!
قام الجميع بتهنئتنا ونحن لا نعلم ماذا يجري"زي الأطرش في الزفة"، سمعت والدي وعمي يقولان: تعال إلى جانب عروسك المستقبلية جايكوب! فعلت ما طلب مني وقفت بالقرب من روزي وهي مازالت تسأل ماذا يجري، همست في إذنها: سوف نسألهم لاحقاً والآن ابتسمي وتصرفي كما لو أنتٍ متفاجئة وتعلمين قليلاً ماذا يجري!!!
فعلت م طلبته منها، قالت لي والدتي، أين الخاتم عزيزي؟!
قلت وقد أخرجت العلبة التي دسستها جينا في جيبي عندما ضمتني: أرجوا أن يعجبك الخاتم عزيزتي، لقد بحثت مطولاً عن رمز لحبي لكِ يليق بيديك الدافئتان!
قبلت يدها وقد أجدت لعب الدور جيداً، فتحت علبة الخاتم، فشهق جميع من كان هناك؛ كان ذلك أجمل وأروع خاتم خطبة رأيته في حياتي؛ الألماسة كانت تضيء وقد احتضنتها أحجار الزمرد، أخرجته برفق من موضعه ووضعته برفق أكبر في يد روزي المرتبكة، نظرنا نحن الاثنان إلى الخاتم وقلت: لقد أجدت اختيار الخاتم يا أمي!
فقال إدوارد: ماذا تقول جايكوب؟! قلت متداركاً الوضع: قلت أنه يبدو جميلاً للغاية على يد زوجتي المستقبلية!! وإذا بي أرى جينا وفيليب يهمسان لي"قبلها جايكوب قبلها"!!
أمسكت بخصر روزي النحيل بيد، وبوجهها بيدي الأخرى وهمست: سريعة وجافة!
قالت همساً هي الأخرى: قرأت أفكاري!! قبلتها متوتراً ، لكن طريقة لمسي لروزي أخفت توتري عن الجميع، أكملنا الأمسية وما زلت لا أصدق ما حدث، و بعد انصراف الضيوف جميعاً، جلسنا نحن وعائلة عمي نحتسي الشاي في الحجرة الزجاجية، حينها بادرت أنا و روزي بالسؤال: ما هذا الذي جرى قبل قليل بحق السماء؟!!!!
قالت والدتي: أنت تعلم أن هذا سيحدث حتى قبل رحيلك، ألم تكن؟!
هززت برأسي نافياً وقلت: لم أكن أعلم ولم أعلم حتى هذه الليلة!
قالت روزي: حمداً للخالق لم أفقد وعيي عندما قلت ذلك يا والدي!
قال عمي: هذه عادة في عائلتنا يا أبنائي، هذا كان سيحدث ومقرراً حدوثه منذ زمن بعيد!
قال والدي مشيراً نحو جينا و فيليب، في الممر المؤدي إلى مدخل المنزل، حيث كانا يتبادلان القبل، يمكنني القول بجموح قليلاً: يظن هاذان الحبيبان أننا لا نعلم لكننا نعلم وسيحدث لهما ما حدث لكما تماماً!!
قلت مقاطعاً: والدي جينا و فيليب يقيمان علاقة منذ سنتان، كانت تخبرني بذلك في رسائلها، أم كنت تظن أنها كانت تمضي ليلة السبت أسبوعياً عند صديقتها؟! الوضع بيني وبين روزي مختلف؛ نحن لم نرى بعضنا منذ خمس سنوات، خمس سنوات يا والدي!!
قالت روزي: والآن علينا التخطيط لزفافنا في خمسة أشهر؟!!
قالت زوجة عمي وهي تتبادل النظرات مع والدتي: في ثلاثة أشهر عزيزتي ثلاثة!
وافقتها والدتي، كنت أنا وروزي قد اكتفينا من كل ذلك استأذن كلانا وخرجنا، كان جينا وفيليب يتوجها نحو الحجرة الزجاجية، فقلت له: فيليب انتبه أحمر الشفاه مازال على رقبتك!
أسرع بتنظيفه بمنديل جينا، توجهت أنا وروزي نحو غرفتي؛ كان علينا أن نتناقش فيما يحصل وبسرعة!
دخلنا غرفتي وأغلقت الباب خلفي جلست روزي على طرف الفراش بينما جلست أنا على أحد المقاعد، حاولت أن أفكر في طريقة أبدأ بها كلامي لكني لم أجد، سمعت صوت ضحك روزي المكتوم استدرت وإذا بها قد احمر وجهها، قلت: ما بكِ؟!
لم تجيبني بل أطلقت العنان لنوبة الضحك التي انتابتها، وبعد أن هدأت قليلاً سألتها ما بها فأجابتني: بحق السماء جايكوب أليس ما حدث يبعث على الضحك؟!
قلت: أظن ذلك، أعني بعد خمس سنين خارج البلاد أعود نتقابل وفي الوقت نفسه نعرف أن عائلتينا قد أمنت مستقبلنا، أظن أن ذلك مثير لسخرية!
قالت: فعلاً، مازلت لا أصدق ما يحدث؛ هذا مثل القصص الخرافية!
قلت: القصص الخرافية في نهايتها تزول كل الصعوبات ويبقى شيئان، السعادة والحب!
قالت: حسناً يبدو أننا سنتطر إلى التعامل مع الواقع كما يأتينا، ثم حمداً لله؛ هل تعلم أن خطوبتنا هذه هي أفضل بكثير من خطوبة ليزا وإدوارد؟!
كانت قد شدتني بالفعل في خضم حديثها، أخبرتني أنه طلب يدها للزواج أول مرة فظنته ثملاً، ومرة أخرى ولم يكن الخاتم في حوزته، حتى تمكن من طلب يدها كما يجب عندما لحقها في السوق وسألها الزواج به أمام محل بيع الخضر!
قلت: أولهاذا يظن الجميع أن حبهما مثالي؟!
قالت: أنا من الذين يظنون أن حبهما مثالي!
قلت: ألا تعلمين؟! أنا من يأتي في منتصف حبهما المثالي يا روزي!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان شاء الله تعجبكم :D
Breash
21-01-2006, 02:27 AM
والله مشكورة اختى
قصتك عن جد حلوة ومستنين المزيد إنشاءالله
just girl
21-01-2006, 11:01 AM
مشكور أخوي Breash على مرورك وردك الكريم
just girl
21-01-2006, 11:09 AM
هذا الجزء الثالث ان شاء الله أنه يحيز على إعجاب الأعضاء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم أتوقع أن روزي ستتحدث إلي بعد ما قلته، لكنها قالت بنبرة صوت خافتة: يبدو أنك في منتصف كل شيء جايكوب وأنا على الحاشية!
بدأت عيناها الزرقاوان اللوزيتان بالبكاء بصمت، حاولت تهدئتها و الاعتذار إليها لكنها قالت: لم أتمكن قبل خمس سنوات من الحصول على جزء ولو كان صغيراً من قلبك، وحتى لآن وفي هذه اللحظة لم لأتمكن من الاستحواذ ولو على ثانية من حضورك، لا يوجد سوى ليزا في هذا العقل أليس كذلك جايكوب؟!
قلت: لم تحصلي على ثانية من حضوري بل حصلت على حياة بأكملها! ورفعت يدها لأريها الخاتم الذي شع في إصبعها، ثم توقفت عن البكاء وقالت: ربما لفترة وجيزة، لكني سأقبل بما أستطيع الحصول عليه! ضممتها إلي وقد بدأت بالابتسام، فقلت لها: حسناً سيدة رون المستقبلية، يبدو أننا تمكنا من وضع النقاط على الحروف!
قالت: أجل أظن ذلك، فرغم ما يقال عنك أنك متحجر المشاعر إلا أنك رومانسي!
قلت: أنا؟! رومانسي..! أسمحي لي لكنها إهانة للراقص الأفضل!
قالت: ظننت أن الراقصين رومانسيين؟!
قلت: هذا ما يوجد في القصص الخرافية، في الحقيقة الرومانسية بعيدة للغاية!
قالت وقد اقتربت من وجهي ووضعت يداها خلف أذني: يمكنني جعل هذه الرومانسية أقرب مما تتصور سيد رون، صدقني؛ لا تجعل عيناي الزرقاوان وشعري الأشقر تبعد عقلك عن حقيقة أنني قد أجلب كل رومانسية العالم بين يديك!
قلت: حقاً؟! أجابت" أجل!
وقبل أن أنبس ببنت شفة دخل فيليب مسرعاً دون استئذان ثم قال: آه آسف هل أقاطع شيئاً؟!
قلت: لا، لا بأس ماذا تريد؟
قال: ظننت أنني قد أكون شريكك في الغرفة هذه الليلة، ويمكن لروزي أن تبقى مع جينا؟!
قلت: عزيزي فيليب، ذوونا يعلمون بشأنك أنت وجينا فلا تقلق!
قال: هل أنت جاد، ظننت أننا نخفي الأمر جيداً!
قالت روزي: فيل، جميع قمصانك تحمل أثر أحمر الشفاه يا عزيزي!
قال: سأذهب لأخبر جينا بذلك، ويمكنكما متابعة ما تفعلانه!
قلت: لم نكن نفعل شيئاً، وداعاً!
وأغلقت الباب ثم أقفلته، قلت لروزي أنها ستنام على الفراش وسأنام أرضاً فلم ترغب بذلك ودار بننا نقاش انتهى بتقسيم فراشي نصفان، أخذ كل منا قسماً، خرجت إلى الشرفة لأفسح لها مجالاً بتغيير ملابسها، عندما أطفأت جميع مصادر الإضاءة في الغرفة لم يكن هناك سوى ضوء القمر، قالت روزي: ماذا يدور في خلدك؟!
قلت: شيئان، الأول هو ماذا سنفعل غداً بسبب هذا كله، والثاني هو...هل تشعرين بالبرد؟!
قالت: أجل، ما هو الشيء الثاني؟!
قلت وأن أدثرها بدثار آخر: إلى متى سنمثل في هذه المسرحية الخرقاء؟!!
وفي صباح اليوم التالي استيقظت قبل طلوع الشمس، خرجت إلى شرفتي، كان الجو منعشاً خلعت قميصي، كان الهواء يلامس جسدي، اشتقت لهواء بلدتي هذا، استيقظت روزي بعدي بلحظات، خرجت بجانبي وقالت: لقد حصلت على بعض العضلات المفتولة!
ابتسمت لها وقلت: أجل لقد فعلت، هل نمتِ جيداً؟
قالت: مثل الطفل بين يدي أمه!
قلت: مازال الوقت مبكراً عودي إلى النوم!
قالت: وماذا عنك؟!
قلت: سأتنزه في الحقول ثم أشاهد شروق الشمس!
قالت: لقد مللت مشاهدة شروق الشمس، سأعود إلى النوم!
بدلت ملابسي، وخرجت من المنزل مسرعاً نحو الحقول، اشتقت إلى هذا، كنت أتجول دائماً بين الكروم و حقول القمح قبل الشروق، وصلت نحو التل قبل أول خيوط الشمس، استندت إلى شجرة السنديان الضخمة هناك، تذكرت كيف كنت أمضي الوقت مع ليزا هنا، هنا تزوجنا قبل خمس سنوات، زواج دام عدة ساعات فقط، ومع بدء أشعة الشمس بالسطوع سمعت صوت خلفي"ماذا تفعل هنا؟!" استدرت وإذا بليزا واقفة، قلت: أحاول استعادة بعض من عاداتي القديمة، ماذا تفعلين أنتِ هنا؟!
قالت: لن أغير عاداتي اليومية بمجرد عودتك جايكوب!
قلت: لا أرى إدوارد معكٍ!
قالت: لا يستيقظ قبل السابعة، ماذا عن روزي؟!
قلت: غادرت قبل أن تستيقظ حتى!
قالت: آسفة لم أقل لك هذا البارحة، تهانينا!
قلت: أجل، شكراً على أي حال!
قالت: كان الأمر البارحة مفاجئاً لجميع من كان في الحفل حقاً!
قلت: وكان مفاجئاً لنا نحن أيضاً!
قالت: ماذا تعني بذلك؟!
قلت: لم أقابل روزي منذ خمس سنوات، تقابلنا البارحة منذ عودتي وإذا بذوينا قد خلقوا لنا قصة الحب الخرافية التي تتوج بالزواج و السعادة الأبدية!
قالت: رائع! لم يكن لديكما أدنى فكرة عما يحصل؟!
قلت: أجل، هذه هي قصتي الخرافية، ماذا عن قصتكِ أنتِ وإدوارد؟!
قالت: حسناً، كان قد انتقل حديثاً إلى البلدة، احتاج إلى بعض الحِلل، جاء إلى محل والدي فهو الخياط الوحيد في البلدة، رآني هناك وأصبح يأتي أسبوعياً ليبتاع حِلة جديدة، ثم قال له والدي أن لا أحد في العالم يحتاج إلى حِلة جديدة أسبوعياً فما خطبك؟! فقال إنه يفعل ذلك لرؤيتي وطلب إذن والدي لمواعدتي وافق والدي وها نحن ذا، سأتزوجه بعد أربعة أشهر!
قلت: قالت لي روزي عن خطوبتك، ليست خرافية بقدر ما حصل لي!
قالت: اجل بالتأكيد، لا أحد سيحصل له ما حصل لك أبداً!
just girl
22-01-2006, 06:40 AM
هذا الجزء الجديد، وراح يكون الجزء التالي آخر واحد، لأن امتحاناتنا تبدأ من بكرة، وراح تستمر مدة اسبوعين، أخيراً وليس آخراً شكراً على متابعتكم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدأنا بالمشي عودة إلى البلدة ثم وصلنا إلى أحد الأكواخ القديمة فقلت مبتهجاً: كوخ الراعي! لا أصدق أنهم لم يهدموه!
قالت: لا يمكنهم أن يهدموا كوخ المعجزة هذا!
سبب تسمية هذا الكوخ القديم بكوخ المعجزة أنه قبل سنين عديدة عاش راعي وحيد هنا، توفيت عشيقته بين يديه أما باب هذا الكوخ، فعكف يرعى قبرها ويزورها كل فجر، وتمنى في إحدى الليالي أن يرسل الله إليه معجزة، وفي صباح اليوم التالي في الوقت الذي اعتاد فيه الخروج إلى قبرها وجدها واقفة أمامه قد عادت إليه ملاك، ويبدو أن هناك شهود رأوها بعد وفاتها سنة كاملة، معجزة أليس كذلك؟!
دخلت ليزا قبلي، عندها وقفت على الباب أنظر داخل هذا الكوخ القديم سألتني ليزا: ما بكِ ألن تدخل؟!
قلت: من هذا المكان قبل خمس سنوات أعادني والدكِ محطم العظام إلى البلدة، لم يعيدني كما لو أنه أوصلني، بل جعلني أزحف وقد دُمي كل جزء من جسدي، مازال أثر تلك العصي على جسدي، يا إلهي أحس بضرباتها مجدداً!
قالت: لكنك بخير الآن، وتعيش حياتك! قلت: أجل أعيشها!!
دخلنا نحن الاثنان أخذت أجول في المكان ثم وقفت في ذلك المكان حيث اعتد وليزا الجلوس عنده، قالت ليزا: لقد مضى وقت طويل، الأشياء تتغير!
قلت: بعضها.. بعضها يتغير والبعض الآخر يبقى كما هو مهما حصل!
واقتربت منها ببطء فاستندت إلى أحد الأعمدة هناك، كانت تحاول أن تهمس بشيء في أذني لكنها لم تستطع، نظرت للحظات في عينيها الخضراوان، ثم قبلت شفتيها المرتعشتان، أحسست بروحي وكياني يعودان إلى قبل ست سنوات، أول يوم قبلت فيه ليزا، لم أستطع تركها و لا للحظات، وبعد فترة طويلة نهضت مسرعة من بين ذراعي، فقلت لها: ماذا هنالك؟!
قالت بتوتر وقد ارتعش جسدها: ..جايكوب.. علي العودة الآن..!
قلت: لكنها ليست السابعة بعد؟!! قالت: لا بأس علي العودة!
قلت وقد نهضت ونفضت ثيابي: أريد رؤيتك مجدداً؟! قالت: غداً في الوقت والمكان نفسيهما!
حاولت تقبيلها مودعاُ لكنها قالت: سنعود للبداية!!
ورحلت، جلست للحظات في مكاني والبهجة تعمني؛ يا إلهي محبوبتي كانت بين ذراعي!!!!
عدت إلى المنزل متوجهاً نحو غرفت، لم أجد روزي، فنزلت مسرعاً فقابلت والدتي وزوجة عمي في غرفة المعيشة فقلت: صباح الخير!! وقبلت كلاهما، قالت لي زوجة عمي: أخبرتني روزي أنك خرجت لمشاهدة شروق الشمس؟!
قلت: أجل لقد كان المنظر بديعاً، أين روزي؟!
قالت أمي: لقد ذهبت إلى السوق برفقة فيليب!
قلت: حسناً سألحق بهما وداعاً!
وصلت إلى سوق البلدة القديم، حيث يمكنك مشاهدة كل شيء من الغجر وعروضهم إلى أجود أنواع التفاح، لمحت روزي وفيليب، وبينما أنا أتجه نحوهما مررت ببائع الزهور، وقفت أتأمل تلك البراعم والأشكال الرائعة للورد، ثم قال البائع وهو رجل عجوز طيب اسمه ديان: تفضل هذه عزيزي، من أجل الآنسة رون!
وأعطاني باقة جميلة من الورد الأحمر والأبيض، فقلت: كم تريد مقابلها ديان؟!
قال: إنها مجانية عزيزي، والآن أذهب بسرعة وأعطها إياها!
شكرته و توجهت مسرعاً نحوهما، اقتربت ببطء وهدوء من وراء روزي ومددت الباقة أمامها، فرحت بها واحتضنتها بعد ذلك، كانت واقفة أمام مجموعة من المجوهرات المزيفة ذات المظهر البراق، أخذنا نقلب كل قطعة ومن واحدة إلى أخرى، إلى أن رفعت نظري وإذا بالسوق كله يحملق فينا نحن الاثنان، فهمست في إذنها: أكره قول ذلك للكن البلدة كلها تحملق، أظنك تعرفين ماذا يتطلب ذلك؟!
قالت: أجل بكل تأكيد! التفتت لها وقبتها بسرعة حتى يعود الكون للحركة، وكان ذلك مفيداً فالحقيقة، وانتهينا من جولتنا في السوق واتجهنا إلى أحد المقاهي الصغيرة ذات الطاولات الخشبية والمزهريات الفخارية، أنا وروزي وفيليب بانتظار جينا لتنضم إلينا، وبعد فترة جاءت
وهي تتعذر بأعذار واهية لتأخرها الذي سبب الملل الشديد لنا، ومن خلف الواجهة الزجاجية للمقهى كان العالم الواسع أمام أنظارنا نحن الأربعة، وأنظار العالم الواسع علينا نحن العشاق الأربعة، مع أننا في الحقيقة كنا عاشقان اثنان، لكن العقل يصدق ما تراه العين، كان الوقت الذي نقضيه نحن الأربعة معاً طويل والوقت الذي أقضيه مع روزي أطول، مع أن شغفنا بالموسيقى هو القاسم المشترك الوحيد بيننا، إلا أننا كنا نستمتع للغاية ونحن نعزف على ذلك البيانو الأبيض الكبير، وأحياناً كنت أرافقها عازفاً على الكمان، وبعد فترة ربما شهر أو أكثر بأيام، كنت ما أزال مواظباً على مقابلة ليزا صباح كل يوم عدا الآحاد حيث نلتقي في الكنيسة، كنا ننسل في بيت الراعي، وقد ارتمى أحدنا بين ذراعي الآخر، ثم بعد ظهر كل يوم أعزف الموسيقى الرائعة مع روزي، جدول يومي حافل أليس كذلك؟! ابتاع عمي بيانو آخر صغير فوضع بجانب الأبيض الكبير في الغرفة الزجاجية، حينها كنت أنا وروزي نألف المقاطع الموسيقية البسيطة، وفي عصر أحد الأيام، كنت أشعر بألم حاد بالرقبة إثر مساعدة فيليب في الإسطبل، أخذت روزي تمرر يدها البيضاء برفق على رقبتي وتساعدني في تحريرها من التيبس الذي أصابها، التفت لها وقلت: تذكرت لتوي ولا أعلم لماذا لم أذكر هذا قبلاً لكني قابلت عزف بيانو عجوز في اسكتلندا، من أصل أمريكي، علمني معزوفة رائعة تحتاج لبضع كلمات من خيالك الواسع لتغدو أجمل أغنية قد يسمعها المرء، فما قولك؟!
just girl
22-01-2006, 06:51 AM
الجزء الجديد:
ملاحظة:الأغنية إلي كتبتها روزي هي:You Raise me up لـJosh Groban.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قالت: أخيراً لجأت لي واعترفت بمقدرتي على تأليف الأغاني، أليس كذلك عزيزي؟!
قلت: لم أشك يوماً في مقدرتك! صدقيني، والآن هل ستكتبين الأغنية أم أستشير جينا؟!
قالت: وكيف تظنني سأكتب أغنية دون سماع اللحن أيها الذكي؟!
قلت متداركاً: آسف! هاهي الموسيقى قادمة! وبدأت أعزف تلك الألحان، كنت قد حفظتها عن ظهر قلب، وبعد أن انتهيت كانت روزي قد سرحت بعيداً بين الكلمات والمقاطع فقلت: حسناً ما رأيك؟! ردت وهي تنظر إلى تلك السماء الزرقاء: تلك أجمل وأروع معزوفة سمعتها! ثم التفتت مردفة: لماذا لم يكتب مؤلفها كلمات الأغنية؟!
قلت: نسيت إخبارك، لقد توفي قبل أن يتمكن من فعل ذلك!
قالت: لا بد أنه كان رجلاً مميزاً، أليس كذلك؟!
قلت: كان أكثر من رجل مميز، كان..آخ..شيء لا يوصف! أين وصلتٍ في الأغنية؟!
قالت: لدي الكلمات المناسبة تماماً!، وما إن حل وقت العشاء حتى كانت الأغنية جاهزة، وفي وقت الشاي عزفناها أنا وروزي، وقد بدأت الغناء للمرة الأولى في حياتي وفي بعض المقاطع شاركتني روزي، وما إن انتهينا، حتى أخذت عائلتينا بالتصفيق، فقالت زوجة عمي: عليكما غنائها غداً، في نزهة الكنيسة، ما رأيك عزيزي ويليام؟!
قال عمي: أوافقكٍ الرأي عزيزتي، عليكما ذلك!
وافقناهما ونحن مفعمان بالبهجة، وفي عصر اليوم التالي، كانت لنا فقرة مخصصة من فقرات تلك النزهة، كان هناك بيانو أبيض باتجاه بيانو آخر باللون الخشبي، جلس كلاً منا أمام بيانو، ورافقنا فيليب في العزف على الكمان، بدأنا العزف والغناء والجميع قد شعر بنشوة الموسيقى تستقر داخل جسده، كانت من الأغاني الجميلة التي تتكلم عن الحب المخفي وراء الكلمات، كانت روزي ذكية للغاية في اختيار الكلمات، استمتع الجميع هناك ما عدى ليزا وإدوارد؛ فليزا كانت تراقب حركاتي أنا وروزي، وتواصلنا بالنظرات، وإدوارد كان يراقب حملقة ليزا فيًّ، كان يوم رائعاً فعلاً، ليزا بدأت تغار قليلاً!!!!
وفي تلك الليلة حضر لنا ألفريد عشاء رومانسي لشخصين، حيث أشعل ناراً وفرش ملاءة ووضع دثاراً، و زجاجة من النبيذ الأحمر الفاخر، جلست أنا وروزي نحدق في السماء الرائعة، النجوم في كل مكان و قد اكتمل القمر، كانت فهلاً من أجمل الليالي المقمرة؛ هواء ذو نسيم بارد، نار تتوهج بالقرب منا، ونحن الاثنان فقط، وبعد العشاء الذي تكفل به ألفريد، ينقل الصحون من المرج إلى المطبخ ومن المطبخ إلى المرج، مددت جسدي واستندت إلى تلك الشجرة العملاقة، ساعدت روزي في تدثيرها، ثم استلقت ورأسها في حجري، كنت أداعب خصلات
شعرها الشقراء التي أمست ذهبية كالذهب الخالص على ضوء النار، مع أنني لوحدي مع روزي إلا أن طيف ليزا كان يتراقص أمامي في وهج النار، كنت أرى ليزا في وجه روزي، مع هذا الفارق الكبير بينهما لكن...لا أعلم، فروزي نحيلة بطريقة طفولية، وجهها بريء للغاية تزينه خصلات شعرها الأشقر التي تمتد لتغطي عيناها الزرقاوان الداكنتان ذوات الشكل اللوزي، مرحة بشكل لطيف مثل لحن تعزفه بسعادة على البيانو الأصلي العريق، أما ليزا فهي ذو جسم نحيل بشكل أنثوي أكثر، فتاة صهباء، خصلات شعرها الأحمر الزاهي المتموج دائماً ما تكون بعيدة عن وجهها، عيناها خضراوان زاهيتان، فتاة رزينة ومتجددة مثل عازف كمان مبتدئ، عليه أن يتعلم كيف يتعود على كمانه بين يديه قبل أن يعزف عليه أول ألحانه المتغيرة قبل أن تثبت على نمط واحد، لكن...مازلت لا أعلم، أغمضت عيني للحظات، ثم وجدت روزي قد استسلمت للنوم في حجري كطفل صغير، أخمدت النار بالتراب، دثرتها جيداً وحملتها متوجهاً نحو المنزل، دخلت فأقبل عليّ فيليب قائلاً: كنت أنا وجينا سننضم إليكما الآن!
قلت هامساً: انضما إلينا غداً، طابت ليلتك!
قال: وليلتك!!
وضعتها على فراشي برفق، وغطيتها بأغطية السرير، ثم فاقت قائلة والنوم يغالبها: آسفة؛ جعلتك تحملني إلى هنا!
قلت: لا بأس والآن، عودي إلى النوم!
أغمضت عينيها بينما بقيت في مكاني أحدق في وجهها وتفاصيله، فلم أجد نفسي إلا وقد ضممتها بدفء و أنا أقبلها، مدت يدها بلطف حول عنقي، ضممتها أكثر بحيث أتحد جسدانا في تلك اللحظة، لم أستطع تركها، اختفت ليزا للحظة من كياني، شعرت بحب روزي النقي الطاهر يطرق أبواب قلبي لكن هناك من يتحكم بمفاتيحها،... ليزا!!
رفعت جسدي ببطء من فوق جسدها الذي سلمته تماماً للأقدار، واتجهت لنهاية السرير في الناحية المظلمة، رفعت جسدها وقالت:جايكوب..ماذا هنالك؟!!
قلت وقد تصبب العرق عن جبيني، وضاق تنفسي: أنت تعلمين بخروجي كل صباح للتل أليس كذلك؟! أومأت برأسها موافقة، فأردفت متوتراً: لا يمكنني الكذب بعد الآن.. لا يمكنني..!
قالت: جايك ماذا هناك؟! أنت تخيفني؟!
قلت: أنت تعلمين بخروجي صباحاً لكنكٍ لا تعلمين ماذا يحصل حينها...روزي.. أقابل ليزا كل يوم صباحاً؟!
عندها ارتسمت نظرة شاحبة على وجهها وهي تقول: وماذا يحصل حينها؟!
حاولت قول الحقيقة، صدقوني حاولت لكني لم أستطع، فقلت لها وقد جف حلقي: لا شيء! نجلس نحدق في الفراغ؛ لا نعرف عما نتكلم ولما نتكلم!!!!!
أحسست أن روزي لم تصدق ما قلته أخيراً، ثم قالت: ما..ما الذي تملكه ليزا..ولا أملكه أنا..أجبني بصراحة؟!
كانت الإجابة واضحة وعلى طرف لساني لقوله"قلبي"، لكني تراجعت وقلت: لا ترغمينني على الإجابة روزي أتوسل إليكِ!!
قالت وقد انسكبت دموعها كنهر يحرق وجنتيها الناعمتين: لكني أريد هذه الإجابة؛ أحتاجها جايك أتوسلك؟!
قلت: ...أظن أنه علي الذهاب!!! وانسحبت مخفي دموعي التي انسكبت حسرة على حال روزي، على ما فعلته بها، خنت حبها الذي لم أختبره؟! خنت ثقتها بي؟! أم خنتها هي؟! خنت روحها وكيانها؟! لقد ضعت تماماً في تلك اللحظة، هربت مسرعاُ نحو غرفة جينا، طرقت الباب بقوة، كهارب من قطاع الطرق، حيث لم يكن الهارب سواي وقطاع الطرق سوى أنين روزي حسرة على لحظات عاشتها!! فتحت جينا الباب مسرعة فقلت لها والدموع تحرق قلبي بدلاً من وجهي؛ خنت من وثق بي وذكرني طوال سنين هربت فيها ممن أحببت وحنث بوعده لي: جينا أين فيليب؟ أحتاج لتحدث معه حالاً؟!
- ماذا يحصل أخبرني جايك؟! قالت فزعة، قلت: فقط أين فيليب؟!
خرج إلي فيليب مسرعاً، فسحبته معي خارج المنزل، جلست بجواره فسألني عن حالي فأخبرته بما أخبرت روزي، وقلت له الحقيقة كاملة، فما كانت ردة فعله سوى انه وجه إلي صفعة بقوة على وجهي، وقد اشتعلت عيناه غضباً، ثم أخذ يصرخ وعيناي مباشرة إلى عينيه: أهكذا تفعل بها؟! هذا ما تفعله بروزي بعد أن انتظرت عودتك بفارغ الصبر طوال خمس سنوات، أهكذا تفعل بمن كان الوحيد الذي ذكرك طوال غيابك في البلدة، أهكذا تفعل بشقيقتي الصغرى جايكوب، أم هكذا تفعل بحبها النقي الذي لا تستحقه؟!! هل تريدني أن أقتلك أم ماذا؟! هل تريدني أن أفعل فيك ما فعله والد ليزا قبل هروبك وبعد زواجك منها؟! أن أحطم كل عظم في جسدك؟! ومازلت تحب تلك الفتاة؟! لا أعرف كيف تتخذ قراراتك أيها الوغد؟!
قلت وقد اكتفيت من سكب دموع هذا القرار الذي كان لابد من اتخاذه: هل تعرف الشعور كونك ضائع في غابة، طريقان، أحدهما يوصلك سالماً والآخر يقضي عليك؟! هذا هو شعوري؛ روزي تحبني و أنا كل ما أراه فيها عندما أقبلها أمام البلدة سوى زميلتي في تمثيل المسرحية الخرقاء التي ألفها ذوونا، وأحياناً وجه ليزا عندما أنظر لها، لكن قبل لحظات أحسست بدفئها بين ذراعي، أحسست بحبها كسيل جارف، وليزا هو السد الذي يصده عن قلبي، ليزا؟! ماذا عنها؟ إنها الفتاة التي أردتها دائمة، زوجتي، قبل خمس سنوات اتخذت قراري وانظر عاقبته، عدت وإذا بفتاتان تحبانني وواحدة أبادلها الحب، و إحزر أي طريق هي ليزا؟! الطريق الذي يقضي علي، ألهذا اخترته حباً بالمغامرة كظنك؟! لا وبالتأكيد لا اخترتها لأنها هي التي لم تنتظرني، اخترتها لأنها ليست من ستتحطم بعد أن تراني بحقيقتي، لأنها تملك بديل، إدوارد، لكن انظر إلى روزي، ماذا إذا اخترت أن أغرم بها؟! ماذا كان سيحصل؟!
قال: كانت ستعيش أمنية عمرها بأن تكون في أحضانك وأنت تغمرها بحبك لا هي تغمرك بحبها، كنت ستبقى لتشهد بحبي لجينا وتكون إشبيني يوم زفافي، كنت لتعرف قيمة العائلة...!!!
قلت: انتظر، أكون إشبينك يوم زفافك، ماذا تعني؟!
قال: لهذا لم أخبرك أني وجينا تزوجنا سراً قبل مجيئك بشهر، والدتك و والدتي فقط من يعلمان، أنت غارق من رأسك إلى قدميك بليزا، حتى خبر كونك ستبح خالاً لن ينفع!
قلت: انتظر أتعني انك وجينا متزوجان، وأنكما سترزقان بطفل؟!
قال: أجل! كنت بعيداً للغاية وأنت بيننا ومازلت، تخل عن ليزا جايك أرجوك تخل عنها!
ثم تركني وقد غرقت في بحر تلك اللحظات التي خسرتها، دخل ليبقى مع زوجته وطفله غير المولود بعد، وأنا في برد تلك الليالي، وخطيبتي تبكي خيانتي لها، و محبوبتي بين ذراعي خطيبها، يا إلهي، أتوسلك ساعدني!!!!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع تحيات أختكم الشاكرة صبركم:just girl :)
just girl
02-02-2006, 06:57 PM
هاي هذا آخر جزئين من القصة متمنية إنها لاقت إعجابكم:ciao:
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
لم أعد في تلك الليلة إلى داخل المنزل بل ذهبت إلى المدينة وأمضيت الليلة داخل إحدى الحانات الرخيصة، أحتسي ما يفوق وزني من الكحول، استيقظت صباحاً وأنا مازلت أمام المشرب وكؤوس الويسكي التي يفوق عددها العشرين أمامي، قال الساقي لي أنه عليه التنظيف أي أنه طردني بطريقة لطيفة، خرجت وأنا في حالة مزرية، لم أعرف أين أذهب، هل أعود للبلدة، أم أبقى هنا عدة أيام، وبينما أنا هائم في الشوارع و الأزقة، لمحت ليزا وإدوارد وهما خارجان من متجر لفساتين الزفاف، حاولت تغطية وجهي بإحدى الجرائد لكن إدوارد رآني، توجه الاثنان نحوي، حاولت ترتيب هندامي وابتسمت، سلمت عليهما، وقبل أي كلمة أخرى، قال إدوارد: ما الذي أتى بك للمدينة؟!
قلت: لا أعلم ربما أردت التنزه قليلاً!
أومأ إدوارد برأسه وأخذ يتصفح الجريدة، همست في إذن ليزا قائلاً"لقد أخبرت روزي"!!!
ارتسمت تلك النظرة الغريبة على وجه ليزا، وتبادلت معها تلك النظرة لثواني وأنا أقطع الشارع متوجهاً إلى إحدى سائقي العربات، دفعت له أجرته ليقلني إلى البلدة التي تبعد نحو ساعتان من المدينة، حظيت بوقت كافي للتفكير، وقررت ما إن أصل إلى منزلنا سأحاول الوصول إلى حل مع روزي!!!
وبينما أنا على حالي كانت ليزا مع إدوارد عائدان أيضاً وهما في تلك العربة الفاخرة، قال لها: أعرف أن هذا لن يعجبك لكن، رائحة الشراب الرخيص علقت على ملابسي منذ مصافحتي لجايكوب!
قالت محتجة: مع هذا نحن لا نعلم سبب وجوده في المدينة!
قال: أنا أعلم، يبدو أن والده قد طرده من المنزل!
قالت: لا أظن ذلك كانت علاقتهما على خير ما يرام!
قال: مازال يرتدي بذلته من النزهة البارحة، و رائحة أنفاسه كريهة للغاية، شعره أشعث وقد فقد لون بشرته حتى صار أشبه بالأموات، هذا يترك لنا خياران، إما أن والده طرده من المنزل أو أنه تشاجر مع مخطوبته!
عندها أخذت ليزا تحملق في الفراغ لثانية، قل أن تنقاد لإدوارد الذي أخذ يداعبها بقبلاته الدافئة المليئة بحبه المخفي وراء وجهه الطويل ذي النظرة الغبية و كلماته المخفية وراء لكنته الاسكتلندية المتعجرفة!!!
وصلت إلى بوابة البلدة، أخني التردد لثانية ثم سرت مسرعاً نحو منزلي، دخلت من الباب الخلفي، ففاجأتني جينا التي وقفت تحملق من نافذة المطبخ، وهي تقول: لم أتخيل أنك تفعل ذلك!
لم أتخيل أخي الأصغر الذي يأخذ الفتيات اللاتي يواعدهن إلى رحلة في النهر تحت ضوء القمر في الموعد الثاني دائماً!!لا أصدق..فقد..!
قلت وقد ضممتها بحذر لصدري: أنا نفسي لا أصدق ذلك!
ثم قالت وقد دفعتني ببطء بعيداُ: لكني أصدق أن طفلي يكره رائحة خاله المزرية!
فقلت وقد ابتسمت ابتسامة الأسى على حالي: أنا أيضاً صدق ذلك! أين روزي؟!!
قالت: إنها في الغرفة الزجاجية مع والدتي!
توجهت مسرعاً نحو الغرفة عاقداُ العزم على وضع حد لكل شيء، توقعت أن روزي ستلقي الخاتم الماسي بوجهي فور رؤيتي، لكنها تملكت نفسها أمام والدتي وأمها، عندها قالت أمي: كنا سنذهب اليوم على الآنسة رودينغ من أجل فستان الزفاف، أردت أن تكون على علم بذلك عزيزي!
قلت: حسناً، روزي هل يمكنني الحديث معكِ؟! على إنفراد؟!
أومأت برأسها، ونهضت سحبتها من يدها إلى الممر، ضممتها بقوة كبيرة إلى صدري وأنا أقول: فرصة..هذا كل ما أحتاجه لأصلح كل شيء مجرد فرصة أرجوكٍ؟!
قالت: فرصة، كل ما تحتاجه هو فرصة؟! لقد أخبرني فيليب، أخبرني جايك، بكل شيء أتعرف ذاك الشعور؟! أتعرفه؟!
قلت وأنا مطأطئ الرأس: كما لو أنكِ تسيرين في نفق مظلم، ولا ترين النهاية، وفي منتصف هذا النفق يجتاحك السيل الجارف و يعيدكِ إلى البداية، لا يمكنني المضي قدماً دون المساعدة روزي، وأنا أطلبها منكِ، أرجوكِ أتوسلكِ؟!
قالت: لا يهمني إن كانت ليزا هي من ملكت قلبك طوال تلك السنين، لكني أنا الأخرى أطلب فرصة، بل أتمناها وأدفع حياتي بأكملها ثمناً لها، هل تعطيني إياها؟َ
قلت: أقسم بحباتي وحياتك، أريد أن أحبكِ، بل أريد أن أقع في غرامك وأن أتلذذ في بحره لبقية حياتي، لكني أحتاج إلى الوقت، مجرد الوقت!
رأيت تلك النظرة تعود لتتربع على وجه روزي، فعرفت أنها سامحتني، ربما ليس كلياً ولا أظنها تستطيع لكن قليلاً كما أتمنى!!
ضممتها برفق وأنا ألمح جينا قد ابتسمت لي عند نهاية الرواق، في ذلك اليوم ذهبت مع أمي
وزوجة عمي برفقة روزي إلى متجر الآنسة رودينغ، صاحبة أجمل ثياب الزفاف اقتباسا من قول نساء البلدة، ألقينا نظرة على بعضها، و اختارت روزي إحداها دون أن أعرف أيها، ملتزمة بالعادة التي تقضي أن لا يرى المرء خطيبته في فستان الزفاف قبل المراسم وإلا كان ذلك فأل سوء!!توجهنا إلى عدة محلات بيع زهور، ثم إلى خياط والد ليزا لأجل بذلتي الرسمية التي تركت أمر اختيارها لروزي، توجهت إلى أحدى الزوايا في المتجر حيث وجدت تلك البدلات العسكرية القديمة، السيف مع الأوسمة والمسدس المنقوش، كانت بذلة رائعة، ناديت روزي التي أعجبت بإحداها واختارت واحدة من أجلي وأخرى من أجل عمي ووالدي، أمضينا اليوم في السوق من أجل التخطيط للزفاف، ثم عدنا ليلاً إلى المنزل، جلست روزي في الشرفة الداخلية المطلة على حديقة والدتي التي تمارس فيها البستنة من حين إلى آخر، وقفت إلى جانبها في صمت للحظات، ثم قالت: بدأت الرياح الباردة بالهبوب!
just girl
03-02-2006, 08:09 AM
هذا الجزء الأخير وأتمنى ختامها مسك وشكراً:)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلعت معطفي وألبسته إياها، ثم جلست بجانبها فوضعت رأسها في حجري وقالت: رأيت فستان زفاف ليزا، إنه لطيف فعلاً!
قلت: حقاً؟! لكني ظننت الآنسة رودينغ مشغولة في الوقت الحاضر لذلك لن تستطيع بدء العمل على إصلاح فستانك حتى نهاية الشهر المقبل؟! "أحاول التصرف بقلة علم قليلاً"!
قالت: لقد ابتاعته من المدينة، إنه لطيف لكنه ليس بجمال الفستان الذي اخترته!
قلت: وأي واحد قد اخترتي؟! "أحاول أن أستدرجها للإجابة"!
قالت: الـ...لحظة واحدة لن أجيبك! لقد اكتشفت حيلتك؟! ثم أخنا بالضحك معاً، وبعد لحظات استلقيت على الأرجوحة الخشبية وقد استلقت روزي بجانبي، كانت دافئة مثل نسمات صباح ربيعي، منعشة مثل رائحة الغابة في الخريف، وغامضة مثل الغابة الثلجية في بداية الشتاء،
قبلت رأسها وأخذت أداعب شعرها وأشمه، لا أعرف ما الذي شعرت فيه روزي حينها لكنها انسحبت ببطء وجرني معها إلى غرفتي، دفعتني داخلاً وأغلقت الباب، اقتربت بانسيابية الغدير بعد المطر، فلم أشعر بها إلا بين ذراعي وروحي تلامس روحها، لا أتوقع أنها ستصبح أجمل مما كانت، تتهادى بين ذراعاي كما لو أنها تتراقص على أنغام موسيقى الحب، كنت أقبل رقبتها ووجنتيها الناعمتان، داعبت شفتاها بإبهامي ثم قبلتهما ببطء محير ابتسمت لي وجرتني إلى فراشي حيث ولد جوهر حب دافئ لا يمكنني الإقرار بالشعور الناتج عنه بين طيات قلبي المغلق!!!!
لا يمكنني تحديد المدة التي قضيتها منذ تلك الليلة وأنا أصارع حبين، لكن الوقت مضى مسرعاً، وقد كان أبرز أحداث تلك الشهور الثلاثة رائعة؛ حيث تقدم فيليب لطلب يد جينا وتزوجا بعد أسبوعين من ذلك، دون مبرر آخر عدا أن حبهما يستوجب ذلك، كنت أقابل ليزا أحياناً في البلدة فننسل ننحن الاثنان إلى أحد الأزقة ونتبادل عدة قبل ثم نتابع يومنا كما لو أن شيئاً لم يكن، حتى جاء يوم زفاف ليزا كان المكان جميلاً، وقفنا تبجيلاً للعروس وهي تعبر الممر في الكنيسة برفقة والدها الذي سيقدمها لإدوارد، كم كنت أتمنى أن أكون مكان ذلك الاسكتلندي المتعجرف، ألقى الاثنان عهودهما وألبسها الخاتم كما فعلت هي الأخرى، كنت في عالم آخر طوال المراسم حتى سمعت الأب يقول: والآن أعلمكما زوجاً و زوجة، يمكنك تقبيل العروس...سيداتي سادتي أقدم لكم للمرة الأولى السيد والسيد إدوارد والاس! صفق الجميع لهما وهما يعبران ممر الكنيسة كزوج وزوجة، وبعد ذلك تمكنت من مصافحة إدوارد في حفل الاستقبال قائلاً: تهانينا إدوارد، وأنتِ أيضاً سيدة والاس!
قالت وهي تبتسم: شكراً لك جايكوب!
قالت ليزا: أتمنى أن يكون زفافي بعد شهر من الآن بمثل جمال زفافك عزيزتي ليزا!
قالت: أنا متأكدة أنه سيكون أجمل!!
قلت: حسناً إدوارد كن متأكداً أنك ستكون إشبيني الثاني؛ ففيليب هو إشبين الشرف!! "قلت ذلك لتملقه"، فرد الآخر متملقاً: سيشرفني ذلك جايكوب!
ومر الحفل وفي نهايته، اقتربت من ليزا وقلت: قابليني عند الجسر، الليلة!!
كان ذلك مفاجئاً لها، ثم طلبت من روزي أن تراقصني وبدأنا الرقص للأغنية الأخير في الحفل قبل أن ننصرف، عاد الجميع من الحفل الذي طال انتظاره، وفي منزلنا سألت روزي: أين جايكوب لقد كان خلفنا قبل لحظات؟!
قال فيليب: قال إنه ذاهب عند الجسر لديه ما ينهيه حسب قوله!
قالت جينا: عند الجسر؟! ماذا لديه هناك؟!
قالت روزي: أنا أعلم! كان قد اختلج شعور في صدر روزي أنني سأقابل ليزا فأسرعت نحو الجسر حيث كنت أنتظر، ظهرت ليزا من بعيد وما إن اقتربت حتى توقفت على بعد أمتار مني، لم ترى في عيني النظرة المعتادة هذه كانت مختلفة، لم يهمني ما فهمته منها بالضبط لكنها توقف بعيدًا عني، حاولت البدء في الحديث قائلاً: لقد..طلبت...!!
عندها ظهر إدوارد وأطلق النار علي من بندقيته وأرداني أرضاً، فلم أسمع سوى صراخ روزي وهي تتقدم نحوي وهي مرتعبة، جثت علي لا تعلم ماذا تفعل، أتذكر سماع صوت إدوارد يهدد ليزا ويصرخ" أتظنين أني سأقبل بخائنة أن تكون زوجتي؟!" ومن هذا القبيل، لكني احتجت لتلك الرصاصة، فقد رحلت ليزا عن حياتي! نعم لقد اختفت فلم يكن هناك سوى حب روزي النقي! الحب الذي طالما انتظرت ليجرف زنزانات قلبي المغلقة ويحرر طياته، كنت قد لطخت كفي بدمي، رفعت يدي لوجه روزي ومسحت دموعها بيدي الملطخة وأنا أنّ قائلاَ: روزي...أحبكِ...أرجوكِ سامحيني! أحبكِ..روزي؟!
قالت وهي تنتحب بقوة: سامحتك يا حياتي! سامحتك، أرجوك لا تتركني، لا تتركني الآن! أنت حب حياتي، لا تتركني؟!!
عندها غبت عن الوعي ولم أستيقظ إلا في المشفى، كانت روزي وعائلتي تنتظر في الرواق ما إن خرج الطبيب حتى ارتمت عليه روزي وقد تلطخت ثيابها بدمي، قال الطبيب وهو مطأطأ الرأس: لم نتمكن من إخراج الرصاصة؛ إن إخراجها سيزيد نزيفه سوءاًً...!
قالت وهي تبكي: إذا ما الذي فعلته؟! ما الذي كنت تفعله طوال الليل هناك أيها الطبيب؟! تنتظر أن ينزلق من بين يديك لتأتي وتعزيني على خسارتي؟!...ما الذي كنت تفعله؟!!!
أخذت جينا تواسي روزي، فقال الطبيب: إنه مصاب بالحمى، لا يوجد ما نفعله من أجله، يمكننا نقله إلى المنزل، آنسة رون، أنا أسف لكنه لا يملك سوى عدة ساعات!
دخلت روزي حيث كنت، جلست إلى جانبي وهي تمسح دموعها، وتقبل كفي وجبيني المحموم، فتحت عيني ببطء وقلت: روزي؟!
قالت: أجل حبيبي أنا هنا.. أنا هنا من أجلك!
قلت: اقتربي إلى جانبي، أحتاجكِ الآن!
قال وقد جلست بالقرب من رأسي: بل أنا أحتاجك أكثر أرجوكِ!
أخذت أقبلها ودموعها قد إنسابت على وجهي، وأنا أقول: لا تبكي يا حلوتي لا تبكي!
قالت: كيف لا أبكي وأنت تنزلق بعيداً كل لحظة تمر أخسرك فيها؟!
قلت: أنا أعرف أنني سأرحل، وأنا موقن أنكِ ستظلين تحبينني طوال حياتك.!
قالت: أجل! أجل بالتأكيد جايك بالتأكيد سأحبك طوال حياتي!
قلت: إذاً وافقي على هذا، أريد الزواج منكِ غداً؟!
قالت: بل اليوم عزيزي، أخاف أن أخسرك بقدوم الغد!
قلت: أجل اليوم..اليوم يا حبي!
عندها أغمضت عيني حتى المساء عند غروب الشمس، في كنيسة البلدة، ساعدني والدي وعمي وفيليب في لبس بذلتي، بينما أمي وزوجة عمي وجينا مع روزي، كان كل شيء مرتب على إقامة الزفاف بعد شهر من الآن، لكن القدر لم يرد ذلك!!
كانت البلدة بأكملها هناك، وصلت العروس، نهض الجميع، كانت برفقة عمي، مثل ملاك بل
وأجمل، ما إن رأيتها حتى امتلأت عينانا نحن الاثنان بالدموع، انتهت المراسم بسرعة وكذالك حفل الاستقبال، وعندما بقي نحن الاثنان فقط، كنت في الجنة فعلاً، لم نتباعد قط عن بعضنا تلك الليلة، نتبادل القبل والحب الحقيقي يحفنا، تمكنت أخيراً من ضم روزي دون أن يكون هناك أحد آخر، كانت أجمل ليالي الحياة، وفي صباح اليوم التالي استيقظت روزي وهي بين ذراعي، تتحسس وجهي ذراعاي، لا شيء!!!!!!!!
وضعت رأسي في حجرها وأجهشت بالبكاء، وأنا أراقبها من السماء، أحس بأنينها وبرود جسدي على صدرها، بقيت على هذا الوضع لساعات، ثم نهضا قبلت شفتاي الباردتان وذراعي وخاتم الزواج الذي لم أسعد كفاية بوجوده في إصبعي، طرقت باب غرفة جينا وفيليب، خرج فيليب وقال: ماذا هناك روزي؟!
قالت: جايكوب، لقد رحل...رحل بعيداً عني!!!!!!!!!
كان الشعور غريباً أن ترى جنازتك من حيث أنت في السماء،أن تراقب و أن ترى الجميع يبكي على فقدانك، وأن ترى حب حياتك يبكي دموع الحزن بعد أن كانت دموع الفرحة، راودني ذلك الإحساس الذي ينتج عن وعد لا يمكن الوفاء به، جعلت روزي تعدني أنها ستنسى كل شيء وتكمل حياتها لكنها...لكنها حملت في أحشائها ما سيذكرها بي مدى الحياة... جايكوب لندن رون الابن!!!
uae killer
03-02-2006, 08:47 AM
1. its a nice story
2. youer hand writing is small tray to make it bigger
just girl
03-02-2006, 09:26 AM
thanx a lot for all that uae killer just thanks
جميع حقوق برمجة vBulletin محفوظة ©2025 ,لدى مؤسسة Jelsoft المحدودة.
جميع المواضيع و المشاركات المطروحة من الاعضاء لا تعبر بالضرورة عن رأي أصحاب شبكة المنتدى .