المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مذكرات كاتبة في طهران



الحكمة العابرة
07-02-2006, 06:31 AM
السلام عليكم
أقدم لكم حلقات المتواضعة على أمل أن تعجبكم

اليوم الأول

الثلاثاء الموافق 27/4/2004

كان صباحاً غائماً وحزيناً ، فقد أعددت العدة للرحيل إلى طهران في 27 ابريل عام 2004 ، إذ جاءتني دعوة ثقافية من جامعات طهران وبدعوة جماعية لأساتذة أفاضل كي ألقي محاضرات في الأدب العربي والحديث عن آثاري الغرض منها اكتشاف معالم موهبتي والتعرف علي عن قرب.

الدار بدت موحشه فالأولاد يستعدون في ثقل وتباطؤ للذهاب إلى المدرسة ، ودعوني بوجوه حزينه فالأول مرة في حياتي أفارقهم فقد اعتادوا كل صباح صوتي وحيويتي وأنا أوقظهم من النوم ، حركة وضجه في الدار كل يوم .. الصباح هذا ساكن ومنطفئ تحاملت على نفسي وأفضيت لذاتي أن في هذا الفراق درس لي ولهم لنتعلم الاعتماد على النفس ولنتعالى على عواطفنا السخية ، قبل الرحيل كنت أعاني من أسبوع شاق فتحضير محاضرات بهذا الثقل احتاج مني التردد على الجامعة قسم الآداب والبحث في المصادر واستخراج بعض المعلومات من رابطة الأدباء ، عشت أيام صعبة ما بين قلق وشرود وخوف فأولادي سأتركهم في فترة امتحاناتهم وحاجتهم إلى قربي ، إضافة إلى أن هذا النشاط سيأخذ من جهدي وأعصابي الشئ الكثير ، فقد كنت أعد بروشور للطلبة ، وأجهز كمية كبيرة من الكتب لأنقلها معي ، إضافة إلى مجلات العصر إ قمت بعدة أدوار في هذه الرحلة ، أديبة ، وصحافية ، وباحثة اجتماعية ، وخبيرة في التعليم .. كانت متطلبات جسيمة لكني بطبعي أحب مواجهته الصعاب وتحدي المستحيل .. كانت تشغلني مسألة التحاور مع الطلبة باللغة العربية فهم طلبة آداب اللغة العربية وحتماً سأتحدث بلغة يفترض أن تكون مفهومة لهم ، رغم كل المؤشرات الإيجابية في هذه الرحلة إلا أن الأجواء غير واضحة بالمقدار المريح لي ، فالمستقبل غامض، إذ أتتـني الدعوة بهذا الحجم الكبير من المسؤوليات ووقتي ضيق جداً كيف أستطيع التوفيق بين هذه المهام في وقت واحد.



الأستاذة (سهيلة محسني) التي حضرت رسالة الماجستير بتفوق حول نقد آثاري الأدبية قدمتني إلى الأساتذة نموذجاً نادراً في الأدب الإسلامي الملتزم والدعوة كان لها ترتيب وتنسيق مسبق كي أقدم شخصيتي ورواياتي بالتفصيل كان الأمر ممتع بالنسبة لي .. حدثتني في الهاتف أن الأساتذة شغوفين ، متلهفين لمعرفتي واكتشاف هذا النموذج النسائي الذي استطاع أن يبدع كل هذا الكم الكبير من الكتب في فترة قصيرة وبظروف عائلية محافظه بعض الشئ ، إنني قادمة إلى عالم يتعطش للمعرفة وللأسف بلدي الكويت وقنوات الثقافة المتمثلة برابطة الأدباء والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب حجبوني عن العالم ، حجبوا كتبي عن الظهور في المعارض ، فلم يكن يعرفني الشعب الإيراني بالمقدار المطلوب اللهم الشكر الجزيل لله سبحانه حيث أطلق العنان ليد القدر كي ينسج لي أولى خيوط الفجر لأتدفق بهذا العطاء وبتلك الروح الإيجابية ، سأكسر الأسوار وأخترق الصمت وأنذر بولادتي من جديد ، هذا الصباح كانت مشاعري مضطربة ، مرتبكة ، ابنتي الصغيرة ياسمين مع الخادمة سترافقاني في هذه الرحلة ، أخذني زوجي إلى المطار .. رذاذ خفيف من المطر يتساقط على نوافذ السيارة ، كنت شاردة ، متوترة أوصي زوجي بالأولاد ، وكان يطمئني ويلقي في قلبي السكينة والأمان ، الحقائب كانت ثقيلة جداً فقد أشبعتها كتباً ومجلات ، جميع قصصي ورواياتي كانت موزعة في الحقائب ومجلة العصر كان لها نصيب كبير في هذه الرحلة ، كان الوزن فائض على الحد المقرر بـ40 كيلو ، لكن تجاهلوا الأمر ربما لأن ركاب الطائرة عددهم قليل جداً ، تفاءلت قلت في سري "الحمد لله يبدو أن هذه الرحلة موفقه فالسهولة واليسر كانا واضحين في كل خطوة "تناولت الفطور مع زوجي في أحد مقاهي المطار ثم تجولنا في أروقه المطار ، كنت أتلفت ناحية المحلات والبضائع المعروضة لم تكن تستهويني الثياب والإكسسوارات كعادة كل النساء إنما استوقفتني المكتبة ، وهذا العرض المغري للكتب على رفوف خشبية ، جالت عيناي في كل ناحية حتى وقعت على رواية أجنبية عنوانها "الزفـاف" للأديبة (دانيال ستيل) وهي من أشهر الروائيات في العالم ، اشتريت الرواية لأتسلى بقراءتها في الطائرة ، لاشئ في الحياة يشبعني سعادة كالقراءة والسياحة في كتاب جميل ومثير ، جلست مع زوجي أثرثر معه في اللحظات الأخيرة ، شعرت بنبضه يفر من بين أضلاعه حزناً والدمعه تترقرق بين جفنيه ، يحاول التشاغل عنها ، ودفن الغصة .. كان قلقاً علي ، ففي كل رحلاتي كان رفيقي الدائم يجلسني على مقعد مريح كملكه وهو ينفذ إجراءات السفر ، غادرني ، انعصر قلبي لم أستطع مقاومة حزني فرت من طرفي دمعة وأنا أشخص بناظري إليه وهو يغيب ويتلاشى وسط الزحام ، بينما نامت ابنتي في حضني والخادمة تجلس بجانبي صامتة.

LongJohnSilver
14-02-2006, 04:06 AM
القصة منقولة ، سأضعها في قسم القصص المنقولة ، وأرجو الانتباه في المرة القادمة ^_^