المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار اقتصادية موقف الإسلام من السوق الإقتصادية المشتركة



rajaab
08-02-2006, 04:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم







موقف الإسلام من السوق الإقتصادية المشتركة



تردد في هذه الأيام كلمات الوحدة الاقتصادية والسوق المشتركة في أبحاث المؤتمر الاقتصادي المنعقد في دمشق الآن في حزيران، وتتردد كلمة السوق المشتركة في أنباء العالم عن تردد انكلترا في دخولها السوق المشتركة في أوروبا. فماذا تعني كلمة السوق المشتركة؟



الجواب



إن كلمات التجارة الحرة، والسوق المشتركة، والوحدة الجمركية، والوحدة الاقتصادية، والأفضلية التجارية، كلها اصطلاحات غربية وهي تعني أنواعاً من التكتل الاقتصادي بين الدول، ولكل كلمة من هذه الكلمات مدلول. فأما كلمة "التجارة الحرة" فإن معناها أن منطقة فيها عدة دول يجري في حدودها تبادل البضائع والخدمات المنتَجة داخلها بحرية ودون أن تخضع لأي رسوم جمركية ومثالها المنطقة التي تضم بريطانيا والسويد والنرويج والدانمارك والنمسا وسويسرا والبرتغال.



وكلمة "الوحدة الجمركية" معناها أن منطقة فيها عدة دول يجري فيها ضمن حدودها تبادل البضائع والخدمات المنتجة بحرية ودون أن تخضع لأي رسوم جمركية وتقيم جميع الدول الداخلية في هذه المنطقة حواجز جمركية موحدة على البضائع المستوردة من الخارج إلى أي بلد من البلاد الداخلية ضمن هذه الحدود. وكلمة "الوحدة الاقتصادية" معناها أن منطقة فيها دولتان فأكثر يجري فيها اندماج كامل يشمل جميع نواحي الحياة الاقتصادية للدول المشتركة فيها وإذا وجدت هذه الوحدة الاقتصادية بين دولتين فأكثر فإنها تؤدي بشكل حتمي إلى الوحدة السياسية.



وكلمة "الأفضلية التجارية" تعني أن منطقة فيها دولتان فأكثر تعطي التجارة بين الدول المنضمة إلى هذه المنطقة أفضلية في المعاملة خصوصاً من حيث الرسوم الجمركية وهي تتطلب أقل مقدار ممكن من الارتباطات المتبادلة كالأفضلية التجارية القائمة بين بلدان رابطة الشعوب البريطانية (الكومنولث) وبين بلدان رابطة الشعوب الفرنسية.



وكلمة "السوق المشتركة" معناها أن منطقة فيها عدة دول يجري فيها ضمن حدودها تبادل البضائع والخدمات المنتجة داخلها بحرية دون أن تخضع لأي رسوم جمركية وتقيم جميع الدول الداخلية في هذه المنطقة حواجز جمركية موحدة على البضائع المستوردة من الخارج إلى أي بلد من البلاد الداخلية ضمن هذه الوحدة وتسمح بحرية تنقّل رؤوس الأموال والعمال ضمن أقسام السوق، وتنص على تنسيق السياسات المالية والاقتصادية، فهي أشمل من الوحدة الجمركية لأنها تزيد عليها بحرية تنقل رؤوس الأموال والعمال ضمن أقسام السوق وتنسّق بينها السياسات المالية والاقتصادية وهي أقل من الوحدة الاقتصادية لأنها تختص بالتجارة وتنقّل رؤوس الأموال والأشخاص بعكس الوحدة الاقتصادية فهي تشمل كل شيء.



هذا هو المعنى الاصطلاحي لهذه الألفاظ، وهي وإن كانت اصطلاحات اقتصادية ولكنها تقوم على الأساس السياسي. ففي منطقة التجارة الحرة أساسها السياسي الذي تقوم عليه هو احتفاظ كل دولة بكيانها الاقتصادي وحماية كيانها السياسي من الدول الداخلية معها في اتفاقية التجارة الحرة مع توفر البضائع التي لا توجد عندها من الدول التي تتوفر لها هذه البضائع بدون رسوم جمركية، ولذلك تختارها الدول الحريصة على استقلالها. أمّا الوحدة الجمركية والسوق المشتركة والوحدة الاقتصادية فإن الأساس السياسي الذي تقوم عليه هو إيجاد وحدة فيما بينها من ناحية اقتصادية مع احتفاظها بكيانها السياسي، وهي تقوم بين الدول التي تشعر بخطر عليها من غيرها سواء أكان خطراً اقتصادياً أم خطراً سياسياً، فتكتل المواجهة هذا الخطر وكلها يمكن أن تؤدي إلى الوحدة السياسية، إلاّ أن الوحدة الجمركية نظراً لحصرها في التجارة فإنه لا يوجد عليها خطر زوال كيانها السياسي مطلقاً ويمكنها أن تحتفظ بكيانها السياسي وتبقى الوحدة الجمركية بفوائدها. أمّا السوق المشتركة فإنها تؤدي حتماً إلى وحدة السياسة الخارجية اقتصادياً وسياسياً ولكن لا تؤدي إلى إزالة الكيان الدولي بين الدول، فإنه يمكن أن تبقى الدول المنضمة إلى السوق المشتركة دولاً ذات كيان منفصل في كل شيء ولكنها تكون موحدة الموقف سياسياً واقتصادياً تجاه الدول الخارجة عنها، بخلاف الوحدة الاقتصادية فإنها تؤدي حتماً إلى الوحدة السياسية بين الدول المشتركة فيها وإلى زوال الكيان الدولي لكل دولة.



وهذه الاصطلاحات غير موجودة في الإسلام إذ لا يوجد لها واقع هناك إذ هي بالنسبة للدولة الإسلامية وحدة واحدة سياسياً واقتصادياً وكل شيء بالنسبة لها مع باقي الدول لا يقوم بينها وبين أي دولة أي تكتل والعلاقة أساسها الإسلام ونشر الدعوة، إلاّ أنه إذا وُجدت في دولة أو مجموعة من الدول حالة تؤدي إلى ضمها للدولة الإسلامية كالوحدة الاقتصادية فإنه يجوز أن تقوم بها بوصفها وسيلة كأي عمل سياسي يقام به للفتح ولضم بلدان إلى الدولة الإسلامية.



2 من ربيع الأول سنة 1381هـ



13/8/1961م