حكماوي
18-02-2006, 01:48 AM
- إلى الآنسة : صباح منير، نعتذر عن قبولك في مؤسستنا لكونها مخصصة للذكور، وتقبلي فائق الاحترام. قرأ الرسالة، أعاد القراءة غير مصدق ما يحدث، قلب الظرف بين يديه ، تساءل بصوت مسموع:
- هل أنا ذكر أم أنثى؟ أم هذا الاسم المشؤوم هو سبب المصيبة؟
دخل البيت منتفخ الأوداج، يسب ويلعن، يتمنى لو انمحى هذا الاسم من ذاكرته إلى الأبد.
- وأنا ألست ذكرا مثل باقي الذكور ماذا ينقصني؟ كنت أمني نفسي بحمل البذلة الخضراء المزركشة ؛ وأعلق على كتفي مجموعة من الخبزات تتزايد مع مر السنين، لكن هذا الاسم اللعين حطم حياتي وحرمني من هذا الحلم الذي ظل يراود مخيلتي لسنوات عدة.
اتجه صوب أبيه يعاتبه على اختيار هذا الاسم الملتبس:
- ألم تجد غير هذا الاسم الذي يختلط على القارىء فلا يميز أهو لذكر أم لأنثى؟
- لم أختره يا ولدي بل هو الذي اختارني، والفرق بينهما هوتلك الشدة الموجودة فوق الباء.
- وبماذا تنفعني تلك الشدة؟ هل أحملها على كتفي ليعرفها الناس؟ أم أصيح فيهم إني ذكر رغم اسمي المؤنث؟
- إن السبب يابني هو الشؤم الذي كان يلازمني، وكان أهل القرية يتطيرون مني وكلما رأوني يصيحون << صبحنا على الله >>. ثم اختصروها << صبّاح>> ( بالشدة فوق الباء).حتى موظف الحالة المدنية يعرف هذا والمقدم والشيخ، ثم لماذا استدعوك للتجنيد في السنة الماضية إذا كانوا يعتبرونك أنثى، والآن يحرمونك من ولوج الأكاديمية؟
- في التجنيد الإجباري كنت ذكرا لأنهم يريدون ذلك، وفي الأكاديمية أنا أنثى لأني أنا الذي أريد هذا ، يعرفون متى أكون ذكرا ومى أكون أنثى. ثم إني ورثت شؤمك.
طأطأ رأسه للتفكير، واهتدى أخيرا إلى إرسال طلبه إلى أحد مراكز تكوين المعلمين قبل فوات الأوان. جمع الوثائق اللازمة وأرسل الطلب في الوقت المحدد وانتظر النتيجة،فمعدله يخول له ولوج المركز. فجاءت رسالة اعتذار أخرى لنفس السبب، لكون المركز المطلوب مخصص للذكور فقط.
اسودت الدنيا في عينيه وهو يرى سنة بيضاء تمر من عمره دون عمل ولا تكوين. سيقضيها بين مدرجات الكلية والاحتياط والأواكس. لم تعد لديه رغبة في متابعة الدراسة.فقد أصبحت غير مجدية كما يقول. اقترب منه أبوه يهىء من قلقه ويبحث معه عن حل لمشكلته التي وضعه فيها هذا الاسم الملتبس.
- إن مسألة تغيير الاسم تتطلب وقتا طويلا ومجموعة من الوثائق وبحرا من الأسئلة والأجوبة، لا تفرغ منها حتى يكون الوقت قد فات.
- وما العمل مع هذا الاسم المشؤوم؟
- عليك بإرفاق ملفك بشهادة تثبت أنك ذكر.
- هل أعلقها عربونا كما يعلق الجزار العربون على ذبائحه، أم أشتريرجولتي من المقدم الذي لا يعطي إلا بالمقابل، يأكل من الأحياء والأموات، يبيع قرآنه في المآتم والولائم.؟
- خذ شهادة عدلية، يشهد فيها العدلان أنك. سيكتبان بعد الديباجة نحن العدلان فلان وعلان بشهد أن المسمى صباح بالصاد المهملة وفوقها فتحة والباء الموحدة مع فتحة وشدة وألف بعدهما وحاء مهملة، ذكر كامل الذكورة، وقد سلمنا هذه الشهادة درءا لكل التباس قد يقع أثناء التصحيف أو التحريف في قراءة الاسم، وأن هذا هو الاسم الذي عرفت به عائلته في البلد. وستستنسخ منها نسخا كثيرة وترفق كل طلب نسخة حتى لا تتكرر رسائل الاعتذار.
انتظر سنة كاملة يجوب دروب القرية، يرتاد الحوانيت ليتفرج على قتل الوقت وتقشير الأيام. يذهب إلى الجامعة كل دورة ليأخذ منحته ويعود للتسكع، حتى حل موسم الامتحانات والمباريات، وقدم طلبه ومعه شهادة ذكورته إلى أحد مراكز المعلمين بعدما طوى ملف العسكر. وطلق الشؤم لبعض الوقت؛ بقبوله في التعليم. سنتان لا تختلفان عن جو الثانوية إلا بالمنحة والوزرة والتلاميذ.
استلم تعيينه بعد السنتين. بحث عن منطقة التعيين على الخريطة دون جدوى. واستعان بالسؤال عنها في الحانوت. طوى التعيين وأدخله جيب سرواله الخلفي قائلا:
- ألهذا الحد لا تعترفون بهذه المناطق حتى على الورق.
يتبع ....
- هل أنا ذكر أم أنثى؟ أم هذا الاسم المشؤوم هو سبب المصيبة؟
دخل البيت منتفخ الأوداج، يسب ويلعن، يتمنى لو انمحى هذا الاسم من ذاكرته إلى الأبد.
- وأنا ألست ذكرا مثل باقي الذكور ماذا ينقصني؟ كنت أمني نفسي بحمل البذلة الخضراء المزركشة ؛ وأعلق على كتفي مجموعة من الخبزات تتزايد مع مر السنين، لكن هذا الاسم اللعين حطم حياتي وحرمني من هذا الحلم الذي ظل يراود مخيلتي لسنوات عدة.
اتجه صوب أبيه يعاتبه على اختيار هذا الاسم الملتبس:
- ألم تجد غير هذا الاسم الذي يختلط على القارىء فلا يميز أهو لذكر أم لأنثى؟
- لم أختره يا ولدي بل هو الذي اختارني، والفرق بينهما هوتلك الشدة الموجودة فوق الباء.
- وبماذا تنفعني تلك الشدة؟ هل أحملها على كتفي ليعرفها الناس؟ أم أصيح فيهم إني ذكر رغم اسمي المؤنث؟
- إن السبب يابني هو الشؤم الذي كان يلازمني، وكان أهل القرية يتطيرون مني وكلما رأوني يصيحون << صبحنا على الله >>. ثم اختصروها << صبّاح>> ( بالشدة فوق الباء).حتى موظف الحالة المدنية يعرف هذا والمقدم والشيخ، ثم لماذا استدعوك للتجنيد في السنة الماضية إذا كانوا يعتبرونك أنثى، والآن يحرمونك من ولوج الأكاديمية؟
- في التجنيد الإجباري كنت ذكرا لأنهم يريدون ذلك، وفي الأكاديمية أنا أنثى لأني أنا الذي أريد هذا ، يعرفون متى أكون ذكرا ومى أكون أنثى. ثم إني ورثت شؤمك.
طأطأ رأسه للتفكير، واهتدى أخيرا إلى إرسال طلبه إلى أحد مراكز تكوين المعلمين قبل فوات الأوان. جمع الوثائق اللازمة وأرسل الطلب في الوقت المحدد وانتظر النتيجة،فمعدله يخول له ولوج المركز. فجاءت رسالة اعتذار أخرى لنفس السبب، لكون المركز المطلوب مخصص للذكور فقط.
اسودت الدنيا في عينيه وهو يرى سنة بيضاء تمر من عمره دون عمل ولا تكوين. سيقضيها بين مدرجات الكلية والاحتياط والأواكس. لم تعد لديه رغبة في متابعة الدراسة.فقد أصبحت غير مجدية كما يقول. اقترب منه أبوه يهىء من قلقه ويبحث معه عن حل لمشكلته التي وضعه فيها هذا الاسم الملتبس.
- إن مسألة تغيير الاسم تتطلب وقتا طويلا ومجموعة من الوثائق وبحرا من الأسئلة والأجوبة، لا تفرغ منها حتى يكون الوقت قد فات.
- وما العمل مع هذا الاسم المشؤوم؟
- عليك بإرفاق ملفك بشهادة تثبت أنك ذكر.
- هل أعلقها عربونا كما يعلق الجزار العربون على ذبائحه، أم أشتريرجولتي من المقدم الذي لا يعطي إلا بالمقابل، يأكل من الأحياء والأموات، يبيع قرآنه في المآتم والولائم.؟
- خذ شهادة عدلية، يشهد فيها العدلان أنك. سيكتبان بعد الديباجة نحن العدلان فلان وعلان بشهد أن المسمى صباح بالصاد المهملة وفوقها فتحة والباء الموحدة مع فتحة وشدة وألف بعدهما وحاء مهملة، ذكر كامل الذكورة، وقد سلمنا هذه الشهادة درءا لكل التباس قد يقع أثناء التصحيف أو التحريف في قراءة الاسم، وأن هذا هو الاسم الذي عرفت به عائلته في البلد. وستستنسخ منها نسخا كثيرة وترفق كل طلب نسخة حتى لا تتكرر رسائل الاعتذار.
انتظر سنة كاملة يجوب دروب القرية، يرتاد الحوانيت ليتفرج على قتل الوقت وتقشير الأيام. يذهب إلى الجامعة كل دورة ليأخذ منحته ويعود للتسكع، حتى حل موسم الامتحانات والمباريات، وقدم طلبه ومعه شهادة ذكورته إلى أحد مراكز المعلمين بعدما طوى ملف العسكر. وطلق الشؤم لبعض الوقت؛ بقبوله في التعليم. سنتان لا تختلفان عن جو الثانوية إلا بالمنحة والوزرة والتلاميذ.
استلم تعيينه بعد السنتين. بحث عن منطقة التعيين على الخريطة دون جدوى. واستعان بالسؤال عنها في الحانوت. طوى التعيين وأدخله جيب سرواله الخلفي قائلا:
- ألهذا الحد لا تعترفون بهذه المناطق حتى على الورق.
يتبع ....