المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النظام الديمقراطي نظام كفر من وضع البشر



rajaab
24-02-2006, 06:24 PM
النظام الديمقراطي

نظام كفر من وضع البشر

الديمقراطية نظام حكم وضعه البشر ، وقد وضعوه من أجل معالجة مشكلة الحكم عندهم حين وضعه ، فقد كان الشعب يعاني من ظلم الحكام ، وأنهم كانوا يزعمون أن الحاكم هو وكيل الله على الأرض . فهو يحكم البشر بسلطان الله ، فالله هو الذي جعل للحاكم سلطة على الناس ، فهو يستمد سلطته من الله تعالى فجاء فلاسفة ومفكرون وبحثوا موضوع الحكم ، ووضعوا نظاماً لحكم الناس ، هذا النظام هو النظام الديمقراطي ، فالنظام الديمقراطي إنما جاء لتخليص الناس من ظلم الحكام ، وهو يعني أن يستمد الحاكم سلطته من الناس لا من الله ، وأن الناس هم الذين يضعون الحاكم لحكمهم بسلطانهم هم . والنظام الديمقراطي هو من الأفكار التي وضعها الغرب للغزو الثقافي للبلاد الإسلامية ، فإن الغربيين في مؤتمر برلين الذي عقد في أواخر القرن الثامن عشر من أجل اقتسام الدولة العثمانية ( الرجل المرض ) لم يتفقوا على اقتسامها ولكن اتفقوا على إجبارها على الأخذ بالنظام الديمقراطي . وحينئذ أدخلت الخلافة نظام الصدر الأعظم والوزراء وهو من النظام الديمقراطي .

وحين ألغيت الخلافة في أوائل القرن العشرين أخذ الغرب يعمل في البلاد الإسلامية لغزو أفكار المسلمين بالنظام الديمقراطي فألفت كتب تصف الإسلام بأنه دين الديمقراطية وصارت الديمقراطية تعطى على أنها من الإسلام . وحين حول الغرب نظام استعماره إلى استعمار جديد وأقام دولاً وحكاماً جعل النظام الديمقراطي أساساً لها ، فقامت دول عديدة على أساس النظام الديمقراطي . وإذا كانوا في أوائل القرن العشرين يدعون إلى الديمقراطية على أساس أنها من الإسلام حيث كان للإسلام شأن وتركيز في النفوس ، فإنهم اليوم لا يزعمون هذا الزعم ولكن يفهمون الناس الديمقراطية كنظام للحكم ، ليدخلوها على الناس كنظام حكم فقط . حتى أن بعض الذين يزعمون أنهم يريدون الإسلام يريدون أن يتبنوا الديمقراطية ويدعون لها .

والديمقراطية هي حكم الشعب للشعب ومن الشعب ، وذلك أن الشعب في أي بلد يقوم جميع أفراده بإيجاد الاتحاد بينهم لإيجاد الإرادة العامة لهم ، وذلك بأن يتعاقد كل فرد منهم مع نفسه بأن يكون للجماعة التي يعيش فيها ، وهذا هو العقد الاجتماعي . وبموجب هذا العقد يتنازل كل فرد تنازلاً كاملاً عن جميع حقوقه للجماعة كلها ، ويسهم كل فرد من الشعب بشخصه وبكل قدرته تحت إدارة الإرادة العامة العليا ، وينتج عن هذا العقد هيئة معنوية جماعية ، هي الهيئة السياسية ، أو هي الدولة ، سواء سميت جمهورية ، أو سميت غير ذلك ، فالديمقراطية تعني أن يكون جميع الناس هم الدولة ، وأن لكل واحد منهم من الحق ما للآخرين في إيجاد الدولة ونصب الحكام ، وسن القوانين وغير ذلك مما يتعلق بالحكم والدولة . فالعقد الذي عقده كل واحد مع نفسه ، تنازل بموجبه عن جميع ما له من حقوق وحريات ، تنازلاً كاملاً للجماعة التي هو منها . وهذه الجماعة أو هذا العقد الاتحادي هو الإرادة العامة ، وهو السيادة ، فالشعب هو كل شيء .

وأصل النظام الديمقراطي أن الشعب وحده هو الذي يعتبر الإرادة العامة والسيادة . فللشعب صلاحية سن القوانين وله صلاحية اختيار الحكام ، وله وحده صلاحية كل شيء في الدولة والبلاد . فالإرادة العامة والسيادة ومصدر كل شيء هو الشعب ، وهو سيد نفسه ، وهو الذي يحكم نفسه بنفسه . والشعب هو جميع أفراد الناس في أي بلد ، بغض النظر عن انتمائهم ، وعن دينهم وعن مذهبهم ولغتهم ، ما داموا أناساً .

فالسيادة هي الإرادة العامة ، وهي الدولة ، لذلك فإن الدولة هي مجموع الشعب ، وهو أي الشعب سيد نفسه ، وهو السيادة ، وهو الإرادة العامة . إلاّ أن هذه الإرادة العامة هي شيء معنوي ، وحتى يكون قادراً على قضاء مصالحه يختار حكومة تكون القوة التنفيذية . لذلك يكون في الدولة هيئتان : هيئة تشريعية وهي التي تضع القوانين ، وهيئة تنفيذية وهي التي تختارها هذه الجماعة لتنفذ إرادتها أي قوانينها .

وبما أن الشعب لا يستطيع أن يكون كله الهيئة التشريعية ، لذلك يختار وكلاء عنه ليكونوا الهيئة التشريعية وهؤلاء هم مجلس النواب ، فمجلس النواب في النظام الديمقراطي هو الذي يمثل الإرادة العامة ، وهو الذي يختار الحكومة ويختار رئيس الدولة فيكون حاكماً ووكيلاً على تنفيذ الإرادة العامة ، فالنظام الديمقراطي يعني أن يكون الشعب سيد نفسه فهو الذي يسن القوانين وهو الذي يختار الحكومة . وعليه فإن في الديمقراطية قبل التأويل سلطتان ، هما : الإرادة العامة أو الشعب ، والحكومة التي يختارها الشعب لتنفيذ إرادته . ولكن بعد التأويل وجدت في الديمقراطية ثلاث سلطات : هي السلطة التشريعية ويمثلها مجلس النواب ، والسلطة التنفيذية وتمثلها الحكومة ، والسلطة القضائية ويمثلها القضاة أو مجلس القضاء الأعلى .

فهذه الثلاث هي التي تمثل الدولة فالسلطة التشريعية هم وكلاء الشعب ، والسلطة القضائية هي التي تحكم بالقوانين ، والسلطة التنفيذية هي التي تنفذ أحكام القضاة ، وقوانين مجلس النواب . وهذه السلطات الثلاث منفصلة عن بعضها ولا تتدخل أي منها بشؤون الأخرى .

إن الديمقراطية بمعناها الحقيقي لم توجد ولن توجد أبداً . فإن بقاء الشعب مجتمعاً على الدوام للنظر في الشؤون العامة مستحيل ، وأن يتولى الحكم مستحيل ، وأن يتولى الإرادة مستحيل . لذلك احتالوا على الديمقراطية ، وأولوها ، فأوجدوا ما يسمى بالحكومة ، وما يسمى برئيس الدولة ، وما يسمى بمجلس النواب . وقالوا إن الديمقراطية تعني حكم الشعب للشعب وبالشعب . وهذا القول فيه تجاوز ، فإن الشعب لا يتولى شيئاً والذي يتولى الأمور كلها هو رئيس الدولة أو الحكومة .

والديمقراطية لا يجوز أخذها لثلاثة أسباب :

أولاً : إن الدافع لها من حيث الدعاية كأفكار هو الغرب ، وهذا من نوع الغزو الثقافي ، بل هو من الغزو الثقافي ، لذلك فإن من يأخذها إنما يخضع للغزو الثقافي ويساهم في إنجاحه . فمكافحة للغزو الثقافي كله وعلى رأسه الديمقراطية يجب محاربة الديمقراطية وعدم أخذها ، أما الدافع لها من حيث التطبيق فهو الغرب كمستعمر فإن الغرب حين أراد أن يُحوِّل شكل الاستعمار أقام دولاً وأقامها على أساس الديمقراطية ، لذلك فإن من يأخذها إنما يروج للاستعمار ويؤيده ، ويؤيد نظامه ، والحكام الذين نصبهم مكانه ، فمكافحة الاستعمار وتصفيته نهائياً توجب محاربة الأنظمة التي تُركّز بقاءه ، وهي النظم الديمقراطي .

ثانياً : الديمقراطية فكرة خيالية غير قابلة للتطبيق ، وحين جرى تأويلها حتى تطبق ، صار الكذب أساساً في هذا التأويل ، فمجلس النواب لا يسن القوانين وإنما تقدمها له الحكومة فيسنها . ومجلس النواب لا يختار الحكومة ، وإنما يختارها رئيس الدولة ، ومجلس النواب يوافق على هذا الاختيار مجرد موافقة ، وقد تكون شكلية ، وفوق ذلك فإن الحاكم في أي بلد ديمقراطي ليس مجلس النواب ممثل الشعب وإنما هو رئيس الدولة أو الحكومة . وأيضاً فإن الحكم لا يكون إلاّ لواحد فكيف يتسنى للشعب أن يحكم ؟ لذلك فإن الواقع لسير الديمقراطية يخالف الواقع للحكم ، ولا يتفق مع الحياة . لذلك كانت الديمقراطية مستحيلة وخيالية من حيث فكرتها وكاذبة ومضللة بعد تأويلها .

ثالثاً : الديمقراطية من صنع البشر ، فوضعت للبشر من البشر ، وبما أن البشر يخطئ ويصيب ، والله تعالى وحده الذي لا يخطئ ، لذلك كان النظام الذي من عند الله هو الذي يجب أخذه لا النظام الذي من عند البشر ، ومن هنا كان أخذ الديمقراطية وترك نظام الله خطأ يعرض للهلاك .

والنظام الديمقراطي نظام كفر ، وذلك لأنه ليس أحكاماً شرعية ، ونظام الحكم في الإسلام هو أحكام شرعية من عند الله ، لذلك كان النظام الديمقراطي نظام كفر ، فالحكم بالنظام الديمقراطي حكم بالكفر ، والدعوة إلى النظام الديمقراطي دعوة لنظام كفر . ولا يجوز بحال من الأحوال لا الدعوة إلى النظام الديمقراطي ولا الأخذ به بحال من الأحوال .

وكذلك فإن النظام الديمقراطي يخالف ويناقض نظام الحكم في الإسلام ، والإسلام براء من الديمقراطية ، فالأمة وإن كانت هي التي تنصب الحاكم ، ولكن لا تملك غزله ، والمشرع هو الله وليس البشر ، لا الشعب ولا الأمة ، والسلطان على الشعب وعلى الحكام هو الشرع والسيادة للشرع . فكون النظام الديمقراطي قد جعل السيادة للشعب ، وجعل له اختيار الحاكم ، وحق التشريع ، يخالف نظام الحكم في الإسلام ، لأنه وإن جعل حق اختيار الحاكم للشعب ، ولكنه لم يجعل له حق عزله ، وهذا علاوة على أن الإسلام قد جعل السيادة للشرع لا للشعب ، وجعل المشرع هو الله وليس الشعب . لذا فإن النظام الديمقراطي مخالف لنظام الحكم في الإسلام فلا يجوز أخذه ولا تحل الدعوة إليه .