EverIslam
03-03-2006, 03:45 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
مازال دجلة يذكر الأيام..
والماضي البعيد يطل من خلف القرون
عبر الغزاة هنا كثيراً.. ثم راحوا
أين راح العابرون؟!
هذي مدينتنا.. وكم باغ أتى
ذهب الجميع ونحن فيها صامدون
سيموت "هولاكو"
ويعود أطفال العراق
أمام دجلة يرقصون
القصيدة كاملة (http://67.15.103.43/showthread.php?t=461983)
كنت اقرا كتاب وقد شدني ما فيه لمطابقته لحال العراق اليوم.. فعدت لمشاركتكم به
((( يقول الفارابي:
" ان انفع الامور التي يسلكها المرء في استجلاب علم السياسة وغيره من العلوم، ان يتامل احوال الناس واعمالهم ومتصرفاتهم، ما شهدها وما غاب عنه مما سمعه وتناهى اليه منها، وان يمعن النظر فيها ويميز بين محاسنها ومساوئها، ويبين النافع والضار لهم منها"
إذن يدعونا الفارابي ان نضع نصب اعيننا اللحظة التاريخية وظروف البيئة الاجتماعية والسياسية التي عاشها اي فيلسوف كان اذا اردنا ان نفهم فلسفته بشكل عام وناحيتها السياسية بشكل خاص _ اخوتي في المنتدى لا تستعجلوا ، جايكم في الحكي :09: _ ذلك ان الاتجاه السياسي لدى المفكر او الفيلسوف هو الذي يحدد بالنهاية منحى تفكيره العام، فيكيف مختلف نظرياته الفلسفية وفقا لفلسفته السياسية، بل وقد يتكلف احيانا بناء نسق فلسفي ميتافيزيقي متكامل الجوانب تبريرا لرأي سياسي يعتنقه،
كانت مدينة بغداد موطن ثقافة الفارابي ومركز غذائه الفكري
......
كانت بغداد في القرن الرابع الهجري مسرحا لصراع حاد يدور بين الشيعة والحنابلة، (تعليقي: الى اليوم!)
......
يقول الفارابي في كتاب الحروف: "إن صناعة الكلام لا تشعر بغير الاشياء المقنعة، ولا تصح شيئا منها الا بطرق واقاويل اقناعية"، "والكلام نسبته الى الفلسفة على انها بوجه ما خادمة له ايضا بتوسط الملة، اذ كانت انما تنصر وتلتمس تصحيح ما قد صحح اولا في الفلسفة بالبراهين بما هو مشهور في باديء الراي عند الجميع"
وقد كان الفارابي يرى في الصراعات المذهبية الكلامية هي المسؤولة عن الفوضى الاجتماعية في عاصمة الخلافة العباسية. وموقف الفارابي الرافض لهذه الصراعات هو الذي طبع فلسفته السياسية بطابعها المثالي (اليوتوبي ) المعروف.
بالاضافة الى الصراع المذهبي آنذاك نشأ صراع اجتماعي بين ملاك الاراضي والتجار ورجال الادارة من جهة، وبين الطبقات الكادحة من جهة. ففي سنة 306للهجرة: " شفب اهل السجن وصعدوا السور" وفي سنة 308 للهجرة "اضطربت العامة.. ومنعوا يوم الجمعة الامام من الصلاة، وهدموا المنابر، واخربوا مجالس الشرط، واحرقوا الجسور" وفي سنة 309 للهجرة "وقع في شهر ربيع الاول حريق بباب الشام، وفي سويقة نصر، وفي الخدائين بالكرخ، ومات خلق كثير" (هذا سنة 309 للهجرة لا تنسوا!)
جينا للجد!
ان تزايد حركات الاضطراب هذه واستمرارها كان يفصح عن ظهور قوة جديدة على الساحة لم تكن تملك من سلاح في يدها سوى التمردات العفوية المتناثرة. والذي زاد من فعالية ونمو هذه القوى الجديدة انعدام سلطة مركزية تشكل قوة مقابلة لها. فمن المعروف انه منذ ايام الخليفة المعتصم، الذي لجأ الى الاتراك ليكوّن حرسه الخاص، بدأ تسلل العناصر الاجنبية الى قلب السلطة العباسية لتزداد مع مرور الزمن قوة وعددا، فلم يكد يحل القرن الرابع عشر حتى كان الاتراك يتصرفون في القائمين بامر الدولة بالتولية والعزل، او بالقتل والارهاب، وقد شهد عصر الراضي (332-329) الانحطاط النهائي للخلافة في بغداد، فتحول نظام الحكم الى مجموعة من الامارات واصبحت الخلافة لفظا لا مدلول له؟
معاصرة الفارابي لهذا الوضع دفعته الى التركيز على ضرورة قيام مجتمع فاضل يجمع في كنفه شتات الامة الاسلامية المفككة.
كان للأزمات المتكررة المتلاحقة التي واجهتها الدولة العباسية الدور الرئيسي الذي ارغم الحكام على الاستعانة بالعناصر العسكرية الاجنبية لمواجهة الاوضاع الجديدة، والذي شجع المعتصم على الاستعانة بالاتراك بدرجة اكبر كون الدولة كانت مهددة في ايامة بثورة بابك الخرمي، وبخطر الاتراك حين تواردهم على البلاد الاسلامية شعبا بدويا يتميز بالشجاعة العسكرية والكفاءة القتالية، ولم يكن يتمتع بالخبرة الادارية او السياسية الكافية لتسلم مقادير السلطة بيده. ولكن مع مرور الزمن ازداد نفوذ الاتراك وغيرهم من الموالي، الى ان اصبحت الدولة العباسية ايام الفارابي تستند الى سلطة عسكرية ارستقراطية فاسدة تجمع بيدها كل مقاليد الامور. وقد شعر الفارابي ان سلطة العسكر هذه كانت احد الاسباب الرئيسية التي ادت الى انهيار الخلافة وخراب البلد، وربما لهذا السبب لم يجعل للجند اي مكانة هامة بين مراتب مدينته الفاضلة، كما انه لم يعتبر مدينة الغلبة من المدن الفاضلة، اذا لن نستغرب اذا ما راينا الفارابي يرفض نظرية حق الاقوى رفضا باتا، فقد رأى بام عينه ما سببه التغالب والقوة في مجتمعه.
" لقد شعر الفارابي امام ضعف السلطة المركزية وتخليها عن السلطة الدينية، وامام هيمنة ارستقراطية عسكرية، شعر بصعوبة اصلاح الخلافة وايجاد رئاسة صالحة، لكنه كان يعتبر ان العلاج الحقيقي لخراب البلد كان يتمثل بالدرجة الاولى في اعادة توحيد السلطة وإبعاد الطغيان، وذلك بتوحيد الرأي وجمع الشتات الفكري وإيجاد عقيدة اقوى بإمكانها ان تقوم على البراهين اليقينية لا مجرد الاقتناعات والظنون، فالجدالات الكلامية والفقهية لم تزد الناس الا فرقة، ولم تستطع ان توحد شملهم فتقيم مدينة فاضلة، لذا وجب اللجوء الى المعرفة البرهاينة والاستعانة بالحكمة الفلسفية"
من كتاب: الفارابي، حياته، اثاره، فلسفته لاحمد شمس الدين
اخوتي الكرام،
آمل ان تقرأوا المقدمة وتقولوا رأيكم بعيدا عن السياسة! من ناحية اجتماعية تاريخية اي شيء.. ان شاء الله يفيدكم
مازال دجلة يذكر الأيام..
والماضي البعيد يطل من خلف القرون
عبر الغزاة هنا كثيراً.. ثم راحوا
أين راح العابرون؟!
هذي مدينتنا.. وكم باغ أتى
ذهب الجميع ونحن فيها صامدون
سيموت "هولاكو"
ويعود أطفال العراق
أمام دجلة يرقصون
القصيدة كاملة (http://67.15.103.43/showthread.php?t=461983)
كنت اقرا كتاب وقد شدني ما فيه لمطابقته لحال العراق اليوم.. فعدت لمشاركتكم به
((( يقول الفارابي:
" ان انفع الامور التي يسلكها المرء في استجلاب علم السياسة وغيره من العلوم، ان يتامل احوال الناس واعمالهم ومتصرفاتهم، ما شهدها وما غاب عنه مما سمعه وتناهى اليه منها، وان يمعن النظر فيها ويميز بين محاسنها ومساوئها، ويبين النافع والضار لهم منها"
إذن يدعونا الفارابي ان نضع نصب اعيننا اللحظة التاريخية وظروف البيئة الاجتماعية والسياسية التي عاشها اي فيلسوف كان اذا اردنا ان نفهم فلسفته بشكل عام وناحيتها السياسية بشكل خاص _ اخوتي في المنتدى لا تستعجلوا ، جايكم في الحكي :09: _ ذلك ان الاتجاه السياسي لدى المفكر او الفيلسوف هو الذي يحدد بالنهاية منحى تفكيره العام، فيكيف مختلف نظرياته الفلسفية وفقا لفلسفته السياسية، بل وقد يتكلف احيانا بناء نسق فلسفي ميتافيزيقي متكامل الجوانب تبريرا لرأي سياسي يعتنقه،
كانت مدينة بغداد موطن ثقافة الفارابي ومركز غذائه الفكري
......
كانت بغداد في القرن الرابع الهجري مسرحا لصراع حاد يدور بين الشيعة والحنابلة، (تعليقي: الى اليوم!)
......
يقول الفارابي في كتاب الحروف: "إن صناعة الكلام لا تشعر بغير الاشياء المقنعة، ولا تصح شيئا منها الا بطرق واقاويل اقناعية"، "والكلام نسبته الى الفلسفة على انها بوجه ما خادمة له ايضا بتوسط الملة، اذ كانت انما تنصر وتلتمس تصحيح ما قد صحح اولا في الفلسفة بالبراهين بما هو مشهور في باديء الراي عند الجميع"
وقد كان الفارابي يرى في الصراعات المذهبية الكلامية هي المسؤولة عن الفوضى الاجتماعية في عاصمة الخلافة العباسية. وموقف الفارابي الرافض لهذه الصراعات هو الذي طبع فلسفته السياسية بطابعها المثالي (اليوتوبي ) المعروف.
بالاضافة الى الصراع المذهبي آنذاك نشأ صراع اجتماعي بين ملاك الاراضي والتجار ورجال الادارة من جهة، وبين الطبقات الكادحة من جهة. ففي سنة 306للهجرة: " شفب اهل السجن وصعدوا السور" وفي سنة 308 للهجرة "اضطربت العامة.. ومنعوا يوم الجمعة الامام من الصلاة، وهدموا المنابر، واخربوا مجالس الشرط، واحرقوا الجسور" وفي سنة 309 للهجرة "وقع في شهر ربيع الاول حريق بباب الشام، وفي سويقة نصر، وفي الخدائين بالكرخ، ومات خلق كثير" (هذا سنة 309 للهجرة لا تنسوا!)
جينا للجد!
ان تزايد حركات الاضطراب هذه واستمرارها كان يفصح عن ظهور قوة جديدة على الساحة لم تكن تملك من سلاح في يدها سوى التمردات العفوية المتناثرة. والذي زاد من فعالية ونمو هذه القوى الجديدة انعدام سلطة مركزية تشكل قوة مقابلة لها. فمن المعروف انه منذ ايام الخليفة المعتصم، الذي لجأ الى الاتراك ليكوّن حرسه الخاص، بدأ تسلل العناصر الاجنبية الى قلب السلطة العباسية لتزداد مع مرور الزمن قوة وعددا، فلم يكد يحل القرن الرابع عشر حتى كان الاتراك يتصرفون في القائمين بامر الدولة بالتولية والعزل، او بالقتل والارهاب، وقد شهد عصر الراضي (332-329) الانحطاط النهائي للخلافة في بغداد، فتحول نظام الحكم الى مجموعة من الامارات واصبحت الخلافة لفظا لا مدلول له؟
معاصرة الفارابي لهذا الوضع دفعته الى التركيز على ضرورة قيام مجتمع فاضل يجمع في كنفه شتات الامة الاسلامية المفككة.
كان للأزمات المتكررة المتلاحقة التي واجهتها الدولة العباسية الدور الرئيسي الذي ارغم الحكام على الاستعانة بالعناصر العسكرية الاجنبية لمواجهة الاوضاع الجديدة، والذي شجع المعتصم على الاستعانة بالاتراك بدرجة اكبر كون الدولة كانت مهددة في ايامة بثورة بابك الخرمي، وبخطر الاتراك حين تواردهم على البلاد الاسلامية شعبا بدويا يتميز بالشجاعة العسكرية والكفاءة القتالية، ولم يكن يتمتع بالخبرة الادارية او السياسية الكافية لتسلم مقادير السلطة بيده. ولكن مع مرور الزمن ازداد نفوذ الاتراك وغيرهم من الموالي، الى ان اصبحت الدولة العباسية ايام الفارابي تستند الى سلطة عسكرية ارستقراطية فاسدة تجمع بيدها كل مقاليد الامور. وقد شعر الفارابي ان سلطة العسكر هذه كانت احد الاسباب الرئيسية التي ادت الى انهيار الخلافة وخراب البلد، وربما لهذا السبب لم يجعل للجند اي مكانة هامة بين مراتب مدينته الفاضلة، كما انه لم يعتبر مدينة الغلبة من المدن الفاضلة، اذا لن نستغرب اذا ما راينا الفارابي يرفض نظرية حق الاقوى رفضا باتا، فقد رأى بام عينه ما سببه التغالب والقوة في مجتمعه.
" لقد شعر الفارابي امام ضعف السلطة المركزية وتخليها عن السلطة الدينية، وامام هيمنة ارستقراطية عسكرية، شعر بصعوبة اصلاح الخلافة وايجاد رئاسة صالحة، لكنه كان يعتبر ان العلاج الحقيقي لخراب البلد كان يتمثل بالدرجة الاولى في اعادة توحيد السلطة وإبعاد الطغيان، وذلك بتوحيد الرأي وجمع الشتات الفكري وإيجاد عقيدة اقوى بإمكانها ان تقوم على البراهين اليقينية لا مجرد الاقتناعات والظنون، فالجدالات الكلامية والفقهية لم تزد الناس الا فرقة، ولم تستطع ان توحد شملهم فتقيم مدينة فاضلة، لذا وجب اللجوء الى المعرفة البرهاينة والاستعانة بالحكمة الفلسفية"
من كتاب: الفارابي، حياته، اثاره، فلسفته لاحمد شمس الدين
اخوتي الكرام،
آمل ان تقرأوا المقدمة وتقولوا رأيكم بعيدا عن السياسة! من ناحية اجتماعية تاريخية اي شيء.. ان شاء الله يفيدكم