Y a z e e d
10-03-2006, 01:34 PM
أوكي، قبل لا أبدأ، ما عندي سالفة.. يعني جاي من صلاة الجمعة و الجوّ اليوم حلو ، ونفسي أطلع البرّ بس ماكو رفقة تبي برّ ( من يخاويني هنا؟ ) ، أهل الرياض كلّهم يبون قيلولة بعد الصلاة ، أو اللي في بيت جدته أو متلحط في الاستراحة ينتّف شباك العناكب، الصور في الموضوع معظمها بس تحلية، بما أني فاضي فباخذها استراحة أدوّر صور و أنا أثرثر عليكم :) .
مرّات أحس الفراغ و الجلسة لحالك أهدأ بكثير من الزحمة و كثرة العالم و القلق، ولما تكون لحالك، يفرّ مزاجك 180 ْ ، و تناظر روحك باحتقار و تقول " أيّ (نردنة) و (لحسة) هذي ؟" و تطلع تدور لك أحد :31: ، أحياناً رفقة كتاب أحسن من حكّ جلدك و التحديق في جدار مهترئ.
الإنسان متناقض، لما تكون مع الناس نفسك في الوحدة، ولما تكون لحالك تتمنى تطلع، وبنفس الوقت تصرّف المتصلين، و ودك تتصل على فلان أو علان، بس بنفس الوقت مالك نفس ، و تجلس تقضي الساعات تندب الويك اند الخايب و الملل في هالبلد.
على طاري هالبلد، من شاف الفيديو اللي ضربوا فيه شباب من السويدي أحد كوادر الهيئة؟ المهم ضربوا لهم واحد من الهيئة و صوروه و نشروا الملف بالبلوتوث و كتبوا عليه " كتيبة أحرار السويدي" ، من قرادة حظي حصلت على صورة :-
http://faisalroom.jeeran.com/9.psd.jpg
المهم أني أقف تماماً ضدّ هذا الموقف العنيف الشرس، و الذي يعبر عن نقص مروءة و رجولة مثل عدمها. لا أنكر أني ضد الهيئة، تماماً ضدّ الهيئة، و أقف ضد الكثير من تصرفاتها بعنف، و على التحكم و السلطوية و و و .. الخ. لكنّ التعرّض لهم بهذا السفور ( وإن كانوا هم أنفسهم يشرعون العنف مثلما يتنفسون الهواء يومياً ) لكن الرد على السوء بسوء مثله حلّ أحمق و همجي، والردّ على الهمجية بمثلها كذلك أمرّ أكثر سوءاً.
على أيّ حال، قبل ما لا يزيد عن الأسبوعين تعرّضت الصحفية السعودية سمر المقرن إلى موقف لا يعدو السابق سوءاً، إذ كانت في المتحف الوطني تقوم بتغطية أحد الفعاليات و معها ابنها - سبع سنوات - لتٌفاجأ برجل من رجال الهيئة يدخل ليقذف سمر المقرن في شرفها و يصرخ و يجعجع و يملأ القاعة ضجّةً، و يسخر و يستهزئ في مكان عام، وبتهم سافرة و مُقذعة.
يمكن نقول أن سمر المقرن تستاهل علقة، لكن مو مثل هذي صراحةً، لأنها سبق وصرّحت على أحد القنوات الفضائية بقولها " أنا غير مستعجلة على حرق العباءة، لكن أنتظر إحراق الحجاب أولاً" صيغة إحراق فيها من الدعوة إلى قتل الحرية الشيء الكثير ، والسِت سمر تدعي الإنتماء إلى الليبرالين، أي ليبرالية هذه التي تدعو إلى الحرية بقتل الحرية :)؟ أنا مع حرية المرأة في لبس الحجاب من عدمه، لكن أدونيس و سمر و من على شاكلتهم يدفعوني إلى السخرية بسخفهم في الطلب بالقضاء على الحجاب و إجبار خلق الله على ما يريدون، وهذا تناقض بعد.
في الكثير من المسائل الدينية أُفضّل النظرة العدمية المنعزلة، صديقي نيتشه قال بموت الآلهة، لكنه بشكل أو بآخر عبّر عن الحياد في هذه المسألة و الكفر بكلّ شيء، حتى الكفر نفسه، ( الكفر بالكفر، والإلحاد بالإلحاد، فكرة ظريفة)، المهم أني كذلك أتضايق كثيراً عند سماع أحد الملحدين و أقف دائماً في موقف محايد و صِفري، لأن الإيمان مسألة فطرية افتراضية خالصة، تعتمد على فطرة الإنسان لا على حواسه في معظم الأمر، و المُلحد يزعم غالباً الانتماء إلى أرتال المنطقيين بينما يناقض المنطق نفسه حين يجزم بالإلحاد، لاعترافه بعدم وجود دليل منطقي ينفي وجود الله. لن أُغرق في هذه المسألة، لأنها (بتحوس) مزاجي الرائق حالياً.
http://9ofy.com/pic/albums/userpics/10001/sofy_369661-4267ba960ff56b51.jpg
ما [ينرفزك] فعلاً هو تلبيس العلم و تشويهه، بإدخاله في المسائل الما وراء طبيعية ، مثل الإلحاد و القطع بعكسه أو فلسفة العلم للحصول على نتائج سخيفة. قضية الإيمان متأصلة في البشر من ملايين السنين، و من الصعب أن تدعي نفيها أو عدمها لمجرّد أن المدعي يجب أن يأتي بالحجة، في حالتنا هذه، الحجة على المُنكر، الواقف أمام البلايين من البشر من أوّل القرون.
داروين - بقى منه عصعص؟ - حين أتى بنظريته كان منطقياً و علمياً جداً، ولا يوجد دليل علمي واحد يقف ضد داروين، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن نؤمن بنظريته، ولا أن [نطلّقها]، هي نظرية مُعلّقة فقط. قد تتفق مع الإيمان و مع الدين بشكل أو بآخر لأنها لم تصل بعد إلى مرحلة كاملة أو واضحة.
في تسعينات القرن العشرين، كفّر الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - الباحث الفلكي المعروف :عبدالعزيز المرمش الشمري، حين كتب في احد الصحف مقالاً يتحدث فيه عن دوران الأرض حول الشمس لا العكس، و وقف الكثير من المتدينين في صفّ الشيخ، لأن الفهم كان خاطئ، واعتقدوا جميعاً أن دوران الأرض حول الشمس يعني سكون الشمس، ويعني رفض الآية الكريمة :- "والشمسُ تجري لمستقرٍ لها."، أنا هنا لا ألوم الشيخ لغيرته على الدين و القرآن، ولا أقف ضد الفلكي عبدالعزيز الشمري و الذي كافح لتوضيح وجهة نظره.
لم يقتنع الشيخ عبدالعزيز إلا حينما اتصل بالأمير سلطان بن سلمان بعد عودته من رحلة فضائية قصيرة، ليسأله عن كروية الأرض " شفتها بعينك ؟ " ، ويسأله عن دورانها حول الشمس " تأكدت؟ شفتها تدور؟"، بالطبع فيما بعد عرف الشيخ أن الشمس تدور حول مركز آخر ، و أن الأرض مفلطحة و أن هذا لا يقف ضد القرآن .. الخ. وهذا مثال سريع على عدم التعجل و رفض أي نظرية أو فكرة لمجرّد اعتقادنا بمخالفتها للدين و النقل.
http://9ofy.com/pic/albums/userpics/10001/sofy_1l4ib00004.jpg
يوم الفالانتاين، كنت أتجول في ربوع الرياض البهيجة، بصراحة سذاجة ، والشباب يزينون سياراتهم لأجل بعض، والهيئة هاجمت كلّ أصحاب محلات الهدايا والورود لتخفي كلّ ما هو أحمر، أو ممكن يستغل كإشارة للفلانتاين. شخصياً، لا أعارض الحبّ أبداً، و أقف معه قلباً وقالباً و أشدّ على أيدي العاشقين الـ يقفون في وجه هذا المجتمع المقيّد.
المشكلة ليست في الحبّ، لكن في الميل الجنسي الذي ساد على العلاقات و التبديل بين الإناث ( والعكس ) مثل تبديل القمصان و الملابس، و القضية صارت قضية تسلية أكثر من كونها شعور عذب و جميل. مجتمعنا لا يفهم الحبّ، أصبح الجمال [تابو] عندنا، وخوف رهيب، وارتبط الحبّ بالرذيلة و السوء و المخالفة، وجمال الموسيقى بالحرام والذنب، و حلاوة الفنّ بقُبح التقليد و النوايا السيئة.
مجتمعنا لا يريد الحبّ، أو لنقل، لا يفهمه، هو خوف من المجهول، رهبة من شيء لا يعرفه، شيء متأصل من قرون، لا يفهمه أي فرد، جُبل على الخوف منه، وعاش عليه دون فهم أو تقدير ، كثير من الأشياء لا نفهمها، لكننا نركض خلفها لمجرّد أنها هكذا، دون تفكير أو تنبيش.
الدين عندنا يا أصدقاء قراءة للنصوص و النقل، وتوظيف للعقل لقراءة أثر الأولين، لا أحد يجبرك على اتباع منهج من سبقك في قراءة القرآن أو تأويل الأحاديث ، هم بدأوا كما بدأنا ، لا بد أن نفهم الدين، الدين حياة ولا يجب أن نغتاله لنجعله أغلالاً و قيوداً. الدين جميل، حين يكون متفهماً و يعيش في وسط يفهمه حقّ الفهم.
http://9ofy.com/pic/albums/userpics/10001/sofy_1l4ib00013.jpg
بعد سنوات قليلة من تفتح الإدراك عندي، أدركت أن المجتمع لن يصلح إلا بكفاح وجهد و تعب، ولا زال الكثير ينقصه حتى يكتمل، لا بد أن نتخلص من العنجهية في الفهم و الغطرسة في التطبيق... فهمنا لفكرة الليبرالية مثلاً، أحد الأصدقاء في المنتدى أعلن نفسه عدواً لليبرالية ليهاجمها في الكثير من مقالاته الجميلة، منطلقاً من فهم معين لبحر فكري واسع، الليبرالية أصول و جذور، ولها أهداف فاسدة تخريبية، بدأت معها، ومن ثمّ تبدلت بحسب التطبيق و الوعي لتصبح جميلة أحياناً، بل تصبح أشبه بالتفسير و التوضيح و التأصيل للدين نفسه.
ولننظر كذلك يا أصدقاء إلى الاتجاه الصحوي والذي جاء لنا بالفكر الإرهابي اليوم، لم يبدأ إلا بتفتيت ما نحن عليه، والبحث عن أشد التفسيرات نفوراً و شدة للدين، وهذا رد فعل طبيعي جداً ، فالمسلمون كانوا في حال تضاؤل و تساقط و ضعف، ومن طبيعة الإنسان الطيش و التمرّد، فبحث مجموعة من شباب ذلك الوقت عن أشد الآراء تطرّفاً و نفوراً للبحث عن حلّ جديد.
العنف كان ربّما ضرورياً مع نشأة الإسلام ، لنقل لتأصيله لأنه العرب كانوا فاقدين للوعي ذلك الوقت، وكذلك لأن الإسلام احتاج لموقف داعم و قوي، أمّا الآن فالإسلام ثابت وقوي و مرتكز القدم، والعنف يهدم ما بقينا نبنيه لـ 1400 سنة، أنا لست مفكراً إسلامياً، ولا لي أيّ إتجاه ديني، لكني أرى ما يؤرقني فقط . نملك الكثير كدول ، و ما يمكن أن يبني لنا شيء من حضارة، ونصرّ على التعلق بالنواجذ على مبادئ تآكلت و هلكت ( أعني هنا المبادئ التي تأصلت في عهد ازدهار الحضارة الإسلامية، أي ما بعد البعث و الرسالة و انطلاق الدين ).
من الجميل أن يكون لنا تاريخ عريض، لكن الأجمل أن نبني على هذا التاريخ ما ينفعنا أكثر، من الجميل أن نملك ماضياً طويلاً و عظيماً، لكن الأجمل أن ننظر بتعقل، مع الأسف، من عيوبنا هذه الأيام أننا [ماكلين مقلب] في أنفسنا و في حضارتنا، صلاح الدين لن يخرج من الكتب ليحرر بقعة محتلة، لا ولن يأتي الفارابي ليعود بمجدٍ نقلي علمي، مع احترامي للحضارة الإسلامية، إلا أن علومنا كانت قائمة - في معظمها - على النقل و الترجمة، و من ثم التطوير أحياناً، ومن ذلك يجب أن نفهم أن استيراد الأفكار، و تطوير ما تقادم منها هو التصرّف الصحيح، لا أكل ما مضى ورحل.
لن أطيل الحديث، أشكر من وصل إلى هنا، خلاصة الأمر، أنا لا أدعو إلى نبذ القديم، ولا إلى الهدم، لكن إلى البناء و التقدم ، أقف ضد التشدد و الفرض و تقييد الحرية ، أقف مع الحبّ و تحرير الشعور و الانطلاق، الكبت يغتال الجمال و يحرم الإنسان من الكثير، يجب أن نحبّ ، وعبر الحبّ نحبُّ أنفسنا و ننطلق. الأغلال أتعبت أقدامنا، و الماضي رحل، نحن أبناء اليوم، وبيدنا الكثير، ومن المؤسف أننا اليوم نصرّ على بتر هذه اليد الخلاقة.
لكم فقدة يا ناس، اشتقت للتواجد بينكم =).
مرّات أحس الفراغ و الجلسة لحالك أهدأ بكثير من الزحمة و كثرة العالم و القلق، ولما تكون لحالك، يفرّ مزاجك 180 ْ ، و تناظر روحك باحتقار و تقول " أيّ (نردنة) و (لحسة) هذي ؟" و تطلع تدور لك أحد :31: ، أحياناً رفقة كتاب أحسن من حكّ جلدك و التحديق في جدار مهترئ.
الإنسان متناقض، لما تكون مع الناس نفسك في الوحدة، ولما تكون لحالك تتمنى تطلع، وبنفس الوقت تصرّف المتصلين، و ودك تتصل على فلان أو علان، بس بنفس الوقت مالك نفس ، و تجلس تقضي الساعات تندب الويك اند الخايب و الملل في هالبلد.
على طاري هالبلد، من شاف الفيديو اللي ضربوا فيه شباب من السويدي أحد كوادر الهيئة؟ المهم ضربوا لهم واحد من الهيئة و صوروه و نشروا الملف بالبلوتوث و كتبوا عليه " كتيبة أحرار السويدي" ، من قرادة حظي حصلت على صورة :-
http://faisalroom.jeeran.com/9.psd.jpg
المهم أني أقف تماماً ضدّ هذا الموقف العنيف الشرس، و الذي يعبر عن نقص مروءة و رجولة مثل عدمها. لا أنكر أني ضد الهيئة، تماماً ضدّ الهيئة، و أقف ضد الكثير من تصرفاتها بعنف، و على التحكم و السلطوية و و و .. الخ. لكنّ التعرّض لهم بهذا السفور ( وإن كانوا هم أنفسهم يشرعون العنف مثلما يتنفسون الهواء يومياً ) لكن الرد على السوء بسوء مثله حلّ أحمق و همجي، والردّ على الهمجية بمثلها كذلك أمرّ أكثر سوءاً.
على أيّ حال، قبل ما لا يزيد عن الأسبوعين تعرّضت الصحفية السعودية سمر المقرن إلى موقف لا يعدو السابق سوءاً، إذ كانت في المتحف الوطني تقوم بتغطية أحد الفعاليات و معها ابنها - سبع سنوات - لتٌفاجأ برجل من رجال الهيئة يدخل ليقذف سمر المقرن في شرفها و يصرخ و يجعجع و يملأ القاعة ضجّةً، و يسخر و يستهزئ في مكان عام، وبتهم سافرة و مُقذعة.
يمكن نقول أن سمر المقرن تستاهل علقة، لكن مو مثل هذي صراحةً، لأنها سبق وصرّحت على أحد القنوات الفضائية بقولها " أنا غير مستعجلة على حرق العباءة، لكن أنتظر إحراق الحجاب أولاً" صيغة إحراق فيها من الدعوة إلى قتل الحرية الشيء الكثير ، والسِت سمر تدعي الإنتماء إلى الليبرالين، أي ليبرالية هذه التي تدعو إلى الحرية بقتل الحرية :)؟ أنا مع حرية المرأة في لبس الحجاب من عدمه، لكن أدونيس و سمر و من على شاكلتهم يدفعوني إلى السخرية بسخفهم في الطلب بالقضاء على الحجاب و إجبار خلق الله على ما يريدون، وهذا تناقض بعد.
في الكثير من المسائل الدينية أُفضّل النظرة العدمية المنعزلة، صديقي نيتشه قال بموت الآلهة، لكنه بشكل أو بآخر عبّر عن الحياد في هذه المسألة و الكفر بكلّ شيء، حتى الكفر نفسه، ( الكفر بالكفر، والإلحاد بالإلحاد، فكرة ظريفة)، المهم أني كذلك أتضايق كثيراً عند سماع أحد الملحدين و أقف دائماً في موقف محايد و صِفري، لأن الإيمان مسألة فطرية افتراضية خالصة، تعتمد على فطرة الإنسان لا على حواسه في معظم الأمر، و المُلحد يزعم غالباً الانتماء إلى أرتال المنطقيين بينما يناقض المنطق نفسه حين يجزم بالإلحاد، لاعترافه بعدم وجود دليل منطقي ينفي وجود الله. لن أُغرق في هذه المسألة، لأنها (بتحوس) مزاجي الرائق حالياً.
http://9ofy.com/pic/albums/userpics/10001/sofy_369661-4267ba960ff56b51.jpg
ما [ينرفزك] فعلاً هو تلبيس العلم و تشويهه، بإدخاله في المسائل الما وراء طبيعية ، مثل الإلحاد و القطع بعكسه أو فلسفة العلم للحصول على نتائج سخيفة. قضية الإيمان متأصلة في البشر من ملايين السنين، و من الصعب أن تدعي نفيها أو عدمها لمجرّد أن المدعي يجب أن يأتي بالحجة، في حالتنا هذه، الحجة على المُنكر، الواقف أمام البلايين من البشر من أوّل القرون.
داروين - بقى منه عصعص؟ - حين أتى بنظريته كان منطقياً و علمياً جداً، ولا يوجد دليل علمي واحد يقف ضد داروين، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن نؤمن بنظريته، ولا أن [نطلّقها]، هي نظرية مُعلّقة فقط. قد تتفق مع الإيمان و مع الدين بشكل أو بآخر لأنها لم تصل بعد إلى مرحلة كاملة أو واضحة.
في تسعينات القرن العشرين، كفّر الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - الباحث الفلكي المعروف :عبدالعزيز المرمش الشمري، حين كتب في احد الصحف مقالاً يتحدث فيه عن دوران الأرض حول الشمس لا العكس، و وقف الكثير من المتدينين في صفّ الشيخ، لأن الفهم كان خاطئ، واعتقدوا جميعاً أن دوران الأرض حول الشمس يعني سكون الشمس، ويعني رفض الآية الكريمة :- "والشمسُ تجري لمستقرٍ لها."، أنا هنا لا ألوم الشيخ لغيرته على الدين و القرآن، ولا أقف ضد الفلكي عبدالعزيز الشمري و الذي كافح لتوضيح وجهة نظره.
لم يقتنع الشيخ عبدالعزيز إلا حينما اتصل بالأمير سلطان بن سلمان بعد عودته من رحلة فضائية قصيرة، ليسأله عن كروية الأرض " شفتها بعينك ؟ " ، ويسأله عن دورانها حول الشمس " تأكدت؟ شفتها تدور؟"، بالطبع فيما بعد عرف الشيخ أن الشمس تدور حول مركز آخر ، و أن الأرض مفلطحة و أن هذا لا يقف ضد القرآن .. الخ. وهذا مثال سريع على عدم التعجل و رفض أي نظرية أو فكرة لمجرّد اعتقادنا بمخالفتها للدين و النقل.
http://9ofy.com/pic/albums/userpics/10001/sofy_1l4ib00004.jpg
يوم الفالانتاين، كنت أتجول في ربوع الرياض البهيجة، بصراحة سذاجة ، والشباب يزينون سياراتهم لأجل بعض، والهيئة هاجمت كلّ أصحاب محلات الهدايا والورود لتخفي كلّ ما هو أحمر، أو ممكن يستغل كإشارة للفلانتاين. شخصياً، لا أعارض الحبّ أبداً، و أقف معه قلباً وقالباً و أشدّ على أيدي العاشقين الـ يقفون في وجه هذا المجتمع المقيّد.
المشكلة ليست في الحبّ، لكن في الميل الجنسي الذي ساد على العلاقات و التبديل بين الإناث ( والعكس ) مثل تبديل القمصان و الملابس، و القضية صارت قضية تسلية أكثر من كونها شعور عذب و جميل. مجتمعنا لا يفهم الحبّ، أصبح الجمال [تابو] عندنا، وخوف رهيب، وارتبط الحبّ بالرذيلة و السوء و المخالفة، وجمال الموسيقى بالحرام والذنب، و حلاوة الفنّ بقُبح التقليد و النوايا السيئة.
مجتمعنا لا يريد الحبّ، أو لنقل، لا يفهمه، هو خوف من المجهول، رهبة من شيء لا يعرفه، شيء متأصل من قرون، لا يفهمه أي فرد، جُبل على الخوف منه، وعاش عليه دون فهم أو تقدير ، كثير من الأشياء لا نفهمها، لكننا نركض خلفها لمجرّد أنها هكذا، دون تفكير أو تنبيش.
الدين عندنا يا أصدقاء قراءة للنصوص و النقل، وتوظيف للعقل لقراءة أثر الأولين، لا أحد يجبرك على اتباع منهج من سبقك في قراءة القرآن أو تأويل الأحاديث ، هم بدأوا كما بدأنا ، لا بد أن نفهم الدين، الدين حياة ولا يجب أن نغتاله لنجعله أغلالاً و قيوداً. الدين جميل، حين يكون متفهماً و يعيش في وسط يفهمه حقّ الفهم.
http://9ofy.com/pic/albums/userpics/10001/sofy_1l4ib00013.jpg
بعد سنوات قليلة من تفتح الإدراك عندي، أدركت أن المجتمع لن يصلح إلا بكفاح وجهد و تعب، ولا زال الكثير ينقصه حتى يكتمل، لا بد أن نتخلص من العنجهية في الفهم و الغطرسة في التطبيق... فهمنا لفكرة الليبرالية مثلاً، أحد الأصدقاء في المنتدى أعلن نفسه عدواً لليبرالية ليهاجمها في الكثير من مقالاته الجميلة، منطلقاً من فهم معين لبحر فكري واسع، الليبرالية أصول و جذور، ولها أهداف فاسدة تخريبية، بدأت معها، ومن ثمّ تبدلت بحسب التطبيق و الوعي لتصبح جميلة أحياناً، بل تصبح أشبه بالتفسير و التوضيح و التأصيل للدين نفسه.
ولننظر كذلك يا أصدقاء إلى الاتجاه الصحوي والذي جاء لنا بالفكر الإرهابي اليوم، لم يبدأ إلا بتفتيت ما نحن عليه، والبحث عن أشد التفسيرات نفوراً و شدة للدين، وهذا رد فعل طبيعي جداً ، فالمسلمون كانوا في حال تضاؤل و تساقط و ضعف، ومن طبيعة الإنسان الطيش و التمرّد، فبحث مجموعة من شباب ذلك الوقت عن أشد الآراء تطرّفاً و نفوراً للبحث عن حلّ جديد.
العنف كان ربّما ضرورياً مع نشأة الإسلام ، لنقل لتأصيله لأنه العرب كانوا فاقدين للوعي ذلك الوقت، وكذلك لأن الإسلام احتاج لموقف داعم و قوي، أمّا الآن فالإسلام ثابت وقوي و مرتكز القدم، والعنف يهدم ما بقينا نبنيه لـ 1400 سنة، أنا لست مفكراً إسلامياً، ولا لي أيّ إتجاه ديني، لكني أرى ما يؤرقني فقط . نملك الكثير كدول ، و ما يمكن أن يبني لنا شيء من حضارة، ونصرّ على التعلق بالنواجذ على مبادئ تآكلت و هلكت ( أعني هنا المبادئ التي تأصلت في عهد ازدهار الحضارة الإسلامية، أي ما بعد البعث و الرسالة و انطلاق الدين ).
من الجميل أن يكون لنا تاريخ عريض، لكن الأجمل أن نبني على هذا التاريخ ما ينفعنا أكثر، من الجميل أن نملك ماضياً طويلاً و عظيماً، لكن الأجمل أن ننظر بتعقل، مع الأسف، من عيوبنا هذه الأيام أننا [ماكلين مقلب] في أنفسنا و في حضارتنا، صلاح الدين لن يخرج من الكتب ليحرر بقعة محتلة، لا ولن يأتي الفارابي ليعود بمجدٍ نقلي علمي، مع احترامي للحضارة الإسلامية، إلا أن علومنا كانت قائمة - في معظمها - على النقل و الترجمة، و من ثم التطوير أحياناً، ومن ذلك يجب أن نفهم أن استيراد الأفكار، و تطوير ما تقادم منها هو التصرّف الصحيح، لا أكل ما مضى ورحل.
لن أطيل الحديث، أشكر من وصل إلى هنا، خلاصة الأمر، أنا لا أدعو إلى نبذ القديم، ولا إلى الهدم، لكن إلى البناء و التقدم ، أقف ضد التشدد و الفرض و تقييد الحرية ، أقف مع الحبّ و تحرير الشعور و الانطلاق، الكبت يغتال الجمال و يحرم الإنسان من الكثير، يجب أن نحبّ ، وعبر الحبّ نحبُّ أنفسنا و ننطلق. الأغلال أتعبت أقدامنا، و الماضي رحل، نحن أبناء اليوم، وبيدنا الكثير، ومن المؤسف أننا اليوم نصرّ على بتر هذه اليد الخلاقة.
لكم فقدة يا ناس، اشتقت للتواجد بينكم =).