المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لعبه اسلاميه جميله جدا



حبر الإسلام
10-03-2006, 02:35 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاه والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

مارأيكم جميعا فى لعبه جميله وفى نفس الوقت فيها تعليم

سوف أبدأ بحرف الالف سوف أقول عن سيره صحابى من صحابه رسول الله صلى الله عليه

وسلم بحرف الالف

وبعد ذلك الشخص القادم بحرف الباء يخبرنا عن صحابى بحرف الباء

مارأيكم جميعا أرجو أن تعجبكم وفى نفس الوقت نتعلم ونقرأ عن هذه الشخصيات العظيمه

حبر الإسلام
10-03-2006, 02:36 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



والصلاه والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم



سوف أبدأ أنا صحابى بحرف الالف سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه وارضاه

سوف أتحدث عن نبذه بسيطه عن حياته



هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب الصديق التيمي القرشي، لقبه الصديق والعتيق.

ولد ونشأ بمكة، وكان سيداً من سادات قريش، محيطاً بأنساب القبائل وأخبارها، وكانت العرب تلقبه بعالم قريش.

اشتغل بالتجارة، وجمع ثروة كبيرة، وعندما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم كان أول من آمن به، وهو رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، وثاني اثنين في الغار، أقطعه صلى الله عليه وسلم داراً قرب المسجد النبوي.

شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً وأحداً، وثبت حين انكشف المسلمون، كما شهد معه المشاهد كلها، وحمل الراية العظمى في غزوة تبوك، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في أول حجة كانت في الإسلام.

ولما مرض النبي صلى الله عليه وسلم واشتد وجعه قال: ((مروا أبا بكر فليصل بالناس)) فقالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق، وإذا قام مقامك لم يكن يسمع الناس، قال: ((مروا أبا بكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف))، وعندما شعر صلى الله عليه وسلم بخفة دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب يتأخر، فأومأ إليه صلى الله عليه وسلم أن قم كما أنت، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً ومقتدياً بأبي بكر. وهذا من التكريم والتشريف له رضي الله عنه.

ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب المسلمون، وثبت أبو بكر، واستطاع أن يردهم إلى صوابهم.

بويع بالخلافة في سقيفة بني ساعدة سنة 11 هجرية، فأنفذ بعث أسامة الذي جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحارب المرتدين والممتنعين عن الزكاة، وافتتحت في أيامه بلاد الشام وقسم كبير من العراق، وأوصى بالخلافة بعده لعمر بن الخطاب.

كان رضي الله عنه إمام المسلمين في صلواتهم، وخطيبهم في الجمع والأعياد والمواسم.

له مناقب عظيمة، ومواقف جليلة، فقد حرم الخمر على نفسه في الجاهلية، وأنفق ماله كله في سبيل الله، واحتمل الشدائد، وقال عنه صلى الله عليه وسلم: ((إنه ليس من الناس أحدٌ أمنّ علي في نفسه وماله من أبي بكر، ولو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، ألا لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر)).




رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر مقبلين فقال: إن هذين لسيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، كهولهم وشبابهم، إلا النبيين والمرسلين.


له من الأولاد: عبد الله، وأسماء ذات النطاقين، وعبد الرحمن، وعائشة أم المؤمنين، ومحمد، وأم كلثوم رضي الله عنهم أجمعين.

كانت مدة خلافته سنتين وستة أشهر ونصف الشهر، توفي في المدينة في العام الثالث عشر للهجرة، وعمره ثلاث وستون سنة .

الشخص القادم يبدأ بصحابى بحرف الباء منتظرين

المسلمة روان
01-06-2006, 03:45 AM
بلال بن رباح
الساخر من الأهوال
كان عمر بن الخطاب، اذا ذكر أبو بكر قال:

" أبو بكر سيدنا وأعتق سيّدنا"..

يعني بلالا رضي الله عنه..

وان رجلا يلقبه عمر بسيدنا هو رجل عظيم ومحظوظ..
لكن هذا الرجل الشديد السمرة، النحيف الناحل، المفرط الطول الكث الشعر، الخفيف العارضين، لم يكن يسمع كلمات المدح والثناء توجه اليه، وتغدق عليه، الا ويحني رأسه ويغض طرفه، ويقول وعبراته على وجنتيه تسيل:

"انما أنا حبشي.. كنت بالأمس عبدا"..!!

فمن هذا الحبشي الذي كان بالأمس عبدا..!!

انه "بلال بن رباح" مؤذن الاسلام، ومزعج الأصنام..
انه احدى معجزات الايمان والصدق.

احدى معجزات الاسلام العظيم..

في كل عشرة مسلمين. منذ بدأ الاسلام الى اليوم، والى ما شاء الله سنلتقي بسبعة على الأقل يعرفون بلالا..

أي أن هناك مئات الملايين من البشر عبر القرون والأجيال عرفوا بلالا، وحفظوا اسمه، وعرفوا دوره. تماما كما عرفوا أعظم خليفتين في الاسلام: أبي بكر وعمر...!!


وانك لتسأل الطفل الذي لا يزال يحبو في سنوات دراسته الأولى في مصر، أ، باكستان، أ، الصين..

وفي الأمريكيتين، وأوروبا وروسيا..

وفي تاعراق ، وسوريا، وايران والسودان..

في تونس والمغرب والجزائر..

في أعماق أفريقيا، وفوق هضاب آسيا..

في كل يقعة من الأرض يقتنها مسلمون، تستطيع أن تسأل أي طفل مسلم: من بلال يا غلام؟

فيجيبك: انه مؤذن الرسول.. وانه العبد الذي كان سيّده يعذبه بالحجارة المستعرّة ليردّه عن دينه، فيقول:

"أحد.. أحد.."



وحينما تبصر هذا الخلود الذي منحه الاسلام بلالا.. فاعلم أن بلال هذا، لم يكن قبل الاسلام أكثر من عبد رقيق، يرعى ابل سيّده على حفنات من التمر، حتى يطو به الموت، ويطوّح به الى أعماق النسيان..

لكن صدق ايمانه، وعظمة الدين الذي آمن به بوأه في حياته، وفي تاريخه مكانا عليّا في الاسلام بين العظماء والشرفاء والكرماء...

ان كثيرا من عليّة البشر، وذوي الجاه والنفوذ والثروة فيهم، لم يظفروا بمعشار الخلود الذي ظفر به بلال العبد الحبشي..!!

بل ان كثيرا من أبطال التاريخ لم ينالوا من الشهرة التاريخية بعض الذي ناله بلال..

انه حبشي من أمة السود... جعلته مقاديره عبدا لأناس من بني جمح بمكة، حيث كانت أمه احدى امائهم وجواريهم..

كان يعيش عيشة الرقيق، تمضي أيامه متشابهة قاحلة، لا حق له في يومه، ولا أمل له في غده..!!

ولقد بدأت أنباء محمد تنادي سمعه، حين أخذ الانس في مكة يتناقلونها، وحين كان يصغي الى أحاديث ساداته وأضيافهم، سيما "أمية بن خلف" أحد شيوخ بني جمح القبيلة التي كان بلال أحد عبيدها..

لطالما سمع أمية وهو يتحدّث مع أصدقائه حينا، وأفراد قبيلته أحيانا عن الرسول حديثا يطفح غيظا، وغمّا وشرا..



وكانت أذن بلال تلتقط من بين كلمات الغيظ المجنون، الصفات التي تصور له هذا الدين الجديد.. وكان يحس أنها صفات جديدة على هذه البيئة التي يعيش فيها.. كما كانت أذنه تلتقط من خلال أحاديثهم الراعدة المتوعدة اعترافهم بشرف محمد وصدقه وأمانته..!!

سمعهم يتحدّثون عن أمانته..

عن وفائه..

عن رجولته وخلقه..

عن نزاهته ورجاحة عقله..

وسمعهم يتهامسون بالأسباب التي تحملهم على تحديّ وعداوته، تلك هي: ولاؤهم لدين آبائهم أولا. والخوف على مجد قريش ثانيا، ذلك المجد الذي يفيئه عليها مركزها الديني، كعاصمة للعبادة والنسك في جزيرة العرب كلها، ثم الحقد على بني هاشم، أن يخرج منهم دون غيرهم نبي ورسول!
وذات يوم يبصر بلال ب رباح نور الله، ويسمع في أعماق روحه الخيّرة رنينه، فيذهب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسلم..

ولا يلبث خبر اسلامه أن يذيع.. وتدور الأرض برؤوس أسياده من بني جمح.. تلك الرؤوس التي نفخها الكبر وأثقلها الغرور..!! وتجثم شياطين الأرض فوق صدر أميّة بن خلف الذي رأى في اسلام عبد من عبيدهم لطمة جللتهم جميعا بالخزي والعار..

عبدهم الحبشي يسلم ويتبع محمد..؟!
أما بلال فقد كان له موقف ليس شرفا للاسلام وحده، وان كان الاسلام أحق به، ولكنه شرف للانسانية جميعا..

لقد صمد لأقسى الوان التعذيب صمود البرار العظام.

ولكأنما جعله الله مثلا على أن سواد البشرة وعبودية الرقبة لا ينالان من عظمة الروح اذا وجدت ايمانها، واعتصمت بباريها، وتشبثت بحقها..

لقد أعطى بلال درسا بليغا للذين في زمانه، وفي كل مان، للذين على دينه وعلى كل دين.. درسا فحواه أن حريّة الضمير وسيادته لا يباعان بملء الأرض ذهبا، ولا بملئها عذابا..

لقد وضع عريانا فوق الجمر، على أن يزيغ عن دينه، أو يزيف اقتناعه فأبى..



لقد جعل الرسول عليه الصلاة والسلام، والاسلام، من هذا العبد الحبشي المستضعف أستاذا للبشرية كلها في فن احترام الضمير، والدفاع عن حريته وسيادته..

لقد كانوا يخرجون به في الظهيرة التي تتحول الصحراء فيها الى جهنم قاتلة.. فيطرحونه على حصاها الماتهب وهو عريان، ثم يأتون بحجر مستعر كالحميم ينقله من مكانه بضعة رجال، ويلقون به فوق جسده وصدره..

ويتكرر هذا العذاب الوحشي كل يوم، حتى رقّت لبلال من هول عذابه بعض قلوب جلاديه، فرضوا آخر الأمر أن يخلوا سبيله، على أن يذكر آلهتهم بخير ولو بكلمة واحدة تحفظ لهم كبرياءهم، ولا تتحدث قريش أنهم انهزموا صاغرين أمام صمود عبدهم واصراره..



ولكن حتى هذه الكلمة الواحدة العابرة التي يستطيع أن يلقيها من وراء قلبه، ويشتري بها حياته نفسه، دون أن يفقد ايمانه، ويتخلى عن اقتناعه..

حتى هذه الكلمة الواحدة رفض بلال أن يقولها..!

نعم لقد رفض أن يقولها، وصار يردد مكانها نشيده الخالد:"أحد أحد"
يقولون له: قل كما نقول..

فيجيبهم في تهكم عجيب وسخرية كاوية:

"ان لساني لا يحسنه"..!!

ويظل بلال في ذوب الحميم وصخره، حتى اذا حان الأصيل أقاموه، وجعلوا في عنقه حبلا، ثم أمروا صبيانهم أن يطوفوا به جبال مكة وشوارعها. وبلال لا يلهج لسانه بغير نشيده المقدس:" أحد أحد".



وكأني اذا جنّ عليهم الليل يساومونه:

غدا قل كلمات خير في آلهتنا، قل ربي اللات والعزى، لنذرك وشأتك، فقد تعبنا من تعذيبك، حتى لكأننا نحن المعذبون!

فيهز رأسه ويقول:" أحد.. أحد..".

ويلكزه أمية بن خلف وينفجر غمّا وغيظا، ويصيح: أي شؤم رمانا بك يا عبد السوء..؟واللات والعزى لأجعلنك للعبيد والسادة مثلا.

ويجيب بلال في يقين المؤمن وعظمة القديس:

"أحد.. أحد.."

ويعود للحديث والمساومة، من وكل اليه تمثيل دور المشفق عليه، فيقول:

خل عنك يا أميّة.. واللات لن يعذب بعد اليوم، ان بلالا منا أمه جاريتنا، وانه لن يرضى أن يجعلنا باسلامه حديث قريش وسخريّتها..

ويحدّق بلال في الوجوه الكاذبة الماكرة، ويفتر ثغره عن ابتسامة كضوء الفجر، ويقول في هدوء يزلزلهم زلزالا:

"أحد.. أحد.."

وتجيء الغداة وتقترب الظهيرة، ويؤخذ بلال الى الرمضاء، وهو صابر محتسب، صامد ثابت.

ويذهب اليهم أبو بكر الصديق وهو يعذبونه، ويصيح بهم:

(أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله)؟؟

ثم يصيح في أميّة بن خلف: خذ أكثر من ثمنه واتركه حرا..

وكأنما كان أمية يغرق وأدركه زورق النجاة..



لقد طابت نفسه وسعدت حين سمع أبا بكر يعرض ثمن تحريره اذ كان اليأس من تطويع لال قد بلغ في في نفوسهم أشده، ولأنهم كانوا من التجار، فقد أردكوا أن بيعه أربح لهم من موته..

باعوه لأبي بكر الذي حرّره من فوره، وأخذ بلال مكانه بين الرجال الأحرار...



وحين كان الصدّيق يتأبط ذراع بلال منطلقا به الى الحرية قال له أمية:

خذه، فواللات والعزى، لو أبيت الا أن تشتريه بأوقية واحدة لبعتكه بها..

وفطن أبو بكر لما في هذه الكلمات من مرارة اليأس وخيبة الأمل وكان حريّا بألا يجيبه..

ولكن لأن فيها مساسا بكرامة هذا الذي قد صار أخا له، وندّا،أجاب أمية قائلا:

والله لو أبيتم أنتم الا مائة أوقية لدفعتها..!!



وانطلق بصاحبه الى رسول الله يبشره بتحريره.. وكان عيدا عظيما!

وبعد هجرة الرسول والمسلمين الى المدينة، واستقرارهم بها، يشرّع الرسول للصلاة أذانها..

فمن يكون المؤذن للصلاة خمس مرات كل يوم..؟ وتصدح عبر الأفق تكبيراته وتهليلاته..؟

انه بلال.. الذي صاح منذ ثلاث عشرة سنة والعذاب يهدّه ويشويه أن: "الله أحد..أحد".

لقد وقع اختيار الرسول عليه اليوم ليكون أول مؤذن للاسلام.

وبصوته النديّ الشجيّ مضى يملأ الأفئدة ايمانا، والأسماع روعة وهو ينادى:

الله أكبر.. الله أكبر

الله أكبر .. الله أكبر

أشهد أن لااله الا الله

أشهد أن لا اله الا الله

أشهد أن محمدا رسول الله

أشهد أن محمدا رسول الله

حي على الصلاة

حي على الصلاة

حي على الفلاح

حي على الفلاح

الله أكبر.. الله أكبر

لااله الا الله...


منقول بتصرف
( هذا قليل جدا من كثييييير ،، رحم الله بلال بن رباح مؤذن الإسلام)

حبر الإسلام
04-06-2006, 07:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاه والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم


جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه
هذا الشهيد:
هو جعفر بن أبي طالب بن عبدالمطّلب بن هاشم بن عبدمَناف.
أُمّه:
فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمَناف.
إخوته: عليٌّ أمير المؤمنين عليه السّلام، وعقيل، وطالب.
زوجته:
أسماء بنت عُمَيس رضوان الله عليها.
وُلِد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه بمكّة المكرّمة بعد عام الفيل بعشرين سنة، وكان من المسلمين الأوائل.. حيث كان ثالثَ ثلاثة:
• رَوَوا: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله بُعِث يوم الإثنين، وصلّى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام معه يوم الثلاثاء(1).
• وقال عفيف الكِنديّ ( أخو الأشعث بن قيس الكِنديّ ):
رأيت شابّاً يصلّي، ثمّ جاء غلامٌ فقام عن يمينه، ثمّ جاءت امرأةٌ فقامت خلفهما. فقلت للعبّاس بن عبدالمطّلب: هذا أمرٌ عظيم!
قال العباس: ويحك! هذا محمّد، وهذا عليّ، وهذه خديجة.. إنّ ابن أخي حدّثني أنّ ربّه ربّ السماوات والأرض أمَرَه بهذا الدين، وواللهِ ما على ظهر الأرض على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة(2).
• وذكروا: أنّ أبا طالب فقَدَ النبيَّ صلّى الله عليه وآله يوماً، وكان يخاف عليه من قريش أن يَغتالوه، فخرج أبو طالب ومعه ابنُه جعفر يطلبانِ النبيَّ صلّى الله عليه وآله، فوجده قائماً في بعض شِعاب مكّة يصلّي، وعليٌّ عليه السّلام معه عن يمينه.. فلمّا رآهما أبو طالب قال لجعفر: تَقَدّمْ وصِلْ جناحَ ابنِ عمّك. فقام جعفر عن يسار النبيّ صلّى الله عليه وآله، فلمّا صاروا ثلاثةً تقدّم رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وتأخّر الأخَوَان: عليٌّ وجعفر، فبكى أبو طالب ( فَرَحاً ) وقال:
إنّ عليّـاً وجعفـراً ثِقـتـي عند مُلِمّ الخطوبِ والـنُّـوَبِ
لاتَخذُلا، وانصُرا ابنَ عمِّكما أخي لأُمّـي مِن بينهم وأبـي
واللهِ لا أخـذلُ الـنبـيَّ ولا يَخذُلُه مِن بَنِيَّ ذو حَسَبِ(3)
• ودوّن الذهبيّ: عن الحسن بن زيد: إنّ عليّاً أوّلُ ذكَرٍ أسلم، ثمّ أسلَمَ زيدٌ ثمّ جعفر(4).
• وقد أجمع المؤرّخون والرجاليّون على أنّ جعفر الطيّار ابن أبي طالب عليه السّلام كان من السبّاقين إلى الإسلام، الذين بُشِّروا بقوله تعالى: والسّابِقُونَ السّابِقُونَ * أُولئكَ المُقَرَّبونَ * في جَنّاتِ النَّعيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلينَ * وقَليلٌ مِنَ الآخِرينَ (5).
في كتاب الله العزيز
أكرمَ القرآنُ الكريم أُناساً مؤمنين، وثَمَّن مواقفهم.. كمؤمن آلِ فرعون، ومؤمن آلِ ياسين، وأصحاب الكهف، وغيرهم.
كما شرّف المؤمنين المجاهدين الصادقين الثابتين بذِكْرٍ طيّب خالد، فنزلت آياته المباركة وثائقَ سماويّةً هي أسمى الأوسمة الإلهيّة النازلة، فجاء قوله تعالى:
• وبَشِّرِ الذينَ آمَنُوا وعمِلُوا الصالحاتِ أنَّ لَهُم جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِها الأنهارُ.. (6).
في تفسير فرات الكوفيّ ( ص 2 ): عن ابن عبّاس قال: نَزَلتْ في: عليٍّ وحمزةَ وجعفرٍ وعُبيدةَ بنِ الحارث بن عبدالمطّلب.
• وقولُه تعالى: وَهُدُوا إلَى الطَّيّبِ مِنَ القَولِ وهُدُوا إلى صِراطِ الحَميد (7).
• قال الإمام جعفر الصادق عليه السّلام: ذاك حمزةُ وجعفر وعُبيدة وسلمان وأبوذرّ والمِقداد بن الأسوَد وعمّار، هُدُوا إلى أميرِ المؤمنين عليه السّلام(8).
• وقوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذينَ يُقاتَلُونَ بأنَّهُم ظُلِمُوا وإنَّ اللهَ على نَصرِهِم لَقَديرٌ (9).
قال الإمام الصادق عليه السّلام: نزَلَتْ في: عليٍّ وحمزةَ وجعفر(10).
• وقوله تعالى: الّذينَ أُخْرِجوا مِن دِيارِهِم بِغَيرِ حَقٍّ إلاّ أن يَقولوا: رَبُّنا اللهُ.. (11).
قال الإمام الصادق عليه السّلام: نَزَلتْ في: عليٍّ أميرِ المؤمنين عليه السّلام، وجعفر وحمزة(12).
• وذكر ابن حَجَر العسقلانيّ أنّ الثعلبيّ أخرج في تفسير الآية: وعَلَى الأعرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بسِيماهُم.. (13)..
عن ابن عبّاس أنّ الأعراف موضعٌ عالٍ من الصراط، عليه: عليّ بن أبي طالب، وجعفر ذو الجَناحَين.. يَعرفون مُحبيّهم ببياضِ الوجوه، ومُبغضيهم بسوادِ الوجوه(14).
في أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وآله
طالما أشاد رسولُ الله صلّى الله عليه وآله بمواقف أصحابه المخلصين الأوفياء، والمجاهدين الثابتين الأُمَناء، حتّى قال في معركة أُحد: لَمَقامُ نَسيبةَ بنتِ كعبٍ اليومَ خيرٌ من مَقام فُلانٍ وفلان!(15)
فكيف بجعفر بن أبي طالب.. وقد حَمَل رايةَ الجهاد عشرين عاماً، وهاجَرَ في سبيل الله الهِجرتَين، واستُشهِد من أجل إعلاء كلمة الله تبارك وتعالى ؟! فهذه باقةٌ من جملة أحاديث نبويّةٍ شريفةٍ فيه:
• روى المتّقي الهندي: قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: عليٌّ أصلي، وجعفر فَرعي(16).
• وروى المحبّ الطبريّ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قولَه: نحن بنو عبدالمطّلب ساداتُ أهل الجنّة: أنا، وحمزة، وعليّ، وجعفر بن أبي طالب، والحسن والحسين، والمهديّ(17).
• وعن أبي أيّوب الأنصاريّ قال: قال رسولُ الله صلّى الله عليه وآله لفاطمة رضي الله عنها: منّا خير الأنبياء ـ وهو أبوكِ، ومنّا خيرُ الأوصياء ـ وهو بَعلُكِ، ومنّا خير الشهداء ـوهو عمُّ أبيكِ « حمزة »، ومنّا مَن له جَناحانِ يطير بهما في الجنّة حيث يشاء ـ وهو ابن عمّ أبيكِ « جعفر »، ومنّا سِبطا هذه الأمّة سيّدا شباب أهل الجنّة « الحسن والحسين » ـ وهما ابناكِ، ومنّا المهديّ ـ وهو وَلَدُكِ(18).
• وروى الشيخ الصدوق في أماليه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: إنّي خُلِقتُ من طينةٍ مرحومةٍ في أربعةٍ من أهل بيتي: أنا وعليٌّ وحمزةُ وجعفر(19).
• ونقل الحاكم النيسابوريّ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال لجعفر: أمّا أنت ـ يا جعفر ـ فأشبهتَ خَلْقي وخُلُقي، وأنت من شجرتي التي أنا منها(20).
• ودوّن ابنُ الأثير هاتين الروايتين عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال:
ـ أمّا أنتَ ـ يا جعفر ـ فأشبهتَ خَلْقي وخُلُقي، وأنت مِن عترتي التي أنا منها.
ـ رأيتُ جعفراً يطير في الجنّة مع الملائكة(21).
• فيما روى ابن عبدالبَرّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ وقد رأى جعفراً مُقْبِلاً من الحبشة إلى المدينة بمن معه من المسلمين ووفُد النَّجاشي، وكان المسلمون في غمرة الابتهاج بفتح خيبر ـ استقبله معانقاً إيّاه وقال: ما أدري بأيِّهِما أنا أشَدُّ فَرَحاً: أبِقُدومِ جعفر، أم بفتحِ خيبر ؟!(22)
قال الميرزا النوريّ: إنّ ما نزل في جعفر من الآيات، وما ورد في شأنه من الأخبار، ما يكشف عن مقامٍ هو فوق [ مقام ] العدالة بدرجات(23).
خصال سامية
في الحديث الشريف: الناس مَعادِنُ كمعادِنِ الذهب والفضة(24). وجعفر بن أبي طالب هو من الذوات الطاهرة النبيلة، تَرفّع عن الرذائل، وتسامى مع الفضائل، وسلك سبيل الصلاح والهدى والكرامة، فجاء الوحيُ الشريف يكرّمه:
• عن جابر بن يزيد الجُعفيّ، عن الإمام أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام قال: أوحى الله عزّوجلّ إلى رسوله صلّى الله عليه وآله: انّي شكرتُ لجعفر بن أبي طالب أربعَ خصال. فدعاه النبيُّ صلّى الله عليه وآله فأخبره، فقال ( جعفر ): لولا أنّ الله أخبرَك ما أخبرتُك: ـ
ما شَرِبتُ خَمْراً قطّ؛ لأنّي علمتُ أن لو شربتُها زال عقلي.
وما كَذِبتُ قطّ؛ لأنّ الكذب يُنقص المروءة.
وما زَنَيتُ قطّ؛ لأنّي خِفتُ أنّي إذا عملتُ عُمِل بي.
وما عبدتُ صنماً قطّ، لأنّي علمتُ أنّه لا يَضرّ ولا يَنفع.
قال: فضرب النبيُّ صلّى الله عليه وآله يدَه على عاتقه فقال: حَقَّ لله عزّوجلّ أن يجعل لك جَناحَينِ تطير بهما مع الملائكة في الجنّة(25).
• وكان جعفر بن أبي طالب رضوان الله عليه يشبه رسولَ الله صلّى الله عليه وآله خَلْقاً وخُلُقاً. وقد كُنّي بـ: أبي عبدالله، وأبي المساكين. ولُقِّب بـ: الطيّار، وذي الجناحين. وهو أوّل مَن عقَرَ فرسَه في الإسلام.
إلى الحبشة
للظروف العصيبة التي مرّ بها رسول الله صلّى الله عليه وآله والمسلمون الأوائل، كان على البعض أن يهاجر إلى الحبشة، فهاجر إليها نيّفٌ وثمانون مسلماً بزعامة جعفر بن أبي طالب. ولقد أثار ذلك عداوة قريش وحفيظتَها، فأرسلت إلى ملك الحبشة ( النَّجاشيَّ ) وفداً مكوّناً من عمرو بن العاص وعُمارة بن الوليد محمَّلَينِ بالهدايا للملك وحاشيته، يطلبانِ بذلك أن يردّ المسلمين المهاجرين إلى قريش، فوَرَدا على الملك، وقال عمرو ـ وكان مُفاوِض قريش: أيّها الملك، إنّ قوماً منّا خالفونا في ديننا، وسَبّوا آلهتنا، وصاروا إليك، فرُدَّهم إلينا.
فبعث النجاشيُّ إلى جعفر، فجاءه، فقال النجاشيّ له:
ـ يا جعفر، ما يقول هؤلاء ؟!
ـ أيّها الملك، وما يقولون ؟
ـ يسألوني أن أردَّكم إليهم.
ـ أيّها الملك، سَلْهم أعبيدٌ نحن لهم ؟
فقال عمرو: لا، بل أحرارٌ كرام.
قال جعفر: فسَلْهم، ألَهُم دُيونٌ يطالبوننا بها ؟
قال عمرو: لا، ما لنا عليكم ديون.
قال جعفر: فلكم في أعناقنا دماء تُطالبوننا بِذُحول ؟
قال عمرو: لا.
قال: فما تريدون منّا ؟! آذَيتمونا فخرجنا من بلادكم.
فقال عمرو: أيّها الملك، خالَفونا في ديننا، وسَبُّوا آلهتنا، وأفسَدوا شبابنا، وفرّقوا جماعتنا،فرُدَّهم إلينا لنجمع أمرَنا.
فقال جعفر: نعم أيّها الملك، خالفَناهم.. إن الله تعالى بعث فينا نبيّاً أمر بـ: خلْعِ الأنداد وتركِ الاستقسام بالأزلام، وأمَرَنا بالصلاة والزكاة.. وحَرَّم: الظلمَ والجور وسفكَ الدماء بغير حقّها، والزنا والربا والمِيتةَ والدم، وأمرَنا بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُربى، ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.
فقال النجاشي: بهذا بعَثَ اللهُ عيسى.. يا جعفر،هل تَحفَظ ممّا أنزَلَ الله تعالى على نبيّك شيئاً ؟
قال: نعم.
فقرأ جعفر على النجاشيّ سورة مريم.. فلمّا بلغ قولَه تعالى: وَهُزّي إلَيك بِجِذْع النَّخلةِ تُساقِطْ عَلَيكِ رُطَباً جَنِيّاً (26)، بكى النجاشيّ وقال: هذا ـ والله ـ هو الحقّ.
وأنزلَ اللهُ تعالى في ذلك: وإذا سَمِعوا ما أُنزِلَ إلى الرسولِ تَرَى أعيُنَهُم تَفيضُ مِنَ الدُّمعِ مِمّا عَرَفُوا مِن الحقِّ يَقولونَ رَبَّنا آمَنّا فآكتُبْنا مَعَ الشاهدين (27).
وتفشل مؤامرةُ قريش، وقد تساءل النجاشيّ عن الإسلام أراد أن يعرف معالمَه وقد شغله ذلك، فأجابه جعفر مستعرضاً ظروف مكّة والعرب والحياة الجديدة قائلاً:
إنّ هؤلاء على شرِّ دِينٍ.. يَعبدون الحجارة ويُصلّون للأصنام، ويقطعون الأرحام، ويستعملون الظلم، ويستحلّون المحارم. وإنّ الله بعث فينا نبيّاً مِن أعظمنا قَدْراً، وأشرفِنا سراراً ( أي نَسَباً )، وأصدَقِنا لَهجةً، وأعزِّنا بيتاً.. فأمَرَ عن الله بتركِ عبادة الأوثان، واجتنابِ المظالم والمحارم، والعملِ بالحقّ، والعبادةِ لله وحده.
فردّ النجاشيّ على عمروٍ وعمارة هداياهما وقال: أدفعُ إليكم قوماً في جواري على دين الحقّ، وأنتم على دين الباطل ؟!
ودار بحثٌ عقائديّ بين عمروٍ وعمارة من جهة، وجعفر بن أبي طالب رضوان الله عليه من جهة ثانية، والنجاشيّ يتابع الأمر وقد تناول موضوع السيّد المسيح وأمّه مريم عليهما الصلاة والسلام، انتهى ذلك البحث بتفوّق جعفر، كذلك انتهى الموضوع بخيبة عمرو وعمارة وإخفاق المؤامرة. وأقام المسلمون بأرض الحبشة حتّى وُلِد لهم الأولاد، فكان جميع أولاد جعفر قد وُلِدوا في أرض الحبشة، وعاشوا في أمنٍ وسلام(28).
هذا، وقد أسلم النجاشيّ على يَدَي جعفر بن أبي طالب، وكذا جماعة من أتباع النجاشيّ صرّح بذلك ابن حجر العسقلانيّ في كتابه ( الإصابة في تمييز الصحابة 86:2 ). وكان من النجاشيّ أن راسَلَ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله، وبَعَث إليه بالهدايا كرامةً ومحبّة، كذا بعث إليه بثلاثين قِسّيساً لينظروا في كلامه صلّى الله عليه وآله وآدابه، فوافَوا المدينة، ودعاهم رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى الإسلام فآمَنوا، وعادُوا إلى النجاشيّ.. ومن هناك انتشر الإسلام في تلك الربوع إلى يومنا هذا(29).
إلى مُؤتة
مُؤْتة هي: قرية من قرى البَلْقاء على حدود الشام(30)، وهي اليوم معروفة في دولة الأُردنّ.
وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله قد أخذ ـ بعد فتح مكّة ـ يُراسل ملوكَ العالَم يدعوهم إلى الإسلام، ومنهم ملك بُصرى إذْ أرسل إليه الحرثَ بن عُمَير الأزديّ، فعرض له شُرَحبيلُ بن عمرو فقتله بعد أن عَرَفه أنّه من رُسُل النبيّ صلّى الله عليه وآله، فكان ذلك بداية للحرب.
حينذاك أرسل صلّى الله عليه وآله جيشاً مكوّناً من ثلاثة آلاف مقاتل، عليهم جعفر بن أبي طالب، فإنْ أُصيب فزيد بن حارثة، فإن أُصيب فعبدُ الله بن رَواحة. وكان الملتقى في البَلْقاء شرقَ نهر الأُردنّ عند « مُؤْتة » حيث جيشُ الروم وعدّتُه مائتا ألفِ مقاتل، فتكون النسبة واحداً إلى سبعين، ومع ذلك قرّر المسلمون القتالَ ومُنازلةَ العدوّ على رغم قلّتهم.. ثلاثة آلاف مقابل مائتي ألف!
ويتقابل الجيشان.. وتنشب المعركة، فما كان من جعفر إلاّ أن قطع عُرقوبَ فَرَسِه(31)؛ تشجيعاً منه لجيشه وهو قائده، فكان أوّلَ مَن عَرْقبَ فَرَسَه في الإسلام(32). وتشتدّ المعركة واللواء بيد جعفر وهو يزحف بالمسلمين على قلّتهم، وتتساقط عُلوج الروم وهو يرتجز قائلاً:
يا حَبّذا الجنّـةُ واقتِرابُـها طيّبـةٌ وبـاردٌ شَـرابُـها
والرومُ رومٌ قد دَنا عذابُها كافـرةٌ، بَعيدةٌ أنسـابُـها
حتّى قُطِعت يمينُه، فأخَذ السيفَ ( أو الراية ) بشماله، حتّى إذا قُطعت شماله ضَمَّ الرايةَ إلى صدره ختّى سقط صريعاً شهيداً.. فتناول اللواءَ منه زيدُ بن حارثة، فلمّا استُشهِد تناوله عبدُالله بن رواحة(33).
والتُمِس جعفر من بين الشهداء.. فوُجِدَ فيما أقبل مِن جسمه بضعٌ وتسعون بين طعنةٍ ورمية(34).
الذِّكر الجَميل
• قال قيس بن سعد بن عُبادة لمعاوية في ذِكْر الأبطال: منهم جعفر بن أبي طالب، الطيّار في الجنّة بجناحين، اختصّه اللهُ بذلك مِن بين الناس(35).
• وقال أبو هريرة: كان جعفر يحبّ المساكين ويجلس إليهم، ويحدثّهم ويحدّثونه، فكان رسول الله يُكنّيه « أبا المساكين »(36).
• قال الشعبيّ: كان عبدالله بن عمر إذا حَيّى عبدَالله بن جعفر قال له: السلام عليك يا ابنَ ذي الجَناحَين(37).
• وقال ابن عبدالبَرّ: كان جعفر من المهاجرين الأوّلين، هاجَرَ إلى الحبشة وقَدِم منها على رسول الله صلّى الله عليه وآله، فاعتنقه وقال: ما أدري بأيّهما أنا أشدُّ فَرَحاً: أبِقُدوم جعفر، أم بفتحِ خيبر ؟! واختطّ له رسولُ الله صلّى الله عليه وآله إلى جنب المسجد(38).
• وقال ابن حجر العسقلانيّ: جعفر.. ابن عمّ النبيّ صلّى الله عليه وآله، وأحد السابقين إلى الإسلام، وأخو عليٍّ شقيقه... استُشهِد بمؤتة من أرض الشام مُقْبِلاً غير مُدِبر، مجاهداً للروم سنة ثمانٍ من الهجرة في جُمادى الأُولى(39).
• وقال الذهبيّ: جعفر بن أبي طالب الشهيد، الكبير الشأن، هاجر الهجرتين: إلى الحبشة وإلى المدينة، فأقام بالمدينة أشهراً ثمّ أمّره رسولُ الله صلّى الله عليه وآله على جيش غزوة مؤتة بناحية الكرك، فاستُشهِد(40).
• وقال اليافعيّ: ومن فضائل جعفر: إرسالُ النبيّ صلّى الله عليه وآله إيّاه أميراً، وحصول الهجرتين له ولأصحابه، وصدقُه بين يدَي النجاشيّ في أنّ عيسى صلوات الله وسلامه عليه عبدُ الله ورسولُه، مع اتّخاذ النصارى له إلهاً وقتلِهم مَن يصف المسيح بكونه عبداً، وإسهامُ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله له ولأصحابه يومَ خيبر ( مع عدم حضورهم فيها ) ولم يكونوا شهِدوا الواقعة، وشدّةُ شفقةِ جعفر على المساكين وبرُّه لهم ـ كما ورد في الحديث(41).
• وقال محيي الدين النوويّ: هو أبو عبدالله جعفر بن أبي طالب، الهاشميّ، الطيّار، ذو الجناحَين، وذو الهجرتَين، الجواد أبو الجواد، كان مِن متقدّمي الإسلام، وهاجر إلى الحبشة، وكان هو وأصحابه سببَ إسلام النجاشيّ رحمه الله(42).
• وقال علي سامي النشّار: انقضّ جعفر على الروم يقتل فيهم يميناً وشمالاً، ولكن ما لبثت سيوفهم أن قَطَعت يمينه، فأخذ اللواءَ بشماله فقُطعت، فاحتَضَن اللواءَ بعَضُدَيه، فضربوه بسيوفهم حتّى قطعوه، وأقبل عليه المسلمون فوجدوا فيما بقيَ من بدنه تسعين ضربة.. بين طعنةٍ برمح وضربةٍ بسيف(43).
• وقال خيرالدين الزركليّ: صحابيٌّ هاشميّ، مِن شجعانهم، يقال له: جعفر الطيّار. وهو أخو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، ومن السابقين إلى الإسلام، أسلَمَ قبل أن يدخل رسول الله صلّى الله عليه وآله دار الأرقم ويدعو فيها. وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية، فلم يَزَل هناك إلى أن هاجر النبيّ صلّى الله عليه وآله إلى المدينة..(44)
• وقال محمّد حسين هيكل: تناول الرايةَ من يد النبيّ صلّى الله عليه وآله جعفر ـ وهو يومئذٍ في الثالثة والثلاثين من عمره ـ شابّ تعدل وسامته شجاعته، وقاتل بالراية.. حتّى إذا أحاط العدوُّ بفرسه اقتحم عنها فعَرقَبَها واندَفَع بنفسه وسط القوم، يَهوي سيفُه برؤوسهم حيثما وقع. وكان اللواء بيمينه فقُطعت، فأخذه بشماله فقُطعت، فاحتضنه بعضُدَيه حتّى قُتِل..
زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب.. اللذانِ اقتحما صفوفَ الموت، وطارا للاستشهاد فَرَحاً(45).
رحم الله جعفراً.. تنزّه عن المحارم، وعفّ عن الرذائل، وتألقّ في المكرمات، حتّى اختار اللهُ تعالى له درجات العُلى

1 ـ المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوريّ 112:3 ؛ تاريخ الطبريّ 211:2.
2 ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 29:1 ؛ مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 250:1.
3 ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 269:13 ؛ أمالي الصدوق ـ المجلس 76 ص 456.
4 ـ سِيرَ أعلام النبلاء 157:1.
5 ـ سورة الواقعة: 10 ـ 14.
6 ـ سورة البقرة:25.
7 ـ سورة الحجّ:24.
8 ـ أصول الكافي للكلينيّ 426:1.
9 ـ سورة الحجّ:39.
10 ـ بحار الأنوار للشيخ المجلسيّ / ج 6 ـ باب عشائر النبيّ صلّى الله عليه وآله.
11 ـ سورة الحجّ:40.
12 ـ تفسير فرات الكوفيّ 99.
13 ـ سورة الأعراف:46.
14 ـ الصواعق المحرقة لابن حجر 101.
15 ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 377:3. وفلان وفلان، هما اللذان هربا من المعركة!
16 ـ كنز العمّال 153:6.
17 ـ ذخائر العقبى 15.
18 ـ منتخب الأثر 191.
19 ـ أمالي الصدوق ـ المجلس 37 ص 183.
20 ـ المستدرك على الصحيحين 211:3.
21 ـ أُسد الغابة في معرفة الصحابة 287:1.
22 ـ الاستيعاب ـ بهامش الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 155:2.
23 ـ مستدرك وسائل الشيعة 787:3.
24 ـ مجمع البحرين للطريحيّ 281:6.
25 ـ أمالي الصدوق ـ المجلس 17 ص 67.
26 ـ سورة مريم:25.
27 ـ قاموس الرجال للشيخ محمّد تقي التستريّ 372:2 ـ والآية في سورة المائدة:83.
28 ـ تاريخ اليعقوبيّ 24:2.
29 ـ إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسيّ 46.
30 ـ معجم البلدان لياقوت الحمويّ 190:8.
31 ـ العرقوب: عَصَبٌ غليظ فوق العقب.
32 ـ الاستيعاب 155:2.
33 ـ تاريخ الطبريّ 19:3.
34 ـ الإصابة في تمييز الصحابة 86:2.
35 ـ كتاب سُلَيم بن قيس الهلاليّ 126.
36 ـ الإصابة 86:2.
37 ـ تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلانيّ 98:2.
38 ـ الاستيعاب 150:2.
39 ـ الإصابة 85:2.
40 ـ سِيَر أعلام النبلاء 151:1.
41 ـ مرآة الجِنان 14:1.
42 ـ تهذيب الأسماء واللّغات 148:1.
43 ـ شهداء الإسلام في عهد النبوّة 91.
44 ـ الأعلام 118:2.
45 ـ حياة محمّد صلّى الله عليه وآله 276 ، 277.

المسلمة روان
06-06-2006, 01:35 AM
حمزة بن عبد المطلب - أسد الله وسيّد الشهداء







كان حمزة يعرف عظمة ابن أخيه وكماله.. وكان على بيّنة من حقيقة أمره، وجوهر خصاله..


فهو لا يعرف معرفة العم بابن أخيه فحسب، بل معرفة الأخ بالأخ، والصديق بالصديق.. ذلك أن رسول الله وحمزة من جيل واحد، وسن متقاربة. نشأ معا وتآخيا معا، وسارا معا على الدرب من أوله خطوة خطوة..




ولئن كان شباب كل منهما قد مضى في طريق، فأخذ حمزة يزاحم أنداده في نيل طيبات الحياة، وافساح مكان لنفسه بين زعماء مكة وسادات قريش.. في حين عكف محمد على اضواء روحه التي انطلقت تنير له الطريق الى الله وعلى حديث قلبه الذي نأى به من ضوضاء الحياة الى التأمل العميق، والى التهيؤ لمصافحة الحق وتلقيه..




ومضت الأيام، ينادي بعضها بعضا ومع كل يوم تزداد همهمة قريش حول دعوة الرسول..


ثم تتحوّل همهمة قريش الى تحرّش. وحمزة يرقب الموقف من بعيد..


ان ثبات ابن أخيه ليبهره.. وان تفانيه في سبيل ايمانه ودعوته لهو شيء جديد على قريش كلها، برغم ما عرفت من تفان وصمود..!!


ولو استطاع الشك يومئذ أن يخدع أحدا عن نفسه في صدق الرسول وعظمة سجاياه، فما كان هذا الشك بقادر على أن يجد الى وعي حمزة منفا أو سبيلا..


فحمزة خير من عرف محمدا، من طفولته الباكرة، الى شباب الطاهر، الى رجولته الأمينة السامقة..


انه يعرفه تماما كما يعرف نغسه، بل أكثر مما يعرف نفسه، ومنذ جاءا الى الحياة معا، وترعرعا معا، وبلغا أشدّهما معا، وحياة محمد كلها نقية كأشعة الشمس..!! لا يذكر حمزة شبهة واحدة ألمّت بهذه الحياة، لا يذكر أنه رآه يوما غاضبا، أو قانطا، أو طامعا،أو لاهيا، أو مهزوزا...


وحمزة لم يكن يتمتع بقوة الجسم فحسب، بل وبرجاحة العقل، وقوة اارادة أيضا..


ومن ثم لم يكن من الطبيعي أن يتخلف عن متابهة انسان يعرف فيه كل الصدق وكل الأمانة.. وهكذا طوى صدره الى حين على أمر سيتكشّف في يوم قريب..



**



وجاء اليوم الموعود..


وخرج حمزة من داره،متوشحا قوسه، ميمّما وجهه شطر الفلاة ليمارس هوايته المحببة، ورياضته الأثيرة، الصيد.. وكان صاحب مهارة فائقة فيه..


وقضى هناك بعض يومه، ولما عاد من قنصه، ذهب كعادته الى الكعبة ليطوف بها قبل أن يقفل راجعا الى داره.


وقريبا من الكعبة، لقته خادم لعبدالله بن جدعان..


ولم تكد تبصره حتى قالت له:


" يا أبا عمارة.. لو رأيت ما اقي ابن أخيك محمد آنفا، من أبي الحكم بن هشام.. وجده جالسا هناك ، فآذاه وسبّه وبلغ منه ما يكره"..


ومضت تشرح له ما صنع أبو جهل برسول الله..


واستمع حمزة جيدا لقولها، ثم أطرق لحظة، ثم مد يمينه الى قوسه فثبتها فوق كتفه.. ثم انطلق في خطى سريعة حازمة صوب الطعبة راجيا أن يلتقي عندها بأبي جهل.. فان هو لم يجده هناك، فسيتابع البحث عنه في كل مكان حتى يلاقيه..


ولكنه لا يكاد يبلغ الكعبة، حتى يبصر أبا جهل في فنائها يتوسط نفرا من سادة قريش..


وفي هدوء رهيب، تقدّم حمزة من أبي جهل، ثم استلّ قوسه وهوى به على رأس أبي جهل فشجّه وأدماه، وقبل أن يفيق الجالسون من الدهشة، صاح حمزة في أبي جهل:


" أتشتم محمدا، وأنا على دينه أقول ما يقول..؟! الا فردّ ذلك عليّ ان استطعت"..




وفي لحظة نسي الجالسون جميعا الاهانة التي نزلت بزعيمهم أبي جهل والدم لذي ينزف من رأسه، وشغلتهم تلك الكلمة التي حاقت بهم طالصاعقة.. الكلمة التي أعلن بها حمزة أنه على دين محمد يرى ما يراه، ويقول ما يقوله..


أحمزة يسلم..؟


أعزّ فتيان قريش وأقواهم شكيمة..؟؟


انها الطامّة التي لن تملك قريش لها دفعا.. فاسلام حمزة سيغري كثيرين من الصفوة بالاسلام، وسيجد محمد حوله من القوة والبأس ما يعزز دعوته ويشدّ ازره، وتصحو قريش ذات يوم على هدير المعاول تحطم أصنامها وآلهتها..!!


أجل أسلم حمزة، وأعلن على الملأ الأمر الذي كان يطوي عليه صدره، وترك الجمع الذاهل يجترّ خيبة أمله، وأبا جهل يلعق دماءه النازفة من رأسه المشجوج.. ومدّ حمزة يمينه مرّة أخرى الى قوسه فثبتها فوق كتفه، واستقبل الطريق الى داره في خطواته الثابتة، وبأسه الشديد..!



**



كان حمزة يحمل عقلا نافذا، وضميرا مستقيما..


وحين عاد الى بيته ونضا عنه متاعب يومه. جلس يفكر، ويدير خواطره على هذا الذي حدث له من قريب..


كيف أعلن اسلامه ومتى..؟


لقد أعلنه في لحظات الحميّة، والغضب، والانفعال..



ولنضع اليه وهو يروي بقية النبأ فيقول:


".. ثم أدركني الندم على فراق دين آبائي وقومي.. وبت من الشك في أمر عظيم، لا أكتحل بنوم..


ثم أتيت الكعبة، وتضرّعت تاة الله أن يشرح صدري للحق، ويذهب عني الريب.. فاستجاب الله لي وملأ قلبي يقينا..


وغدوت الى رسول الله صلى الل عليه وسلم فأخبرته بما كان من أمري، فدع الله أن يثبت قلبي على دينه.."


وهكذا أسلم حمزة اسلام اليقيم..



**



أعز الله الاسلام بحمزة..ز ووقف شامخا قويا يذود عن رسول الله، وعن المستضعفين من أصحابه..


ورآه أبو جهل يقف في صفوف المسلمين، فأدرك أنها الحرب لا محالة، وراح يحرّض قريشا على انزال الأذى بالرسول وصحبه، ومضى يهيء لحرب أهليّة يشفي عن طرقها مغايظة وأحقاده..


ولم يستطع حمزة أن يمنع كل الأذى ولكن اسلامه مع ذلك كان وقاية ودرعا.. كما كان اغراء ناجحا لكثير من القبائل التي قادها اسلام حمزة أولا. ثم اسلام عمر بن الخطاب بعد ذلك الى الاسلام فدخلت فيه أفواجا..!!


ومنذ أسلم حمزة نذر كل عافيته، وبأسه، وحياته، لله ولدينه حتى خلع النبي عليه هذا اللقب العظيم:


"أسد الله، وأسد رسوله"..


وأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء عدو، كان أميرها حمزة..


وأول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين كانت لحمزة..


ويوم التقى الجمعان في غزوة بدر، كان أسد الله ورسوله هناك يصنع الأعاجيب..!!



**



وعادت فلول قريش من بدر الى مكة تتعثر في هزيمتها وخيبتها... ورجع أبو سفيان مخلوع القلب، مطأطئ ال{اس. وقد خلّف على أرض المعركة جثث سادة قريش، من أمثال أبي جهل.. وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأميّة بن خلف. وعقبة بن أبي معيط.. والأسود بن عبدالله المخزومي، والوليد بن عتبة.. والنفر بن الحارث.. والعاص بن سعيد.. وطعمة ابن عديّ.. وعشرات مثلهم من رجال قريش وصناديدها.


وما كانت قريش لتتجرّع هذه الهزيمة المنكرة في سلام... فراحت تعدّ عدّتها وتحشد بأسها، لتثأر لنفسها ولشرفها ولقتلاها.. وصمّمت قريش على الحرب..



**



وجاءت غزوة أحد حيث خرجت قريش على بكرة أبيها، ومعها حلفاؤها من قبائل العرب، وبقيادة أبي سفيان مرة أخرى.


وكان زعماء قريش يهدفون بمعركتهم الجديدة هذه الى رجلين اثنين: الرسول صلى اله عليه وسلم، وحمزة رضي الله عنه وأرضاه..


أجل والذي كان يسمع أحاديثهم ومؤامراتهم قبل الخروج للحرب، يرى كيف كان حمزة بعد الرسول بيت القصيد وهدف المعركة..




ولقد اختاروا قبل الخروج، الرجل الذي وكلوا اليه أمر حمزة، وهو عبد حبشي، كان ذا مهارة خارقة في قذف الحربة، جعلوا كل دوره في المعركة أن يتصيّد حمزة ويصوّب اليه ضربة قاتلة من رمحه، وحذروه من أن ينشغل عن هذه الغاية بشيء آخر، مهما يكن مصير المعركة واتجاه القتال.


ووعدوه بثمن غال وعظيم هو حريّته.. فقد كان الرجل واسمه وحشي عبدا لجبير بن مطعم.. وكان عم جبير قد لقي مصرعه يوم بدر فقال له جبير"


" اخرج مع الناس وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق"..!!


ثم أحالوه الى هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان لتزيده تحريضا ودفعا الى الهدف الذي يريدون..


وكانت هند قد فقدت في معركة بدر أباها، وعمها، وأخاها، وابنها.. وقيل لها ان حمزة هو الذي قتل بعض هؤلاء، وأجهز على البعض الآخر..


من أجل هذا كانت أكثر القرشيين والقرشيّات تحريضا على الخروج للحرب، لا لشيء الا لتظفر برأس حمزة مهما يكن الثمن الذي تتطلبه المغامرة..!!


ولقد لبثت أياما قبل الخروج للحرب، ولا عمل لها الا افراغ كل حقدها في صدر وحشي ورسم الدور الذي عليه أن يقوم به..




ولقد وعدته ان هو نجح في قال حمزة بأثمن ما تملك المرأة من متاع وزينة، فلقد أمسكت بأناملها الحاقدة قرطها اللؤلؤي الثمين وقلائدها الذهبية التي تزدحم حول عنقها، ثم قالت وعيناها تحدّقان في وحشي:


" كل هذا لك، ان قتلت حمزة"..!!


وسال لعاب وحشي، وطارت خواطره توّاقة مشتاقة الى المعركة التي سيربح فيها حريّته، فلا يصير بعد عبدا أو رقيقا، والتي سيخرج منها بكل هذا الحلي الذي يزيّن عنق زعيمة نساء قريش، وزوجة زعيمها، وابنة سيّدها..!!


كانت المؤمرة اذن.. وكانت الحرب كلها تريد حمزة رضي الله عنه بشكل واضح وحاسم..



**



وجاءت غزوة أحد...


والتقى الجيشان. وتوسط حمزة أرض الموت والقتال، مرتديا لباس الحرب، وعلى صدره ريشة النعام التي تعوّد أن يزيّن بها صدره في القتال..


وراح يصول ويجول، لا يريد رأسا الا قطعه بسيفه، ومضى يضرب في المشركين، وكأن المنايا طوع أمره، يقف بها من يشاء فتصيبه في صميمه.!!




وصال المسلمون جميعا حتى قاربوا النصر الحاسم.. وحتى أخذت فلول قريش تنسحب مذعورة هاربة.. ولولا أن ترك الرماة مكانهم فوق الجبل، ونزلوا الى أرض المعركة ليجمعوا غنائم العدو المهزوم.. لولا تركهم مكانهم وفتحوا الثغرة الواسعة لفرسان قريش لكانت غزوة أحد مقبرة لقريش كلها، رجالها، ونسائها بل وخيلها وابلها..!!




لقد دهم فرسانها المسلمين من ورائهم على حين غفلة، واعملوا فيهم سيوفهم الظامئة المجنونة.. وراح المسلمون يجمعون أنفسهم من جديدو ويحملون سلاحهم الذي كان بعضهم قد وضعه حين رأى جيش محمد ينسحب ويولي الأدبار.. ولكن المفاجأة كانت قاسية عنيفة.


ورأى حمزة ما حدث فضاعف قوته ونشاطه وبلاءه..


وأخذ يضرب عن يمينه وشماله.. وبين يديه ومن خلفه.. ووحشيّ هناك يراقبه، ويتحيّن الفرصة الغادرة ليوجه نحنوه ضربته..


ولندع وحشا يصف لنا المشهد بكلماته:


[.. وكنت جلا حبشيا، أقذف بالحربة قذف لحبشة، فقلما أخطئ بها شيئا.. فلما التقى الانس خرجت أنظر حمزة وأتبصّره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق.. يهدّ الناس بسيفه هدّا، ما يقف امامه شيء، فوالله اني لأتهيأ له أريده، وأستتر منه بشجرة لأقتحمه أو ليدنو مني، اذ تقدّمني اليه سباع بن عبد العزى. فلما رآه حمزة صاح به: هلمّ اليّ يا بن مقطّعة البظرو. ثم ضربه ضربة فما أخطأ رأسه..


عندئذ هززت حربتي حتى اذا رضيت منها دفعتها فوقعت في ثنّته حتى خرجت من بين رجليه.. ونهض نحوي فغلب على امره ثم مات..


وأتيته فأخذت حربتي، ثم رجعت الى المعسكر فقعدت فيه، اذ لم يكن لي فيه حاجة، فقد قتلته لأعتق..]






هكذا سقط أسد الله ورسوله، شهيدا مجيدا..!!


وكما كانت حياته مدوّية، كانت موتته مدوّية كذلك..


فلم يكتف أعداؤه بمقتله.. وكيف يكتفون أو يقتنعون، وهم الذين جنّدوا كل أموال قريش وكل رجالها في هذه المعركة التي لم يريدوا بها سوى الرسول وعمّه حمزة..


لقد أمرت هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان.. أمرت وحشيا أن يأتيها بكبد حمزة.. واستجاب الحبشي لهذه الرغبة المسعورة.. وعندما عاد بها الى هند كان يناولها الكبد بيمناه، ويتلقى منها قرطها وقلائدها بيسراه، مكافأة له على انجاز مهمته..






ومضغت هند بنت عتبة الذي صرعه المسلمون ببدر، وزوجة أبي سفيان قائد جيوش الشرك الوثنية،مضغت كبد حمزة، راجية أن تشفي تلك الحماقة حقدها وغلها. ولكن الكبد استعصت على أنيابها، وأعجزتها أن تسيغها، فأخرجتها من فمها،
منقول بتصرف من
http://www.algohrh.com/islam/man24.htm

المسلمة روان
14-06-2006, 07:47 PM
خالد بن الوليد
********

أسرة عريقة ومجد تليد

وينتمي خالد إلى قبيلة "بني مخزوم" أحد بطون "قريش" التي كانت إليها "القبة" و"الأعنة"،
وكان لها شرف عظيم ومكانة كبيرة في الجاهلية،
وكانت على قدر كبير من الجاه والثراء، وكانت بينهم وبين قريش مصاهرة متبادلة

فارس عصره

وتعلم الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه،
كما عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، والمهارة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ.
واستطاع "خالد" أن يثبت وجوده في ميادين القتال،
وأظهر من فنون الفروسية والبراعة في القتال ما جعله فارس عصره بلا منازع


معاداته للإسلام والمسلمين

وكان "خالد" –كغيره من أبناء "قريش"– معاديًا للإسلام ناقمًا على النبي (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين الذين آمنوا به وناصروه،
بل كان شديد العداوة لهم شديد التحامل عليهم، ومن ثَم فقد كان حريصًا على محاربة الإسلام والمسلمين، وكان في طليعة المحاربين لهم في كل المعارك التي خاضها الكفار والمشركون ضد المسلمين.
وكان له دور بارز في إحراز النصر للمشركين على المسلمين في غزوة "أحد"، حينما وجد غِرَّة من المسلمين بعد أن خالف الرماة أوامر النبي (صلى الله عليه وسلم)، وتركوا مواقعهم في أعلى الجبل، ونزلوا ليشاركوا إخوانهم جمع غنائم وأسلاب المشركين المنهزمين، فدار "خالد" بفلول المشركين وباغَتَ المسلمين من خلفهم، فسادت الفوضى والاضطراب في صفوفهم، واستطاع أن يحقق النصر للمشركين بعد أن كانت هزيمتهم محققة.


أسلم خالد في (صفر 8 هـ= يونيو 629م)؛ أي قبل فتح مكة بستة أشهر فقط، وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين.
ويروى في سبب إسلامه: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال للوليد بن الوليد أخيه، وهو في عمرة القضاء: "لو جاء خالد لقدّمناه، ومن مثله سقط عليه الإسلام في عقله"، فكتب "الوليد" إلى "خالد" يرغبه في الإسلام، ويخبره بما قاله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه، فكان ذلك سبب إسلامه وهجرته.
وقد سُرَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) بإسلام خالد، وقال له حينما أقبل عليه: "الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير".
وفرح المسلمون بانضمام خالد إليهم، فقد أعزه الله بالإسلام كما أعز الإسلام به، وتحول عداء خالد للإسلام والمسلمين إلى حب وتراحم، وانقلبت موالاته للكافرين إلى عداء سافر، وكراهية متأججة، وجولات متلاحقة من الصراع والقتال.


سيف الله في مؤتة

وكانت أولى حلقات الصراع بين خالد والمشركين –بعد التحول العظيم الذي طرأ على حياة خالد وفكره وعقيدته– في (جمادى الأولى 8هـ = سبتمبر 629م) حينما أرسل النبي (صلى الله عليه وسلم) سرية الأمراء إلى "مؤتة" للقصاص من قتلة "الحارث بن عمير" رسوله إلى صاحب بصرى.
وجعل النبي (صلى الله عليه وسلم) على هذا الجيش: "زيد بن حارثة" ومن بعده "جعفر بن أبي طالب"، ثم "عبد الله بن رواحة"، فلما التقى المسلمون بجموع الروم، استشهد القادة الثلاثة الذين عينهم النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأصبح المسلمون بلا قائد، وكاد عقدهم ينفرط وهم في أوج المعركة، وأصبح موقفهم حرجًا، فاختاروا "خالدًا" قائدًا عليهم.
واستطاع "خالد" بحنكته ومهارته أن يعيد الثقة إلى نفوس المسلمين بعد أن أعاد تنظيم صفوفهم، وقد أبلى "خالد" – في تلك المعركة – بلاء حسنًا، فقد اندفع إلى صفوف العدو يعمل فيهم سيفه قتلاً وجرحًا حتى تكسرت في يده تسعة أسياف.


خالد والدفاع عن الإسلام

وحينما خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) في نحو عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار؛ لفتح "مكة" في (10 من رمضان 8هـ = 3 من يناير 630م)، جعله النبي (صلى الله عليه وسلم) على أحد جيوش المسلمين الأربعة، وأمره بالدخول من "الليط" في أسفل مكة، فكان خالد هو أول من دخل من أمراء النبي (صلى الله عليه وسلم)، بعد أن اشتبك مع المشركين الذين تصدوا له وحاولوا منعه من دخول البيت الحرام، فقتل منهم ثلاثة عشر مشركًا، واستشهد ثلاثة من المسلمين، ودخل المسلمون مكة – بعد ذلك – دون قتال

يقاتل المرتدين ومانعي الزكاة

وبعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) شارك "خالد" في قتال المرتدين في عهد "أبي بكر الصديق" – رضي الله عنه – فقد ظن بعض المنافقين وضعاف الإيمان أن الفرصة قد أصبحت سانحة لهم – بعد وفاة النبي – للانقضاض على هذا الدين، فمنهم من ادعى النبوية، ومنهم من تمرد على الإسلام ومنع الزكاة، ومنهم من ارتد عن الإسلام. وقد وقع اضطراب كبير، واشتعلت الفتنة التي أحمى أوارها وزكّى نيرانها كثير من أعداء الإسلام.
وقد واجه الخليفة الأول تلك الفتنة بشجاعة وحزم، وشارك خالد بن الوليد بنصيب وافر في التصدي لهذه الفتنة والقضاء عليها، حينما وجهه أبو بكر لقتال "طليحة بن خويلد الأسدي" وكان قد تنبأ في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) حينما علم بمرضه بعد حجة الوداع، ولكن خطره تفاقم وازدادت فتنته بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) والتفاف كثير من القبائل حوله، واستطاع خالد أن يلحق بطليحة وجيشه هزيمة منكرة فر "طليحة" على إثرها إلى "الشام"، ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وكان له دور بارز في حروب الفرس، وقد استشهد في عهد عمر بن الخطاب.
وبعد فرار طليحة راح خالد يتتبع فلول المرتدين، فأعمل فيهم سيفه حتى عاد كثير منهم إلى الإسلام.

فتوحات خالد في العراق

ومع بدايات عام (12هـ = 633م) بعد أن قضى أبو بكر على فتنة الردة التي كادت تمزق الأمة وتقضي على الإسلام، توجه الصديق ببصره إلى العراق يريد تأمين حدود الدولة الإسلامية، وكسر شوكة الفرس المتربصين بالإسلام.
وكان خالد في طليعة القواد الذين أرسلهم أبو بكر لتلك المهمة، واستطاع خالد أن يحقق عددًا من الانتصارات على الفرس في "الأبلة" و"المذار" و"الولجة" و"أليس"، وواصل خالد تقدمه نحو "الحيرة" ففتحها بعد أن صالحه أهلها على الجزية، واستمر خالد في تقدمه وفتوحاته حتى فتح جانبًا كبيرًا من العراق، ثم اتجه إلى "الأنبار" ليفتحها، ولكن أهلها تحصنوا بها، وكان حولها خندق عظيم يصعب اجتيازه، ولكن خالدًا لم تعجزه الحيلة، فأمر جنوده برمي الجنود المتحصنين بالسهام في عيونهم، حتى أصابوا نحو ألف عين منهم، ثم عمد إلى الإبل الضعاف والهزيلة، فنحرها وألقى بها في أضيق جانب من الخندق، حتى صنع جسرًا استطاع العبور عليه هو وفرسان المسلمين تحت وابل من السهام أطلقه رماته لحمايتهم من الأعداء المتربصين بهم من فوق أسوار الحصن العالية المنيعة.. فلما رأى قائد الفرس ما صنع خالد وجنوده، طلب الصلح، وأصبحت الأنبار في قبضة المسلمين.

وفاة الفاتح العظيم

وتوفي خالد بحمص في (18 من رمضان 21هـ = 20 من أغسطس 642م). وحينما حضرته الوفاة، انسابت الدموع من عينيه حارة حزينة ضارعة، ولم تكن دموعه رهبة من الموت، فلطالما واجه الموت بحد سيفه في المعارك، يحمل روحه على سن رمحه، وإنما كان حزنه وبكاؤه لشوقه إلى الشهادة، فقد عزّ عليه –وهو الذي طالما ارتاد ساحات الوغى فترتجف منه قلوب أعدائه وتتزلزل الأرض من تحت أقدامهم- أن يموت على فراشه، وقد جاءت كلماته الأخيرة تعبر عن ذلك الحزن والأسى في تأثر شديد: "لقد حضرت كذا وكذا زحفا وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء".
وحينا يسمع عمر بوفاته يقول: "دع نساء بني مخزوم يبكين على أبي سليمان، فإنهن لا يكذبن، فعلى مثل أبي سليمان تبكي البواكي

المزيد عن القائد العظيم على
http://www.islam-online.net/Arabic/history/1422/12/article03.shtml