المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حتى يغيروا ما بأنفسهم



المهندس هيثم
29-05-2006, 12:28 AM
بقلم : محمد العلي




قال تعالى ( ... إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ... ) (11) ( الرعد ) .

تلك الآية يتحجج بها عمال وعلماء حكام الجور والسلطات القهرية التي تتحدث عن الإصلاح ، أو تلك التي تدعي تطبيق الشريعة وهي تمارس الخديعة ، فعمالها يبررون بها عدم استجابة أربابهم لمطالب الإصلاح السياسي والاجتماعي .

فهناك من يتمادى في استخدام مفهوم تلك الآية في تبرير ما لا يمكن تبريره من أجل أن تبقى الأمور على حالها السيئ والمجتمع يسير إلى الانحدار والهلاك بانتظار أن يغير كل الناس ما بأنفسهم ! ، وكأن أفراد هذا المجتمع - المغلوب على أمره - لا تحيط بهم البرامج والمناهج والأفكار والمفاهيم والممارسات والقيم الفاسدة التي تفسد أنفسهم وتخربها ، فالسلطات القهرية هي من يقوم بتسريبها إلى قلوبهم وأنفسهم عبر مساربها المختلفة ( التربية والتعليم والإعلام – صحف مجلات تلفاز راديو - ) عوضا عن المنهج السياسي العام القائم على الظلم وسوء توزيع الثروة والمناصب ووضع الذئب واللص المناسب في المكان المناسب بدلاً من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، فكيف سيغير المتضررون والمضطهدون ما بأنفسهم ؟ ، والذي وجد بسبب تلك السياسات العدوانية اللامسؤولة التي تصيب الإنسان بأمراض نفسية متعددة وتكاد تكون مزمنة ، ألا يجب أن تتحمل السلطة مسئوليتها في إصلاح ما بأنفس الناس إذا ما كانت جادة وصادقة ومخلصة لرعاياها ؟

فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، ومسؤول عن ما بأنفسهم وقلوبهم من أمراض وآفات وعاهات تحدث بسبب فساد المنهج وسوء الممارسات .

فإصلاح ما بأنفس الناس يتم من خلال ( تطبيق المنهج الرباني ) وتوفير ( الأمن الاجتماعي ) ، بإقامة العدل وإشاعة الحرية وتطبيق المساواة وتكافؤ الفرص ومنع الظلم ومنع جميع أنواع الاعتداء على القلوب والعقول والأنفس – ما أمكن - وتخفيف الأعباء عن كاهل الناس ، إلى أخر تلك الأمور والإجراءات التي يجب أن تتخذ من قبل السلطة التي تنوي الإصلاح .

فلماذا لا يوصي علماء وعمال السلطات والحكومات القهرية أربابهم بتغيير ما بأنفسهم من شذوذ وانحراف حتى لا ينعكس على أفراد المجتمع ، وحتى يصلح أفراد المجتمع بعد ما يتغير حالهم وتتحسن أحوالهم وتطيب أنفسهم ، فهل ( الدولار ) يعكس الآيات والمفاهيم في الأذهان ويجعل الضحية مذنب والمذنب ضحية ؟ وهل أنفس الناس لا تتأثر بهذا الظلم وبهذا العبث الذي ينزل على رؤوسهم ويتدحرج عليهم من رأس الهرم ؟

قال تعالى ( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا (1) ) ( النساء )