ابن الانسان
08-06-2006, 10:58 AM
نحن لا تستطيع الوصول إلي عالم الحلم
دون التخلي عن العقل الواعي ، ولا نستطيع
أن ندرك الواقع الغامض إلا بنفس الطريقة "
د
. رمضان الصباغ
الكشف الأول
" غروب "
كان مشهداً رائعاً للغروب
. وكانت السماء مصطبغة بلون نحاسي رائق لا يزداد شحوباً و قتامة ، وأريج الزهور يسبح حولنا فى تيارات من النسيم البارد العليل مع نغمات حزينة من " كمان " بعيد مجهول بدت وكأنها تأتى من أعماق الغيب الغامض .
في بعض لحظات كان المكان يبدو لأنظارنا كقطعة من الجنة ، وكنا نحن كاهلها سعادة وارتياحاً وقد ألقى كل منا بجميع ما يعج به دماغه من أفكار وذكريات لتسبح حوله في دعة وصمت طويل ، لم يقطعه سرى بعض زفرات وتنهدات غامضة ، ربما لذكرى عزيزة تمر بالخاطر أو إشراقه وجه حبيب من صفحات التاريخ المنسي .
..وأخيراً ينتهي العزف الغيبي تاركاً مساحات لا متناهية من السكون والشجن ، ويغرق الأفق في ظلام سرمدي وأمس ، فيقول احدنا وهو يمسح صفحة السماء بنظرة ذابلة ..
- حتى الفردوس لا يخلو من الظلام والشجن تمر فترة من الصمت الثقيل قبل أن بشير أخر إلي نجم بعيد ...
- الظلمة أيضا لا تخلو من بريق نجم ما...
الكشف الثاني
" مسلمة "
استوقفني وقال ..
- بعد كل حل رحيل ، وبعد كل لقاء فرقة ، وبعد كل ظهور لابد من مغيب ..
الكشف الثالث
" الحقيقة "
سائر طريق بلا معالم
.. لا أشجار ... ولا مباني .... ولا شئ تسترشد به العين على طول الدرب . كل المحيط ضبابي ، هلامي ، بلا حدود أو كيان . الأفق أيضا لم يكن نفس الأفق . كان صاخباً ، مفعماً بدخان ازرق كثيف لا يكف عن الحركة والتموج .
توقفت بعد سير طويل اثر شعوري بتمكن التعب منى ، ووجدتني اهمس للنفس يائساً بأنه لا فائدة ترجى من الاستمرار
فإذا بصوت يأتي من أعماق المجهول متسائلا ...
- أو تظن هذا حقاً ؟
تأملت ما تحت قدمي في إحباط وقلت ....
- قد تعب القلب ، وكل الجسد ...
وركلت ما حسبته حجراً صغيراً على الأرض سائماً ...
- لا حقيقة ، ولا معنى لأي شئ .... لا فائدة !
قال مشجعاً ...
- ها قد عرفت حقيقة ما.
فكرت للحظه،وقلت..
- ربما...
قال ...
- واكثر ما ستعرف كلما مضى بك المسير
الكشف الرابع
" بداية الرحلة "
استوقفني ، وقال ....
- كلما عصف الحزن بالقلب وطفرت من العين الدموع ، روض النفس أن تبحث عن الأمل ، وتقنع بأنها لم تزل دائماً فى بداية الرحلة ....
الكشف الخامس
" نشوة السكران "
رأيتني سائراً على شط البحر . كانت بشائر الفجر تغمر الأفق بلون وردى رائع ، ولسبب مجهول كان يغمر النفس شعور عارم بالفرحة والحب نحو الكون وساكنيه .
ألقيت الجسد على الرمال الناعمة أتنفس نشوة انتصار غير مدرك ، وأخذت أتأمل السماء المولودة من رحم الغسق والنجوم التي تحاول جاهدة خلق وجود جديد لها فى لوحة الصبح الوليد
. وملأت صدري بالهواء الرطب . وقد انتابني إحساس جارف بأني قد ملكت الكون وصرت سلطان العالم بكل ما فيه ، فقلت للنفس نشواناً ....
- لا حزن ، لا دمع ، ولا ألوان سواد بعد اليوم .ليكن هذا مرسومي الأول ، وليسعد الكون بسعادة مليكه .
.. ولم انته حتى آتي من الأعماق صوت يذكرني كالمحذر أن كثيراً ما تنتهي نشوة السكران بانكسار الكأس .
الكشف السادس
" العدم "
رأيتني في مدينة تنهار تحت وطأة زلزال عنيف
. الجميع يركض فى الشوارع والميادين فى ذعر وهلع ، والصراخ يشق عنان السماء ، وكل شئ حولنا ينهار .. والمتاجر .. والمنازل .. والقصور .. والأعمدة الضخمة لمبنى البرلمان .
كان الضجيج يصك الآذان والغبار يحجب الرؤية ، ويملأ الأفواه والحلوق بطعم مر ساخن
.والأرض تحت الأقدام الراكضة تهتز ... وتهتز ...
مرت بنا ثوان أو عصور .. لا احد يعرف ... قبل أن يسكن كل شئ ، ويسود المكان صحت ثقيل ، وبدأ الزمن وكأنه قد توقف تماماً .
تلفت حولي ، فإذا الخراب والدمار يسود وكل شئ ، قلت لنفسي ..
- تلك نهاية الحياة ها هنا .
فإذا بصوت يأتي من بين الركام دون أن أرى صاحبه
. قال ...
- لعل هناك بداية جديدة
عدت أجيل النظر فيما حولي ، وقلت ...
- مستحيل أن تبدأ هنا حياة أخرى . أو تقوم حضارة كالتي كانت .قال ...
- لتكن إذن بداية العدم ....
الكشف السابع
" المأساة "
الخمر لها فعل السحر ، فهي تريك ما لا تدرك عن نفسك وعما حولك وهى تجعلك فوق الجميع . هكذا كان يقول دائماً .
فى أخر مرة كنا معاً شرب حتى أغشى عليه ، وحين أفاق اغرق في الضحك ، ثم التفت لى وهو يغالب ضحكة وأشعل سيجارة فى فمه ، وقال ...
أو تعرف كيف بدأت المأساة ؟
أي مأساة ؟!
لم يلتفت لسؤالي ، ومضى كأنما يحدث نفسه ...
- نزل القرد من على الشجرة كان جميع من فى الغابة قد حذروه ، لكنه نزل تاركاً إياها ، وانتصب بظهره ، ومضى ... عندها بدأت مأساة الجميع .
الكشف الثامن
" توحد اللهجات "
رأيتني اقف على ضفة نهر كبير ثائر ، وقد وقف الناس على الضفة الأخرى ، اعتراني شعور رهيب بالتغرب والوحدة ، وقلت لنفسي أرثي قدر بنى آدم
...
- ما اتعس الإنسان في هذه الدنيا ...
أفقت من شروري وأشجاني بعد هنية على صوت بجانبي ، التفت فإذا بي أرى " أبو عمر الحلاج ، واقف بجانبي وقد علت وجهه ابتسامة هادئة ملؤها الطمأنينة والرضا . قال لى
- ليس إذا ما توحدت اللهجات وحروف الهجاء
.. ونظرت ، فإذا بالنهر يهد أو يغوص فى باطن الأرض ، وتتقارب الضفتان حتى تلتحمان تماماً ، وألفيتني بين الجموع أتحدث وأصارع .. واصرخ مثلما يفعلون حتى بح صوتي وخارت قواي ، فغمرني شعور عارم بالأسى والضياع ، وتمنيت الأمر يعود كما كان ..
الكشف التاسع
" التغير "
شرد بنا الخاطر ساعة فيما كان ، وما صارت بنا إليه الأيام ، فاعتراني العجب ، وسألت نفسى عما يمكن إن يصير فى الغد ، رسم لى الخيال عشرات الصور ، وافقت على صوت ينادى فى الأكوان بنبرة أبدية ...
- سبحان من يغير ولا يتغير ..
الكشف العاشر
" المجذوب "
استوقفني وقال ..
- اعلم بأنك فلان بن فلان بن آدم بن هذا الطين سيد الأرض أنت ، وأحقر صعلوك في بلاطها .
ابن الانسان
دون التخلي عن العقل الواعي ، ولا نستطيع
أن ندرك الواقع الغامض إلا بنفس الطريقة "
د
. رمضان الصباغ
الكشف الأول
" غروب "
كان مشهداً رائعاً للغروب
. وكانت السماء مصطبغة بلون نحاسي رائق لا يزداد شحوباً و قتامة ، وأريج الزهور يسبح حولنا فى تيارات من النسيم البارد العليل مع نغمات حزينة من " كمان " بعيد مجهول بدت وكأنها تأتى من أعماق الغيب الغامض .
في بعض لحظات كان المكان يبدو لأنظارنا كقطعة من الجنة ، وكنا نحن كاهلها سعادة وارتياحاً وقد ألقى كل منا بجميع ما يعج به دماغه من أفكار وذكريات لتسبح حوله في دعة وصمت طويل ، لم يقطعه سرى بعض زفرات وتنهدات غامضة ، ربما لذكرى عزيزة تمر بالخاطر أو إشراقه وجه حبيب من صفحات التاريخ المنسي .
..وأخيراً ينتهي العزف الغيبي تاركاً مساحات لا متناهية من السكون والشجن ، ويغرق الأفق في ظلام سرمدي وأمس ، فيقول احدنا وهو يمسح صفحة السماء بنظرة ذابلة ..
- حتى الفردوس لا يخلو من الظلام والشجن تمر فترة من الصمت الثقيل قبل أن بشير أخر إلي نجم بعيد ...
- الظلمة أيضا لا تخلو من بريق نجم ما...
الكشف الثاني
" مسلمة "
استوقفني وقال ..
- بعد كل حل رحيل ، وبعد كل لقاء فرقة ، وبعد كل ظهور لابد من مغيب ..
الكشف الثالث
" الحقيقة "
سائر طريق بلا معالم
.. لا أشجار ... ولا مباني .... ولا شئ تسترشد به العين على طول الدرب . كل المحيط ضبابي ، هلامي ، بلا حدود أو كيان . الأفق أيضا لم يكن نفس الأفق . كان صاخباً ، مفعماً بدخان ازرق كثيف لا يكف عن الحركة والتموج .
توقفت بعد سير طويل اثر شعوري بتمكن التعب منى ، ووجدتني اهمس للنفس يائساً بأنه لا فائدة ترجى من الاستمرار
فإذا بصوت يأتي من أعماق المجهول متسائلا ...
- أو تظن هذا حقاً ؟
تأملت ما تحت قدمي في إحباط وقلت ....
- قد تعب القلب ، وكل الجسد ...
وركلت ما حسبته حجراً صغيراً على الأرض سائماً ...
- لا حقيقة ، ولا معنى لأي شئ .... لا فائدة !
قال مشجعاً ...
- ها قد عرفت حقيقة ما.
فكرت للحظه،وقلت..
- ربما...
قال ...
- واكثر ما ستعرف كلما مضى بك المسير
الكشف الرابع
" بداية الرحلة "
استوقفني ، وقال ....
- كلما عصف الحزن بالقلب وطفرت من العين الدموع ، روض النفس أن تبحث عن الأمل ، وتقنع بأنها لم تزل دائماً فى بداية الرحلة ....
الكشف الخامس
" نشوة السكران "
رأيتني سائراً على شط البحر . كانت بشائر الفجر تغمر الأفق بلون وردى رائع ، ولسبب مجهول كان يغمر النفس شعور عارم بالفرحة والحب نحو الكون وساكنيه .
ألقيت الجسد على الرمال الناعمة أتنفس نشوة انتصار غير مدرك ، وأخذت أتأمل السماء المولودة من رحم الغسق والنجوم التي تحاول جاهدة خلق وجود جديد لها فى لوحة الصبح الوليد
. وملأت صدري بالهواء الرطب . وقد انتابني إحساس جارف بأني قد ملكت الكون وصرت سلطان العالم بكل ما فيه ، فقلت للنفس نشواناً ....
- لا حزن ، لا دمع ، ولا ألوان سواد بعد اليوم .ليكن هذا مرسومي الأول ، وليسعد الكون بسعادة مليكه .
.. ولم انته حتى آتي من الأعماق صوت يذكرني كالمحذر أن كثيراً ما تنتهي نشوة السكران بانكسار الكأس .
الكشف السادس
" العدم "
رأيتني في مدينة تنهار تحت وطأة زلزال عنيف
. الجميع يركض فى الشوارع والميادين فى ذعر وهلع ، والصراخ يشق عنان السماء ، وكل شئ حولنا ينهار .. والمتاجر .. والمنازل .. والقصور .. والأعمدة الضخمة لمبنى البرلمان .
كان الضجيج يصك الآذان والغبار يحجب الرؤية ، ويملأ الأفواه والحلوق بطعم مر ساخن
.والأرض تحت الأقدام الراكضة تهتز ... وتهتز ...
مرت بنا ثوان أو عصور .. لا احد يعرف ... قبل أن يسكن كل شئ ، ويسود المكان صحت ثقيل ، وبدأ الزمن وكأنه قد توقف تماماً .
تلفت حولي ، فإذا الخراب والدمار يسود وكل شئ ، قلت لنفسي ..
- تلك نهاية الحياة ها هنا .
فإذا بصوت يأتي من بين الركام دون أن أرى صاحبه
. قال ...
- لعل هناك بداية جديدة
عدت أجيل النظر فيما حولي ، وقلت ...
- مستحيل أن تبدأ هنا حياة أخرى . أو تقوم حضارة كالتي كانت .قال ...
- لتكن إذن بداية العدم ....
الكشف السابع
" المأساة "
الخمر لها فعل السحر ، فهي تريك ما لا تدرك عن نفسك وعما حولك وهى تجعلك فوق الجميع . هكذا كان يقول دائماً .
فى أخر مرة كنا معاً شرب حتى أغشى عليه ، وحين أفاق اغرق في الضحك ، ثم التفت لى وهو يغالب ضحكة وأشعل سيجارة فى فمه ، وقال ...
أو تعرف كيف بدأت المأساة ؟
أي مأساة ؟!
لم يلتفت لسؤالي ، ومضى كأنما يحدث نفسه ...
- نزل القرد من على الشجرة كان جميع من فى الغابة قد حذروه ، لكنه نزل تاركاً إياها ، وانتصب بظهره ، ومضى ... عندها بدأت مأساة الجميع .
الكشف الثامن
" توحد اللهجات "
رأيتني اقف على ضفة نهر كبير ثائر ، وقد وقف الناس على الضفة الأخرى ، اعتراني شعور رهيب بالتغرب والوحدة ، وقلت لنفسي أرثي قدر بنى آدم
...
- ما اتعس الإنسان في هذه الدنيا ...
أفقت من شروري وأشجاني بعد هنية على صوت بجانبي ، التفت فإذا بي أرى " أبو عمر الحلاج ، واقف بجانبي وقد علت وجهه ابتسامة هادئة ملؤها الطمأنينة والرضا . قال لى
- ليس إذا ما توحدت اللهجات وحروف الهجاء
.. ونظرت ، فإذا بالنهر يهد أو يغوص فى باطن الأرض ، وتتقارب الضفتان حتى تلتحمان تماماً ، وألفيتني بين الجموع أتحدث وأصارع .. واصرخ مثلما يفعلون حتى بح صوتي وخارت قواي ، فغمرني شعور عارم بالأسى والضياع ، وتمنيت الأمر يعود كما كان ..
الكشف التاسع
" التغير "
شرد بنا الخاطر ساعة فيما كان ، وما صارت بنا إليه الأيام ، فاعتراني العجب ، وسألت نفسى عما يمكن إن يصير فى الغد ، رسم لى الخيال عشرات الصور ، وافقت على صوت ينادى فى الأكوان بنبرة أبدية ...
- سبحان من يغير ولا يتغير ..
الكشف العاشر
" المجذوب "
استوقفني وقال ..
- اعلم بأنك فلان بن فلان بن آدم بن هذا الطين سيد الأرض أنت ، وأحقر صعلوك في بلاطها .
ابن الانسان