ABDULLAH750
05-07-2006, 06:28 AM
(( الغضب عدو العقل , وهو له كالذئب قلّما يتمكن منه إلا اغتاله )) ,
والغضب من الصفات التي ندر أن يسلم منه أحد , بل تركه بالكلية صفة نقص لا كمال
- كما سيأتي بيانه -
(( والغضب ينسي الحرمات , ويدفن الحسنات , ويخلق للبريء جنايات )) وقد قيل :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساويا
كما قيل :
وعين البغض تبرز كل عيب *** وعين الحب لا تجد العيوبا
[ تعريف الغضب ]
عرف الغضب جمع من علماء اللغة وغيرهم , واختلفت العبارات , واتفقت الثمرة ؛ فكلمة (الغضب)
يدرك معناها الصغير والكبير بلا تكلف او تعب ؛
فتوضيح الواضحات - كما يقال - من الفاضحات ,وقد يزيد غموضا وإشكالا .
قال المناوي - رحمه الله تعالى - (( الغضب كيفية نفسانية وهو بديهي
التصور )) . ومع ذلك لابد من ذكر شيء من ذلك :
قال القرطبي - رحمه الله تعالى - : (( الغضب في اللغة : الشدة , ورجل غضوب أي شديد الخلق ,
والغضوب الحية الخبيثة ؛ لشدتها , والغضبة : الدرقة من جلد البعير يطوى بعضها على بعض
لشدتها ))
وقيل في معناه تغير يحصل عند فوران دم القلب ليحصل عنه التشفي في الصدر .
وقيل الغضب : إرادة الإضرار بالمغضوب عليه .
[ أسباب الغضب ]
بواعث الغضب وأسبابه كثيرة جدا , والناس متفاوتون فيها ؛ فمنهم من يغضب لأمر تافه لا يغضب غيره ؛ وهكذا ؛ فمن أسباب الغضب :
أولاً :
العجب : فالعجب بالرأي والمكانة والنسب والمال سبب للعداوة ؛ فالعجب قرين الكبر وملازم له .
والكبر من كبائر الذنوب ؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر )) .
ثانيا :
المراء : قال عبد الله بن الحسين : ( المراء رائد الغضب , فأخزى الله عقلا يأتيك بالغضب ) .
وللمراء آفات كثيرة منها : الغضب ؛ ولهذا فقد نهى الشارع عنه ,
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا )) .
ثالثا :
المزاح :
إن المزاح بدؤه حلاوة *** لكنما آخره عداوة
يحتد منه الرجل الشريف *** ويجتري بسخفه السخيف
فتجد بعض المكثرين من المزاح يتجاوز الحد المشروع منه : إما بكلام لافائدة منه ,
أو بفعل مؤذ قد ينتج عنه ضرر بالغ , ثم يزعم بعد ذلك أنه كان يمزح ,
لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا يأخذن أحدكم متاع صاحبه جادا ولا لاعبا )) .
رابعا :
بذاءة اللسان وفحشه : بشتم أو سب أو تعيير مما يوغل الصدور , ويثير الغضب , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( إن الله يبغض الفاحش البذيء )) .
[ أنواع الغضب ]
الأول : الغضب المحمود : وهو ماكان لله - تعالى - عندما تنتهك محارمه , وهذا النوع ثمرة من ثمرات الإيمان ؛
إذ إن الذي لا يغضب في هذا المحل ضعيف الإيمان .
قال - تعالى - عن موسى - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - بعد علمه باتخاذ قومه العجل :
{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إلَى قَوْمِه غَضْبَانَ أَسِفَا قَالَ بِئسَمَا خَلَفتُمُونِي مِن بَعدِي أَعَجِلْتُمْ أَمرَ رَبِّكُمْ وَألْقَى
الأَلْوَاح وأَخَذَ بِرَأسِ أَخِيهَ يَجُرُّه إِلَيْهِ قَال ابْنَ أُمَّ إِنَّ القَوْمَ اِسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقتُلُونَنِي
فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاْءَ وَ لاَ تَجْعَلْنِي مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ }
[ الأعراف : 150 ]
وكذلك من الغضب المحمود : الغضب لما يحدث للمسلمين من سفك للدماء , وانتهاك للأعراض ,
واستباحة للأموال , وتدمير للبلدان بغير حق .
الثاني :
الغضب المذموم : وهو ماكان في سبيل الباطل والشيطان كالحَمِيَّةِ الجاهلية , والغضب بسبب تطبيق الأحكام الشرعية
وانتشار حلق تحفيظ القرآن الكريم , ومعاداة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بسبب محاربتهم للرذيلة ,
وكذا الدفاع عن المنكرات كالتبرج والسفور , وسفر المرأة بلا محرم , ويظهر ذلك جليا في كتابة بعض كتاب الصحف ,
فتجد أحدهم يغضب بسبب ذلك , ولا هم له سوى مسايرة العصر , سواءً وافق الشرع المطهر أو خالفه ؛
فالحق عندهم ما وافق هواهم , والباطل ماحد من مبتغاهم .
ثالثا :
الغضب المباح : وهو الغضب في غير معصية الله - تعالى - دون أن يتجاوز حده كأن يجهل عليه أحد , وكظمه هنا خير وأبقى .
قال - تعالى- : { و الكَاظِمِين الغَيظَ و العَافِينَ عَنِ النَّاسِ والله يُحِبُّ المُحْسِنِينَ }
[ آل عمران : 134 ] .
[ علاج الغضب ]
(( ما أنزل الله داءً إلا وأنزل له شفاء )) .
ومن الأدوية لعلاج داء الغضب :
أولا : الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم .
ثانيا :
تغيير الحال : عن أبي ذر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
(( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس , فإن ذهب عنه الغضب و إلا فليضطجع )) .
ثالثا : ترك المخاصمة و السكوت .
رابعا : الوضوء .
خامسا : استحضار الأجر العظيم لكظم الغيظ .
سادسا : الإكثار من ذكر الله تعالى .
سابعا : العمل بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثامنا : النظر في نتائج الغضب .
تاسعا : أن تعلم أن القوة في كظم الغيظ ورده .
عاشرا : قبول النصيحة والعمل بها .
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والغضب من الصفات التي ندر أن يسلم منه أحد , بل تركه بالكلية صفة نقص لا كمال
- كما سيأتي بيانه -
(( والغضب ينسي الحرمات , ويدفن الحسنات , ويخلق للبريء جنايات )) وقد قيل :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساويا
كما قيل :
وعين البغض تبرز كل عيب *** وعين الحب لا تجد العيوبا
[ تعريف الغضب ]
عرف الغضب جمع من علماء اللغة وغيرهم , واختلفت العبارات , واتفقت الثمرة ؛ فكلمة (الغضب)
يدرك معناها الصغير والكبير بلا تكلف او تعب ؛
فتوضيح الواضحات - كما يقال - من الفاضحات ,وقد يزيد غموضا وإشكالا .
قال المناوي - رحمه الله تعالى - (( الغضب كيفية نفسانية وهو بديهي
التصور )) . ومع ذلك لابد من ذكر شيء من ذلك :
قال القرطبي - رحمه الله تعالى - : (( الغضب في اللغة : الشدة , ورجل غضوب أي شديد الخلق ,
والغضوب الحية الخبيثة ؛ لشدتها , والغضبة : الدرقة من جلد البعير يطوى بعضها على بعض
لشدتها ))
وقيل في معناه تغير يحصل عند فوران دم القلب ليحصل عنه التشفي في الصدر .
وقيل الغضب : إرادة الإضرار بالمغضوب عليه .
[ أسباب الغضب ]
بواعث الغضب وأسبابه كثيرة جدا , والناس متفاوتون فيها ؛ فمنهم من يغضب لأمر تافه لا يغضب غيره ؛ وهكذا ؛ فمن أسباب الغضب :
أولاً :
العجب : فالعجب بالرأي والمكانة والنسب والمال سبب للعداوة ؛ فالعجب قرين الكبر وملازم له .
والكبر من كبائر الذنوب ؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر )) .
ثانيا :
المراء : قال عبد الله بن الحسين : ( المراء رائد الغضب , فأخزى الله عقلا يأتيك بالغضب ) .
وللمراء آفات كثيرة منها : الغضب ؛ ولهذا فقد نهى الشارع عنه ,
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا )) .
ثالثا :
المزاح :
إن المزاح بدؤه حلاوة *** لكنما آخره عداوة
يحتد منه الرجل الشريف *** ويجتري بسخفه السخيف
فتجد بعض المكثرين من المزاح يتجاوز الحد المشروع منه : إما بكلام لافائدة منه ,
أو بفعل مؤذ قد ينتج عنه ضرر بالغ , ثم يزعم بعد ذلك أنه كان يمزح ,
لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا يأخذن أحدكم متاع صاحبه جادا ولا لاعبا )) .
رابعا :
بذاءة اللسان وفحشه : بشتم أو سب أو تعيير مما يوغل الصدور , ويثير الغضب , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( إن الله يبغض الفاحش البذيء )) .
[ أنواع الغضب ]
الأول : الغضب المحمود : وهو ماكان لله - تعالى - عندما تنتهك محارمه , وهذا النوع ثمرة من ثمرات الإيمان ؛
إذ إن الذي لا يغضب في هذا المحل ضعيف الإيمان .
قال - تعالى - عن موسى - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - بعد علمه باتخاذ قومه العجل :
{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إلَى قَوْمِه غَضْبَانَ أَسِفَا قَالَ بِئسَمَا خَلَفتُمُونِي مِن بَعدِي أَعَجِلْتُمْ أَمرَ رَبِّكُمْ وَألْقَى
الأَلْوَاح وأَخَذَ بِرَأسِ أَخِيهَ يَجُرُّه إِلَيْهِ قَال ابْنَ أُمَّ إِنَّ القَوْمَ اِسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقتُلُونَنِي
فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاْءَ وَ لاَ تَجْعَلْنِي مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ }
[ الأعراف : 150 ]
وكذلك من الغضب المحمود : الغضب لما يحدث للمسلمين من سفك للدماء , وانتهاك للأعراض ,
واستباحة للأموال , وتدمير للبلدان بغير حق .
الثاني :
الغضب المذموم : وهو ماكان في سبيل الباطل والشيطان كالحَمِيَّةِ الجاهلية , والغضب بسبب تطبيق الأحكام الشرعية
وانتشار حلق تحفيظ القرآن الكريم , ومعاداة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بسبب محاربتهم للرذيلة ,
وكذا الدفاع عن المنكرات كالتبرج والسفور , وسفر المرأة بلا محرم , ويظهر ذلك جليا في كتابة بعض كتاب الصحف ,
فتجد أحدهم يغضب بسبب ذلك , ولا هم له سوى مسايرة العصر , سواءً وافق الشرع المطهر أو خالفه ؛
فالحق عندهم ما وافق هواهم , والباطل ماحد من مبتغاهم .
ثالثا :
الغضب المباح : وهو الغضب في غير معصية الله - تعالى - دون أن يتجاوز حده كأن يجهل عليه أحد , وكظمه هنا خير وأبقى .
قال - تعالى- : { و الكَاظِمِين الغَيظَ و العَافِينَ عَنِ النَّاسِ والله يُحِبُّ المُحْسِنِينَ }
[ آل عمران : 134 ] .
[ علاج الغضب ]
(( ما أنزل الله داءً إلا وأنزل له شفاء )) .
ومن الأدوية لعلاج داء الغضب :
أولا : الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم .
ثانيا :
تغيير الحال : عن أبي ذر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
(( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس , فإن ذهب عنه الغضب و إلا فليضطجع )) .
ثالثا : ترك المخاصمة و السكوت .
رابعا : الوضوء .
خامسا : استحضار الأجر العظيم لكظم الغيظ .
سادسا : الإكثار من ذكر الله تعالى .
سابعا : العمل بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثامنا : النظر في نتائج الغضب .
تاسعا : أن تعلم أن القوة في كظم الغيظ ورده .
عاشرا : قبول النصيحة والعمل بها .
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ