المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خواطر و نثر لــــــــــــــــــــــلأدب وحــــــــــــــــــــــده



moKatel
21-07-2006, 12:43 PM
في رأيي.........إن هذا الأدب الذي نقرأه خارجًا من رحم بيئتنا ومن غلائل عصرنا ، أدب محروم من العافية ، يدور في جحر جاف وسط دنيانا وزحامنا ، أصواته وصرخاته لا يصيخ لها أحد ، ولا هي تهب مضمونها ، محنة من محن الغمغمة والالتباس .

ولا أعتقد أيضا أن سياستنا ذات هوية ، أو يرسم معالمها مذهب أو مبدأ يلتف حوله الناس بإيمان خافقةً به قلوبُهم . السياسة في واد ، و تلك الجموع من الناس في واد ، تصلهم أخبارها وتطوراتها ويتابعونها ، لكنهم لا يحسون أنها تنبع من إحساسهم أو إيمانهم ، أو من أي خالجة منهم ، وظلت تطن هذه السياسة بالحرية والإصلاح والرأي حتى ألف الناس هذا الطنين وانعزلوا ، لأن الحرية تلك كفلت للحكام حرية الآلهة وحجبت الشعب عنها ، أقنعته بنفسه ، بحريته ، وللكلمات بريق مخبل ، حجبته فكان أن صار الناس أيضا بلا هوية إلا من هوية دينية وهي فردية في الأساس ، أو عصبية وهي مفرقة ، لكنها ليست الهوية السياسية التي تعمل كالوقود العظيم في قلب الإنسان مهما كان دينه أو أصله فتدعّ إلى الأمام وتدير .........

وبعد أن انعزل الناس وصاروا يبحثون أمامهم بشبر ، رغبة في الكفاف ، أو تجنبا للطموح ، أو كفرا بهذا الطموح الكاذب ، دار الادباء- وهم من هذا الجمع ويؤثر فيهم ما يؤثر فيه - حول أنفسهم ، ولم يجدوا إلا دائرة مفرغة كلها مرايا للنفس ، قد تتخللها ثقوب ينظرون منها بعين واحدة إلى ما خارجهم ، الأدباء - حقيقة - عبروا عن روح هذا الشعب الضائع المسلوب الهوية العسير التعريف ، ما هو ؟ وإلى ماذا ينتمي ؟ ، السؤال الأول رمي في عماية ، والآخر ينتمي إلى ما يسد فمه بلقمة ، ويؤمن لأبنائه الطريق....وليته قدر.

إخالها واضحة كالنهار ، هذه الدولة سياستها في رأس قائدها ، ومذهبها رواء صدره العجوز ، حين يريد الإصلاح ، فليكن إصلاح ، التغيير ، فلنتغير ، ديمقراطية ، صحف ، قضاء قل ما شئت ، والباقي لا أعلمه لأنه ما زال في رأسه العجوز أيضا ..

ثم ........لا أدب صحي ذو عافية ، لأنه فاقد لدعائم القيادة التي تطمئنها وترسخها سياسة الدولة ومذهبها ، ولقد انكفأ الأدب على ذاته ، وتصايحت من أنات شاكية ، وتوجعات مصدروين . الأدباء يعلمون أن تلك الكلمات لا تؤثر - وأنا أخاطب الذين يبصرون الحقائق العارية القاسية - لأن الكلمات وحدها لا تغير الحجارة أو هذه الظروف الحديدية ، قد نظل ننادي على ذاك الرجل ونقول له حطم هذا الحجر الصنم (وهذا كلام ) لكنه إذا لم يملك الساعد والفأس فالحياة كما هي . وانعدام الثقة أو - فلنقلبها - عقم السياسية وميوعة هيوتها لا تسعف الأديب باللون الروحي الذي ينفخ في كلماته المعنى ، المعنى الذي هو غاية و هدف . الأدب لا يغير لأن السياسة كافرة به ، و لا هو يعتنق تلك السياسة لأنه لا يجد ما يعتنق .

الأدب رافد من روفد التغيروالتطور لكنه وحده في هذا الخلاء الموحش المجفِّف يستحيل فرقعات في الهواء ، أو سكب مداد (كهذا الذي أفعل ) وتسويد صحف .

إذا اتحدت روح السياسة ومذهبها التي بدورها نقود الجموع مع حيوية الأدب ونفاذه لعلنا حينها نجد مجتمعا تكون للكلمة فيه رأي ، وإليكم رسول الله و حسان ، وإليكم الأمويين وما فعلوا بالكلام وأمامهم خوارج وشيعة وليال سود ، ومن العباسيين عبرة ، عزل الأدباء وتجمدوا أمام القصور وفقدوا احترامهم لعملهم وإن لم يخلوا أيديهم منه ، فأخرج ذاك العصر لنا مجونا نواسيا ، وقسوة بشار ، وابن الحجاج وغيره ، وفي أوقات صحوه وجدنا الجاحظ ، وحين بدأ يولي أحرق أبو حيان التوحيدي كتبه لأنه لم يجد لنفسه في ذاك العصر قيمة ، وأمامنا الواقعية الاشتراكية ودولتها حين بدأت وجدَّت بالنقاء وإبداع سيمونوف .

ولم يقل أحد أن نلغي الفردية والذاتية في الأدب ، فقد نجد أعمالا ذاتية في شكلها وتجربتها ، ولكن روحها إنسانية ، أو ملتزمة قائدة في مجتمع له مذهب سياسي واضح ، نعم منها ما يؤثر فيّ وفيك ، بيد أنها نجوى ، وكلنا في حاجة إلى التناجي لأننا هذا البشر الضعيف ، ولكنني أيضا في حاجة إلى يدك معي ، ويد أخيك معك كي نقوم . أقول كما أن للأدب واجبه الذاتي ، فيجب أيضا عليه دوره الجماعي ، وللأسف هذا الدور الجماعي في بلادنا تستنكف منه سياستنا تلك المجهولة القذرة .

وهل بهذا الأدب الذي نعثر به في الشوارع ، وعلى الأرصفة ، وفي أفخم المكتبات نبض عظمة ؟ ....كثير من الأدباء يعانون الضياع ، وحتى ولو كانوا مرموقين ونجوما كبارا ،لكن الروح تائهة في الفضاء الرحيب المظلم ، نعم أذكر عبد المعطي حجازي في مرثيته للعمر الجميل حين قال بعد وفاة عبد الناصر الذي آمنت به الملايين وأعطاهم ما يؤمنون به وإن أخفق في النهاية : ورجعنا يتامى ...................................................أكثرنا مرضى ، بلا انتماء وبلا دفيء . واقع مر ، وسياسة مهينة للكرامة وإن كانت بتثاقل تسد بعضا من حاجة ، تقول ديمقراطية ، وكل يعبر عن نفسه ، والادب لا يكون أدبا إذا لم يقل ما يريد ويعبر عن نفسه ، ولكن عما يعبر ؟ إذا كانت الحرية أن يصير الأديب فوق المجتمع ، ويظل -عمره - يغني من أظلم أعماق لا وعيه وطفولته ، ولا يجد بيد بيديه سوي" الاجترار " ، فتلك حرية نعم ، حرية رجل في سجن كبير تعزله جدرانه عن الآخرين وإن كانوا يسمعون صراخه وعويله . لقد دام التشاؤم واليأس والإحباط ، ومنا مَن غار في رياح العدمية لكن أن يدوم هذا فذاك غل للأديب وخنق لمتنفس أدبه ، تعبنا من هذا الأدب الشاكي ، ومن هذا الأدب الأرضي المنحط السخيف ، من الفساد والجنس والشذوذ الأخلاقي والجنسي ، من أدب الحجرات المغلقة .........فلننس السياسة والمجتمع ، تأمل العجوز والبحر لهمنجواي ، ستخرج وفي خاطرك الصبر وقيمة الذات وإن كانت النهاية فشلا وتعبا.........

سكبت السياسة الغامضة في أعماق الأدباء الضلال وتيه الأم والغاية التي يسير إليها بلدهم ومجتمعهم ، فلم يعد لهم إلا الذوات المسكينة يمتاحون منها ، ولنفوسهم الله ، فأين هذا الرجل القائد الذي يؤمنون به ويمدحونه من إيمانهم ولو بكلمة .

إذا استفرغت السياسة جهد الأديب في الكلام والكلام ثم تركته وانصرفت ، لم تأبه به أو لما يقول فقد أماتته حيا أو جعلته أعظم أحمق يمشي بأذنين طويلتين ، فلنتعلم : "إذا أردنا أن نحقر فلانا ونكفره بنفسه وكان أديبا فما علينا إلا تركه وكلامه والهواء ، ولنعطه أجرا على كلامه أيضا وذاك حسبه "، وحسبك من شر سماعُه.........
إذا كتب هذا الأديب أو لم يكتب سواء ماذا حدث ؟ لا شيء..........

لهذا لا تقرأ من الادب الإنسانية في تنوعها وتلالئها بمختلف الألوان ، وإنما نقرا لونا واحدا أسود أو كريه الرائحة . حين تكون للأدب صحة وعافية يؤثر ويقود ويناجي ويتحد في هذا الكل الجميل ، وأما سقمه فهو المناجاة والمناجاة ، في الأزقة المظلمة الضيقة ، وبين جدران الأقبية الرطبة . وأن ينعدم تأثيره ويخفت هزُه ، وتموت قيمةُ صحبته ، وتموت قيمةُ صحبته !! ، فذاك ثواؤه في التراب..........................ولقد اختلط الغضب بالرثاء.........................

++++++++
http://www.up1.cc/upload/wh_820919622.gif (http://javascript<b></b>:vip600Foto('http://www.up1.cc/upload/wh_820919622.gif'))

جِهَاد و كَفَى
21-07-2006, 06:45 PM
سلامٌ عليك سيدي ..

تعلم سعدت كثيرًا و أنا أتصفح من كتب اليوم لألقى أسمك

الحق أنك فصلت و اختصرت لنا المدى هنا ..

خواطر عقل لم يرضى بأقل من الأفق طريقًا أقل ما أستطيع أن أصفه ..

قد أخالفك برغم أدلتك التي لن تترك لي ثغرة هنا أو هناك ..
عهدت الأدب في نفس الأدباء حاجة سواء أكانت سخط سياسي أم رضًا به و بجوه و سواء كانت متنفس اجتماعي أو حتى متنفس تأملي ..

لكن الواقع السياسي للأديب مؤثر حيوي سواء أكانت ضده أم معه ..

على كلٍ استمتعت حقًا بتفكيرك بالصوت المكتوب ذاك ..

و أرجو أن تتكرره طويلًا و كثيرًا

فيض تحية

moKatel
21-07-2006, 10:03 PM
السلام عليكم

شكرا لك على الرد والتفاعل.....:)

عرف ماتيو أرنولد الأدب قائلا :هو نقد للحياة .........

والنقد لا يكون إلا من فهم ذاتي ورؤية ، ومعنى أن أنقد ، أن أملك رؤية لتصحيح ما أنقده ، ومن هنا نجد الاقتران بين العامل الذاتي وبين الحياة في شمولها ، وهذا مايمهد للثورة لأنه يبصر الناس بما هم فيه وما يجب أن يكونوا عليه ، لكن كيف تكون ثورة في الحياة بلا قوة موحدة ، هنا السؤال المحزن ؟ والثورة ليست عملا فرديا وإن كانت بذورها من رجل واحد أو رجلين......هذا نوع..

ونوع آخر هو الأدب الصدى الذي يسجل الظواهر المختلفة سواء أكانت رؤية فردية أم جماعية لكنه ليس عملا مغيرا في ذاته وإنما يسعفه بالتغيير من يقرأه إذا نشط هو وانفعل ، لكنه وحده أيضا لا يغير إلا على محدود ، يحتاج هو الآخر إلى القوة الموحدة .........

وكل هذا إذا أردنا تغييرا من الأدب ...............

ولا شك مادام هذا القلب الإنساني ما فتيء يدق مذ هبط الأرض إلى نهايته المجهولة ، لا شك أنه بحاجة إلى كلمة يقول فيها : أريد أن أستريح ، أو أنا سعيد :)

شكرا لك مرة أخرى

Exodia
25-07-2006, 11:46 AM
عوداً حميداً أخي moKatel :)

وإشراقة ٌ رائعة ٌ بيننا ...

نتمنى أن نراك دوماً معنا ..

دمت بود

moKatel
25-07-2006, 07:18 PM
شكرا لك Exodia على ردك وتفاعلك :)