Star_Fire
17-08-2006, 05:41 PM
جراح لبنان الاقتصادية.. مقترحات للشفاء
http://www.islamonline.net/arabic/economics/issue/topic_03/2006/08/images/pic04.jpg
في الوقت الذي تعاني فيه لبنان من مشاكل اقتصادية أبرزها الزيادة الكبيرة في حجم الدين العام والتي وصلت قبل وقوع العدوان الإسرائيلي على لبنان إلى 43 مليار دولار، جاء هذا العدوان ليقضي على آمال الاقتصاد في النهوض؛ ليعود به سنوات إلى الخلف، حيث سيهتم اللبنانيون حاليًّا بعد انتهاء الحرب بإصلاح البنية التحتية التي دمرت قبل أن ينشغلوا بمهمة إصلاح الاقتصاد.
وقد لخّص هذه المشكلة الخبير الاقتصادي اللبناني كمال الديب في تقرير أعده مع تصاعد الأحداث في لبنان، ورصد خلاله تطور حجم الدين العام اللبناني بدءًا من العام 1988 عندما وصل إلى نحو 890 مليون دولار أمريكي، ثم ارتفع إلى 25 مليار دولار سنة 2000، وتابع صعوده دون ضوابط ليبلغ 33 مليار دولار سنة 2003، و36 مليار دولار في نهاية عام 2004، حتى وصل في العام 2006 قبل وقوع العدوان الإسرائيلي على لبنان إلى حوالي 43 مليار دولار.
وألقى ذلك بظلاله على نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي فارتفعت بناء على هذه الأرقام نسبة الدين العام من الناتج المحلي القائم من نحو 47% عام 1992 إلى 150% عام 2006.
أربعة شروط للإصلاح المالي
وللخروج من هذه الأزمة يطرح الخبير الاقتصادي اللبناني وزير المالية السابق جورج قرم مجالين للحل أحدهما مالي والآخر اقتصادي، ويرى أن المجال المالي يتحمل الجانب الأكبر من المسئولية؛ ولذلك فإن عليه القيام بالآتي:
أ - وجوب التوقف عن تشجيع دولرة الاقتصاد: إذ يجب الامتناع عن تحرير الشيكات المحررة محليًّا بالدولار الأمريكي، وتوقف مؤسسات القطاع العام عن قبول تسديد فواتير الموردين المحررة بالدولار الأمريكي، بالإضافة إلى عدم الموافقة على قيام الشركات بتحرير رأس مالها بالعملة الأجنبية.
ب - استقلالية الدين العام عن مصرف لبنان: فلا بد من إنشاء جهاز مستقل عن البنك المركزي لإدارة الدين العام ومنحه استقلال إداري عن وزارة المالية، كما هو الحال في دول عديدة.
ج - الإصلاح الضريبي: الإصلاح الضريبي الذي يهدف بشكل رئيسي إلى تحديث النظام الضريبي الحالي، القليل الفاعلية وغير العادل، ويرمي هذا الإصلاح إلى تقويم جزئي على الأقل للخلل القائم بين الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة، وبصورة خاصة اعتماد الواردات الضريبية بشكل مسرف على الرسوم الجمركية.
د - إعادة النظر في هيكلة معدلات الفائدة: بحيث تكون الفوائد معتدلة على الدين لكي يتمكن أي مدين من التسديد، أما إذا كانت الفوائد عالية جدًّا، فإن أي جهد إنتاجي قد لا يسمح بتغطية الدين وتسديد أصله.
إجراءات اقتصادية مكملة
ويتزامن مع هذه الشروط للإصلاح المالي إجراءات اقتصادية اخري ينبغي على الحكومة اللبنانية أن تتخذها، وهي:
1- إقامة سياسة دعم شاملة للنشاطات الإنتاجية: على الدولة ومؤسسات التمويل اللبنانية إرساء سياسة دعم تشمل كل نشاط إنتاجي جديد خارج القطاعات الخدمية التقليدية مثل التجارة والسياحة، ومن أهم مكونات هذه السياسة إقامة صناديق استثمارية للمساهمة في رأس مال منشآت إنتاجية جديدة وتقديم القروض بشروط مقبولة إلى القائمين بهذه الأنشطة، وكذلك إقامة المناطق الصناعية والخدمية في كل منطقة وتوفير كل التسهيلات الإنتاجية من طرقات وكهرباء واتصالات سلكية ولا سلكية وإعفاءات جزئية ومؤقتة من رسوم الضمان الاجتماعي ومن ضريبة الدخل والضرائب الأخرى المكلفة مثل ضريبة الطابع.
2- مكافحة الفساد في علاقة القطاع الخاص بالقطاع العام: يجب مكافحة الفساد بطرق جدية وليس كلامية فقط والعودة إلى العمل بالقواعد الأخلاقية الاقتصادية المعروفة (Business Ethics) في كل من القطاع العام والقطاع الخاص وفي علاقة القطاعيين بعضهما بالبعض. وفي هذا الإطار يجب أن تصبح علاقة الدولة بالقطاع الخاص علاقة شفافة تهدف إلى التشاور المستمر لبلوغ أهداف النهضة الإنتاجية المرجوة، بدلاً من أن يسعى البعض من القطاع الخاص إلى الحصول من الدولة على امتيازات خاصة ومواقع احتكارية تؤمن الأرباح السهلة والضخمة، ولو تم ذلك على حساب المستهلك اللبناني وعلى مبدأ المنافسة العادلة.
3- استنفار قدرات الاغتراب: لا بد من استنفار قدرات الاغتراب المالية والعلمية والمهنية للمساهمة في الإصلاح المالي والنقدي من جهة، وفي النهضة الإنتاجية من جهة أخرى. فالجاليات اللبنانية بالخارج لديها استعداد جدي لمساعدة الوطن بشرط حدوث هذا التغيير الإصلاحي العملاق والجدي الذي نتحدث عنه.
للسنيورة رأي آخر
ويطرح وزير المالية السابق رئيس الحكومة الحالية فؤاد السنيورة رؤية أخرى للحل ترتكز إلى:
أولاً: اعتماد السياسات والإجراءات التي تؤدي إلى تفعيل الدورة الاقتصادية وتحقيق زيادة مستديمة ومتنامية في الإنتاجية وفي الناتج المحلي، بما يؤدي إلى تحسين في مستوى ونوعية معيشة المواطنين وزيادة في فرص العمل التي يتيحها النمو الاقتصادي المستديم والمتنامي، وهذا النمو الاقتصادي سيؤدي إلى تناقص الأهمية النسبية للدين العام بالمقارنة مع الناتج المحلي.
ثانيًا: الخفض المستمر للإنفاق من خلال خوض غمار الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية بما يشمل الإدارة والمؤسسات العامة وهو ما سيؤدي لتحسين في واردات الخزينة يكون نتيجته خفضًا في مستوى نسبة وحجم العجز في الموازنة، بحيث تكون الزيادة في حجم الدين العام أقل من الزيادة المحققة في الناتج المحلي.
وعلى ذلك يتضح أن اللبنانيين يملكون إستراتيجية لحل أزماتهم الاقتصادية، ولكن هل سيتمكنون من تنفيذها؟ هذا هو السؤال الصعب الذي تكمن صعوبته في التوترات المتوقعة التي ستشهدها المنطقة، ومدى تأثير ذلك على الوضع اللبناني.
** باحث مختص في الشئون اللبنانية.
http://www.islamonline.net/arabic/economics/issue/topic_03/2006/08/04.shtml (http://www.islamonline.net/arabic/economics/issue/topic_03/2006/08/04.shtml)
http://www.islamonline.net/arabic/economics/issue/topic_03/2006/08/images/pic04.jpg
في الوقت الذي تعاني فيه لبنان من مشاكل اقتصادية أبرزها الزيادة الكبيرة في حجم الدين العام والتي وصلت قبل وقوع العدوان الإسرائيلي على لبنان إلى 43 مليار دولار، جاء هذا العدوان ليقضي على آمال الاقتصاد في النهوض؛ ليعود به سنوات إلى الخلف، حيث سيهتم اللبنانيون حاليًّا بعد انتهاء الحرب بإصلاح البنية التحتية التي دمرت قبل أن ينشغلوا بمهمة إصلاح الاقتصاد.
وقد لخّص هذه المشكلة الخبير الاقتصادي اللبناني كمال الديب في تقرير أعده مع تصاعد الأحداث في لبنان، ورصد خلاله تطور حجم الدين العام اللبناني بدءًا من العام 1988 عندما وصل إلى نحو 890 مليون دولار أمريكي، ثم ارتفع إلى 25 مليار دولار سنة 2000، وتابع صعوده دون ضوابط ليبلغ 33 مليار دولار سنة 2003، و36 مليار دولار في نهاية عام 2004، حتى وصل في العام 2006 قبل وقوع العدوان الإسرائيلي على لبنان إلى حوالي 43 مليار دولار.
وألقى ذلك بظلاله على نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي فارتفعت بناء على هذه الأرقام نسبة الدين العام من الناتج المحلي القائم من نحو 47% عام 1992 إلى 150% عام 2006.
أربعة شروط للإصلاح المالي
وللخروج من هذه الأزمة يطرح الخبير الاقتصادي اللبناني وزير المالية السابق جورج قرم مجالين للحل أحدهما مالي والآخر اقتصادي، ويرى أن المجال المالي يتحمل الجانب الأكبر من المسئولية؛ ولذلك فإن عليه القيام بالآتي:
أ - وجوب التوقف عن تشجيع دولرة الاقتصاد: إذ يجب الامتناع عن تحرير الشيكات المحررة محليًّا بالدولار الأمريكي، وتوقف مؤسسات القطاع العام عن قبول تسديد فواتير الموردين المحررة بالدولار الأمريكي، بالإضافة إلى عدم الموافقة على قيام الشركات بتحرير رأس مالها بالعملة الأجنبية.
ب - استقلالية الدين العام عن مصرف لبنان: فلا بد من إنشاء جهاز مستقل عن البنك المركزي لإدارة الدين العام ومنحه استقلال إداري عن وزارة المالية، كما هو الحال في دول عديدة.
ج - الإصلاح الضريبي: الإصلاح الضريبي الذي يهدف بشكل رئيسي إلى تحديث النظام الضريبي الحالي، القليل الفاعلية وغير العادل، ويرمي هذا الإصلاح إلى تقويم جزئي على الأقل للخلل القائم بين الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة، وبصورة خاصة اعتماد الواردات الضريبية بشكل مسرف على الرسوم الجمركية.
د - إعادة النظر في هيكلة معدلات الفائدة: بحيث تكون الفوائد معتدلة على الدين لكي يتمكن أي مدين من التسديد، أما إذا كانت الفوائد عالية جدًّا، فإن أي جهد إنتاجي قد لا يسمح بتغطية الدين وتسديد أصله.
إجراءات اقتصادية مكملة
ويتزامن مع هذه الشروط للإصلاح المالي إجراءات اقتصادية اخري ينبغي على الحكومة اللبنانية أن تتخذها، وهي:
1- إقامة سياسة دعم شاملة للنشاطات الإنتاجية: على الدولة ومؤسسات التمويل اللبنانية إرساء سياسة دعم تشمل كل نشاط إنتاجي جديد خارج القطاعات الخدمية التقليدية مثل التجارة والسياحة، ومن أهم مكونات هذه السياسة إقامة صناديق استثمارية للمساهمة في رأس مال منشآت إنتاجية جديدة وتقديم القروض بشروط مقبولة إلى القائمين بهذه الأنشطة، وكذلك إقامة المناطق الصناعية والخدمية في كل منطقة وتوفير كل التسهيلات الإنتاجية من طرقات وكهرباء واتصالات سلكية ولا سلكية وإعفاءات جزئية ومؤقتة من رسوم الضمان الاجتماعي ومن ضريبة الدخل والضرائب الأخرى المكلفة مثل ضريبة الطابع.
2- مكافحة الفساد في علاقة القطاع الخاص بالقطاع العام: يجب مكافحة الفساد بطرق جدية وليس كلامية فقط والعودة إلى العمل بالقواعد الأخلاقية الاقتصادية المعروفة (Business Ethics) في كل من القطاع العام والقطاع الخاص وفي علاقة القطاعيين بعضهما بالبعض. وفي هذا الإطار يجب أن تصبح علاقة الدولة بالقطاع الخاص علاقة شفافة تهدف إلى التشاور المستمر لبلوغ أهداف النهضة الإنتاجية المرجوة، بدلاً من أن يسعى البعض من القطاع الخاص إلى الحصول من الدولة على امتيازات خاصة ومواقع احتكارية تؤمن الأرباح السهلة والضخمة، ولو تم ذلك على حساب المستهلك اللبناني وعلى مبدأ المنافسة العادلة.
3- استنفار قدرات الاغتراب: لا بد من استنفار قدرات الاغتراب المالية والعلمية والمهنية للمساهمة في الإصلاح المالي والنقدي من جهة، وفي النهضة الإنتاجية من جهة أخرى. فالجاليات اللبنانية بالخارج لديها استعداد جدي لمساعدة الوطن بشرط حدوث هذا التغيير الإصلاحي العملاق والجدي الذي نتحدث عنه.
للسنيورة رأي آخر
ويطرح وزير المالية السابق رئيس الحكومة الحالية فؤاد السنيورة رؤية أخرى للحل ترتكز إلى:
أولاً: اعتماد السياسات والإجراءات التي تؤدي إلى تفعيل الدورة الاقتصادية وتحقيق زيادة مستديمة ومتنامية في الإنتاجية وفي الناتج المحلي، بما يؤدي إلى تحسين في مستوى ونوعية معيشة المواطنين وزيادة في فرص العمل التي يتيحها النمو الاقتصادي المستديم والمتنامي، وهذا النمو الاقتصادي سيؤدي إلى تناقص الأهمية النسبية للدين العام بالمقارنة مع الناتج المحلي.
ثانيًا: الخفض المستمر للإنفاق من خلال خوض غمار الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية بما يشمل الإدارة والمؤسسات العامة وهو ما سيؤدي لتحسين في واردات الخزينة يكون نتيجته خفضًا في مستوى نسبة وحجم العجز في الموازنة، بحيث تكون الزيادة في حجم الدين العام أقل من الزيادة المحققة في الناتج المحلي.
وعلى ذلك يتضح أن اللبنانيين يملكون إستراتيجية لحل أزماتهم الاقتصادية، ولكن هل سيتمكنون من تنفيذها؟ هذا هو السؤال الصعب الذي تكمن صعوبته في التوترات المتوقعة التي ستشهدها المنطقة، ومدى تأثير ذلك على الوضع اللبناني.
** باحث مختص في الشئون اللبنانية.
http://www.islamonline.net/arabic/economics/issue/topic_03/2006/08/04.shtml (http://www.islamonline.net/arabic/economics/issue/topic_03/2006/08/04.shtml)