Old Snake 85
21-08-2006, 04:07 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
((في يوم من الأيام وفي أحد المستشفيات كان الأطباء يقفون فوق رأس أحد المرضى الذي أصيب بورم في صدره ويفكرون بطريقة لإنقاذ حياته , والمريض يتألم. وفي الخارج هناك أناس يتفرجون ويتألمون لما يرونه من حال المريض من الألم والصراخ فقرر أحد الأبطال من المتفرجين أن يوقف المهزلة وينقذ المريض مما يعاني فدخل إلى الغرفة وأخذ المشرط وبدأ بفتح صدر المريض ومحاولة استئصال الورم فحاول الأطباء منعه لكنه أخذ يحاول ((في اعتقاده)) معالجة الوضع والناس في الخارج يشجعونه على ما يفعل ويطالبون الأطباء بعدم التدخل!!! لأنهم لم يستطيعوا فعل شيء بينما هذا الشخص حاول ((على الأقل)) معالجة المريض.....ولا يدرون أنه سيتسبب في موته)) المثال مأخوذ من الأخ العضو الفارس الجديد.
((كل شيء حرام))
كلمة كثيراً ما نسمعها, ويقولها البعض تأففاً من بعض الأحكام التي يقولها العلماء.
ويعتبرون من هذه الأحكام تضيقاً وتشدداً وتنطع.
ونرى منهم الاستهانة بمناقشة العلماء ورد رأيهم بحجة أنهم لم يفعلوا شيء
فنرى العالم يفتي بتحريم شيء أو عدم جواز عمل شيء ما فينصب الجميع أنفسهم علماء وفقهاء ويردون الفتوى أو يناقشوها بغير علم بل ويصل الأمر إلى محاولة التنقيص من العالم .
فمثلا:-
تأتي الشخص و تقول له لا يجوز سماع الأغاني فيقول (كل شيء حرام)
تقول له لا يجوز السفر إلى بلاد الكفر والإباحية فيقول (كل شيء حرام)
بينما لا نرى نفس التجرؤ على الأطباء وعلماء الفلك وغيرهم من علماء سائر العلوم فمثلاً إذا أتيت دكتور و قال لك هذي الحالة لا بد لها من بتر الرجل مثلاً هل ستقول له لا يا دكتور حرام عليك أعتقد أنك غلطان.
أو يأتيك عالم كيمياء ويقول لك المادة الفلانية تتكون من كذا وكذا فتخبره أنك لا تعتقد هذا الشيء وكذلك في القوانين الفيزيائية والرياضية...الخ, بالتأكيد لا أحد سيفعل ذلك
إذاً لماذا هذا التهاون في علماء الدين فقط
1- هل لأن الدين ليس بعلم في إعتقاد البعض ومن حق الجميع التدخل فيه
أم لعدم وجود نتائج نظرية فيه
إذاً نأتي لمشكلة الإيمان بالغيب
فنحن إذا لم نجد شيء نَحسُبه أو تفاعل نراه نظن أنه من حقنا التدخل كيف ما نشاء.
رغم أن الله بدأ بصفة الإيمان بالغيب حينما وصف المؤمنون قال الله تعالى {اْلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاْلغَيْبِ وَيُقِيموُنَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
فنحن يجب أن نؤمن بالدين غيباً ونعلم أن علم الدين هو خير العلوم وأفضلها وأخطرها وهو الواجب وأن غيره من العلوم هي مجرد علوم دنيوية ينتفع بها ولا يقدم على علم الدين فلا يقدم العقل على النقل فإن استطعنا الجمع بينهما فهو خير وإلا قدمنا النقل على العقل فمثلاً: صح في الحديث أن الشمس تسجد لله حقيقتاً تحت العرش فإن أذن الله لها أشرقت فهي كذلك إلى يوم القيامة فلا يأذن الله لها فتخرج من مغربها. هذا ورد في حديثٍ صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم والبشر يرون الشمس كل يوم 24ساعة لا تغيب عنهم ثانية تغرب من بلد فتشرق في الآخر فإذا لم نعلم كيف ذلك واستأثره الله في علم الغيب عنده وجب علينا تقديم النقل على العقل والإيمان بذلك والتصديق وعدم تقديم قول فلان وعلان على قول الله والرسول صلى الله عليه وسلم.
2- ونأتي لمشكلة التساهل في الفتوى والقول على الله بغير علم قال الله تعالى{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ اْفْتَرَى عَلَى اْللهِ كَذِباً...الآية}يعني الدين هو أخطر العلوم فالقائلون فيه يقولون عن رب العالمين وهم الموقعون عنه قال الله تعالى{وَلاَ تَقُولُواْ لِماَ تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ اْلكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اْللهِ اْلْكَذِبَ إِنَّ اْلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اْللهِ اْلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} ورُب كلمةٍ قالت لصاحبها دعني قال الله تعالى{أَفَرَءَيْتَ مَنِ اْتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اْللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اْللهِ} وقال تعالى {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَاْعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اْتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِّنَ اْللهِ} وفي الحديث((أجرئكم على الفتوى أجرئكم على النار)) ضعيف في سنده صحيح في معناه والصحابة كانوا يتدافعون الفتوى بينهم وقد سئل خير البشر بعد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه عن قوله تعالى}وفاكهةً وأبّا{ ما الأَبُّ فقال((أي سماءٍ تظلني, وأي أرضٍ تقلني,إذا قلت في كتاب الله مالا أعلم))؟ [شرح العقيدة الطحاوية,طبعة المكتب الإسلامي ص194]هذا أبو بكر عليه السلام فكيف بغيره, فيجب عدم الفتوى بغير علم أو عند السماع من عالم بلا معرفة الدليل أو دون سؤاله فقد يكون العالم مخطئاً أو أنك فهمت منه خطئاً إلا في البديهيات وما يعلمه المؤمن بالضرورة كوجوب الصلاة والزكاة وتحريم الربا والزنا نسأل الله العافية فهو معروف ولا يحتاج الشخص من العامة لدليل ليفتي فيه.
5- ومن المصائب أيضاً مسألة التهاون بالعلماء ورد فتاويهم واجتهاداتهم قال الله تعالى{فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} فترى الشاب ما زال في المراحل الدراسية أو لديه من علم الدين القليل فينصب نفسه إماماً في الجرح والتعديل وتوثيق العلماء,فيرد قول هذا ويضعفه ويقبل من الآخر بل ويصل إلى تضعيف الأحاديث وتصحيحها حسب هواه قال الله تعالى: {وَمِن اْلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فيِ اْللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}وقال تعالى{وَمِنَ اْلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فيِ اْللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَبٍ مُّنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْْفِهِ لِيُظِلَّ عَن سَبِيلِ اْللهِ لَهُ فيِ اْلدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ اْلْقِيَامَةِ عَذَابَ اْلْحَرِيقِ}وقد ينتقص من العالم نصرةً لرأيه ويذكر بعض زلاته صدقاً كانت أم كذباً وهذا لا يجوز بإجماع أهل العلم فالمسلم لا يفتي إلا عن علم ولا يأخذ إلا عن العلماء الربانيين ولا ينتقص منهم فهم ورثة الأنبياء و مُبلغوا الدين لنا فانتقاصهم انتقاص للدين والشريعة والعلماء لحومهم مسمومة من أكل منها هلك قال الله تعالى{قُلْ أَبِاللهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} وهم ليسو معصومين فيحصل منهم الخطأ وهم في ذلك مجتهدين ومأجورين فقد قال المعصوم صلى الله عليه وسلم ((إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وإذا اجتهد فأصاب فله أجران)) أو كما قال صلى الله عليه وسلم ولولاهم لما تصدى أحد لأهل البدع والضلال ولضاع الدين وضل الناس قال النبي صلى الله عليه وسلم((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رءوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فظلوا وأظلوا))[متفق عليه] إذاً ففضلهم عظيم ومحبتهم وهيبتهم واجبة أما ما اختلف فيه أهل العلم فإنه يرد إلى الله ورسوله ويُتَبَعُ الأَخِذ بالدليل قال الله تعالى{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فيِ شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اْللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاْللهِ وَاْليَوْمِ اْلآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} والرد إلى الله يكون بالتحاكم بالقرآن والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يكون بالتحاكم إليه في حياته وبسنته بعد مماته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وإذا وجد الدليل فلا عبرة لقول أحد كائناً من كان قال الرسول صلى الله عليه وسلم ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[متفق عليه]. ويجب ألا يتعصب الشخص لرأي إمام معين أياً كان فالحجة بالكتاب والسنة لا بغيرهما قال صاحب المقام المحمود واللواء المعقود صلى الله عليه وسلم((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))[رواه مسلم].
4- ونأتي لفرضية أخرى وهي أن قائل ذلك يرى أمامه التفصيل بالمحرمات وينسى أن الحلال عام كثيرٌ لا يحصى فعندما يرى التفصيل بالمحرمات يشعر أنها كثيرة فهل قائل الجملة يريدنا أن نفصل في المباحات فمثلاً نقول أن:-
من المأكولات العسل والسكر والملح والبهارات ولحم الدجاج والشاة والجمل والسمك والخبز والشعير والتمر والذرة وأن التفاح والكمثرى والعنب والرمان والبصل والخس والطماطم والزيتون وأن من المشروبات الماء وعصير الفواكه و الشاي والقهوة والمشروبات الغازية ومن اللباس الصوف والقطن والفرو وأنواع القماش سوى الحرير للرجال و من المركبات السيكل والدراجة والسيارة والطائرة والصاروخ...الخ حلال.
قال الله تعالى{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اْللهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنَّ اْللهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} والقاعدة الفقهيه تقول الأصل في الشيء الإباحة إلا ما أتى الشرع بتحريمه.
هل لو كانت القاعدة الأصل في الشيء التحريم إلا ما أتى الشرع بحله سنقول كل شيء حلال بحيث يصبح الحلال مفصل والحرام مطلق . فنعمة الله إذاً واسعة.
5- ومن الخطاء أيضاًً عندما نرى أحد العلماء يفتي بتحريم الاعتقاد بشيء أو التعاون مع بعض الأعداء كالشيعة والمتصوفة مثلاً.
نرى أجوبة البعض تكون كالتالي:-
أين التآخي في الدين
ما الذي فعله العالم والمفتي للمساعدة
هم خير من الكفار
والموضوع لا يحتمل الجواب على جميع النقاط ومن الأخوة من كفى ووفى في مواضيع سابقة ولكني أقول العلماء أعلم وأدرى بمصالحنا الدينية منا وليس بلازم على العالم أن يقاتل ويجاهد لتؤخذ فتواه فالأئمة الأربعة وكثير من العلماء لم يكونوا يقاتلون الكفار بالسيف فهل نترك فتاويهم!!!
بالإضافة إلى أن التخيير لا يفيد فاليهود خير من الملحدين فهل نحبهم والنصارى خير من اليهود فهل نحبهم ((وكلهم شر)) وهكذا...
6- ونأتي إلى مسألة تتبع الرخص وزلات العلماء
فيأتي الشخص ويقول العالم الفلاني أحل هذا الشيء والعالم الفلاني أحل هذا...الخ
ويصبح الدين لديه مائع لا يحل حلالاً ولا يحرم حراماً
والمصيبة أنه لا يأخذ من العالم إلا ما يوافق هواه قال تعالى{أَفَرَءَيْتَ مَنِ اْتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اْللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اْللهِ} فيقول مثلاً العالم الفلاني أحل كذا والعالم الآخر لم يحرم كذا وهكذا....فهواه ونفسه هما من يحلون له ويحرمون قال تعالى{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَاْعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اْتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِّنَ اْللهِ} فيجب أن يأخذ الشخص من العالم ما يوافق الكتاب والسنة وأن لا يسأل أكثر من عالم بحثاً عن الرخص ويختار منهم الأسهل له فهذا غير جائز.
و نرى البعض يتبع ما تشابه من الأدلة وهذا لا يجوز بإجماع العلماء قال المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت))تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية{هو الذي أنزل عليك الكتاب * منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات * فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ــ إلى قوله تعالىــ أولو الألباب}قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)) [فتح الباري بشرح صحيح البخاري 8/9] وقد أجمع العلماء أن الآيات المتشابهات تفسر بالآيات المحكمات .
سامحوني إذا الأسلوب ركيك ومافيه تناسق لكن هذا ما استطعت قوله ولكل شخص جهد وما وافقت فيه الصواب فمن الله وحده ليس لي من الأمر شيء وما جانبته فمن نفسي والشيطان والحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين وصلي اللهم وسلم وبارك على أشرف الأنبياء و سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
And Allah may bless us
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((في يوم من الأيام وفي أحد المستشفيات كان الأطباء يقفون فوق رأس أحد المرضى الذي أصيب بورم في صدره ويفكرون بطريقة لإنقاذ حياته , والمريض يتألم. وفي الخارج هناك أناس يتفرجون ويتألمون لما يرونه من حال المريض من الألم والصراخ فقرر أحد الأبطال من المتفرجين أن يوقف المهزلة وينقذ المريض مما يعاني فدخل إلى الغرفة وأخذ المشرط وبدأ بفتح صدر المريض ومحاولة استئصال الورم فحاول الأطباء منعه لكنه أخذ يحاول ((في اعتقاده)) معالجة الوضع والناس في الخارج يشجعونه على ما يفعل ويطالبون الأطباء بعدم التدخل!!! لأنهم لم يستطيعوا فعل شيء بينما هذا الشخص حاول ((على الأقل)) معالجة المريض.....ولا يدرون أنه سيتسبب في موته)) المثال مأخوذ من الأخ العضو الفارس الجديد.
((كل شيء حرام))
كلمة كثيراً ما نسمعها, ويقولها البعض تأففاً من بعض الأحكام التي يقولها العلماء.
ويعتبرون من هذه الأحكام تضيقاً وتشدداً وتنطع.
ونرى منهم الاستهانة بمناقشة العلماء ورد رأيهم بحجة أنهم لم يفعلوا شيء
فنرى العالم يفتي بتحريم شيء أو عدم جواز عمل شيء ما فينصب الجميع أنفسهم علماء وفقهاء ويردون الفتوى أو يناقشوها بغير علم بل ويصل الأمر إلى محاولة التنقيص من العالم .
فمثلا:-
تأتي الشخص و تقول له لا يجوز سماع الأغاني فيقول (كل شيء حرام)
تقول له لا يجوز السفر إلى بلاد الكفر والإباحية فيقول (كل شيء حرام)
بينما لا نرى نفس التجرؤ على الأطباء وعلماء الفلك وغيرهم من علماء سائر العلوم فمثلاً إذا أتيت دكتور و قال لك هذي الحالة لا بد لها من بتر الرجل مثلاً هل ستقول له لا يا دكتور حرام عليك أعتقد أنك غلطان.
أو يأتيك عالم كيمياء ويقول لك المادة الفلانية تتكون من كذا وكذا فتخبره أنك لا تعتقد هذا الشيء وكذلك في القوانين الفيزيائية والرياضية...الخ, بالتأكيد لا أحد سيفعل ذلك
إذاً لماذا هذا التهاون في علماء الدين فقط
1- هل لأن الدين ليس بعلم في إعتقاد البعض ومن حق الجميع التدخل فيه
أم لعدم وجود نتائج نظرية فيه
إذاً نأتي لمشكلة الإيمان بالغيب
فنحن إذا لم نجد شيء نَحسُبه أو تفاعل نراه نظن أنه من حقنا التدخل كيف ما نشاء.
رغم أن الله بدأ بصفة الإيمان بالغيب حينما وصف المؤمنون قال الله تعالى {اْلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاْلغَيْبِ وَيُقِيموُنَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
فنحن يجب أن نؤمن بالدين غيباً ونعلم أن علم الدين هو خير العلوم وأفضلها وأخطرها وهو الواجب وأن غيره من العلوم هي مجرد علوم دنيوية ينتفع بها ولا يقدم على علم الدين فلا يقدم العقل على النقل فإن استطعنا الجمع بينهما فهو خير وإلا قدمنا النقل على العقل فمثلاً: صح في الحديث أن الشمس تسجد لله حقيقتاً تحت العرش فإن أذن الله لها أشرقت فهي كذلك إلى يوم القيامة فلا يأذن الله لها فتخرج من مغربها. هذا ورد في حديثٍ صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم والبشر يرون الشمس كل يوم 24ساعة لا تغيب عنهم ثانية تغرب من بلد فتشرق في الآخر فإذا لم نعلم كيف ذلك واستأثره الله في علم الغيب عنده وجب علينا تقديم النقل على العقل والإيمان بذلك والتصديق وعدم تقديم قول فلان وعلان على قول الله والرسول صلى الله عليه وسلم.
2- ونأتي لمشكلة التساهل في الفتوى والقول على الله بغير علم قال الله تعالى{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ اْفْتَرَى عَلَى اْللهِ كَذِباً...الآية}يعني الدين هو أخطر العلوم فالقائلون فيه يقولون عن رب العالمين وهم الموقعون عنه قال الله تعالى{وَلاَ تَقُولُواْ لِماَ تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ اْلكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اْللهِ اْلْكَذِبَ إِنَّ اْلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اْللهِ اْلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} ورُب كلمةٍ قالت لصاحبها دعني قال الله تعالى{أَفَرَءَيْتَ مَنِ اْتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اْللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اْللهِ} وقال تعالى {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَاْعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اْتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِّنَ اْللهِ} وفي الحديث((أجرئكم على الفتوى أجرئكم على النار)) ضعيف في سنده صحيح في معناه والصحابة كانوا يتدافعون الفتوى بينهم وقد سئل خير البشر بعد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه عن قوله تعالى}وفاكهةً وأبّا{ ما الأَبُّ فقال((أي سماءٍ تظلني, وأي أرضٍ تقلني,إذا قلت في كتاب الله مالا أعلم))؟ [شرح العقيدة الطحاوية,طبعة المكتب الإسلامي ص194]هذا أبو بكر عليه السلام فكيف بغيره, فيجب عدم الفتوى بغير علم أو عند السماع من عالم بلا معرفة الدليل أو دون سؤاله فقد يكون العالم مخطئاً أو أنك فهمت منه خطئاً إلا في البديهيات وما يعلمه المؤمن بالضرورة كوجوب الصلاة والزكاة وتحريم الربا والزنا نسأل الله العافية فهو معروف ولا يحتاج الشخص من العامة لدليل ليفتي فيه.
5- ومن المصائب أيضاً مسألة التهاون بالعلماء ورد فتاويهم واجتهاداتهم قال الله تعالى{فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} فترى الشاب ما زال في المراحل الدراسية أو لديه من علم الدين القليل فينصب نفسه إماماً في الجرح والتعديل وتوثيق العلماء,فيرد قول هذا ويضعفه ويقبل من الآخر بل ويصل إلى تضعيف الأحاديث وتصحيحها حسب هواه قال الله تعالى: {وَمِن اْلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فيِ اْللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}وقال تعالى{وَمِنَ اْلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فيِ اْللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَبٍ مُّنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْْفِهِ لِيُظِلَّ عَن سَبِيلِ اْللهِ لَهُ فيِ اْلدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ اْلْقِيَامَةِ عَذَابَ اْلْحَرِيقِ}وقد ينتقص من العالم نصرةً لرأيه ويذكر بعض زلاته صدقاً كانت أم كذباً وهذا لا يجوز بإجماع أهل العلم فالمسلم لا يفتي إلا عن علم ولا يأخذ إلا عن العلماء الربانيين ولا ينتقص منهم فهم ورثة الأنبياء و مُبلغوا الدين لنا فانتقاصهم انتقاص للدين والشريعة والعلماء لحومهم مسمومة من أكل منها هلك قال الله تعالى{قُلْ أَبِاللهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} وهم ليسو معصومين فيحصل منهم الخطأ وهم في ذلك مجتهدين ومأجورين فقد قال المعصوم صلى الله عليه وسلم ((إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وإذا اجتهد فأصاب فله أجران)) أو كما قال صلى الله عليه وسلم ولولاهم لما تصدى أحد لأهل البدع والضلال ولضاع الدين وضل الناس قال النبي صلى الله عليه وسلم((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رءوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فظلوا وأظلوا))[متفق عليه] إذاً ففضلهم عظيم ومحبتهم وهيبتهم واجبة أما ما اختلف فيه أهل العلم فإنه يرد إلى الله ورسوله ويُتَبَعُ الأَخِذ بالدليل قال الله تعالى{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فيِ شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اْللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاْللهِ وَاْليَوْمِ اْلآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} والرد إلى الله يكون بالتحاكم بالقرآن والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يكون بالتحاكم إليه في حياته وبسنته بعد مماته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وإذا وجد الدليل فلا عبرة لقول أحد كائناً من كان قال الرسول صلى الله عليه وسلم ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[متفق عليه]. ويجب ألا يتعصب الشخص لرأي إمام معين أياً كان فالحجة بالكتاب والسنة لا بغيرهما قال صاحب المقام المحمود واللواء المعقود صلى الله عليه وسلم((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))[رواه مسلم].
4- ونأتي لفرضية أخرى وهي أن قائل ذلك يرى أمامه التفصيل بالمحرمات وينسى أن الحلال عام كثيرٌ لا يحصى فعندما يرى التفصيل بالمحرمات يشعر أنها كثيرة فهل قائل الجملة يريدنا أن نفصل في المباحات فمثلاً نقول أن:-
من المأكولات العسل والسكر والملح والبهارات ولحم الدجاج والشاة والجمل والسمك والخبز والشعير والتمر والذرة وأن التفاح والكمثرى والعنب والرمان والبصل والخس والطماطم والزيتون وأن من المشروبات الماء وعصير الفواكه و الشاي والقهوة والمشروبات الغازية ومن اللباس الصوف والقطن والفرو وأنواع القماش سوى الحرير للرجال و من المركبات السيكل والدراجة والسيارة والطائرة والصاروخ...الخ حلال.
قال الله تعالى{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اْللهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنَّ اْللهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} والقاعدة الفقهيه تقول الأصل في الشيء الإباحة إلا ما أتى الشرع بتحريمه.
هل لو كانت القاعدة الأصل في الشيء التحريم إلا ما أتى الشرع بحله سنقول كل شيء حلال بحيث يصبح الحلال مفصل والحرام مطلق . فنعمة الله إذاً واسعة.
5- ومن الخطاء أيضاًً عندما نرى أحد العلماء يفتي بتحريم الاعتقاد بشيء أو التعاون مع بعض الأعداء كالشيعة والمتصوفة مثلاً.
نرى أجوبة البعض تكون كالتالي:-
أين التآخي في الدين
ما الذي فعله العالم والمفتي للمساعدة
هم خير من الكفار
والموضوع لا يحتمل الجواب على جميع النقاط ومن الأخوة من كفى ووفى في مواضيع سابقة ولكني أقول العلماء أعلم وأدرى بمصالحنا الدينية منا وليس بلازم على العالم أن يقاتل ويجاهد لتؤخذ فتواه فالأئمة الأربعة وكثير من العلماء لم يكونوا يقاتلون الكفار بالسيف فهل نترك فتاويهم!!!
بالإضافة إلى أن التخيير لا يفيد فاليهود خير من الملحدين فهل نحبهم والنصارى خير من اليهود فهل نحبهم ((وكلهم شر)) وهكذا...
6- ونأتي إلى مسألة تتبع الرخص وزلات العلماء
فيأتي الشخص ويقول العالم الفلاني أحل هذا الشيء والعالم الفلاني أحل هذا...الخ
ويصبح الدين لديه مائع لا يحل حلالاً ولا يحرم حراماً
والمصيبة أنه لا يأخذ من العالم إلا ما يوافق هواه قال تعالى{أَفَرَءَيْتَ مَنِ اْتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اْللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اْللهِ} فيقول مثلاً العالم الفلاني أحل كذا والعالم الآخر لم يحرم كذا وهكذا....فهواه ونفسه هما من يحلون له ويحرمون قال تعالى{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَاْعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اْتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِّنَ اْللهِ} فيجب أن يأخذ الشخص من العالم ما يوافق الكتاب والسنة وأن لا يسأل أكثر من عالم بحثاً عن الرخص ويختار منهم الأسهل له فهذا غير جائز.
و نرى البعض يتبع ما تشابه من الأدلة وهذا لا يجوز بإجماع العلماء قال المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت))تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية{هو الذي أنزل عليك الكتاب * منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات * فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ــ إلى قوله تعالىــ أولو الألباب}قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)) [فتح الباري بشرح صحيح البخاري 8/9] وقد أجمع العلماء أن الآيات المتشابهات تفسر بالآيات المحكمات .
سامحوني إذا الأسلوب ركيك ومافيه تناسق لكن هذا ما استطعت قوله ولكل شخص جهد وما وافقت فيه الصواب فمن الله وحده ليس لي من الأمر شيء وما جانبته فمن نفسي والشيطان والحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين وصلي اللهم وسلم وبارك على أشرف الأنبياء و سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
And Allah may bless us
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته