المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في نص الأخت Sea Girl ( برقيات .. برقيـات .. تذوي ألماً )



جِهَاد و كَفَى
31-08-2006, 09:32 PM
سلامٌ عليكم ..


أستمتع أحيانًا في الغوص في مفاد النصوص .. استوقفني النص السابق فدعوني أشاركوا القراءة


:) أرجو أن تسمح لي أختي الفاضلة ..


ذاك هو النص


.. برقيات .. برقيـات .. تذوي ألماً (http://www.montada.com/showthread.php?t=489858)


+++++


يبدأ النص هكذا


" كنت اجلس في غرفة معيشة مظلمة يتسل الضوء من شرائط ستائرها المعدنيه ..



وعلى الطاولة أمامي سبعُ برقيّات كتبتها ... ثم رميتها في اقرب سلة مهملات"




البداية هنا محاولة جيدة جدًا لإعداد الهيئة العامة للنص من جو الإحساس به إلى جانب رسم صورة للموقف تخلق نوع من التواصل مع القاريء .. صدقًا كانت بداية جيدة جدًا

هناك أيضًا خلق نوع من الجو الكئيب بتعبير (( غرفة معيشة مظلمة يتسل الضوء )) و ((رميتها في اقرب سلة مهملات ))
نعم كانت إشارات قصيرة بسيطة لكنها أدت الغرض


"





البرقية الأولى :



شيء ما سقط .....شيئا ما




مــابقي فيه هواء يصلح للحياة ‘‘





كيان سقط وسنمضي وسنقول " كان هنا " و انتهى وصار شيئاً من عدم



.. واصبح تراب .. وارض .. خارج نطاقناً ..

وخارج خارطة الـArabian
خارطة الطريق تلك .. ستلتهم حدود أرضنا بنهم .. ستطردنا ، تشرّدنـا
من الغرب حتى الشرق ومن الشمال حتى الجنوب ،،




"


تبدأ البرقية الأولى بعنوان ذي دلالة قوية يتحدث عن شيء ما تصرح الكاتبة بأنه سقط و توضح السبب في البرقية بقولها (( مــابقي فيه هواء يصلح للحياة )) ..
تشدد الكاتبة على معنى النهاية و السقوط من خلال مفردات تكررت بشكل ما (( سقط )) و ((كان هنا )) و ((انتهى)) و ((وصار شيئاً من عدم )) .. أدري أن التكرار هنا كان للتأكيد لكن أجدها أثقلت النص ..
الحديث عن هذا الكيان أو الأرض التي خرجت عن نطاق نشدته الكاتبة فينا أو كما سمتها (( خارطة الـArabian )) دعمته دلائل نراها في (( ستلتهم حدود أرضنا بنهم )) ((ستطردنا ، تشرّدنـا )) ..
و التأكيد كان في قولها (( من الغرب حتى الشرق ومن الشمال حتى الجنوب )) .. أظنها وفقت كثيرًا في عرض مأساة الكيان الذي خرج عن النطاق ذاك أو ما سمته خارطة ال Arabian و أجدها وفقت حين جازفت في كتابة الكلمة بالإنجليزية للدلالة على مدى الضياع و الشتات لهؤلاء الذين تحدثت عنهم في النطاق ..


"


البرقية الثانية :




أرواح .. أشجار .. هواء .. وعَلَم ..

وليس ناطحة سحاب !!!






انها تحتضر وتشعر بالبرد " والبرد بداية موتها الذي سيحضره الجميع " في صالات السينما المنزليه



فمن يستيطع العيش برئة واحدة أو كلية واحدة في زمن قل فيه فاعلوا الخير ...!

..تناضل وتخبىء أطفالا في احشائها والطير ..... هاجر بعيداً فلا هواء يصلح للعيش هنا..!
من بعيد اتخذت زاوية - و زاوية فقط - من جسد لبنان لتشهدوا مرارة الألم فكيف بــ دولــة ..
سقوط لبنان الذي لو كان تفجيراً لإحدى ناطحات السحاب في امريكا
لـقلبوا -الطاوله- فوق رؤوسنا
ولانكب العالم كله لاجل بناية و عددا من الارواح التي لا تقارن (بـكيان) بـ (حيـاة)
ارواح واطفال واشجار وهواء و عَـلَم سقطوا في حفرة واحده ..!
واغمض الجميع أعينهم وماتت لبنان فيــال وقاحة المشهد .. ويال المسرحية الهزليه ..






"

أيضًا برقية معنونة بعنوان ذي دلالة قوية و إن بدت للوهلة الأولى غامضة عكس العنوان السابق ..


تبدأ البرقية بالحديث عن فتاة أو سيدة مجهولة .. غيبتها في مجرى الحدث و أظنه كان عن عمد لإظهار التهميش الكامل لهذه الشخصية ..
سأعترف أني لم أرى المشهد جيدًا في بداية هذه البرقية ..
تستعرض الكاتبة مشهد لإحداهن التي فيما يبدو تحتاج لتبرع بعضو معين ..لكنها مع ذلك تكافح من أجل البقاء ..
و كأن أمامي مشهد لإحدى المريضات في لبنان وقت الحرب..
استطاعت الكاتبة ببراعة أخذ أيدينا للمس هذه المشاهد الباردة و زخمت الأنف برائحة الألم مؤكدة ذلك باسترسال صور مثل ( تحتضر وتشعر بالبرد ) (والطير ..... هاجر بعيداً فلا هواء يصلح للعيش هنا ) و أيضًا رسمت المشهد المقابل بعدم المبالاة في قولها ( بداية موتها الذي سيحضره الجميع " في صالات السينما المنزليه )
ما يؤيد ما وصلت له هي قولها فيما بعد ( من بعيد اتخذت زاوية - و زاوية فقط - من جسد لبنان لتشهدوا مرارة الألم فكيف بــ دولــة ) هنا أكدت على أنها زاوية ..
كان جيد جدًا هذا الاستحضار اللافت للنظر هنا بالزاوية و بعدها استثارتنا لرؤية بقية الزوايا
مستثيرة في ذات الوقت أنظارنا على الاستدارة و رؤية الطرف الآخر بكلماتها ( سقوط لبنان الذي لو كان تفجيراً لإحدى ناطحات السحاب في امريكا




لـقلبوا -الطاوله- فوق رؤوسنا )



المقارنة هنا في المشاهد يعطي النص كثيرًا من الحيادية في الطرح ..


"





البرقية الثالثه :



لا سمــاء .. كتلك السماء


الجثث اثقلتِ بها ارضكِ وفتحتها قبراً لكل شهيد .... لم تجزعي ..




تلك الســـمـــــــاء ليست سماء صارت مزيجاً من دخان ...

قلتِ : لا لن اتركَ الـــهـــواء لهم والف لا ..
مازلتِ تـمثلين النضال لأجل ما يحتويه قلبك من أرواح صغيره لا تعرف للموت تحت الرماد معنى ولا للحرب والدماء تفسيراً...




تشدي ازرهم توهميهم بالنبض ..

وبرد الموت بدأ يخدركِ حتى لفظتِ أنفاسك الأخيرة





..ذلك البرد ..وتلك الطلقات في قلبك ..



و الأنفاس الأخيره والهواء الملوث..بل الدخان الذي يسبح في السماء

كلها.. كلها .. تـُنبأ بخطر يحدق بنــا .
.ونحن في غرفة الإنتظار تلك ، بين أربعة جدران رمادية كسمائك





ننتظر خبر موتكِ لـنبدأ التعازي ...ونُحرق صوركِ - حتى لا تحلق العار بنا - فنحن عرب :) !


"


هنا العنوان لم توفق الكاتبة -بنظري في اختياره- لأن إيحاءه هو غير ما سنجده في البرقية ففي حين يوحي بسحر معين لكن البرقية و ما اشتملت عليه توحي بمدى فساد هذا المعنى لأن ما سنقرأه هو العكس تمامًا


أعجبتني آلية الحوار هنا ((الجثث اثقلتِ بها ارضكِ وفتحتها قبراً لكل شهيد )) و (( قلتِ : لا لن اتركَ الـــهـــواء لهم والف لا )).. كما أن الاسترسال السابق لنزف الوجع يبدو هنا أوضح كثيرًا ..
التناقض أيضًا في بعض العبارات مثل (( لم تجزعي )) ((لا لن اتركَ الـــهـــواء لهم والف لا)) ((تشدي ازرهم توهميهم بالنبض )) ((وبرد الموت بدأ يخدركِ حتى لفظتِ أنفاسك الأخيرة)) ((الأنفاس الأخيره والهواء الملوث..بل الدخان الذي يسبح في السماء ))
بالفعل نجحت كثيرًا آلية العجز مع القدرة هذه في نقل المشهد ..


الختام هو أكثر ما أعجبني في هذه البرقية(( .ونحن في غرفة الإنتظار تلك ، بين أربعة جدران رمادية كسمائك ننتظر خبر موتكِ لـنبدأ التعازي ...ونُحرق صوركِ - حتى لا تحلق العار بنا - فنحن عرب))
اللهجة الساخرة كانت لاذعة معبرة قوية هنا كثيرًا


:) حسنًا تعبت ..


أعود قريبًا لأكمل بقية البرقيات


أشكر من جديد الكاتبة المبدعة Sea Girl .. كما أنوه أن هنا بداية لرؤية القراءات هذه سأرجو لو أجدها هنا كثيرًا


فيض تحية