المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : د. طارق يسحق الجاميين وينتصر لطالبان



خالـد
23-11-2001, 04:42 AM
في سراديب مظلمة ودهاليز قاتمة ودروس مريضة ودواوين خاوية وفي السراب وتحت جنح الظلام وفي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم نشأ فكر مريض أطلق عليه الفكر المدخلي أو الجامي نسبة إلى مؤسسه ، أو جماعة المدينة - طهرها الله منهم - نسبة إلى مكان نشأتهم . وهي في حقيقتها مجموعة من السذج والمغفلين وبقايا حفريات وآثار من فكر مقبور ميت وشتات من أفكار جماعات ضالة هالكة قد تلاشت من الزمن وأصبحت أثرا بعد عين ، سعت أصابع داخلية وخارجية لإحيائهم بعد الموت وسقي زرعهم بعد الحطام لينبتوا نباتا صعدا ، يقصد ضرب الصحوة الإسلامية والحركات الجهادية في كل العالم تحت مسمى السلفية والدين وأقوال العلماء الأوائل ، فكان هذا الفيروس على الأمة وبالا وصار سرطانا ينتشر انتشار النار في الهشيم لرعايته من الجهات العليا وسقي مائهم بدراهم السلطان ، واجتمع شتات من قطاع الطريق ولصوص الفكر وشذاذ العقائد تحت هذه المظلة "الجامية المدخلية" . ممن يبحث عن جنسية أو تابعية أو حطام دنيا تحت غطاء الدين ، وممن هو فاشل علميا وممن هو شاذ أخلاقيا وسارق ماليا ، ولا يزال الله يقصم شوكتهم ويفل حبلهم ويكشف عوارهم في فضائح أخلاقية ومالية ومواقف تاريخية فاضحة ، فكان من أفكارهم وسمومهم تعطيل الجهاد ولا جهاد اليوم فكلها رايات عمياء ولا إمام ، ولا أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر إلا إذا أذن السلطان صاحب المنكر ، وفي طاعة الحاكم بأمر القانون طاعة لله وله بيعة في الأعناق وإن تخلى عن شريعة الله واستبدل بالإيمان كفرا ، ولا نصح إلا همسا وسرا ، ولا كفر إن نقض المرء إيمانه بناقض قولي او عملي كالطواف بالقبور أو ادعاء النبوة أو تحليل الحرام أو إهانة القرآن أو نقض أحكامه إلا إذا استحل ذلك في قلبه ، وكل الناس عندهم على غير هدى السلف إلا هم ، وكل البشر جاهل ولا عالم إلا هم ، ولا أحد إلا وهو مصنف عندهم ، فهذا أخواني وهذا سروري وهذا فيه دخن وهذا حديث .. دواليك . وليس ثمة أحد أصابه هذا الفيروس إلا تجهم وجهه لأخوانه وساءت أخلاقه وغلظ قوله ومشى قلبه ، وانبطح للوالي وصار دابة تركب وبساطا يفترش ، إنهم حلقة من سلسلة اسمها المنافقون عبر التاريخ ، فما الفرق بينهم وبين القاديانية في الهند ؟ الذين عطلوا الجهاد ضد الانجليز وقالوا هم ولاة الأمر يجب لهم السمع والطاعة ، وما الفرق بينهم وبين غلاة المرجئة الذين قالوا إن الأيمان حقيقة ثابتة لا تزيد ولا تنقص ولا يضرها أو ينقضها فعل وعمل ؟ وما الفرق بينهم وبين الخوارج الذين كفروا الأمة وبدعوها وضمنوا الجنة لأنفسهم حينما جعلوا المسلمين المجاهدين شرا من اليهود والنصارى ؟ وما الفرق بينهم وبين الباطنية الذين قتلوا الأمة بدنيا ، فقتلها أولئك فكريا ؟ وما الفرق بينهم وبين العلمانيين الذين جردوا الدين من روحه ومضمونه وجعلوه طلاسم ومناسبات ؟ ففصلوا السياسة عن الدين وألغوا الأمر بالمعروف والجهاد والنصح للأمة وإحيائها بعد موات ، وعطلوا أحكام الله على من وجبت بحقه من الكفر والفسق والبدعة ، إن هذه الفئة المريضة هي التي فضحها الله اليوم ، فأطلت برأسها المدفون لتعلق على الأحداث من خلال محاضرات أو أسئلة أو ندوات ، فها هو أحدهم يقول عن أحداث أفغانستان اليوم "اللهم لا شماتة" ! ، وها هو يأمر بترك المسلمين يذبحون للتفرج عليهم ويقول "اعمد إلى سيفك فدقه بحجر واطلب النجاة" ، ويقول "الزم بيتك ولا تدخل الفتنة" ، وها هو يقول "كلتا الطائفتين باغية وليس هناك من طائفة عاقلة تنصر على الأخرى وهم يتحاربون من أجل دنيا " ، ويقول "إن طالبان ماتريدية صوفية فكرهم فكر خوارج تكفيري يؤوون الخوارج" ، ويقول "رايتهم راية عمية وقد نهينا أن نقاتل تحت راية عمية لا نعرف لماذا نقاتل" . ويقول "هذا ليس من الجهاد ، لأن الجهاد لا بد له من إمام ظاهر ولا بد له من تمايز الصف ولا بد له من وضوح الهدف" ، "وهذا ليس قتالا شرعيا وإنما هو قتال فتنة" ، "إنها أعمال غوغائية وهي باب من أبواب الشياطين" ، "طالبان تؤوي الخوارج وتدافع عنهم بل هي منهم" ، "إن حصل لهم شيء من الكفار فهم وحالهم" ، "لا يجوز لأحد أن يعلن الحرب ، والفتوى في ذلك تحتاج إلى هيئة تصدر الفتوى" ، "الفتوى من العلماء وليس ممن صاروا علماء آخر الزمان" ، "فتح الأجواء والمجال الجوي لطائرات الكفار ليس من الإعانة ، ولا نعلم أن دولة فتحت بابها للأمريكان" . وها أنت ترى أخي القارئ ما سبق وقدمناه عن هذه الفئة السوسة في ضرب الإسلام والعمل الإسلامي ، فجهل بالواقع وتخبط في الفتوى وقول على الله بغير علم وطعن في الأمة وتفرج على جراحاتها ثم اعتزالهم وتركهم وحالهم . وهذا مدعو آخر يفتي لهم أن طالبان عليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لأنهم أحدثوا حدثا أو آووا محدثا ، يعني أهل الجهاد ! ونسي أن الحديث في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها حرم ، لعن الله من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا ، وقد امتلأت بالمتصوفة الذين جاوروا قبر الرسول صلى الله عليه وسلم دون أن ينكر عليهم هؤلاء المرضى أو يرموهم بهذا الحديث ، وهذا شاب من شبابهم وبوق من أبواقهم في الكويت يقول : الإرهاب التكفير التبديع التفسيق كلها محرمة شرعا ، ولا فرق بين العمليات الانتحارية في فلسطين وطيران أمريكا ، ويتفرج على ما يحدث للمسلمين في أفغانستان ليرفع يديه قائلا "اللهم ادفع الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين" ، ثم يحث الناس على لزوم جماعة المسلمبن والحذر من مخالفة أمرهم ، هذه الجماعة الهلامية الرمادية التي لا نعرف لها لونا ولا طعما ولا رائحة ، إنها جماعته بالطبع وأتباع جمعيته ! ثم يسقط أحاديث عليكم بالجماعة على جماعته المريضة وأن من خالفها فقد شذ بالنار . ويطل سرطان آخر برأسه من الفحاحيل - منطقة في الكويت - بعدما دق الله رأسه وكسر شوكته وكشف سوئته وفضحه الله بأخلاقه على يد أتباعه ليقول "إن طالبان عباد قبور ويعظمون الأولياء وأنهم أهل بدعة" ، "وأن طالبان ليست حكومة شرعية لأن الأمم المتحدة لم تعترف بها" ، "والحرب بين أمريكا وطالبان التي ترفع لواء الخوارج" ، "فقتال طالبان أوجب من قتال اليهود والنصارى" ، "طالبان إسلام خوارج ورباني إسلام عام ، والخوارج شر خلق تحت أديم السماء وتحت أديم السماء اليهود والنصارى" ، "لو سلموا أسامة لأمريكا لمحاكمته فلن يقتلوه ولن تطلق طلقة واحدة على أفغانستان" ، "قد أعدموا عبد الحق الملقب بأسد أفغانستان دون محاكمة ولا حجة" ، "لا يجوز الدعاء لطالبان بل للمسلمين عموما" ، "لأن طالبان إذا ما تفرغت من أمريكا سيقتلون الإسلام والمسلمين" . وفي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم يطل عقرب آخر عقره الله بسمه ليقول "طالبان طلبة جهال أصحاب بدع قبورية متصوفة يطوفون ويذبحون للقبور ويتمسحون بها وينذرون لها ولا يحاربون من أجل الشريعة ، هذا زيف ولغط وتزييف" ، "إنهم يكفرون أهل التوحيد" ، "إنهم يؤوون السفهاء ويصدرون 80% من المخدرات للعالم" . هذه مقدمة ضرورية لا بد منها لفهم الموضوع ، وهناك مقدمة شرعية لمثل هؤلاء الناس حول أصول الفتيا التي لم يتقيدوا بها خصوصا مع بعدهم عن واقع أفغانستان بل وقلة علمهم بواقع الأمة ومتابعة قضاياها ، فسبحان الله الذي جرأ بعض عباده بما كسبت أيديهم على التقول بغير علم إلا ما تجود به عليهم وسائل الإعلام العالمية ومن ورائها ، أو نتف من أخبار من هنا وهناك ، وأول نقد وجهه اولئك المداخلة الموتى بغيظهم هو أن طالبان دولة قبورية ماتريدية أشاعرة يطوفون بالقبور ويتبركون بها وأن قتالهم من أجل دنيا .. الخ . لذا وجب الكلام عن طالبان ولست بوكيل عنهم ، ولكن مدافع عن الإسلام الذي حملوه والشريعة التي أقاموها ومبين سبب إيوائهم لمن استنصر بهم ، وتمردهم على النظام الدولي ضمن معركة وجود تناولها بعض المساكين ببرود ولا مبالاة ، وأخواننا هناك يكتوون بنارها ويصطلون بلهيبها ، فقد ولدت في قندهار كنتيجة طبيعية وعفوية لحالة الفساد العارم والبلاء المستطير الذي حل في أفغانستان نتيجة صراع الأحزاب الجهادية السابقة على السلطة ، مما حصد نحو أربعين ألفا من المدنيين المسلمين ، وهدمت كابول وكثير من المدن حولها ، وتعطلت حياة التجارة والزراعة وفقد الناس الأمن وزاد السلب والاغتصاب والعدوان والقتل دون حسيب أو رقيب ، وبدأت الحركة في قندهار على رأسهم الملا محمد عمر ببعض الأعمال للأمن والإصلاح وانتشر خبر الأمن والارتياح الحاصل في قندهار ، فحضرت وفود الطلبة وأهالي الولايات وطالبوا الطلاب بتسلم إدارة تلك الولايات وتطبيق الشريعة فيها وأعانوهم على وضع تلك الولايات تحت سلطانهم ، في الوقت الذي خسرت باكستان أوراقها في أفغانستان بتحول حكمتيار إلى الصلح مع رباني وقبول وزارة ، فرأت باكستان في الطالبان قوة جديدة يمكن أن تعدل الميزان الذي ترجح لصالح الهند وإيران وروسيا وحلف رباني ، فدعمت حركة طالبان وفتحت المجال أمام الحركات الدينية وشيوخ المدارس الباكستانية في ولاية سرحد وبلوشستان وسهلت لهم الانضمام للطالبان مع تسهيل وصول المؤن والسلاح ، ثم أعلنت تأييد طالبان ، وتدحرجت كرة طالبان كنتيجة لمكانة العلماء وطلاب العلم الشرعي في المجتمع الأفغاني إلى الولايات الأخرى شمالا وشرقا ، وبدات الولايات تسقط واحدة تلو الأخرى ، وسلمت الأحزاب الأخرى طواعية مثل حزب يونس خالص وقوات حقاني مناطقهم للطلبة في بكتيا وخوست وننكرهار وانتشر الأمن وأمنت السبل والطرق ، ولا شط انهم فقدوا أثناء حرب التأسيس الوفا منهم ، مثل مائتين وخمسين من الطلبة غدر بهم مسعود وقتلهم في كابول ، وخمسة عشر ألفا من الطلبة في مزار الشريف على يد القوات الأوزبكية عام 97 ، حتى استتب لهم الأمر على 95% من أراضي أفغانستان . ولعل حسنات أفغانستان وايجابياتها هي التي دفعت دول العالم الصليبية لحربهم مما لا يفهمه ولا يفقهه بعض الناس ، فمن حسناتهم على سبيل المثال لا الحصر : 1 - أنهم طبقوا الشريعة على كل شبر استولوا عليه . 2 - أقاموا الحدود عبر المحاكم الشرعية والقضاة الشرعيين والعلماء . 3 - انتشار الأمن وتأمين السبل وهو نتيجة لتطبيق الشريعة والحدود بصورة لم تحصل منذ عشرات السنين . 4 - القضاء على المكوس والضرائب التي كانت تفرضها القبائل على الفقراء . 5 - نشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد أسسوا لهذا الغرض وزارة مستقلة ولهم قوات وجنود وسيارات ووعاظ يطوفون بالشوارع ويلزمون الباعة والناس والنساء بالسلوك الشرعي ، ولا شك أنهم لا يخلون من أخطاء في التطبيق ، وهي مغتفرة مع قصر مدتهم وقلة علمهم وحرصهم على إقامة أمر الله تعالى . 6 - ازدهرت المساجد وصلوات الجماعة ومنعت أشرطة الفيديو والموسيقى ومظاهر الفساد تماما من خلال دوريات الأمر بالمعروف ولهذه الدوريات حضور وهيبة بين الناس . 7 - محيت آثار الشيوعية وانتشرت الدعوة إلى الله تعالى وظهر تعليم الناس وأسلمة الهياكل الوظيفية للدولة التي كانت تقوم على بقايا الشيوعية . 8 - أقيمت دورات شبه أسبوعية في كل دوائر الدولة لتعليم السلوك الإسلامي في التعامل مع المراجعين وتعليم الموظفين السلوك الإسلامي والأخلاق الحميدة . 9 - افتتحت طالبان مئات المدارس الدينية لنشر الدعوة الإسلامية وجهزت بمقرات للإقامة والنوم والطعام وغيرها . 10 - إعادة بناء البنية التحتية وترميم المصانع وإعادة رصف الطرق المدمرة وبناء الجسور المهدمة وغير ذلك لإعادة إعمار أفغانستان المقدرة خسائرها بسبعمائة مليار دولار عدا مليونين من الشهداء نحسبهم كذلك والله حسيبهم ، ومثلهم من الجرحى والعجزة ونحو خمسة ملايين من المهاجرين . 11 - استصلاح 40 مصنعا مدمرا من أصل 250 مصنعا في كابول وحدها ، واستصلحت بعض المناجم حيث تكثر في أفغانستان الثروات المعدنية ، كالذهب والنحاس والمرمر واليورانيوم والكروم . 12 - مراقبة المنظمات الصليبية التنصيرية والتضييق عليها . 13 - إحياء هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في ضرب الجزية على الكفار وأطلق عليهم اسم أهل الذمة وألزموهم التمييز بإشارات عن المسلمين . 14 - هدم جميع الأصنام التي كانت أمام الفنادق في كابول خصوصا أمام فندق الإنتركونتيننتال ، وآخرها أصنام مدينة باميان (صنم بوذا) . 15 - منعوا خروج النساء إلا بالحجاب ولا السفر إلا بمحرم ومنعوهن من العمل في الأماكن المختلطة . 16 - حاربوا المخدرات بشكل متدرج حتى تم القضاء على زراعتها وفق قرار أمير المؤمنين رقم 19 يتاريخ 1421/4/26 ، ونصه ( تمنع زراعة الخشخاش في كل نواحي البلد ، ومسؤولو الإدارة الإسلامية مكلفون بتنفيذ هذا القرار في مناطق مسؤؤلياتهم ) ، وقرار 1420/5/6 في حظر زراعة الحشيش وتدمير مصانعه ، وأصدرت الأمم المتحدة بيانا بعنوان ( أفغانستان خالية من المخدرات ) بتاريخ 2001/10/15 ، وأن نسبة زراعة الأفيون قد خفضت بنسبة 94% وحرقت 100 كغم هيروين نقي . 17 - عملت على إزالة بعض المشاهد التي على القبور ومنعت الناس من مظاهر الشرك التي كانت تعمل عندها ، ووضعوا سياجا حول بعض المقابر وعلقوا لوحات مكتوب عليها آداب الزيارة الشرعية . 18 - إغلاق مدارس البنات إلى حين توفير مدرسات كفئات على مستوى من الدين والأخلاق والثقافة والقدرة التربوية والمهارة التدريسية ، وأنشؤوا لذلك كلية المدرسين . 19 - آووا إخوانهم المجاهدين ممن ضيقت عليهم دولهم فصاروا شتاتا في بقاع الأرض ، من الحركات الجهادية الصينية للشعب الأيغوري والأوزبكية والطاجيك والهند والشيشان ، وفتحوا لهم مكاتب وأحسنوا لهم الضيافة إضافة لشتات من العرب ممن شارك في الجهاد الأفغامي ولفظتهم دولهم وطاردتهم لعنة الإرهاب ولعبة الأفغان العرب ، فلم يجدوا مأوى إلا أفغانستان ، فأحسنوا رعايتهم وأسرهم ونزلوا قربهم بخير دار وأحسن جوار . 20 - حرق الكتب الخرافية والشعوذة والسحر . 21 - منع الضرب بالشيش واحتفالات الصوفية والروافض في الشارع . 22 - منع عادة قبيحة كانت عند الأفغان وهي توريث المرأة بعد وفاة زوجها لإخوانه كخادمة لهم ومصادرة أموالها . هذه بعض محاسن طالبان التي يتبجح البعض بأنهم قبورية ماتريدية ولعله لم يفرق بين الطواف بالقبور والدعاء عندها ، فهم يدركون أن الطواف بالقبور والنذر لها والذبح لها كفر أكبر ولذا هم يمنعونه ، ولكن الواقع أن بعض الجهال يدعو عندها ويتبرك بآثار الصالحين وهو بدعة ، ولا يلزم من وجود الشرك أو البدعة عند بعض الرعية أن تصير البلاد شركية أو بدعية بأسرها ، فلا تخلو بلاد المسلمين اليوم من البدع إلا في المناسبات الرسمية كرأس السنة الهجرية والمولد النبوي والإسراء والمعراج أو في الاحتفالات الخاصة وغيرها . ولا شك أن بلاد الأفغان تحت حكم الطالبان أفضل حالا منها في وقت الأحزاب أيام الجهاد الأفغاني ضد الروس ، وقد شهد العلماء للجهاد الأفغاني إذ ذاك بالفضل وجعلوه جهادا إسلاميا وحثوا الناس على الجهاد معهم والإنفاق عليهم ودعمهم والدعاء لهم ، وهو ما كان يفتي به ابن باز والألباني والعثيمين رحمهم الله جميعا . وأما ادعاء الجاهل أن القتال اليوم في أفغانستان إنما هو لدنيا وليس جهادا ، رايته عمية وهذا هو رأي علماء الأمة ومشايخها ، فأي مشايخ هو يتكلم عنهم وأي علماء للامة يتبجح بهم ، كيف وقد أفتى من سيأتي ذكرهم بوجوب مناصرة طالبان والوقوف معهم وأنهم على الحق وغيرهم على الباطل ، وممن أفتى بذلك : الشيخ حمود العقلاء الشعيبي ، الشيخ عبد الرحمن البراك ، الشيخ عبد الرحمن الغريان ، الشيخ عبد الله السعد ، الشيخ ناصر بن سليمان العمر ، بيان من علماء السودان ، بيان من علماء اليمن ، بيان من علماء لبنان ، بيان من علماء الأردن ، الشيخ سليمان بن فهد العودة ، الشيخ سفر الحوالي ، الشيخ رياض المسيرميري ، الشيخ عبد الله بن عمر الدميجي ، الشيخ بشر بن فهد آل بشر ، الشيخ د.مهدي قاضي ، الشيخ عبد الله بن محمد العثمان ، الشيخ عايض القرني ، الشيخ ناصر الفهد ، الشيخ الشريف الفعر . فهؤلاء علماء الأمة المعول عليهم وليس من صمت ينتظر الإذن للكلام والفتيا . المسألة الثانية : أنهم ادعوا أن طالبان يؤوون الخوارج ، وأن القرائن قد دلت على أن طالبان خوارج ولا يجوز القتال معهم ولا نصرتهم فهم شر خلق تحت أديم السماء . فنقول وبالله التوفيق : لولا أن الجواب عن هذه الشبهة المعطوبة حتم لازم لما أجهدت نفسي في الرد على تراب خرج من تراب وهواء نطق به هراء ، ولكن نبين للأمة أن الخوارج لهم معتقدات ثمانية تميزوا بها : الأول : قولهم بالإمامة في غير قريش ، فهذا ليس بلازم بل يجوز أن يكون من قريش أو من غيرها . الثاني : يرون أن عليا رضي الله عنه أخطأ في التحكيم أي قبوله التحاكم مع معاوية . الثالث : تكفيرهم لعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه لقبوله نتيجة التحكيم وأن عثمان بن عفان رضي الله عنه كفر لبعض المآخذ التي عدوها عليه . الرابع : خلود المسلم صاحب الكبيرة في النار . الخامس : تكفير المسلم بالمعصية إلا إذا تاب وكل الذنوب عندهم كبائر . السادس : الخروج على الإمام الجائر ووجوب عزله وقتله . السابع : القياس في أصول الدين ، كقولهم إن إبليس كان عارفا بالله فلما عصاه صار كافرا فكذلك الإنسان إذا عرف الله وعصاه يصير كافرا وهذا خطأ كبير بلا شك . الثامن : جواز خلو العالم من إمام وأهل السنة يرون وجوب نصب إمام وقد تخلو الأرض منه . هذه مبادئهم في الفصل ومقالات الإسلاميين وشرح الأصول الخمسة . وقد نفت حكومة طالبان ذلك حينما أظهرت معتقدها وحرصت على تطبيق الشريعة وأوامر الله تعالى ، وقد ترجم وزير شئون المهاجرين جلال الدين حقاني كتاب شرح العقيدة الطحاوية ووزع للناس هناك وليس كما يفترى عليهم أنهم خوارج ، بل حتى من عندهم من المجاهدين العرب لا يقولون قول الخوارج في تكفير الأمة وخلود أصحاب الكبائر ، وإنما ينحى بعضهم إلى كفر الحاكم بغير ما أنزل الله أخذا منه بقول ابن تيمية وابن كثير والشنقيطي وغيرهم ، ومع هذا فلا تلازم عندهم بين الكفر والخروج على الحاكم وإراقة الدماء . فالقول بأن طالبان أو من يؤوونهم من أهل الجهاد خوارج محض افتراء وكذب أطلقه مرجئة العصر ليبرروا لأنفسهم قعودهم وخذلانهم للمسلمين . وعلى فرض صحة أن طالبان خوارج كما افترى وزعم المفتري فلماذا ندعي على الدين ونفتي بعدم جواز الجهاد معهم بحجة أنهم خوارج ؟ وننسب ذلك للسلف ، وقد قال الإمام السرخسي في شرح السير الكبير ج4 المسألة 2970 :" ولا بأس بأن يقاتل المسلمون من أهل العدل مع الخوارج المشركين من أهل الحرب ، لأنهم يقاتلون الآن لدفع فتنة الكفر وإظهار الإسلام فهذا قتال على الوجه المأمور به " . في خطبة علي رضي الله عنه للخوارج قال :" ولن نمنعكم الفيء ما دام أيديكم مع أيدينا " ، قال السرخسي رحمه الله :" فيه دليل على أن الخوارج إذا كانوا يقاتلون الكفار تحت راية أهل العدل فإنهم يستحقون من الغنيمة ما يستحقه غيرهم لأنهم مسلمون " المبسوط باب الخوارج ج10 . ولعل المداخلة وجماعة المدينة لم يقرأوا التاريخ ولم يقفوا على جهاد السلف ، إذ كان معظم جهادهم مع أمراء أهل بدع وتصوف وخرافة وأشعرية وإليكم الدليل يا سادة كما نقلته من كتاب أفغانستان والطالبان لأبي مصعب بتصرف ، يقول :" منذ ذهاب الخلافة الراشدة ومجيء ملك بني أمية ظهرت البدع والفساد ودخلت الدنيا وظهر الفجور والتنافس والأثرة حتى كان يعرض بعض التابعين لهم ويصفهم بذهاب الدين وفشو البدع ، ومع ذلك كله فقد غزا السلف مع الحجاج وأمثاله من أمراء بني أمية ، وارتد أهل البرب في شمال أفريقيا ولم يجد أهل الإسلام قائدا مسلما يرفعون له الراية إلا قائدا من الخوارج ، فدفعوها له تحت شعار " نقاتل مع أهل القبلة من ليس من أهل القبلة " . ومن بعدهم الدولة العباسية وقد قالوا ببدعة مكفرة وهي خلق القرآن ، ولم يكونون يدعون إليها فحسب بل كانوا يحملون الناس عليها حملا ويوالون ويعادون فيها ، ومع هذا فلم يترك السلف الجهاد معهم ولا الصلاة ورائهم ولا مناصرتهم ، ولما فتح المعتصم عمورية قال الإمام أحمد :" اللهم أحللته من إثم ضربي لما فتح الله عليه وعلى من معه من المسلمين " ، وهو الذي سجنه وعذبه ، ثم جاء السلاجقة وهم من الأتراك وأجداد الأفغان الأوزبك ، وفيهم الجهل بالدين والتصوف والخرافة ففتح العلماء لهم المدارس وعلموهم ونصروهم كما فعل الغزالي والجويني وصلوا خلفهم وغزوا مع ملوكهم مثل ألب أرسلان في موقعة ملاذكرد ، ثم جاء التتار ووقف بوجههم ابن تيمية في صف المماليك وهم أهل جهل وبدع وتصوف وأشاعرة ماتريديه واشتهروا بالبناء على القبور وتعظيمها ، مع انتشار القتل والظلم وسفك الدماء وأكل أموال الناس والفسوق والقيان والطنابير والخمور في زمانهم . وسئل ابن تيمية عن القتال مع أمراء مصر والشام وفيهم ما فيهم فقال :" لا ينكر القتال مع هؤلاء إلا جاهل ، فكبف يصنع أهل الإسلام ‘ذا ترك الجهاد معهم ؟ " بل قال أن جند مصر والشام هم الطائفة المنصورة التي يحفظ الله بها دينه في ذلك الزمان ، ولما قامت دولة الأتابكة في الشام وعماد الدين زنكي وابنه نور الدين وابنه الملك الصالح ، فقد أظهروا البدع والتصوف ومع هذا أثنى العلماء عليهم وغزوا معهم . ثم جاء صلاح الدين وجاهد الصليبيين في عهد كان معظم ملوكهم شوافع أشاعرة ، ومع هذا وقف العلماء معه وأيدوه وغزوا معه ، ووقف العز بن عبد السلام مع دولة المماليك وهم أشاعرة قبورية وحرض الناس على موقعة عين جالوت ، ثم جاء العثمانيون وهم أكثر جهلا من غيرهم وأكثر تعظيما للقبور والأضرحة وفتح الله على أيديهم القسطنطينية وأيدهم علماء الأمة . وغزا الإنجليز المشرق الإسلامي ولم يتصد لهم في الهند وباكستان إلا العلماء مجتمعين ، متصوفة وأحناف وديوبندية على مدى 130 سنة حتى أخرجوهم ، وجاهد الإمام شامل الشافعي الأشعري الصوفي الروس 60 سنة في القفقاس ، وفي الشام قام مشايخ الصوفية والأشاعرة وعلماء المذهب الحنفي والشافعي ضد الفرنسيين والانجليز ، وفي ليبيا قامت ثورات على يد مشايخ المالكية الصوفية الأشعرية وأشهرهم عمر المختار رحمه الله ومن معه من علماء السلف السنوسية ضد الإيطاليين . وفي تونس قام علماء الزيتونة وهم مالكية أشاعرة ضد الفرنسيين ، وفي المغرب قام الإمام عبد الكريم الخطابي وهو مالك صوفي أشعري بثورة انتهت بإقامة دولة إسلامية حتى العام 1963 . وهكذا حتى وصل العهد للأفغان على ما بهم كحال معظم أهل الشرق ، فهل يترك الجهاد وتعطل الحرمات تحت ادعاء أنها فتنة ؟ ولا أجد في هؤلاء المرضى أصدق من قول ابن القيم في إعلام الموقعين 121/2 إذ يقول :" وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضيع ودينه يترك وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها وهو بارد القلب ساكت اللسان شيطان أخرس ، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق ، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياستهم فلا مبالاة بما جرى على الدين ، وخيارهم المتحزن المتلمظ ، ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل وجد واجتهد ، واستعمل مراتب الإنكار الثلاث بحسب وسعه ، وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بلوا بالدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون ، وهو موت القلب ، فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل " . وننشد هؤلاء قول الشاعر أبي هلاله في الأفغان : مضـيت مجاهدا مع من بهم يتـشـرف المثل بنـي الأفـغان لا نبل إذا احتدمت ولا عذل وفينا من يقول لهـم عـقيدتكم بها خـلل معـاذ الله هـذا الإفـك ممـا ليـس يحتمـل أيا أحبابنا الأفغان من ضحـوا ومن بذلـوا لأنتم في الحياة شذى ونحن الثوم والبصل ونحن الجـبن والخذلان والتضـليـل والجـدل ولعل مفهوم تعطيل الجهاد تحت أي عذر مصطنع قد كثر هذه الأيام ، فيوم راية ويوم بدعة ويوم دنيا ويوم عدم وضوح الهدف ويوم عدم تمايز الصفوف ، فكل جهاد عند هؤلاء معطل باطل ، ولا أدري متى يقوم الجهاد الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " ، قال أحمد :" الأجر والمغنم " وهو دليل عى استمرار الجهاد إلى يوم القيامة ، وأما أهداف هذه الحرب على أفغانستان فالمعلن منها أنها حرب على الإرهاب ، والسر أنها حرب على الإسلام بدء بأفغانستان ونهاية ببلاد الحرمين كما بدأت مقالاتهم تصرح بذلك . ففي الصنداي تلغراف 2001/9/23 كتب ستيفن سكورات مقالا بعنوان "المسألة كلها بدات من العربية السعودية" ، وجاء فيه " وعليه فيجب أن نسأل أنفسنا ما الذي جعل هؤلاء الأفراد وحوشا ؟ إن الكثير منهم سوف يجيبونك بكلمة واحدة ، إنها الوهابية ، إنها صنف متوتر من الإسلام ، إنها حركة عنيفة ، أنها قليلة الاحتمال شديدة التعصب ، لقد ظهرت في العربية السعودية ، كما أنها النظام الرسمي لدول الخليج ، ثم إن الوهابية هي الاتجاه الأكثر تطرفا في الحركة الأصولية ، إنها تطالب بالعقاب حتى الموت لممارسة السكر أو المحرمات الخبيثة ، وتدين من لا يصلون بوصفهم كفارا " ثم قال :" إن العربية السعودية هي المسبب الوحيد الأكثر أهمية والداعم للراديكالية والعقائدية والتعصب الرئيسي في الإسلام" . وجا في النيويورك تايمز عدد يوم الجمعة 2001/10/19 " إن المدارس السعودية هي التي صنعت الإرهاب من خلال بث الأفكار المتطرفة المعادية للغرب في عقول أبنائها ، وإن كتب الدين الدراسية في المدارس السعودية تحتوي على تحذيرات للمسلمين من تكوين صداقات مع اليهود والمسيحيين لأنهم أعداء لهم " . وفي صحيفة شيكاغو تريبيون يوم الأربعاء 2001/10/3 مقال جاء فيه " أن الوهابية هي منبع الأصولية الإسلامية الحديثة ، وأن السعودية اليوم هي مصدر الراديكالية الإسلامية ، وما دامت أموال النفط هي التي تمول النفوذ الوهابي وتعمل على نشره فستبقى للأصولية الإسلامية قاعدتها المالية والسياسية " . وجاء على لسان جوزف بيدن - رئيس لجنة الشئون الخارجية لمجلس الشيوخ الأمريكي - يوم الأربعاء 2001/10/24 في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية قوله :" إنه يجب إبلاغ المملكة العربية السعودية بضرورة التوقف عن دعم المدارس الدينية التابعة لها ، وإلا ستكون هناك عواقب وخمة لها ولغيرها .. " ، والحقيقة أن المشروع الأمريكي أكبر من أفغانستان ، وإنما هي انطلاقة للقضاء على الإسلام في آسيا الوسطى الذي وجد أفغانستان ملاذا آمنا لحركاته ، كما أني أنصح أولئك المثبطين الناطقين باسم الشيطان أن يستغفروا الله تعالى ويتوبوا إليه ويتداركوا ما فات من أعمارهم وأعمالهم وينصروا المسلمين ، ولا يغردوا خارج السرب ولا يسبحوا على حجر ولا يطيروا في الرمال ، ولهم أهدي قول مالك بن الريب : ألم تر أني بعت الضلالة بالهدى وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا فـلله دري يـوم أتـرك طائـعـا بني بأعـلى الرقـمتـين وماليا ولا ضرنا كلام المثبطين المهزومين ، فالمبشرات بعودة الدين وظهوره أكثر من أن تحصى غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

عن منتدى الفوائد.