المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة العلامتين " ابن باز والألباني " ، متجدد



الداعي إلى الله
11-11-2006, 05:14 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد :

لا يخفى على الإنسان ما تحمله العداوة الشيطانية القديمة من الأخطار والمصائب
والشرور في الحياة والأخرة ، فهي عداوة معلنه من عدو خفي مستتر لا يراه الإنسان
ولا يدرك طبيعتة عداوته له ، وشدة شراسة حربه معه ، مع أنها عداوة دائمة ما دام
الإنسان في هذه الحياة ومستمرة باستمرار وجود عدو الله الشيطان في الدنيا ، فهي عداوة لا يرجى زوالها ولا يؤمل انقطاعها بصدق وعد الله لإبليس في قوله تعالى :
" قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم " ص 79 – 81
فهو يستخدم في تلك الحروب الطويلة كل الوسائل والأساليب الماكرة والخفية ، ويجتهد كل الإجتهاد كي يوقع الإنسان في فخ كيده وطاعته ، ويقوده بحبائله المااكرة إلى مهاوي الرديئ وسوؤ العاقبة في الدنيا والأخرة .


يتبع في كل يوم جزء من السلسلة ...

aakapel
11-11-2006, 08:16 PM
بارك الله فيك .. ما شاء الله عليك ..اخى عبد الله

فعلا متميز .. ننتظر المزيد ... بعون الله

الداعي إلى الله
11-11-2006, 08:25 PM
وفيك بارك الله اخوي احمد

وأشكرك على الرد الطيب ........

الفارس الجديد
13-11-2006, 12:19 AM
بارك الله فيك .. ما شاء الله عليك ..اخى عبد الله

فعلا متميز .. ننتظر المزيد ... بعون الله

الداعي إلى الله
13-11-2006, 12:54 PM
وفيك بارك الله اخوي محمد ....

وأشكرك على الرد الطيب اخوي

الداعي إلى الله
13-11-2006, 12:57 PM
هذي التكملة ... وأعتذر عن التأخير اخواني


حرب الشيطان

والعجيب أنه استأذن الله في إعلان هذه الحرب ، فأذن له الله تعالى لحكمة أرادها جل وعلا ثم نبه عباده إلى أمور ثلاثة لمواجهة هذه الحرب :

1 – التحذير المباشر من الشيطان : " يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة " الأعراف 27

2 – كشف لنا خطط وأهداف وأساليب الشيطان في إغواء بني آدم ، وحذرنا منه :
"يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر " النور 21
" ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين " البقرة 168

3 – بين لنا الأسلحة والعدة التي يتحصن بها المؤمن في هذه الحرب لينجو من هذا العدو المبين فإذن عرفها الإنسان وتحصن بها كانت الغلبة له ورد الله عنه هذا العدو ذليلا مدحورا ، وإن فرط في ذلك قهره هذا العدو وأصبح لعبة بين يديه يحركه كيف يشاء فأصبح من الواجب التحذير من هذا العدو ومعرفة خططه .


يتبع كل يوم جزء من السلسلة

الداعي إلى الله
18-11-2006, 07:54 PM
أول شيء أعتذر عن التأخير وذلك بسبب الإنشغال ...

وإن شاء الله سأواصل السلسلة للعلامتين ...

والآن مع ...


حقائق مهمة


1 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " رواه أبو داود
وهكذا أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وهذا إن دل فإنما يدل على شدة فتنته وعداوته للإنسان وتمكنه من ذلك دون أن يشعر فيه .


2 - إن هذا العدو يرانا ونحن لا نراه وهذا أشد ما يكون في الخطورة لو كان العدو ظاهرا أمامك استطعت ان تحتمي منه ، ولكن الطامة أن يكون العدو ذكيا ماكرا خفيا ..
قال تعالى :
" إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم " الآية 27 من سورة الأعراف


3 - إن ابليس له جنود وأعوان من الإنس والجن على السواء ويقومون بتنفيذ مخططاته الافسادية سمعا وطاعه له ، وهم رهن إشارته .
قال تعالى :
" وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من شياطين الإنس والجن يوحي بعـضهم إلى بعض زخرف القول غرورا " الآية 112 من سورة الأنعام
وفي قولهِ أيضا :
" وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم امشركون " الآية 121 من سورة الأنعام



ونكتفي بهذا القدر والحمد لله رب العالمين

iSRT8
18-11-2006, 08:16 PM
السلامو عليكم ورحمة من الله وبركاتهـ
جزاكـ الله خيراً اخير أخي الداعي الى الله
وألف شكر لكـ على هذهـ المواضيع الجميلهـ والشيقهـ
اسأل الله ان يبعدنا عن طريق الشيطان الماكر
وفقكـ الله اخي العزيز
وإن شاء الله في ميزان حسناتكـ
والسلام خير الختام

الداعي إلى الله
18-11-2006, 08:22 PM
وإياك اخوي عبدالرحمن ...

اللهم آمين ... اجمعين

وأشكرك على الرد الطيب اخوي ...

الداعي إلى الله
19-11-2006, 02:49 PM
اليوم سنكمل الجزء الناقص من حقائق مهمة إن شاء الله


4 - أن لكل إنسان قرينا أو شيطانا يلازمه ولا يفارقه فيحاول أن يضله أو يصده عن ذكر الله تعالى أو يفسد عليه الطاعة أو غير ذلك .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة ، قالوا وإياك يا رسول الله ؟
قال وإياي ولكن اللع أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير " رواه مسلم .

5 - كل مخالفة للشيطان فهي طاعة للرحمن وذلك لأن كل عبادة محبوبة لله فهي بغيضة إلى الشيطان ، فلذلك تجده يحاول أن يصدك عنها أو يصرفك عنها أو يلبسها عليك ، فإن خالفته وعصيت أمره وتعوذت بالله منه وأطعت الله تعالى كنت من الفائزين ، وإن كان العكس كنت من الخاسرين .

وكذلك فإن كل معصية مكروهة للرحمن فهي محبوبة للشيطان فتراه يزينها لك ويحببها إليك ويسهل الطرق الموصلة إلها لك ، فإن استسهلت معه ووقعت في حبائله خبت وخسرت ، وإن عصيته واعتصمت بالله منه كنت من الناجين عند الله تعالى .

وبإذن الله الدرس القادم ... سيكون عن ....


الحكمة من خلق الشيطان




ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين

darkcrusher
20-11-2006, 08:25 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

ما شاء الله أخي عبد الله متميز كعادتك

جزاك الله خير وباركـ الله فيكـ

الداعي إلى الله
20-11-2006, 08:27 PM
اليوم سنكمل جزء من السلسلة ألا وهي :


الحكمة من خلق الشيطان .

1 - اظهار قدرة الله على خلق المتضادات والمتقابلات حيث خلق الله إبليس وذاته من أخبثالذوات وخلق جبريل عليه السلام من أفضل الذوات وأشرفها وأطهرها فجعل الله الخبيث منحازا إلى روح إبليس الخبيثة وجعل الطيب منحازا إلى المادة الطيبة .

2 - إكمال مراتب العبودية لأنبياء الله وعباده الصالحين ، وإظهار العبودية المتنوعة التي تحصل في مجاهدة إبليس وحزبه ومراغمته في الله وإغاظته والإستعاذة بالله منه .

ونكتفي بهذا القدر ... والحمدلله رب العالمين .

الداعي إلى الله
20-11-2006, 08:28 PM
هلا اخوي عبدالعزيز ...

أشكرك على الرد الطيب ....

وفيك بارك الله .

الداعي إلى الله
23-11-2006, 04:39 PM
أعتذر عن التأخير ...

إن شاء الله اليوم سنكمل بقية الحكمة من خلق الشيطان ...

1- حصول العبرة لجميع العباد بما حصل لعدو الله إبليس من الإهانة والذل وسوء العاقبة بسبب عصيانة أمر الله تعالى واستكباره على ربه وبهذه العبرة يقوى الإيمان ويزداد لدى الملائكة والإنس والجن ويعظم خوفهم من الله تعالى .

2- من خلق إبليس تظهر أثار أسماء الله المتضمنة لحلمه وعفوه ومغفرته وستره على عباده وما ارتكبوه من ذنوب ومعاصي نتيجة إضلال الشيطان لهم وتغريره بهم .

وقال ابن القيم رحمة الله عليه :

" فلو لم يقدر الذنوب والمعاصي فلمن يغفر ؟
وعلى من يتوب ؟
وعمن يعفو ويسقط حقه ؟
ويظهر فضله وجوده وحلمه وكرمه وهو واسع المغفرة ، فكيف يعطل هذه الصفة ؟
أم كيف يتحقق بدون ما يغفر ومن يغفر له ؟
ومن يتوب وما يتاب عليه ؟
فلو لم يكن في تقدير الذنوب والمعاصي والمخالفات إلا هذا وحده لكفى به حكمه وغاية محموده . أهـ .

وإن شاء الله سأكتب في المرة القادمة عن :


الوقاية من الشيطان

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .

الداعي إلى الله
24-11-2006, 03:22 PM
اليوم إن شاء الله سأكمل الجزء الناقص من السلسلة ...

وهو جزء ...


الوقاية من الشيطان

1- مداومة ذكر الله والتعوذ من الشيطان :
قال مجاهد :
الشيطان يكون على قلب الإنسان فإذا ذكر الله خنس " أي انقبض وتأخر " ولأهمية الذكر البالغة في حياة المسلم كسلاح في التصدي للشيطان ودرء شره مع ما يحصل للذاكر من عظيم الأجر والثواب وانشراح الصدر واطمئنان القلب ، فقد جث الله تعالى عباده على مداومة كره في آيات كثيرة فقال تعالى :
" فأذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون " الآية 152 من سورة البقرة .

2- الحذر والحيطة واليقظة الدائمة :
لأنه بمقدار علمك بهذا العدو وبمقدار علمك بأهدافه ووسائلة التي يضل بها بني آدم بمقدرا ما تكون نجاتك منها ، وهذا لا يكون إلا بكمال الحذر والحيطة واليقظة الدائمة وعدم الغفلة ، فإن غفل الإنسان أسره الشيطان ووجهه الوجهة التي يريد ،
سئل الحسن البصري :
" أينام إبليس ؟
قال : لو ينام لوجدنا راحة "


ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين

الداعي إلى الله
26-11-2006, 10:47 PM
اليوم سنكمل إن شاء الله الجزء الناقص من الوقاية من الشيطان ..

1-الإلتجاء إلى الله والإحتماء به :
من أعظم الحصون وهو الإستعاذة بالله من هذا الشيطان الرجيم كما قال تعالى :
" وإما ينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم " الآية 36 من سورة فصلت .

2 - عدم موالاة الشيطان :
قال تعالى :
" ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسراناً مبينا " الآية 119 من سورة النساء .


* يقول الفخر الرازي :
اعلم أن احداً لا يختار أن يتخذ الشيطان من دون الله ، ولكن المعنى أنه إذا فعل ما أمره الشيطان به وترك ما أمر الرحمن به ، صار كأنه اتخذ الشيطان وليا لنفسه وترك ولاية الله تعالى وتكون مخالفة الشيطان في أمور كثيرة منها :

1) الأكل والشرب والعطاء باليمين :
قال عليه الصلاة والسلام :
" ليأكل أحدكم بيمينه وليشرب بيمينه وليأخذ بيمينه وليعط بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ويعطي بشماله ويأخذ بشماله " أخرجه ابن ماجه .

2) التأني وعدم العجلة :
قال عليه الصلاة والسلام :
" التأني من الله والعجلة من الشيطان " رواه البهيقي .

3) عدم الجلوس بين الظل والشمس :
" نهى - صلى الله عليه وسلم - أن يجلس الرجل بين الضح والظل وقال مجلس الشيطان " رواه أحمد وصححه الألباني .
{ الضح --> ضوء الشمس إذا اسمكن الأرض }

4) الحذر من التبذير :
قال تعالى :
" إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا " الآية 27 من سورة الإسراء .

وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة عن ...


أهداف الشيطان

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين

ابو خالد
06-12-2006, 07:36 PM
الـسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


اخى الكريم الداعى الى الله
بارك الله فيك ولك وجزاك خيرا ً


http://www.7mml.com/uploads/723aefde5b.jpg


ننتظر التكمله
والموضوع مثبت حتى تعم فائدته


وننتظر دوما ً تفاعلكم ومشاركتكم الجديده
دمتم فى امان الله سالمين
ابوخــــــــــــالد

الداعي إلى الله
01-01-2007, 08:19 AM
هلا اخوي أبو خالد ...

وفكم بارك الله ...

وإياك ...

وأشكرك على الرد الطيب اخوي ... وعلى التثبيت ...

إن شاء الله سأكمل الموضوع ...

وأعتذر لردي المتأخر لسبب الظروف الخاصة

الداعي إلى الله
01-01-2007, 08:29 AM
اليوم سأكمل جزء من السلسلة وهو ...


أهداف الشيطان


1- هدفه الرئيسي هو :
إدخال الإنسان النار كما قال تعالى :
" إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب النار " الآية 6 من سورة فاطر .

2- إيقاع العباد في الشرك والكفر كما قال تعالى :
" إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا " الآية 117 من سورة النساء
- وقال تعالى :
" كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين " الآية 16 من سورة الحشر .
ولذلك حذرنا النبي – صلى الله عليه وسلم – من ذلك وبيَّن أن من صرف العبادة لغير الله تعالى أيا كان نوعها فقد أشرك " من حلف بغير الله فقد أشرك ومن صلى لغير الله فقد أشرك ومن ذبح لغير الله فقد أشرك " .

4- الذنوب والمعاصي : قال – صلى الله عليه وسلم – " ألا إن الشيطان قد أيس أن يعبد في بلدكم هذا أبدا ولكن ستكون له طاعة في بعض ما تحقرون من أعمالكم فيرضى بها " رواه الترمذي .
- وإيقاع العداوة والبغضاء بين الناس يرتكبون المعاصي والآثام كما قال تعالى :
" إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون " الآية 91 من سورة المائدة .

5- صد العبادة عن طاعة الله :
" قال فبما أغوتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم " الآية 16 من سورة الأعراف .
أي على طريقك ، الزمه وارصده ، فاضل الناس عنه ولا ادع سبيلا من سبل الخير إلا صددتهم عنه .

6- إفساد الطاعات على العباد :
عن عثمان بن أبي العاص أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال :
" يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقرائتي يلبسها علي فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا احسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا قال ففعلت ذلك فأذهبه الله عني " رواه مسلم .

سنواصل السلسلة بإذن الله تعالى اليوم ...
هو الجزء الناقص الأخير ...


أساليب الشيطان في إضلال الإنسان

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين

الداعي إلى الله
03-01-2007, 12:53 AM
اليوم سأكمل جزء الأخير من سلسلة اعرف عدوك وهو ...




أساليب الشيطان في إظلال الإنسان


1- تزيين الباطل :
قال تعالى :
" قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ظل سعيهم في الحية الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " الأية 103 - 104 من سورة الكهف .
ومن الوسائل الشيطانية في تزين الباطل تسمية الأمور المحرمة بأسماء محببة إلى النفوس ، مثل ( الخمر مشروبات روحية ، والربا فوائد ، وسفور المرأة خارج وتبرجها خارج بيت الزوجية واختلاطها بالرجال الأجانب حضارة وغيرها كثيرة ) .

2- تثبيط العباد عن العمل ، ورميهم بالتسويف والكسل :
قال - صلى الله عليه وسلم - :
" يعقد الشيطان على قافية رأس احدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب كل عقده مكانها عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقده فإن توضأ انحلت عقده فإن صلى انحلت عقده كلها ، فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان " رواه البخاري .

3- إظهار النصح للإنسان :
قال تعالى :
" وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين " الآية 21 من سورة الأعراف .

4- تخويف المؤمنين أولياءه :
وهذا من أعظم مكائده كمل قال تعالى :
" إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين " الآية 175 من سورة آل عمران .

5- دخوله إلى النفس من الباب الذي تحبه وتهواه :
ومن أعظم حبائل إبليس في هذا الباب النساء كما قال - صلى الله عليه وسلم - :
" ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء " .

6- إنساؤه ذكر الله :
كما قال تعالى :
" يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون " الآية 9 من سورة المنافقون .

7- وعده ووعيده :
كما قال تعالى :
" يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا " الآية 120 من سورة النساء



وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة اعرف عدوك

وبإذن الله سأبدأ غدا السلسلة الأخرى وهي الأحكام الشتوية ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين

الداعي إلى الله
04-01-2007, 04:26 AM
وكما وعدتكم هذه هي سلسلة ...


الأحكام الشتوية

وصية عمر الشتوية :

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا حضر الشتاء تعاهدهم وكتب لهم بالوصية : إن الشتاء قد حضر، وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب ، واتخذوا الصوف شعارًا ( الملابس الداخلية ) ودثارًا ( الملابس الخارجية ) ، فإن البرد عدو سريع دخوله بعيد خروجه .
غنيمة العابدين وربيع المؤمنين :

عن عمر رضي الله عنه قال : الشتاء غنيمة العابدين . رواه أبو نعيم بإسناد صحيح .
قال ابن رجب : إنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع في بساتين الطاعات ويسرح في ميادين العبادات وينزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه .
ومن كلام يحيى بن معاذ : الليل طويل فلا تقصره بمنامك ، والإسلام نقي فلا تدنسه بآثامك .
و عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : مرحبًا بالشتاء ، تنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام.
ومن درر كلام الحسن البصري قال : نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه ، ونهاره قصير يصومه .
وعن عبيد بن عمير رحمه الله أنه كان إذا جاء الشتاء قال : يا أهل القرآن! طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا ، وقصر النهار لصيامكم فصوموا
الغنيمة الباردة :

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ) رواه أحمد وحسنه الألباني
قال الخطابي : الغنيمة الباردة أي السهلة ولأن حرارة العطش لا تنال الصائم فيه .
قال ابن رجب : معنى أنها غنيمة باردة أنها حصلت بغير قتال ولا تعب ولا مشقة ، فصاحبها يحوز هذه الغنيمة بغير كلفة .
فحري بك اقتناص هذه الغنيمة لاسيما في الأيام الفاضلة مثل الاثنين والخميس أو الأيام البيض ونحو ذلك .


وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ..

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين

الداعي إلى الله
04-01-2007, 04:38 PM
نـــفــس الشــتــــاء :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اشتكت النار إلى ربها فقالت : يارب أكل بعضي بعضًا فأذن لي بنفسين ، نفس في الشتاء ونفس في الصيف ، فهو أشد ما تجدون من الحر ، وأشد ما تجدون من الزمهرير ) متفق عليه ، والمراد بالزمهرير شدة البرد .
قال ابن رجب : فإن شدة برد الدنيا يذكر بزمهرير جهنم .
وهذا ما يوجب الخوف والاستعاذة منها ، فأهل الإيمان كل ما هنا من نعيم وجحيم يذكرهم بما هناك من النعيم والجحيم حتى وإن شعر القوم بالبرد القارس فيدفعهم هذا إلى تذكر زمهرير جهنم ، ويوجب لهم الاستعاذة منها ، ويذكرهم بالجنة التي يصف الله عزوجل أهلها فيقول عزوجل ( مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ) الانسان 13
> قال ابن رجب : فنفى عنهم شدة الحر والبرد .
> قال قتادة : علم الله أن شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعا .
فيدفعهم هذا إلى النصب وإلى التهجد فكل ما في الدنيا يذكرهم بالآخرة .

ما يقال عند رؤية السحاب ونزول المطر :

عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئًا في أفق السماء ترك العمل وإن كان في صلاة ثم يقول : ( اللهم إني أعوذ بك من شرها ) فأن مطر قال : ( اللهم صيبًا هنيئًا ) رواه أبودواد بسند قوي ، وعند البخاري ( اللهم صيبًا نافعًا ) وعند البخاري ومسلم (مطرنا بفضل الله ورحمته )
الناشئ : السحاب الذي لم يتكامل اجتماعه ... الصيب : هو المنهمر الذي يأتي دفعة واحدة .

الدعاء لا يرد وقت نزول الـمـطـر :

قال صلى الله عليه وسلم : ( ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء ، وتحت المطر ) رواه الحاكم وحسنه الألباني
> قال المناوي : أي لا يرد أو قلما يرد فإنه وقت نزول الرحمة .

من فعل النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول المطر :

عن أنس رضي الله عنه قال : أصابنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فحسر - أي كشف - رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه المطر فقلنا يا رسول الله : لم صنعت هذا ؟ قال : لأنه حديث عهد بربه . رواه مسلم

وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين

soe_lover
05-01-2007, 08:32 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيك يا أخى الكريم و جعل الله كل كلمة فى هذا الموضوع فى ميزان حسانتك

أخوك
Soe_lover

الداعي إلى الله
05-01-2007, 09:41 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ....

وفيك بارك ربي اخوي ...

اللهم آمين ...

وأشكرك على الرد الطيب اخوي ...

الداعي إلى الله
06-01-2007, 01:56 PM
تكملة السلسلة ....

ما يقال خشية التضرر عند زيادة المطر

قال صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الحال : ( اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر ) رواه البخاري
الآكام : التلول المرتفعة من الأرض ، الضراب : الروابي والجبال الصغار
نزع البركة من المطر

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ليست السنة بأن لاتمطروا ، ولكن السنة أن تمطروا ولا تنبت الأرض شيئًا ) رواه مسلم ، قال النـووي : المراد بالسنة هنا القحط
الفيضانات والسيول

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الشهداء خمسة .. فذكر منهم الغريق ) رواه البخاري ، أي الغريق وهو الذي يموت غريقًا في الماء . شرح النووي
ويستفاد من هذا الحديث في موضوعنا أن من غرق بنتيجة الفيضانات والسيول الجارفة في الشتاء أو غيره وكان على دين وصلاح وحسن حال يرجى له الشهادة كما هو نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه يغسل ويكفن ويصلى عليه .
الاسـتــســقــــــاء

وهو طلب السقيا من الله تعالى عند حصول الجدب بصلاة الاستسقاء أو بالدعاء المجرد من الصلاة ، وسبب الجدب والقحط وارتكاب المخالفات كما أن الطاعة سبب البركات .. قال تعالى ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) الأعراف 96 .
وكثرة التوبة والاستغفار سبب لنزول الأمطار قال تعالى ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً * مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ) نوح 10-13، وصلاة الاستسقاء سنة مؤكدة وتصلى جماعة أو فرادي وهي كصلاة العيد في الأحكام ، ألا إنه يخرج إلى المصلى متواضعًا متذللاً ولا يتطيب لقول ابن عباس : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللاً متواضعًا متخشعًا متضرعًا .... ) رواه الترمذي ، ثم يصلي ركعتين ثم يخطب ويذكر الناس بالتوبة والاستغفار ثم يرفع يديه لقول أنس رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء ، وكان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطه ) رواه مسلم ، ثم يدعو ومن أدعية النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم أسقنا غيثُا مغيثًا ، مريئًا مربعًا نافعًا غير ضار ، عاجلاً غير آجل ) رواه الحاكم وصححه الألباني .
الاستسقاء بالنجوم

قال صلى الله عليه وسلم : ( أربعة في أمتي من أمر الجاهلية لايتركونهن : الفخر بالأحساب ، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم والنياحة ) رواه مسلم ، المراد بالاستسقاء: نسبة السقيا ومجيء المطر إلى الأنواء وهي منازل القمر .
وعن زيد بن خالد رضي الله عنه قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت (أي مطر ) من الليل ، فلما انصرف أقبل الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ؟ قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب ، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب ) متفق عليه

خلاصة الكلام في حكم نسبة المطر

1- كفر أكبر مخرج من الملة: اذا اعتقد أن النجوم هي الرازقة للمطر الجالبة له.
2- محرم : اذا اعتقد أنها سبب لجلب المطر ولكن الرازق هو الله تعالى.
3- مباح : اذا اعتقد أن الله هو الرازق لكن النجوم علامة لوقت المطر وهذا يعرف بالتجربة وعادة الناس فلا بأس بذلك .

وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين

الداعي إلى الله
08-01-2007, 03:00 AM
تكملة السلسلة ....

الجزاء من جنس العمل

قد صح عن ابن عمر مرفوعا : ( .. ولم يمنعوا - أي العباد - زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ، ولولا البهائم لم يمطروا ) رواه ابن ماجة وغيره وحسنه الألباني
وعن بريدة مرفوعا : ( .. ولا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر ) رواه الحاكم وصححه الألباني
وعن مجاهد قوله في تفسير آية ( وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ ) البقرة 159 ، قال : دواب الأرض تقول إنما منعنا المطر بذنوبكم .
ما يقال عند هبوب الريح

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال : ( اللهم أني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به). رواه مسلم
النهي عن سب الريح

لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الريح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب ، فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها ) رواه أبوداود وغيره .
والنهي عن سب الريح لأنها مُسخرة مذللة فيما خلقت له ومأمورة بما تجيء به من رحمة وعذاب.
ما يقال عند سماع الرعد

كان عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال : ( سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ، ثم يقول : إن هذا لوعيد لأهل الأرض لشديد ) رواه البخاري في الأدب المفرد وسنده صحيح موقوفًا كما قال النووي
إسباغ الوضوء على المكاره

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا بلى يا رسول الله . قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذالكم الرباط ) رواه مسلم
> قال القاضي عياض : وإسباغ الوضوء تمامه ، والمكاره تكون بشدة البرد وألم الجسم ونحوه .
> قال ابن رجب : فإن شدة البرد لدينا يذكر بزمهرير جهنم ، فملاحظة هذا الألم الموعود يهون الإحساس بألم برد الماء
مسألة : قال الشيخ ابن عثيمين عن بعض المصلين : لا يحسرون - أي يرفعون - أكمامهم عند غسل اليدين حسرًا كاملاً ، وهذا يؤدي إلى أن يتركوا شيئًا من الذراع بلا غسل وهو محرم ، والوضوء معه غير صحيح ، فالواجب أن يحسر كمه إلى ما وراء المرفق مع اليد لأنه من فروض الوضوء .
مسألة

لا بأس بتسخين الماء للوضوء ، قال ابن المنذر : الماء المسخن داخل في جملة المياه التي أمر الناس أن يتطهروا بها . الأوسط 1/250 .
> وقال الأبي في إكمال المعلم 2/54 : تسخين الماء لدفع برده ليقوي على العبادة لا يمنع من حصول الثواب المذكور .
فلا إفراط ولا تفريط والشرع لم يتعبدنا بالمشاق .
المسح على الخفين والجوارب
الخف ما يلبس على الرجل مما يصنع من الجلد
والجورب : ما يلبس عليها مما يضع من القطن ونحوه وهذا المعروف بـ ( الشراب أو الدلاغ )
ثبت في السنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسح على الخفين
شروط الـمـســح

1- ادخالهما بعد تمام طهارة الوضوء بالماء
2- أن يكون طاهرين من النجاسة
3- ن يكون المسح عليهما في الحدث الأصغر لا الأكبر كالجنابة أو ما يوجب الغسل
4- أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعًا وهو يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر
توقيت الـمـســح

1- يبدأ المسح من أول مسحه بعد الحدث وتنتهي بعد أربع وعشرين ساعة للمقيم واثنين وسبعين للمسافر لحديث علي رضي الله عنه: ( وقت لنا رسول الله في المسح للمقيم يومًا وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها ) رواه مسلم
2- إذا انتهت المدة وهو على طهارة لم تنتقض طهارته لكن ينتقض مسحه.
صفــة الـمـسـح

أن يمسح الخف أو الجورب من أعلاه من أطراف الأصابع إلى ساقه لقول علي رضي الله عنه ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر خفيه ) رواه أبو داود
المسح على العمائم في الحدث الأصغر
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على العمائم . رواه الترمذي
والعمائم هي عمائم المسلمين المحنكة - أي المدارة تحت الحنك - أو ذات ذؤابه - أي التي لها طرف مرخي - أما الصماء غير المحنكة ولا ذات ذؤابة وهي عمائم أهل الذمة فلا يصح المسح عليها ، ويدخل في العمائم ما يلبس في أيام الشتاء من القبع الشاملة للرأس والأذنين ، وفي أسفله لفه على الرقبة فإنه مثل العمامة لمشقة نزعه ومثله خمار المرأة المدار تحت حلقها ، وأما الغترة أو الشماغ أو الطاقية أو الطربوش فلا يسمح عليه لأنه لا يشق نزعه .


وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .

الداعي إلى الله
09-01-2007, 08:16 AM
تكملة السلسلة ....


التبكير عند شدة البـــرد

عن أنس رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد يبكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة ) رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني
> قال المناوي عن التبكير : أي بصلاة الظهر يعني صلاها في أول وقتها وكل من أسرع إلى شيء فقد بكر إليه .
> قال ابن قدامة في المغني : ولا نعلم في استحباب تعجيل الظهر من غير الحر والغيم خلافا .
> قال الترمذي : وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم : لأن المقصود من الصلاة الخشوع والحضور وشدة البرد والحر مما يشغل المصلي .
الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة

يعذر بترك الجمعة والجماعة في الشتاء من حصل له من الأذى بمطر يبل الثياب ومعه المشقة أو وحل ( اي الطين ) أو ثلج أو بريح باردة شديدة لقول ابن عمر رضي الله عنه : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة الباردة أو المطر : صلوا في رحالكم ) رواه البخاري
الجمع بين الصلاتين

يباح الجمع بين الصلاتين ( الظهر والعصر ) أو ( المغرب والعشاء) في وقت أحدهما تقديمًا أو تأخيرًا للأعذار السابقة المسقطة للجمعة والجماعة ولو صلى الرجل في بيته إذا كان من أهل الجماعة ، وأما المرأة والرجل المريض لا يصح جمعهم في بيوتهم.
والجمع رخصة عارضة للحاجة إليه لدفع المشقة عن المسلمين، ولذلك لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرات قليلة ، والحاجة والمشقة تختلف في تقديرها باختلاف الزمان والمكان والأشخاص، لذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( جمع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطر .. أراد ألا يحرج أمته ) رواه مسلم
التلثم عند البرد في الصلاة

فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن السدل في الصلاة ، وأن يغطي الرجل فاه . رواه أبو داود وغيره
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : يُكره التلثم في الصلاة إلا من علة .
لبس القفازين للبرد في الصلاة

يجوز لبس القفازين وهو أحد أقوال الشافعي وبه قال النووي ، وأما استدل بالمنع لحديث مسلم : ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ) فيستدل به على كشف اليدين ، والرد عليه أن الركبة كذلك مغطاة بلا ريب فلا حجة في ذلك ، قال ابن جبرين : يجوز للرجال والنساء لبس القفازين في الصلاة فإنه يحتاج إليه لبرد ونحوه .
الصلاة على الراحلة أو السيارة خشية الضرر
> قال شيخ الاسلام : وتصح صلاة الفرض على الراحلة خشية الانقطاع عن الرفقة أو حصول ضرر بالمشي .
> وقال ابن قدامة في المغني : وإن تضرر بالسجود وخاف من تلوث يديه وثيابه وبالطين والبلل ، فله الصلاة على دابته ، ويومئ بالسجود
> وقال الترمذي : والعمل على هذا عند أهل العلم وبه يقول أحمد واسحاق
إطفاء النار والمدفئة قبل النـــوم

عن أبي موسى رضي الله عنه قال : احترق بيت في المدينة على أهله ، فحدث بشأنهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن هذه النار إنما عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم ) وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون ) رواهما البخاري ومسلم ..
> وقال الحافظ بن حجر : وحكمة النهي هي خشية الاحتراق ، ثم قال : قيده بالنوم لحصول الغفلة به غالبًا ، ويستنبط منه أنه متى وجدت الغفلة حصل النهي .
فيستفاد منه الحذر الشديد من إبقاء المدافئ مشتعلة حالة النوم والحوادث لا تخفى في ذلك فتبنه .
الصـــلاة جهــــــة النـــار

يكره الصلاة جهة النار مشتعلة ولو شمعة لما فيه من مشابهة المجوس ، ولأنها تلهي المصلي وقد روى ابن شيبة عن ابن سيرين: أنه كره الصلاة إلى التنور أو بيت النار، ومنه دفايات النار المشتعلة ( الجاز أو الغاز ) بخلاف دفايات الزيت أو الكهرباء فلا بأس .
كذلك لو وضعت هذه الدفايات المشتعلة في غير قبلة المصلي فلا بأس بها والله أعلم.
النهي عن ســب الحمى

عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب فقال : ( مالك يا أم السائب تزفزفين ؟ قالت : الحمى لا بارك الله فيها . فقال: لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب خبث الحديد ) رواه مسلم
معنى تزفزفين : أي تتحركين حركة سريعة ومعناه ترتعد ، ففي الحديث النهي عن سب الحمى وكراهة التبرم وأن الحمى تكفر الخطايا والمناسبة مع الموضوع واضحة وذلك أن في
الشتاء تكثر الحمى

> فائدة : قال ابن القيم رحمه الله عن الحمى : وأما تصفيتها القلب من وسخه ودرنه وإخراجها خبائثه فأمر أطباء القلوب ويجدونه كما أخبرهم به نبيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن مرض القلب إذا صار ميوسًا من برئه ، لم ينفع فيه هذا العلاج ، فالحمى تنفع البدن والقلب وما كان بهذه المثابة فسبه ظلم وعدوان . أهـ
وهذا لا ينافي أن العبد يبذل السبب في علاجها ولأن لكل داء دواء إلا الموت كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم .

وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة الأحكام الشتوية

وبإذن الله سأبدأ غدا السلسلة الأخرى وهي الولاء والبراء ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين

الداعي إلى الله
12-01-2007, 12:43 PM
هذه هي سلسلة ...

البراء والولاء

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد
الولاء والبراء ركن من أركان العقيدة ، وشرط من شروط الإيمان ، تغافل عنه كثيرا من الناس وأهمله البعض فاختلطت الأمور وكثر المفرطون .
تعريف الولاء : هو حب الله ورسوله والصحابة المؤمنين الموحدين ونصرتهم .
تعريف البراء : هو بغض من خالف الله ورسوله والصحابة والمؤمنين الموحدين من الكافرين والمشركين والمنافقين والمبتدعين والفساق
الموالاة بين المؤمنين

1- الأنس بالمؤمنين والتعاون معهم
2- النصرة والجهاد والهجرة من الولاء : ومن الحب في الله النصرة للمسلم من أي جنس أو لون كان ، ومنها الهجرة لأنها مرتبطة بالولاء والبراء ومنها ذلك الجهاد في سبيل الله ، لأنه الفاصل بين الحق والباطل .
3- السلام والمصافحة : ومفتاح الحب في الله يكون بالسلام والمصافحة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولاتؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم
4- المجالسة والصحبة : ومن الحب في الله مجالسة الصالحين وصحبتهم ، قال الله تعالى ( وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) الكهف .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) والمقصود أن تظهر فائدة الصحبة الطيبة ، وبركة المخالطة ، وحسن المجاورة . والمؤمن يتقرب إلى ربه بمجالسة الصالحين وصحبتهم
5- التزاور في الله : ومن الحب في الله التزاور فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( من عاد مريضا أوزار أخا له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك ، وتبوأت من الجنة منزلا ) رواه الترمذي .


وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .

الداعي إلى الله
26-01-2007, 05:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أعتذر عن التأخير يا أحبيتي في الله وذلك بسبب الدراسة ...

والآن تكملة السلسلة ....

البراءة من الكفار

1-عدم تولي اليهود والنصارى قال تعالى( يا أيها الذين أمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .

2-عدم موالاة الكفار ومحبتهم في القلب ، قال شيخ الإسلام الداعية محمد بن عبـد الوهاب رحمـه الله ( إن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشـركـين )
كمـا قال تعال في سورة المجادلة( لا تجد قوما يــؤمنـــــون بالله والـيوم الآخر يــوادون من حــاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم )

3-التحذير من مسايرتهم فيما يفعلون واتباع أهوائهم .

4-التحذير من طاعة الكفار وما يشيرون ويأمرون به على سبيل النصح والـتوجيه ،
قـال تعـالى( يا أيها الذين آمنوا إن تطيـــعوا الـــذين كفروا يــردوكم علــى أعــقابــــكم فتنقلبواخاسرين )

5-التحذير من الركون إليهم وهو الميل والرضى بما يطلبونه من المسلم قال تعالى ( ولا تركنوا إلى الذيــن ظلموا فتــمسكم النــار ومالـــكم من دون الـله مــن أوليـاء ثــــم لا تنصرون )
قال ابن كثير : ( أي لا ترضوا بأعمالهم ، ولا تميلوا إليهم ، ولا تستعينوا بهم ، فتكونوا كأنكم قد رضيتم بأعمالهم )
6-الـتحذير من مداهـنتهم أي : مجاملتهم ، قال تعالى ( ودوا لو تدهن فيدهنون ) .

7-عدم إظهار الود لهم قال سبحانه ( لا تجد قـومـا يـؤمـنـون بالله واليــــوم الآخر بوادون من حادّ الله ورسوله ) .
8-التحذير من التشبه بهم ، وتقليدهم ، والإقامة في بلدهم إلا المستضعف ، أو لمصلـحة دينية .

9-التحذير من مشاركتهم في أعيادهم ، وطقوسهم مما فيه تمجيد عقيدتهم كتهنئتهم وتعـزيتهم ونحو ذلك .
10-الاستغفار لهم والترحم عليهم .

عقيدة أهل السنة والجماعة في الولاء والبراء

يقول شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله :فليتدبر المؤمن أن المؤمن تجب مولاته وان ظلمك واعتدى عليك ، والكـافـر تجب معاداته وان أعطاك واحسن إليك،فان الله سبحانه وتعالى بعث الرسل وانزل الكتب ليـكون الـدين كله لله ،فيكون الحب لا وليائه والبغض لاعدائه ، وإذا أجتمع في الرجل الواحد : خير وشر وفجور وطاعة ومعصية وسنة وبدعة ، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير ، واستـحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فبه من الشر ، فيجتمع في اشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة .أهـ
سئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن الولاء والبراء ؟ فأجاب بقوله :البراء والولاء لله سبحانه وتعالى أن يتبرأ الإنسان من كل ما تبرأ الله منه كما قال تعالى ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير )
فيجب على كل مؤمن أن يتبرأ من كل مشرك وكافر ، وكذلك يجب على المسلم أن يتبرأ من كل عمل لا يرضي الله ورسوله وأن لم يكن كافرا ، كالفسوق والعصيان ، قال تعالى ( وأعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكم الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ) وإذا كان مؤمن عنده إيمان وعنده معصية ، فنواليه على إيمانه ، ونكرهه على معاصيه، وهذا يجري في حياتنا ، فقد تأخذ دواء كريه الطعم وأنت كاره لطعمه ،أنت ومع ذلك راغب فيه لآن فيه شفاء للمرض ، أما الأعمال فتتبرأ من كل عمل محرم ولا يجوز لنا أن نألف الأعمال المحرمة ولا بد أن نأخذ بها ، والمؤمن العاصي نتبرأ من عمله بالمعصية ولكننا نواليه ونحبه على ما معه من الإيمان .مجموع فتاوى ( محمد بن عثيمين رقم 382)


وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة الولاء والبراء

وبإذن الله سأبدأ غدا السلسلة الأخرى وهي شهر الله المحرم...

الداعي إلى الله
27-01-2007, 09:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة شهر الله المحرم

إن لله تعالى أشهرًا وأيامًا يتفضل بها على عباده بالطاعات والقربات ، ويتكرم على عباده بما يعده لهم من أثر تلك العبادات .. ومن تلك الأشهر ( شهر الله الحرام ) .. وهو من الأشهر الحرم كما قال تعالى (( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حُـرم .. )) التوبة 36

قال ابن عباس في قوله ( منها أربعة حُـرم ) قال محرم ورجب وذوالقعدة وذو الحجة . وقال علم الدين السخاوي : أن المحرم سمي بذلك لكونه شهرًا محرمًا ، وعندي أنه سمي بذلك تأكيدًا لتحريمه ، لأن العرب كانت تتقلب به فتحله عامًا وتحرمه عامًا ويجمع على محرمات ومحارم ومحاريم . بن كثير 2/397- 398

عن ابن عمر رضي الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى فقال : (( أيها الناس : إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حــرم ثـلاث متواليات - ذو القعدة وذو الحجة ومحرم - ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان )) رواه البزار

فضل عاشوراء

عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وافضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) رواه مسلم

عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : ( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عاشوراء ؟ فقال : (( يكفر السنة الماضية )) رواه مسلم

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : ( قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال : ما هذا ؟ قالوا : يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل مـن عـدوهم فصـامه موسى .. فقال صلى الله عليه وسلم : (( أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه )) متفق عليه

كذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفة اليهود بصيام يوم قبله فعن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع )) رواه مسلم

وقال ابن عباس رضي الله عنه : صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود ..
ولقد كان يوم عاشوراء في أول الأمر للوجوب ثم نسخ بصوم شهر رمضان كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه : كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه , فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه ، فلما فرض رمضان قال : (( من شاء صامه ومن شاء تركه )) متفق عليه

وسئل ابن عباس رضي الله عنه عن صيام يوم عاشوراء ؟ فقال : ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يومًا يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم ، ولا شهرًا إلا هذا الشهر ( يعني رمضان ) رواه مسلم

ويتبين لنا من هذه الأدلة أن صيام يوم عاشوراء سنه مؤكدة .. وليس لصيام عاشوراء علاقة باستشهاد الحسين رضي الله عنه وإنما سببه يوم صالح نجى الله به موسى من فرعون .. فصامه موسى ثم صامه النبي صلى الله عليه وسلم .

حكم صيام عاشوراء

سئل سماحة الوالد عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى بما يلي :

ما حكم صيام يوم عاشوراء ؟ وهل الأفضل صيام اليوم الذي قبله أو اليوم الذي بعده ؟ أم يصومها جميعا ؟ أم يصوم يوم عاشوراء فقط ؟ نرجو توضيح ذلك جزاكم الله خيرًا ؟؟

فأجاب : صيام عاشوراء سنة .. لما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدلالة على ذلك .. وأنه كان يومًا تصومه اليهود لأن الله نجى فيه موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه فصامه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم شكرًا لله وأمر بصيامه وشرع لنا أن نصوم يومًا قبله أو يومًا بعده .. وصوم التاسع مع العاشر أفضل .. وإن صام العاشر والحادي عشر كفى ذلك لمخالفة اليهود ، وإن صامهما جميعا مع العاشـر فـلا بأس لما جاء في بعض الروايات (( صوموا يوما قبله ويوما بعده )) أما صومه وحده فيكره .. والله ولي التوفيق .
فتاوى اسلامية 2/170 ( جمع محمد المسند )

وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .

فيصل الهلال 999
11-02-2007, 07:32 PM
مشكور أخوي والله يجزاك خير

الداعي إلى الله
10-03-2007, 11:07 PM
تكملة سلسلة شهر الله المحرم ...

-------------------------------------------


كذبة ابريل

صار الكذب في اليوم الأول من إبريل أمراً طبيعياً في الممازحة محاكاةً للأقوام الأخرى ، وقد وفد إلينا هذا البلاء فاستساغه المغترّون بالثقافات الأجنبية ، فكذبوا تقليداً ، وأصبح إنكار هذا المنكر الآن تخلفاً ورجعيةً .. ولا ريب أن الكذب حرام جِداً كان أو هزلاً .. فالنبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الكذب وأمرنا بالابتعاد عنه والتحذير منه فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : (( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب …الخ )) رواه البخاري ، فقد ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن من صفات المنافق الكذب ، وقد ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الشريف : (( إنّ الصدق يهدي إلى البر ، وإنّ البر يهدي إلي الجنة ، وإن الرجل ليصدق ، حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإنّ الكذب يهدي إلى الفجور ، وإنّ الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباّ )) رواه البخاري
ففي هذه الحديث الشريف يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالصدق وينهانا عن الكذب بأنواعه فأسأل الله عز وجل أن نكون من أتباع النبي حتى نكتب عند الله من الصديقين وأن نتجنّب عن الكذب حتى لا نكتب عند الله من الكذابين

النهي عن سب الصحابة

من أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما وصفهم الله بذلك في قولـه تعالى:{ والذين جآءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوفٌ رحيمٌ } . [ الحشر:10] .
وطاعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قولـه ( لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه )) . [ متفق عليه ] .
ويتبرءون من طريقة المنحرفين من أهل البدع الذين يسبون الصحابة رضي الله عنهم ويبغضونهم ويجحدون فضائلهم ويكفرون أكثرهم .
وأهل السنة يقبلون ما جاء في الكتاب والسنة من فضائلهم ويعتقدون أنهم خير القرون كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( خيركم قرني )) الحديث في الصحيحين.
ولما ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - للصحابة افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة وأنها في النار إلا واحدة ، سألوه عن تلك الواحدة فقال : (( هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي )) [ رواه الإمام أحمد وغيره ] .
قال أبو زرعة وهو من أجل شيوخ الإمام مسلم : ( إذا رأيت الرجل ينتقص امرءاً من الصحابة فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن القرآن حق ، والرسول حق وما جاء به حق ، وما أدى إلينا ذلك كله إلا الصحابة . فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة ، فيكون الجرح به أليق والحكم عليه بالزندقة والضلال أقوم وأحق ) ، قال العلامة ابن حمدان في نهاية المبتدئين : ( من سب أحداً من الصحابة مستحلاً كفر ، وإن لم يستحل فسق وعنه يكفر مطلقاً ومن فسقهم أو طعن في دينهم أو كـفـّرهم كفر ) . [ شرح عقيدة السفاريني (2/388-389) ]
بتصرف من كتاب التوحيد للشيخ الفوزان ص 76

ونتبع في السلسلة القادمة وإن شاء الله " ريحانة المصفى "
ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين

الداعي إلى الله
12-03-2007, 03:08 PM
هذه هي سلسلة ...


ريحانة المصطفى

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين لهديه إلى يوم الدين.. وبعد: إنَّ من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة أهل بيته الطاهرين الطيبين فهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي» رواه مسلم ولاشك أن من أقرب الناس لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل بيته ريحانتيه وسبطيه: الحسن والحسين رضي الله عنهما، كما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بقوله : «هما ريحانتاي من الدنيا» رواه البخاري .

هل تعرف الحسين

اسمه ونسبه وكنيته: هو الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مرة .... ينتهي نسبه إلى معد بن عدنان.
صفته: قال أنس «كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مخضوبا بالوسمة » رواه البخاري
أبوه: علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين ابن عم رسـول الله صلى الله عليه وسلم.
أمـــــــه: فاطمة الزهراء بنت رسول الله وحبه أم أبيها.
جدته لأمه: (أم المؤمنين) خديجة بنت خويلد أولى زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم المبشرة ببيت في الجنة من قصب.
إخوته: هم درر ولآلئ: أضوؤها الحسن السبط الأول والريحانة الأولى ومحمد ابن الحنفية، ومن الإناث: زينب عقيلة بني هاشم وأم كلثوم وأمهما فاطمة الزهراء رضي الله عنهم جميعاً.
مولده: ولد الحسين رضي الله عنه في السنة الرابعة من الهجرة في شهر شعبان لخمس خلوف منه على أشهر الأقوال في المدينة النبوية المشرفة.

أهــل بيتــــــه

علي زين العابدين: وكنيته ابومحمد وأمه فيما قيل شاه زنان بنت كسرى يزدجرد بن شهريار آخر ملوك الفرس والسؤال: من الذي أعطاها للحسين؟ إنه عمر الفاروق رضي الله عنه لما أتته غنائم الفرس، فليحذر الذين يسبونه، وفي علي العقب والنسل وهو الذي بقي من ولد الحسين رضي الله عنه بعد كربلاء.
علي (الأكبر) : وقد قتل في الطف.
جعفر: وقد توفى جعفر في حياة أبيه.
عبدالله: وقد قتل صغيراً في (كربلاء).
سكينة: ولها أقوال مشهورة معلومة منها قولها لأهل الكوفة لما جاءوا يسلمون عليها بعد واقعة كربلاء فقالت لهم: الله يعلم أني أبغضكم قتلتم جدي عليا وأبي الحسين وأخي علياً وزوجي مصعباً فبأي وجه تلقوني! أيتمتموني صغيرة، وأرملتموني كبيرة... فلا عافاكم الله من أهل بلد ولا أحسن عليكم الخلافة
فاطمة ، وزاد بعض العلماء عليا الأصغر وزينب.
فيكون على هذا عدد الذكور خمسة والإناث ثلاثاً ولم تورد كتب السير من الأخبار شيئا عن علي الأصغر وزينب وربما ماتت زينب صغيرة في حياة أبيها وقتل علي في (الطف).

تحنيكه وتسميته

لقد حنك رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين رضي الله عنه تفل في فيه ودعا له وسماه حسينا وقد نقل ابن كثير ذلك مما أخرجه الطبراني.
عن عائشة قالت : «عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع سماهما وأمر أن يماط عن رؤسهما الأذى» رواه ابن حبان.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوّذ الحسن والحسين ويقول: «إن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامه» رواه البخاري
صعود النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وهو يحمل الحسن والحسين رضي الله عنهما: عن بريدة قال: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان فنزل فأخذهما فصعد بهما المنبر ثم قال: صدق الله إنما أموالكم وأولادكم فتنة رأيت هذين فلم أصبر ثم أخذ في الخطبة» رواه أبوداود وصححه الألباني
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقبل حسينا فقال: إن لي عشرة من الولد ما فعلت هذا بواحد منهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لايرحم لا يرحم» رواه أبوداود وصححه الألباني وهذه المنزلة والمكانة عرفها الصحابة حق المعرفة فأدركوا تلك المنزلة وجعلوا لها في نفوسهم رعاية خاصة، دل على ذلك مواقفهم مع الحسين رضي الله عنه .

وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .

الداعي إلى الله
17-03-2007, 03:03 PM
هذي تكملة السلسلة ....

سيدا شباب أهل الجنة

عن حذيفة رضي الله عنه قال: «سألتني أمي: متى عهدك؟ تعني بالنـبي صلى الله عليه وسلم فـــقلت: مالي به عهد منذ كذا وكذا فنات مني، فقلت لها: دعيني أتي النبي صلى الله عليه وسلم فأصلي معه المغرب وأسأله أن يستغفر لي ولك، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى حتى صلى العشاء ثم انفتل فتبعته فسمع صوتي فقال: من هذا حذيفة؟ قلت: نعم. قال: ما حاجتك غفر الــــله لــــك ولأمـــك؟ ثم قال: أما رأيت العارض الذي عرض لي قبيل؟ قال: قلت: بلى. قال: فهو ملك من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذه الليلة، فاستأذن ربه أن يسلم علي، ويبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة» رواه الترمذي .
أهــل الكساء

عن عائشة رضي الله عنها قالت : «خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } الأحزاب: 33» رواه مسلم
قال ابن تيمية:وهكذا أزواجه وعلي وفاطمة والحسن والحسين كلهم من أهل البيت لكن عليا وفاطمة والحسن والحسين أخص بذلك من أزواجه ولهذا خصهم بالدعاء .
منزلته عند الصحابة

يعرف صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل بيت نبيهم قدرهم، فيحبونهم لمحبة نبيهم لهم ووصيته بهم ومن دلائل هذه المحبة ما يلي:
روى الزهري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كسى أبناء الصحابة ولم يكن في ذلك ما يصلح للحسن والحسين فبعث إلى اليمن فأتى بكسوة لهما فقال: الآن طابت نفسي.
روى الواقدي أن عمر ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما لقرابتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل واحد خمسة آلاف.
روى ابن عساكر بسنده أن أبا هريرة ينفض التراب عن قدمي الحسين بطرف ثوبه فقال له الحسين: يا أبا هريرة وأنت تفعل هذا، فقال أبو هريرة: دعني فوالله لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم.
أما ابن عمر رضي الله عنهما فمعلوم نصحه للحسين رضي الله عنه قبل خروجه لأهل العراق وقد قال له: «إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنك بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك يريد منكم» رواه ابن حبان
أما معاوية رضي الله عنه فكان يكرم الحسين ويجله، وكان الحسين يقبل جوائزه. سير اعلام النبلاء 3/291
روى ابن عساكـر بسده عن رزين بن عبيد: كنت عند ابن عباس فــأتى علي بن الحسين فقال ابن عباس: مرحبا بالحبب ابـــن الحبيب. البداية والنهاية 9/106
ريحانة المصطفى صلى الله عليه وسلم

عن ابن أبي نُعمٍ قال: كنت شاهدا لابن عمر وسأله رجل عن دم البعوض فقال: ممن أنت؟ فقال من أهل العراق. قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النبي صلى الله عليه وسلم وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «هما ريحانتاي من الدنيا» رواه البخاري .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني الحسن والحسين » رواه احمد .
ارتحال الحسن والحسين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد: عن عبدالله بن شداد عن أبيه قال:«خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسنا وحسينا، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فسجد بين ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس: يارسول الله، إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها فظننا أنه قد حدث أمر أو أنه قد يوحى إليك. قال: كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته» رواه النسائي .

وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .

الداعي إلى الله
04-04-2007, 11:34 PM
هذه تكملة السلسلة ....

المكانة والمنزلة عند التابعين والمتأخرين

استهل ابـــن حـجـر ترجمته للحـسـين بقوله: الحسين بن عـلي الهاشـمي أبـو عـبدالله ســــبط رسـول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته .
واستهل ابن الأثير علي بن محمد الجزري وقال بعد بيان ترجمته: وكان الحسين رضي الله عنه فاضلا كثير الصوم والصلاة والحج والصدقة وأفعال الخير جميعها .
ولابن تيمية الحَرَّاني رحمه الله قوله: ولا ريب أن الحسن والحسين ريحانتا النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أدخلهما مع أبويهما تحت الكساء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وإنه دعاهما في المباهلة وفضائلهما كثيرة من أجلاء سادات المؤمنين. وقال في موضوع آخر: وقاتل حتى قتل مظلوما شهيدا. وقال في موضع آخر يبين مكانة الحسين رضي الله عنه والموقف من مقتله: وأما من قتل الحسين أو أعان على قتله أو رضي بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا.
قال عمر بن عبدالعزيز لو كنت من قتلة الحسين وغفر الـله لي وأدخلني الجنة لما دخلتها حياءً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روايتـه للحـديث

1- «البخيل الذي من ذكرت عنده فلم يصل علي » رواه الترمذي
2- «دعاني أبي علي بوضوء فقربته له فبدأ فغسل كفيه ثلاث مرات قبل أن يدخلهما في وضوئه ثم مضمض ثلاثاً واستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث ثم اليسرى كذلك ثم قام قائما فقال: ناولني فناوله الإناء الذي فضل وضوئه فشرب من فضل وضوئه قائما فعجبت فلما رآني قال: لا تعجب فإني رأيت أباك النبي صلى الله عليه وسلم يصنع مثل ما رأيتني صنعت يقول لوضوئه هذا وشرب فضل وضوئه قائما» رواه النسائي.
النفس التواقة للجهاد

شارك الحسين في الجيش الذي غزا القسطنطنية سنة إحدى وخمسين في عهد معاوية بن أبي سفيان شارك في فتح أفريقيا وأوروبا. مكانتـه عند جـده صلى الله عليه وسلم
مقتل الحسين رضي الله عنه

قال عمار بن معاوية الدهني: قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسن: حدثني عن مقتل الحسين كأني حضرته، قال: مات معاوية والوليد بن عتبة بن أبي سفيان على المدينة فأرسل إلى الحسين بن علي ليأخذ بيعته ليلته، فقال: أخرني ورفق به، فأخره فخرج إلى مكة فاتاه رسل أهل الكوفة: إنا قد حبسنا أنفسنا عليك ولسنا نحضر الجمعة مع الوالي فاقدم علينا. وقال: وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة فبعث الحسين بن علي إليهم مسلم بن عقيل فقال: سر إلى الكوفة فانظر ماكتبوا به إلي فإن كان حقا قدمت إليه. فخرج مسلم حتى أتى المدينة فأخذ منها دليلين فمرا به في البرية فأصابهم عطش فمات أحد الدليلين فقدم مسلم الكوفة فنزل على رجل يقال له عوسجة، فلما علم أهل الكوفة بقدومه دبوا إليه فبايعه منهم اثنا عشر ألفا، فقام رجل ممن يهوى يزيد بن معاوية إلى النعمان بن بشير فقال: إنك ضعيف أو مستضعف قد فسد البلد، قال له النعمان: لأن أكون ضعيفا في طاعة الله أحب إلي من أن أكون قويا في معصيته، ما كنت لأهتك سترا. فكتب الرجل بذلك إلى يزيد فدعا يزيد مولى له يقال له سرحون فاستشاره فقال له: ليس للكوفة إلا عبيد الله بن زياد، وكان يزيد ساخطا على عبيد الله وكان هم بعزله عن البصرة فكتب إليه برضاه عنه وأنه أضاف إليه الكوفة وأمره أن يطلب مسلم بن عقيل فإن ظفر به قتله. فأقبل عبيد الله بن زياد وفي وجوه أهل البصرة حتى قدم الكوفة متلثما، فلا يمر على أحد فيسلم إلا قال له أهل المجلس: عليك السلام يا ابن رسول الله يظنونه الحسين بن علي قدم عليهم فلما نزل عبيد الله القصر دعا مولى له فدفع إليه ثلاثة آلاف درهم، فقال: اذهب حتى تسأل عن الرجل الذي يبايعه أهل الكوفة فادخل عليه، وأعلمه أنك من حمص وادفع إليه المال وبايعه فلم يزل المولى يتلطف حتى دلوه على شيخ يلي البيعة فذكر له أمره فقال: لقد سرني إذ هداك الله، وساءني أن أمرنا لم يستحكم ثم أدخله على مسلم بن عقيل فبايعه ودفع له المال وخرج حتى أتى عبيد الله فأخبره، وتحول مسلم حين قدم عبيد الله من تلك الدار إلى دار أخرى فأقام عند هانئ بن عروة المرادي. وكان عبيد الله قال لأهل الكوفة: ما بال هانئ بن عروة لم يأتني؟ فخرج إليه محمد بن الأشعث في أناس من وجوه أهل الكوفة وهو على باب داره، فقالوا له: إن الأمير قد ذكرك واستبطاك، فانطلق إليه فركب معهم حتى دخل على عبيد الله بن زياد، وعنده شريح القاضي فقال عبيد الله لما نظر إليه لشريح: أتتك بحائن رجلاه. فلما سلم عليه قال له يا هانئ أين مسلم بن عقيل؟ فقال له: لا أدري، فأخرج إليه المولى الذي دفع الداهم إلى مسلم فلما رآه سقط في يده وقال: أيها الأمير، والله ما دعوته إلى منزلي ولكنه جاء فطرح نفسه علي فقال اثنتي به، فتلكأ فاستدناه فأدنوه منه فضربه بالقضيب وأمر بحبسه فبلغ الخبر قومه فاجتمعوا على باب القصر فسمع عبيد الله الجلبة فقال لشريح القاضي: اخرج إليهم فأعلمهم أنني ما حبسته إلا لأستخبره عن خبر مسلم ولا بأس عليه مني. فبلغهم ذلك فتفرقوا ونادى مسلم بن عقيل لما بلغه الخبر بشعاره فاجتمع عليه أربعون ألفا من أهل الكوفة فركب وبعث عبيد الله إلى وجوه أهل الكوفة فجمعهم عنده في القصر فأمر كل واحد منهم أن يشرف على عشيرته فيردهم فكلموهم فجعلوا يتسللون فأمسى مسلم وليس معه إلا عدد قليل منهم. فلما اختلط الظلام ذهب أولئك أيضا، فلما بقي وحده تردد في الطرق بالليل فأتى باب امرأة فقال: اسقيني ماء فسقته فاستمر قائما، قالت: يا عبدالله، إنك مرتاب، فما شأنك؟ قال إنا مسلم بن عقيل، فهل عندك مأوى؟ قالت: نعم، ادخل فدخل، وكان لها ولد من موالي محمد بن الأشعث فانطلق إلي محمد بن الأشعث فاخبره فلم يفاجأ مسلما إلا والدار قد أحيط بها، فلما رأى ذلك خرج بسيفه يدفعهم عن نفسه فأعطاه محمد بن الأشعث الأمان فأمكن من يده فأتى به عبيد الله فأمر به فأصعد إلى القصر ثم قتله وقتل هانئ بن عروة وصلبهما. ولم يبلغ الحسين ذلك حتى كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال، فلقيه الحر بن يزيد التميمي، فقال له: ارجع، فإني لم أدع لك خلفي خيرا، وأخبره الخبر، فهم أن يرجع، وكان معه أخوه مسلم، فقالوا: والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل فساروا وكان عبيد الله قد جهز الجيش لملاقاته فوافوه بكربلاء فنزلها ومعه خمسة وأربعون نفسا من الفرسان ونحو مائة راجل فلقيه الحسين وأميرهم عمر ابن سعد بن أبي وقاص وكان عبيدالله ولاه الري، وكتب له بعهده عليها إذا رجع من حرب الحسين فلما التقيا قال له الحسين اختر مني إحدى ثلاث: إما أن الحق بثغر من الثغور وإما أن ارجع إلى المدينة وإما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية. فقبل ذلك عمر منه وكتب به إلى عبيد الله فكتب إليه لا اقبل منه حتى يضع يده في يدي فامتنع الحسين فقاتلوا فقتل معه أصحابه وفيهم سبعة عشر شابا من أهل بيته ثم كان آخر ذلك أن قتل وأتي برأسه إلى عبيد الله فأرسله ومن بقي من أهل بيته إلى يزيد ومنهم علي بن الحسين وكان مريضا، ومنهم عمته زينب فلما قدموا على يزيد أدخلهم على عياله ثم جهزهم إلى المدينة.
وفاته

توفي سـنة إحـدى وستين من الهجرة في العاشر من المحرم.



وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة ريحانة المصطفى .

وبإذن الله سأبدأ غدا السلسلة الأخرى وهي تحية المسجد ...

الداعي إلى الله
06-04-2007, 02:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين .. وبعد :
التحية مصدر حياه يحييه تحيه وأصلها في اللغة: الدعاء بالحياة ، فتحية الله لعباده السلام في الدار الآخرة فقد شرع الله تعالى لهم إذا تلاقوا أن يقولوا :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
التحية في الاصطلاح : لها معاني كثيرة مثل التحية بين الأحياء في قوله تعالى : {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} النساء (86)
وكذلك تحية الأموات فإذا مر المسلم بالقبور أو زارها سن له أن يقول «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ، أسأل الله لنا ولكم العافية» رواه مسلم .
كذلك يستعمل الفقهاء التحية بمعنى تحية المسجد ويقصد بها صلاة ركعتين يصليها المسلم إذا دخل المسجد قبل أن يجلس .
قال الدسوقي : معنى قولهم تحية المسجد تحية رب المسجد لأن الإنسان إذا دخل بيت الملك إنما يحيي الملك لا بيته.


الصلاة وترًا هل تغني عن التحية؟

صلاة الوترسنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء وتجوز بواحدة أو أكثر فعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الوتر حق على كل مسلم ، فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن شاء أوتر بواحدة» رواه أبو داوود
فمن دخل المسجد وصلى الوتر ركعة واحدة فهل تسقط التحية بأداء الوتر ركعة واحدة ؟ الذي عليه جمهور الفقهاء أن التحية لا تسقط بفعل ركعة واحدة لأن الحديث نص على ركعتين وهو حديث أبي قتادة : «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» فمفموم الحديث الركعتين وعدم إجزاء الواحدة .. قال النووي: ولو صلى على جنازة أو سجد شكرًا أو للتلاوة أو صلى بنية التحية لم تحصل التحية على الصحيح من مذهبنا ، وقال بعض أصحابنا: تحصل ، وهو خلاف ظاهر الحديث
تحية المسجد الحرام

تحية المسجد الحرام هي ركعتان كغيره من المساجد لعموم الأدلة الآمرة بالتحية دون تخصيص مسجد عن آخر، فمن دخل المسجد الحرام وأراد القعود لانتظار الصلاة أو لحضور درس أو لقراءة القران فإنه يصلي ركعتي المسجد، أما من دخل المسجد الحرام يريد الطواف فإنه يطوف ويجزئ الطواف عن التحية لتضمنه الركعتين ، وأما القول بأن تحية المسجد الحرام الطواف لكل داخل ففيه نظر : أولاً : لضعف الحديث الوارد وهو «من أتى البيت فليحييه بالطواف» ضعفه ابن حجر ثانيا : لما فيه من حرج عظيم على المسلمين لاسيما إذا تكرر دخول المسجد وخصوصًا أيام المواسم كرمضان والحج . التحية أثناء خطبة الجمعة؟ يشرع لمن دخل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب أن يصلي ركعتين خفيفتين لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما» رواه مسلم، مع مراعاة أن تكون ركعتين خفيفتين يتجوز فيهما ولا يطيل كما ورد في الحديث .


أداء التحية في أوقات الكراهة والنهي

أوقات النهي عن الصلاة ثلاثة :
1- عند طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح في السماء.
2- و عند استوائها في وسط السماء حتى تزول .
3- وعند اصفرارها بحيث لا تتعب العين في رؤيتها إلى أن تغرب لحديث عقبة ابن عامر قال رضي الله عنه «ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب أي حين تميل حتى تغرب» رواه مسلم
ويجوز في أصح قولي العلماء أن يصلي التحية من دخل المسجد في وقت الكراهة ، فمن دخل المسجد وقت النهي فجلس ولم يصل كان مخالفا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث أمر بفعل التحية أمرا عاما وكان مفوتا للمصلحة أن لم يكن آثما بالمعصية، وإن بقى قائما أو امتنع عن الدخول فهذا خطأ عظيم ، قال ابن تيميه : وما زال المسلمون يدخلون المسجد طرفي النهار، ولو كانوا منهيين عن تحية المسجد لكان هذا مما يظهر نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عنه، فكيف وقد أمرهم إذا دخل احدهم المسجد والخطيب على المنبر فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، أليس في أمرهم بها في الوقت تنبيها على غيره من الأوقات ؟


التحية وقت الأذان

لو دخل المصلي المسجد والمؤذن يؤذن فهل يصلي التحية حال الأذان أو يجيب المؤذن حتى يفرغ من الأذان ثم يصلي التحية ؟ هناك أمران في هذه المسألة :
1- إذا دخل المصلي عند الأذان الثاني يوم الجمعة فانه لا يتابع المؤذن بل يصلي التحية ليتفرغ للأمر الواجب وهو سماع الخطبة، فإن سماع الخطبة واجب أما الترديد خلف المؤذن سنة فلا يقدم السنة على الواجب .
2- أما إذا دخل المصلي إلى المسجد والمؤذن يؤذن لإحدى الصلوات غير الجمعة فإنه يستحب له أن يجيب المؤذن ويتابعه ثم يصلي تحية المسجد ليجمع بين الفضيلتين، قال ابن قدامه: و إن دخل المسجد فسمع المؤذن استحب له انتظاره ليفرغ ويقول مثل ما يقول جمعا بين فضيلتين، ومن لم يقل كقوله وافتتح بالصلاة فلا بأس .
مسائل
1- تخفيف الركعتين لا يعني الإسراع في الصلاة بل الاقتصار على الأركان والواجبات دون السنن .
2- لا تجوز الزيادة على الركعتين والإمام يخطب لأن الإنصات للخطبة واجب .
3- قال النووي : وإن دخل والإمام في آخر الخطبة وغلب على ظنه أنه إن صلى التحية فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام لم يصل التحية بل يقف حتى تقام الصلاة ولا يقعد لئلا يكون جالسا في المسجد قبل التحية وأن أمكنه الصلاة وإدراك تكبيرة الإحرام صلى تحية المسجد، أما إذا دخل الإمام في الخطبة حرم على من في المسجد أن يبتدئ بصلاة النافلة لأن الانصات للخطبة واجب ، والواجب مقدم على النفل، وإن كان في صلاة خففها باتفاق الفقهاء .


التحية وقت إقامة الصلاة

إذا دخل المصلي المسجد وأراد أن يصلي التحية فلا يخلو ذلك من حالتين:
الحالة الأولى: أن يبدأ بالتحية وقد أقيمت الصلاة أو بدا الإمام في صلاته .
الحالة الثانية: أن يصلي التحية ثم تقام الصلاة أثنائها .
أما في الحالة الأولى وهي أن يبدأ بالتحية وقد أقيمت الصلاة أو بدأ الإمام في صلاته فلا يجوز أن يصلي التحية إذ أن المسلم منهي عن الصلاة وقت إقامة الصلاة المكتوبة كما ثبت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» رواه مسلم
أما في الحالة الثانية : بأن يشرع المصلي بالتحية فتقام الصلاة أثناءها فإن غلب على ظنه أنه يدرك تكبيرة الإحرام بعد الإمام مباشرة فلا يقطع صلاته بل يتمها كما لو كان في الركعة الثانية أو في نهايتها ، وان غلب على ظنه أن لا يدرك تكبيرة الإحرام بعد الإمام مباشرة فله قطعها كما لو كان في الركعة الأولى لقوله صلى الله عليه وسلم : «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» رواه البخاري ومسلم والذي يظهر أن المصلي في حال قطع الصلاة لا يحتاج إلى تسليم حيث أن التسليم إنما يكون للصلاة التامة الكاملة .


التحية في غرفة المسجد

المسجد: هو المكان المهيأ لأداء الصلوات الخمس فيه فكل مكان حد بحدود معروفه وعد ليكون موضعا للصلاة فإنه مسجد يأخذ أحكام المسجد .
أما الغرفة المسجد وهي حجرة خاصة للإمام أو للمؤذن في طرف المسجد من الخلف أو تكون مكتبه تحتوي بعض المراجع والعلمية المتنوعة وهي غير مهيأة للصلاة وعلى هذا فان هذه الغرفة لا تأخذ أحكام المسجد لأنها لم تعد ولم تهيأ للصلاة فيه ولذلك لا يشرع لمن دخلها أن يصلي تحية المسجد بل يجلس ولا شيء عليه .


وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .

الداعي إلى الله
08-04-2007, 02:51 AM
هذه تكملة السلسلة ....
حكم تحية المسجد

هي واجبة لحديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» رواه البخاري ومسلم .
وحديث جابر قال : «جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال له : يا سليك ! قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما ، ثم قال : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما» رواه البخاري ومسلم قال أبي قتادة: أعطوا المساجد حقها، قيل له: وما حقها؟ قال: ركعتين قبل أن تجلس. رواه ابن أبي شيبه .

هل تكرر التحية بتكرار الدخول؟

ظاهر الأحاديث تدل على أن التحية تتكرر بتكرار الدخول بدليل حديث أبي قتادة حيث إن ظاهر الحديث أن التحية مشروعة وإن تكرر الدخول للمسجد، وقد مال إلى هذا الكثير من العلماء مثل الشربيني الخطيب الشافعي حيث قال: إن تحية المسجد ركعتان قبل الجلوس لكل دخول ولو تقارب ما بين الدخولات أو دخل من مسجد إلى أخر وهما متلاصقان . كذلك النووي حيث يقول: لو تكرر دخوله في المسجد الساعة الواحدة مرارا تستحب التحية لكل مرة ، وهو اختيار الشيخ السعدي في الفتاوى حيث نص على أنه تسن تحية المسجد حتى لو تكرر دخوله.

هل تسقط التحية بالفرض والسنة؟

ذهب عامة الفقهاء إلى أن من دخل المسجد فصلى نافلة أو راتبة أو فريضة فإنها تجزئ عن التحية، فمن دخل المسجد وصلى العصر مثلا سقطت عنه التحية بفعل فريضة العصر وهكذا في النافلة والراتبة، ولا فرق في هذا أن تكون الفريضة مؤداة أو مقضيه أو منذورة أو أن تكون النافلة راتبه أو غير راتبه والسبب في ذلك أن المقصود وجود الصلاة قبل الجلوس بالمسجد وذلك لتعظيم المسجد بأي صلاة لتكون تحية للرب عز وجل ، قال الحطاب : فان ركعتي التحية لا تفتقر لنية تخصها ، فأي صلاة حصلت عند دخول المسجد كفت عن التحية فريضة كانت أو نافلة.

هل تفوت التحية بالجلوس ؟

التحية لا تسقط بالجلوس وهو قول جمهور العلماء، فإذا دخل الإنسان المسجد ثم جلس قبل فعل التحية فإنه يتدارك ذلك ويقوم ويصلي التحية فلا تفوت عليه التحية بالجلوس لحديث جابر قال : «جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال : يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما» رواه البخاري ومسلم .
وحديث أبي قتادة حيث قال : «دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهراني الناس فجلست فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس ؟ قلت : يا رسول الله رأيتك جالسا والناس جلوس، قال : فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين» رواه مسلم
والشاهد من الحديثين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر على الصحابة عدم صلاتهم حتى بعد جلوسهم وأمرهم بركعتي تحية للمسجد .

التحية لمريد الجلوس

أم لمن أراد الدخول للمسجد التحية لمريد الجلوس في المسجد وهو الراجح من أقوال الفقهاء، وليس لمن أراد الدخول للمسجد بدليل حديث قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» رواه البخاري ومسلم، حيث إن مفهوم الحديث أن التحية إنما تشرع لمريد الجلوس لأن الأمر إنما توجه لمن أراد الجلوس، ولذلك جاءت رواية أخرى لفظ «فليركع ركعتين قبل أن يجلس» رواه البخاري ومسلم ، ولا يقال ذلك لمن لا يريد الجلوس أما المار فلم يتوجه إليه الأمر والأصل عدمه . وقد ورد عن الصحابة و التابعين أنهم كانوا يدخلون المسجد ويخرجون دون صلاة .. فقد روى عبد الرزاق في المصنف عن العلاء بن عبد الرحمن قال : «رأيت ابن عمر دخل المسجد وخرج منه فلم يصل فيه» وقال ابن القاسم: ورأيت مالكا يفعل ذلك يخرقه مجتازا فلا يركع.

وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة تحية المسجد .

وبإذن الله سأبدأ غدا السلسلة الأخرى وهي يشركون وهم لا يعلمون ...

TURKi
11-04-2007, 10:53 PM
... جزاك الله خير و نفع الله بما كتبت و جعله في موازين أعمالك ...

الداعي إلى الله
13-05-2007, 01:41 AM
وإياك ...

اللهم آمين ...

وأشكرك اخوي على الرد ...

الداعي إلى الله
13-05-2007, 02:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين وصلاة والسلام علي أشرف المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأزواجه وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين .. وبعد

أيشرك المسلم وهو لا يعلم ؟؟!



1- قال تعالى: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } يوسف 106 .
2- وقال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } الأنعام 82، والظلم فسره صلى الله عليه وسلم بالشرك.
3- ولما قال بعض الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم: « اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» قال صلى الله عليه وسلم الله أكبر! إنها السنن! قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة لتركبن سنن من كان قبلكم » أخرجه الترمذي وأحمد وابن حبان وغيرهم.
4- وقال صلى الله عليه وسلم: « أيها الناس! اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل! فقيل له: وكيف نتقيه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: قولوا اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه » أخرجه أحمد

هل سيعود أحد من المسلمين إلى الشرك؟؟



1- قال صلى الله عليه وسلم: « لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان» أخرجه أحمد وأبوداود والترمذي وابن ماجة.
2- وقال صلى الله عليه وسلم: « لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة » وهو في الصحيحين.
وكانت صنماً تعبدها دوس في الجاهلية بتبالة (تبالة أي مكان)
3- وقال صلى الله عليه وسلم: « لايذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى » رواه مسلم.
ولتعلم أن أوجب الواجبات وأعظم ما فرض الله عليك هو: تعلم التوحيد والعمل به ومعرفة الشرك والتخلص منه.
ماهــــو التوحيـــد؟؟



التوحيد: هو إفراد الله بما يختص به من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات وهو قسمان:
1- توحيد الألوهية: وهو إفراد العبد أفعاله التعبدية لله وحده فلا يصرف شيئا منها لغير الله.
2- توحيد الربوبية والأسماء والصفات: وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بأفعاله وصفاته وأسمائه فلا يشاركه أحد فيها.

ما هــــو الشــــرك؟



وأما الشرك فهو: صرف شيء مما يختص به الله لمخلوق، وهو قسمان:
(الأول) الشرك الأكبر: وهو صرف شيء مما يختص به الله لمخلوق كما يصرف لله وهو مخرج من الإسلام، وهو قسمان:
(أ) شرك في الألوهية: وهو صرف العبد شيئاً من أفعاله التعبدية لغير الله، ومن أنواعه : الشرك في الدعاء والمحبة والطاعة والنية والقصد والخوف والرجاء والتوكل .
(ب) شرك في الربوبية والأسماء والصفات: وهو صرف العبد شيئاً من أفعال الله أو صفاته أو أسمائه لغير الله كالخلق والرزق والإحياء.
2- (الثاني) الشرك الأصغر: وهو صرف شيء مما يختص به الله لمخلوق ولكن ليس كما يصرف لله. وهو لا يخرج من الإسلام، ولا يحبط العمل كله، بل يحبط ما وقع فيه الشرك، وهو كبيرة من كبائر الذنوب ووسيلة إلى الشرك الأكبر ولا يخلد فاعله في النار.

ألفاظ شركية محرمة منتشرة



1- خير ياطير ( لكونه يستعمل للتطير) قال صلى الله عليه وسلم: « الطيرة شرك الطيرة شرك ثلاثاً...» رواه أبوداود
2- الحلف بغير الله مثل:
(1) والنبي
(2) والكعبة
(3) وحياتك
(4) وحياتي
(5) والله وحياتك
(6) بالأمانة
(7) بالذمة
(8) وشرفي
(9) بصلاتك
(10) وجاه النبي
(11) بحق فلان
(12) بروح والديه
(13) برأس الأم أو الأب أو الأولاد
(14) الحلف بالأموات مثل: الجيلاني والبدوي
(15) التسمية الشركية: مثل: عبدالرسول لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» رواه الترمذي، وكفارته أن يقول: «لا إله إلا الله» متفق عليه.
وهذه كلها من الشرك الأصغر إذا لم يقصد تعظيم المحلوف به كتعظيم الله ، أما مع القصد فهو شرك أكبر.
3- تسوية مخلوق بالله في الألفاظ لا في التعظيم: مثل
(1) ما شاء الله وشئت
(2) لولا الله وأنت
(3) داخل على الله وعليك
(4) الله لي في السماء وأنت لي في الأرض
(5) مالي إلا الله وأنت
(6) هذا من بركات الله وبركاتك
(7) متوكل على الله وعليك
(8) أعوذ بالله وبك
(9) لولا فلان لكان كذا
(10) وهذا من الله وفلان
(11) متوكل على فلان. قال تعالى:{ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } البقرة 22 .
قال النبي صلى الله عليه وسلم: « قل: ما شاء الله وحده » رواه أحمد ، والصحيح أن تقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان» رواه أحمد وأبو داود
4- وجه الله عليك أن تأكل أو تفضل عندنا لأنه لا يستشفع بالله على المخلوق.
5- مطرنا بنوء (النجم) كذا: ففي الحديث القدسي : « أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر: فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب » رواه أبو داود

وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .

الداعي إلى الله
15-05-2007, 01:02 AM
هذه تكملة السلسلة ....


صور من الشرك الأكبر والشرك الأصغر



لتعلم بأن الجهل بحقيقة الشرك جعلت بعض المسلمين يعملون أنواع الشركيات بل الشرك الأكبر، وهم يعتقدون بأنها من أفضل وأعظم العبادات والقربات إلى الله!! فصاروا كالمشركين القائلين: { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } الزمر3 ، بل إن منهم من يظن أن الشرك هو فقط عبادة الأصنام أو الأحجار ونحوها فللشرك صور كثيرة منها:
1- الاعتقاد بالسيد أو الولي أو الإمام أو الشيخ وغيرهم: بأنهم يضرون أو ينفعون أو يتصرفون في الكون وفي حياة الناس أو أنهم يعلمون الغيب أو يطلعون على اللوح المحفوظ، أو أنهم حاضرون وناظرون في كل مكان أو أنهم وسائط بينهم وبين الله أو يطلبون منهم المدد والغوث أو يخافونهم ويرجونهم ويتوكلون عليهم أو يشرعون لهم مالم يأذن به الله من الحلال والحرام أو يقدمون أوامرهم على أمر الله كما قال تعالى: { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ } التوبة 31 .
2- الدعاء أو السجود أو النذر أو الاستغاثة أو الذبح لغير الله كائن من كان بقصد التقرب إليه أو رجاء نفعه أو دفع ضره.
3- ومن صور الشرك الأصغر:
(1) الرياء والسمعة: وهو عدم إخلاص عمل ما لله تعالى كمن يتصدق لغير الله.
(2) تسوية مخلوق بالله في الألفاظ من دون تسويته بالتعظيم كالحلف.
(3) التعلق بالأسباب من دون الله.
(4) قصد الدنيا بعمل صالح.


الشركيات المخرجة من الإسلام



الشركيات المخرجة من الاسلام التي تفعل للأموات أو عند قبور الأنبياء والصالحين وغيرهم
1- دعاء الميت أو الاستغاثة به ومناداته وسؤاله وطلب المدد منه كأن يقول: ياسيدي فلان انصرني أو أغثني أو اشفني أو المدد.
2- الذبح للميت بأن يذبح له كبشأ أو دجاجة تقربا له وتعظيماً.
3- النذر للميت:بأن يقول: ياسيدي فلان إن شفيتني من المرض أو قضيت حاجتي فلك علي أن أفعل كذا وكذا كما يفعل عند قبر البدوي والجيلاني وابن عربي وغيرهم.
4- اعتقاد أن الميت يتصرف في الكون والحياة وأنه ينفع أو يضر.
5- التقرب إلى الميت بوضع الطعام والأموال والحيوانات والهدايا عند قبره أو إكرام السدنة الذين يقومون على ضريحه بها.
6- دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وسؤاله الحاجات من دون الله تعالى كمن يقول: المدد يا رسول الله أو المغفرة.
7- السجود أو الركوع أو الطواف أو الحج للقبر أو للميت تقرباً إليه.
8- الخوف من الموتى أن يضروه، أو يؤذوه، أو يصيبوه بالمرض.
9- أن يطلب من الموتى الدعاء أو الشفاعة له عند الله.


عقوبة المشرك بالله



من لم يتب من الشرك بعد قيام الحجة عليه فهو من أهل الجحيم كما جاء في الأدلة التالية :
1- قال تعالى: { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } النساء 48 .
2- وقال تعالى: { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } المائدة 72 .
3- وفي صحيح البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من لقي الله يشرك به شيئا دخل النار»
ولتعلم بأن الشرك قد غلب على كثير من النفوس حتى صار الإسلام غريباً، فأكثرهم لا يفهمون معنى (لا إله إلا الله) ولذا ينقضونها في كل وقت !!
ولتعلم أيضا بأنه لا يجوز لك السكوت عن أي مظهر من مظاهر الشرك بل إن من الواجبات العظيمة عليك محاربة الشرك وأن تكون داعياً إلى التوحيد.
فكثيرون يعتقدون أنهم بعيدون كل البعد عن الشرك وما هو عنهم ببعيد!!
فالمرء قد يشرك بسبب كلمة سريعة أو عمل لا يستغرق فعله ثوان أو عمل قلبي من خوف أو رجاء أو حب يصرف لغير الله!!فما أكثر الذين يشركون وهم لا يعلمون!!


المحرمات التي تفعل عند قبور الأنبياء والصالحين



وهي بدع وخرافات ووسائل إلى الشرك الأكبر
1- الاعتقاد بأن دعاء الله عند القبر مجاب وكذا استقبال القبر عند الدعاء كما تستقبل القبلة وكذا قراءة القرآن عندها.
2- شد الرحال والسفر إلى القبور والمشاهد والأضرحة والاعتكاف عندها باسم الزيارة والتبرك فلا يجوز السفر إلى أي بقعة تعظيما لها أو تقربا إلى الله إلا للمساجد الثلاثة (المسجد الحرام، والنبوي، والأقصى) لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» رواه الترمذي.
3- تجصيص القبور والبناء عليها وتعليتها ووضع الستائر عليها وبناء المشاهد والقبب عليها والكتابة عليها وإنارتها وإسراجها واتخاذها مزارات وأعياد وغرس الشجر عندها وتزيينها بأي زينة.
4- بناء المساجد على القبور أو الصلاة عندها أو استقبالها عند الصلاة فيحرم الصلاة في هذه المساجد والصلاة فيها باطلة ويجب هدمها لقوله صلى الله عليه وسلم: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» رواه مسلم وأحمد
5- التمسح بالقبر وتعفير الوجه بترابه تبركا.


وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة يشركون وهم لا يعلمون .
وبإذن الله سأبدأ غدا السلسلة الأخرى وهي مالكم لا ترجون لله وقاراً ...

الداعي إلى الله
02-06-2007, 11:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله القائل في كتابه { مالكم لا ترجون لله وقاراً } والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: هذه الآية حكاية عن نوح عليه السلام وهو يدعو قومه سنين عديدة حيث تفنن عليه السلام في استخدام أساليب الدعوة معهم ( الجهر- الأسرار- الإعلان - الدعوة بالليل والنهار- ورجاء الاستغفار والثواب... الخ ) لكن لم يلق إلا العناد والإعراض، فذكرهم بالله وأن صدهم هذا وأعراضهم وكفرهم سببه عدم توقيرهم لله تعالى وتقديره حق قدره لأنهم لو فعلوا ذلك لوحدوه وآمنوا به. التوقير هو التعظيم والإجلال والتقدير .
قال ابن عباس رضي الله عنه: مالكم لا تعظمون الله حق عظمته ولا تخافون من بأسه
ونقمته قال الحسن رضي الله عنه: مالكم لا تعرفون لله حقا ولا تشكرونه.
قال ابن القيم: وهذه الأقوال ترجع إلى معنى واحد. وهو أنهم لو عظموا الله وعرفوا حق عظمته وحدوه وأطاعوه وشكروه فطاعته سبحانه واجتناب معاصيه والحياء منه بحسب وقاره في القلب.
وقال أيضاً: من أعظم الجهل والظلم أن تطلب التعظيم والتوقير لك من الناس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره، أ. هـ.
فتعال أخي الكريم وفقك الله لنستعرض بعض الأمثلة على هذه الآية الكريمة

الاشراك به واتخاذ ندٌ معه


من عّظم الله حق التعظيم وحده وأناب إليه ولم يشرك معه إلهاً آخر كان سبباً لدخول الجنة لأن الشرك دلالة على الاستهانة بعظمة الخالق وعدم إجلاله وتوقيره وإليك بعض الأدلة على ذلك: 1- قال تعالى ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الزمر:67
وهذه الآية تخاطب قريشا والمشركين جميعا أنهم لو عظموا الله حق التعظيم لما عبدوا معه غيره.
وانظر إلى ختام الآية لتفهم المراد منها وإنها دلاله على وجوب توحيده تعالى لكن المشركين أشركوا به فنزه نفسه عن ذلك. وهذا القسم يشمل الشرك في كل شيء في المحبة والتعظيم والطاعة والخوف والرجاء وغير ذلك من أصناف العبادات القولية والفعلية الظاهرة والباطنة بل ذكر ابن القيم منها: قول البعض (وحياتك)، (مالي إلا الله وأنت)، (ما شاء الله وشئت) وأن المتكلم لو عظم الله حق التعظيم لما أشرك به غيره حتى في الدقائق اللفظية.


تقديم حق المخلوق على حق الخالق


فمن فعل ذلك فهو دلالة على ضعف وقار الله في قلبه حيث آثر حق المخلوق على حقه تعالى وهذا له أمثلة عديدة أهمها:
(1) إذا تعارض حق الخالق مع حق المخلوق يؤثر ناحية المخلوق على جناب الخالق!!

كما جاء في الحديث « من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ومن اسخط الناس برضى الله كفاه الله مؤنة الناس» رواه الترمذي ، وفي لفظ « من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس». أي: كيف يرضى مخلوقا لا حول له ولا قوة ولا يملك له نفعا ولا ضرا ولا دفعا بمقابل سخط الخالق الفعال لما يريد؟! ألا يدل ذلك على قلة وقار الله في قلبه!
(2) طاعة المخلوق في معصية الخالق

فمن فهن ذلك وهو دلالة على قلة هيبة الله في قلبه بحيث أنه لو تعارض أمره ونهيه تعالى مع أمر ونهي المخلوق ترى من لم يوقر الله حق التوقير يطيع المخلوق في معصية الخالق!! وقد جاء بالحديث «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إنما الطاعة في المعروف» متفق عليه. والقصة الواردة في سبب هذا الحديث معروفة عندما طلب أمير السرية الناس أن يشعلوا ناراً فيدخلوا فيها مستدلاً بحثه عليهم ووجوب طاعته لأنه مأمور عليهم من قبل النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغ خبره وخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث مبيناً حدود الطاعة للمخلوق وإنما تابعة لطاعة الله تعالى فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
أ- وكلمة (المخلوق) هنا نكرة في سياق النفي فتعم كل مخلوق: ( أمير، عالم، شيخ، أب، أم.... الخ ) ومن أمثلة ذلك.
ب - المقلدة من أهل التعصب المذهبي الذين يقدمون قول الإمام على قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله فخالفوا بذلك الفعل قول النبي صلى الله عليه وسلم السابق ذكره وقول أئمتهم المأثورة عنهم في وجوب أخذ قول النبي صلى الله عليه وسلم وترك اجتهاد أئمتهم المخالفة له!! والأصل في ذلك قوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) الحجرات 1، أي: لا تقولوا حتى يقول الله ورسوله ولا تحكموا حتى يحكم الله ورسوله ولذلك جاء عن ابن عباس رضي الله عنه قوله لمن عارض النصوص بأقوال الصحابة يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء!! أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر.
وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى: كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر أي: النبي صلى الله عليه وسلم فتوقيره صلى الله عليه وسلم بعد مماته بتوقير كلامه وطاعته وأتباعه وتقديم قوله على كل قول وهذا من توقير الله تعالى ولا شك.
قال ابن القيم في النونية: والخوف كل الخوف فهو على الذي ترك النصوص لأجل قول فلان
ج - كثير من الرعايا الذين يطيعون ولاة أمورهم فيم يقررونه أو يشرعونه مما هو مخالف لشرع الله تعالى، ويزداد الأمر قبحا حين يحاولون إظفاء الشرعية على ذلك وإظهار أن ذلك موافق للشرع غير مخالف له!! قال تعالى { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } التوبة 31 .
د- بعض الأبناء في علاقاتهم مع آبائهم وأمهاتهم حين يطيعونهم في معصية الله ورسوله والحق أنه يجب طاعة الله والرسول ولو في عصيانهم وهذا لا يتعارض مع معاملتهما بالحسنى كما هو معلوم من نصوص كثيرة.
(3) إذا خاطبه المخلوق جمع له لبه وقلبه ومسامعه

وأمر الحاضرين بالإنصات وعدم التشويش لكن لو خاطب هو الخالق في صلاته أو قراءته للقرآن خاطبه بلسانه دون قلبه وجوارحه فلا يتعظ ولا يتدبر!!
(4) أن يستحي من نظر المخلوق إليه

حين يعزم على فعل المعصية وتراه يحاول أن يتوارى عنه قدر مايستطيع لكنه لا يستحي ولا يتورع من نظر الله إليه حال المعصية وهو يعلم أن الله قد حرمها عليه فيهاب من أعين الناس ولا يهاب من نظر الله إليه!! قال الله تعالى {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } النساء 108 .
قال ابن القيم : هذا كله من عدم وقار الله في القلب، فمن كان كذلك فإن الله لا يلقي له في قلوب الناس وقاراً ولا هيبة بل يسقط وقاره وهيبته من قلوبهم، وإن وقروه مخافة شره فذلك وقار بغض لا وقار حب وتعظيم ا هـ .


وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .

الداعي إلى الله
05-06-2007, 09:03 PM
هذه تكملة السلسلة .....

الابتداع في الدين


فالمبتدع في دين الله ما ليس منه لم يوقر الله تعالى حق التوقير، ويظهر ذلك من وجوه أهمها اثنان:
1- أن المبتدع قد نزل نفسه منزلة المضاهي للشارع أو النظير له في الأمر والنهي فالزيادة أو النقصان في الدين تشريع للناس وإدخال في شرع الله ما ليس منه، ولو كان المبتدع يقدر الله حق قدره لما ولج هذا الباب وانزل نفسه منزلة الرب المشرع بين خلقه كما قال تعالى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } الشورى21 وقال الشافعي: من استحسن فقد شرع أي: من استحسن للناس قولاً أو عملاً، ورغبهم فيه على أنه قربه وطاعة لله تعالى صار قوله تشريعا للناس، ويكون قد ضاهى الرب ونازعه حقه!!
2- أن المبتدع يستدرك على الشريعة ومشرعها لان حاصل لسان حاله ومقاله: أن الشريعة لم تتم وأنه بقي فيها أشياء يجب استدراكها ولو كان يعتقد كمالها وتمامها من كل وجه لما ابتدع ورغب الناس في البدعة. والحق أن الشريعة بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم صارت كاملة وتامة غير محتاجة لاستدراك ولا تعقيب من أحد فلو كان المبتدع يوقر الله حق التوقير لفهم هذا الأصل، ولما استدرك في شريعة رب العالمين في أمر يظن انه دين وهو في الحقيقة بعد عن رب العالمين كما قال تعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } المائدة: 3 . وقال عليه السلام : ( ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به ولا شيئا مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه) صحيح لمجموع طرقه.
وقال مالك: من ابتدع في الإسلام بدعه يراها حسنه فقد زعم أن محمداً خان الرسالة لأن الله يقول{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا.
وقال الشاطبي في الاعتصام: وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أتى ببيان جميع ما يحتاج إليه في أمر الدين والدنيا وهذا لا مخالف عليه من أهل السنة. لذلك من زعم أن هناك ( بدعة حسنة وبدعة سيئة ) وان الأولى مشروعه والأخرى هي المقصودة بالنهي في النصوص السابقة ما قدر الله حق قدرة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كل بدعة ضلالة ) فدل هذا النص على بطلان هذا التقسيم من أصله.
قال البربهاري في شرح السنة : وأحذر صغار المحدثات، فأن صغار البدع تعود حتى تصير كبارا وكذلك كل بدعه أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيرا يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها ثم لم يستطع المخرج منها فعظمت وصارت دينا يدان به فخالف الصراط المستقيم فخرج من الإسلام
فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة، فلا تعجلن، ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر: هل تكلم فيه أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء، فأن أصبت فيه أثرا عنهم فتمسك به، ولا تجاوزه بشيء ولا تختر شيئا فتسقط في النار.

عدم التحاكم الى شرعه


إن الله تعالى هو الذي خلق الخلق ويعلم ما يصلحهم في أمور دينهم ودنياهم فأنزل لهم تشريعه وأمرهم بالتحاكم إلى حكمه حتى يتحقق لهم الأمن والسعادة، ولم يجعل الأمر تحت اختيارهم ليختاروا ما شاءوا من أحكام وتشريعات. كما قال تعالى: { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ } المائدة 49 وقال تعالى { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } الشورى 10 وذلك سمى الله تعالى كل من يحكم بغير حكمه { كافرا- ظالما- فاسقا } المائدة/ 44 - 47 فمن تحاكم إلى غير شرع الله تعالى ما وقّر الله تعالى حق التوقير لأنه لو كان في قلبه إجلال وتوقير وتعظيم لخالقه لتحاكم وحكم شرعه ولما آثر عليه تشريعات وقوانين وضعية قاصرة بقصور عقول واضعيها وربه يقول له بكلام لا لبس فيه: { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } المائدة 50

المجاهرة بالمعاصي وهتك ستر الله


من استتر عن أعين الخلق لعمل المعصية فأنه لا يستطيع التستر عن عين الخالق أبدا لأنه يرى مكانه ولا يغيب عن عمله فإذا عمل المعصية والحال هذه دل ذلك على أنه لم يوقر الله حق التوقير، وهناك أمر آخر وهو أن هذا العبد قد ستره الله تعالى لكن بعض الناس يهتك ستر الله عليه ويجاهر بالمعصية ويحدث الناس بما فعل في الخفاء!!
فهذا أقبح من الأول لأنه لو وقر الله حق التوقير لتاب من معصيته واستغفر الله بدلا من المجاهرة بها كما قال صلى الله عليه وسلم: « كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول: عملت البارحة كذا وكذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه » متفق عليه.
قال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالح المؤمنين وفيه ضرب من العناد لهم وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف لأن المعاصي تذل أهلها ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد ومن التعزير أن لم يوجب حدا وإذا تمحص حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره الله في الدنيا لم يفضحه في الآخرة والذي يجاهر يفوته جميع ذلك... الفتح 10-503 .
وقد ورد في السنة الأمر بالستر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن الم بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله» رواه الحاكم والبيهقي.
وجاء في السنة أن المجاهرة في المعصية والإعلان بها يوجب سخط الله تعالى لأنها دليل على عدم مبالاة صاحبها بالله تعالى أو أن فاعلها لم يوقر الله حق التوقير فعاقبه على شؤم معصيته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ولم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا » رواه ابن ماجه. ومن الأمثلة الحية الواقعية المنتشرة في بلاد المسلمين على هذه النقطه ما يأتي:
أ- أكل الربا والتعامل به جهاراً نهاراً

ونشاهد الإعلانات والدعوات الكثيرة التي تدعو الناس إلى ذلك المنكر العظيم إضافة إلى عرض صور للفائزين في المشاركات الربوية، ولا يدرون إن هذا إيذان بحرب من الله ورسوله ولا حول ولا قوة إلا بالله، فهل يبقى بعد ذلك كله وقار لله؟!
ب- المرأة المتبرجة

المرأة المتبرجة التي تظهر زينتها ومفاتنها للناس فتأثم وتؤثم غيرها، والعجب أنها تلبس العباءة أو ( الغطوة ) على رأسها وقت تقديم التعازي فقط! بل سمعنا عن فرق غنائية نسائية في بلاد المسلمين، وثالثة تقول بملء فيها: أنا بحمد الله أصلي وأتصدق واقرأ القرآن، ولكنني لن أترك الفن!! والمعلوم من نصوص القرآن أن كل عاص لله فهو جاهل وإن كان عالماً بالتحريم. كما قال تعالى { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن } النساء 17 قال ابن عباس: ذنب المؤمن جهل منه
وقال قتادة : أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل شيء عصى الله به فهو جهالة عمداً كان أو غيره ومن الأحاديث العظيمة مما له تعلق بهذا الموضوع قوله صلى الله عليه وسلم: « ضرب الله تعالى مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس! ادخلوا الصراط جميعا ولا تتعوجوا، وداع من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله تعالى، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم » رواه احمد



وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة مالكم لا ترجون لله وقاراً .
وبإذن الله سأبدأ في الرد القادم السلسلة الأخرى وهي الصيف والسفر ...

الداعي إلى الله
10-06-2007, 05:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
لقد اعتاد كثير من الناس في حر الصيف اللافح أن يقضوا إجازتهم في رحلات إلى شواطئ الأنهار وإلى شواطئ البحار في بلاد الكفار أو في بلاد تشبهها، وقد يصطحب أولئك الناس عوائلهم من نساء ومراهقين ومراهقات، أو يذهبون وحدهم، وبعضهم يصل به الأمر إلى إرسال أولاده أو بناته إما بدعوى السياحة أو النزهة أو بدعوى أخرى مماثلة، وينفقون في سبيل ذلك كله أموالا طائلة مما أنعم الله عليهم.
ولك أن تتعجب أخي القارئ من أن عددا ضخما من الذين فقدوا الحياة وأسرفوا في الاستهتار من أغنياء ومترفين يضربون أسوأ الأمثال، فلا يعملون لأوطانهم، ولا يشتركون في النعماء والبأساء مع إخوانهم، بل يفرون من ديارهم إلى ديار الكفر في رحلات عابثة كلها إسراف وتبذير. ومن الغريب أن السائح المسلم يساوي ضعفه من السياح من أي دين آخر لماذا؟ لأنه ميال للبذخ والتبذير، ويقيم في أرقى الفنادق ويأكل في أرقى المطاعم، وينثر المال ذات اليمين وذات الشمال في كل قطر، وهو لذلك صيد ثمين جدا.

أخي الكريم..أختي الكريمة..

هل تعلم أنه في تلك البلاد والمصائف تتعرى الأجساد المحرمة وتشرب الخمور كالماء وينتشر الزنا كانتشار النار في الهشيم، هذا كله فضلا عن الجو المادي الذي تقسو فيه القلوب فتصبح شغوفة بالشهوات والملذات، ناهيك عن الشبهات العقدية والانحرافات، فيأنس أولئك المصطافون لتلك المناظر ويعتادونها، وربما يواقعها البعض منهم، ثم ينطلق المراهقون والمراهقات من الصغار والكبار غير مصدقين ما هم فيه من فوضى وإباحية لاسيما وقد اعتادوا في بلادهم جو المحاصرة وقطع الشهوات إلى حد ما، فيألفون هذه المناظر وتتهيأ نفوسهم لقبولها فيقعون فيما لا يحمد عقباه ولا يرضي المولى عز وجل.

أخي الكريم..أختي الكريمة..

لقد ابتدأ موسم السفر عند الكثير من الناس، وقد قسم العلماء السفر إلى ثلاثة أنواع: سفر مذموم، وسفر محمود، وسفر مباح.

فأما السفر المذموم:

فهو السفر إلى معصية الله، يشد المسافر رحاله إلى بلاد يعصي فيها الرب عز وجل، فهذا السفر محرم لايجوز وعواقبه في الدنيا والآخرة وخيمة لايعلمها إلا الله.

وأما السفر المحمود:

فمنه السفر للحج والعمرة، ومنه السفر لزيارة المساجد الثلاثة، ومنه السفر لطلب العلم وزيارة العلماء وأهل الخير.

وأما السفر المباح :

فهو السفر في طلب المعاش، والسفر بقصد الاستجمام والترويح عن النفس في حدود ما أباح الله. أما التعود على السياحة المجردة ففيها تضييع الأعمار والإسراف في الأموال وتشتيت القلب وإجهاد البدن مالا يخفى على أولي الألباب.


أخي الكريم..أختي الكريمة..

لقد ذكر العلماء للسفر آدابا كثيرة نذكر بعضا منها على سبيل الاختصار:
1 - فمنها التوبة من المعاصي والذنوب، ورد المظالم وقضاء الديون الواجبة، وإعداد النفقة لمن تلزمه، ثم أخذ المال الحلال الطيب، ومن العجيب أن تجد بعض الناس يسافر بالأقساط كما تفعله بعض السفريات، فيذهب فرحا مسرورا بإجازته ويرجع وإذا الديون عليه متراكمة قد أفسدت فرحته في سفره.

2 - ومنها الحرص على طيب الكلام وإطعام الطعام وإظهار مكارم الأخلاق، لأن السفر فيه تعب شديد ومشقة بالغة وضيق نفس فلابد من التخلق والتحلي بالصبر ومكارم الأخلاق.

3 - ومنها الاستخارة، قال صلى الله عليه وسلم: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: "اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم.." الحديث أخرجه البخاري من حديث جابر.

4 - ومنها أن يستأذن الشاب والديه وتستأذن المرأة زوجها بشرط أن تسافر مع محرم، قال صلى الله عليه وسلم: "لاتسافـــر الـمـرأة إلا مـــع ذي محرم" متفق عليه.

5 - ومنها أن يطلب الرفقة الصالحة التي تعينه على الخير وتذكره إذا نسي، قال تعالى( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الكهف 28، وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة 119 وثبت عند أبي داود من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لاتصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي".

6 - ومنها ألا يسافر لوحده بل في رفقة ثلاث فأكثر ويؤمرون عليهم أحدهم، ثبت في صحيح البخاري عن حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده" وثبت عند أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم" وذلك لكي لايقع الخلاف والشقاق بينهم.

7 - ومنها أن يقول عند الخروج من بيته دعاء الخروج من المنزل، ثبت عند أبي داود من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال حين يخرج من بيته بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله" يقال له هديت وكفيت ووفيت، فيقول شيطان لآخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي" ثم يقول دعاء السفر : (اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصــاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللـــــهـــــم إني أعوذ بــــك مــــن وعـثاء السفر، وكآبة الـمـنـظر، وسوء المنقلب في المال والأهــــل) وإذا رجع قالهن وزاد فيهن (آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون) رواه مسلم.

8 - ومنها أن يقول ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في السفر فيكبر الله عند كل مرتفع ويسبح الله عند كل واد، كما ثبت عند أبي داود (كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا علو الثنايا كبروا، وإذا هبطوا سبحوا).

9 - ومنها السفر يوم الخميس. قال كعب رضي الله عنه "لقلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس" رواه البخاري

10 - ومنها أن يغتنم السفر في الليل فإن الأرض تطوى بالليل وتقصر المسافة، فعن أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بالدُّلجة، فإن الأرض تطوى بالليل) رواه ابن خزيمة.

11 - ومنها أنه إذا أراد الراحة فليجتنب الطريق فإنها مأوى الهوام بالليل، لقوله صلى الله عليه وسلم : (إذا عرستم بالليل فاجتنبوا الطريق فإنها طرق الدواب ومأوي الهوام بالليل) أخرجه مسلم. والتعريس هو نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.

12 - ومنها أنه إذا نزل منزلا فليقل دعاء المنزل: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" . ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نزل أحدكم منزلاً فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه).

13 - ومنها أن يعجل العودة إذا قضى حاجته من السفر. ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل الرجوع إلى أهله".
14 - ومنها إنه إذا رجع إلى أهله فلا يدخل عليهم في غفلة بل يخبرهم قبلها كما في الصحيحين قال أنس رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يطرق أهله ليلا كان لا يدخل إلا غدوة أو عشية).
15 - ومنها أن يحضر لأهل بيته ما يفرح به الأهل والأولاد لأن الأعين تمتد إلى القادم من السفر والقلوب تفرح به.

أخي القارئ الكريم ..

هناك منكرات كثيرة تقع في الأسفار ينبغي على المسلم الحذر منها:
1 - فمنها السفر إلى بلاد الكفار والمشركين، أتعلم أخي الكريم ماذا في تلك البلاد؟ إنه الكفر والإلحاد، إنه الإباحية والفساد، إنه الأمراض المعدية الفتاكة، إنه إضاعة المال وتبذيره، مفاسد خطيرة تكفي واحدة منها لقوم يعقلون. ولذلك حرم الإسلام على المسلم أن يقيم في بلد لا سلطان للإسلام فيه، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً ) النساء 97
وثبت عند أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أنا بريء من مسلم يقيم بين ظهراني المشركين"، وقد استثنى العلماء من ذلك من يسافر إلى بلاد الكفر للجهاد في سبيل الله أو السفر للعلاج أو لدراسة ما ينفع المسلمين أو للتجارة المباحة، كل ذلك مشروط بأن يكون مظهرا لدينه عالماً بما أوجب الله عليه، قوي الإيمان بالله قادرا على إقامته شعائره.

2 - ومنها ارتياد أماكن الفساد والمحرمات والملاهي وما يصاحبها من الفواحش والرذائل، فيحذر المسلم أن يقع فيما يغضب ربه وسخطه، وليعلم أن ربه مطلع عليه تام الإطلاع، وليستح من نظر ربه إليه، وليحذر من بعض شركات السفريات التي لا تقيم للدين وزناً فتسهل السكن في بعض الفنادق المشبوهة جريا وراء العادة، وفي بلاد المسلمين ولله الحمد ما هو خير من ذلك كله.

3 - ومنها ما يقوم به بعض الجهلة والجاهلات، من ترك الصلاة المفروضة ونزع الحجاب حين الصعود إلى الطائرة وكأن الدين والعفة لا وزن لها في السفر.

4 - ومنها الإسراف في شراء البضائع ومتابعة أحدث الموديلات وبذل الأموال الطائلة في ذلك.

أخي القارئ الكريم ..

لا يعني ما سبق ذكره أن يكون المسلم نشازا مع أهله فلا يرفههم ولا يدخل السعادة في قلوبهم، فقد صح عند الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". فباستطاعة المسلم أن يرفه أهله وأولاده ويسلك بهم السبل المباحة من عمرة إلى بيت الله الحرام أو إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة أو إلى ربوع البلاد الإسلامية المأمونة في نزهة بريئة ومصائف مباحة يأمن فيها المسلم على أهله وأولاده مع تحقيق رغبتهم في الترفه واللهو البريء المباح مع حفظ الدين والصلاح. واعلم أخي المسلم أنك بذلك ترضي ربك عز وجل فتكون مستسلما لشرعه وأمره، وهو شأن المسلم، يرضي ربه ولو شق ذلك على نفسه، قال تعالى(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النور 51، وقال عز وجل(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ) الأحزاب 36
أما الذين يتبعون شهواتهم ورغباتهم ولا يعنيهم أيرضي الله شيئا أم يسخط منه فلا حديث معهم لأنهم في حاجة إلى تصحيح أصل الإيمان في قلوبهم.
والله أسأل أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه وأن يهدينا سواء السبيل وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة الصيف والسفر .
وبإذن الله سأبدأ في الرد القادم السلسلة الأخرى وهي من أحق الناس بصحبتي ؟...

الداعي إلى الله
13-06-2007, 04:50 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رِب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .. أما بعد :
فإن الناظر المستبصر إذا رأى حال الناس في هذه الأيام يجد أن الأكثر منهم شغل عن كثير من الواجبات المحتمة عليه ومن أعظم هذه الواجبات : الواجب الذي قرنه الله بعبادته وتوحيده ، وما ذلك إلا لعظيم شأنه وأكيد حقه وكبير أهميته ، ألا وهو بر الوالدين قال تعالى { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } الإسراء 23


تعريف بر الوالدين


هو : " الإحسان إلى الوالدين والتعطف عليهما والرفق بهما والرعاية لأحوالهما وترك الإساءة إليهما وإكرام صديقهما من بعدهما " .
> قال الحسن البصري : البر أن تطيعهما في كل ما أمراك به ما لم تكن معصية لله والعقوق هجرانهما وأن تحرمهما خيرك .


شروط البر

الأول : أن يؤثر الولد رضا والديه على رضا نفسه وزوجته وأولاده والناس أجمعين.
الثاني : أن يطيعهما في كل ما يأمرانه به وينهيانه عنه سواءً أوافق رغباته أم لم يوافقها، ما لم يأمراه بمعصية الله تعالى .
الثالث: أن يقدم لهما كل ما يلحظ أنهما يرغبان فيه من غير أن يطلباه منه عن طيب نفس وسرور، مع شعوره بتقصيره في حقهما ولو بذل لهما دمه وماله.


طرق بر الوالدين


1- النفقة عليهما : قال تعالى : { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } النساء 36
> قال السعدي : { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } أي أحسنوا إليهم بالقول الكريم والخطاب اللطيف والفعل الجميل بطاعة أمرهما واجتناب نهيهما، والإنفاق عليهما ، وإكرام من له تعلق بهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا بهما، وللإحسان ضدان الإساءة وعدم الإحسان وكلاهما منهي عنه.

> قال ابن قدامة : والأصل وجوب نفقة الوالدين والمولودين . وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه» رواه أبو داود وابن ماجه.

2- أمرهما بالمعروف ونهيهما عن المنكر : سأل الحسن البصري : الرجل يأمر والديه بالمعروف وينهاهما عن المنكر ؟ قال : يأمرهما إن قبلا ، وإن كرها سكت عنهما .

3- إذا لم يتعين الجهاد ألا يجاهد إلا بإذنهما: عن معاوية بن جاهمة السلمي أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت استشيرك ، قال : هل لك من أم ؟ قال: نعم قال : فالزمها فإن الجنة عند رجليها» رواه أحمد والنسائي.

> قال الصنعاني : ذهب الجمهور من العلماء إلى أنه يحرم الجهاد على الولد إذا منعه الأبوان أو أحدهما بشرط أن يكونا مسلمين، إن برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية، فإذا تعين الجهاد فلا.

4- لين الكلام لهما : قال تعالى: { وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } أي : حسنا جميلا لينا سهلا .

5- الدعاء لهما بعد موتهما والتصدق عنهما وقضاء الدين عنهما: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له» متفق عليه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة رضي الله عنه استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «إن أمي ماتت وعليها نذر، فقال : اقضه عنها» رواه البخاري.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «إن أمي افتلتت نفسها، وأراها لو تكلمت تصدقت، أفأ تصدق عنها؟ قال: نعم تصدق عنها» رواه البخاري ومسلم .

6- صلة أهل ودهما : عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه» رواه مسلم.

7- صلة الوالدين المشركين : عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : «قدمت أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي ؟ قال: نعم صلي أمك» رواه البخاري ومسلم .
> قال الحافظ ابن حجر : وفي قولها وهي راغبة أقوال والذي عليه الجمهور أنها قدمت طالبة من بر ابنتها لها ، خائفة من ردها إياها خائبة وفي الحديث من الفوائد ما ذكره الخطابي: أن الرحم الكافرة توصل بالمال كما توصل المسلمة .


فضل الام على الاب


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال ثم من ؟ قال: أمك ، قال ثم من ؟ قال: أمك، قال ثم من ؟ قال : أبوك» رواه البخاري ومسلم.
وعن المقدام بن معدي كرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بآبائكم، ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب» رواه أحمد وابن ماجة .

> قال الحليمي عن عظم حق الأم وحرمتها : ثم الأم أعظمها حقاً وأوجبها حرمة لأن شغلها للولد أكثر ، فإنه من الرحم يحدث ، ثم يكون فيه إلى أن يتم خلقه ، وينفخ فيه الروح ، وتقاسى الأم في ولادته وتربيته مالا خفاء به والوالد خلى من هذا كله فوجب إذاً أن يكون حق الأم أعظم وحرمتها آكد.

> قال القرطبي : المراد أن الأم تستحق على الولد الحظ الأوفر من البر ، وتقدم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة .

وإن شاء الله سنكمل في المرة القادمة جزء من السلسلة ...

ونكتفي بهذا القدر والحمدلله رب العالمين .

الداعي إلى الله
14-06-2007, 02:22 AM
تكملة السلسلة ...



ثمرات بر الوالدين


1- رضا الله تبارك وتعالى : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رضا الرب في رضا الوالد ، وسخط الرب في سخط الوالد» رواه البخاري .

2- ثناء الله على البار : قال تعالى { وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً } مريم 13-14 .

3- أنه منسأة للأعمار مجلبة للرزق : قال صلى الله عليه وسلم: «لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر» رواه الترمذي .

4- دخول الجنة : لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دخلت الجنة فسمعت قراءة فقلت من هذا ؟ قيل : حارثة بن النعمان. قال النبي صلى الله عليه وسلم: كذلكم البر وكان برا بأمه» أخرجه الحاكم .

5- دعاء الوالدين لولدهما : «عن أبي مرة مولى أم هانيء بنت أبي طالب أنه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بالعقيق ، فإذا دخل في أرضه صاح بأعلى صوته : عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمتاه . تقول : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، يقول رحمك الله كما ربيتني صغيرا ، فتقول : يا بني وأنت جزاك الله خيرا ورضي عنك كما بررتني كبيرا» رواه البخاري .

6- تكفير الكبائر : عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «يا رسول الله إني أصبت ذنبا عظيما فهل لي توبة ؟ قال : هل لك من أم ؟ وفي رواية الحاكم وابن حبان " هل لك والدان ؟ قال : لا، قال : هل لك من خالة ؟ قال : نعم ، قال : فبرها» رواه الترمذي .

7- البر من أفضل الطاعات وأجل القربات : عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : الصلاة على وقتها ، قلت ثم أي ؟ قال : بر الوالدين ، قلت ثم أي ؟ قال : الجهاد» متفق عليه . فأخبر أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظم دعائم الإسلام .



أنواع من العقوق


قال الحليمي: وعقوق الوالدين كبيرة فإن كان مع العقوق سبٌ أو شتم أو ضرب فهو فاحشة ، وإن كان العقوق بالإستثقال لأمرهما ونهيهما والعبوس في وجوههما والتبرم بهما مع بذل الطاعة ولزوم الصمت فهذا من الصغائر ، فإن كان ما يأتيه من ذلك يلجئهما إلى أن ينقبضا عنه فلا يأمرانه ولا ينهيانه ، ويلحقهما من ذلك ضرر فهذا كبيرة .

1- التأفف والنَهر : قال تعالى { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } الإسراء 23 > قال ابن كثير : في قوله { فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ } أيّ: لاتسمعهما قولاً سيئاً ، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء .

2- شتم الوالدين أو التسبب في شتمهما: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من الكبائر شتم الرجل والديه؟ قالوا: يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه» رواه البخاري ومسلم .

3- إبكاؤهما وتحزينهما بالقول والفعل : عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبايعه فقال: إني جئت أبايعك على الهجرة ولقد تركت أبوي يبكيان، قال: ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما» رواه أبو داود والنسائي .

4- عدم النفقة عليهما مع حاجتهما لها : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي أكل مالي فقال: أنت ومالك لأبيك» رواه ابن ماجة.

> قال العلامة الألباني: في الحديث فائدة فقهية هامة وهى أنه يبين أن الحديث المشهور: «أنت ومالك لأبيك» ليس على أطلاقة بحيث أن الأب يأخذ من مال أبنه ما يشاء، كلا وإنما يأخذ ما هو بحاجة إليه، وعلى الوالدين أن لا ينسيا دورهما في إعانة الأبناء على برهما.

4- عدم زيارتهما والسؤال عنهما .
5- احتقار الوالدين والتنزيل من شأنهما .
6- ترك الدعاء لهما والترحم عليهم .



الـعـقــوق حكم عقوق الوالدين


عن أنس رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبائر قال: «أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وشهادة الزور» رواه البخاري.

قال النووي: أجمع العلماء على الأمر ببر الوالدين، وأن عقوقها حرام من الكبائر.

قال ابن الجوزي: العقوق مخالفة الوالدين فيما يأمران به من المباح ، وسوء الأدب في القول والفعل.
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجلّ حرّم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعاً وهات وكره لكم: قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال» رواه البخاري ومسلم .



من آثار العقوق


1- العقوبة في الدنيا: عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا: البغي والعقوق» رواه الحاكم وصححه الألباني .

2- لا تقبل أعماله : عن أبى أمامه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث لا يقبل الله منهم يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً عاق ومنان ومكٍذب بقدر» رواه الطبراني في الكبير.

3- لا ينظر الله إليه: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه والمدمن الخمر والمنان بما أعطى» رواه أحمد والنسائي .

4- لا يدخل الجنة : عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا مكذب بقدر» رواه أحمد .

5- دخوله النار : عن أبى مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من أدرك والديه أو أحدهما ثم دخل النار من بعد ذلك فأبعده الله وأسحقه» رواه أحمد .

6- سخط الله على العاق : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : «رضا الله في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد» رواه البخاري. قال بعض الحكماء : لا تصادق عاقا فإنه لن يبرك وقد عق من هو أوجب منك حقا .



اين نحن من هؤلاء ؟


1- علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم : كان لا يأكل مع أمه وكان أبر الناس بها فقيل له في ذلك قال : أخاف أن آكل معها فتسبق عينها إلى شيء من الطعام وأنا لا أعلم به فآكله فأكون قد عققتها .

2- قال عامر بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم: مات أبي فما سألت - حولا - إلا العفو عنه .

3- كان يحوة بن شريح وهو أحد أئمة المسلمين يقعد في حلقه يعلم الناس فتقول له أمه : قم يا حيوة فألق الشعير للدجاج فيقوم ويترك التعليم .

4- كان حجر بن الأدبر يلمس فراش أمه بيده فيتهم غلظ يده فيتقلب عليه على ظهره فإذا أمن أن يكون عليه شيء أضجعها .

5- كان ابن محيريز يقول : من مشى بين يدي أبيه فقد عقه ، إلا أن يمشي فيميط له الأذى عن طريقه، ومن دعا أباه باسمه أو بكنيته فقد عقه ، إلا أن يقول يا أبه .


وبهذا انتهينا بفضل الله من سلسلة من أحق الناس بصحبتي ؟
وبإذن الله سأبدأ في الرد القادم السلسلة الأخرى وهي داء العصر ...

الداعي إلى الله
17-06-2007, 08:08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم




الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم تسليما مبارك فيه.. أما بعد:
مما لا شك فيه أن مرض القلب أصبح داء العصر بسبب المعاصي التي يرتكبها العبد حتى طبع على قلبه فصار لا يفقه أو بسبب تعلق القلب بالدنيا ونسيان الآخرة ونسيان الموت وسكراته وغيرها من مسببات هذا الداء الخطير..أعاذنا الله وإياكم.. قال تعالى {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} البقرة 10 .

المراد بالمرض هنا: مرض الشك والشبهات والنفاق لأن القلب يعرض له مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله: مرض الشبهات الباطلة ومرض الشهوات المردية، فالكفر والنفاق والشكوك والبدع كلها من مرض الشبهات، والزنا ومحبة الفواحش والمعاصي وفعلها من مرض الشهوات.

قال تعالى {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} الحديد 16، أي : ألم يأت الوقت الذي به تلين قلوبهم وتخشع لذكر الله الذي هو القرآن، وتنقاد لأوامره وزواجره وما نزل من الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم؟ وهذا فيه الحث على الاجتهاد على خشوع القلب لله تعالى{وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} أي : ولا يكونوا كالذين أنزل الله عليهم الكتاب الموجب لخشوع القلب والانقياد التام ثم لم يداوموا عليه ولم يثبتوا بل طال عليهم الزمان واستمرت بهم الغفلة فاضمحل إيمانهم وزال إيقانهم .


فتن القلوب



عن النعمان بن بشيررضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» رواه البخاري ومسلم.

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها (أي امتصها وتحللت في أجزائه) نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوب على قلبين: على قلب أبيض فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض والآخر قلب أسود مرباداً(أي تام في السواد) كالكوز مجخياً (أي كالكأس منكوساً) لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه» رواه مسلم .

قال ابن القيم: فشبه عرض الفتن على القلوب شيئاً فشيئاً كعرض عيدان الحصير، وقسم القلوب عند عرضها عليها قسمين:

الأول: قسم إذا عرض عليه فتنة أشربها كما يشرب الإسفنج الماء فنكتت فيه نكتة سوداء، فلا يزال يشرب كل فتنة تعرض عليه حتى يسّود وينتكس، فإذا اسود وانتكس عرض له من هاتين الآفتين مرضان خطيران متراميان به إلى الهلاك.

أحدهما: اشتباه المعروف عليه بالمنكر فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً وربما استحكم عليه هذا المرض حتى يعتقد المعروف منكراًً والمنكر معروفاً والسنة بدعة والبدعة سنة والحق باطلاً والباطل حقاً.

الثاني: تحكيمه هواه على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وانقياده للهوى وإتباعه له.

الثاني: قلب أبيض قد أشرق فيه نور الإيمان، وأزهر فيه مصباحه فإذا عرضت عليه الفتنة أنكرها وردها فازداد نوره وإشراقه وقوته.

أقسـام القـلـوب



القلب الصحيح: هو القلب السليم الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى به كما قال الله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} الشعراء 88-89

والسليم هو السالم، فهو القلب الذي سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ومن كل شبهة تعارض خبره وسلم من تحكيم غير رسوله صلى الله عليه وسلم.

القلب الميت: وهو القلب الذي لا حياة به فهو لا يعرف ربه ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه، بل هو واقف مع شهواته ولذاته، ولو كان فيها سخط ربه وغضبه، فهو لا يبالي إذا فاز بشهوته وحظه رضي ربه أم سخط، فالهوى إمامه والشهوة قائده والجهل سائقه والغفلة مركبه.

القلب المريض: وهو قلب له حياة وبه علة فله مادتان، تمده هذه مرة وهذه أخرى وهو لما غلب عليه منهما ففيه من محبة الله تعالى والإيمان به والإخلاص له والتوكل عليه: ما هو مادة حياته. وفيه من محبة الشهوات وإيثارها والحرص على تحصيلها والحسد والكبر والعجب: ما هو مادة هلاكه.

القلب الأول: حي مخبت لين واعٍ والثاني: يابس ميت والثالث: مريض

أنواع القلوب





قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن، وقلب أغلف فذلك قلب الكافر، وقلب منكوس فذلك قلب المنافق عرف ثم أنكر وأبصر ثم عمى، وقلب تمده مادتان: مادة إيمان ومادة نفاق وهو ما غلب عليه منهما.

مـفسـدات القلــب



قال ابن القيم: خُلقت النار لإذابة القلوب القاسية، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي، وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله، وإذا قسا القلب قحطت العين ، وقسوة القلب من خمسة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة: كثرة الخلطة، والتمنـي والتعلق بغير الله تعالى، والشبع والمنام.