المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شعر ** أُنشــودةُ المطــــر **



شوقٌ إلى الأقصى
13-01-2007, 03:16 PM
مقدمة :
"نقلًا عن ويكيبديا "

"أنشودة المطر"، اسم ديوان للشاعر العراقي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82) بدر شاكر السياب (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%AF%D8%B1_%D8%B4%D8%A7%D9%83%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%A8). قام بكتابته عام 1962م وله في هذا الديوان أيضاً أشهر قصائده قصيدة "أنشودة المطر".
قصيدة أنشودة المطر، والتي كتبها السياب عام 1954م، تمزج بين همّ الشاعر الشخصي وهمّه الوطني، فنجده تارةً يتحدث عن حاله وتارةً عن حال العراق وصراعاته. يبدأ الشاعر قصيدته بوصف عيني محبوبته، فيصفهما بغابات النخيل في سوادهما ساعة الحر وبالشرفتين اللتين يغرب عنهما القمر، في قوله:

"عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ،
أو شُرفتان راحَ ينأى عنهما القمرْ"ويكمل الشاعر بوصف العينين. ثم يتدرج الشاعر من وصفه لمحبوبته الى وصف حاله وحال العراق أيضاً فيقول:

"والموت، والميلاد، والظلام، والضياءْ"وذلك للدلالة على حالة عدم الاستقرار التي تنتابه و التي ربما كانت تجتاح العراق في ذلك الوقت حيث أن العراق كان يشهد تقلباتٍ سياسية وفكرية واجتماعية واقتصادية متعددة، وإن في ذكر السياب لهذه التناقضات إنما هو مقدمة أن هناك عدم استقرار في نفسه أو في العراق. وفي مقطعٍ أخر يقول متشائماً:

" كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباكْ
ويلعن المياه والقَدَرْ
وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ"وفي ذلك تجسيد لفكرة يعبر عنها شاعرنا في عدة مواضع في القصيدة، ألا وهي فكرة أن المطر فألٌ سيّء و باعثٌ للحزن، فيقول معبراً عن مأساة شعبٍ جائع لا يريد المطر لأنه لا يزيده شبعاُ، فكأن هذه الحالة شبيهة وحالة الصيّاد الذي يلعن المياه والقدر لأن في هطول المطر خرابٌ لصيده، وذلك لأنه لا يزيده إلا جوعاً. ويعود السياب ليخلط بين همّه الوطني والشخصي في القصيدة، فيتحدث عن حاله و عن حال العراق في قوله:

أصيح بالخليج: (يا خليجْ
يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والرّدى!)
فيرجعٍُ الصّدى
كأنه النشيجْ:
(يا خليج
يا واهب المحار والردى .. )وفي أبياته السابقة يجسد السياب مأساة الخليج العظمى، حيث الخير الوافر لكن ليس لمن يحتاجه، فيستنجد شاعرنا بهذا الخير صائحاً لكن صوت الصدى يعود مدوياً: "يا واهب المحار والردى". وفي حديثه عن موضوع ذات صلة يقول أن في العراق جوعاً دائماً، فأصحاب النفوذ الطغاة لا يتركون خيراً لشعب العراق، فهم كالجراد الذي اذا حلّ على الأخضر أكله ولم يبق منه شيئاً، فيقول:

وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجَرادْوكما جسّد السياب التشاؤم والحزن فيه وفي العراق، يعود للتفاؤل و الأمل بمستقبلٍ أفضل. فحين كان السياب يستخدم المطر للدلالة عاى الحزن فيستخدمه لاحقاً في لازمته للدلالة على الخير و التفاؤل، فيقول:

مطرْ ...
مطرْ ...
مطرْ ...
سيُعشبُ العراق بالمطرْ ...وفي موضعٍ أخر يتفائل الشاعر بحاله وبحال موطنه ويقول قاهراً معاناته ومتحدياً معاناة شعب العراق:

في كل قطرةٍ من المطرْ
حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ.
وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراةْ
وكلّ قطرةٍ تُراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسم جديدْ
أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فمِ الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياةْ!ويؤكد هنا على أنه مهما طال الظلام فسيبزغ فجرٌ جديد ليمحو كل هذه المعاناة و الصراعات. وفي مقطعٍ أخر يتحدث عن وجود بريق أملٍ في الخليج، فكأن هناك تجمعات على سواحل الخليج للنجوم ويقصد فيها الأمل والثورة، وكأن هذه الثورة (النجوم) تهم بالشروق و النهضة، حيث يقول:

وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ
سواحلَ العراق بالنجوم والمحارْ،
كأنها تهمّ بالشروقْفي هذه القصيدة تمتزج الطبيعة بالأدب لتخلق صوراً فنية وجدانية ملؤها الحزن و الأسى تجعلنا نحس إحساس السياب ونتلمس صراعاته التي كانت تنتابه أثناء كتابته لهذه القصيدة

شوقٌ إلى الأقصى
13-01-2007, 03:17 PM
القصيــــــــدة :




أنشودة المطر


عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ ،

أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر .

عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ

وترقص الأضواء ... كالأقمار في نهَرْ

يرجّه المجذاف وهْناً ساعة السَّحَر

كأنما تنبض في غوريهما ، النّجومْ ...

وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ

كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساء ،

دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف ،

والموت ، والميلاد ، والظلام ، والضياء ؛

فتستفيق ملء روحي ، رعشة البكاء

ونشوةٌ وحشيَّةٌ تعانق السماء

كنشوة الطفل إِذا خاف من القمر !

كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ

وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر ...

وكركر الأطفالُ في عرائش الكروم ،

ودغدغت صمت العصافير على الشجر

أنشودةُ المطر ...

مطر ...

مطر ...

مطر ...

تثاءب المساء ، والغيومُ ما تزالْ

تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثقالْ .

كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام :

بأنَّ أمّه – التي أفاق منذ عامْ

فلم يجدها ، ثمَّ حين لجّ في السؤال

قالوا له : "بعد غدٍ تعودْ .. "

لا بدَّ أن تعودْ

وإِنْ تهامس الرفاق أنهَّا هناكْ

في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ

تسفّ من ترابها وتشرب المطر ؛

كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك

ويلعن المياه والقَدَر

وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ .

مطر ..

مطر ..

أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر ؟

وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر ؟

وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع ؟

بلا انتهاء – كالدَّم المراق ، كالجياع ،

كالحبّ ، كالأطفال ، كالموتى – هو المطر !

ومقلتاك بي تطيفان مع المطر

وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ

سواحلَ العراق بالنجوم والمحار ،

كأنها تهمّ بالشروق

فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ .

أَصيح بالخليج : " يا خليجْ

يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والرّدى ! "

فيرجعُ الصّدى

كأنّه النشيجْ :

" يا خليج

يا واهب المحار والردى .. "

أكاد أسمع العراق يذْخرُ الرعودْ

ويخزن البروق في السّهول والجبالْ ،

حتى إِذا ما فضَّ عنها ختمها الرّجالْ

لم تترك الرياح من ثمودْ

في الوادِ من أثرْ .

أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر

وأسمع القرى تئنّ ، والمهاجرين

يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع ،

عواصف الخليج ، والرعود ، منشدين :

" مطر ...

مطر ...

مطر ...

وفي العراق جوعْ

وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ

لتشبع الغربان والجراد

وتطحن الشّوان والحجر

رحىً تدور في الحقول ... حولها بشرْ

مطر ...

مطر ...

مطر ...

وكم ذرفنا ليلة الرحيل ، من دموعْ

ثم اعتللنا – خوف أن نلامَ – بالمطر ...

مطر ...

مطر ...

ومنذ أنْ كنَّا صغاراً ، كانت السماء

تغيمُ في الشتاء

ويهطل المطر ،

وكلَّ عام – حين يعشب الثرى – نجوعْ

ما مرَّ عامٌ والعراق ليس فيه جوعْ .

مطر ...

مطر ...

مطر ...

في كل قطرة من المطر

حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ .

وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراة

وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ

فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد

أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فم الوليدْ

في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة !

مطر ...

مطر ...

مطر ...

سيُعشبُ العراق بالمطر ... "

أصيح بالخليج : " يا خليج ..

يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "

فيرجع الصدى

كأنَّه النشيج :

" يا خليج

يا واهب المحار والردى . "

وينثر الخليج من هِباته الكثارْ ،

على الرمال ، : رغوه الأُجاجَ ، والمحار

وما تبقّى من عظام بائسٍ غريق

من المهاجرين ظلّ يشرب الردى

من لجَّة الخليج والقرار ،

وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ

من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى .

وأسمع الصدى

يرنّ في الخليج

" مطر ..

مطر ..

مطر ..

في كلّ قطرة من المطرْ

حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ .

وكلّ دمعة من الجياع والعراة

وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ

فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد

أو حُلمةٌ تورَّدت على فم الوليدْ

في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة . "

ويهطل المطرْ ..

Exodia
22-01-2007, 08:31 AM
السلام عليكم

من روائع بدر شاكر السياب

لها ذكرى خاصه عندي ^_^

كل الشكر لك أختي شوقٌ إلى الأقصى

شوقٌ إلى الأقصى
23-01-2007, 08:35 PM
مشكور على مرورك أخي إكسوديا ..
دمت بخير

معرفتي
23-01-2007, 09:21 PM
إضافة رائعة للشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب
أشكرك على إضافتك الجميلة


من قصائده التي أعجبتني


"سوف أمضي "


سوف أمضي أسمع الريح تناديني بعيداً
في ظلام الغابة اللفّاء .. والدّرب الطويل
يتمطي ضجراً، والذئب يعوي، والأفول
يسرق النجم كما تسرق روحي مقلتاك
فاتركي أقطعلا اللليل وحيدا
سوف أمضي فهي ما زالت هناك
في انتظاري
**
سوف أمضي. لا هدير السيل صخّبا رهيبا
يغرق الوادي، ولا الأشباح تلقيها القبور
في طريقي تسأل الليل إلى أين أسير
كل هذا ليس يثنيني فعودي واتركيني
ودعيني أقطع اللليل غريبا
إنها ترنو إلى الأفق الحزين
في انتظاري
**
سوف أمضي حوّلي عينيك لا ترني إليّا
إن سحراً فيهما يأبى على رجلي مسيرا
إن سراً فيهما يستوقف القلب الكسيرا
وارفعي عني ذراعيك ... فما جدوى العناق
إن يكن لا يبعث الأشواق فيّا ؟
اتركيني ها هو الفجر تبدى، ورفاقي
في انتظاري

الملك ديلبيرو
30-01-2007, 02:27 PM
قصيدة رائعة و يوجد فيها نسج من الخيال الملهم

ملك
12-02-2007, 07:30 PM
اشكرك كثيرا على هذه القصيدة التي تصور حال العراق واهله في كل عام على الرغم من كثرة خيراته..........

اتمنى ان تضعوا قصيدة غريب على الخليج لأنها من احب القصائد الى قلبي

مع الشكر الجزييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل