المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البطولة في زمن الفسولة !



إسلامية
18-02-2007, 08:05 PM
البطولة في زمن الفسولة !


سلمان العنزي


لا تخلو أمة من الأمم ولا بلدة من البلاد من أبطال يقلون أو يكثرون بحسب الظروف المحيطة بهم ، يحركون الناس ويبصرونهم بحقيقة ما هم عليه وما يجب أن يكونوا ، باذلين أوقاتهم وأموالهم وأجسادهم وثمرة عقولهم من غير طمع دنيوي ولا هوى نفسي ،


قد قدموا الواجب العام على غيره من الواجبات فارتفعوا عن معترك التراب الآدمي فلم يعد يؤثر فيهم الإغراء ولا يجذبهم الإطراء ، وغابت الحدود والقيود عن عالمهم فأصبح شغلهم مع المعاني وعملهم مع الأرواح وتعاملهم مع القلوب فخلصوا من حبسة الجسد ولونه وجنسه



..ومهما حاول بعض مدعي الفكر إنكار البطولة وضرب الناس بعصا المساواة المجحف حتى في المعاني التي ينبني عليها سير الحضارة إلا أن الدورة التصحيحية للحياة وللحقائق لا بد أن تعيد الميزان إلى نصابه مع بيان مقدار سخف ما وقع فيه المنكرون ،



وقد أنكر فلاسفة الشيوعية وأربابها البطولة وجعلوها وثنا تقدس به الشخصيات ويدعى به إلى التمايز والتفاضل فلم يمض الفلك في دورته حتى تحولت الشيوعية إلى وكر من أوكار عبادة الشخصيات بل فرضوا حبها وتأليهها حتى على الصغار وتماثيل لينين وستالين كانت تملأ فضاء روسيا وأرضها كما ملئت قلوب أهلها بها ..




البطولة قدر لازب وقضاء محتوم في هذه الدنيا لا نستطيع أن ندفعه إلا إذا قدرنا على دفع شمس النهار عن الإشراق غير أننا لا نجعل من هذه البطولة قداسة مطلقة مبرأة من النقائص والعيوب فندخل من حيث نعلم أو لا نعلم في نظريات بنيت على غلط وكان مصيرها الاندثار والزوال كنظرية ( السوبر مان ) و ( تنازع البقاء )



وغيرها مما خالفت طبيعة الخلق وسمت بأنفها إلى الأفق الأعلى فكان حقا على الله أن يدسها في التراب ..


ليست البطولة إلا بحثا عن الكمال والسير في طريق يؤدي إلى عالم أفضل تتحقق فيه المثل اللائقة بالإنسان وحياته ، وليست إلا تضحيات تتلوها تضحيات واستشهاد يعقبه استشهاد في سبيل نصرة الحق والحقيقة رغم ما يعترض ذلك من صفات إنسانية توجب خوفا أو تدعو إلى طمع أو تقصر من مدى ولكنها تبقى في حيزها الضيق لتعصف بها قوى الصبر والتحمل وإرادة النفع والتعلق بمطلب سام يجد ما يمد أسبابه في نفس البطل ...



فالبطل من يعمل للأمة من خلال نفسه فيجيء عمله مقاربا للكمال ومدركا للغاية فإن اعترضه ما يعترض الإنسان من نقص كان هذا النقص دليل التمام وعجيبة تدعو إلى الاغضاض ،


كما أن البطل من يستطيع أن يهز قلوب الأمة فيقود أزمتها ويطلقها في فجاج الحرية باحثة عن مصيرها اللائق بها ، فإن كل إنسان مهما بلغ من الحقارة والدونية يتمتع بصفة من صفات البطولة تمتلك نفسه وتسيطر على حياته والبطل الحقيقي المكتمل البطولة في المفهوم الإنساني هو القادر على إيجاد مخارج لتلك الصفات في نفوس الناس لتستروح معاني الحياة فتثب وثبتها الصادقة ولو تدبرنا في حال الثورات العامة التي غيرت وجه الأمة وأدارت مجرى الحياة وصححت معالم التاريخ لوجدتها تنطلق من أبطال عرفوا كيف يديرون معركة الحرية في نفوس الناس ويستثيرون صفاتها الكاملة قبل أن يديروها في الواقع ..!



كما أن الصفات التي يحويها البطل في نفسه قد بلغت الغاية في تمام التركيبة ولو لم تكن الصفات على انفرادها بالغة كمالها المطلوب فقد تجد من هو أكمل منه شجاعة ، وقد تجد من هو أبلغ كرما ، ولكنك لن تجد رجلا يداني مجموع صفاته متكاملة ومتداخلة في كيميائية عالية التوازن ...


ومع ذلك فلا بد أن يعضد ما ذكرنا سلطة تعينه وتأخذ بيده ولا يلزم أن تكون السلطة مادية محسوسة بل العلم سلطان له مكانته في قلوب الناس ، والأدب له سلطان قاهر يحتل عرش القلوب ، وللدين محل لا يدانيه محل في أفئدة البشر . فإذا وجدت هذه السلطة القاهرة الخالبة زادت البطل قوة ونفوذا في دنيا الناس ، وهذه السلطة لا تأتي هكذا بلا جهد ودأب وصبر بل تأتي شيئا فشيئا في مسيرة حافلة بالعطاء والبذل والصبر.



ولا بد أن يجد الأبطال من ينتقدهم ويثرب عليهم ويتخذ صغائرهم حطبا يوقدون عليه فتنتهم وسيجدون من يسمع لهم من حثالة الناس وإن ظهروا في أعين الناس من العلية لأن في قلوبهم داء دويا ومرضا ناخبا وأكثر ما تكون الحرب شديدة عليهم عندما تعصف بالحياة فتن مروعة تضطرب لها الآراء وتختلف بسببها العقول وتجد من الرعاع من يزيدها ثورة وتلهبا ،



وكعادة الناس ممن ينطلي عليهم الحال الملبس ، وتتكهرب نفوسهم ويقعون في الحيرة القاتلة مع وجود ضمير قلق ينطلق بين الفينة والأخرى مبينا ضعف الدين وقلق الفكر وقلة الحيلة فلا يجدون مهربا من هذا العذاب إلا بإيجاد ( كبش فداء ) يصبون عليه جام غضبهم ويذيقونه الويلات ويسلقونه بألسنتهم ويتهمونه بكل نقيصة أحسوها وبكل مندية شعروا بها وبكل مخزية تلبسوا بها وبكل نقص لم يستطيعوا التخلص منه وبكل واجب لم يقدروا على أدائه على الوجه الأكمل ، فهم حين يناصبون البطل العداء إنما يناصبون في الحقيقة أنفسهم الضعيفة وعقولهم القاصرة وقوتهم الخائرة في ( ميكانيزمية ) غير محدودة تستولد أسباب راحتها .



ولا تحسبن كلامنا هذا ينطبق على العامة فقط بل هو شامل لكل إنسان يجد من نفسه صغارا يمنعه من المشاركة في قول الحق وإبراز الحقيقة ونشر الوعي بين الناس تحت ظل الظروف الصعبة الملتبسة ..!


http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=37&catid=188&artid=8688 (http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=37&catid=188&artid=8688)

جوليا بندلتون
18-02-2007, 09:18 PM
تسلمين اختي اسلاميه عالموضوع الرائع ^^