المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خواطر و نثر في مرسمي عقـارب



عصام طنطاوي
01-03-2007, 11:04 PM
شاءت الأقدار الرحيمة التي تليق بأحلام طفل نشأ في الزرقاء، أن يجد له في آخر المطاف -في اللويبدة- بيتا لعائلته ومرسما له. بيتي يبعد خطوات قليلة عن مرسمي ، محترفي ووطني...ملاذي وكل الأصدقاء الذي يجدونه مضاءً طوال الليل وكأنه يقول:


إلي يا كل الناس و" صدري باب لكل الناس". هذه ليست دعاية شخصية، هي دعاية لجبل اللويبدة، الضيعة الأنيقة القابعة في منتصف العاصمة عمان ، أجمل ما تبقى من عمان القديمة الجميلة ، تشاركها في الروعة بعض أطراف جبل الحسين ومنطقة صغيرة تقع تحت الدوار الأول في جبل عمان لازالت تحتفظ بعبقها القديم ومعمارها العريق بحيث أن معظم بيوت هذه المنطقة الفريدة يمكن أن تُسجل كتحف فنية ستبقى – إذا أمكننا الحفاظ عليها-كذاكرة حضارية لجيل مضى من المعماريين المبدعين.

عذرا.. هذه المقدمة الرومانسية فقد يفسدها أمر طاريء حدث معي في الصيف الماضي.

كنت أجلس في مرسمي مع بعض الأصدقاء وإذا بصديقة تصرخ مرعوبة وتقفز من مكانها وتصرخ بحالة من الهلع ، رأينا تحت مقعدها عقرباً يسير بهدوء وثقة غير مبال بنا ولا خائف منا، ، ولحسن حظنا جميعا أنه لم يلدغ احدا منا، كان عقرباً حقيقياً، حالك السواد يسير متثاقلا وواثق الخطوة بيننا ، غير عابئ بنا ولا مكترث بنا، عقرب! .. من أين وكيف؟!

استطعت –بعد أن قتلناه- أن أنسى الأمر ، إلى أن كنت وحدي في المرسم بعدها بأيام وإذا بعقرب آخر يختال حولي بنفس الهدوء والثقة، كان الهرب منه أقسى من قتله، استجمعت ما تبقى لدي من شجاعة، وسحقته..آه... هو العقرب الثاني خلال أقل من شهر، إذن كيف سأدخل المرسم بعد الآن وأنا أتخيل أن ثمة عقرب آخر مختبئ خلف اللوحة أو علبة الألوان أو تحت قدمي..

مرت أشهر أخرى، وكنت أجلس مع صديق على الشرفة وإذا بعقرب آخر ينزلق بهدوء على الجدار الحجري خلف رأس صديقي، صرخت به أن يبتعد عن الجدار.. ثم ..وهذا أمر مفروض: قتلناه..هو العقرب الثالث، وبعدها لم أتمكن من الاسترخاء، أظل طوال الوقت أتلفت حولي، وبين أقدامي، وعلى الجدران انتظاراً لعقرب جديد.

مرت سنة على هذه القصة ولم أشاهد عقربا في المكان.. ولكن أكثر من عقرب بشري زارني ولدغني.. ومضى، ومن يومها لم أعد ألتفت إلى الأرض توجساً من العقارب السوداء، ولكنني صرت أجفل فزعا كلما رن جرس الهاتف أو الباب.

غالي الساهر
02-03-2007, 04:06 PM
أحسنت :)


كم أستمتعت بتلك الخاطرة المقاليّه الرائعة من حيث الأسلوب المتميز ومن حيث ذلك الأبداع الذي
نثرته بقلمك الجميل . ومازادني في متعت ما كتبت السهوله في سرد الحديث والقصة البسيطه
الرائعة التي أمتزجت بالذوق الرفيع من أناملك الذهبيه :)


فلا تحرمنا بما تكتب دائماً ولك خالص شكري


::. تحيات غـ11ـي