KILDON
16-03-2007, 04:00 AM
في صبيحة أحد الأيام منذ سنة تقريبًا كنت متوجهًا لأصلى الظهر في إحدى الزوايا الصغيرة القريبة جدًا من منزلنا، وبعد الإنتهاء من أداء الصلاة إستدار الإمام ذو اللحية الكثيفة إلينا وبدأ في حمد الله والصلاة والسلام على النبي مقدمًا لحديث، توقعت أنه إما ينوي أن يلقي درسًا قصيرًا كما جرت العادة أو أنه سيدعونا إلى عقيقة لأحد الأشخاص، لكن أيًا من ذلك لم يحدث، فقد بدأ في الحديث حول واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووجوب ذلك على المسلمين وأسهب في ذلك حتى عرفتُ ما ينوي الحديث بشأنه، ثم أخذ يحدثنا عن تطعيمات حكومية فاسدة يتم إعطائها للأطفال والصغار في منطقتنا والمناطق المجاورة وأن عشرات الأطفال ماتوا جراء تلك التطعيمات وأن المئات منهم يعالجون في مستشفى كذا ومستشفى كذا، ثم أنهى حديثه طالبًا من المصلين عدم تطعيم أطفالهم وطلب منهم أيضًا نشر الخبر بين كل من يعرفونه، وشكره المصلين بعبارات أمثال " جزاك الله خيرًا " و " الله ينورك زي ما نورتنا " ثم إنصرف كلٌ لحاله.
رجعت إلى المنزل وأنا ألعن ذلك الجهل والغباء الذي تأصل فينا حتى أصبح من يفترض فيهم أنهم أعقلنا وأعلمنا ينشرون الأخبار الكاذبة بين الناس، بل ويستخدمون منابرهم وثقة الناس فيهم في نشر تلك الأخبار، لا أقول أنهم سيئوا النيات، لكن بأي حال حسن النية لا يعفي من الذنب.
ولم تمر دقائق على عودتي حتى رن الهاتف في المنزل، كانت على الهاتف إحدى الأقارب تحذرنا من أخذ أية تطعيمات من المستشفيات أو من المندوبين الذين يمرون على المنازل، تمنيت حينها لو أنني أستطيع أن أغلق السماعة في وجهها، لكن منزلتها لم تكن تسمح بذلك، سألتها من أين لها بهذه المعلومات فأجابت وكأنها تستنكر أن أسأل هذا السؤال بأن صديقتها التي تعمل في إحدى المستشفيات أخبرتها بالأمر، ولعلمي بأن مجادلتها كثيرًا لن تؤتي أية نتيجة خصوصًا وأني متأكد أنها تستعد لطلب الرقم التالي في قائمة أرقامها الهاتفية شكرتها بلا إهتمام وأغلقت السماعة! .
هذه الشائعة والتي ثبت فيما بعد أنها كذب محض والتي قد لا تكون الأخطر والأكثر تأثيرًا على حياة الناس في قائمة طويلة من الشائعات تكشف لنا بجلاء مساوئ تلك العقلية التي مازال الكثيرين منا للأسف يعيشون بها، فنحن أصبحت لدينا قابلية عجيبة لتصديق كل من يخرج علينا بعبائة العلم والمعرفة، فنسمع وننصت له ونصدقه، ورغم أننا في النهاية نعرف أنه كاذب وأن ما ينشره ما هو إلا إشاعات ليس لها أساس رغم ذلك نستمع له مرة أخرى ونصدقه ونروج ما يقوله وتصبح العبارة السائدة بيننا " يقولون كذا وكذا " ولا نكلف أنفسنا حينها البحث عن من الذين " يقولون " وما هي مواقعهم ومناصبهم التي تؤهلهم للإفتاء في الأمر، حتى أصبح تناقل الأخبار الكاذبة في حد ذاته متعة لنا.
إن إنتشار الشائعات في أمة لهو دليل على خواء هذه الأمة الثقافي والديني والعقلي، وهو دليل على تأخرها في سلم الأمم الراقية والمتحضرة، والإسلام لم يقصر أبدًا في تبيان أخطار نشر الشائعات، فالآية التي تأمر الجميع بعدم التسرع في أخذ الأنباء من الذين لا يؤتمنون عليها لكيلا يظلم أحد معروفة للجميع: " يا أيها الذين آمنوا إذا جائكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " رغم هذا نجد أن فئة المتدينين من أكثر الفئات المساهمة بفاعلية في نشر الشائعات، ولا يفوتنا هنا أن نذكر تلك الأكاذيب التي إنتشرت كثيرًا هذه الأيام والتي يطلق عليها " إعجازات " وهي تلك الصور للألفاظ الدينية التي يزعم أصحبها أنها شكلت بدون تدخل بشري، وحينما يُسئلون عن الهدف من نشر تلك الصور يقولون إنها تزيد من إيمان المسلمين وتدفع غير المسلمين إلى إعتناق الإسلام، وفي الحقيقة إن الذي يبني إيمانه على هذه الأشياء حري به أن يراجع إيمانه! .
رجعت إلى المنزل وأنا ألعن ذلك الجهل والغباء الذي تأصل فينا حتى أصبح من يفترض فيهم أنهم أعقلنا وأعلمنا ينشرون الأخبار الكاذبة بين الناس، بل ويستخدمون منابرهم وثقة الناس فيهم في نشر تلك الأخبار، لا أقول أنهم سيئوا النيات، لكن بأي حال حسن النية لا يعفي من الذنب.
ولم تمر دقائق على عودتي حتى رن الهاتف في المنزل، كانت على الهاتف إحدى الأقارب تحذرنا من أخذ أية تطعيمات من المستشفيات أو من المندوبين الذين يمرون على المنازل، تمنيت حينها لو أنني أستطيع أن أغلق السماعة في وجهها، لكن منزلتها لم تكن تسمح بذلك، سألتها من أين لها بهذه المعلومات فأجابت وكأنها تستنكر أن أسأل هذا السؤال بأن صديقتها التي تعمل في إحدى المستشفيات أخبرتها بالأمر، ولعلمي بأن مجادلتها كثيرًا لن تؤتي أية نتيجة خصوصًا وأني متأكد أنها تستعد لطلب الرقم التالي في قائمة أرقامها الهاتفية شكرتها بلا إهتمام وأغلقت السماعة! .
هذه الشائعة والتي ثبت فيما بعد أنها كذب محض والتي قد لا تكون الأخطر والأكثر تأثيرًا على حياة الناس في قائمة طويلة من الشائعات تكشف لنا بجلاء مساوئ تلك العقلية التي مازال الكثيرين منا للأسف يعيشون بها، فنحن أصبحت لدينا قابلية عجيبة لتصديق كل من يخرج علينا بعبائة العلم والمعرفة، فنسمع وننصت له ونصدقه، ورغم أننا في النهاية نعرف أنه كاذب وأن ما ينشره ما هو إلا إشاعات ليس لها أساس رغم ذلك نستمع له مرة أخرى ونصدقه ونروج ما يقوله وتصبح العبارة السائدة بيننا " يقولون كذا وكذا " ولا نكلف أنفسنا حينها البحث عن من الذين " يقولون " وما هي مواقعهم ومناصبهم التي تؤهلهم للإفتاء في الأمر، حتى أصبح تناقل الأخبار الكاذبة في حد ذاته متعة لنا.
إن إنتشار الشائعات في أمة لهو دليل على خواء هذه الأمة الثقافي والديني والعقلي، وهو دليل على تأخرها في سلم الأمم الراقية والمتحضرة، والإسلام لم يقصر أبدًا في تبيان أخطار نشر الشائعات، فالآية التي تأمر الجميع بعدم التسرع في أخذ الأنباء من الذين لا يؤتمنون عليها لكيلا يظلم أحد معروفة للجميع: " يا أيها الذين آمنوا إذا جائكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " رغم هذا نجد أن فئة المتدينين من أكثر الفئات المساهمة بفاعلية في نشر الشائعات، ولا يفوتنا هنا أن نذكر تلك الأكاذيب التي إنتشرت كثيرًا هذه الأيام والتي يطلق عليها " إعجازات " وهي تلك الصور للألفاظ الدينية التي يزعم أصحبها أنها شكلت بدون تدخل بشري، وحينما يُسئلون عن الهدف من نشر تلك الصور يقولون إنها تزيد من إيمان المسلمين وتدفع غير المسلمين إلى إعتناق الإسلام، وفي الحقيقة إن الذي يبني إيمانه على هذه الأشياء حري به أن يراجع إيمانه! .