المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتح الطريق لدبابات العدو



سهيل الحلبي
30-04-2007, 06:46 PM
فتح الطريق لدبابات العدو

يتفق الكثير من الناس على أن الإجتماع والإتلاف مطلب ضروري لا غنى عنه لأمة تريد الفلاح وقد جاء الشرع بالتأكيد على هذا الأصل ورعايته ولكن المواقف والأحداث تعصف بالناس وتحوج إلى التأكيد على هذه المعاني والوصية بها و خصوصاً بعد بروز مشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي الصنع و بدأ العمل فيه في لبنان و العراق و محاولة تسويقه في سورية عبر عملاء يرفعون رايات دينية و إنسانية بهدف إحداث شرخ بين أبناء الوطن الواحد، وبدا معه إن الحاجة ماسة إلى التوصية والتأكيد على معاني الإجتماع والائتلاف وثمة أمور بها تتضح أهمية وحدة الصف والحاجة إليه
الأمر الأول : نصوص القرآن الكريم
جاء التأكيد في القرآن الكريم على مراعاة هذا الأصل ، و من ذلك :قال عز و جل : ( و لو شاء ربك لجعل الناس أمةً واحدة و لا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك و لذلك خلقهم و تمت كلمة ربك لأملأنّ جهنم من الجنّة و الناس أجمعين ) هود118 _ 119 روى ابن جرير عن الحسن في قوله تعالى ( و لذلك خلقهم ) و أما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون إختلافاً يضرهم
الأمر الثاني : أن هذا مما بعث الله الأنبياء به
كان الأنبياء دعاة لوحدة الصف و جمع الكلمة قال الإمام البغوي : ( بعث الله الأنبياء كلهم بإقامة الدين و الألفة و الجماعة و ترك الفرقة و المخالفة ) و قد إختلف الأنبياء من قبل في الرأي فاختلف موسى و هارون ( قال يا هارون مامنعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعنِ أفعصيت أمري قال يا بنؤمّ لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي إني خشيت أن تقول فرقتَ بين بني إسرائيل و لم ترقب قولي ) طه 92_94 و لو وقع مثل هذا الأمر في عصرنا فقد تجد من يتهم مثل هارون بأنه سكت عن إنكار الشرك الأكبر و أن المسألة خلل في الإعتقاد و إنحراف في المنهج ....الخ
و بغض النظر عن الأصوب من الإجتهادين فالخلاف حصل و عذر كل منهما الآخر
الأمر الثالث : نصوص السنة
لقد تكررت الوصية في السنة بالإعتناء بالإجتماع و وحدة الصف و تكرر النهي عن التفرق و الإختلاف و مما ورد في ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن الله يرضى لكم ثلاثاً و يكره لكم ثلاثاً فيرضى لكم أن تعبدوه و لا تشركوا به شيءً و أن تعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرقوا و يكزه لكم قيل و قال و كثرة السؤال و إضاعة المال )
الأمر الرابع : واقع أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
لقد كان لأصحاب النبي صلى الله عليه و سلم إعتناء بالغ بهذا الأمر و كان الخلاف في الرأي يحصل بينهم و مع ذلك كانت النفوس صافية نقية نقل الحافظ في الفتح عن القرطبي قوله : ( من تأمل ما دار بين أبي بكر وعلي من المعاتبة ومن الإعتذار وما تضمن ذلك منا الإنصاف عرف إن بعضهم كان يعترف بفضل الأخر وأن قلوبهم كانت متفقة على الاحترام والمحبة وإن كان الطبع البشري قد يغلب أحياناً لكن الديانة ترد ذلك والله الموفق )
وقد خالف أبن مسعود عمر ابن الخطاب في مسائل بلغت المئة كما ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين ومع ذلك فحين أتى ابن مسعود إثنان احدهما قرأ على عمر والأخر قرأ على غيره فقال الذي قرأ على عمر :أقرأنيها عمر ابن الخطاب ،فجهش ابن مسعود حتى بل الحصى بدموعه وقال :اقرأ كما أقرأك عمر فإنه كان للإسلام حصناً حصيناً يدخل الناس فيه ولا يخرجون منه فلما أصيب عمر انثلم الحصن ،وقال عمر عن ابن مسعود قولته المشهورة : ( كنيف مُلئ علماً ) ،إنها النفوس التي صفت وتسامت على حظوظها فلم يجد الهوى بينهم مكاناً وحين يحصل بينهم ما يحصل بين البشر لا يمنعهم ذلك من العدل ولا يقودهم إلى تتبع الزلات وملاحقة العثرات الأمر الخامس : الإجتماع من صفات أهل الستة و صفاتهم
من سمات أهل السنة الإجتماع و الإئتلاف و هم من أشد الناس حرصاً عليه و دعوةً له كيف لا و هم الجماعة و هم السواد الأعظم قال الطحاوي رحمه الله : ( و نرى الجماعة حقاً و صواباً و الفرقة زيغاً و عذاباً )
الأمر السادس : مصالح الإجتماع لا تقارن بفاسد الفرقة
ثمة طائفة ممن يثيرون الفرقة يدفعهم لذلك الحرص و الإجتهاد الخاطئ و يسعون إلى تحقيق مصالح من تصحيح ما يعتقدون أن الآخرين أخطئوا و تجاوزوا فيه لكن يغيب عنهم أن مصالح الإجتماع لا تقارن بالمفاسد الناشئة عن الإفتراق و الإختلاف عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( التحدث بنعمة الله شكر و تركها كفر و من لا يشكر القليل لا يشكر الكثير و من لا يشكر الناس لا يشكر الله و الجماعة بركة و الفرقة عذاب ) ، و قال ابن مسعود : ( يا أيها الناس عليكم بالطاعة و الجماعة ، فإنهما السبيل في الأصل إلى حبل الله الذي أمر به و إنما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة ).
الأمر السابع : حاجة الصحوة إلى وحدة الصف
لئن كان الإجتماع و وحدة الصف ضرورة في كل وقت و حين فالصحوة اليوم أحوج إليه من أي وقت مضى إنها تعاني ضعف الطاقات و محدودية الإمكانات ، و حين تريد الصحوة الإسلامية تقديم مشروعات عامة و حين تريد إنكار منكرات أو تحتسب على باطل و حين تريد دعم فضية من قضايا المسلمين فإن ذلك كله لن يتأتى مع التفرق و الصراع و التشاحن بل سيؤدي بطائفة من الناس إلى قصد مخالفة من لا يتفقون معه و لو أدى ببعضهم إلى الوقوف في صف أهل الفساد أو تسويغ باطلهم و هذا ما يريده أمثال البيانوني و الغادري و خدام الذين ينفخون في الفتنة صباح مساء لضرب مشاريع الوحدة و فتح الطريق لدبابات العدو التي ستخضع لهم رقاب العباد كما فعل في أفغانستان و العراق و الهوى يصنع العجائب