المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحثي في النظائر المشعة



فارس المجد
01-07-2007, 07:24 PM
النظائر المشعة
ماهية النظائر المشعة:

النشاط الإشعاعي للمواد المشعة Radioactivity هو التحلل الذاتي لنواة ذرة المادة المشعة وهذا التحلل يختلف من مادة لأخرى ليعطي نوعيات مختلفة من الإشعاعات مثل إشعاع بيتا أو إشعاع جاما.

والنواة تحتوي على البروتونات والنيترونات وتحاط بالالكترونات التي تدور حول النواة ومن المعروف أن الالكترونات تحتوي على شحنة سالبة وأن البروتونات تحتوي على شحنة موجبة أما النيترونات فهي متعادلة.



والمادة تعرف بعدد البروتونات في نواتها فمثلاً إذا كانت الذرة التي تحتوي نواتها على بروتون واحد تسمي ذرة الهيدروجين والتي تحتوي على بروتونين تسمي ذرة الهيليوم والتي تحتوي على ثلاث بروتونات تسمي ذرة الليثيوم.

أما مجموع عدد البروتونات + عدد النيترونات (وهما مكونات الذرة) يسمي رقم الكتلة وهو مقارب للوزن الذري للذرة فمثلاً اليود131 يعتبر الرقم 131 هو رقم الكتلة الذي يعبر عن أن النواة بها 78 نيوترون و 53 بروتون.

والذرة التي تحتوي على نفس العدد من البروتونات وتختلف في عدد النيترونات هي التي تسمي بالنظير isotope ومنها الثابت ومنها الغير ثابت أو المشع radioactive أو النظير المشع radioisotope. ومثالنا على ذلك اليود الذي سبق ذكره فالذرة الثابتة لليود هي التي تحتوي على 53 بروتون و74 نيوترون (اليود127) أما عدى ذلك فكل نظائره مشعة (اليود131 واليود125). وهناك بعض المواد لا تحتوي على نظير ثابت بل كلها نظائر مشعة.


تُعد النظائر المشعة من أبرز اكتشافات العلم الحديث وأعظمها، ومن أهم ما حققه الفكر الإنساني في الغوص إلى عالم الصغائر، للإجابة عن تساؤلات الحضارات المتلاحقة، حول المادة وسر تكوينها، فقد تمت الإجابة عن الكثير من التساؤلات، وأعطت النظائر المشعة بعض الإجابات الوافية والشافية عن تكوين الذرة والغوص في عمق النواة، وما زالت تساؤلات أخرى قائمة يطمح العقل البشري إلى الإجابة عنها كي يتعرف تعرفاً موثوقاً ومؤكداً على القوانين الطبيعية، التي تتحكم في الكون من أصغر الصغائر (الذرة) إلى أكبر الكبائر (الكون)وبضمنه ما فيه ومن فيه.

تحتوي المادة المكونة للطبيعة على اثنين وتسعين عنصراً، نظمها العالم (مندلييف) في جدول دوري ورتبها في بيوت حسب رقمها الذري من الهيدروجين (1) إلى اليورانيوم (92)، وأضيف إليها خمسة عشر عنصراً، تم تصنيعها واكتشافها وتحديد مكانها في جدول العناصر (بعد بيت اليورانيوم)، وقد كانت النظرية السائدة أن كل ذرات العنصر الواحد متماثلة في الخاصيات، وتعطي النتائج نفسها في التفاعلات الكيميائية، إلى أن تبين من خلال دراسة العناصر بطريقتي القطوع والمحلل الطيفي للكتلة، أن أغلب العناصر تعطي أكثر من قطع واحد ومن طيف واحد، وهذا يتناقض مع نظرية التماثل والتجانس، التي تستوجب وجود قطع واحد وطيف واحد، واستنتجت التجربة أن ذرات العنصر الواحد غير متماثلة في الكتلة، وبالتالي فهي مزيج ذو خاصيات كيميائية واحدة، وفيزيائية مختلفة، وبما أن ذراته متوازنة كهربائياً، فهي تضم في مداراتها العدد نفسه من الإلكترونات السالبة، التي توازنها الشحنة الموجبة نفسها في النواة.
وقد بينت التجارب على الأوكسجين الطبيعي أنه مزيج من ثلاث نظائر مستقرة: الأوكسجين16 16 والأوكسجين17 17والأوكسجين18 18، والزئبق مزيج من تسعة نظائر... إلخ، وأطلق على هذه النظائر اسم isotopes، من اليونانية iso وتعني نفس ، وtopes وتعني (مكان)، للتذكير بأنها تحتل المكان نفسه في جدول مندلييف الدوري للعناصر. وقد أعطى اكتشاف النترون عام 1932 تفسيراً جديداً لتركيب النواة، وأصبح التعريف الجديد للنظائر على أنها الذرات التي تضم العدد نفسه من الإلكترونات والبروتونات، لكنها تختلف في عدد نتروناتها، وكان لهذا الاختلاف في عدد النترونات نتائج هامة في الفيزياء النووية، إذ تتغير به بنية النواة، وتتبدل خصائصها واستقرارها بإضافة نترون واحد أو بحذفه منها، فتصبح فاقدة للاستقرار وفي حالة هيجان، وتصدر إشعاعات تختلف نوعيتها حسب درجة الإثارة، وتسمى هذه الذرات الهائجة بالنظائر المشعة. وتتكون الإشعاعات التي تصدرها الذرات المشعة طبيعياً، أو الذرات المستقرة التي وقع تهيجها وإثارتها في المفاعلات أو في المسرعات، من إشعاعات ذات طاقة مرتفعة (غاما)، أو من جزيئات مادية مشحونة بالكهرباء (السالبة والموجبة) مثل جزيئات بيتا (السالبة) وبيتا (الموجبة) وألفا (الموجبة)، وكذلك إشعاعات أخرى صنفت جميعها في مجموعات هي: الفوتونات، واللبتونات، والميزونات، والباريونات.
في البداية جرى الكشف عن النظائر المشعة بوساطة جهاز بسيط متكون من وريقات ذهب، وأول من فكر في استعمال هذا المكشاف في اقتفاء أثر المادة المشعة هو (هيفزي) الحاصل على جائزة نوبل عام 1943 عندما كان طالباً ومعيداً في مانشستر عام 1911، فقد كان يتناول طعاماً مطبوخاً منذ أيام وأسابيع، تقدمه له ربة المنزل المتواضع الذي كان يسكنه لتناسبه مع حالته المادية، فتشكك فيه، وتكدر منه، ولم يكن لديه دليل على إثبات قدمه، فما كان منه إلا أن وضع مادة مشعة في الطعام المتبقي من العشاء، وبعد أيام قدَّمت له الجارة الطعام نفسه، فقرَّب منه مكشاف الإشعاع البسيط، فشاهد حالاً انفراج وريقات الذهب، ولم تدرك ربة المنزل مرماه من هذه التجربة، وعدَّت أعماله ضرباً من السحر، وطلبت منه مغادرة منزلها. واكتُشفت بعض النظائر المشعة في الطبيعة مثل الراديوم، لكن أكثر الذرات المشعة تنتج في المفاعلات النووية، أو في المسرعات، وقد تمكن العلماء من تحضير نظائر مشعة لأغلب العناصر الطبيعية ومن فصلها عن مزيجها.
وأهم تطبيقات النظائر المشعة هو اقتفاء الأثر وتعقب حركة بعض الذرات ومسارها في الغازات والسوائل وفي الكائنات الحية الحيوانية والنباتية، وتشتمل هذه الحالات مجالات عديدة ومختلفة تمس مباشرة حياة الإنسان وتحسين عيشه في بيئة سليمة من التلوث، وتوفير الماء والغذاء وفي المعالجة الصحية الناجحة.

وتقاس كمية الإشعاع بمقياس كيوري Curi، وهناك أيضاً ما يسمي بفترة نصف الحياة half life وهي تعرف بأنها الوقت اللازم لانحلال نصف الذرات من مجموع ذرات النظير المشع وعلى هذا فإن النشاط الإشعاعي لمادة مشعة معينة سوف يصل إلى نصف هذا النشاط في خلال فترة نصف حياته، فمثلاً نصف الحياة لمادة التكنزيوم99 هي ستة ساعات واليود131 ثماني أيام والسيلينيوم75 مائه وعشرون يوماً، وهذه الفترة لا تتأثر بأي مؤثرات مثل الحرارة والضغط أو التركيب الكيميائي لمواد أخرى (فترة نصف حياة التكنزيوم هي 6 ساعات سواءً كان في زجاجة في المختبر أو يسري في دم المريض أو مترسب في كبده(


استخدامات النظائر المشعة :
في مجال البيئة: استعملت النظائر المشعة للكشف عن ملوثات البيئة وتحليلها ومراقبتها المستمرة حتى لا تتأثر مياه الشرب بكمية غير مسموح بها من النترات المتسربة من الأسمدة أو من مبيدات الحشرات أو من الفضلات السائلة، إضافة إلى استعمال الأشعة في تطهير مياه المجاري وفي معالجة فضلات الصناعة.

في مجال الغذاء والزراعة: استعملت النظائر المشعة لتحسين الإنتاج الزراعي من خلال تحديد كمية الأسمدة اللازمة، ولإنتاج أصناف تعطي محصولين أو ثلاثة في العام، وفي مكافحة الحشرات الضارة والناقلة للعدوى، وكذلك استعملت في مراقبة الهرمونات التي تتحكم في تكاثر الحيوانات بتقصير المدة بين الولادات، والزيادة في عددها وتحسين نوعيتها، إضافة إلى استعمالها في تعقيم الأغذية (حبوب، فواكه، لحوم، سمك) وحفظها من التفكك والتعفن والتلف لمدة طويلة. أما في مكافحة الحشرات الضارة بالإنتاج الزراعي، والتي تنقل العدوى مثل ذبابة تسي - تسي، والبعوض، فقد أمكن للنظائر المشعة أن تعطي نتائج هامة في هذه المكافحة أحسن من المبيدات الكيميائية، التي أصبحت لا تؤثر على بعض الحشرات المكتسبة للمقاومة،
إضافة إلى أنها تترك أثاراً سامة وخطيرة على جسم الإنسان، وتحدث تلوثاً للبيئة إلى درجة منع استعمال بعض هذه المواد الكيميائية.
في مجال المياه: استعملت النظائر المشعة في قياس السيلان السطحي لمياه الأمطار والثلوج، وفي معرفة جريان الأودية والأنهار، وفي قياس تسرب الماء من السدود والبحيرات، وكذلك في دراسة المياه الجوفية بتحديد مصدرها وعمرها وسرعة جريانها واتجاهها، وفي معرفة الاتصال بين الأحواض المائية وقابلية ترشحها. سوف نعود في مقالات قادمة إلى كل حالة من الحالات السابقة بالتفصيل والتحليل.


الطب النووي واستخدام النظائر المشعة:

استخدام المواد المشعة في التشخيص
تستخدم المواد المشعة في تقدير نسبة الهرمونات وبعض المواد الأخرى في الدم كما تستخدم في حالات المسح الإشعاعي لأعضاء كثيرة في جسم الإنسان وسوف نتطرق إلى ذلك بشيء من التفصيل.
1. تقدير نسبة الهرمونات وبعض المواد الأخرى في الدم Radio-immuno-Assay
تستخدم النظائر المشعة في تقدير كمية بعض المواد والأدوية والهرمونات في الدم وذلك باستخدام جهاز يسمي العداد الوميضي Scintillation counter وذلك بسحب عينة من دم المريض وفصل المصل (البلازما) Serum وإضافة النظير المشع الخاص بالمادة المعينة إليه، فمثلاً في تقدير نسبة هرمون الثيروكسين الذي تفرزه الغدة الدرقية يستعمل اليود125 ثم يوضع في جهاز العد الوميضي الذي عن طريق الحاسب الآلي المتصل بهذا الجهاز تتم قراءة نسبة وجود المادة في الدم وبطريقة حسابية وبيانية يتم حساب تقدير كمية هذه المادة في الدم.

ومن أمثلة هذه الهرمونات التي يتم تقديرها في الدم باستخدام النظائر المشعة:
o هرمونات الغدة النخامية مثل هرمون النمو، الهرمون المنشط للغدة الدرقية T.S.H والهرمونات المنشطة للمبيض في الأنثى والخصية في الذكر F.S.H and L.H.
o هرمونات الغدة الدرقية مثل هرمون الثيروكسين T3 & T4 & T7
o هرمون القشرة الكظرية مثل الكورتيزون Corticosteroid
o هرمون الغدة التناسلية الذكرية التيستوستيرون Testosterone
o هرمون الغدة التناسلية الأنثوية الإستروجين والبروجيستيرون Oestrogen & Progesterone
o هرمون غدة البنكرياس الأنسولين Insulin

ومن أمثلة المواد الأخرى التي تقدر كميتها في الدم بواسطة المواد المشعة هي:
o الديجوكسين Digoxin الذي يستخدم في أمراض القلب
o فيتامين ب 12
o حامض الفوليك Folic Acid
o الهيستامين Histamine

وتتم هذه التحاليل في مختبر خاص مجهز بأحدث الأجهزة ويسمي بالمختبر النووي.

2. استخدام المواد المشعة في حالات المسح الإشعاعي لأعضاء الجسم Scanning
إن هذا الاستخدام هو الأكثر شيوعاً في مجال الطب النووي وهي عملية مسح وتصوير للعضو المراد فحصه وتتم عن طريق إعطاء المريض المادة المشعة الخاصة لفحص العضو إما عن طريق الفم أو الحقن الوريدي وبالطبع فإن كل عضو يختلف عن الآخر في نوع المادة المشعة المستخدمة أو المادة الكيميائية التي تضاف إلى المادة المشعة قبل إعطائها للمريض ومثال ذلك عند فحص الكبد يعطى المريض التكنزيوم مضافاً إليه مادة غروية تلتقطها خلايا الكبد أما في حالات فحص المخ فيعطي التكنزيوم بدون إضافات أو بإضافة مادة أخرى تسمي DTPA ، وأما في حالات فحص الغدة الدرقية فيعطى المريض اليود131 عن طريق الفم وفي حالات المسح الإشعاعي للرئتين تستخدم مادة الزينون133 عن طريق الإستنشاق.

وبعد أن يتناول المريض المادة المشعة يمتص الجسم هذه المادة وتلتقط بالعضو المراد فحصه من الدم ثم يتم تصوير هذا العضو عن طريق جهاز متصل بكاميرا لالتقاط أشعة جاما ويسمي هذا الجهاز بجهاز المسح الإشعاعي Scintillation Scanner with gamma Camera ومنه يتم الحصول على صورة فوتوغرافية على أفلام بولورويد أو أي نوع خاص من أفلام الأشعة العادية للعضو المراد فحصه. ومن هنا يتضح الاختلاف بين فحص المسح الإشعاعي والفحص بالأشعة العادية (أشعة إكس أو كما تسمى بأشعة رونتجن Roentgen - rays).

ومن الفحوصات التي لا يمكن لأشعة رونتجن القيام بها وقامت بها طريقة المسح الإشعاعي هي مثلاً تصوير أعضاء الجسم مثل الكبد والطحال والغدة الدرقية.

وفيما يلي أمثلة لاستعمالات المواد المشعة في المسح الإشعاعي للأعضاء:



v حالات المسح الإشعاعي للمخ Brain Scan
ويستخدم فيه التكنزيوم فقط أو مخلوطاً بمادة تسمى DTPA حيث تعطى بالحقن الوريدي ويستخدم المسح الإشعاعي للمخ في الحالات التالية:
§ أورام المخ السرطانية والحميدة والثانويات Brain Tumour and Metastasis
§ التهاب المخ وخراجه Brain Abscess
§ التجمع الدموي في المخ Brain Heamatoma والنزف بالمخ Intra Cerebral Hemorrhage
§ أمراض الأوعية الدموية بالمخ وجلطة المخ Cerebro Vascular Accidents


1. حالات المسح الإشعاعي للعظام والنخاع العظمي Bone and Bone Marrow Scan

ويستخدم فيه التكنزيوم مخلوطاً بمادة فسفورية مثل MDP OR PYP. ويطلب هذا الفحص في الحالات التالية:
§ استكشاف وتحديد الأورام أو ثانويات الأورام الخبيثة في العظام
§ تحديد مكان الورم عند أخذ عينة منه
§ تحديد نشاط النخاع العظمي في حالات أمراض الدم
§ الحالات المزمنة لفقر الدم
§ تحديد نمو العظام وعمرها
§ تحديد أماكن التكلس الزائد في العظام ومواقع تكوين العظام الغير طبيعية ومدى اتساعها
§ تحديد اتساع ونشاط التهاب المفاصل Arthritis


وهناك أعضاء أخرى تستخدم فيها المواد المشعة ويتم مسحها وبيان أمراضها مثل الكلية والبنكرياس والغدد اللعابية والغدد الدمعية للعين والحويصلة المرارية والكبد والقلب .

استخدام المواد المشعة في العلاج
تستخدم المواد المشعة في حالات كثيرة وتأتي بنتائج مشجعة مثل استخدامها في علاج بعض الأورام الخبيثة وعلاج تسمم الغدة الدرقية ومن أمثلة المواد المشعة الآتي:
· الكوبالت وهو من المواد المشعة المستخدمة منذ وقت بعيد ويستخدم في علاج بعض الأورام السرطانية مثل سرطان الحنجرة وسرطان المثانة البولية وسرطان المخ والعظام والرحم.
· السيزيوم المشع الذي يستخدم في علاج سرطان الثدي ومرض هودشكن
· الراديوم المشع ويستخدم على هيئة بذور أو إبر تزرع في مكان المرض في حالات مثل سرطان اللثة وسرطان عنق الرحم
· الذهب المشع ويستخدم في حالات سرطان وأورام الغدة النخامية
· اليود المشع وهو نظير مشع يستعمل بكثرة في تشخيص أمراض الغدة الدرقية وأيضاً في علاج بعض منها.



أخطار النظائر المشعة:
إن التزايد المطرد فى استخدام المصادر والنظائر المشعة فى مختلف الأغراض فى حياة الإنسان سواء زراعية - صناعية - عسكرية أو طبية، قد تزيد من فرص التلوث الإشعاعى وكذلك كمية التعرض للأشعة المؤينة خارجياً وداخلياً وعليه تتزايد الحاجة إلى معرفة طرق تقدير العناصر المشعة، وقياس النشاط الإشعاعى فى عينات الغذاء الصلبة والسائلة ومياه الشرب . كذلك تزايد استخدامات التكنولوجيا النووية (سلمياً وعسكرياً) يؤدى بالطبع إلى زيادة احتمالات وقوع الحوادث النووية، والتى تؤدى إلى كوارث تلوث إشعاعي لا يعترف بالحدود الجغرافية، وإنما يشمل العديد من البلاد على مستوى الكون ولعل أبلغ ما حدث فى مفاعل تشرنوبيل فى أبريل 1986 ، فلقد دفع هذا الانفجار بكميات ضخمة من النواتج المشعة إلى الجو فى صورة سحابة هائلة من الغاز والغبار المشع حملتها الرياح فى دورة شملت الكثير من الدول الأوربية حيث وصلت آثار الإشعاع إلى فنلندا والسويد بعد يومين من الحادث ثم وصلت لألمانيا وفرنسا وبريطانيا في 29/4/1986 ثم استدارت السحابة مع الرياح حيث وصلت إلى إيطاليا ثم شمال البحر الأبيض المتوسط خاصة تركيا وقد تم التعرف على كثير من النظائر المشعة والتى كونت هذه السحابة وشملت الاسترانشيوم 90 ، والروثنيوم103، واليود 131، التليريوم 132، السيزيوم 134و137 ، الباريوم 140.
وقد تسببت السحابة المشعة فى تلوث المزارع ومختلف المحاصيل وتبعها تلوث الألبان ولحوم الحيوانات التى تغذت على غذاء ملوث إشعاعياً. ومما يؤسف له أن بعض الدول الأوربية قامت بالتخلص من بعض الأغذية الملوثة إشعاعياً بإرسالها للدول الفقيرة فى العالم الثالث، وهو عمل لا يتسم بالأمانة ولا بالإنسانية. ولقد كان لهذا الحادث وقع سيئ فى كل أنحاء العالم فقد أدى الانفجار إلى وفاة 32 ألف شخص فى الحال، وتم تجهيز13.500 من سكان المنطقة وتعرضت أعداد كبيرة من الأفراد لجرعات مختلفة من الإشعاع خاصة فى الاتحاد السوفيتى السابق والدول المجاورة له ، كذلك فإن نحو مليونى هكتار من الأراضى الزراعية فى أوكرانيا وبيلاروسيا قد أصبحت ملوثة بالإشعاع نتيجة تساقط المواد المشعة مع الأمطار . ولذلك اهتمت الدول بالرقابة البيئية على الواردات للتأكد من عدم تلوثها إشعاعياً وللتأكد من خلوها من النشاط الإشعاعى ووضعت المعايير التى تحكم كمية الملوثات الإشعاعية الطبيعية التى لابد وأن تصاحب بعض الأغذية بحيث ألا تكون الجرعة الإشعاعية المتكاملة والتى يتعرض لها السكان تتعدى المستوى الآمن المتفق عليه دولياً (طبقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الصحة العالمية والفاو) .ودون أن يعوق هذا الحد حركة الأغذية وتجارة الغذاء بين دول العالم ، وعموماً فقد تم وضع هذا الحد بناءً على دراسات وبحوث علمية فمثلاً يجب ألا يزيد النشاط الإشعاعى للألبان عن 370 بيكريل Becquerel / كجم ألبان ومنتجاته، ويجب ألا يزيد النشاط الإشعاعى لأى نوع من الأطعمة الأخرى عن. 600 بيكريل / كجم (البيكريل يساوى تفكك إشعاعى واحد فى الثانية الواحدة). ويجب أن نعلم أن تلوث الأغذية بالمواد المشعة يمكن أن يحدث نتيجة لمصادر بيئية طبيعية مثل محتوى التربة أو الماء الجوفى من البوتاسيوم 40 ، والثوريوم 232 ، واليورانيوم 238 .

ويدخل عنصر البوتاسيوم ضمن المكونات الطبيعية للغذاء ويحتوى عنصر البوتاسيوم طبيعياً على 0.0119% من وزن النظير المشع للبوتاسيوم 40 ويحتوى الجسم البشرى (الوزن العيارى 70 كجم) على حوالى 140 جم من البوتاسيوم والتى تحتوى بدورها على حوالى 0.1 ميكروكورى من البوتاسيوم 40 . وتوجد بعض أنواع من الصخور التى تحتوى على تركيزات عالية من المواد المشعة مثل صخور الفوسفات (فلوريدا) حيث يصل تركيز اليورانيوم إلى 270 بيكوكورى / جم وعليه فإن سماد الفوسفات المستخلص من تلك الصخور يحتوى على نسبة عالية من اليورانيوم وبإضافة هذا السماد إلى الأراضي الزراعية يتم انتقال جزء بالغسيل مع مياه الصرف إلى الأنهار والمجارى المائية أو خزانات المياه الجوفية كما يتم امتصاص جزء بواسطة النباتات النامية وبالتالى يتداخل فى سلسلة الغذاء ويرفع من نسب تواجد اليورانيوم فى الأغذية أو مياه الشرب . والبيتش بلند أو الرمال السوادء هى أحد الخامات الأساسية لليورانيوم ويحتوى على أكسيد اليورانيوم الأسود U3O3. وقد لوحظ كلاً من مارى كورى وبير كورى أن شدة الإشعاع تختلف حسب نوع مصدر الخام فمثلاً الخام الناتج من منجم جوشيمستال كان أقوى أربع مرات من خام كورنوول واستنتجوا أن هذه الخامات تحتوى على مصدر أكثر فعالية ، وقد أدى ذلك إلى اكتشاف البولونيوم ثم الراديوم والذى تم تحضيره واستخلاص كبريتاته ثم فصلها عن الباريوم باستخدام الفصل التجزيئى للكلوريد وهذا أنتج 0.3 جم راديوم من كل طن رمال سوداء ، ومعلوم أن الراديوم يزيد نشاطه عن اليورانيوم مليون مرة . ويبين الرسم المرفق سلسلة الانحلال النووى لليورانيوم حتى يستقر فى صورة الرصاص ، وتختلف درجة الانحلال وفترات نصف العمر من نظير لآخر حيث يستغرق السلسلة آلاف السنين .





ومن الأسباب الرئيسية لتلوث البيئة بالمواد المشعة إجراء التفجيرات النووية والحوادث الإشعاعية والتى تؤدى فى النهاية إلى تعرض الإنسان لجرعة خارجية أو داخلية حتى وإن كانت ضعيفة إلا أن العدد الكبير من الأفراد الذين يتعرضون لهذه الجرعة يؤدى إلى جرعة مجمعة عالية ذات مردود صحى محسوس .
ويتسبب الانفجار النووى الذى تصل قوته إلى واحد ميجا طن فى إنتاج قدر كبير من الغبار الذرى الحامل بين طياته الكربون 14 ، والاسترانشيوم 90 ، والسيزيوم 134 و137 ، البلوتونيوم 239 وهى نظائر مشعة يستمر نشاطها الإشعاعى مدة طويلة (بالإضافة لليود 131 القصير العمر) . وتتساقط هذه النظائر على سطح التربة وتتسبب فى تلوث الهواء والماء والغذاء وتدخل فى دورة الغذاء فتنتقل إلى الحشرات والطيور والحيوانات ثم فى النهاية إلى الإنسان . وتعتبر سلسلة الغذاء من أهم المسارات الحرجة والهامة فى سرعة انتقال الملوثات الإشعاعية من مكونات البيئة للإنسان ويتوقف تأثيرها على العوامل الآتية :
1- الخواص الكيميائية والهيدروفزيقية والبيولوجية للتربة بالمنطقة .
2- الخواص الكيميائية للملوثات الأكثر انتشاراً من الملوثات .
3- مستوى التلوث الإشعاعى .
4- العلاقات المتبادلة بين مكونات البيئة بالمنطقة (أرض - ماء - هواء - .. الخ) .
5- مكونات السلسلة الغذائية بالمنطقة والعادات الغذائية للسكان .

v هناك العديد من الدراسات عن سلوك بعض النظائر المشعة الأكثر خطورة على الإنسان والتى يحتمل وجودها ضمن ملوثات البيئة المحيطة منها على سبيل الخصوص بعض النويات الحرجة مثل الاسترانشيوم 90 ، السيزيوم 137 ، والسيريوم 144 ومن العناصر المتطايرة والمؤثرة على صحة الإنسان اليود 131 والروثينيوم 106 ، وتتحدد دورة انتقالها إلى الإنسان طبقاً لخواص كلاً منها على الوجه التالى :



الاسترانشيوم 90 :
يشكل الاسترانشيوم 90 خطراً نظراً لطول فترة نصف العمر (28 سنة) كذلك لارتباطه الوثيق مع الكالسيوم والذى يؤدى إلى تراكمه فى العظام كما يشكل غباره خطراً على الرئة . وكما شاهدنا فى حادثة الاورال وذلك فى عام 1985 تواجد الاسترانشيوم بمستوى 34 كورى/هكتار وانتشر خلال سلسلة الغذاء وكذلك الحيوانات الثديية الصغيرة .ويشكل الاسترانشيوم خطراً على الأطفال حيث يصل تركيزه فى أجسامهم من 10-15 مرة أكثر من البالغين مما يجعل ضرر هذا العنصر يتركز على الأجيال القادمة ، ويتم انتقال الاسترانشيوم مع زيادة تركيزه مع كل مرحلة من مراحل هذه السلسلة لدرجة أن تركيزه وصل فى أجسام السكان الشماليين الذين يتغذون على لحوم الأبل إلى 40 مرة أكثر منه لدى السكان الجنوبيين الذين لا يتغذون على لحوم الأبل .




السيزيوم 137 :
يتشابه السيزيوم مع البوتاسيوم فى خواصه الكيميائية حيث يدخل الأنسجة مشكلاً خطورة على العضلات ، وقد تسرب السيزيوم فى حادثة مفاعل الطاقة فى ويندسكال حيث بلغ أقصاه عند مستوى 1.3 × 410 كورى/شهر فى عام 1975 وأوضحت البحوث أن ذلك أدى إلى ارتفاع نسبة السيزيوم 137 فى الأسماك التى تم صيدها بالأماكن القريبة حيث وصلت 10 بيكوكورى/جم بالمقارنة بالمستوى العادى فى أسماك بحر الشمال حوالى
0.1 بيكوكورى/جم .



اليود 131 :
كما حدث فى كارثة ويندسكال عام 1975 حيث تلوثت أعشاب المراعى باليود المشع مما أدى إلى تركيزه فى ألبان الماشيه التى ترعى عليها وبالتالى انتقلت للإنسان ويتحد مع المركبات فى الغدة الدرقية .



الروثينيوم 106 :
أثبتت الدراسات أن متوسط تركيزه فى الأعشاب البرية يبلغ 200 بيكوكورى/جم ويرتفع هذا التركيز إلى 200 ضعف فى الأعشاب البحرية .



البلوتونيوم :
لا يدخل عنصر البلوتونيوم ضمن السلسلة الغذائية حيث أنه أحد العناصر المصنعة من المفاعلات الانشطارية . وتناول الصور الذائبة من هذا العنصر يشكل خطورة كبيرة على العظام والكبد أما الصور غير الذائبة والتى قد تستنشق مع هواء الشهيق فإنها تسبب سرطان الرئة . وعندما تتساقط النويدات المشعة أو الغبار الذرى على سطح النباتات المنزرعة سواء بالترسيب أو سقوط الأمطار وعندما يتغذى الإنسان عليها (فى حالة الخضروات والفاكهة الملوثة) فإنها قد تشكل خطراً بسيطاً نظراً لسهولة إزالة التلوث إلا فى حالة اليود إذا استهلك فور تساقطه على النبات ويتوقف مدى امتصاص النبات لمثل هذه المواد المشعة على الخواص الطبيعية والكيميائية والتفاعلات المتبادلة بين التربة والنويدات المشعة المختلفة .

-Cheetah-
01-07-2007, 09:56 PM
يعطيك العافية يا ديك.
لكن البحث لا يكتمل بدون إدراج مراجعه.
أرجو منك إكماله.

فارس المجد
02-07-2007, 02:17 AM
كيف ندرج مراجعة؟ لم أفهم المراجعة في لغتي تعني إعادة المذاكرة

-Cheetah-
02-07-2007, 04:05 PM
مراجع البحث وليست "مراجعة".
هي المصادر من كتب وأوراق بحث ومواقع على الشبكة وغيره التي استقيت منها هذا البحث.

فارس المجد
02-07-2007, 05:14 PM
إذن أنا آسف ...
المراجع طارت فبحثي قديم شوي والمراجع كانت من عدة مواقع ,, أرجو أن تعذرني أخ cheetah
ومشكور أيها المراقب المميز