المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية ثــوابــت علــى درب الجهــاد الإسلامـي المقــدس ... [ الحلقـة الأولـى ]



الشاب الحزين
10-12-2001, 05:41 PM
الحمد لله الذي شرع لنا ديناً قويماً وهدانا صراطاً مستقيما ً، والصلاة والسلام على معلم الخلق خير البرية سيد ولد آدم فعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :-

إن مما لا شك فيه أن لكل منهج ثوابت ومتغيرات ، ثوابت لا تتغير ولا تتزعزع بتغير الزمان أو المكان أو الأشخاص ، القناعة فيها واليقين بها مستند إلى نصوص ثابتة وعلم لا يرقى إليه الشك ، فلا يمكن أن تتبدل أو تتغير فأصبحت تلك الثوابت كالجبال الراسيات ، معالم واضحات يهتدي بها كل سائر على الطريق .

والمتغيرات هي عكس الثوابت وهي أمور ثانوية في المنهج والمبدأ هي من الفروع وليست من الأصول ، تتغير بتغير الزمان أو المكان أو الأشخاص لها ضوابط شرعية عامة ، تفصيلاتها تخضع إلى مداخلات يقدرها المجتهدون بالأدلة ، قابلة للحوار والنقاش .

وما يهمنا هنا وفي هذه الأيام خاصة هو أن نذكر الثوابت التي رسمتها النصوص الشرعية على طريق الجهاد ، وهذه الثوابت نحن اليوم بأمس الحاجة إلى إعادة تذكرها ونشرها وفقهها ، نحن اليوم وفي هذا الوضع البائس للأمة الجريحة نحتاج حقيقة إلى الرجوع إلى ثوابتنا التي بدأ بعض المتخاذلين يعيد الكلام فيها ويزيد ، ليحيلها إلى متغيرات من الأفضل لنا في هذا الوقت ألا نتمسك بها ، وسوف نضع بين يديك أخي في الله بعض الثوابت لا كلها التي ترسم لنا طريق الجهاد ، فخذها منا على حلقات .
أول الثوابت : الجهاد ماض إلى يوم القيامة :-
إن العالم اليوم إلا من رحم الله يقف بكل قواه العقدية و السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية والشعبية ، يقف وقفة واحدة بكل ما أوتي من قوة ، أمام شعيرة من شعائر ديننا الحنيف ألا وهي شعيرة الجهاد في سبيل الله تعالى ، تلك الشعيرة التي فرضها الله علينا بقوله { كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون } وبقوله { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير} وقوله { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } وقال في آخر ما نزل في حكم الجـهاد مـؤكداً علـيه { فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم } .

هذه الشعيرة التي حاول الكفار طمسها وتسميتها بالإرهاب والإجرام ، ووسم أصحابها بالإرهابيين والمتطرفين والثوار والمليشيات ، وساعدهم المنافقون أيضاً على تشويهها والتحجير عليها بسبل شيطانية شتى فتارة يقولون بأن الجهاد جهاد دفع لا طلب ، أو قالوا بأن الجهاد يشرع لتحرير الأرض المحتلة فقط ، أو أن الجهاد يجب أن يكون بأمر الحاكم العميل لليهود و الصليبيين ، وحيناً آخر قالوا بأن الجهاد انتهى بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، أو أن الجهاد لا يناسب عصرنا الحاضر عصر السلام والنظام العالمي الجديد نعوذ بالله من هذه الضلالات .

وأياً تكن مبررات طمس معالم الجهاد ودواعيه ومصطلحاته النفاقية والكفرية ، فإن الحقيقة الماثلة للعيان هي أن الأمة منذ زمن الرسول عليه الصلاة والسلام قد اتضح لها طريق الجهاد وحُددت معالمه واتضح لها مفهومه وفقهه ، فلسنا بحاجة إلى من يضيف مفاهيم جديدة للجهاد يمليها علينا من الشرق أو الغرب ، ففي تراثنا غنية عن غيره فمنه نستقي أركان وشروط وواجبات وسنن الجهاد ، كما نأخذ منه أسباب تشريع الجهاد ومقوماته أيضاً .

وفوق كل ذلك فقد أخبر الله ورسول علية الصلاة والسلام بأن الجهاد ماض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وهذا الخبر هومن الثوابت التي لا نشك فيها ولا نسأل فيها أحداً بعد تأكيد الله ورسوله عليه الصلاة والسلام لهذه الحقيقة ، وأدلة ذلك من الكتاب والسنة كثيرة مثل قول الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم} وقوله تعالى { يجاهدون } هي دليل على الاستمرار ، وسياق الآية دليل على أن من ترك هذه الصفة فسوف يأتي الله بقوم غيره يحبهم ويحبونه فيهم هذه الصفة .

وقال أيضاً { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير } والفتنة هي الكفر ، والقتال مستمر حتى لا يكون كفرا ، وقال العلماء لا ينتفي الكفر عن الأرض إلا في آخر زمن عيسى u حيث يضع الجزية ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ولا يقبل إلا الإسلام ، ثم يتوفاه الله تعالى ويتوفى معه كل مؤمن ولا يبقى على الأرض من يقول الله الله وتقوم الساعة على شرار الخلق يومئذ .

وقال تعالى مؤكداً الأمر باستمرار الجهاد في آخر آية نزلت في شأن الجهاد وهي آية السيف { فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم } والأدلة على استمرار الجهاد من الكتاب كثيرة .

أما النصوص الدالة على استمرارية الجهاد من السنة فهي أكثر من ذلك ومنها قول الرسول صلى الله عليه وسلم كما رواه الجماعة وغيرهم عن عروة البارقي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى ا لله عليه وسلم( الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم) قال ابن حجر في الفتح عندما استدل البخاري بهذا الحديث على مضي الجهاد مع البر والفاجر قال " سبقه إلى الاستدلال بهذا الإمام أحمد , لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر بقاء الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة , وفسره بالأجر والمغنم , المغنم المقترن بالأجر إنما يكون من الخيل بالجهاد , وفي الحديث الترغيب في الغزو على الخيل , وفيه أيضا بشرى ببقاء الإسلام وأهله إلى يوم القيامة , لأن من لازم بقاء الجهاد بقاء المجاهدين وهم المسلمون , وهو مثل الحديث الآخر " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق " الحديث " أهـ كلامه مختصراً

وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم تعليقاً على هذا الحديث " . قوله صلى الله عليه وسلم ( الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ) جاء تفسيره في الحديث الآخر في الصحيح ( الأجر والمغنم ) وفيه دليل على بقاء الإسلام والجهاد إلى يوم القيامة ، والمراد قبيل القيامة بيسير , أي حتى تأتي الريح الطيبة من قبل اليمن تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة . كما ثبت في الصحيح " أهـ كلامه .

وقال النبي عليه الصلاة والسلام كما عند أبي داود وغيره عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( .. والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل .. ) قال صاحب العون في شرح هذا الحديث ( والجهاد ماض منذ بعثني الله ) : أي من ابتداء زمان بعثني الله ( إلى أن يقاتل آخر أمتي ) : يعني عيسى أو المهدي ( الدجال ) : مفعول . وبعد قتل الدجال لا يكون الجهاد باقيا . أما على يأجوج ومأجوج فلعدم القدرة عليهم , وعند ذلك لا وجوب عليهم بنص آية الأنفال , وأما بعد إهلاك الله إياهم لا يبقى على وجه الأرض كافر ما دام عيسى عليه الصلاة والسلام حيا في الأرض , وأما على من كفر من المسلمين بعد عيسى عليه الصلاة والسلام فلموت المسلمين كلهم عن قريب بريح طيبة وبقاء الكفار إلى قيام الساعة ، قاله القاري ، والحديث سكت عنه المنذري " أهـ كلامه رحمه الله .

ودليلاً على استمرار الجهاد قال النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً كما جاء في الصحيحين وغيرهما وللفظ لمسلم عن جابر رضي الله عنه ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ) وفي لفظ للبخاري ( لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ) وفي لفظ لأحمد ( لا يبالون من خالفهم أو خذلهم ) وقوله ( لا تزال ) دليل على الاستمرارية ، وإن كان سياق الحديث كاف في إثبات استمرارية الجهاد ، قال النووي في شرحه لصحيح مسلم عن هذا الحديث " قلت : ويحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين منهم شجعان مقاتلون , ومنهم فقهاء , ومنهم محدثون , ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر , ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير , ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض . وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة ; فإن هذا الوصف ما زال بحمد الله تعالى من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن , ولا يزال حتى يأتى أمر الله المذكور في الحديث " أهـ كلامه .

ومن الأدلة أيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله ) ، فجعلت غاية القتال في هذا الحديث هي الإسلام فإذا أسلم الناس فلا قتال ، والأدلة كثيرة التي تدل على عدم إسلام الناس جميعاً و بقاء الكفر إلى يوم القيامة فإذا كان كذلك فالقتال باق معه أيضاً حتى يأتي أمر الله تعالى ، والمقصود بأمر الله في الحديث : قيل هو إسلام الناس في زمن المسيح وقيل يوم القيامة وقيل هبوب الريح التي تقبض أرواح المؤمنين ، ولكن دلالة الحديث واضحة في بقاء القتال ما بقي الكفر .

والنصوص التي تفيد استمرار الجهاد كثيرة لا مجال لحصرها ، والأئمة متفقون وبلا خلاف على استمرار الجهاد وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن استمراره خبراً لا يتغير ولا يتبدل ، وهذه النصوص تبين أنه لا يمكن أبداً أن يخلوا زمان من الأزمنة منذ بعثة النبي عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة من راية جهاد حق مرفوعة في سبيل الله تعالى ، وهذا خبر منكره كافر بالله تعالى

إذا تقينا هذه الحقيقة ووضعناها نصب أعيننا وجعلناها أحد الثوابت التي نرتكز عليها ، فإننا لا يمكن أبداً مهما اشتدت الظروف وساءت الأحوال أن نتخلى عن دعم راية الجهاد والوقوف تحتها ، لأن راية الجهاد في كل زمان مرتبطة بالطائفة المنصورة المرضي عنها ، والطائفة المنصورة كما قال النووي لا يلزم أن تكون في مكان واحد ، فيمكن أن تتعدد في زمان واحد في عدة أمكنة ، والطائفة المنصورة تقاتل على الحق ظاهرة ، والزمان لا يخلوا من الطائفة المنصورة التي تقاتل وترفع راية الجهاد .

إذا اعتقدنا تلك العقيدة لا بد معها أن نجزم بأن قوى الكفر العالمي ومعها النفاق الدولي لا يمكن أبداً أن تفلح في إخماد راية الجهاد ولا قمع المجاهدين ولا تعطيل هذه الشعيرة أبداً ، ربما تستطيع محاصرتها في مكان واحد أو اثنين ، ولكن أن تسقط راية الجهاد في هذا الزمان فلا يمكن لها أبداً ولو اجتمع الجن والأنس لذلك جميعاً ، فإن راية الجهاد رفعت بأمر الله تعالى وبإذنه ولا يمكن أن توضع والله هو الذي قضى على نفسه أن ترفع حتى يقاتل آخر أمة محمد صلى الله عليه وسلم الدجال مع عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام .

هذه الحقيقة التي لا بد أن ننطلق منها ، وهذا المعتقد الذي ينبغي أن نقاتل به عدونا ، عقيدة اليقين والتصديق بوعد الله سبحانه وتعالى بمضي الجهاد إلى يوم القيامة .

وإن ما أصاب المسلمين اليوم من يأس بعد الأحداث التي حصلت في أفغانستان وانسحاب المجاهدين من المدن ، لا يدل يأسهم وإحباطهم أبداً على أن أكثر المسلمين على قناعة بأن الجهاد ماض إلى يوم القيامة ، ولا تدل أحوال أكثر المسلمين أيضاً على أنهم على قناعة بأن العالم أجمع لا يمكن له أن يسقط راية الجهاد في العالم ، بل إن كثيراً منهم لا يدرك معنى الصراع بين الحق والباطل ، ولا يقرأ تاريخ الأمة وتاريخ الأنبياء من القرآن خاصة .

العالم يحارب وعد الله بمضي الجهاد ، ونحن نصدق الله ونقسم بهزيمة العالم الذي حارب الله سبحانه وتعالى ، النظام العالمي الجديد يقوم على مفهوم محدد وواضح المعالم وهذا المفهوم هو : أن الجهاد هو الإرهاب ، وكل مجاهد إرهابي ، ولا بد من ملاحقة الإرهابيين وقمع الإرهاب ، بمعنى لا بد من ملاحقة أولياء الله وقمع شريعة الله سبحانه وتعالى ، فحرب بهذه الصورة نتيجتها معروفة لنا سلفاً قصها الله علينا في كتابه وبينها لنا رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته فقال عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري وأحمد وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى ا لله عليه وسلم قال قال الله تعالى (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ) أي أعلمته بالهلاك ، وحرب الله تعالى هي على من يعادي أولياءه لولايتهم لله ويتخذهم أعداءً بسبب دينهم ، وفي لفظ ( آذنته بحرب ) نكره تشمل كل أنواع العقوبات ، وفي رواية لأحمد ( من آذى لي وليا ) بمجرد الإيذاء وفي رواية أخرى له ( فقد استحل محاربتي ) ، وقد لا تكون هذه العقوبة ظاهرة للعيان كما لحق بالأمم الأخرى وقد تكون العقوبة عاجلة كما قد تكون آجلة والله يمهل ولا يهمل ،

أما نتيجة هذه الحرب في القرآن فقد قصها الله تعالى في عدة آيات نأخذ منها قوله تعالى {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} وقال مؤكداً على هزيمة أعداء المؤمنين {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون } ودعا الله إلى الاعتبار بما حصل في معركة بدر يوم الفرقان إذ قال { قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار }.

ولكن السؤال الذي يشوش على هذه العقيدة ويدور في أنفس الضعفاء هو : لماذا لم ينصر الله الإمارة الإسلامية في معركتها حتى الآن وهي التي رفعت شعار تطبيق الشريعة والتمسك بالكتاب والسنة وواجهة العالم بذلك حتى اضطرت إلى ترك جميع المدن التي كانت تسيطر عليها ؟ .

نقول إن لله تعالى في ذلك حكمة وأول الحكم يبينها قول الله تعالى { ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم } فإن الله قادر على أن ينتصر وحده من الكفار ويقتلهم بطرفة عين ويدمر قواهم كلها ، ولكن الله ترك أولئك الكفار يتسلطون على المسلمين وذلك للبلاء ، أي ليمتحن المسلمين ويختبر صدقهم بتسلط الكافرين عليهم ، فإن صبروا وزادوا تمسكاً بدينهم وفروا إلى الله تعالى وشكوا حالهم له ، فإنه سينصرهم بعدما يرى أنهم أهل للنصر ، فيمكن لهم دينه الذي ارتضى لهم بعد أن يحققوا شروط التمكين قال تعالى { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون}وقال { قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين }وقال { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون } وقال { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون } ..

فشروط التمكين لا بد أن تتوافر في المؤمنين قبل ذلك ، وقد ذكر الله لنا طرفاً منها في هذه الآيات فمنها شرط الإيمان والعمل الصالح واتباع نهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الذين مكنوا من قبل ، واعتناق الدين الصحيح ، وعدم الشرك بالله ، والاستعانة بالله وحده ، والصبر على الجهاد وحرب الأعداء ، وتقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن ، والصلاح العام ، وأن يكون سلوك المجاهد أن يقول ربي الله ويعمل بمقتضى هذا ويستقيم على دينه ، فهذه الشروط إذا بذل العبد جهده في تحقيقها فإنه سيصبح مؤهلاً لأن ينصره الله ويستخلفه في الأرض .

ولو تتبعنا حكمة الله تعالى في تأخير النصر أو لحوق الهزيمة ( الحسية ) في أرض المعركة بالمسلمين لاحتجنا معها إلى مصنف مستقل ، إلا أننا سنفرد لها كلاماً مستقلاً لاحقاً بإذن الله ، ونكتفي هنا بالإشارة لها لأن هذا المفهوم لا ينبغي أن يغيب عن ذهن المسلم اليوم الذي يتابع وبكل مشاعره وكيانه مجريات الحرب في أفغانستان بين قوى الكفر العالمية جميعها وبين المجاهدين الأفغان .

ونسأل الله أن يعز المجاهدين وينصرهم ويمكن لهم ، وأن يكسر الكافرين ويمزقهم ويذلهم ويجعلهم غنيمة للمسلمين .

وإلى اللقاء في الحلقة الثانية بإذن الله تعالى من حلقات ثوابت على طريق الجهاد .

وصل اللهم وسلم على محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين ...