KILDON
28-07-2007, 08:19 AM
حضرت أحد النقاشات عن قضية مدرب رفع الأثقال المصري حجاج الشهير الآن باسم " وحش حولي " ! المتهم بالتعدي على عدد من الأطفال في الكويت والذي قبض عليه على باب الطائرة قبل مغادرته الكويت، كان هناك شبه إجماع من جميع الحاضرين على أن الرجل مسكين برئ والقضية ملفقة له للتغطية على فعلة أحد " الأثرياء " من أهل البلد! ، ومن أين لكم هذا اليقين؟! الرجل معروف عنه أخلاقه العالية بشهادة عائلته وأصدقاءه وكذلك الرجل ذهب إلى هناك " ياكل عيش " فليس من المعقول أن يفعل شيئًا كهذا عند مضيفيه!
وبعد أن إنتهى الجميع، وهدأت الأمور، ومنح الرجل صك البراءة وهو في سجنه، وصبت آلاف اللعنات على الظلمة و " المفتريين " الذين يلفقون التهم للـ " غلابة " سألت من كان معي: ألا تحدث جرائم إغتصاب في مصر ؟ ، أجاب الجميع بالإيجاب، تابعت: فما الذي يمنع مصريًا أن يفعل ذلك في الكويت أو في غير الكويت؟ .
في مكان آخر، إفتراضي هذه المرة، وبالتحديد في صفحة أحد المواقع التابعة لإحدى القنوات الإخبارية الشهيرة، قناة العربية بتحديد أكثر! كان خبر القبض على حجاج المنقول عن صحف كويتية يقبع في أعلى الصفحة بينما تتوالى التعليقات من الزوار ( ذوي الغالبية الخليجية ) تحت الخبر مباشرة، مضمون أغلب الردود يمكن إختصاره في كلمة واحدة هي كل ما أدرجه صاحب التعليق الأول " الإعدام " هذا طبعًا عدا الذين يرون أن الإعدام شئ تافه جدًا في حق المتهم فالواجب أن يجلد أو يعذب قبل إعدامه أو حتى أن يعدم بواسطة " الخازوق " أكرمكم الله! أو كما يقترح أحد الألمعيين أن يتم إغتصابه قبل أن يعدم!! وهذا الألمعي قد رد عليه أحد العقلاء وأخبره أن المتهم شاذ أصلاً ويستمتع بأن يتم إغتصابه!!! .
بالإضافة إلى كومة لا بأس بها - قليلة على غير المتوقع! - من التعليقات التي يطالب أصحابها بمنع الوافدين المصريين من دخول الكويت، أو أن يتم السماح فقط لعمال البناء ورعاة الغنم منهم كما يقترح أحدهم! فهم أس البلاء والإنحراف الأخلاقي في العالم العربي، أليسوا على قول أحدهم فراعنة؟! ومن العار السماح لهم بتلويث الأماكن الطاهرة أماكن العفة والطهارة والشرف والنقاء! ( ولست بحاجة إلى أن أقول في كل مرة: كما يقول أحدهم ) .
في مكان ثالث على شاشة إحدى القنوات الفضائية المصرية وفي أحد البرامج التي يقال - والعهدة على من قال - أن مواضيعه مستقاة من صميم إهتمامات رجل الشارع المصري كان يجلس الحاج محمد والد حجاج ذو الوجه الصعيدي بقسماته الحادة وذقنه اللامعة مع زوجته والدة حجاج وشاب آخر لا أذكر من يكون ولعله صديق لحجاج، كانوا يجميعًا يجلسون مع المذيعين وتدور بينهم أحاديث مملة جدًا في نظري عن حجاج وأخلاقه وعلاقاته مع أقاربه وأصدقاءه وظروف رحيل الأب ثم الابن إلى الكويت ثم تفاصيل القبض عليه من قبل الشرطة الكويتية وكيف أنهم لم يسمحوا لهم بالتحدث إليه، وبعد فترة ورد إتصال من أحد المحامين اسمه الأول صقر أو نجم أو شئ له ثلاثة حروف لا أذكر يقول إنه تبرع بالدفاع عن حجاج! وأخذ المذيعان يتحدثان ويتفاوضان معه، طبعًا دون أن يسئلاه عن سبب تطوعه للدفاع عن شاب صعيدي مفلس لا يعرفه ولم يلتق به في حياته! ولم يخل البرنامج بالطبع من لقطات درامية مؤثرة للأم تبكي وتستعطف السلطات الكويتية الإفراج عن ولدها، إلى آخر الهراء المعتاد في مثل هذه الحالات.
ما أريد أن أصل إليه أننا يجب أن نكف عن التعامل مع قضايانا بطرق صبيانية، أن نكف عن التحيز لأقرب شئ يصادفنا لأننا ببساطة وضعنا في هذا المكان بلا إرادة منا وكان من الوارد أن نكون في أي مكان آخر، قضية كهذه ما كان يجب أن تأخذ كل هذا الحجم والإهتمام الشعبي والإعلامي وتتحول إلى قضية رأي عام في بلدي المتهم والضحايا إذا كان هناك ضحايا بالفعل، القضية في النهاية فردية وليست عامة، شخص أتهم بتهمة معينة ما شأننا نحن بذلك؟ ما هي الملابسات التي نعرفها عن القضية حتى نحكم على الشخص بالبراءة أو الإدانة، الجهة الوحيدة التي لها الحق في الإدانة والتبرئة هي المحكمة التي سيمثل أمامها، هي الجهة الوحيدة والوحيدة فقط التي لها هذا الحق وليس أهالي المتهم أو أهالي الضحايا أو أي شخص آخر، بأي حق يعلن والد المتهم بثقة أن ابنه برئ مما نسب إليه، نعم قد يؤمن بهذا بينه وبين نفسه لثقته الشديدة بابنه وتأكده من أنه لا يمكن أن يفعل ما ينسب إليه لكن ليس لهذا أي قيمة عندما يتعلق الأمر بمحكمة وشهود وأدلة، أيضًا بأي حق تحكم الصحيفة التي نشرت الخبر على المتهم بأنه مذنب ولو أنها جائت تلميحًا لا تصريحًا: " واخيرا، سقط وحش حولي في فخ الامن " ، " وصادته يد الشرطة بعدما لاحقته طويلا بحثا عن كشف شخصي " ألا يعرفون أن هناك شئ اسمه محكمة وهي فقط التي تقرر إذا ما كان المتهم إعترف أم لا!، هي فقط التي تقرر إجراء فحص DNA من عدمه، هي فقط التي تقرر تبرئة المتهم أو إدانته، القضية كان من الممكن أن تكون أبسط من ذلك بكثير لو أننا وضعنا كل شئ في موضعه وأعطينا كل شئ حجمه الصحيح.
مشكلتنا أننا مولعون بإطلاق الأحكام على من حولنا، وليس في ذلك غرابة فعملية إطلاق الأحكام عملية " لذيذة " بطبعها، أن نبرئ وأن ندين يشعرنا بتفوق نحتاجه بشدة لتعويض نقصنا في أشياء كثيرة، لذلك يجب علينا مراجعة أنفسنا ومراجعة معلوماتنا مرارًا إذا ما وجدنا أننا بصدد أن نصدر حكمًا على شئ.
دمتم :)
وبعد أن إنتهى الجميع، وهدأت الأمور، ومنح الرجل صك البراءة وهو في سجنه، وصبت آلاف اللعنات على الظلمة و " المفتريين " الذين يلفقون التهم للـ " غلابة " سألت من كان معي: ألا تحدث جرائم إغتصاب في مصر ؟ ، أجاب الجميع بالإيجاب، تابعت: فما الذي يمنع مصريًا أن يفعل ذلك في الكويت أو في غير الكويت؟ .
في مكان آخر، إفتراضي هذه المرة، وبالتحديد في صفحة أحد المواقع التابعة لإحدى القنوات الإخبارية الشهيرة، قناة العربية بتحديد أكثر! كان خبر القبض على حجاج المنقول عن صحف كويتية يقبع في أعلى الصفحة بينما تتوالى التعليقات من الزوار ( ذوي الغالبية الخليجية ) تحت الخبر مباشرة، مضمون أغلب الردود يمكن إختصاره في كلمة واحدة هي كل ما أدرجه صاحب التعليق الأول " الإعدام " هذا طبعًا عدا الذين يرون أن الإعدام شئ تافه جدًا في حق المتهم فالواجب أن يجلد أو يعذب قبل إعدامه أو حتى أن يعدم بواسطة " الخازوق " أكرمكم الله! أو كما يقترح أحد الألمعيين أن يتم إغتصابه قبل أن يعدم!! وهذا الألمعي قد رد عليه أحد العقلاء وأخبره أن المتهم شاذ أصلاً ويستمتع بأن يتم إغتصابه!!! .
بالإضافة إلى كومة لا بأس بها - قليلة على غير المتوقع! - من التعليقات التي يطالب أصحابها بمنع الوافدين المصريين من دخول الكويت، أو أن يتم السماح فقط لعمال البناء ورعاة الغنم منهم كما يقترح أحدهم! فهم أس البلاء والإنحراف الأخلاقي في العالم العربي، أليسوا على قول أحدهم فراعنة؟! ومن العار السماح لهم بتلويث الأماكن الطاهرة أماكن العفة والطهارة والشرف والنقاء! ( ولست بحاجة إلى أن أقول في كل مرة: كما يقول أحدهم ) .
في مكان ثالث على شاشة إحدى القنوات الفضائية المصرية وفي أحد البرامج التي يقال - والعهدة على من قال - أن مواضيعه مستقاة من صميم إهتمامات رجل الشارع المصري كان يجلس الحاج محمد والد حجاج ذو الوجه الصعيدي بقسماته الحادة وذقنه اللامعة مع زوجته والدة حجاج وشاب آخر لا أذكر من يكون ولعله صديق لحجاج، كانوا يجميعًا يجلسون مع المذيعين وتدور بينهم أحاديث مملة جدًا في نظري عن حجاج وأخلاقه وعلاقاته مع أقاربه وأصدقاءه وظروف رحيل الأب ثم الابن إلى الكويت ثم تفاصيل القبض عليه من قبل الشرطة الكويتية وكيف أنهم لم يسمحوا لهم بالتحدث إليه، وبعد فترة ورد إتصال من أحد المحامين اسمه الأول صقر أو نجم أو شئ له ثلاثة حروف لا أذكر يقول إنه تبرع بالدفاع عن حجاج! وأخذ المذيعان يتحدثان ويتفاوضان معه، طبعًا دون أن يسئلاه عن سبب تطوعه للدفاع عن شاب صعيدي مفلس لا يعرفه ولم يلتق به في حياته! ولم يخل البرنامج بالطبع من لقطات درامية مؤثرة للأم تبكي وتستعطف السلطات الكويتية الإفراج عن ولدها، إلى آخر الهراء المعتاد في مثل هذه الحالات.
ما أريد أن أصل إليه أننا يجب أن نكف عن التعامل مع قضايانا بطرق صبيانية، أن نكف عن التحيز لأقرب شئ يصادفنا لأننا ببساطة وضعنا في هذا المكان بلا إرادة منا وكان من الوارد أن نكون في أي مكان آخر، قضية كهذه ما كان يجب أن تأخذ كل هذا الحجم والإهتمام الشعبي والإعلامي وتتحول إلى قضية رأي عام في بلدي المتهم والضحايا إذا كان هناك ضحايا بالفعل، القضية في النهاية فردية وليست عامة، شخص أتهم بتهمة معينة ما شأننا نحن بذلك؟ ما هي الملابسات التي نعرفها عن القضية حتى نحكم على الشخص بالبراءة أو الإدانة، الجهة الوحيدة التي لها الحق في الإدانة والتبرئة هي المحكمة التي سيمثل أمامها، هي الجهة الوحيدة والوحيدة فقط التي لها هذا الحق وليس أهالي المتهم أو أهالي الضحايا أو أي شخص آخر، بأي حق يعلن والد المتهم بثقة أن ابنه برئ مما نسب إليه، نعم قد يؤمن بهذا بينه وبين نفسه لثقته الشديدة بابنه وتأكده من أنه لا يمكن أن يفعل ما ينسب إليه لكن ليس لهذا أي قيمة عندما يتعلق الأمر بمحكمة وشهود وأدلة، أيضًا بأي حق تحكم الصحيفة التي نشرت الخبر على المتهم بأنه مذنب ولو أنها جائت تلميحًا لا تصريحًا: " واخيرا، سقط وحش حولي في فخ الامن " ، " وصادته يد الشرطة بعدما لاحقته طويلا بحثا عن كشف شخصي " ألا يعرفون أن هناك شئ اسمه محكمة وهي فقط التي تقرر إذا ما كان المتهم إعترف أم لا!، هي فقط التي تقرر إجراء فحص DNA من عدمه، هي فقط التي تقرر تبرئة المتهم أو إدانته، القضية كان من الممكن أن تكون أبسط من ذلك بكثير لو أننا وضعنا كل شئ في موضعه وأعطينا كل شئ حجمه الصحيح.
مشكلتنا أننا مولعون بإطلاق الأحكام على من حولنا، وليس في ذلك غرابة فعملية إطلاق الأحكام عملية " لذيذة " بطبعها، أن نبرئ وأن ندين يشعرنا بتفوق نحتاجه بشدة لتعويض نقصنا في أشياء كثيرة، لذلك يجب علينا مراجعة أنفسنا ومراجعة معلوماتنا مرارًا إذا ما وجدنا أننا بصدد أن نصدر حكمًا على شئ.
دمتم :)