المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية القصة الكاملة لأعوان بن لادن



Black_Horse82
13-12-2001, 02:39 AM
قصة علي محمد عضو تنظيم الجهاد وأحد أعوان بن لادن الذي كان يمثل المصدر الأول والأفضل للمعلومات عن تنظيم القاعدة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وأثبت أن أعوان بن لادن كانوا يستطيعون التجول في الولايات المتحدة لسنوات وخداع حتى مكتب التحقيقات الفيدرالي


27 نوفمبر/تشرين الثاني- إم إس إن بي سي، نقلاً عن وال ستريت جورنال- بدت أول إشارة في عام 1989... في أحد الحقول خارج مدينة نيويورك، حيث وقف هناك خمسة رجال عرب يتدربون على التصويب بالبنادق والتقطتهم كاميرا مراقبة سرية تابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي. وعندئذ أشار مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أنهم مجرد أناس متحمسون لا ضرر منهم يتحمسون لمساعدة المجاهدين في قتالهم ضد الحكومة الصورية السوفيتية في أفغانستان.



والذي كان لا يعلمه مكتب التحقيقات الفيدرالي أن هؤلاء العرب الشبان كان لديهم مدرب خاص وهو برتبة سيرجنت في الجيش الأمريكي من فورت براج في ولاية نورث كارولينا يُدعى عليّ محمد الذي كان يدربهم تدريبات شبه عسكرية في إحدى الشقق في ولاية نيوجيرزي المجاورة. وهناك شئ آخر وهو أن موظفي المكتب لم يعلموا بهذا الأمر إلا بعد ذلك بكثير. وتجدر الإشارة إلى أن عليّ محمد كان عضواً لفترة طويلة في الجماعة الإسلامية المتطرفة المحظورة في مصر بسبب اغتيال الرئيس أنور السادات.
وإذا ما استعدنا تطور الأحداث، يتضح الآن أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان قد عثر مصادفة على إحدى المنظمات الإرهابية الخطيرة المميتة على الأراضي الأمريكية، وهي إحدى المنظمات التي ستستوعبها في نهاية المطاف شبكة القاعدة التابعة لأسامة بن لادن. وتم اتهام جميع الأفراد الخمسة الذين كانوا يتدربون على التصويب في وقت لاحق بتهم تآمر تتعلق بالتفجير الذي وقع في مركز التجارة العالمي عام 1993 والآثار التي نجمت عنه. وسوف تظهر الشخصية الغامضة لعليّ محمد مرات ومرات، كشخصية زيليج متعددة الأطوار، مثلما نمت القاعدة لتصبح تهديداً حقيقياً على الأمن القومي الأمريكي.
وتعد قصة علي محمد الطويلة، على غرار تطور التهديد الإرهابي الأكبر إلى الولايات المتحدة، قصة زاخرة بالنجاحات المتقطعة والمعلومات الضائعة والفرص غير المتقنة. وقد استخدم مكتب التحقيقات الفيدرالي عليّ محمد كمصدر للمعلومات من وقت لأخر، والحصول منه على أول معلومات شاملة تصله بشأن منظمة القاعدة طوال الفترة الماضية التي تعود إلى 1993. ومع ذلك لم تكن السلطات الأمريكية واثقة أبداً من القدر الذي يتعين عليها أن تثق به وكانت تقريباً خطوة واحدة وراء بن لادن دائماً. وقضوا وقتاً كبيراً جداً في البحث عن أية دولة راعية للإرهاب في الوقت الذي أصبحت فيه منظمته بدون دولة. وركزوا على التهديدات التي قد تتعرض لها المنشآت الأمريكية فيما وراء البحار. وتعاملوا مع التحقيقات كأمور إجرامية من خلال جميع القيود القانونية المصاحبة بدلاً من اعتبارها قضايا للأمن الوطني. ولم تتضح ضخامة هذه الأخطاء ولم تدرك طبيعتها المأساوية إلا في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر/أيلول.
وقد رفض الناطق باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن إبداء أي تعليق عن عليّ محمد. ويقول بعض المحققين سراً أن أيديهم كانت مقيدة بقواعد وزارة العدل التي أجبرتهم على تقييد المراقبة على قائمة محدودة من الجماعات الإرهابية أو الراديكالية المعروفة. وقد جعلت الحماية، التي يفرضها الدستور على النشاط الديني، مكتب التحقيقات الفيدرالي حريصاً بصورة خاصة على عدم استهداف أية منظمة دينية بدون الحصول على دليل دامغ يشير إلى أنها تقترف أمراً خاطئاً.
ويقول أحد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي السابقين "تذكر أن ذلك حدث قبل أحداث 11 سبتمبر/أيلول بفترة طويلة. ولم نكن نستطع التحري عن جماعات غير مدرجة على قوائمنا وخاصة الجماعات ذات الارتباطات الدينية."
ورفض محامي علي محمد التعليق. وتتوافر كل المعلومات عن علي محمد الرجل العسكري المصري الأسبق من خلال الأوراق القانونية الموجودة بمحكمة مانهاتن حيث أدين العام الماضي بالتآمر على تفجير السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا وبعض المنشآت الأمريكية في شرق أفريقيا.




ويعد علي محمد، الذي يعرف أيضا باسم أبو محمد الأمريكي داخل تنظيم القاعدة، مصري المولد، ومن الواضح أنه مغامر بطبعه. ولد على محمد في الإسكندرية عام 1952 وحذا حذو أبيه حيث التحق بالجيش المصري وترقى حتى رتبة رائد بالقوات الخاصة المصرية. وكرجل متعدد اللغات، كان عادة ما يحرس الدبلوماسيين المصريين خارج البلاد كما شارك في التدريب مع القوات الأمريكية بمصر والولايات المتحدة.
وطبقا لما ورد في ملفات قضية تفجير السفارتين الأمريكيتين، التحق على محمد بصورة سرية بتنظيم الجهاد الإسلامي المتشدد بمصر في الوقت الذي كان يعمل فيه بالجيش المصري. وهي الجماعة التي اغتالت الرئيس محمد أنور السادات عام 1981. وأفاد نبيل شريف ضابط المخابرات المصري سابقا وأستاذ جامعي حاليا بأن علي محمد تم طرده من الخدمة بالجيش عام 1984 وذلك للشك في تحول سلوكه نحو التزمت الديني.
وفي العام الذي تلا طرده من الجيش حصل علي محمد على تأشيرة لزيارة الولايات المتحدة على إحدى الرحلات التابعة لشركة "ترانس أتلانتيك". وهناك قابل سيدة أمريكية وتزوجها وأصبح بعد ذلك مواطنا أمريكيا واستقر في مدينة سيليكون فالي بولاية نيويورك.
وفي عام 1986 استخدم علي محمد صلته القديمة بالجيش الأمريكي للحصول على منصب بداخله، لذلك تم تعينه برتبه سيرجنت في إدارة الإمدادات بالجيش الأمريكي وكمحاضر لإلقاء مجموعة من المحاضرات حول ثقافة الشرق الأوسط بكلية الحرب الخاصة التابعة للجيش بمدينة فورت براج، وهو المكان الذي درس فيه من قبل كضابط مصري. وجاء دوره هناك في الوقت الذي كان فيه الجيش الأمريكي متعطش لمعرفة المزيد عن العالم الإسلامي. ولا يعرف إلا القليل عن الفترة التي قضاها هناك التي استمرت حتى عام 1989. ورفض متحدث باسم الجيش التعليق ولم يتم السماح للأشخاص الذين عرفوه بالكلام.
وأعتبر أصدقاء علي محمد الجدد في كاليفورنيا مساعدته للمخابرات المركزية الأمريكية خلال حربها بالوكالة ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان أمرا مسلما به. وكان الجهاد ضد الاتحاد السوفيتي وقتها قضية عالمية بين أوساط المسلمين. ويقول علي زكي طبيب توليد بمدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا وصديق مقرب لعلي محمد وزوجته "كلنا كنا نعرف أنه يعمل كضابط اتصال بين المخابرات المركزية الأمريكية والقضية الأفغانية وكنا كلنا متعاطفين."
ورفضت المخابرات المركزية الأمريكية من جانبها التعليق على ذلك.
وأفاد علي زكي بأن المسلمين في كاليفورنيا لم يفاجأوا عندما ظهر علي محمد مع زعيم حركة الجهاد الإسلامية أيمن الظواهري خلال جولة لجمع التبرعات في بداية التسعينيات. ويذكر أن الظواهري كان يعمل كجراح بمصر والآن يعد القائد الثاني بتنظيم القاعدة.
وقال زكي أنه لم يتعرف على هوية الظواهري الحقيقية عندما زار كاليفورنيا. ومضى زكي قائلا "لقد قال علي محمد عنه أنه طبيب يعتني بأكثر من مليون شخص بأفغانستان. وطلب مني أن أرافقه أثناء جمعه للتبرعات لصالح الهلال الأحمر الكويتي. هل هذه تعتبر جريمة؟"



وفي عام 1990، ظهرت بعض المؤشرات التي تدل على أن علي محمد له حياة سرية. ففي ذلك العام اغتيل الحاخام مايير كاهان أحد المتشددين الذين كانوا ينادون بكراهية العرب بفندق بمدينة نيويورك. وبعد الحادث قامت الشرطة بإلقاء القبض على السيد نصير، أحد المهاجرين المصريين، ووجهت له تهمة قتل الحاخام مايير كاهان. كما تم إحراز بعض الصناديق التي تحتوي على كتيبات وملاحظات شخصية وكتب وشرائط الفيديو وكاسيت من شقة نصير.
وكانت تلك الصناديق تحتوي على دلالات أولية على الشبكة التي كانت تتشكل وقتها. وكانت هناك بعض الخطب التي كان يلقيها الشيخ عمر عبد الرحمن في مصر يزكي فيها الهجمات على أعداء الإسلام. وكانت هناك تلميحات عن تدمير "أعمدة حضارتهم مثل المباني الطويلة". وقد تم تسجيل محادثة تليفونية بين الشيخ عمر ونصير يتحدثون فيها عن التدريبات الشبه عسكرية للجماعة وعن كتيبات صناعة القنابل.
ومن بين الأشياء التي أحرزتها الشرطة في شقة نصير كتيبات تدريب ووثائق سرية خاصة بالجيش من فورت براج بعضها مترجم إلى العربية. وقد علم مكتب التحقيقات الفيدرالية فيما بعد أن مصدر هذه الوثائق هو علي محمد.
ولكن لم يتم التعامل مع كل الوثائق التي عثر عليها بشقة نصير أو ترجمتها. فقد تقدم ممثلو الإدعاء بدعوتهم ضد نصير استنادا إلى الدليل الشرعي وشهادة 20 شاهد عيان لمقتل كاهان. وتم تجاهل الأبعاد السياسية للقضية.
ولو نظر المسئولون وقتها بصورة أدق لكانوا اكتشفوا سلسلة مذهلة ومبكرة من العلاقات. لقد كان نصير جزءا من جماعة محلية تسير على خطى الشيخ عمر عبد الرحمن وعازمة على شن حملة للجهاد ضد الولايات المتحدة. وكانت تلك الجماعة على صلة بمركز الكفاح للاجئين في بروكلين، وهو مكتب كان قد أنشئ خصيصا من أجل مساعدة المجاهدين ضد الاتحاد السوفيتي الأسبق ولكنه تحول إلى جبهة لتنظيم القاعدة.
كما كان سيكتشف المسئولون أن علي محمد جزء من الجماعة. وعلى العكس كان علي محمد حرا ليبدأ رحلته إلى قلب القاعدة. وفي عام 1991، وصل طلب إلى مكتب الكفاح للاستفسار عن إمكانية سفره إلى السودان لمساعدة بن لادن من أجل تشكيل قاعدة عملياته. وبناءا عليه ذهب إلى هناك. وبعد عام من ذلك التاريخ سافر علي محمد إلى أفغانستان للمساعدة في تدريب عناصر تنظيم القاعدة على أعمال المخابرات والأعمال العسكرية وكيفية صنع المتفجرات.
وبعد وقوع ضربة أكثر ترويعا بدأ المحققون في النبش في الصناديق التي تم إحرازها من شقة نصير. ففي تمام الساعة الثانية عشر وسبع عشرة دقيقة في 26 فبراير 1993 انفجرت شاحنة ملغومة بالمستوى بي-2 بجراج السيارات بمركز التجارة العالمي. وكانت تلك المرة الأولى التي يضرب فيها مركز التجارة العالمي. وتوفي ستة أشخاص بفعل الانفجار.
وتم القبض على حفنة من الأشخاص وأدينوا بصورة نهائية في الحادث. واكتشف المحققون خلال التحريات أن بعض مخططي العملية على علاقة بنصير الأمر الذي جعلهم يعودون لفحص ممتلكاته الشخصية. وعند الفحص وجدوا أن هناك صلة بعلي محمد. وأدركوا أنهم يتعاملون مع شبكة من الإرهابيين يتبعون خطى الشيخ عمر وليسوا مجرد زوج من مفجري السيارات الشاردين.
وفي الوقت الذي بدأ فيه المحققون الفيدراليون اكتشاف ما يحدث كان الإرهابيون يعتزمون توجيه ضربة جديدة. وفي مايو/أيار 1993 بعد ثلاثة شهور من حادث تفجير مركز التجارة العالمي كان الشيخ عمر عبد الرحمن يتحدث مع أحد أتباعه في شقة بمدينة نيوجيرزي حيث سأله رجل: هل من المقبول في الإسلام تفجير قيادة مكتب التحقيقات الفيدرالي بمنهاتن.



"أخفض صوتك"
ورد عليه الشيخ عمر عبد الرحمن محذرا "اخفض صوتك، اخفض صوتك قليلا". فقد كان يخشى أن يكون مكتب التحقيقات الفيدرالي يتجسس على شقته. ومضي قائلا "لقد تدرب قاتل كنيدي لمدة ثلاث سنوات." ولم يتضح في شهادة المحكمة بعد ذلك عن أي اغتيال تحدث عنه الشيخ عمر.
ولم يستمع مدبرو العمليات لكل ذلك بل استمروا في التخطيط لتفجير مكتب التحقيقات الفيدرالي والأمم المتحدة وبعض الأماكن البارزة بمدينة نيويورك. وقد تم إحباط المخطط بعد أسابيع وحكم على المدبرين بسجن طويل. وقد تم إدانة 16 شخصا في حادث تفجير مركز التجارة العالمي وقضايا التآمر الأخرى بمن فيهم الشيخ عمر عبد الرحمن وخمسة عرب تمت مراقبتهم أثناء تدربهم على إطلاق النار عام 1989.
ولكن لم يكن درس الهجوم الأول على مركز التجارة العالمي كافيا. فقد شكلت الفكرة العامة عن شخصية الإرهابيين التي تولدت من قضية التآمر نمطا مضللا عن الإرهابيين لسنين طويلة وهو شباب مهاجرين من أفقر الدول العربية متزمتين ويحتشدون حول رجل دين ثائر في أحد المساجد. جاء ذلك لأنهم كانوا يسعون للبحث عن الدول الراعية للإرهاب من ناحية ولأنهم كانوا يتعاملون مع التحريات على أنها أمر مرتبط بشكل مباشر بمسألة جنائية. وقد تغاضي المحققون عن حقيقة أن هناك شبكة أكثر تعقيدا تتشكل. لقد كان علي محمد مدرب مرتكبي حوادث التفجير على مستوى عالي من التعليم فقد حصل على درجتي بكالوريوس وماجستير من جامعة الإسكندرية. وتم العثور على رمزي يوسف العقل المدبر للتفجير في منزل بباكستان أجرته شبكة القاعدة. وتم اكتشاف وجود علاقة وثيقة بينه وبين رجل أعمال سعودي يدعى محمد جميل خليفة الذي اتضح فيما بعد أنه شقيق زوجة بن لادن.
وفي نفس الوقت تقريبا ظهر علي محمد أمام مكتب التحقيقات الفيدرالي بمعلومات تلقي الضوء على تهديد بن لادن القادم. فقد استجوبت الشرطة الكندية علي محمد في ربيع عام 1993 بعد العثور على هويته بحوزة رجل عربي آخر كان يحاول دخول الولايات المتحدة عن طريق فانكوفر. وقد قال علي محمد عن هذا الرجل أنه أحد الأشخاص الذين ساعدوه في نقل بن لادن إلى السودان. وفي عام 1993 قام مكتب التحقيقات الفيدرالي بحجزه بالقرب من سان فرانسيسكو حيث كان أول من تطوع بالإدلاء بوصف داخلي لتنظيم القاعدة المعروف حاليا.
وورد في ملف قضية تفجير السفارتين الأمريكيتين أن علي محمد أفاد خلال حديث مع مكتب التحقيقات الفيدرالي بأن أسامة بن لادن يدير جماعة أطلق عليها اسم القاعدة، ويقوم ببناء جيش يمكن أن يستخدم للإطاحة بالحكومة السعودية. كما ذكر أنه قام بتدريب عناصر إرهابية في معسكرات بن لادن العسكرية بالسودان وأفغانستان.
وعلى الرغم من أن ذلك الاستجواب جاء بعد حادث تفجير مركز التجارة العالمي وبعد العثور على كتيبات التدريب التي تخص علي محمد بين متعلقات نصير إلا أن مكتب التحقيقات الفيدرالي أطلق سراحه دون القيام بالمزيد من التحريات. وأفاد المحققون من جانبهم بأنهم كانوا في حيرة مما أدلى به علي محمد عن تنظيم القاعدة. وذكر أحد المحققين أن ذلك حدث لأن علي محمد أخفق عند إدلاءه بأقواله على جهاز كشف الكذب الذي تديره الحكومة الأمريكية. ولم يتم التوصل إلى تفاصيل هذا الاختبار. وأشار المحقق إلى أن علي محمد أدلي بمعلومات اكتشف بعد ذلك أنها غير صحيحة وغير حقيقية.
ومضي المحقق قائلا "لقد كنا دائما نأخذ كلامه على محمل الجدية. لقد أعطانا 25% مما يحدث بالخارج."
وسافر علي محمد بعد ذلك إلى أفريقيا في واحدة من مهام بن لادن المميتة. وطبقا لاعترافاته في وثائق المحكمة، طلب بن لادن في عام 1993 من علي محمد السفر إلى أفريقيا لمراقبة الأهداف الأمريكية والبريطانية والفرنسية والإسرائيلية في نيروبي.
وقال علي محمد في اعترافاته "لقد قمت بالتقاط صور ورسم رسومات تخطيطية وكتابة تقارير". وأخذ علي محمد كل ذلك إلى السودان حيث كان يستقر بن لادن. ومضى قائلا "نظر زعيم الإرهابيين إلى صورة السفارة الأمريكية وأشار إلى المكان الذي يمكن أن تستقر به شاحنة ملغومة."


تحول خطير


وبدأ التخطيط في ذلك الوقت لتفجير السفارات الأمريكية في أفريقيا وهو الأمر الذي سيشهد تحول نشاط القاعدة إلى عمليات أكثر تعقيدا. ومع حلول عام 1993 أنشأت القاعدة خلية عمليات بدولة كينيا. ومثلما تحرك المختطفون داخل وخارج الولايات المتحدة قبل هجوم 11 سبتمبر/أيلول لمدة عامين، تحرك مفجرو السفارات في صورة موجات من وإلى كينيا. وكان بعضهم يراقب السفارة الأمريكية هناك بينما قام البعض الآخر باتخاذ القرارات التمهيدية لوضع الهدف. كما قام بعضهم بتوفير الإمدادات اللازمة لتنفيذ الهجوم. وكانت هذه الخلية هي نفسها التي نفذت عملية تفجير السفارة الأمريكية في تنزانيا.
وحتى بعد وضع مثل هذه المخططات لم يستطع مكتب التحقيقات الفيدرالي من خلال استجوابه لعلي محمد تكوين صورة كاملة. وعندما أراد ممثلو الإدعاء الحديث مع علي محمد عثر رجال المباحث من خلال وسطاء عليه في أحد البيوت الآمنة بنيروبي. وذكر للسلطات أنه حصل على وظيفة في مجال الغطس. وفشلوا في إثبات تورطه في مراقبة أهداف القاعدة.
وفي أحد لقاءات الاستجواب في أكتوبر/تشرين أول من عام 1997، أدلى علي محمد بتفاصيل حول كيفية تدريبه لرجال الحرس الخاص لبن لادن وكيف هاجم عناصر القاعدة القوات الأمريكية العاملة في الصومال في أوائل التسعينيات مما أدى إلى سقوط ضحايا بين صفوف القوات الأمريكية.
وقال علي محمد "لقد دربت أشخاصا في مناطق الحرب التي يمكن أن تكون في أي مكان." كما قال عند استجوابه بمعرفة مكتب التحقيقات الفيدرالي "لا يحتاج أي شخص فتوى من زعيم إسلامي متدين لعداء الولايات المتحدة فمن الواضح أن الولايات المتحدة هي العدو."
ومع كل هذا لم تؤثر رياح مخطط تفجير السفارات الأمريكية في أفريقيا على المحققين الأمريكيين بالرغم من دور علي محمد فيه. وفي هجمتين متزامنتين في 7 أغسطس/آب من عام 1998 قام الإرهابيون بتفجير سيارتين ملغومتين أمام كل من سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا.



وبعد تلك الهجمات، أي بعد ثمانية أعوام من العثور على وثائق الجيش الأمريكي الخاصة بعلي محمد في شقة نصير وبعد خمسة أعوام من اعترافه بتورطه في تنظيم القاعدة، تحركت الولايات المتحدة لاعتقاله.
وللمرة الأولى يقوم العملاء الفيدراليون بتفتيش منزل علي محمد في سكرامنتو بولاية كاليفورنيا. وتم التفتيش بموجب إذن تفتيش أصدره قاض خاص طبقا لقانون التجسس على مخابرات الأجانب الذي أصدر بعد حادث تفجير السفارتين.
وفي مكالمة تليفونية مع مكتب التحقيقات الفيدرالي في اليوم الذي تلا حادث تفجير السفارتين، أفاد علي محمد أنه يعرف مرتكبي الهجوم لكنه لن يفصح عن هويتهم لمكتب التحقيقات الفيدرالي. ومن بين المستندات التي أحرزها مكتب التحقيقات الفيدرالي في منزله كتيبات لتدريب الإرهابيين تشرح فنيات المراقبة والاغتيال وطرق بناء الجماعات الإرهابية في صورة خلايا.
كما تم العثور أيضا على تعليمات حول الأماكن التي يجب زراعة القنابل بها لتفجير مبنى وكيفية تشفير رسالة لضمان السرية. وبعد أسبوع أصدر ممثلو الإدعاء استدعاءا لعلي محمد للشهادة أمام لجنة محلفين عليا في نيويورك للتحقيق بشأن تنظيم القاعدة. وبعدها تم حجزه.
وفي عام 2001 ركزت الولايات المتحدة على بن لادن وجمعت تلالا من المعلومات عنه وعن أعوانه. ولكن بعض المسئولين كانوا يتصرفون دون التأثر باستراتيجية بن لادن في الوقت الذي أصبحت فيه عملياته أكثر تعقيدا. ولأن معظم هجمات بن لادن كانت خارج الأراضي الأمريكية، تنبأت العديد من جهات تطبيق القانون في الولايات المتحدة بأن هدف الهجوم القادم سيكون خارج الأراضي الأمريكية ويمكن الوصول إليه بشكل أسهل من الأهداف التي تقع داخل نطاق الحدود الأمريكية.
ومن الواضح أن المقصود من برنامج تزييف المعلومات الذي تتبعه القاعدة في الوقت الحالي هو إبعاد الولايات المتحدة عن معرفة أية معلومات عن الهجوم التالي. ففي العامين الماضيين أفاد المسئولون أنه قد وردت معلومات غير حقيقية تفيد بوقوع هجوم إرهابي، ومعظمها تفيد بأن تلك الهجمات ستكون خارج الأراضي الأمريكية. ويعتقد بعض المسئولون الأمريكيون أنها لم تكن مصادفة.
ولم تستوعب الولايات المتحدة درس علي محمد. ولم تفهم أنه من المحتمل أن يتجول أعوان بن لادن في الولايات المتحدة لسنوات عديدة وخداع حتى مكتب التحقيقات الفيدرالي عندما تقع مواجهة بينهم وبين عملاء المكتب.
وأخيرا في أواخر شهر أغسطس/آب تم نشر مذكرة سرية داخل المخابرات المركزية الأمريكية خارج وشنطن. وكان التحذير الذي ورد بالمذكرة بسيطا وهو أنه من الواضح أن بن لادن يعد لشن هجوم إرهابي ليس خارج الولايات المتحدة بل داخلها. ولكن التحذير لم يكن يحوي تفاصيل كافية لوقف الإرهاب الذي تنبأ به.
وفي ذات الوقت كان علي محمد أول من أدلى بمعلومات حول تنظيم القاعدة يجلس في زنزانة بأحد السجون الفيدرالية في انتظار النطق بالحكم عليه. لذلك لم يعد هناك مصدر قوى للمعلومات عما في جعبة بن لادن.