المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المملكة المغربية المنسية و ( الخبز الحافى)



المصور المرهف
28-09-2007, 05:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ،، أما بعد ..

أ]ها الأخوة والأخوات الكرام ، كنت قد سافرت إلى بعون الله وتوفيقة إلى الممكلة المغربية الشقيقة ورجعت من هذه الرحلة ومعى بعض الصور من قرية أوريكة الجميلة ووجدت أيضاً صورة لأحد أصهارى من مراكش ويدعى (عبد الغنى) وكانت صورة أراها جيدة ، ونشرت جميع تلك الصور فى منتدى التصوير الفوتوغرافى ، والحمد لله لاقت بعض الإستحسان ولاقت أيضاً بعض الملاحظات الفنية التى همست بها الأخت المشرفة فى أذنى حتى أضعها فى الحسبان فى المرات القادمة ، وعندما نشرت صورة صهرى ( عبد الغنى ) وهو شاب فى 23 من العمر وكانت صورة لشخص يجلس فى الظلام نوعاً ما وعلى درج سلم ويفكر تفكير عميق ، أخذت أشرح وأصف الحالة النفسية والفكرية التى كان عليها هذا الشاب ..

فتطرقت لموضوع ركوب قوارب الموت والهجرة الغير شرعية بالمغرب خاصة وبشمال أفريقياً عموماً ، ومن هنا أخذ الموضوع منحى آخر غير المنحى الفوتوغرفى وأصبح موضوع إجتماعى على ما يبدو وبناءاً علية فقد قام أحد المشرفين بالتنبية على بأن لا أحيد عن قوانين المنتدى الفوتوغرافى حيث إنه يختص بفن الفوتوغرافيا فقط وهو فى الحقيقة معه حق ، لهذا أنا أكتب اليوم ما أردت أن أكتبه عن هذا الموضوع ، لأن هنا هو المكان المناسب لكتابة أى موضوع نقاشى كما علمت ...

الموضوع بإختصار ، هو أن هذا الشاب الذى يدعى عبد الغنى وهو أحد أصهارى كما قلت كاتن جالساً على درج البيت يفكر بعمق وتم تصوير وهو فى تلك الحالة وكانت الصورة بالأبيض والأسود ، طيب فى أى شيىء كان يفكر الأخ عبد الغنى ، كان يفكر كما عرفت منه شخصياً فى ركوب قوارب الموت ،،، لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم

طيب إذا وصلنا إلى هذه القضية فلا يجب أن نهملها ، فحال عبد الغنى كما هو حال الكثيرين من أبناء بلادة يفكرون فى ركوب قوارب الموت ليل نهار وفقط ينتظرون الوقت المناسب لهذه الرحلة الخطيرة ، حتى إنهم كما قلت من قبل ، عندما تعاونت المملكة المغربية بدعم من الإتحاد الأوربى لمنع تسلسل المهاجرين الغير شرعيين ، فشواطىء المغرب تبلغ 3600كيلو متر ومن الصعب السيطرة عليها كاملة ، لكن بمساعدة الإتحاد الأوربى فى النواحى اللوجيستية والتقنية تمت تقريباً السيطرة على كامل شواطىء المغرب ، ولجأ بعدها المهاجرون الغير شرعيين إلى التفكير فى شواطى الجارة العربية التى لا يربطها مع الإتحاد الأوربى أى بروتوكولات لمنع تسلل المهاجرين ، واقصد موريتانيا ، وكما روى لى عبدالغنى فهو كان يفكر فى الذهاب لمدينة العيون فى الجنوب ومنها يأخذ وسيلة أخرى للمواصلات حتى يصل بطريقة أو بأخرى إلى شواطىء موريتانيا ،

وقد قمت بإلقاء بعض الضوء على الظروف الصعبة التى يعيشها هؤلاء الشباب التى تجبرهم على الإقدام على هذه الرحلة الخطيرة ،
أنا ذهبت للمغرب بنفسى وتصاهرت مع الأمازيغ المراكشيين ، ودرات نقاشات طويلة حول هذه الأمور ، وإتضح أن الحالة الإقتصادية الصعبة التى يمر بها المغرب لا يمكن أن يصدقها أحد إلا بعد أن يرى بعينة ، وهذه الحالة الإقتصادية هى التى ألهمت الأديب المغربى محمد شكرى وآثرت فيه فأخرج لنا روايتة الرائعة ( الخبز الحافى ) فهذا الأديب العظيم ، شبة الإنسان المغربى الفقير المعدم بإنه تحول من كثرة ما يتناولة من خبز صافى بدون أى شيىء يوضع علية ، شبهه بإنه تحول من كثرة تناول الخبز الحاف ، إلى رغيف من الخبز حافى القدمين ، ( لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم )

وحتى فى الغناء الشعبى المغربى خرجت بعض الأغانى التى سمعتها وطبعاً إحتجت إلى من يترجم لى بعض الجمل ، ومنها إننى سمعت أن المطرب الذى يفترض إنه يغنى لمحبوبتة ويتغزل فيها ، فنجدة فى نهاية الغزل يقول ما معناه

(أن هذا الغزل وهذا الغناء لن يجعلك زوجتى ، فأنا معدم ، أنا ميت بدون شهادة وفاة ، لذا فإننى سأركب قوارب الموت أيتها المحبوبة حتى إن توفانى الله فحينئذ ستم إستخراج شهادة وفاة لى ، وإذا عبرت البحر فحتماً سأعود بالمال الذى سيؤهلنى فى أن أتزوجك وأعيش فى سعادة وهناء ) هذا ما قيل فى أغنية شعبية وتخيل أن تتحول فكرة ركوب قوارب الموت إلى ثقافة عامة حتى إنها يتغنى بها فى الأغانى الشعبية ,,,, هل مما سبق نستنبط أن المغرب تعيش فى نعيم ورخاء وأن دخل افرد فيها يعادل ال50000دولار فى السنه ، ؟؟ طبعاً لا نستنبط العكس ، نستنبط أن المملكة المغربية وأنا هنا أصفها ( بالمنسية ) حالها حال أفقر بلاد العالم ولسنا هنا لسرد الأسباب أو أن نناقشها ، فقط أنا هنا كى أبرز ما لمسته من معاناة حقيقية يعيشها هذا الشعب العربى العظيم ،

وقد تفضل الزميل المشرف بأن قام بالرد على وأضاف بأن الإنسان كونة لا يعمل فهذه ليست مصيبة ، ويجب أن لا يقنط من رحمة الله ..
اولاً ،،
ونعم بالله ، فقد قال المولى عز وجل ، (ولا تقنطوا من رحمة الله) صحيح والمغرب بها شعب مؤمن بالله ، والإيمان بالله سيدى الفاضل موجود فى قلب كل مسلم ولكن أمام الجوع فيجب أن يتحرك الإنسان ،،

ثانياً ،، وحيث إننى أفتخر بإننى من الذين خاضوا تجربة الجوع لضيق الحال وليس ( من باب الرجييم ) فأقول ، لا يستطيع أحد أن يتكلم عن الجوع إلا من عانى منه ، فإذا كان الشخص مثلاً يتبع نظام غذائى وفى ذلك هو ممتنع عن الأكل والشرب فهذا شىء هو يفعلة بإرادتة وواضع فى قرراة نفسة إنه سيأكل إذا ما أراد ذلك ، لكن كون الشخص يشعر بالجوع ولا يجد خبزة يأكلها ولا يعرف حتى متى ستأتى الساعه التى سيجد فيها هذه الخبزة ، فهنا أقول كما يقول المثل الشعبى المصرى القديم ( ماذا تفعل لو كنت مكانى )
فخلاصة القول فى تلك النقطة إننى أرد وأقول أن الإيمان بالله عز وجل والرضا بقضاء الله وقدرة هو شيىء مترسخ فى قلب كل مسلم لإنه يعد من أركان الإسلام ولا جدال فى ذلك ،

ولكن عندما تأتى وتقول لى إن عدم وجود عمل لا يعد مصيبة ، فهنا أسمح لى أن أختلف معك وأقول هذا من وجهة نظرك يا سيدى لإنك لم تجرب الجوع من منظور الشخص المعدم وليس من منظور متبع الرجييم . فلا يستطيع أن يتحدث عن الجوع وآلامة إلا من أصابة الجوع الحقيقى ،

فسيد الخلق علية أفضل الصلاة والسلام كان يربط الحجر على بطنه من شدة الجوع ، لذا تجدة أفضل إنسان يطعم المحتاجين لإنه جرب الجوع ،

وهنا الكلام فى المحيط الواسع يختلف عن الكلام فى الحيط الضيق ، والذى يتحدث من على كرسى وخلفة مكيف الهواء يختلف حديثة وخلفايته الأيديولجية والثقافية عن الإنسان الذى يبيت اليوم ولم يدخل جوفه إلا الماء ...

ومن هذا المنطلق أيها الأخوة الأحباب تحدثت عن (صهرى من بعيد ) (عبد الغنى ) وأنا أتحدث عن حالة إقتصادية وبطالة تعم جميع ربوع المملكة المغربية العظيمة (المنسية) حتى إننى وأقسم بمن رفع السماء بلا عمد سمعت أن هناك من تبيع شرفها مقابل المال ، فقط حتى تطعم إخواتها الصغار على حد ما يقال ،والواقع هو أن من يتجول فى شوارع مراكش والحى القديم بالدار البيضا سيعرف كم يعانى هذا الشعب ..

إذاً فجميع السبل تجعل الشاب المغربى يفكر فى ركوب قوارب الموت بدون بديل ،
وإذا جئنا لحالة عبد الغنى هذا ، فسنجد إنه خرج إلى الدينا وإذا بأبوة بالسجن على ذمة قضية تعاطى المخدرات ، ووجد أمه المسكينة تعمل عدة أعمال فى الليل والنهار حتى تطعمه هو وأختى التى تصغرة بثلاث سنوات ، وطبعاً أمام هذه الحالة المتعسرة لم يكمل تعلمية بعد الحصول على الإعدادية ، حتى يعمل ويساعد أمة المسكينة وحتى العمل الذى وجدة هو عمل موسمى ،وأيضاً أختى لم تنهى تعليمها الثانوى حتى تنزل للعمل أيضاً فى مصنع صغير للملابس ، كل هذا من أجل أن يأكلوا لقمة العيش فى بلد فية الخبز هو السيد وليس الأرز والخبز يقتضى أن تشترى القمح وتعجن وتخبز حتى تأكل أو أن تشترى خبز جاهر وهو غالى جداً ، بلد فية كل شيىء غالى ،بدايتاً من البنزين الذى يبلغ 10 دراهم للتر وحتى الخبز والمياة الغازية التى يصل سعر القنينة الصغيرة فيها إلى 8 دراهم ، غلاء فاحش وبطالة متوحشة ،
طبعاً هناك فنون عظيمة ومطربين عظماء تحدثوا عن هذا الحال كثيراً وأخص بالذكر هنا فرقة ( ناس الغيوان ) وهى الفرقة التى كانت رهن الإعتقال والحبس فى عصر مولاى الحسن الثانى رحمة الله ، والأن هم فى أماتن تام بل أن الملك محمد الخامس نصرة الله أمر بأن يتم عمل معاش تقاعدى لهؤلاء الناس نظراً لحسهم الوطنى الذى يبرز فى كل أغانيهم ، ومن أهم وآخر هذه الأغانى أغنية ( النحلة شامة ) وهنا المطرب يتحدث لنحلة تأخذ الرحيق من الزهور والنحلة تخبرة بإنها لا تجد رحيق فى الزهور بسبب الحالة التى عليها البلاد ...

إذا أردت أن تتعرف على شعب فإستمع لموسيقاه ، فقد جئت ببعض الأمثلة من الأغانى الشعبية المغربية للتدليل على أن المجتمع المغربى يعانى ويعانى ،

طبعاً أنا هنا لا يفوتنى أن أتطرق أن بلادى بها حال يشبة هذا الحال ولكن فى الحقيقة ليس بهذه القسوة الرهيبة ، فقد سمعنا عن مهاجرين غير شرعيين إتخذوا من شواطى ليبيا طريق للهجرة لأوروبا وإتضح إنهم مصريين ولكن هذه حالة كل 10 أو 20 سنه ولكن فى المغرب الوضع المآسوى الذى يعيشة المواطن المغربى يجعلك تصدق الأعداد التى تركب قوارب الموت تلك هى أعداد من تجرأ على إتخاذ القرار ولكن من يفكر فى هذا الموضوع هم كثر ومنهم عبد الغنى الذى كان يفكر فى ركوبها أثناء تصويرة فى هذه الصورة العجيبة ...

نحن أيها الأخوة أمام أمة تتآلم ولكن (المغاربة يتآلمون بدون صوت ) فهذه طبيعتهم ، وطبيعة الأمم العظيمة ولكن الجوع يجعل الإنسان يبيع أى شيىء وكل شيىء ، فلا تسألنى عن الأزياء بالشارع المغربى فهذا يدل على تدهور إقتصادى وليس على رقى ، وهذا أمر من الأمور التى لها وقتها فى النقاش ..

قوارب الموت ،،،،،، والخبز الحافى ،،،،،، وجهان لعملة واحدة

وشكراً وأنا لست فى إنتظار أى تعليق ، فقط كنت أريد أن أخرج ما بداخلى من آلام