رفعت خالد
17-10-2007, 11:30 PM
http://www.4img.com/up/07/10/17/27659711aa80913c6ffb5c7afb910f8fed6a4e02.bmp
http://www5.0zz0.com/2007/10/24/21/80832634.gif
الحلقة 1
http://www.4img.com/up/07/10/17/adf507367ea37d21285ab126e353d40dab74fd32.bmp
جحيم الفوز !..
بسم الله الرحمن الرحيم
'' كمااال... كمااااال... سدد.. سدد.... وووييــــــي !! ''
صاحت الفتيات بلوعة و ارتفعت الأكف و تناثرت القصاصات الملونة بالقاعة المغطاة.. حيث مباراة نصف النهاية من بطولة الثانويات لكرة السلة.
( كمال متوكل ) ذلك الشاب فارع الطول الذي تتابعه العيون بذهول و هو يخترق المدافعين ببراعة ليرتقي كالفهد و يتعلق بالسلة و قد تحرك العداد الإلكتروني الضخم مسجلا فارقا مروعا بين الفريقين !..
- كم هو وسيم و رشيق !..
قالتها (كوثر) للفتاة بجانبها و هي شاردة تضم يديها إلى صدرها بإعجاب شديد.. نظرت لها صديقتها نظرة طويلة، غير مريحة.. ربما هي الغيرة !..
و هاهو ذا يركض و أصدقائه خلفه و قد أعلن الحكم عن نهاية المباراة بحصة أمريكية لصالح كمال و رفاقه... إنهم يتكومون فوقه و لا يكاد يظهر إلا وجهه و هو يبتسم ابتسامة واسعة.. ابتسامة الفوز.
* * *
كان يجفف وجهه و عنقه بمنشفة حمراء و قد انتفش شعره و برزت عليه قطرات العرق، ثم توقف عن المسح لما لمحها تتقدم نحوه باستحياء و هي تعبث بأصابعها و تلتفت من حين لآخر إلى صديقتها التي تبتسم بخبث..
- آآآ... مرحبا !
- مرحبا..
قالها و مرر المنشفة على شعره..
- آآآ.. هنيئا لكم التأهل للنهاية.. كان أدائكم رائعا.. خصوصا...
- شكرا... وليييد يا وغد إنه عصيري !..
التفت يصيح في صديقه الذي يعبّ من قنينة عصير..
- خصوصا.. أنتَ !..
انتبه كمال للفتاة المسكينة التي تبدّلت ملامحها و احتشدت العبرات بعينيها و هي تلفظ كلماتها الأخيرة.. ثم ركضت مبتعدة، مدارية خيبتها..
لم يفهم كمال شيئا من هذا كله.. و ظل ذاهلا يرمقها و هي تبتعد حتى لمح، فجأة، جسما لامعا يسقط من شعرها و هي تجري.. فتقدم و انحنى يحمله.. إنه دبوس شعر !..
رفعه بيده و هتف عدة مرات.. لكنها كانت قد انصهرت وسط الزحام.
تأمل الدبوس للحظات ثم دارى إبرته في تجويفه و دسّه بجيبه.
* * *
تمتم وليد بغموض و هو يستحم إلى جانب كمال:
- أنا أحسدك حقا !..
- في عصير الليمون ؟..
- لا يا أحمق !.. في تعدد مواهبك..
ثم مرر الكيس على وجهه فتقلصت ملامحه و تحركت شفتاه بين فقاعات الصابون مستطردا:
- أنت بطل ثانويتنا لكرة السلة و في نفس الوقت تلميذ متفوق ثم شاعر محترف !..
- و ما الذنب الفظيع الذي ارتكبته في هذا ؟..
- أنك لم تترك موهبة لمسكين مثلي..
أغلق كمال الصنبور و مسح على شعره المبعثر قبل أن يقول:
- لا توقظ الموهبة نائما و تعانقه..
ثم همّ بالذهاب إلا أنه توقف ملتفتا إليه و قال:
- بالمناسبة.. لن تصدق أن زعيم الفريق المهزوم قد هدّدني !..
- هدّدك ؟..
- نعم.. عندما صفّر الحكم صافرة النهاية رأيته يتقدم نحوي بسرعة و قد تعمد الارتطام بي.. ثم إنه توقف للحظة و قال أنه كان من الأفضل لي أن أستجيب لرسالتهم !..
- رسالة ؟!.. أي رسالة ؟..
لفّ كمال منشفة طويلة على خصره و هو يقول بملل:
- إنه أمر تافه لا يستحق الذكر.. كنت قد وجدت صباحا لما دخلت مستودع الملابس ورقة بين حاجياتي.. قطعة ورق عليها خط بشع يقول أن من مصلحتي عدم التظاهر بالاحتراف و أن كل هدف أسجله سأدفع ثمنه أغلى مما أتصور... تراهات.. أ وَ يحسبون أنني رعديد أبلل سروالي بهذه البساطة !..
* * *
- كـفّي يا حمقاء ستقتلين نفسك..
قالتها و هي تهز صديقتها (كوثر) التي تبكي دون توقف..
- انظري لحالك أيتها البائسة.. إنه حتى لم ينظر إليك.. يا له من متعجرف، وقح..
ثم زفرت بعصبية لما لم تستجب لها..
- حسنا.. ستبقين على هذا الحال للأبد ؟.. إذن، سلام... لن أعيش بقية حياتي و أنا أحاول إقناع فتاة غبية !..
و توجهت بخطى عصبية مغادرة مرحاض الإناث بالثانوية.. ثم توقفت لما سمعت صوتا باكيا من ورائها:
- لكنني.. ضـ..عيفة و لم.. أتحمل الصدمة...
و دفنت (كوثر) وجهها من جديد و هي تغمغم:
- و غـ..بية كذلك... هأهأهأ.. آآآآآآآآآآ..
* * *
أغلق كتاب الرياضيات الذي كان منهمكا فيه طيلة ساعتين و تنهد بعمق و هو ينظر إلى ساعة الحائط التي تشير إلى الثامنة و عشر دقائق..
حمل المفاتيح و غادر المنزل..
هدوء منعش بالخارج.. و القمر يسبغ الوجود بذلك اللون الشاحب ثم النسيم الرقيق، اللذيذ إياه.. إن أمكن وصفه بذلك !..
توقف بعد بضع خطوات و رفع رأسه إلى السماء.. تنشق ذرات الهواء الباردة طويلا ثم ترنم ببيت شعري ما و ابتسم بصفاء حتى تخلل النسيم أسنانه البيضاء.. ثم دس يديه بجيبيه و خطى خطوات واسعة..
تذكر فجأة تلك الفتاة التي تصرفت بغرابة هذا الصباح.. تذكر طريقة كلامها المرتبكة ثم عينيها المبتلتين بالدموع و هي تهرول مبتعدة !...
ربما تجاهلها !..
نعم.. هذا هو التفسير المناسب، لقد كان مليئا بالحماس و الفرحة لدرجة أنسته رد المجاملات.. إنه خطأ قاسي يوجب الاعتذار.. نعم، سيفعل !..
- كيف يكون بطل شهير وحيدا... غريب هذا !..
جاء هذا الصوت مفاجئا، و من مكان غير متوقع وسط كل هذا الصمت !..
- أنت لا تعلم يا عزيزي أنه شاعر..
- شاعر... وااو..
برز ثلاثة أشباح من زقاق جانبي.. فتوقف كمال و توترت ملامح وجهه التي كانت هادئة، مسترخية..
- لا تخش شيئا أيها البطل الوسيم.. اعتبرنا أصدقاء أو معجبين..
المشكل أنهم يرتدون معاطف ذات أغطية رأس !.. فلا يستطيع التعرف على أحدهم !..
يقتربون الآن منه بتؤدة و يتراجع هو بحذر و عيناه تلتهمان المكان حوله !..
غمغم أحدهم:
- فلنكن عمليين و لندخل كبد الموضوع..
ثم قال آخر بصوت بارد كالثلج:
- كانت حياتك واعدة و مستقبلك منير.. لو أنك فقط كنت متساهلا.. و لكن للأسف، هناك أخطاء لا يمكن إصلاحها... للأسف !..
قال هذا و أخرج يده من داخل معطفه و هي تحمل شيئا أسودا ضخما.. ربما هي عصا أو قضيب حديد !...
قام الآخران بذات الشيء !..
صدقت شكوك كمال لسوء حظه.. و دارت عيناه بهلع تصفان المكان للمرة الألف و لكنه وجد نفسه بالنهاية محاصرا من كل جهة.. فصرخ بغضب و اندفع يكيل لهم اللكمات و الركلات.. و لكن الهراوات تهاوت عليه فأنّ من الألم و واصل المقاومة حتى آخر نفس... ليخرّ ساقطا بينهم !..
* * *
- حسنا.. عندما يأتي أخبريه أن وليد اتصل.. اتفقنا ؟.. باي !
وضع وليد السماعة و خرج من مخدع الهاتف فلحق به صديقه (خالد) الذي كان ينتظره..
- إنها أخته الصغيرة.. تقول أنه خرج منذ الثامنة مساءا و لم يعد !..
- غريب !.. الحادية عشرة الآن.. لم أعهد به التخلف عن المواعيد !..
- نعم، هذا ما يزعجني بالضبط... قد اتفقنا على الثامنة و النصف.. فأين ذهب يا ترى ؟..
- اللهم استر !
* * *
http://www5.0zz0.com/2007/10/24/21/80832634.gif
الحلقة 1
http://www.4img.com/up/07/10/17/adf507367ea37d21285ab126e353d40dab74fd32.bmp
جحيم الفوز !..
بسم الله الرحمن الرحيم
'' كمااال... كمااااال... سدد.. سدد.... وووييــــــي !! ''
صاحت الفتيات بلوعة و ارتفعت الأكف و تناثرت القصاصات الملونة بالقاعة المغطاة.. حيث مباراة نصف النهاية من بطولة الثانويات لكرة السلة.
( كمال متوكل ) ذلك الشاب فارع الطول الذي تتابعه العيون بذهول و هو يخترق المدافعين ببراعة ليرتقي كالفهد و يتعلق بالسلة و قد تحرك العداد الإلكتروني الضخم مسجلا فارقا مروعا بين الفريقين !..
- كم هو وسيم و رشيق !..
قالتها (كوثر) للفتاة بجانبها و هي شاردة تضم يديها إلى صدرها بإعجاب شديد.. نظرت لها صديقتها نظرة طويلة، غير مريحة.. ربما هي الغيرة !..
و هاهو ذا يركض و أصدقائه خلفه و قد أعلن الحكم عن نهاية المباراة بحصة أمريكية لصالح كمال و رفاقه... إنهم يتكومون فوقه و لا يكاد يظهر إلا وجهه و هو يبتسم ابتسامة واسعة.. ابتسامة الفوز.
* * *
كان يجفف وجهه و عنقه بمنشفة حمراء و قد انتفش شعره و برزت عليه قطرات العرق، ثم توقف عن المسح لما لمحها تتقدم نحوه باستحياء و هي تعبث بأصابعها و تلتفت من حين لآخر إلى صديقتها التي تبتسم بخبث..
- آآآ... مرحبا !
- مرحبا..
قالها و مرر المنشفة على شعره..
- آآآ.. هنيئا لكم التأهل للنهاية.. كان أدائكم رائعا.. خصوصا...
- شكرا... وليييد يا وغد إنه عصيري !..
التفت يصيح في صديقه الذي يعبّ من قنينة عصير..
- خصوصا.. أنتَ !..
انتبه كمال للفتاة المسكينة التي تبدّلت ملامحها و احتشدت العبرات بعينيها و هي تلفظ كلماتها الأخيرة.. ثم ركضت مبتعدة، مدارية خيبتها..
لم يفهم كمال شيئا من هذا كله.. و ظل ذاهلا يرمقها و هي تبتعد حتى لمح، فجأة، جسما لامعا يسقط من شعرها و هي تجري.. فتقدم و انحنى يحمله.. إنه دبوس شعر !..
رفعه بيده و هتف عدة مرات.. لكنها كانت قد انصهرت وسط الزحام.
تأمل الدبوس للحظات ثم دارى إبرته في تجويفه و دسّه بجيبه.
* * *
تمتم وليد بغموض و هو يستحم إلى جانب كمال:
- أنا أحسدك حقا !..
- في عصير الليمون ؟..
- لا يا أحمق !.. في تعدد مواهبك..
ثم مرر الكيس على وجهه فتقلصت ملامحه و تحركت شفتاه بين فقاعات الصابون مستطردا:
- أنت بطل ثانويتنا لكرة السلة و في نفس الوقت تلميذ متفوق ثم شاعر محترف !..
- و ما الذنب الفظيع الذي ارتكبته في هذا ؟..
- أنك لم تترك موهبة لمسكين مثلي..
أغلق كمال الصنبور و مسح على شعره المبعثر قبل أن يقول:
- لا توقظ الموهبة نائما و تعانقه..
ثم همّ بالذهاب إلا أنه توقف ملتفتا إليه و قال:
- بالمناسبة.. لن تصدق أن زعيم الفريق المهزوم قد هدّدني !..
- هدّدك ؟..
- نعم.. عندما صفّر الحكم صافرة النهاية رأيته يتقدم نحوي بسرعة و قد تعمد الارتطام بي.. ثم إنه توقف للحظة و قال أنه كان من الأفضل لي أن أستجيب لرسالتهم !..
- رسالة ؟!.. أي رسالة ؟..
لفّ كمال منشفة طويلة على خصره و هو يقول بملل:
- إنه أمر تافه لا يستحق الذكر.. كنت قد وجدت صباحا لما دخلت مستودع الملابس ورقة بين حاجياتي.. قطعة ورق عليها خط بشع يقول أن من مصلحتي عدم التظاهر بالاحتراف و أن كل هدف أسجله سأدفع ثمنه أغلى مما أتصور... تراهات.. أ وَ يحسبون أنني رعديد أبلل سروالي بهذه البساطة !..
* * *
- كـفّي يا حمقاء ستقتلين نفسك..
قالتها و هي تهز صديقتها (كوثر) التي تبكي دون توقف..
- انظري لحالك أيتها البائسة.. إنه حتى لم ينظر إليك.. يا له من متعجرف، وقح..
ثم زفرت بعصبية لما لم تستجب لها..
- حسنا.. ستبقين على هذا الحال للأبد ؟.. إذن، سلام... لن أعيش بقية حياتي و أنا أحاول إقناع فتاة غبية !..
و توجهت بخطى عصبية مغادرة مرحاض الإناث بالثانوية.. ثم توقفت لما سمعت صوتا باكيا من ورائها:
- لكنني.. ضـ..عيفة و لم.. أتحمل الصدمة...
و دفنت (كوثر) وجهها من جديد و هي تغمغم:
- و غـ..بية كذلك... هأهأهأ.. آآآآآآآآآآ..
* * *
أغلق كتاب الرياضيات الذي كان منهمكا فيه طيلة ساعتين و تنهد بعمق و هو ينظر إلى ساعة الحائط التي تشير إلى الثامنة و عشر دقائق..
حمل المفاتيح و غادر المنزل..
هدوء منعش بالخارج.. و القمر يسبغ الوجود بذلك اللون الشاحب ثم النسيم الرقيق، اللذيذ إياه.. إن أمكن وصفه بذلك !..
توقف بعد بضع خطوات و رفع رأسه إلى السماء.. تنشق ذرات الهواء الباردة طويلا ثم ترنم ببيت شعري ما و ابتسم بصفاء حتى تخلل النسيم أسنانه البيضاء.. ثم دس يديه بجيبيه و خطى خطوات واسعة..
تذكر فجأة تلك الفتاة التي تصرفت بغرابة هذا الصباح.. تذكر طريقة كلامها المرتبكة ثم عينيها المبتلتين بالدموع و هي تهرول مبتعدة !...
ربما تجاهلها !..
نعم.. هذا هو التفسير المناسب، لقد كان مليئا بالحماس و الفرحة لدرجة أنسته رد المجاملات.. إنه خطأ قاسي يوجب الاعتذار.. نعم، سيفعل !..
- كيف يكون بطل شهير وحيدا... غريب هذا !..
جاء هذا الصوت مفاجئا، و من مكان غير متوقع وسط كل هذا الصمت !..
- أنت لا تعلم يا عزيزي أنه شاعر..
- شاعر... وااو..
برز ثلاثة أشباح من زقاق جانبي.. فتوقف كمال و توترت ملامح وجهه التي كانت هادئة، مسترخية..
- لا تخش شيئا أيها البطل الوسيم.. اعتبرنا أصدقاء أو معجبين..
المشكل أنهم يرتدون معاطف ذات أغطية رأس !.. فلا يستطيع التعرف على أحدهم !..
يقتربون الآن منه بتؤدة و يتراجع هو بحذر و عيناه تلتهمان المكان حوله !..
غمغم أحدهم:
- فلنكن عمليين و لندخل كبد الموضوع..
ثم قال آخر بصوت بارد كالثلج:
- كانت حياتك واعدة و مستقبلك منير.. لو أنك فقط كنت متساهلا.. و لكن للأسف، هناك أخطاء لا يمكن إصلاحها... للأسف !..
قال هذا و أخرج يده من داخل معطفه و هي تحمل شيئا أسودا ضخما.. ربما هي عصا أو قضيب حديد !...
قام الآخران بذات الشيء !..
صدقت شكوك كمال لسوء حظه.. و دارت عيناه بهلع تصفان المكان للمرة الألف و لكنه وجد نفسه بالنهاية محاصرا من كل جهة.. فصرخ بغضب و اندفع يكيل لهم اللكمات و الركلات.. و لكن الهراوات تهاوت عليه فأنّ من الألم و واصل المقاومة حتى آخر نفس... ليخرّ ساقطا بينهم !..
* * *
- حسنا.. عندما يأتي أخبريه أن وليد اتصل.. اتفقنا ؟.. باي !
وضع وليد السماعة و خرج من مخدع الهاتف فلحق به صديقه (خالد) الذي كان ينتظره..
- إنها أخته الصغيرة.. تقول أنه خرج منذ الثامنة مساءا و لم يعد !..
- غريب !.. الحادية عشرة الآن.. لم أعهد به التخلف عن المواعيد !..
- نعم، هذا ما يزعجني بالضبط... قد اتفقنا على الثامنة و النصف.. فأين ذهب يا ترى ؟..
- اللهم استر !
* * *