أحمد يوسف عقيلة
27-12-2007, 11:42 AM
· قصة قصيرة.
1
... شيء لا يُطاق أن تحمل فوق كتفيك رأساً فارغاً.. فمنذ ثلاثة أيام ونحن نعيش برؤوسٍ فارغة.. الْمُفارقة أننا أحسسنا بثقلها أكثر من قبل.
2
... في الصباح الباكر.. قبل أن ينقشع الضباب.. كانت قريتنا مُسَيَّجة بالعساكر ذوي البذلات الزرقاء الْمُموَّهة.. الْمُبقَّعة بالأسود.. التبقيع دائماً يوحي بالشراسة.
3
... وضعوا جهازاً غامضاً في مركز الشرطة.. أشبه بالحاسوب.. له شاشة كبيرة.. موصولة بصندوق صغير.. اقتادونا طابوراً واحداً.. حشروا رأس كلّ واحد منا في ذلك الصندوق.. كُلَّما وضعوا رأساً نظروا إلى الشاشة باهتمام.
في آخر النهار صرخ أحد الضُّبَاط من الداخل:
ـ كم راس مازال..؟
4
... آخر رأس كان لشيخ القبيلة.. توقَّف الضابط الكبير عن الرواح والْمجيء.. وقال:
ـ أنزع العمامة.
شعر الشيخ بشيءٍ من الامتنان لأنهم جعلوا رأسه الأشيب آخر الرؤوس.. وفي حُجرة منفردة.. أخذ يفكّ طيّات العمامة.. ثُم نزع الشَّنّة الْحَمْراء.. ثُمّ الطاقية البيضاء.
قال الضابط وهو يزجّ رأس الشيخ في الصندوق:
ـ دعنا نرى ما الذي تُخبّئه تحت كلّ هذه اللُّفافات.
لا شيء أيضاً في الشاشة.. صامتة.. بيضاء.. استرق الشيخ ابتسامة مُدَّعياً أنه يَمسح وجهه براحتيه.
قال الضابط:
ـ راسك فارغ.. يا خسارة العمامة.. كلّكم روسكم فاضية.. لا أمنيات.. لا رغبات.. لا أحلام.. ولا حتى أوهام..؟!
ـ الله غالب..! ماذا نفعل بأحلامٍ لا تتحقَّق.. الْحلم الذي لا يتحقق مُجرَّد حَسْرة.
ـ لو كشفْنا عن رأس حمار لَما كان خاوياً إلى هذا الْحَدّ..! على كلّ حال كويّس.. التقرير إيْجابِي.
5
... في زمن الاختراقات الأمنية.. لَم يعلموا أننا قبل مجيئهم بثلاثة أيام كنّا نَحمل فوق أكتافنا رؤوساً فارغة.
6
... في المساء.. بعد رحيل العساكر.. بدأنا نتسلَّل إلى بئر القرية الْمُغلَق بإحكام.. ونستعيد أحلامنا الْحَبيسة.
***
(2007)
1
... شيء لا يُطاق أن تحمل فوق كتفيك رأساً فارغاً.. فمنذ ثلاثة أيام ونحن نعيش برؤوسٍ فارغة.. الْمُفارقة أننا أحسسنا بثقلها أكثر من قبل.
2
... في الصباح الباكر.. قبل أن ينقشع الضباب.. كانت قريتنا مُسَيَّجة بالعساكر ذوي البذلات الزرقاء الْمُموَّهة.. الْمُبقَّعة بالأسود.. التبقيع دائماً يوحي بالشراسة.
3
... وضعوا جهازاً غامضاً في مركز الشرطة.. أشبه بالحاسوب.. له شاشة كبيرة.. موصولة بصندوق صغير.. اقتادونا طابوراً واحداً.. حشروا رأس كلّ واحد منا في ذلك الصندوق.. كُلَّما وضعوا رأساً نظروا إلى الشاشة باهتمام.
في آخر النهار صرخ أحد الضُّبَاط من الداخل:
ـ كم راس مازال..؟
4
... آخر رأس كان لشيخ القبيلة.. توقَّف الضابط الكبير عن الرواح والْمجيء.. وقال:
ـ أنزع العمامة.
شعر الشيخ بشيءٍ من الامتنان لأنهم جعلوا رأسه الأشيب آخر الرؤوس.. وفي حُجرة منفردة.. أخذ يفكّ طيّات العمامة.. ثُم نزع الشَّنّة الْحَمْراء.. ثُمّ الطاقية البيضاء.
قال الضابط وهو يزجّ رأس الشيخ في الصندوق:
ـ دعنا نرى ما الذي تُخبّئه تحت كلّ هذه اللُّفافات.
لا شيء أيضاً في الشاشة.. صامتة.. بيضاء.. استرق الشيخ ابتسامة مُدَّعياً أنه يَمسح وجهه براحتيه.
قال الضابط:
ـ راسك فارغ.. يا خسارة العمامة.. كلّكم روسكم فاضية.. لا أمنيات.. لا رغبات.. لا أحلام.. ولا حتى أوهام..؟!
ـ الله غالب..! ماذا نفعل بأحلامٍ لا تتحقَّق.. الْحلم الذي لا يتحقق مُجرَّد حَسْرة.
ـ لو كشفْنا عن رأس حمار لَما كان خاوياً إلى هذا الْحَدّ..! على كلّ حال كويّس.. التقرير إيْجابِي.
5
... في زمن الاختراقات الأمنية.. لَم يعلموا أننا قبل مجيئهم بثلاثة أيام كنّا نَحمل فوق أكتافنا رؤوساً فارغة.
6
... في المساء.. بعد رحيل العساكر.. بدأنا نتسلَّل إلى بئر القرية الْمُغلَق بإحكام.. ونستعيد أحلامنا الْحَبيسة.
***
(2007)