المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فالشّـوقُ في القربِ يَـشتدُّ



موحدون
28-12-2007, 12:54 AM
بسمِ الله الرحمن الرحيم
و به نَـستعين . . . و ندعوا اللهَ أن يُـعين

الحمدُ لله ثُـمّ الحمدُ لله . .
و الصلاةُ و السلام على رسول الله . .

اشتاقَ أحدُ الصالحين لأحبابه ، فقيل له :
إلى أي حدٍ تُـحب أخاك في الله !!
فقال :
إلى حد أنه إذا فقد عينيه أعطيته إحدى عيني و اعتذرت له عن الأخرى كي أراه بها .

* *

ما هو الشوق !!
هُـو حبلٌ من الحنين إلْـتَـفّ حول القلب ، فكلما نبض القلبُ نبضةً كُـلما اشتدّ حبلُ الحنين على القلب و ضاق عليه . .
فإذا إلتقى المشتاق بمن يرومُ رؤيتَـه . . إنفك حصارُ حبلِ الحنين عن القلب و حُـل . .

قالوا

" الشوق ؟ ، ما الشوق إلا صاعقةٌ تُـنشئها كهرباءُ الحب في سحاب الدم يمور و يضطرب و يصدم بعضه بعضاً من الغليان . .
فيرجف فيه حين الرعد القلبي و يتردد صوتُـه آه آه آه "
( مُـصطفى صادق الرافعي )

لظى الأشواقِ يلفحني * * و يسعر من براكيني
و صبري لم يعد يقوى * * على إخماد ما فيني
( الأستاذ . عبدالملك عودة )

الشوقُ باختصارٍ هو كما قال الرافعي :
" آلامُ المحب بِـسبب تمرد حواسّـه "

* *

فالشوق قد يكونُ لخلٍّ أمسى قلبك فيه . .
- سواء أكان رجلاً أم أنثى ، صغيراً أو كبيراً -
أو لأرضٍ ترعرعتَ فيها . .
أو لجمادٍ لا حراك فيه ، ألا ترى أنّـك تشتاق لبيتِـكم القديم عند رؤيةِ أطلاله ، !! ثُـمّ تتوالد ذكرياتك و تُـشاهدها بشجنٍ تارة و فرحٍ تارةً أخرى . .
و الله ما لمحتْ عيني مَـنازلكم * * إلا توقَّـد جمرُ الشوقِ في خَـلَـدي
و لا تذكرتُ مَـغناكم و أرضكمُ * * إلا كأنّ فُـؤادي طارَ من جَـسدي

و ليس الشوق فقط لمن كان بعيداً عنك ، بل هو أيضاً في مَـحبوبك القريب مِـنك . .

فهذا الرجل الذي أحبّ أخاً له في الله ، ألا ترى أنّـه يشتاق له و هو في ديارٍ بعيدةٍ أيّـما اشتياق ، فإذا حلّ قريباً من داره بل و أمسى جاره جداره على جداره و ميعادهما الفجر . .
تُـرى أيزيدُ شوقه لقربه منه !!
نَـعم يزيد ، بل كأنّ النار تَـمثلت شيئاً فصارت قلبه ، فصارَ قلبه يتحرّقُ شوقاً له . .

دنوتُـم فزاد الشوق عمّـا عهدتُـه * * و زدتُ لقرب الدار كرباً على كربي
و كنتُ أظنُّ الشوقَ في البعد و حده * * و لم أدرِ أنّ الشوق في البعد و القربي
( الإمام ابن حزم )

* *

فالشّـوقُ في القربِ يَـشتدُّ
* الأسير من " غوانتنامو " عندما يعودُ لدياره سجينا ، يكاد قلبُـه يَـذوبُ شوقاً لحريتِـه ، و حريتُـه لا تبعد إلا " سنتيمترات " خلف نافذة سجنه . .

قد كنتُ أصبر و الديار بعيدةٌ * * فاليوم قربتْ و صبري فاني
ما ذاك من عكس القياس و إنما * * لتضاعف الحسراتِ بالحرماني
( صفي الدين الحلي )

* *

فالشّـوقُ في القربِ يَـشتدُّ

من أجمل ما سمعتُ في الحنين و الشوق قصيدة " حـنّـت يداي " لـ أبي حفصٍ العتيبي " نسألُ اللهَ تعالى أن يتقبله في عداد الشهداء "
هاجر من بلاد الحرمين إلى بلادِ الرافدين للجهاد فيها . .
فكلفه أميرُه بتعليم الشباب و مرت فترة لم يستعمل فيها السلاح ، فاشتاق - رحمه الله - لسلاحه و المشاركة في قتال الجيوش الصليبيّـة . .
فأرسل لأميره هذه القصيدة :

http://ia360608.us.archive.org/0/items/shooq/1180198818.mp3


حنّـت يداي إلى مساسِ يداها * * و شكى الفؤادُ إليّ من فرقاها
روسيُة الشفتين لا ترضى سوى * * تقبيل كل منافقٍ يـلـقـاها
ذهبية الأسنان حين تـبـسمــت * * سقط الرجالُ لخوفهم إياها
إنْ أغمزِ الأرداف تُـبدي تغنجا ً * * لحيائها لله در حـيــاها
يارب عجل بالـوصال فإنـنـي * * متألمٌ والنفسُ قــد أعـياهـا
طول القعودِ عن اللقاء فهل لنا * * من موعدٍ معها لكي نلقاها
يا يأيها الحجي لا تشقق على * * قلبي فإني مــغرمٌ بـهـواهـا
فاسمح لنا كي نــقــابـل حـبـنا * * والله إني لا أريد سواها

ختاما :

يقول المتنبي :
القلبُ أعلمُ يا عذولُ بدائه * * و أحقُ مِـنك بجفنه و بمائِـه
لا تعذل المشتاق في أشواقِـه * * حتى يكونَ حشاكَ في أحشائِـه