المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جرائم العرض والشرف واحكامها في الفقة الاسلامي



Danger_Scorpion
20-02-2008, 02:38 PM
ان ما تعارف عليه الناس من تسمية لهذا الموضوع تحت عنوان ( جريمة القتل على خلفية شرف العائلة ) لا يندرج ضمن تسميات الجرائم الماسة بآداب الاسرة او الجرائم المخلة بالاخلاق والآداب العامة .

الشائع في مجتمعاتنا ان جريمة الشرف هي جريمة ( القتل على خلفية شرف العائلة ) التي تتم من أحد اقرباء المرأة ، سواء كان أخا او أبا أو زوجا ، إذا شك في سلوكها أو سمع اقوالا تسيء لها وتتهمها بارتكاب الفاحشة ، والتي تندرج ضمنها جرائم الزنى والاغتصاب ، والاغواء وهتك العرض والسفاح ، او إذا ظهر عليها اعراض مثل الحمل ، و غياب البكارة ، والاجهاض او الحض على الفجور ، او قتل المرأة لوليدها اتقاء للعار ، وغيرها من التسميات.

والاصل في الامور اننا عند تعاملنا مع اي امر من امور حياتنا ، ننظر هل هذا الامر يتفق مع ما جاء في القرآن وفي صحيح السنة ؟، وهل هو يتفق ويحقق ما نفهمه من مقاصد شريعتنا ، وروح اسلامنا السمحة ؟ .

وإني إبراء للذمة ونصحا للامة وبيانا لحالنا أبين لعموم المسلمين ان قتل المسلم للمسلم من اكبر الكبائر لأدلة كثيرة منها قول الله تعالى { ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً } ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : « اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق ..» الحديث اخرجه البخاري ومسلم ، ويقول صلى الله عليه وسلم : « لو ان اهل السماء واهل الارض اشتركوا في دم مؤمن لاكبهم الله في النار » ، ويقول صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالكعبة » ، ما أطيبك وما أطيب ريحك ما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله اعظم حرمة منك ماله ودمه وأن تظن به الا خيراً » .

وقد أجمع المسلمون اجماعا قطعياً على عصمة دم المسلم وتحريم قتله بغير حق وهذا مما يعلم من دين الاسلام بالضرورة .

جريمة ( القتل على خلفية شرف العائلة ) ، كما قلنا تتم بناءً على شك أحد ذوي القربى في إحدى قريباته ، والثابت من القرآن ومن صحيح السنة ان جريمة الزنى لا تثبت الا في حالتين اثنتين :

اولاهما : أن يعترف الزاني او الزانية بالفعل ، وعلى الامام بعد ذلك ان يتأكد من صحة اقراره .

والثانية : ان يشهد اربعة شهود عدول رجال مسلمين احرار بالغين عاقلين في موقف واحد على انهم رأوا فعل الزنى كاملا ، كالميل في المكحلة ، فإذا شهد ثلاثة أقيم عليهم حد القذف ، وإذا شهد اربعة ثم تراجع احدهم عن شهادته ، اقيم ايضا على الثلاثة حد القذف ، وذلك مصداقا لقوله تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً واولئك هم الفاسقون } .

وجمهور العلماء يقولون على ان الحمل لا يعتبر بينةً على الزنى ، لان الحمل يمكن ان يحدث نتيجة الإكراه ، او في حالة تخدير المرأة وبذلك لا يطبق الحد على المرأة الحامل بغير زواج اذا لم تعترف .

ومن هذا يتبين لنا ان جريمة ( القتل على خلفية شرف العائلة ) ، التي تتم معتمدة على شكوك الاهل ، والتي كثيراً ما يثبت بعد حدوث جريمة القتل انها شكوك لم تكن صحيحة ، حيث اثبت الطب الشرعي في كثير من الاحوال بعد التشريح ان الفتاة ما زالت عذراء ، وهذه تعتبر جريمة ازهاق نفس بغير حق ، وهذه الجريمة تتنافى مع فهمنا لمقاصد الشريعة الاسلامية التي تحرص كل الحرص على النفس البشرية ، وترفض ازهاقها بغير وجه حق .

والامر يختلف بالنسبة للزوج ، فالزوج اذا رأى من امرأته ما يريبه ، فبينهما حد الملاعنة ، وحد الملاعنة ان يشهد الزوج اربع شهادات بالله انه من الصادقين ، والخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ، ويدرأ الحد عن المرأة ان تشهد اربع شهادات بالله انه من الكاذبين ، والخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين .

الثابت ان سعد بن عبادة عندما انزلت آيات القذف في سورة النور ، فقال : « لو رأيت رجلاً مع امرأتي لم أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء ، فوالله لو فعلت لقضى حاجته منها » ، فسكت الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يجبه ، وقال الصحابة : لا تعجب يا رسول الله من غيرة سعد ، فوالله انه لم يتزوج امرأةَ غيره ، ولم يجرؤ أحدنا على الزواج ممن كانت امرأةً له ، وبعد فترة جاء هلال بن أمية الى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله وجدت رجلاً مع امرأتي فجئت لك حاكماً بيننا ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : « البينة ( اربع شهداء) او حد في ظهرك ( يقصد حد القذف ) » .

قال هلال بن امية الله سبحانه وتعالى يعلم أنني صادق ، ولن يعذبني فيها ، وسكت الرسول صلى الله عليه وسلم ونزلت آيات حد الملاعنة ، وتمت الملاعنة بين هلال بن امية وزجته ، وفرّق الرسول صلى الله عليه وسلم بينهما ، ثم قال : انظروا الى الولد ، فإن جاءت مواصفاته كذا ، وكذا ، فهو لهلال، وإن جاءت مواصفاته كذا وكذا ، فهو للذي رميت به ، فجاءت المواصفات تتشابه مع مواصفات من رميت به ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : لولا الايمان لكان لي معها شأن آخر ، ونهى عن معايرتها بابنها ، وهدد من يفعل ذلك بإقامة حد القذف عليه ، فهذا هو الثابت من القرآن ومن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم .

كما روي ان احد الصحابة رمى زوجته بالزنى من الصحابي الجليل شريك بن سمحاء ، فطلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم ان يأتي باربعة شهود ، فقال يا رسول الله : أرى الرجل في بيتي وفي فراشي وأتركه ثم أذهب من اجل ان احضر له اربع شهود ، فقال له الرسول : إنك تغار واني أغار ، وان الله اغير مني ومنك .وهذا حفاظا على اعراض المسلمين ومنعا لجريمة الزنى.


المصدر:
مجلة اشراقة الاسلامية