المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مناهضة الغلاء



إسلامية
19-04-2008, 10:54 AM
http://www.almoslim.net/files/images/casa_ghalaa6.jpg







هناك عدة مستويات تتناول مسألة الغلاء الطارئ على العالم وعلى منطقتنا العربية بشكل أخص، تتعدد فيها الرؤى باختلاف مشارب المتناولين للقضية تبعاً للمناخ المؤثر عليهم.
ففئة من الناس ترى مسألة الغلاء هي أزمة دونها كل الأزمات، بما فيها فلسطين والعراق والصومال وغيرهم، ودونها مناهج التعليم الآخذة في التغريب في البلدان العربية، والإعلام الهابط أو المدجن أو المطبع مع الكيانات الغاصبة في فلسطين والعراق وسواهما، ودونها مشكلة تراجع التدين ونشوء أجيال شائهة في تربيتها وتتسم بانفصام الشخصية ما بين إسلامها وأصالتها، وتغربها وجنوحها، ولذا فتلك الفئة قد تعتبر أن في بعض الإضرابات والتظاهرات خلاصاً من أزمات مستحكمة نسجت خيوطها على مدى قرنين ونيف من الزمان، وأن الحرية بعد الخبز أحياناً.. إلى آخر هذه الأطروحات.
في مقابلها، تتسم فئة أخرى بالرغبة في جلد الذات والانكفاء على النفس؛ فلا ترى في الغلاء إلا علامة على قسوة القلوب وشارة للمعاصي وعنواناً لمبارزة الخالق العظيم بكل ما هو قبيح من الأفعال والسلوكيات والأخلاق المشينة والمتردية، وخلاف ذلك تكاد تعفي المسؤولين في بلدان العالم الإسلامي عموماً والعربي خصوصاً من ثقلة التبعة وحمل المسؤولية التي أضاعوها حين عثرت دواب كثيرة بشط العراق ولم يسوِ لها الحكام الطريق، وفوق ذلك بكثير.
وفئة ثالثة، تعفي الناس من مسؤولية الغلاء وتطوق به رقبة الحكام والمسؤولين وتنسى أنها جزء من الهم، وأنها لم تفعل ما يقلل من غلواء وطغيان هذا الغلاء إما بالتزام "اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم"، أو بتدابير منزلية وفي محيط الأهل والأقارب ما يجعلها أكثر قدرة على تحمل الأزمات وابتعاداً عن منزلقات الترف، ومهلكات التنعم الزائد، وإلف الأنماط السلوكية والمعيشية الباذخة.
وفئة رابعة، تعفي النفس والحكام وتحيل المسؤولية في ربقة رجال الأعمال والتجار الجشعين؛ فالأولين استثمروا فيما لا يفيد، والآخرون استغلوا الأزمة وجازوا بأنفسهم الطريق إلى الثراء على معبر الفقراء ونهشوا لحومهم الهزيلة واقتاتوا من الأزمات، وحصدوا الأموال من جيوب المساكين والضعفاء.
والحق ـ في نظرنا ـ خليط من كل هذا وغيره؛ فالتصدي لهذا الغول القادم بقوة هو مسؤولية مشتركة لكل فريق من الناس في بلادنا الشاسعة الزاخرة بكل الثروات الأرضية والمالية، وضياع كل ذلك من بين أيدينا مرده قدر من الجهل والغفلة وسوء الطوية وسمِ ما شئت من الصفات المشينة المناسبة.. ومن غير المناسب أن نقرأ المشهد من زاوية واحدة، ثم نرتب على قراءتنا حلولاً مجتزأة تجلد الذات أو تخلع ربقة المسؤولية الفردية والشعبية تماماً.
إن الرؤية المجتزأة لا تنتج إلا حلولاً مشابهة هزيلة لا يمكنها أو تخرج من عنق هذه الزجاجة، وصحيح أن الحكام العرب، والجهات الاقتصادية العامة بوسعها أن توجد حلولاً أكثر نجاعة، لكنها إن قصرت أو عجزت أو لاذت بالصمت المريب أحياناً، بوسع العلماء والدعاة والتجار والمصلحون ورجال الأعمال المخلصون أن يقدموا أنموذجاً ناجعاً لحل الأزمات، وبمقدور حتى الفقراء أن يقدموا عملاً فاعلاً ولو حتى بالدعاء الذي يدفع البلاء ويرده عن المسلمين.. أو بعمل فاعل كذاك الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم للمحتطب، الذي هو في الحقيقة رجل اجتهد وعرق وأكل من كد يديه، ولم يتسمر يوماً أمام جهاز الكمبيوتر ليقرأ تطورات البورصة وصعود وهبوط الأسهم!!


http://www.almoslim.net/node/92136 (http://www.almoslim.net/node/92136)