المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقرير..ضباط العراق.. بين شرف العوز وعار الترف!



إسلامية
26-04-2008, 02:51 PM
ضباط العراق.. بين شرف العوز وعار الترف!


بغداد/ الإسلام اليوم



يعاني ضباط الجيش العراقي السابق من البطالة وقلة فرص العمل بعد قرار رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي بحصر عمل ضباط الجيش العراقي السابق بقوات الجيش أو الشرطة حصرًا ومنعهم من مزاولة عمل آخر له ارتباط بالدولة العراقية كالوظائف المدنية في الوزارات العراقية المختلفة الأمر الذي اضطرهم إلى اللجوء للشارع بحثًا عن الأعمال الحرة التي يمكن لهم أن يكسبوا منها ما يحفظ ماء وجههم وسؤال الناس.
ويتوزع على أرصفة الشوارع وفي الساحات العامة العشرات من ضباط الجيش العراقي السابق في مشهد أصبح مألوفًا ومؤلمًا في الوقت نفسه للعراقيين المارّين بجوارهم.
ويحترف كثير من الضباط مِهنًا تمكنوا من إجادتها وكسب رزقهم عن طريقها وهي أعمال البناء وحمل الطين أو ركوب سيارات أجرة والعمل كسائق تكسي.
ويقول خميس أحمد عقيد ركن في الجيش العراقي السابق: إنه يخرج صباح كل يوم إلى "المسطر" أملاً بالحصول على عمل بناء أو هدم أو نقل أثاث ومواد أخرى من أجل الحصول على قوت يومه ويفضل عدم اللجوء مرة أخرى إلى سلك الجيش والشرطة، ويعتبر عمله هذا مشرفًا أكثر من عمل الجيش والشرطة الحاليين ويصفهما بأحذية المحتل.
فيما يرى علي عبد الناصر مقدم سابق في الجيش العراقي: إنه يعمل في مجال البناء ولا يجيد غيره لكنه يفضله على العودة إلى الجيش الحالي أو الشرطة لكونه عملاً غير مشرف، على حد وصفه.
ويبدي المواطنون تعاطفًا مع ضباط الجيش السابق حيث يفضل أغلبهم جلبهم للعمل في منازلهم بأجور يومية على غيرهم كونهم بحاجة إلى العمل أكثر من غيرهم.
ويقول الحاج سعيد الجميلي مقاول في مدينة بغداد: إنه يفضل استقدام ضباط الجيش العراقي السابق في العمل بالبناء والنقل والإشراف كونهم أمناء على عملهم ولا يسرقون من المواد أو يسرقون من وقتهم المخصص في البناء فهم أوفياء في عملهم، كما إننا نرغب باحتوائهم وهم أصحاب فضل على العراقيين جميعًا فبفضلهم انتصر العراق على إيران وهزمها في الثمانينات من القرن الماضي.
وعلى رصيف ساحة الأندلس وسط الفلوجة يجتمع زهاء عشرة ضباط سابقين في الجيش العراقي يتداولون حديث الماضي ويَرْوُون بطولاتهم ومآسيهم قتلاً لانتظار من يركن سيارته بجوارهم ويطلبهم للعمل في بيته أو في مزرعته.
ويقول الرائد الطيار أسود خليفة الذي حجز له مكانًا على الرصيف منذ فترة ويعمل بالأجر اليومي: أصبحت بين خيارين لا ثالث لهما إما العودة إلى جيش يحكمه المحتل وإيران ناسفًا تاريخي العسكري السابق عرض الحائط أو العمل كحمّال أو عامل بناء لأتمكن من تسديد أجور أطفالي المدرسية ومنزلي فاخترت العمل في حمل البضائع والمواد والعمل بالبناء على الأولى كونها أكثر شرفًا وأشهى لقمة من الأولى.

ويتقاضى العامل منهم أجورًا يومية تتراوح بين عشرين ألف دينار عراقي (15) دولار أمريكي إلى عشرة آلاف دينار (7) دولار أمريكي يوميًا لا تكاد تكفي إلا لشراء الخضار والبنزين.
ويرى جواد الرومي أحد الضباط الجالسين على مقعد الانتظار في ساحة العمل: أحيانًا ينافسنًا الشبان العاطلون عن العمل عندما يأتي أحدهم طالبًا عمّال للتحميل أو البناء ونحن في العادة نستحي أن نتدافع أو نتنافس معهم كما يفعلون هم مع بعضهم؛ لكوننا نرى الأمر معيبًا وغير ملائم لنا ولتاريخنا لكننا بكل الأحوال نعمل والحمد لله.
وبفضل ضباط الجيش العراقي السابق وانخراطهم في المهن والأعمال اليومية تغيّرت نظرة المجتمع إلى الكثير من المهن التي كانوا يرونها عيبًا في السابق أو تقلل من حجم وشان صاحبها حيث يشغل تلك المهن الآن ضباط محترمون في الجيش العراقي مثل مهنة سائق التاكسي أو الحمّال أو عامل البناء أو القصّاب أو حتى الصواف الذي يستنكف الناس في المجتمع العراقي تزويجه أو إقامة علاقة الصداقة معه، فكل تلك المهن وغيرها تغيّر أصحابها وباتت تعرف بمهن الضباط الأشراف الذين رفضوا الانخراط في مشروع المحتل.
وعلى غير عادة كل المهن التي يحتدم الجدال بين أصحابها حول هذا طبيعة العمل وأسسه عادة ما ترتفع أصوات الضباط الجالسين على الرصيف متجادلين غير متحاورين حول الماضي وأسباب هزيمة الجيش العراقي الأخيرة واحتلال العراق وخيانة بعض الضباط الكبار وسوء التخطيط.
ويقول العقيد وحيد الجنابي: غالبًا ما نجد أنفسنا وقد حوّلنا تراب الساحة التي نقف بها لكسب رزقنا إلى ساحة حرب فتراني أحمل قطعة من الخشب وارسم بها على التراب وذاك يحمل قطعة معدنية ويصف مكان وحدته العسكرية خلال الاشتباكات في البصرة أو بغداد والآخر يلقي باللوم على الآخر، وهكذا لا تنتهي جلستنا وحديثنا إلا بعد وصول السيارة وطلب العمال.



http://islamtoday.net/albasheer/show_articles_content.cfm?id=72&catid=76&artid=12406 (http://islamtoday.net/albasheer/show_articles_content.cfm?id=72&catid=76&artid=12406)