المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خواطر و نثر مشاكل الشباب والتحولات الاجتماعية



احمدصافي
27-04-2008, 01:08 PM
لعل من أهم مشاكل الشباب هو الضغط الذي تمارسه العائلة في المجتمع الشرقي الذي يعد من المسببات الأساسية للقلق والاضطراب فالطفل محروم في عائلته من الحب والطمأنينة إذ إن هناك شعور بالخوف والتهديد ...
يعلموننا كيف نطيع الأوامر ولكنهم لا يعلموننا كيف نعتمد على أنفسنا ونواجه المسؤوليات , يكبر الإنسان في مجتمعنا ويبقى في نظر أهله طفلا وهم يتعاملون معه على هذا الأساس حيث هم الذين يقررون في اغلب الأحيان مستقبله العلمي والمهني وحتى العاطفي , فالشاب لا يستطيع مثلا أن يختار بملء إرادته شريكة حياته وكذلك الفتاة لا تستطيع أن تختار فتى أحلامها .
إن الإحباط (Frustration) والقهر الذي يشعر بهما الإنسان الشرقي منذ الطفولة يدفعان به إلى الشعور بالفراغ والضياع أو إلى التمرد والعدوان ,وكثيراً ما نسمع صرخات الأمهات للإعلان عنها في جلساتهن مع بعضهن البعض:
"ولدي الأكبر في خلاف مستمر مع أبيه "
"ولدي ترك المنزل ليسكن مع أصدقائه أو أقربائه "
" ولدي لا يطيق كلمة من أبيه أو أمه " ....
هذه المشاكل تكاد تكون القسم الأكبر المشترك لمشاكل الكثير من العائلات الشرقية إذ إن مفاهيم التربية لا تعترف بتطور المجتمعات البشرية .
إن الكثير من الأمراض النفسية هي نتاج العائلة المريضة والمجتمع المريض فالاتصال بين الشاب وعائلته يقوم على العدوان والخوف نحن لا نعيش في عائلتنا جوا انسيابيا حيث نحمل مرض الأهل والأجيال والموروثات الدينية وإذا كان الإنسان في المجتمعات المتقدمة والرأسمالية قد تحرر إلى حد ما من التبعية العائلية والخوف فان هذا لا يعني إن التكامل قد تحقق داخل ذاته فهو يبحث عن الطمأنينة والفرح خارج ذاته وخارج عائلته وهذه الطمأنينة يجدها في جسد المرأة وفي المال وهذا قد يقدم له العزاء ويمنحه الشعور بالقوة ولكن الانفتاح على العالم ينحصر ضمن هذه الحدود المدمرة ويصبح الحب سلعة استهلاكية ويصبح المال الإله الجديد لملايين البشر فالمال نوع من الاستبدان ألهوامي للام اله الارتداد إلى عهد الطفولة انه الجوع الدائم والطمأنينة السطحية .
إن الفرح يختلف عن السعادة التي تعني الطمأنينة المادية والنفسية بينما الفرح هو تجربة شعورية عميقة مجبولة بالمعاناة والصراع واكتشاف الأسرار والحقائق .
فالسعادة نجدها مثلا في البطون المتخمة وفي الراحة الجسدية والنفسية والفرح نجده في الآلام وفي الصراع الفاعل وفي التحدي وفي الإيمان وفي الاندفاع وفي المحبة الصادقة .
وان الشاب الشرقي محروم من الحب والجنس والحرية والطمأنينة إلى جانب ذلك هنالك شبح الفقر بل غول الفقر وما أكفره يدمر في الإنسان الفرح والتفاؤل , مئات الشباب والفتيات الذي يحلمون بإكمال دراستهم وهم يتمتعون بالذكاء ومع ذلك ما يزال شبح الفقر يهدد وجودهم ويقتل الفرح في أعماقهم وهم يرون رفاقهم قد حصلوا على مستويات اجتماعية عالية وهم ما يزالون يتخبطون في الهم والحزن ,ولا شك بان الحروب التي خاضها العراق خلال الأعوام السابقة والتي لا تزال قائمة لحد الآن أدت إلى أن قسما كبيرا من طلبتنا الجامعين يعانون من القرف والضياع لقد سقطت عندهم معالم القيم ولم تعد لديهم الرغبة الجدية في التحصيل والمعرفة وهم لا يعلقون كبار الآمال على الشهادة الجامعية وعلى المستقبل هذا المستقبل الذي لا يزال عندهم غامضا رغم التغيرات التي حصلت خلال الأعوام الماضية .
وهناك ألاف الشباب الذين يتمتعون بفكر نير نراهم قد هيمنت عليهم المخدرات والكحول والأفلام الماجنة ولم يستغلوا الطاقات التي وهبها الله "عز وجل" لهم بسبب العائلة المريضة والمجتمع المريض ,فالعقد النفسية والدناءة والخمول وما شاكلها التي ظهرت في مجتمعنا إنما هي من ولائد التربية الفاسدة في بداية حياة الطفل , بينما شرافة النفس وعلو الهمة وقوة الروح وما شابهها إنما هي من نتائج التربية الصحيحة في أيام الصبا..وفي الختام أقول لجميع الشباب :" أعط العالم خير ما عندك ليعطيك العالم خير ما عنده"