الأثير
26-12-2001, 03:42 AM
سر المكالمة الهاتفية الاخيرة لمحمد عطا
عندما تحدث محمد عطا في هاتفه الجوال للمرة الاخيرة،كانت الرحلة 11 من طائرة اميركان ايرلاينز على وشك الاقلاع من مطار لوغان الدولي، وكانت التوجيهات قد صدرت للركاب لاغلاق اجهزتهم الالكترونية الشخصية. كانت المحادثة موجهة الى طائرة اخرى على نفس المدرج وتحديدا الى هاتف مروان الشيحي في المقعد 6 سي على متن طائرة يونايتد ايرلاينز الرحلة .175 لم تستمر المحادثة بين الصديقين سوى اقل من دقيقة. أي الفترة التي كانت كافية فقط لتأكيد ان المخطط قد بدأ. كانت هذه المحادثة اللبنة الاخيرة من التخطيط والتنسيق البالغ الدقة الذي استمر شهورا، والذي تهيأت له كل الظروف في صباح 11 سبتمبر ايلول ليصبح اسوأ هجوم ارهابي في التاريخ.
ونسبة لان كل الخاطفين قضوا نحبهم، ولم تبق بالتالي ادلة حاسمة ودامغة فان المحققين يحاولون ان يتوصلوا لحقيقة ما حدث، ولتفاصيل المخطط من عدة مصادر، منها اقامة الخاطفين القصيرة في اميركا; محادثاتهم الهاتفية، سحوباتهم المالية من بطاقات ائتمانهم; رسائلهم عبر الانترنت والمبالغ التي سحبوها عن طريق بطاقات الدفع. والصورة التي ظهرت بعد شهرين من التحقيقات تحدد ادوار الخاطفين الـ 19 بدقة مذهلة تكشف انهم كانوا على درجة من التنظيم والتنسيق ليست اقل من التخصص والاحترافية التي نجدها في الشركات.
ويقسم المحققون الخاطفين حاليا الى ثلاث مجموعات متمايزة:
محمد عطا الذي يعتبر قائد العملية ومخططها، ومعه ثلاثة من القادة الاخرين، وهؤلاء هم الذين حددوا تاريخ الهجمات وقادوا الطائرات.
ثم ثلاثة من الكوادر المساعدة التي تقوم بايجار الشقق، والحصول على رخص القيادة وتوزيع الاموال على الفرق التي ستقوم بقيادة الطائرات.
ويجيء بعد هؤلاء واولئك مجموعة من 12 من الجنود الذين يقومون بالاعمال اليدوية، والذين كانت مهمتهم الاساسية فيما يبدو تعطيل المضيفين وموظفي الطيران والركاب عندما يبدأ القادة في اختطاف الطائرات.
كان القادة على معرفة دقيقة بمهامهم بحيث كانوا يعرفون متى تصل كل من الطائرات الى مرحلة الطيران المستقر، وهي اللحظة التي يقول المحققون ان الخاطفين اقتحموا فيها كابينات القيادة وواجهوا الطيارين بالمشارط.
كان التنسيق من الشمول بحيث ان كل فريق من الخاطفين كان له حسابه الخاص، وكانت بطاقات كل فريق تستخدم رقما سريا واحدا. وكان كل خطأ مهما صغر يؤدي الى توتر شديد. ففي الصيف الماضي في فلوريدا، عندما تأخر وصول الاموال المحولة من الخارج في مواعيدها المحددة، سجلت كاميرات المراقبة التلفزيونية صور عدد من الخاطفين وهم يحملقون في قلق في الشاشات الالكترونية لسحب الاموال.
استطاع الخاطفون ان يستخدموا الانترنت والدردشة على الهواء وخدمات الرسائل الالكترونية باحترافية عالية. ولكن عندما يتعلق الامر بمحادثاتهم الاكثر اهمية فانهم كانوا ينفذون تعليمات القاعدة في هذه الحالات ويلتقون لقاءات شخصية مباشرة. وقد اختاروا للقاءاتهم تلك الاماكن التي كان يختارها المؤتمرون الاميركيون لتبادل المعلومات حول حرفهم ومنتجاتهم : لاس فيغاس، حيث يقول المحققون ان اجزاء المخطط الاساسية التي تمت في اميركا تمت هناك.
ولكن على عكس المتآمرين التقليديين الذين كانوا يجتمعون فى فنادق الكازينوهات التي تشبه الاهرامات او ناطحات سحاب نيويورك، فانهم كانوا ينزلون في موتيلات رخيصة لا تخضع للرقابة الالكترونية. ولم يكونوا يبقون لفترة اطول مما يقتضيه تبادل المعلومات الهامة ومن الواضح انهم لم يكونوا يرتادون الكازينوهات او اماكن الرذيلة المتاحة هناك لكل راغب في مدينة الخطايا الاميركية.
ويقول المحققون الان ان اغلب، ان لم يكن كل الخاطفين قد قضوا بعض الوقت في معسكرات بن لادن للتدريب في افغانستان. ويبدو ان بعض الجنود التقوا هناك.
ومثلهم مثل عطا والطيارين الاخرين فان هؤلاء "الجنود" لا تنطبق عليهم صورة الخاطفين الانتحاريين التقليدية كشباب مفعم باليأس، تسحقه انياب الفقر.
وباستثناء واحد فقط فانهم جميعا ميسورون ومتعلمون. ومع ان القادة هم من المتطرفين الاسلاميين، الا ان "الجنود" لا يبدو عليهم ذلك لانهم تعاطوا في غير مرة مع الافلام الاباحية والخمر.
ورغم كل المعلومات التي توفرت لهم الا ان المحققين يقولون ان هناك جوانب كثيرة ما تزال مجهولة. فهم يقولون ان العملية كلفت 500 الف دولار، الا انهم لم يستطيعوا ان يرجعوا اكثر من نصفها الى مصادر القاعدة. ويعرف المحققون اين التقى الخاطفون ولكنهم لا يعرفون ماذا دار بينهم من حديث. ومن بين كل الرسائل الالكترونية التي وضع المحققون عليها اياديهم في فلوريدا ولاس فيغاس، لا توجد رسالة واحدة تشير الى 11 سبتمبر.
ويقول المحققون انهم لا يعرفون كيف تم تجنيد "الجنود". ولا يعرفون تصور هؤلاء الجنود لختام العملية، وهل كانوا على علم فعلا انهم مقدمون على الموت؟ ووصف احد المحققين العملية قائلا: "سارت العملية وفق المخطط بصورة حرفية تقريبا. وكانت تحمل كل بصمات القاعدة. كانت عملية عالية التنظيم، وابعد ما تكون عن العملية العشوائية. كانت تنطوي على درجة عالية من التنسيق، ومستوى ممتاز من الاتصالات التي يصعب متابعتها وكشفها. ثم كانت عملية تتميز بالبساطة والاتقان".
يقول المحققون ان افضل نظرية يملكونها الان هي ان 11 سبتمبر كانت شراكة بين عدة اطراف وان القادة اتبعوا تعليمات "مرشد الاعمال الارهابية" للقاعدة بصورة دقيقة. وتدل التحريات على ان المخطط صيغ بصورته الاولية قبل سنتين بالمانيا وفي هامبورغ تحديدا، اذ كان ثلاثة من قادة الهجوم، وهم عطا والشحي وزياد الجراح، اعضاء في خلية ارهابية. ويقال ان ثلاثة من المتهمين بعضوية تلك الخلية قد هربوا مطلع سبتمبر وما يزال البحث عنهم جاريا حتى الان. ويقو ل كبار المحققين ان خلية هامبورغ حصلت على موافقة القاعدة ودعمها المالي، ولكنهم لا يعرفون على وجه التحديد من من معاوني بن لادن هو الذي اجاز المخطط. وتثور شكوك الكثيرين من المحققين حول بن لادن نفسه، ويضيف اخرون ان ثلاثة من اكبر معاونيه قد شاركوا في التخطيط.
وقال احد المحققين "انهم قد التقوا بواحد من المسؤولين هو الذي اصدر الاوامر.
ولكننا لا نعرف من كان ذلك الشخص".
تسلم عطا والشحي تأشيرات لدخول الولايات المتحدة في يناير كانون الثاني، بينما وصل الجراح في يونيو حزيران. اما الطيار الاخر هاني حنجور فقد كان في كاليفورنيا منذ .1996 وانتقل اثنان من الجنود هما نواز الحازمي وخالد المحضار الى سان دييغو في .1999 يجهل المحققون حتى الآن كيفية تعرف مجموعة هامبورغ على مجموعة كاليفورنيا، غير ان هناك ادلة تلمح الى ان ذلك حصل عبر قنوات منظمة القاعدة. وينوه المحققون الى انهم كشفوا عن صلة المحضار بالهجوم على المدمرة الاميركية كول وربما بتفجيرات عام 1998 للسفارتين الاميركيتين في شرق افريقيا.
وبدأت تمويلات العملية بالوصول الى افرع مصرفي "صن ترست" و"القرن" بفلوريدا في صيف عام .2000 استلم عطا مبالغ تزيد قليلا عن 100 الف دولار، اما الشحي فتسلم اقل قليلا من هذا المبلغ. ويقول مسؤولون كبار في مكتب التحقيقات الفيدرالية "اف بي آي" ان حوالي نصف المبلغ الكلي الذي وصل الى 500 الف دولار لتسديد نفقات العملية حوله الكترونيا مصطفى احمد احد عناصر بن لادن المهمين من دولة الامارات العربية، اما بقية تمويل العملية فحول من المانيا. ورغم ذلك فان احد المسؤولين افاد باشتباه السلطات في ان يكون تمويل العملية بدأ من باكستان. وتكشف سجلات السفر ان عطا والشحي سافرا عدة مرات الى ومن الولايات المتحدة في عام 2000 واوائل عام 2001 الى اسبانيا وبراغ وبانكوك والسعودية. وبلغت سفريات عطا الى 7 رحلات دولية، بينما وصلت رحلات الشيحي الى 5 رحلات. وشرع الجميع في تلقي دروس على الطيران في فينكس وسان دييغو وجنوب فلوريدا.
وبحلول ربيع عام 2001 بدأ الرجال الـ 12 الذين يسميهم المحققون بالعضلات بالوفود من السعودية. وقالت المباحث الاميركية "اف بي آي" بانها تأكدت من هويات سائر المختطفين الـ 19 وان 15 منهم سعوديون.
وقالت عائلة مهند الشهري انه درس في جامعة الامام محمد ابن سعود الاسلامية بابها لفصل دراسي واحد. واوضح والد اثنين من المختطفين، وهما وائل ووليد الشهري، انهما درسا ليصبحا معلمين. ودرس احمد النعمي القانون في ابها. ودرس الرجل الذي تعتقد "اف بي آي" انه ثالث الرجال المسؤولين عن الامور اللوجستية، ماجد مقعد، في جامعة الملك سعود في الرياض بكلية الادارة والاقتصاد، بحسب الصحف العربية.
وعائلاتهم تنتمي الى مستويات اجتماعية جيدة، فآباؤهم اما زعماء دينيون او مدراء مدارس او اصحاب محلات ورجال اعمال. ولم يزر اي منهم الولايات المتحدة من قبل، كما يبدو ان العديد منهم لا يتكلم الانجليزية او انه لا يعرف سوى بضع كلمات منها. وبعد وصولهم الولايات المتحدة ساعدهم المسؤولون عن الامور اللوجستية في امورهم المعيشية. وساعد هاني حنجور بعضهم على استئجار شقة في باترسون بنيوجيرسي، كما سكن آخرون في شقة بدلراي بيتش بفلوريدا. وساعد المحضار البعض في الحصول على رخص سيارات بشكل غير قانوني وصور هويات مزيفة في فرجينيا.
وبدأ قادة العملية والمسؤولون عن الامور اللوجستية "بالتآخي" مع بقية شركائهم المتواضعين، وعندما عانى احمد الحزوني من اوجاع في رجله اصطحبه الجراح الى مستشفى "هولي كروس" في بالم بيتش بفلوريدا. وكان عطا والشحي يسكنان معا بفلوريدا، ولكن الشحي انتقل للسكن مع فايز احمد، تاركا عطا ليسكن مع عبد العزيز العمري آخر المختطفين وصولا الى الولايات المتحدة.
وحصل معظم المختطفين الـ 19 على ارقام ضمان اجتماعي، وهي الارقام الضرورية لفتح حسابات مصرفية والحصول على بطاقات ائتمانية. وتشير "اف بي آي" الى ان المختطفين ظلوا معتمدين على انفسهم ماليا ولم يعتمدوا على مساعدات تقدمها الحكومة الاميركية للعاطلين والفقراء. ويشتبه المحققون في ان يكون هؤلاء قد تلقوا ما يلزمهم من احتياجات مالية من تحويلات عبر الامارات العربية والعديد من القادة المهمين الذين يقيمون في المانيا وافغانستان.
يحدد دليل القاعدة الارشادي، الذي تقول مصادر الادعاء العام انه اعتمد عليه في تنفيذ الهجوم على السفارتين الاميركيتين، ثلاث مراحل لتنفيذ اي عملية وهي:
البحث والتخطيط ثم التنفيذ. ويرد فيه "لاجل اكتشاف اي عنصر ضار ومفاجئ بالعملية... من الضروري وقبل تنفيذ العملية اجراء تدريب عليها في مكان مشابه لمكان العملية الحقيقي".
لهذا فان قادة العملية والمسؤولين عن الامور اللوجستية بدأوا في مايو أيار بالسفر في رحلات تجريبية عبر الممرات الجوية المختلفة داخل الولايات المتحدة، ولكنهم لم يسافروا في نفس الرحلات التي سيختطفونها فيما بعد قط.
وبعد كل رحلة قاموا بها الى الساحل الغربي فانهم كانوا يعودون الى لاس فيجاس.
كما كانوا في كل مرة يطيرون بها يسافرون في مقاعد الدرجة الاولى، كما فعل معظم الخاطفين يوم 11 سبتمبر ايلول.
ورغم سفرهم في مقاعد الدرجة الاولى فان محال اقامتهم كانت رخيصة، في نزل "اكونو" في نهاية الشريط الساحلي. ورغم الاعتقاد بالتقاء العديد من المختطفين في اجتماعات عديدة جنوب فلوريدا وباترسون، فان كبار المحققين يقولون بانهم مقتنعون بان اغلب التخطيط للهجوم وقع في غرف ذلك النزل المتواضع.
ويشير المحققون الى انهم قادرون على التأكيد على حصول لقاء جمع اكثر من مجموعة في لاس فيجاس فقط وفي 13 و14 من اغسطس آب، رغم انهم يقولون ان صورة هذا اللقاء ربما لا تكون واضحة. ووصل الحازمي وحنجور معا ويبدو انهما قضيا معظم وقتهما بصحبة احدهما الآخر، اما عطا فانه قضى معظم وقته وحيدا ومختفيا في عتمة مقهى الانترنت "سايبرزون" حيث ينحني الشباب فوق شاشات الكومبيوتر يتنقلون عبر مواقع الانترنت.
ولا يدري المحققون اسباب اختيار المتآمرين لاس فيجاس بالذات، ويرى مسؤول كبير انهم "ربما شعروا هناك بانه يصعب تمييزهم". والاغلب انهم كانوا يتبعون تعليمات دليل الارشاد الذي يقضي باللقاء في مكان يتوفر فيه غطاء جيد.
ورغم ان غسيل الاموال عبر كازينوهات لاس فيجاس امر معهود فان كاميرات المراقبة هناك لا تكشف عن اي وجود للمختطفين، واعتمادا على ذلك وعلى مقابلات اجريت مع العاملين في تلك الكازينوهات فان "اف بي آي" اعرب عن اعتقاده بان المختطفين لم يقامروا هناك. كما لم يعثر المحققون على اي خلايا ارهابية محلية في لاس فيجاس.
غير ان ثمة خروجا على النمط المعهود للمختطفين يثير الفضول خلال رحلتهم الاخيرة شرقا من لاس فيجاس. اذ كان المختطفون يقطعون تذاكرهم خلال رحلاتهم التي قاموا فيها في مايو أيار ويونيو حزيران ويوليو تموز دون توقف بل بشكل مباشر نحو مقصدهم. ولكن في تلك الرحلة الاخيرة اشتروا تذاكر دون عودة الى عدد من الجهات المختلفة يتخللها توقف في عدد من المرات ولم يسافروا على متن الدرجة الاولى كما كان الحال دوما.
يظن المحققون ان المختطفين بعد فراغهم من دروس الطيران اصبح همهم الاول خفض نفقاتهم، ولهذا ربما ارادوا التأكد ان كان بوسعهم شراء تذاكر بلا عودة دون لفت الانظار اليهم، وهو ما انشغلوا به خلال الاسبوعين الاخيرين بعد شرائهم تذاكر السفر في 11 سبتمبر.
وفرت تلك الرحلات لهؤلاء الرجال الفرصة لتنفيذ مخططهم، فسافر حنجور والحازمي الى بلتيمور حيث انضما الى بقية افراد مجموعتهم في لوريل بولاية ميريلاند المجاورة. وتقضي الخطة بان يتجهوا من هناك الى مطار دالاس الدولي في صباح 11 سبتمبر ليستقلوا الرحلة رقم 77 التابعة لشركة "اميركان ايرلاينز". اما محمد عطا فسافر من لاس فيجاس الى فورت لاديردال بفلوريدا.
ولاحظ المحققون زيادة في عدد مكالمات الهواتف الخلوية بين المختطفين الـ 19 خلال تلك الاسابيع الاخيرة. واشترى المختطفون تذاكر السفر، واختار كل فريق منهم نفس المقاعد تقريبا في الطائرات المختطفة. واتجهت مجموعة فلوريدا الى شمال بوسطن، اما جماعة نيو جيرسي فتركت شقة باترسون. وحول 3 من المختطفين بعض المال الكترونيا الى احمد في الامارات.
وقاد عطا سيارته في 10 سبتمبر ايلول مصطحبا العمري من بوسطن الى بورتلاند بمايين. لماذا بورتلاند؟ مرة ثانية ربما كان ذلك من قبيل البروتوكولات، اذ يحذر الدليل الارشادي من السفر في مجموعات كبيرة وينوه الى السفر من "نقاط ثانوية" لصرف اي انتباه. وفي صباح اليوم الثاني كاد الاثنان ان لا يلحقا برحلتهما المتجهة من مطار لوجان في بوسطن وتمكنا من الوصول اليها قبل دقائق من اقلاعها.
وحسب توقعات المختطفين بناء على ما تعلموه في دروس الطيران فان الطائرات المختطفة وصلت الى الارتفاع المطلوب بعد حوالي 40 دقيقة من الاقلاع، وعندها شرع المختطفون، الذين لم يبالوا بتعلم الكثير عن الاقلاع والهبوط، في تنفيذ مخططهم.
وقدم 4 من بين المختطفين الـ 5 على متن الرحلة رقم 77 والتي انقضت على مبنى وزارة الدفاع الاميركية بنتاغون المساعدة في الامور اللوجستية وربما كانوا بحسب المحققين من القادة. كما يعتقد ان العديد من الاشخاص الذين ساعدوا في الامور اللوجستية، وبينهم المحضار، حملوا معهم المشارط الورقية وكانوا بمثابة العضلات لتنفيذ الخطة. وبدأت تلك الطائرة، التي قادها حنجور، بالانحراف بشكل حاد في الجو، وربما وقعت مواجهة بينه وبين الطيارين، الا ان المحققين يقولون ان الامر المحتمل ان يكون الانحراف قد حصل نتيجة قيادة حنجور الضعيفة خاصة وان معلميه السابقين على الطيران قالوا بانه كان تلميذا خائبا.
وبناء على مضمون احدى المكالمات الخلوية التي استقبلت من احدى الطائرات المختطفة فان مكتب التحقيقات الفيدرالية "اف بي آي" يؤكد الآن على ان من انيط بهم دور العضلات من المختطفين بدأوا بدفع المسافرين الى مؤخرة الطائرة وارغموا الطيارين على ترك غرفة القيادة بالقول لهم ان ما يجري لا يتجاوز عمليات الاختطاف التقليدية، وان المسافرين وطاقم الطائرة سيطلق سراحهم دون التعرض لاي اذى في حال تنفيذ مطالب المختطفين.
وبينما كانت الطائرات تسرع باتجاه اهدافها ربما كان المختطفون الذين اسند اليهم دور العضلات يعتقدون حقا بان ما يجري هو عملية اختطاف تقليدية. ويظل هذا الامر موضع تساؤل وجدل داخل "اف بي آي" وبعض المحققين الذين اشاروا الى لقطات فيديو كاميرات المراقبة في بورتلاند في الليلة السابقة والتي ظهر فيها العمري متجهم الوجه، وهي السحنة التي تتناسب اكثر مع لص على وشك السرقة.
علاوة على ذلك، اوضح احد مسؤولي "اف بي آي" ان كتيبات الادعية التي عثر عليها في مواقع الهجمات تحث المختطفين العاديين على ان يكونوا اقوياء في السجن على عكس التعليمات والدعوات التي غطت 4 صفحات وعثر عليها في امتعة عطا والتي يبدو واضحا من خلالها انه كان يعتقد بانه متجه الى جنة الفردوس.
وينوه المحققون هنا وفي الخارج الى ان هذا يتماشى مع النمط العام لاسلوب الارهابيين، اذ ان دليل عمل القاعدة ينص على "عدم ابلاغ المشاركين في العملية عن طبيعتها الا قبل موعد قصير من تنفيذها تجنبا لتسرب اي معلومات عنها"
عرب تايمز
الأثير
عندما تحدث محمد عطا في هاتفه الجوال للمرة الاخيرة،كانت الرحلة 11 من طائرة اميركان ايرلاينز على وشك الاقلاع من مطار لوغان الدولي، وكانت التوجيهات قد صدرت للركاب لاغلاق اجهزتهم الالكترونية الشخصية. كانت المحادثة موجهة الى طائرة اخرى على نفس المدرج وتحديدا الى هاتف مروان الشيحي في المقعد 6 سي على متن طائرة يونايتد ايرلاينز الرحلة .175 لم تستمر المحادثة بين الصديقين سوى اقل من دقيقة. أي الفترة التي كانت كافية فقط لتأكيد ان المخطط قد بدأ. كانت هذه المحادثة اللبنة الاخيرة من التخطيط والتنسيق البالغ الدقة الذي استمر شهورا، والذي تهيأت له كل الظروف في صباح 11 سبتمبر ايلول ليصبح اسوأ هجوم ارهابي في التاريخ.
ونسبة لان كل الخاطفين قضوا نحبهم، ولم تبق بالتالي ادلة حاسمة ودامغة فان المحققين يحاولون ان يتوصلوا لحقيقة ما حدث، ولتفاصيل المخطط من عدة مصادر، منها اقامة الخاطفين القصيرة في اميركا; محادثاتهم الهاتفية، سحوباتهم المالية من بطاقات ائتمانهم; رسائلهم عبر الانترنت والمبالغ التي سحبوها عن طريق بطاقات الدفع. والصورة التي ظهرت بعد شهرين من التحقيقات تحدد ادوار الخاطفين الـ 19 بدقة مذهلة تكشف انهم كانوا على درجة من التنظيم والتنسيق ليست اقل من التخصص والاحترافية التي نجدها في الشركات.
ويقسم المحققون الخاطفين حاليا الى ثلاث مجموعات متمايزة:
محمد عطا الذي يعتبر قائد العملية ومخططها، ومعه ثلاثة من القادة الاخرين، وهؤلاء هم الذين حددوا تاريخ الهجمات وقادوا الطائرات.
ثم ثلاثة من الكوادر المساعدة التي تقوم بايجار الشقق، والحصول على رخص القيادة وتوزيع الاموال على الفرق التي ستقوم بقيادة الطائرات.
ويجيء بعد هؤلاء واولئك مجموعة من 12 من الجنود الذين يقومون بالاعمال اليدوية، والذين كانت مهمتهم الاساسية فيما يبدو تعطيل المضيفين وموظفي الطيران والركاب عندما يبدأ القادة في اختطاف الطائرات.
كان القادة على معرفة دقيقة بمهامهم بحيث كانوا يعرفون متى تصل كل من الطائرات الى مرحلة الطيران المستقر، وهي اللحظة التي يقول المحققون ان الخاطفين اقتحموا فيها كابينات القيادة وواجهوا الطيارين بالمشارط.
كان التنسيق من الشمول بحيث ان كل فريق من الخاطفين كان له حسابه الخاص، وكانت بطاقات كل فريق تستخدم رقما سريا واحدا. وكان كل خطأ مهما صغر يؤدي الى توتر شديد. ففي الصيف الماضي في فلوريدا، عندما تأخر وصول الاموال المحولة من الخارج في مواعيدها المحددة، سجلت كاميرات المراقبة التلفزيونية صور عدد من الخاطفين وهم يحملقون في قلق في الشاشات الالكترونية لسحب الاموال.
استطاع الخاطفون ان يستخدموا الانترنت والدردشة على الهواء وخدمات الرسائل الالكترونية باحترافية عالية. ولكن عندما يتعلق الامر بمحادثاتهم الاكثر اهمية فانهم كانوا ينفذون تعليمات القاعدة في هذه الحالات ويلتقون لقاءات شخصية مباشرة. وقد اختاروا للقاءاتهم تلك الاماكن التي كان يختارها المؤتمرون الاميركيون لتبادل المعلومات حول حرفهم ومنتجاتهم : لاس فيغاس، حيث يقول المحققون ان اجزاء المخطط الاساسية التي تمت في اميركا تمت هناك.
ولكن على عكس المتآمرين التقليديين الذين كانوا يجتمعون فى فنادق الكازينوهات التي تشبه الاهرامات او ناطحات سحاب نيويورك، فانهم كانوا ينزلون في موتيلات رخيصة لا تخضع للرقابة الالكترونية. ولم يكونوا يبقون لفترة اطول مما يقتضيه تبادل المعلومات الهامة ومن الواضح انهم لم يكونوا يرتادون الكازينوهات او اماكن الرذيلة المتاحة هناك لكل راغب في مدينة الخطايا الاميركية.
ويقول المحققون الان ان اغلب، ان لم يكن كل الخاطفين قد قضوا بعض الوقت في معسكرات بن لادن للتدريب في افغانستان. ويبدو ان بعض الجنود التقوا هناك.
ومثلهم مثل عطا والطيارين الاخرين فان هؤلاء "الجنود" لا تنطبق عليهم صورة الخاطفين الانتحاريين التقليدية كشباب مفعم باليأس، تسحقه انياب الفقر.
وباستثناء واحد فقط فانهم جميعا ميسورون ومتعلمون. ومع ان القادة هم من المتطرفين الاسلاميين، الا ان "الجنود" لا يبدو عليهم ذلك لانهم تعاطوا في غير مرة مع الافلام الاباحية والخمر.
ورغم كل المعلومات التي توفرت لهم الا ان المحققين يقولون ان هناك جوانب كثيرة ما تزال مجهولة. فهم يقولون ان العملية كلفت 500 الف دولار، الا انهم لم يستطيعوا ان يرجعوا اكثر من نصفها الى مصادر القاعدة. ويعرف المحققون اين التقى الخاطفون ولكنهم لا يعرفون ماذا دار بينهم من حديث. ومن بين كل الرسائل الالكترونية التي وضع المحققون عليها اياديهم في فلوريدا ولاس فيغاس، لا توجد رسالة واحدة تشير الى 11 سبتمبر.
ويقول المحققون انهم لا يعرفون كيف تم تجنيد "الجنود". ولا يعرفون تصور هؤلاء الجنود لختام العملية، وهل كانوا على علم فعلا انهم مقدمون على الموت؟ ووصف احد المحققين العملية قائلا: "سارت العملية وفق المخطط بصورة حرفية تقريبا. وكانت تحمل كل بصمات القاعدة. كانت عملية عالية التنظيم، وابعد ما تكون عن العملية العشوائية. كانت تنطوي على درجة عالية من التنسيق، ومستوى ممتاز من الاتصالات التي يصعب متابعتها وكشفها. ثم كانت عملية تتميز بالبساطة والاتقان".
يقول المحققون ان افضل نظرية يملكونها الان هي ان 11 سبتمبر كانت شراكة بين عدة اطراف وان القادة اتبعوا تعليمات "مرشد الاعمال الارهابية" للقاعدة بصورة دقيقة. وتدل التحريات على ان المخطط صيغ بصورته الاولية قبل سنتين بالمانيا وفي هامبورغ تحديدا، اذ كان ثلاثة من قادة الهجوم، وهم عطا والشحي وزياد الجراح، اعضاء في خلية ارهابية. ويقال ان ثلاثة من المتهمين بعضوية تلك الخلية قد هربوا مطلع سبتمبر وما يزال البحث عنهم جاريا حتى الان. ويقو ل كبار المحققين ان خلية هامبورغ حصلت على موافقة القاعدة ودعمها المالي، ولكنهم لا يعرفون على وجه التحديد من من معاوني بن لادن هو الذي اجاز المخطط. وتثور شكوك الكثيرين من المحققين حول بن لادن نفسه، ويضيف اخرون ان ثلاثة من اكبر معاونيه قد شاركوا في التخطيط.
وقال احد المحققين "انهم قد التقوا بواحد من المسؤولين هو الذي اصدر الاوامر.
ولكننا لا نعرف من كان ذلك الشخص".
تسلم عطا والشحي تأشيرات لدخول الولايات المتحدة في يناير كانون الثاني، بينما وصل الجراح في يونيو حزيران. اما الطيار الاخر هاني حنجور فقد كان في كاليفورنيا منذ .1996 وانتقل اثنان من الجنود هما نواز الحازمي وخالد المحضار الى سان دييغو في .1999 يجهل المحققون حتى الآن كيفية تعرف مجموعة هامبورغ على مجموعة كاليفورنيا، غير ان هناك ادلة تلمح الى ان ذلك حصل عبر قنوات منظمة القاعدة. وينوه المحققون الى انهم كشفوا عن صلة المحضار بالهجوم على المدمرة الاميركية كول وربما بتفجيرات عام 1998 للسفارتين الاميركيتين في شرق افريقيا.
وبدأت تمويلات العملية بالوصول الى افرع مصرفي "صن ترست" و"القرن" بفلوريدا في صيف عام .2000 استلم عطا مبالغ تزيد قليلا عن 100 الف دولار، اما الشحي فتسلم اقل قليلا من هذا المبلغ. ويقول مسؤولون كبار في مكتب التحقيقات الفيدرالية "اف بي آي" ان حوالي نصف المبلغ الكلي الذي وصل الى 500 الف دولار لتسديد نفقات العملية حوله الكترونيا مصطفى احمد احد عناصر بن لادن المهمين من دولة الامارات العربية، اما بقية تمويل العملية فحول من المانيا. ورغم ذلك فان احد المسؤولين افاد باشتباه السلطات في ان يكون تمويل العملية بدأ من باكستان. وتكشف سجلات السفر ان عطا والشحي سافرا عدة مرات الى ومن الولايات المتحدة في عام 2000 واوائل عام 2001 الى اسبانيا وبراغ وبانكوك والسعودية. وبلغت سفريات عطا الى 7 رحلات دولية، بينما وصلت رحلات الشيحي الى 5 رحلات. وشرع الجميع في تلقي دروس على الطيران في فينكس وسان دييغو وجنوب فلوريدا.
وبحلول ربيع عام 2001 بدأ الرجال الـ 12 الذين يسميهم المحققون بالعضلات بالوفود من السعودية. وقالت المباحث الاميركية "اف بي آي" بانها تأكدت من هويات سائر المختطفين الـ 19 وان 15 منهم سعوديون.
وقالت عائلة مهند الشهري انه درس في جامعة الامام محمد ابن سعود الاسلامية بابها لفصل دراسي واحد. واوضح والد اثنين من المختطفين، وهما وائل ووليد الشهري، انهما درسا ليصبحا معلمين. ودرس احمد النعمي القانون في ابها. ودرس الرجل الذي تعتقد "اف بي آي" انه ثالث الرجال المسؤولين عن الامور اللوجستية، ماجد مقعد، في جامعة الملك سعود في الرياض بكلية الادارة والاقتصاد، بحسب الصحف العربية.
وعائلاتهم تنتمي الى مستويات اجتماعية جيدة، فآباؤهم اما زعماء دينيون او مدراء مدارس او اصحاب محلات ورجال اعمال. ولم يزر اي منهم الولايات المتحدة من قبل، كما يبدو ان العديد منهم لا يتكلم الانجليزية او انه لا يعرف سوى بضع كلمات منها. وبعد وصولهم الولايات المتحدة ساعدهم المسؤولون عن الامور اللوجستية في امورهم المعيشية. وساعد هاني حنجور بعضهم على استئجار شقة في باترسون بنيوجيرسي، كما سكن آخرون في شقة بدلراي بيتش بفلوريدا. وساعد المحضار البعض في الحصول على رخص سيارات بشكل غير قانوني وصور هويات مزيفة في فرجينيا.
وبدأ قادة العملية والمسؤولون عن الامور اللوجستية "بالتآخي" مع بقية شركائهم المتواضعين، وعندما عانى احمد الحزوني من اوجاع في رجله اصطحبه الجراح الى مستشفى "هولي كروس" في بالم بيتش بفلوريدا. وكان عطا والشحي يسكنان معا بفلوريدا، ولكن الشحي انتقل للسكن مع فايز احمد، تاركا عطا ليسكن مع عبد العزيز العمري آخر المختطفين وصولا الى الولايات المتحدة.
وحصل معظم المختطفين الـ 19 على ارقام ضمان اجتماعي، وهي الارقام الضرورية لفتح حسابات مصرفية والحصول على بطاقات ائتمانية. وتشير "اف بي آي" الى ان المختطفين ظلوا معتمدين على انفسهم ماليا ولم يعتمدوا على مساعدات تقدمها الحكومة الاميركية للعاطلين والفقراء. ويشتبه المحققون في ان يكون هؤلاء قد تلقوا ما يلزمهم من احتياجات مالية من تحويلات عبر الامارات العربية والعديد من القادة المهمين الذين يقيمون في المانيا وافغانستان.
يحدد دليل القاعدة الارشادي، الذي تقول مصادر الادعاء العام انه اعتمد عليه في تنفيذ الهجوم على السفارتين الاميركيتين، ثلاث مراحل لتنفيذ اي عملية وهي:
البحث والتخطيط ثم التنفيذ. ويرد فيه "لاجل اكتشاف اي عنصر ضار ومفاجئ بالعملية... من الضروري وقبل تنفيذ العملية اجراء تدريب عليها في مكان مشابه لمكان العملية الحقيقي".
لهذا فان قادة العملية والمسؤولين عن الامور اللوجستية بدأوا في مايو أيار بالسفر في رحلات تجريبية عبر الممرات الجوية المختلفة داخل الولايات المتحدة، ولكنهم لم يسافروا في نفس الرحلات التي سيختطفونها فيما بعد قط.
وبعد كل رحلة قاموا بها الى الساحل الغربي فانهم كانوا يعودون الى لاس فيجاس.
كما كانوا في كل مرة يطيرون بها يسافرون في مقاعد الدرجة الاولى، كما فعل معظم الخاطفين يوم 11 سبتمبر ايلول.
ورغم سفرهم في مقاعد الدرجة الاولى فان محال اقامتهم كانت رخيصة، في نزل "اكونو" في نهاية الشريط الساحلي. ورغم الاعتقاد بالتقاء العديد من المختطفين في اجتماعات عديدة جنوب فلوريدا وباترسون، فان كبار المحققين يقولون بانهم مقتنعون بان اغلب التخطيط للهجوم وقع في غرف ذلك النزل المتواضع.
ويشير المحققون الى انهم قادرون على التأكيد على حصول لقاء جمع اكثر من مجموعة في لاس فيجاس فقط وفي 13 و14 من اغسطس آب، رغم انهم يقولون ان صورة هذا اللقاء ربما لا تكون واضحة. ووصل الحازمي وحنجور معا ويبدو انهما قضيا معظم وقتهما بصحبة احدهما الآخر، اما عطا فانه قضى معظم وقته وحيدا ومختفيا في عتمة مقهى الانترنت "سايبرزون" حيث ينحني الشباب فوق شاشات الكومبيوتر يتنقلون عبر مواقع الانترنت.
ولا يدري المحققون اسباب اختيار المتآمرين لاس فيجاس بالذات، ويرى مسؤول كبير انهم "ربما شعروا هناك بانه يصعب تمييزهم". والاغلب انهم كانوا يتبعون تعليمات دليل الارشاد الذي يقضي باللقاء في مكان يتوفر فيه غطاء جيد.
ورغم ان غسيل الاموال عبر كازينوهات لاس فيجاس امر معهود فان كاميرات المراقبة هناك لا تكشف عن اي وجود للمختطفين، واعتمادا على ذلك وعلى مقابلات اجريت مع العاملين في تلك الكازينوهات فان "اف بي آي" اعرب عن اعتقاده بان المختطفين لم يقامروا هناك. كما لم يعثر المحققون على اي خلايا ارهابية محلية في لاس فيجاس.
غير ان ثمة خروجا على النمط المعهود للمختطفين يثير الفضول خلال رحلتهم الاخيرة شرقا من لاس فيجاس. اذ كان المختطفون يقطعون تذاكرهم خلال رحلاتهم التي قاموا فيها في مايو أيار ويونيو حزيران ويوليو تموز دون توقف بل بشكل مباشر نحو مقصدهم. ولكن في تلك الرحلة الاخيرة اشتروا تذاكر دون عودة الى عدد من الجهات المختلفة يتخللها توقف في عدد من المرات ولم يسافروا على متن الدرجة الاولى كما كان الحال دوما.
يظن المحققون ان المختطفين بعد فراغهم من دروس الطيران اصبح همهم الاول خفض نفقاتهم، ولهذا ربما ارادوا التأكد ان كان بوسعهم شراء تذاكر بلا عودة دون لفت الانظار اليهم، وهو ما انشغلوا به خلال الاسبوعين الاخيرين بعد شرائهم تذاكر السفر في 11 سبتمبر.
وفرت تلك الرحلات لهؤلاء الرجال الفرصة لتنفيذ مخططهم، فسافر حنجور والحازمي الى بلتيمور حيث انضما الى بقية افراد مجموعتهم في لوريل بولاية ميريلاند المجاورة. وتقضي الخطة بان يتجهوا من هناك الى مطار دالاس الدولي في صباح 11 سبتمبر ليستقلوا الرحلة رقم 77 التابعة لشركة "اميركان ايرلاينز". اما محمد عطا فسافر من لاس فيجاس الى فورت لاديردال بفلوريدا.
ولاحظ المحققون زيادة في عدد مكالمات الهواتف الخلوية بين المختطفين الـ 19 خلال تلك الاسابيع الاخيرة. واشترى المختطفون تذاكر السفر، واختار كل فريق منهم نفس المقاعد تقريبا في الطائرات المختطفة. واتجهت مجموعة فلوريدا الى شمال بوسطن، اما جماعة نيو جيرسي فتركت شقة باترسون. وحول 3 من المختطفين بعض المال الكترونيا الى احمد في الامارات.
وقاد عطا سيارته في 10 سبتمبر ايلول مصطحبا العمري من بوسطن الى بورتلاند بمايين. لماذا بورتلاند؟ مرة ثانية ربما كان ذلك من قبيل البروتوكولات، اذ يحذر الدليل الارشادي من السفر في مجموعات كبيرة وينوه الى السفر من "نقاط ثانوية" لصرف اي انتباه. وفي صباح اليوم الثاني كاد الاثنان ان لا يلحقا برحلتهما المتجهة من مطار لوجان في بوسطن وتمكنا من الوصول اليها قبل دقائق من اقلاعها.
وحسب توقعات المختطفين بناء على ما تعلموه في دروس الطيران فان الطائرات المختطفة وصلت الى الارتفاع المطلوب بعد حوالي 40 دقيقة من الاقلاع، وعندها شرع المختطفون، الذين لم يبالوا بتعلم الكثير عن الاقلاع والهبوط، في تنفيذ مخططهم.
وقدم 4 من بين المختطفين الـ 5 على متن الرحلة رقم 77 والتي انقضت على مبنى وزارة الدفاع الاميركية بنتاغون المساعدة في الامور اللوجستية وربما كانوا بحسب المحققين من القادة. كما يعتقد ان العديد من الاشخاص الذين ساعدوا في الامور اللوجستية، وبينهم المحضار، حملوا معهم المشارط الورقية وكانوا بمثابة العضلات لتنفيذ الخطة. وبدأت تلك الطائرة، التي قادها حنجور، بالانحراف بشكل حاد في الجو، وربما وقعت مواجهة بينه وبين الطيارين، الا ان المحققين يقولون ان الامر المحتمل ان يكون الانحراف قد حصل نتيجة قيادة حنجور الضعيفة خاصة وان معلميه السابقين على الطيران قالوا بانه كان تلميذا خائبا.
وبناء على مضمون احدى المكالمات الخلوية التي استقبلت من احدى الطائرات المختطفة فان مكتب التحقيقات الفيدرالية "اف بي آي" يؤكد الآن على ان من انيط بهم دور العضلات من المختطفين بدأوا بدفع المسافرين الى مؤخرة الطائرة وارغموا الطيارين على ترك غرفة القيادة بالقول لهم ان ما يجري لا يتجاوز عمليات الاختطاف التقليدية، وان المسافرين وطاقم الطائرة سيطلق سراحهم دون التعرض لاي اذى في حال تنفيذ مطالب المختطفين.
وبينما كانت الطائرات تسرع باتجاه اهدافها ربما كان المختطفون الذين اسند اليهم دور العضلات يعتقدون حقا بان ما يجري هو عملية اختطاف تقليدية. ويظل هذا الامر موضع تساؤل وجدل داخل "اف بي آي" وبعض المحققين الذين اشاروا الى لقطات فيديو كاميرات المراقبة في بورتلاند في الليلة السابقة والتي ظهر فيها العمري متجهم الوجه، وهي السحنة التي تتناسب اكثر مع لص على وشك السرقة.
علاوة على ذلك، اوضح احد مسؤولي "اف بي آي" ان كتيبات الادعية التي عثر عليها في مواقع الهجمات تحث المختطفين العاديين على ان يكونوا اقوياء في السجن على عكس التعليمات والدعوات التي غطت 4 صفحات وعثر عليها في امتعة عطا والتي يبدو واضحا من خلالها انه كان يعتقد بانه متجه الى جنة الفردوس.
وينوه المحققون هنا وفي الخارج الى ان هذا يتماشى مع النمط العام لاسلوب الارهابيين، اذ ان دليل عمل القاعدة ينص على "عدم ابلاغ المشاركين في العملية عن طبيعتها الا قبل موعد قصير من تنفيذها تجنبا لتسرب اي معلومات عنها"
عرب تايمز
الأثير