المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية اخبار المجاهدين في افغانستان 10/10 من مركز الدراسات



yahy6000
26-12-2001, 08:36 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :-



أخبار يوم الثلاثاء 10/10/1422هـ 25/12/2001م



n كتيبة حمزة الغامدي في تورا بورا تقتل خلال أسبوع 140 جندياً أمريكياً وتسقط 4 طائرات بالصواريخ المضادة ، بعدما ترك المجاهدون بعض المواقع المتقدمة في جبال تورا بورا وانتقلوا إلى مناطق أخرى ، بقيت كتيبة حمزة الغامدي في تورا بورا تتربص بالعدو في كل وادي ، وكان إخلاء بعض المواقع سبباً من أسباب اتخاذ القوات الصليبية لقرار إنزال عدد من جنودها للبحث عن أي معلومات في المواقع القديمة ، وكان إخلاء بعض المواقع أيضاً سبباً لتحليق الطائرات على مستوى منخفض أكثر من ذي قبل ، وكان المجاهدون لتلك القوات بالمرصاد فقد وقعت القوات الخاصة الأمريكية خلال الأسبوع الماضي في عدة كمائن وشراك خداعية فقدت على إثرها ما يقرب من 140 جندياً ، فقد الصليبيون صوابهم من أجل ذلك وجاءت طائراتهم تجوب المنطقة طولاً وعرضاً لتحديد مواقع المجاهدين ، إلا أن المجاهدين كانوا لها بالمرصاد في مناطق لم تتوقع الطائرات وجود أحد فيها ، وأطلق المجاهدون الصواريخ المضادة عليها وسقطت في منطقة قريبة من جلال آباد وقد شاهدها الناس جميعاً وكانت المنطقة الواقعة في جنوب مدينة جلال آباد أكثر المناطق التي يتواجد فيها المراسلون الإعلاميون ونجزم أن الجميع شاهد سقوط الطائرات لأنها سقطت في منطقتهم أو قريبا منها .

وتؤكد التقارير الإعلامية التي تبثها وسائل الإعلام العالمية تضارب خبر دخول قوات العملاء مواقع المجاهدين في تورا بورا ، فقد أعلنت وزارة الاعتداء الأمريكية أنها تعد لشن هجوم على تورا بورا مع قوات العملاء ، وهي التي كانت قد أعلنت من قبل هروب المجاهدين من تورا بورا وأنها سيطرت على كل مواقع المجاهدين ، فما حاجة شن هجوم قوي على مواقع خالية ؟! .

ونشير إلى أن الأخبار التي وردت من بعض المصادر بأن الطائرات الأربع سقطت في قندهار بأنها أخبار غير صحيحة ، ولم يحصل في قندهار إلا أن أطلق المجاهدون صاروخين على طائرتين أمريكيتين كانتا خارج مجال الصواريخ .

كما نشير أيضاً إلى أن الأخبار التي تزعم وجود 200 شيشانياً كانوا مع المجاهدين في تورا بورا أنها أخبار لا أساس لها من الصحة ، ولا يوجد في تورا بورا من الشيشانيين أحد لا من قبل ولا من بعد .

n في نهاية الأسبوع الماضي توجهت قافلة من وجهاء قبائل بكتيا وكبارهم من مدينة جرديز إلى كابل بهدف حضور حفل تنصيب الحكومة الانتقالية وتهنئة الحاكم الجديد ، وكان أحد الوجهاء في المنطقة قد اختلف مع الوفد ، وأرسل للقوات الأمريكية بأن هناك قافلة ستتحرك من جرديز تضم مؤيدين لطالبان في مهمة ضد حكومة كابل ، فتربص الصليبيون بها وعند خروجها تم قصفها بالطائرات العمودية وتمزيق القافلة كلها وكانت تحتوي على 12 سيارة تضم 60 شخصاً تقريباً ، وهذه العملية أوقعت الصليبيين في حرج بالغ فزعموا بداية أنهم ضربوا قادة للطالبان ثم قالوا بأنهم ضربوا قافلة عن طريق الخطأ ، إلا أن القبائل في بكتيا والتي كانت لا تناصر الطالبان قد غضبت لمقتل قادتها وأعلنت بأن القصف الأمريكي إذا استهدفها مرة أخرى حتى ولو بالخطأ فإنها ستأخذ الثأر من الحكومة وعلى رأسهم كرزاي ، وعلى إثر ذلك الحادث راسل بعض قادة القبائل تأييدهم للمجاهدين وتعهدوا بأن يقتلوا كل عميل للصليبيين من أفرادهم .

n قندهار تغلي على صفيح ساخن مع محاولة الإعلام العالمي نقل ما يصفه بمشاعر الفرح والسرور بالحكومة الجديدة وزوال طالبان إلا أنه فشل في الاستمرار في هذه الطريقة رغم وجود الاغراءات المالية والغذائية وغيرها للشعب كافة لكي يظهر موالاته للحكومة العملية ، إلا أن قندهار كانت أبرز المدن التي بدا فيها السخط العام على هذه الأوضاع فقد أبدت القبائل شيوخاً وأفراداً سخطها وحرصها على تغيير الأوضاع وقتال قوات العملاء في قندهار وما حولها ، وهناك تدخل من أطراف متفرقة لتذويب مشاعر السخط وسد طرق تغيير الأوضاع بالسلاح .

وفي نفس السياق أرسلت أكثر القبائل وفوداً إلى قادة الإمارة الإسلامية في أماكن متفرقة نقلت تلك الوفود رسالة إلى الطالبان مفادها أنهم على استعداد لفعل أي شيء لتغيير هذا الوضع المزري وإعادة الإمارة الإسلامية ، وإذا لم يتقدم أمير المؤمنين ويقود الناس ليخرجهم من هذا النفق المظلم فإنهم على استعداد لمبايعة أمير غيره ليقودهم للخلاص أو الشهادة ، ورد قادة الإمارة على تلك القبائل بأن الأيام القادمة ستشهد عمليات ساخنة ستؤكد للجميع أن الحل الأمثل في أفغانستان هو قيادتها من قبل العلماء وطلبة العلم بالكتاب والسنة ، وسيكون هذا قريباً بإذن الله تعالى .

n التواجد الأمريكي في قندهار وبعض المدن تواجد صوري فقط ، فلديهم خطة محكمة بالتنسيق مع العملاء للدخول في المدن وخاصة قندهار بأعداد كبيرة ثم تصوير ذلك المشهد والبقاء لمدة ساعات في المدينة ومن ثم الانسحاب إلى مناطق بعيدة ونائية لقواعدهم ، وهدفهم من تلك التحركات إحباط معنويات الناس بأنهم سيدخلون مدنهم في أي وقت ، وأيضاً لبث تلك المشاهد إلى العالم بأنهم تمركزوا في كل المدن وطردوا الطالبان منها ، ونؤكد بأنه لا يوجد لهم قواعد في قندهار ولا جلال آباد بشكل دائم وتواجدهم مؤقت لمدة ساعات حتى ينتهي زمن التصوير والبث المباشر وبعدها الانسحاب .

n نطمئن جميع المسلمين بأن أوضاع المجاهدين جيدة ولا خوف عليهم وهم في أماكن لم يستطع العدو بفضل الله تحديدها وقصفها ، بل هم يتحركون من مناطق آمنة لشن عملياتهم والرجوع إليها ، وقد جن الصليبيون جنونهم حيث تجوب طائراتهم سماء جميع المناطق لتحديد مواقع المجاهدين ولم تفلح حتى الآن ، وقد أعلنوا بأن المجاهدين الآن في حالة كمون من المتوقع بعدها أن يتحركوا لشن هجماتهم بقوة في كل مكان ، وهذه هي البداية التي سينطلق المجاهدون منها حينما جهل العدو قواعدهم .

n وأخيراً نطلب من المسلمين في كل مكان أن يناصروا المجاهدين بدعائهم ، ويسألوا الله أن ينصرهم ويسدد رميهم ويمكن لهم ويحفظهم ويشفي جراهم ويعمي أبصار العدو عنهم ، ويسألوا الله أن يأذن بدمار أمريكا وينزل عليها العذاب والأمراض ويهلك جندها ويفجر سلاحهم في أرضهم ويسقط طائراتها ويغرق سفنها إنه قوي عزيز .

والصلاة والسلام على رسول الله

وعلى آله وصحبه أجمعين



مركز الدراسات والبحوث الإسلامية



بمناسبة حلول عيد رمضان المبارك أرسل بعض طلبة العلم هذه البرقية إلى المجاهدين في أفغانستان وفي كل مكان ، ونظراً لجودة هذه البرقية رغم طولها فقد رأينا نشرها لتعم الفائدة وتصل جميع المجاهدين ومناصري الجهاد ، وننشر هذه البرقية ليعلم أناس آخرون بأن المجاهدين بحاجة إلى مثل هذا النوع من المناصرة والمناصحة ، وليسوا بحاجة إلى من يحصي عليهم أخطاءهم أو يفتري عليهم ويشهر بهم بين الناس فهذا منهج عقيم لا فائدة منه في مثل هذه الظروف خاصة ، فحاجة المجاهدين إلى النصرة والمناصحة المتعقلة بنفس هادئة وغير متشنجة هي المطلوبة في هذا الوقت ، وهذه البرقية نموذج ليتعلم الجهال طريقة المناصحة والنصرة .

بسم الله الرحمن الرحيم

برقية تهنئة إلى المجاهدين في أفغانستان خاصة وإلى جميع المجاهدين في فلسطين وفي الشيشان وفي كشمير وفي كل مكان



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فإننا نحمد إليكم الله تعالى الذي له الحمد كله وله الشكر كله وله الثناء الحسن ، له الحمد والمجد والكبرياء والعظمة ، له الحمد في الأولى والآخرة وإليه النشور .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد نبي الملحمة الذي حاصره المشركون في الشعب حتى لم يجد هو ومن معه ما يأكلون ، وطرحوا السلى على ظهره الشريف وهم يتضاحكون ، وأدميت عقباه في سبيل الله ، وكسرت رباعيته الكريمة وهشمت بيضة الحرب على رأسه الطاهر ، وقتل أصحابه بين يديه وهو مع كل ذلك صابر محتسب ، لا يزيده ذلك إلا ثباتاً وإيماناً وإقداماً فيما يرضي الله جل وعلا .

ورضي الله تعالى عن صحابته الكرام الذين بذلوا أرواحهم لله تعالى ، أوذوا فصبروا وصابروا ، وجاهدوا فأبلوا وثبتوا .

ثم أما بعد فليس مثلنا من القاعدين من يكتب لإخوانه من المجاهدين أو يوصيهم ، وهل نقول ليتنا معكم ؟ إنا والله لنخشى ألا نكون صادقين بذلك حقيقة ، وإن كان في القلب شوق إلى تلك الربى و الوهاد ومقامات الجهاد

أيها الأحبة الأبطال نبعث بهذه التهنئة إليكم وأنتم في أجل موضع وأسمى عبادة ، فنقول تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام والجهاد ، وجعلنا الله وإياكم من الفائزين سائلين المولى عز وجل أن يكون عيداً مكللاً بالنصر والتمكين .

أيها الأفذاذ لقد حملتم راية الجهاد في تلك البلاد ضد أشرس عدو فنسأل الله تعالى لنا ولكم الثبات ولئن خُذلتم من كثير من المسلمين فـ ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور ) وتذكروا حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك ) وفي رواية ( لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم ) الحديث أخرجه مسلم .

إننا نبعث إليكم مع التهنئة والدعاء بالنصر ما تكنه قلوبنا لكم من الحب والتقدير ، حباً في الله جل وعلا ( نسأله سبحانه أن يكون كذلك ) حباً لمن بذل نفسه وماله في سبيله عز وجل ، ورابط ليذود عن حياض المسلمين وحرماتهم ، وتقديراً لتلك النفوس التي سمت همتها فوق حطام الدنيا لتنال سنام الدين .

وإن من صدق حبنا لكم – إن شاء الله – وخالص مودتنا وهو من أعظم حقوقكم علينا وأجلى معاني أخوّتنا لكم أن تتضمن رسالتنا وتهنئتنا شيئاً من الوصايا من باب الذكرى والذكرى تنفع المؤمنين ، وإن كانت لا تخفى على أمثالكم ولا تغيب – إن شاء الله – عن أذهانكم بيد أن الحرب قد تُذهل وعوارض المهمات قد تُشغل.

وقد قال الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو أتقى الأمة لله وأخشاهم له ( يا أيها النبي اتق الله ..) في أكثر من آية .، بل وعاتبه الله عزوجل في أكثر من آية أيضاً بآبائنا هو وأمهاتنا عليه الصلاة والسلام .

فإليكم هذه الوصايا التي نحسب أنها تقع من قلوبكم موقعها إن شاء الله :-

أولاً : قال الله تعالى ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير ) قال ابن جرير في تفسيره 9/248 فقاتلوهم حتى لا يكون شرك ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له فيرتفع البلاء عن عباد الله من الأرض وهو الفتنة ويكون الدين كله لله يقول حتى تكون الطاعة والعبادة كلها لله خالصة دون غيره ثم ذكر قول ابن عباس حتى لا تكون فتنة يعني حتى لا يكون شرك وقول قتادة ويكون الدين كله لله حتى يقال لا إله إلا الله عليها قاتل النبي صلى الله عليه وسلم وإليها دعا وقول ابن جريج أي لا يفتن مؤمن عن دينه ويكون التوحيد لله خالصا ليس فيه شرك ويخلع ما دونه من الأنداد أ. هـ.

فهذه إذاً الغاية من الجهاد إنما هي إقامة توحيد الله في الأرض ونبذ كل ما ينافيه ورفع الفتنة والبلاء عن المسلمين ، فلتكن هذه الغاية أمامكم حاضرة وبين أعينكم شاهدة .

ثانياً : ( وهو من معاني التوحيد ) أن تجعلوا الإخلاص لله ، والصدق معه شعاركم ، وطلب مرضاته دثاركم ، واحذروا فساد النية ، واعلموا أن الجهاد لا يكون جهاداً إلا إذا كان لإعلاء كلمة الله ونصر دينه ، وليكون دين الله هو الحاكم ، وشرعه هو الممكن في الأرض .

أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه- قال: قال أعرابي للنبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل ليذكر ويقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله ؟ فقال (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ).

فوالله لقطرة دم واحدة أغلى من أن تُبذل في سبيل شهوة للنفس أو متعة في الدنيا من ذكر أو حسن ثناء أو غير ذلك ، ولكن في سبيل الله سبحانه ولأجله وحده ما أرخص النفس ولو كان معها ألف نفس ، قال الله تعالى ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ) وقال تعالى ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ) وقال تعال ( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب ) .

قال ابن القيم رحمه الله في عدة الصابرين 1/187 فهذه ثلاث آيات يشبه بعضها بعضا وتدل على معنى واحد وهو أن من أراد بعمله الدنيا وزينتها دون الله والدار الآخرة فحظه ما أراد وهو نصيبه ، ليس له نصيب غيره و الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مطابقة لذلك مفسرة له كحديث أبى هريرة رضى الله عنه في الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار ( ويعني بذلك حديث أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار ) أخرجه مسلم .

وفى سنن النسائى عن أبى أمامة رضى الله عنه قال جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله رجل غزا يلتمس الأجر والذكر ما له فقال رسول الله ( لا شئ له فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله لا شئ له ثم قال إن الله تعالى لا يقبل إلا ما كان خالصا وابتغى به وجهه ) فهذا قد بطل أجره وحبط عمله مع أنه قصد حصول الأجر لما ضم إليه قصد الذكر بين الناس فلم يخلص عمله لله فبطل كله .

وفى مسند الإمام أحمد عن أبى هريرة أن رجلا قال يا رسول الله الرجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغى عرض الدنيا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا أجر له فأعظم الناس ذلك وقالوا للرجل عد لرسول الله لعله لم يفهم فعاد فقال يا رسول الله الرجل يريد الجهاد فى سبيل الله وهو يبتغى عرض الدنيا فقال رسول الله لا أجر له ثم أعاد الثالثة فقال رسول الله لا أجر له ) .

وفى المسند أيضا وسنن النسائي عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال من غزا في سبيل الله عز وجل وهو لا ينوى في غزاته إلا عقالا فله ما نوى ) .

وفى المسند والسنن عن يعلى بن منبه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثني في سرايا فبعثني ذات يوم في سرية وكان رجل يركب بغلا فقلت له ارحل فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعثني في سرية فقال ما أنا بخارج معك حتى تجعل لي ثلاثة دنانير ففعلت فلما رجعت من غزاتي ذكرت ذلك لرسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليس له من غزاته هذه ومن دنياه وآخرته إلا ثلاثة دنانير ) .

وفى سنن أبى داود أن عبد الله بن عمر رضى الله عنه قال يا رسول الله أخبرني عن الجهاد والغزو فقال يا عبد الله بن عمر ( إن قاتلت صابرا محتسبا بعثك الله صابرا محتسبا وان قاتلت مرائيا مكاثراً بعثك الله مرائيا مكاثراً يا عبد الله بن عمر على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله على تلك الحال ) .

وفى المسند والسنن عن أبى أيوب رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إنها ستفتح عليكم الأمصار وتضربون فيها بعوثا فيكره الرجل منكم البعث فيخلص من قومه ويعرض نفسه على القبائل يقول من أكفيه بعث كذا وكذا ألا وذلك الأجير إلى آخر قطرة من دمه ) فانظر محبة الدنيا ماذا حرمت هذا المجاهد من المجاهدين من الأجر وأفسدت عليه عمله وجعلته أول الداخلين إلى النار.أ.هـ

ولقد كان السلف رحمهم الله لشدة حرصهم على قبول أعمالهم وخوفهم مما قد يخالطها من شهوات النفس الخفية يجتهدون كثيراً في إخفائها عن الخلق ، حتى ليبلغ ذلك من بعضهم أن أقرب الناس إليه قد لا يعلم عن خاصة عبادته ، وها هو ابن واسع يكشف لنا سراً فيقول " إن الرجل ليبكي عشرين سنة وامرأته لا تعلم " وكانوا لا ينقطعون أبداً في تربية نفوسهم وتزكيتها ولا يغترون بكثرة المادحين ، ولا جمهرة المعجبين ما داموا هم أعلم الناس بأنفسهم ، ومحمد بن واسع يعمل بذلك حتى في النزع الأخير من حياته ، قال عنه أحد أصحابه " لما ثقل محمد بن واسع كثر الناس عليه في العيادة فدخلت فإذا قوم قيام وآخرون قعود ، فأقبل عليّ فقال : أخبرني ما يغني هؤلاء عني إذا أخذ بناصيتي وقدمي غداً ، وأُلقيت في النار ؟ ثم تلا هذه الآية ( يُعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام ) .

بل إن التابعي هرم بن حيان ضرب لنا مثلاً يبين شدة خوفهم من العجب وعظيم خشيتهم من تسربه إلى نفوسهم فقد وليّ منصباً وتوقع أن قومه سيأتونه مهنئين فأمر بنار فأوقدت بينه وبين من يأتيه من القوم ، فجاء قومه فسلموا عليه من بعيد ، " فقال : مرحباً بقومي ادنوا ، فقالوا والله ما نستطيع أن ندنو منك لقد حالت النار بيننا وبينك ، قال : فأنتم تريدون أن تلقوني في نار أعظم منها في نار جهنم فرجعوا " وهذا المستخفي بعمله يحدثنا عن مماته الحسن قال : إن هرماً لما مات كان في غزاة في يوم صائف ، فلما فُرغ من دفنه جاءت سحابة حتى كانت حيال القبر فرشت القبر حتى تروّى ، ولم يجاوز القبر منها قطرة ، ثم عادت عودها على بدئها " .

وهذا إمام المجاهدين في زمانه عبد الله بن المبارك رحمه الله يلخص لنا أفضل مثل لإخفاء الأعمال قال عبد الله بن سنان كنت مع ابن المبارك ومعتمر بن سليمان بطرسوس ، فصاح الناس النفير ، فخرج ابن المبارك والناس ، فلما اصطف الجمعان ، خرج رومي فطلب البراز فخرج إليه رجل ، فشد العلج عليه فقتله ، حتى قتل ستة من المسلمين ، وجعل يتبختر بين الصفين يطلب المبارزة ، ولا يخرج إليه أحد ، فالتفت إلىّ ابن المبارك فقال : يا فلان إن قُتلت فافعل كذا وكذا ، ثم حرك دابته ، وبرز للعلج ، فعالج معه ساعة فقتل العلج ، وطلب المبارزة ، فبرز له علج آخر فقتله حتى قتل ستة علوج وطلب البراز ، فكأنهم كاعوا عنه أي جبنوا ، فضرب دابته ، وطرد بين الصفين ، ثم غاب فلم نشعر بشيء ، وإذا أنا به في الموضع الذي كان ، فقال لي : يا عبد الله لئن حدثت بهذا أحداً وأنا حي ، فذكر كلمة ( يعني يتوعده ) .

ثالثاً : عليكم بتحقيق التعلق بالله وحده وإقبال القلب عليه سبحانه والعناية العظيمة بما يزيد ذلك وينميه من أعمال القلوب التي هي أصل أعمال الجوارح ومنها :-

1- الدعاء وهو أحدِّ سلاح وأمضاه ، عليكم بدعاء المولى الرحيم الرحمن القريب المجيب ، عليكم بالتضرع بين يديه والابتهال إليه آناء الليل وأطراف النهار ، في كل حال وآن ، إنكم لفي حال الاضطرار فادعوه دعاء المضطر قال جل وعلا ( أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله تعالى الله عما يشركون ) وقال سبحانه ( وذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) وقال جلا وعلا ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) .

ولقد حدثنا من كان في أفغانستان في الجهاد الأول في بعض أيامها العصيبة – ولعل بعضكم قد شهدها – حين أتى عليهم من القصف ما يشبه ما أنتم فيه وزلزلوا زلزالاً شديداً قال الراوي " فوالله ما ندري ما نصنع فلجأنا إلى الله تعالى فلا ترى أحداً تلك الأيام من المجاهدين إلا داعياً أو مبتهلاً أو مصلياً متضرعاً هذا في خندقه وهذا عند سلاحه وذاك تحت شجرة …بكاء وتضرع ودعاءٌ وإلحاح ..يقول فوالله ما هو إلا أن شعرنا بأن الله جل وعلا قد قذف في قلوب الروس الرعب فولّوا منهزمين ولله الحمد والمنة " .

ولعلكم قرأتم أيضاً قول أحد النصارى " إن صلاح الدين لم ينتصر علينا بجيشه وقوته ، وإنما انتصر علينا بالدعاء وقيام الليل " .

ومن أعظم الدعاء الاستغفار فقد كانت دعوة يونس عليه السلام التي أنجاه الله بها من بطن الحوت قوله ( لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ولذلك قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم ( فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له ) رواه الترمذي والنسائي .

وفي الحديث الذي أخرجه أبو داود عن ابن عباس أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب ) .

ولئن أوصيناكم يا إخواننا وأحبتنا وردءنا بهذه الوصية العظيمة فإننا ما زلنا إن شاء الله تعالى نتواصى بها ونبشركم أنه ما من مجلس إلا ويوصى به أول ما يوصى بالدعاء في كل حال ، وما زال كثير من الأئمة يقنتون لكم وكانت المساجد ترتج في رمضان بدعاء الأئمة وتأمين المأمومين .

فكما أوصيناكم بذلك فإننا لا ننسى أيضاً أن نذكركم بأن توصوا من حولكم بهذا السلاح النافذ فكلٌ يوصي من تحت يده وكل قائد يوصي مجموعته .

بل إذا أمكن أن تلقى بعض الدروس أو بعض المواعظ في الجبهات ولو كانت يسيرة عن أهمية الدعاء وآدابه وأثره وأنه من أعظم أسباب النصر ، وشيء من سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام كما في بدر وغيرها ، وشيء من سيرة أصحابه ومن بعدهم ونحو ذلك مما يقوي التعلق بالله تعالى ويثبت القلوب ويكون سبباً في تنزل السكينة والطمأنينة التي تشتد حاجة المجاهد إليها ، كالتذكير بعظمة الباري جل وعلا ومعنى ( الله أكبر ) أي أكبر من كل شيء ، والآيات في ذلك كقوله تعالى عن عاد إذ قالوا ( من أشد منا قوة ) فقال الله تعالى ( أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ) .

والتذكير بأننا لا نغلب عدونا بعددنا ولا عتادنا ولم نغلبهم خلال التاريخ يذلك ، وإنما نغلبهم بإيماننا ويقيننا وتوحيدنا وإخلاصنا ، وتمسكنا بشرع الله والتأسي بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .

2- التوكل على الله وحده وصدق اللجوء إليه وتفويض الأمور إليه مع الأخذ بالأسباب ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال الله فيهم ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله )

واستحضروا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس عندما أوصاه بقوله (يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله - وفي روايه أحمد تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة - واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف – وفي رواية أحمد واعمل لله بالشكر واليقين واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا ) رواه أحمد و الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح .

3- استشعار عظمة الباري عز وجل كما أشرنا آنفاً .

4- الخشية والرهبة منه جل وعلا قال الله في وصف أنبيائه ( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله ) .

5- الرغبة إليه جل وعلا والرجاء فيما عنده قال الله سبحانه وتعالى ( ويرجون رحمته ويخافون عذابه ) وقال ( إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون ) .

6- الصلاة فرضها ونفلها فإنها من أعظم ما يعين المسلم على نوائب الدهر قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، والمجاهد من أحوج الناس إلى هذه العبادة العظيمة قال النبي صلى الله عليه وسلم ( العبادة في الهرج كهجرة إليّ ) أخرجه مسلم والهرج هو القتل .

رابعاً : نوصيكم بوصية الله تعالى إذ يقول ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين )

قال ابن القيم رحمه الله في الفروسية ص 505 " فأمر المجاهدين فيها بخمسة أشياء ما اجتمعت في فئة قط إلا نصرت وإن قلت وكثر عدوها أحدها الثبات الثاني كثرة ذكره سبحانه وتعالى الثالث طاعته وطاعة رسوله الرابع اتفاق الكلمة وعدم التنازع الذي يوجب الفشل والوهن وهو جند يقوي به المتنازعون عدوهم عليهم فإنهم في اجتماعهم كالحزمة من السهام لا يستطيع أحد كسرها فإذا فرقها وصار كل منهم وحده كسرها كلها الخامس ملاك ذلك كله وقوامه وأساسه وهو الصبر فهذه خمسة أشياء تبتنى عليها قبة النصر ومتى زالت أو بعضها زال من النصر بحسب ما نقص منها وإذا اجتمعت قوى بعضها بعضا وصار لها أثر عظيم في النصر ولما اجتمعت في الصحابة لم تقم لهم أمة من الأمم وفتحوا الدنيا ودانت لهم العباد و البلاد ولما تفرقت فيمن بعدهم وضعفت آل الأمر إلى ما آل إليه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والله المستعان وعليه التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل " أ.هـ .

وقال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ) .

فالله الله في الاجتماع والتآلف والتواصل بين فئات المجاهدين ، كونوا أهل القدح المعلى في هذا الشأن بل واضربوا المثل الأعلى فيه .

إن من أعظم بركات الجهاد في سبيل الله تعالى أنه يرفع النفوس عن الاختلاف والتنازع ويعلوا بها عن كل ما يعكر صفو القلوب أو يورث الشحناء ذلك أنه اجتماع لإعلاء كلمة الله تعالى الإله الواحد والتحام في الصفوف ضد عدو واحد في خندق واحد .

إن اجتماع الكلمة بين المجاهدين من أعظم أسباب النصر وإن أدنى افتراق لابد وأن يظهر أثره بين المجاهدين ، ثم أثره في ذهاب الريح وضعف القوة ونزع البركة والثمرة .

وإن من أسباب الألفة :-

1- التجرد لله سبحانه وتعالى والتخلص من جميع حظوظ النفس ، واستشعار الغاية التي من أجلها ثبت المجاهدون وبذلوا لها أرواحهم ومن أجلها يفرحون أو يحزنون أو يرضون أو يغضبون ، فإذا استشعر المجاهد ذلك وأنه لا غاية له إلا ما يرضي الله حمله هذا على الحرص على الاتفاق والتآلف والوصول إلى الغاية المجردة عن جميع ما يعتريها من ملابسات أو عوائق .

وهاهنا كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية يحسن إيراده حيث يجمع معاني عظيمة قال رحمه الله في السياسة الشرعية 1/ 137( قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله يرضى لكم ثلاثة أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم )رواه مسلم وقال ( ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العلم لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم ) رواه أهل السنن وفي الصحيح عنه أنه قال ( الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) فالواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات وإنما يفسد فيها حال أكثر الناس لابتغاء الرياسة أو المال بها وقد روى كعب بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال أو الشرف لدينه ) قال الترمذي حديث حسن صحيح فأخبر أن حرص المرء على المال والرياسة يفسد دينه مثل أو أكثر من إرسال الذئبين الجائعين لزريبة الغنم وقد أخبر الله تعالى عن الذي يؤتى كتابه بشماله أنه يقول ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه وغاية مريد الرياسة أن يكون كفرعون وجامع المال أن يكون كقارون وقد بين الله تعالى في كتابه حال فرعون وقارون فقال تعالى ( أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق ) وقال تعالى ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) فإن الناس أربعة أقسام القسم الأول يريدون العلو على الناس والفساد في الأرض هو معصية الله وهؤلاء الملوك والرؤساء المفسدون كفرعون وحزبه وهؤلاء هم شرار الخلق قال الله تعالى (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين ) وروى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار من في قلبه ذرة من إيمان فقال رجل يا رسول الله إني احب أن يكون ثوبي حسنا ونعلي حسنا أفمن الكبر ذاك قال لا إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس ) فبطر الحق دفعه وجحده وغمط الناس احتقارهم وازدراؤهم وهذا حال من يريد العلو والفساد والقسم الثاني الذين يريدون الفساد بلا علو كالسراق المجرمين من سفلة الناس والقسم الثالث يريد العلو بلا فساد كالذين عندهم دين يريدون أن يعلوا به على غيرهم من الناس وأما القسم الرابع فهم أهل الجنة الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا مع أنهم قد يكونون أعلى من غيرهم كما قال الله تعالى ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) وقال تعالى ( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم ) وقال ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) فكم ممن يريد العلو ولا يزيده ذلك إلا سفولا وكم ممن جعل من الأعلين وهو لا يريد العلو والفساد وذلك لأن إرادة العلو على الخلق ظلم لأن الناس من جنس واحد فإرادة الإنسان أن يكون هو العلي ونظيره تحته ظلم ومع أنه ظلم فالناس يبغضون من يكون كذلك ويعادونه لأن العادل منهم لا يحب أن يكون مقهورا لنظيره وغير العادل منهم يؤثر أن يكون هو القاهر أهـ .

وخليق بالمجاهد والمرابط في سبيل الله أن يكون أبعد الناس عن حظوظ النفس وأسماهم عن تطلعاتها وما قد تستشرف إليه ، وفي هذا يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ( تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع ) أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ، فأخبر في هذا الحديث أن المجاهد لا يلتفت إلى موقعه حيث ينظر الناس إليه ؛ وإنما غايته رضى الله وهمه مصلحة الجهاد فحيث كانت المصلحة رضي بما قدر الله له وبما يأمره به أميره سواء كان في أول الجيش أو في آخره قائداً كان أو جندياً مغموراً .

2- ( وهو متعلق بما سبق ) ألا وهو تقديم حسن الظن وإذا كان هذا حقاً لعامة المسلمين كما قال سبحانه وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ) فإنه بين المجاهدين أولى وهم به أحرى ، وأن يلتمس المسلم لأخيه كل ما يستطيع من عذر لا سيما وأن حال الجهاد حال يعترضها من العوارض الكثير .

3- الرفق واللين بين الإخوة في الدين قال الله تعالى في وصف من يحبهم ويحبونه : ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكفرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ) وقال سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ( واخفض جناحك للمؤمنين ) ، وقال له أيضاً ( فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ) قال ابن القيم رحمه الله في زاد المهاجر 1/76 " وقد تضمنت هذه الكلمات مراعاة حق الله وحق الخلق فإنهم إما يسيئون في حق الله أوفي حق رسوله فإن أساءوا في حقك فقابل ذلك بعفوك عنهم وان أساءوا في حقي فاسألني اغفر لهم واستجلب قلوبهم واستخرج ما عندهم من الرأي بمشاورتهم فإن ذلك أحرى في استجلاب طاعتهم وبذل النصيحة فإذا عزمت فلا استشارة بعد ذلك بل توكل وامض لما عزمت عليه من أمرك فإن الله يحب المتوكلين فهذا وأمثاله من الأخلاق التي أدب الله بها رسوله وقال تعالى فيه ( وإنك لعلى خلق عظيم ) قالت عائشة رضي الله عنها ( كان خلقه القرآن ) وهذا لا يتم إلا بثلاثة أشياء أحدها أن يكون العود طيبا فأما إن كانت الطبيعة جافية غليظة يابسة عسر عليها مزاولة ذلك علما وإرادة وعملا بخلاف الطبيعة المنقادة اللينة السلسة القياد فإنها مستعدة إنما تريد الحرث والبذر الثاني أن تكون النفس قوية غالبة قاهرة لدواعي البطالة والغي والهوى فان هذه الأمور تنافي الكمال فان لم تقو النفس على قهرها وإلا لم تزل مغلوبة مقهورة الثالث علم شاف بحقائق الأشياء وتنـزيلها منازلها يميز بين الشحم والورم والزجاجة والجوهرة فإذا اجتمعت فيه هذه الخصال الثلاث وساعد التوفيق فهو القسم الذي سبقت لهم من ربهم الحسنى وتمت لهم العناية والله سبحانه وتعالى اعلم " أ.هـ ونؤكد ما أشار إليه ابن القيم هنا من أهمية الشورى فإنها مع ما فيها من امتثال أمر الله تعالى بها وتمثل ما وصف المؤمنين بها بقوله ( وأمرهم شورى بينهم ) ومع ما فيها من تسديد الرأي وتجنب العجلة والندم ، مع كل ذلك فإن فيها من جلب المحبة والألفة ما هو ظاهر ، وجميل بالمجاهدين عامة فضلاً عمن ينطلقون من مبدأ واحد أن يكون لهم اجتماع للشورى وسيجدون فيه من الخير ـ بإذن الله ـ ما لم يخطر لهم على بال .

4- التواصل بكل صفاته وأشكاله قال النبي صلى الله عليه وسلم ( استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ) فأخبر في هذا الحديث أن اختلاف الأبدان في الاصطفاف للصلاة يورث اختلاف القلوب ، ففي هذا إشارة إلى أثر التقارب في الأبدان في ائتلاف القلوب .

5- تحقيق قول الله سبحانه وتعالى ( وإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) وقوله ( وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله ) وقوله ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) والمقصود بأولي الأمر أهل العلم والمعرفة ، ثم تحقيق قوله سبحانه ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) وقوله ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً )

خامساً : مما نوصي به كافة المجاهدين هو التناصح بينهم وتسديد بعضهم بعضاً وتعليم بعضهم البعض بالتي هي أحسن وبالأسلوب المناسب والقول اللين الجميل مع اجتناب تتبع الزلات والعثرات . قال ابن القيم رحمه الله في الروح 1/257 والفرق بين النصيحة والتأنيب أن النصيحة إحسان إلى من تنصحه بصورة الرحمة له والشفقة عليه والغيرة له وعليه فهي إحسان محض يصدر عن رحمة ورقة ومراد الناصح بها وجه الله ورضاه والإحسان إلى خلقه فيتلطف في بذلها غاية التلطف ويحتمل أذى المنصوح ولائمته ويعامله معاملة الطبيب العالمِ المشفقِ المريضَ المشبعَ مرضا وهو يحتمل سوء خلقه وشراسته ونفرته ويتلطف في وصول الدواء إليه بكل ممكن فهذا شأن الناصح ، وأما المؤنّب فهو رجل قصده التعيير والإهانة وذم من أنبه وشتمه في صورة النصح فهو يقول له يا فاعل كذا وكذا يا مستحقا الذم والإهانة في صورة ناصح مشفق أهـ .

فهذه بعض الوصايا التي رأينا لزاماً علينا أن نشارككم جهادكم بها نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها لوجهه خالصة وأن ينفع بها كما نسأله أن تصلكم وأنتم على خير حال منصورين مسددين وأن يفتح لكم فتحاً من عنده وأن يهبكم من فضله ورحمته وأن ينزل عليكم السكينة والثبات ، وصلى الله وسلم وبارك على إمام المجاهدين وقدوة المخلصين وصحابته الفاتحين ومن تبعهم إلى يوم الدين .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

إخوانكم / بعض طلبة العلم .





:cool: