المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقرير..المغرب: الغلاء يلهب جيوب البسطاء



إسلامية
07-06-2008, 05:28 PM
المغرب: الغلاء يلهب جيوب البسطاء



الرباط/ حسن الأشرف 3/6/1429
07/06/2008



يعيش المغرب منذ مارس 2005 على إيقاعٍ متصاعد لارتفاع الأسعار، وغلاء أثمان المواد الاستهلاكية الأساسية والخدمات، مثل الكهرباء والماء والنقل وغيرها.
فقد شهدت الأسعار ارتفاعا في كل السلع وفي الخضراوات والفواكه أيضا؛ حيث تضاعف ثمنها مرتين أو أكثر؛ الأمر الذي يقض مضجع كثير من الأُسَرِ المغربية الفقيرة، أو ذات الدخل المحدود والمتوسط، التي اكتوت من الارتفاع الصاروخي للأسعار. كما تزايدت فواتير الماء والكهرباء؛ حيث ارتفعت أيضا بنسبة 7 في المائة، فكانت الزيادة الأولى في بداية فبراير 2006، والثانية في أول يوليو 2006.


أسباب خارجية
ومن بين الأسباب المفضية إلى غلاء الأسعار بالمغرب تقلبات الأسعار العالمية للبترول وغيره من المواد والمنتجات الأجنبية المستوردة، فقد انعكست أسعار النفط المشتعلة في الأسواق الدولية خلال السنوات الأخيرة على مستوى الأسعار بالمغرب؛ حيت فاق مستوى التضخم هذه السنة كل التوقعات، بعد الارتفاع الذي شهدته أسعار العديد من المواد الأساسية والخدمات، إثر الزيادات المتتالية في سعر المحروقات (خمس زيادات في ظرف أقل من سنتين).
وبارتفاع فاتورة المنتجات النفطية، التي يسددها المغرب سنويا(حوالي 1.5 مليار يورو في المتوسط)، أصبحت الدولة تلجأ باستمرار للزيادة في سعر استهلاك الوقود، مما جعل نسبة التضخم ومعدل تكلفة المعيشة يرتفعان في المتوسط، حسب تقريرٍ أخير للبنك المركزي بالمغرب، إلى أزيد من 3%.. ويؤكد بعض المحللين الاقتصاديين والماليين بالمغرب، أن عوامل التضخم الخارجية، وخاصة منها ارتفاع سعر النفط في الأسواق العالمية، والتي بلغتْ أرقاما قياسية في الشهور الماضية، شكلتْ هذه السنة إحدى المسببات الرئيسية لارتفاع الأسعار بالمغرب.


أسباب داخلية
ولعل من بين الأسباب الداخلية لغلاء الأسعار بالمغرب استمرار عجز صندوق المقاصة، والذي من مهامه الرئيسة إحداث الموازنة الاقتصادية والاجتماعية في أداء وظيفته كما يجب. فالمبالغ التي يصرفها الصندوق لدعم أربعة مواد استهلاكية أساسية، تعد بمليارات الدراهم سنويا، وتتوزع على الخصوص بين الدقيق والسكر والمحروقات، وغاز الاستعمال المنزلي، لكن في الوقت ذاته تشهد مواد استهلاكية تناميًا في الأسعار، ولا ينحصر الأمر في الزبدة أو الزيت قبل رفع الدعم عنهما، لكن في مواد أساسية في المجتمع المغربي. ففي الآونة الأخيرة ارتفعت أسعار مواد غذائية بالغة الأهمية في بيوت غالبية الأسر المغربية، وعلى الخصوص: زيت المائدة، والدقيق، والسكر، والحليب.
وأكد عبد السلام أديب المنسق الوطني للجهات المناهضة لارتفاع الأسعار بالمغرب في تصريحات صحفية سابقة له أنّ الحكومة المغربية هي المسئولة عن زيادة الأسعار من خلال رفع الضريبة على القيمة المضافة، خصوصًا بالمواد الأساسية، والزيادة في أسعار جميع وسائل النقل، فضلًا عن التخلي عن "صندوق المقاصة" الذي كان يَدْعَمُ مواد الاستهلاك الأساسية؛ مثل الزيت، والسكر، والشاي، والدقيق، حِرْصًا على عدم المسّ بالقدرة الشرائية للمواطنين، خاصةً الفئات الفقيرة".
والسبب الثاني،فيما يؤكد المحلل الاقتصادي فؤاد عمور ، يرجع إلى عامل نفسي، ويرتبط بوجود علاقة وثيقة بين "المدخرات" والارتفاع العام للأثمان، وتصل نسبة الارتفاع تحت تأثير العامل الثاني إلى الضِّعْف".
والسبب الثالث : ضَعْف حضور منظمات المجتمع المدني، العاملة في حقل حماية المستهلك، وتُوَضِّح هذه المنظمات أنّ هذا الضعف يُفَسَّرُ هو أيضًا بغيابِ ثقافةِ حماية المستهلك في المجتمع المغربي، من ناحية، وبغياب ترسانة قانونية تنظم المجال من جميع واجهاته.


ضد الغلاء
وعبأت الجمعيات الفاعلة والمناهضة لارتفاع الأسعار المجتمعَ المغربي للقيام بإضراب احتجاجي بدأ يوم 18 فبراير المنصرم وانتهى في الرابع والعشرين منه، من خلال الامتناع عن استهلاك الكهرباء لمدةِ أسبوعٍ كلَّ مساءٍ من السادسة إلى السابعة، ومن الثامنة إلى التاسعة، والامتناع عن أداء فواتير الماء والكهرباء.
وتأسست بالمغرب أيضا "تنسيقيةٌ" مناهضةٌ لارتفاع الأسعار على إثر اجتماعِ عددٍ من الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية لبحث السبل الكفيلة لمواجهة هذه الزيادات التي تُنْهِك القدرة الشرائية للمغاربة، وتخرق حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، خاصةً حين يقترن الغلاء بمناسبات اجتماعية؛ مثل الدخول المدرسي، وحلول شهر رمضان المبارك، كما سيحدث في الدخول المدرسي المقبل، مع جمود في الأجور.
وتشهد هاتان المناسبتان ارتفاعًا ملحوظا في معدل الإنفاق بالنسبة لعموم الأسر المغربية، مما يعمق ويُؤَزِّم بشكلٍ كبيرٍ الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، ويُشَكِّل ضربةً قاضيةً للقدرة الشرائية، وثقوبا إضافية في جيوبهم وإرهاقا لميزانياتهم..
ودعت هذه التنسيقية المناهضة لارتفاع الأسعار إلى الرفع من الأجور بشكل أكثرَ مما تم الإعلان عنه مؤخرا ، وتطبيق السلم المتحرك للأجور والأسعار بما يوازي الحدّ الأدنى للمعيشة، فالرواتب الهزيلة لا تلبي أدنى حاجيات المواطن المغربي، معتبرةً أنّ الزيادات في الأسعار بمثابة ضريبة إجبارية تقع على كاهل المواطنين، وتتم بدون إرادتهم أو عِلْمِهم، مِمَّا يُشَكِّل ممارسة عنيفة في حق أوسع شرائح المجتمع. واعتبرت التنسيقية غير ما مرة أنّ الزيادات في الأسعار بالمغرب تخرق مبادئ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والإعلان العالمي للحق في التنمية، والإعلان العالمي حول التقدم والإنماء في الميدان الاجتماعي".


مسيرات احتجاجية
وقد شهدت كثير من مدن المغرب خلال الأشهر الأخيرة احتجاجاتٍ شعبية ضد غلاء الأسعار، وتنظيم مسيرات وطنية شارك فيها آلاف المغاربة ضد غلاء الأسعار. وتندرج تلك المسيرات ضمن برنامج نضالي لتنسيقياتِ مناهضةِ ارتفاعِ الأسعار، كوسيلةِ ضغطٍ، وأداةٍ للتحضير ضد الغلاء، وتَرَدِّي الأوضاع الاجتماعية.
ويعتبر عبد السلام أديب، منسق التنسيقية الوطنية لمناهضة ارتفاع الأسعار، أن السياسة المعتمدة هي سياسة الطبقية، والسياسة الاقتصادية والاجتماعية مملاةٌ من لدن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فهدفها الأساسي هو مراكمة الأرباح، وليس مصلحة المواطن البسيط والعادي''.
ويشدد أديب على ضرورة إدانة هذه الزيادات؛ لأنها تضر بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية للمواطنين؛ لأن هناك مواثيق دولية لحقوق الإنسان تنص على ضرورة توفر المواطن على حد أدنى من المعيشة والكرامة؛ لأنه تلزمه مصاريف لتدريس وتطبيب أبنائه؛ فبهذه الزيادات لا يكفيه دخله الفردي ليعيش حياة كريمة، لهذا تطالب الجمعية بالتراجع عن هذا الارتفاع المسجل لأنه يضر بالمواطن''.


الانعكاسات الاجتماعية
ويترتب على غلاء الأسعار انعكاساتٌ اجتماعية وخيمة يلخصها الأستاذ عبد السلام أديب في النقاط التالية:
– الآثار السلبية للغلاء على الفقراء ومحدودي الدخل من كاسبي الأجور والمرتبات، الذين يُشَكِّلون القاعدة العريضة للطبقة الفقيرة، المحرومة من امتلاك آليات التكيف الإيجابي مع هذا الغلاء، كزيادة الأجور لمواكبة تزايد الأسعار، نظرًا لتجميد أجورهم وحرمان الكثير منهم.
– حدوث تراجعٍ كبير في كَمِّية ونوعية المواد الغذائية التي تستهلكها الأسر، خاصة وأنّ 75 % من الإنفاق العائلي لدى شرائح الدخل المنخفضة يذهب للتغذية.
- يُحْدِث الغلاء آثاره الوخيمة على النساء والأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة، ومن هذه الآثار: سوء التغذية، والتعرض للأمراض، وقلة الفرص المتاحة أمامهم للتعليم والتطبيب.
–تأثير ارتفاع الأسعار على سكان البادية وعلى الفلاحين الفقراء على الخصوص، الذين لا حيازة لهم، وكذلك على العمال الزراعيين، أو من لهم حيازات زراعية صغيرة .
– تأثير الغلاء على جيش من الفقراء في المدن؛ من أرامل، ومسنين، ومرضى، ومعوقين، ومَنْ يعيشون على الإعانات، والتحويلات المباشرة، كأصحاب المعاشات، والإعانات الاجتماعية، والعاطلين عن العمل.
– إن الغلاء يتسبب في سوء التغذية، وسوء الأحوال الصحية، وارتفاع نسبة وفيات الأطفال الرضع، وتفشي الأمية، وعدم توافر المياه الصحية، وتَعَثُّر خدمات الصرف الصحي، وتردي أحوال السكن.


http://islamtoday.net/albasheer/show_articles_content.cfm?id=72&catid=76&artid=12896 (http://islamtoday.net/albasheer/show_articles_content.cfm?id=72&catid=76&artid=12896)