المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثمن الذي يدفعه الباكستانيون



إسلامية
12-06-2008, 01:28 PM
الثمن الذي يدفعه الباكستانيون




لا الباكستانيون وحدهم الذين يدفعون ثمن ارتهان قادتهم للولايات المتحدة الأمريكية، وإنما جميع الدول التي دارت في فلك الدولة "الاستعمارية" الأولى من بلدان العالم الإسلامي الذين دفعوا فواتير غالية من قيمهم واستقرارهم واستقلالهم ومكانتهم السياسية والاقتصادية.
والناظر للسياسة الدولية في عالمنا الإسلامي يكاد لا يخفى عليه هذا التراجع الكبير في الأدوار الإقليمية لدول ذات وزن ثقيل في الحوض الإسلامي العريض، بسبب ارتضائها دور التابع المنقاد للولايات المتحدة الأمريكية، واستشراء الشعور بالانهزام النفسي أمام القوة الأكبر في العالم اليوم.
لا انفصام حقيقة بين ما هو "شرعي" في المسألة وما هو "سياسي" في المسألة ولا في غيرها بطبيعة الحال، غير أن من المهم أن نذكر على صعيد المصالح السياسية أن جميع الدول التي اقتربت من الغرب إذعاناً له لم تضف إلى رصيدها السياسي وإلى دورها الإقليمي والدولي شيئاً بل خصمت منه، وانسحبت من ميادين التأثير المختلفة أو كادت.
والهزيمة النفسية هي التي تجعل دولة بحجم باكستان سكانياً وعسكرياً وموقعاً وحضوراً تتخلف هكذا في الأصعدة المحيطة في دوائرها القريبة والبعيدة، وتغيب نهائياً عن التأثير في عدد من الملفات التي تقوي شوكتها وإرادتها السياسية الخارجية.
وفي وقت تنشغل فيه باكستان بمساعي إطاحة رئيسها الموالي للولايات المتحدة، وإعادة القضاة المعزولين من قبله إلى وظائفهم، وترتيب البيت الباكستاني من الداخل ـ وإن بطريقة خاطئة تبعاً لخلل أفرزته الانتخابات النيابية الفائتة ـ؛ تجد نفسها حبيسة حدودها، بل حتى ما هو أقل من حدودها، حيث طالبان باكستان ما زالت قوة محلية حاضرة ومرهوبة من الجيش الباكستاني، وتلقى ضبابية في موقفها من العدوان على أفغانستان واحتلالها، وتجد غياباً شبه كامل عن القضية الكشميرية، وتراجعاً عسكرياً لافتاً بعد سنوات قليلة من إعلانها امتلاك سلاحاً نووياً، وانكفاءً زائداً عن الحد المقبول على المألوف في دول تلاقي من مشكلات كمثل ما تلقاه إسلام آباد أو ربما أكثر.
إن المسيرة المليونية التي تتحرك باتجاه العاصمة احتجاجاً على سياسات الرئيس برفيز مشرف لا تعبر أبداً عن حجم ما خلفه هذا الارتهان؛ فهي وإن لم تكن بالضرورة تعبيراً عن أهدافها المعلنة، إلا أن سقف هذه الأهداف يظل ضئيلاً جداً قياساً بحجم التردي الذي خلفته سياسة الرئيس الباكستاني برفيز مشرف الموالي للولايات المتحدة الأمريكية في أهمية باكستان كبلد أسيوي كبير.
وإن كان من فائدة فيما تقدم خلال سنوات حكم الرئيس برفيز مشرف ـ أو الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي حكم باكستان مشرف من وراء ستار أو من أمامه أحياناً ـ فهو الدرس الذي لابد وأن يتعلمه كل من رهن بلاده عند المرابي الأمريكي.. أن تضيع تلك البلاد بثمن الرهن لا حتى الشراء، أو دين باهظ التكلفة يدفعه الشعب من وراء سياسة نظامه الخرقاء التي تجعله في النهاية شعباً ضعيفاً لدولة ضعيفة، تتسول المواقف ولا تفرض أجندتها.. إنه الفارق بين دول في فلك أمريكي وأخرى تصعد باستقلالها وعزتها.



http://www.almoslim.net/node/94787 (http://www.almoslim.net/node/94787)