المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار عامة خطيب المسجد الحرام: الثناء على المحسن منهج قرآني



إسلامية
13-06-2008, 07:58 PM
أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط أن الثناء على المحسنين والإشادة بالعاملين والمدح للمجتهدين، منهج قرآني وهدي نبوي، ومسلك تربوي يسلكه أولو الألباب ويعرف به الصفوة من عباد الله ويستمسك به المتقون الذين سلمت صدورهم من الغل وسمت نفوسهم عن الصغائر وطهرت قلوبهم من السخائن.
وقال فضيلته، في خطبة الجمعة اليوم في المسجد الحرام: إن هؤلاء الصفوة والمتقون يتلون كتاب ربهم بالغداة والعشي فيجدون فيه الثناء العطر على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لجميل صفاتهم وكريم أفعالهم لقوله عز اسمه: ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)) [الفتح:29] .
وأضاف فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام قوله: كما يجدون في كتاب الله الثناء على هذه الأمة بأنها خير الأمم وأنفع الناس للناس لكونها تأمر بما أمر الله به ورسوله وتنهى عن ما نهى عنه الله ورسوله ولإيمانها بالله وذلك في قوله سبحانه: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ..)) [آل عمران:110]، ويجدون فيه أيضًا الثناء على الأنصار لمحبتهم إخوانهم المهاجرين ولإيثارهم إياهم بكل ما تحت أيديهم، ولو كانوا في أشد الحاجة إليه.
وبين فضيلته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الثناء على الأنصار ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: «لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار، ولو سلك الناس واديًا وسلك الأنصار واديًا أو شعبًا لسلكت وادي الأنصار وشعبها. الأنصار شعار والناس دثار». والشعار: هو ما يلي الجسد من الثياب، والدثار: هو ما يكون فوق الشعار، وهو تعبير عن عظم مكانتهم بشدة قربهم منه عليه الصلاة والسلام.
وقال فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط: إن في الثناء على المحسنين حِكًمًا كثيرة، وفوائد جليلة، منها توجيه الأنظار إلى الخصال الشريفة والفعال الحميدة التي استحق عليها أهلها الثناء، ومنها تثبيت من اتصف بهذه الصفات وتشجيعه وحثه على الاستدامة عليها، ومنها حث الهمم واستنهاض العزائم بالتشويق لغيرهم ممن لم يتصف بتلك الصفات إلى حسن التأسي وكمال الاقتداء، ومنها القيام بمقتضى العدل؛ إذ العدل يقتضي أنه كما يذم المسيء لإساءته فكذلك يثنى عليه لإحسانه، فجميل أن يأخذ كل بهذا الخلق ويتحلى بهذه الحلية، وأن يعوّد عليه أهله وأولاده وكل من يلي أمره، وإنه ليسير غاية اليسر لمن يسره الله له ووفقه إليه، فما هي إلا كلمة طيبة وهي صدقة يتصدق بها المرء على نفسه فيؤجر عليها كما جاء في الحديث الصحيح «والكلمة الطيبة صدقة»، أو دعاء للمحسن بحسن الجزاء وهو عبادة يثاب عليها الداعي كما جاء في الحديث الصحيح «الدعاء هو العبادة».
وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري الثبيتي المسلمين بالمداومة على ذكر الله لأنه قوت القلوب.
وقال الشيخ الثبيتي في خطبة الجمعة اليوم: يسمو المسلم إلى تزكية نفسه ورفع شأنها عند بارئها بذكر الله الذي هو قوت القلوب التي متى ما فارقها صارت الأجسام لها قبوراً وعمارة ديارهم الذي إذا تعطلت عنه صارت بوراً ، هو سلاحهم الذي يقاتلون به قطاع الطريق وماؤهم الذي يطفئون به لهاب الحريق ، ودواء أسقامهم التي ما فارقهم انتكست منهم القلوب ، يستعتبون به الآفات وتهون عليهم به الكربات.
وأضاف فضيلته قائلاً : إذا أظلهم البلاء فإليه ملجأهم وإن نزلت بهم النوازل فإليه مفزعهم ، هو رياض جنتهم فيها يتقلبون ، رؤوس أموال سعادتهم بها يتجهون ، يدع القلب الحزين ضاحكاً مسروراً ويسقيه فرحاً وحبوراً ، به يزول الوكر عن الأسماع والبكم عن الألسن والظلمة عن الأبصار ، زين الله به ألسن الذاكرين كما زين أبصار الناظرين. قال الحسن البصري، رحمه الله: "تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة وفي الذكر وفي تلاوة القرآن فإن وجدتم وإلا فالباب مغلق" .
وبين فضيلته أن أفضل الذاكرين رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفتر عن ذكر ربه ولا يسأم من طاعته، ولا يأنس بغيره ، إذا ذكر الله خشع قلبه ولان فؤاده واقشعر جسده. يقول ابن مسعود رضي الله عنه: إقرا عليّ القرآن فيقرأ عليه حتى أتى على قول الحق تبارك وتعالى ((فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا)) [النساء:41]، قال: حسبك الآن، قال ابن مسعود رضي الله عنه: فرفعت رأسي فرأيت دموعه تسيل مفيداً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكمل الخلق ذكراًَ لله، بل كان كلامه كله ذكراً لله، وكذلك أمره ونهيه وتشريعه للأمة، سكوته وصحته، كان ذكر الله يجري مع أنفاسه قائماً وقاعداً وعلى جنبه وفي مشيه وركوعه ومسيره ونزوله وظعنه وإقامته. وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه".
وقال فضيلة الشيخ الثبيتي: كذا كان أصحابه عليه الصلاة والسلام يحيون مجالس الذكر، وتنهمر عيونهم بالدمع يحرصون على الأذكار السنية ويستشعرون معانيها السنية. وهذا الصحابي الجليل العرباض بن سارية رضي الله عنه يصف حالهم في مجلس من مجالس الذكر فيقول: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون". قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وما يحصل عند الذكر المشروع من البكاء ووجل القلب واقشعرار الجسوم فمن الأفضل الأحوال التي جاء بها الكتاب".


http://islamtoday.net/albasheer/show_news_content.cfm?id=85029 (http://islamtoday.net/albasheer/show_news_content.cfm?id=85029)