المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار اقتصادية دور الأمانات في الأزمة العقارية



البرRنس
15-06-2008, 02:50 AM
دور الأمانات في الأزمة العقارية

http://www.alaswaq.net/files/image/large_62226_16559.jpg</IMG>


د. محمد أل عباس

هل نحن نواجه أزمة عقارية أم فقاعة أصول عقارية؟ ليست الإجابة عن هذا السؤال بأسهل من مواجهة مشكلة سوق العقار في المملكة ومع ذلك فإن الإجابة عنه قد تقود إلى تفسير الأسباب الكامنة وراءها. بداية يجب توضيح الفرق بين الأزمة وفقاعة الأصول العقارية. فقاعة الأصول تشير إلى اختلال التوازن بين الاستثمار والمضاربة بينما الأزمة تعود إلى اختلال بين العرض والطلب. الحقيقة التي تبدو أمامنا هي أننا اليوم نواجه الأمرين معا. فهناك اختلال واضح في توازن العرض والطلب، أي بين المعروض من العقار الجاهز للاستخدام وبين الطلب المتزايد عليه، ولحل هذه المشكلة فإن الأمر يتطلب وببساطة زيادة الاستثمارات العقارية, أي التحول من المضاربات على العقار إلى الاستثمار طويل الأجل عن طريق تطوير وحدات عقارية قابلة للاستخدام.

http://www.alaswaq.net/files/gfx/quotetbl_hi.gif</IMG>http://www.alaswaq.net/files/gfx/quote_start.gif</IMG> مع وجود العوائق التي خلقتها الأمانات لاعتماد المخططات انخفض مستوى الدخول إلى سوق العقار وارتفع مستوى الخروج منها وخاصة مع تضخم أسعار الشركات في سوق الأسهم. هذا الأمر أدى إلى ارتفاع مستوى التركيز في سوق العقار والذي يعني ببساطة شركات أقل وسوقا احتكارية أكثر، واختلالا في مستوى المعروض العقاري. بالطبع لم يتأثر الطلب على العقار حتى هذه المرحلة ولكنه وبالتأكيد كان مستمرا في النمو مما ضاعف من أزمة الاختلال بين العرض والطلبhttp://www.alaswaq.net/files/gfx/quote_end.gif</IMG>

http://www.alaswaq.net/files/gfx/quotetbl_low.gif</IMG>لكن وللأسف لم يحدث ذلك بل هناك تحول كبير نحو المضاربة في العقار بدلا من الاستثمار فيه فلماذا؟ هناك سؤال آخر ومهم، هل التحول من الاستثمار في العقار نحو المضاربة هو الذي خلق الأزمة العقارية أم العكس ولماذا ظهر الاتجاه نحو المضاربة العقارية؟

القضية اقتصادية أولا وأخيرا ويجب التفكير فيها من وجهة النظر هذه. بمعنى آخر فالتكلفة والمنفعة هي التي تحرك اقتصاد العقار كأي اقتصاد آخر. إن العوائد التي تقدمها سوق العقار كمكافأة عن المضاربة تفوق بكثير تلك التي يجنيها الريع العقاري. بل إانه من الصعوبة بمكان تقديم مقارنة مقنعة. الاستثمار العقاري يعنى التضحية بالموارد المالية اليوم بحثا عن ريع سنوي ثابت إن لم يكن متناقص القيمة النقدية ولمدة طويلة من الزمن. في الوقت نفسه فإن المضاربة قادرة على تحقيق عوائد مجزية بمخاطر تضخمية أقل.

لكن ما المحرك الأساسي الذي دفع عوائد المضاربة إلى هذا المستوى؟ أعتقد أنه يعود إلى الدور الذي لعبته الأمانات في ذلك، كيف؟

اقتصاد السوق خطير جدا، ويجب التعامل معه بحذر كبير وخاصة إذا كان النموذج التنافسي لم يكتمل بعد، حيث تكون السوق في نموذج احتكار القلة مثلا أو تنافسية احتكارية. هنا يجب عدم المخاطرة بقوانين قد تبدو في صالح المواطن ولكنها لا تأخذ في الاعتبار سلوك السوق وردة فعلها تجاه تلك القوانين. فقوى السوق تدور بسرعة وقوه كبيرة جدا قادرة على سحق أي نظام لا يستجيب لها. وهذا ما حصل في سوق العقار. فالسوق العقارية لم تكن سوقا تنافسية بالكامل بل كانت في أفضل الظروف سوق تنافسية احتكارية. نعم لا توجد بيانات كافية عن التركيز concentration في السوق للوصول لمثل هذه الاستنتاجات ولا توجد حتى الآن معلومات موثوقة عن ذلك لكن لم يكن لدينا شركات عقارية ومؤسسات كبيرة ومتعددة، حيث تضمن سوقا تنافسية مقنعة.

في ظل هذه السوق اتخذت الأمانات عددا من القرارات الخطيرة جدا أثرت بشكل مباشر في مستويات العرض في السوق. فقد اتخذت قرارات تتعلق بالحد من التوسع في المخططات من خلال سن قوانين صارمة لذلك وتشدد كبير في الشروط مع وجود أكثر من جهة رسمية لاعتماد المخطط، ثم شروط مكلفة جدا لتنفيذ المخطط وتسويقه. نعم هي شروط يبدو ظاهرها الحكمة ومصلحة المواطن وباطنها نقل مسؤولية تطوير المخططات ومدها بالخدمات من على كاهل الأمانات إلى التجار. نعم كان التجار يحصلون على أرباح خيالية جدا من بيع مخططات غير مكتملة البنية الأساسية، بينما تقع على الأمانات مسؤولية تطويرها لكن الحل كان كارثيا على سوق العقار.

مع وجود العوائق التي خلقتها الأمانات لاعتماد المخططات انخفض مستوى الدخول إلى سوق العقار وارتفع مستوى الخروج منها وخاصة مع تضخم أسعار الشركات في سوق الأسهم. هذا الأمر أدى إلى ارتفاع مستوى التركيز في سوق العقار والذي يعني ببساطة شركات أقل وسوقا احتكارية أكثر، واختلالا في مستوى المعروض العقاري. بالطبع لم يتأثر الطلب على العقار حتى هذه المرحلة ولكنه وبالتأكيد كان مستمرا في النمو مما ضاعف من أزمة الاختلال بين العرض والطلب.

ومع انهيار سوق الأسهم تحولت السيولة إلى سوق العقار التي كانت تعاني عدم التوازن. وبالتأكيد واجهت السيولة الجديدة مشكلة التركيز الكبير في السوق العقارية التي صنعتها المرحلة السابقة فتضاعف الطلب على العقار ونما بسرعة كبيرة.

ومع بقاء شروط الأمانات التي لم تتناسب مع المرحلة الحرجة في السوق أضف إلى ذلك الأزمة التي تواجهها السوق المالية حول المساهمات العقارية والشروط الكبيرة التي فرضتها وزارة التجارة للحد من ظاهرة المساهمات المتعثرة كل ذلك أدى إلى دفع السوق دفعا نحو المضاربات على الأراضي الخام بدلا من التورط في تطوير المخططات العقارية وانتظار التصفية لتدخل السوق بذلك رسميا في فخ فقاعة الأصول التي تقودها المضاربات دائما.

لم تستطع وزارة الشؤون البلدية والقروية حل هذه المعضلة عن طريق العودة إلى المربع الأول، ولم تقم بتطوير مخططات وتقديمها كمنح حقيقية يمكن بناؤها والسكن فيها بدلا من مجرد وضع نقاط بيضاء في صحراء النفود سميت منحا بينما لا يمكن حتى الحصول على قرض عقاري لها. لم تقدم الوزارة منحا حقيقية للتجار لتطويرها عقاريا. لم تسهم في خلق شركات عقارية عامة يمكن خصخصتها فيما بعد لحل مشكلة التركيز في سوق العقار. باختصار ذهبت الوزارة بسوق العقار فلا عادت ولا عاد العقار، واللبيب يعدل ما يلزم تعديله.

* أستاذ المراجعة المساعد -جامعة الملك خالد - أبها
** نقلا عن جريدة "الإقتصادية" السعودية


http://www.alaswaq.net/views/2008/06/13/16559.html