المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية أمريكا تعيد فتح باب سباق التسلح النووي على مصراعيه من جديد!



BLACK TIGER
29-12-2001, 04:28 AM
دوت أصداء اعلان الرئيس الأمريكي عن اتخاذ قراره بالانسحاب من معاهدة الدفاع الصاروخي في جميع المنابر الاعلامية الروسية بعد دقائق فقط من صدور هذا النبأ وتصدرت التعليقات حول نتائج هذا الانسحاب في جميع النشرات الاخبارية قبل أن يصدر اي موقف رسمي عن القيادة الروسية بهذا الصدد (اللهم سوى تصريح رئيس الحكومة الروسية كاسيانوف من البرازيل التي يزورها حيث اعلن ان روسيا ستتخذ الاجراءات الجوابية المناسبة) وبات واضحا منذ الساعات الأولى ان عدة اتجاهات سوف تبرز في سياق الرد الروسي من خلال تقييم وآراء هذه المنابر الاعلامية وتعليقات بعض الشخصيات الضليعة في السياسة الدولية، وقد ابرزت وسائل الاعلام الروسية بالدرجة الرئيسية الطبيعة الاجرائية التي اتخذ فيها هذا القرار معتبرة انه سيشكل ازمة سياسية داخل الأوساط السلطوية الامريكية نفسها معتمدة على انتقاد الزعيم الديمقراطي السيناتور (توم ديتشل) في الكونغرس الأمريكي لهذا الاعلان شكلا ومضمونا حيث عبر عن امتعاضه لأن الرئيس الامريكي لم يجر مشاورات مع الكونغرس بهذا الشأن مما اعتبر تغييبا لدوره في مثل هذا القرار الحساس ونقلت وسائل الاعلام الروسي عن السيناتور الأمريكي توضيحه بان القرار سيسيء الى الدفاع الامريكي والسياسة الخارجية الأمريكية عموما خاصة انه لا يأخذ بعين الاعتبار مواقف دولتين عظميين كروسيا والصين، كما ابرزت أجهزة الاعلام الروسية بشكل متميز تصريحات رئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الامريكي كارل ليفن الذي أعلن انه سيتم وقف تمويل جميع التجارب على منظومات الدفاع الصاروخية التي تخرق بنود معاهدة عام 1972الى أن يتخذ الكونغرس قرارا بشأنها عبر التصويت، واعتبرت تعليقات أخرى هذا القرار هزيمة جدية لكولن باول منوهة بأن ذلك جاء بعد ذلك حواراته في موسكو مباشرة ويشير بعض المحللين الى أن موقف كولن باول كان ضبابياً لأنه لم يحاول تقديم بدائل محورية مكتفياً بالايحاء للجانب الروسي بأن امكانية المحافظة على المعاهدة قد تكون من خلال الموافقة على تعديل بعض بنودها بحيث تتيح للولايات المتحدة تجريب مشروعها في الدرع الصاروخي، ويذهب محللون آخرون ابعد من ذلك في اعتبار اقرار الانسحاب انتصارا للاتجاه المتشدد في الولايات المتحدة الامريكية في هذا المجال والذي يمثله وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد ومستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي كونديليزا رايس ويشيرون بهذا الصدد الى بعض التصريحات المرافقة من بعض المسؤولين الأمريكيين الذين لم تحددهم المصادرة الاعلامية الروسية مركزة على فحوى هذه التصريحات التي تقول أن الروس سيمتعضون دون شك ولكنهم سيتعودون على هذه الحقيقة، ويتزايد الاعتقاد من جهة أخرى بأن موسكو قد تكون احيطت علما بمثل هذا الاحتمال من خلال استقراء بعض الظلال الخفية في تصريحات وزير الخارجية الروسيةابان زيارة كولن باول إلى موسكو حيث أوضح ان روسيا لا تستثني من توقعاتها احتمال انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الدفاع الصاروخي، ورغم تكراره لموقف موسكو باعتبار هذه المعاهدة أساساً للاستقرار في العالم الا انه نوه بان المادة 15من بنود المعاهدة تتيح لأي طرف الانسحاب منها على أن يبلغ الطرف الآخر قبل ستة أشهر من موعد انسحابه، ويرون في ذلك اتكاءً على الجانب الموضوعي الذي قد يخفف من حدة ردود فعل روسيا تجاه الانسحاب التي ربما تكون قد باتت على علم بقرب حدوثه حتى عندما كان باول في موسكو، ومن الواضح ان القيادة الروسية ستكون في موقف بالغ الحراجة ذاك ان الاعلان عن الانسحاب يجيء في ظروف حساسة جدا بالنسبة للعلاقة بين البلدين مما يدفع الى الاعتقاد بان موسكو ستضطر لاتخاذ اعلانات متناقضة فهي من جهة وضعت أمام الأمر الواقع الذي لا ترضاه ومن جهة ثانية فان مسار سياستها الخارجية طيلة السنوات السابقة يراهن على التقارب لا التنافر وبالتالي ستكون مضطرة الى أقصى درجات ضبط النفس تجاه هذه الخطوة على مبدأ "مكره أخاك لا بطل" وهذا ما يفسر الملامح الأولى التي تحاول تهميش المخاطر التي يمكن ان تنشأ عن هذا الانسحاب الأمر الذي كان قد أرهص اليه الرئيس بوتن نفسه حين اعلن ان لدى روسيا من الأسلحة الدقيقة والفعالة ما لا تستطيع اية منظومة دفاعية الوقوف في وجهها كما أشارت مصادر في وزارة الخارجية الروسية الى ضرورة عدم المبالغة بشأن هذا الانسحاب مما يوحي بالبدء بصياغة موقف شامل بهذا الصدد، واعلن نائب رئيس البرلمان الدبلوماسي الشهير لوكين في حوار تلفزيوني بعد ساعات قليلة من اعداد النبأ ان شيئا لن يتغير في جوهر الأمر على مدى 15 20عاما مقبلة منطلقا من ان المنظمة الدفاعية الصاروخية الأمريكية تحتاج الى عشرة سنوات على الأقل لاستكمال انشائها وربما تثبت عدم فاعليتها التقنية حتى بعد ذلك، ويضيف لوكين ان المنظومة الأميركية حتى بعد استكمالها قد تستطيع اصطياد بضعة عشرات من الصواريخ المحملة بالرؤوس النووية لكن ذلك لا يعني شيئا قياسا بالحرز النووي الذي تملكه كل روسيا والولايات المتحدة والذي يبلغ قرابة 6000رأس نووي مع وسائطها، من هنا يركز معظم المحللين على الطابع البسيكولوجي والمعنوي والذي يجمعون على أنه سيؤثر سلبا على العلاقات بين البلدين خاصة بعد التعاطف والتفاعل الكبيرين اللذين أظهرتهما موسكو تجاه الولايات المتحدة اثر احداث سبتمبر ومدى النشاط والحماس في مساهمتها بمساندة حملة الولايات المتحدة ضد الارهاب الدولي وبالتالي فان هذه الخطوة حتى في توقيتها تبدو مكافأة غير منصفة تجاه موسكو، على أن الجانب الآخر الذي سيضطر موسكو للادلاء بتصريحات مناهضة للأولى يعود الى انها دأبت خلال السنوات الأخيرة كلها على اعتبار هذه المعاهدة حجر زاوية في الاستقرار العالمي مستندة الى أن هذه المعاهدة قاعدة تحمل فوقها العديد من الاتفاقيات والمعاهدات التي ستتعرض لخطر جدي بسقوط معاهدة 72، وخاصة معاهدة (ستارت1) التي نفذت ومعاهدة (ستارت 2) التي تقضي بتقليص الأسلحة النووية بما في ذلك تحديد معايير السلاح ونوعه ليشمل الصواريخ متعددة الرؤوس ونميل الى الاعتقاد بان موسكو ستريث كثيرا قبل تنفيذها تهديداتها بالانسحاب من المعاهدات والاتفاقيات الأخرى في مجال الأسلحة وضمان الأمن والرقابة.. الخ والتي تقارب الثلاثين اتفاقية ومعاهدة مرهونة حسب تصور موسكو ببقاء معاهدة عام 72ذاك أن مثل هذا الاتجاه سيعني نسف جميع انجازات التقارب والعودة الى مقاييس الحرب الباردة وسباق التسلح. ويعتقد نائب رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الروسي فولكوف ان هذا الانسحاب قد ينسف معاهدة ستارت لتخفيض الأسلحة النووية وهذا يعني ان دولا كالصين والهند ستسعيان للتعويض التوازي بزيادة فاعلية أسلحتهما النووية وسيدفع ذلك باكستان لاجراء مواز ما يعني فتح باب سباق التسلح على مصراعيه من جديد.لابد من الاشارة الى أن بعض المعطيات المستقبلية تدفع الى فهم خاص لهذه الخطوة التي اتخذتها الادارة الأمريكية بحيث تستبق العامل الزمني في حسم أمور طال الجدل فيها، فاذا اعلن الرئيس الأمريكي رسميا خلال ساعات او ايام عن الانسحاب وابلغ الجانب الروسي بذلك (تجدر الاشارة الى ان ما يتم الحديث عنه ليس اعلانا رسميا تمهيدا لهذا الاعلان) فان واقع الانسحاب ضمن معطيات المعاهدة نفسها سيتم بعد ستة اشهر وهذا التوقيت ليس عابرا لأنه سيتزامن مع امرين حاسمين الأول هو ان بوش يعتزم زيارة موسكو في يوليو المقبل وبالتالي يكون قد نفض يديه من معضلة كأداء كانت العقدة الرئيسية المكرورة في جميع الحوارات الروسية الأمريكية وبالتالي فان لن تكون بندا رئيسيا في جدول اعمال القمة المقبلة ليس لأنها حلت بل لأن الجانب الامريكي قد شطبها من مفكرته.والأمر الثاني هو أن هذه الفترة بالذات ستشهد انشاء اولى القواعد الجدية لمنظومة الدفاع الامريكية ضد الصواريخ في منطقة ألاسكا دون ان تكون الولايات المتحدة مضطرة لتقديم الاعذار والخوض في نقاشات جدلية حول اجراءاتها التي لا تتناسب مع المعاهدة التي ستكون في ذمة التاريخ آنذاك على أن ذلك لا يعني ان الولايات المتحدة تستطيع بجرة قلم شطب هذه الاشكاليات المعقدة وربما على العكس من ذلك ستكون مضطرة للخوض في تفاصيل اكثر تعقيدا بالنسبة للاتفاقيات والمعاهدات الأخرى ناهيك عما يمكن ان ينشأ على خلفية هذا الانسحاب من مواقف دولية متعاطفة مع موسكو الأمر الذي بدأت بوادره بوضوح حتى من خلال استنكار بعض الحلفاء كفرنسا لهذه الخطوة الأمريكية المفاجئة.ننوه هنا بان معاهدة الدفاع الصاروخي كانت الخطوة التقاربية الأولى بين العملاقين من خلال ادراكهما لحجم المخاطر التي نمت نتيجة خوف كل طرف من أسلحة دمار الطرف الآخر وتستند هذه المعاهدة الى منطق لا يخلو من ادهاش فهي تعتمد تحديدا على ضرورة استمرار عامل الخوف كرادع للطرف الآخر، من هنا التزمت الدولتان بعدم انشاء منظومات تمنع احدى الدولتين عن البدء بتدمير الأخرى ادراكا منها بأنها ستفنى كذلك، وقد استثنت هذه المعاهدة التي وقعها في حينه كل من بريجنيف ونكسون منطقة موسكو والقاعدة الامريكية في غراند فوكس في ولاية داكوتا الشمالية فقط