المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحليلات .. المواجهة الإيرانية الأمريكية والغياب العربي



إسلامية
05-07-2008, 03:35 PM
يحذّر بعض المفكرين والكتاب العرب من خطر طموحات إيران في المنطقة ومن تصاعُد نفوذها, فيما ينبه آخرون من خطر استعمار جديد وشرس يطلّ برأسه على المنطقة من العراق في صورة معاهدة أمنية قد تكون نموذجًا يُراد به أمريكيًا التعميم في المنطقة العربية. بيد أن أخطر ما في المشهد برأيي هو الغياب العربي شبه التام عن ساحة التأثير والفعل بل وحتى رَدَّات الفعل.




فبعدما قدّمت الدول الغربية عرضًا بحزمة حوافز لطهران عبر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوربي خافيير سولانا والذي وصف العرض بأنه "مليء بالفرص بالنسبة لإيران", والذي تضمن المشاركة في ترتيبات الأمن الإقليمي وآلية للتشاور حولها مما أثار استياء دول عربية حسب تقارير صحفية.




عادت الأمور للتوتر والتصعيد مرّة أخرى بين الطرفين وتسيّد المشهد تصريحات إعلامية تلمح وتهدّد بضرب إيران وأخرى تتوعّد بردٍّ صارمٍ على ذلك. خصوصًا بعد ما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسئولين أمريكيين، تفسيرهم لتدريبات ومناورات إسرائيلية جوية كبيرة عن أن أكثر من مائة طائرة إسرائيلية طراز إف 16 وإف 15 شاركت في المناورات التي جرت فوق شرق البحر المتوسط واليونان في الأسبوع الأول من يونيو الماضي, بأنها تشكل على ما يبدو استعدادًا لتوجيه ضربة محتملة للمنشآت النووية وقواعد لصواريخ بعيدة المدى في إيران. وإن كان من الممكن قراءة التسريب الأمريكي للضربة الإسرائيلية المحتملة كنوع من الحرب النفسية لحثّ إيران على قبول العرض الغربي المقدم لها.




في إطار التصعيد والمواجهة الإعلامية صرّح شافتاي شافيت الرئيس السابق لجهاز الموساد لصحيفة صنداي تلغراف البريطانية، بأنّ لدى إسرائيل عامًا واحدًا لتدمير المنشآت النووية الإيرانية وإلا فإنها ستواجه خطر التعرُّض لهجوم نووي إيراني, وإن أسوأ السيناريوهات بالنسبة للكيان الصهيوني هو أن تمتلك إيران السلاح النووي خلال عام والوقت المتبقي لمواجهة ذلك يضيق أكثر فأكثر. وأضاف شافيت إنه يتحتم على إسرائيل الاستعداد لذلك وأن تفعل كل ما تستطيع للتصدي للخطر الإيراني في حال فشل الضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية.




فيما نقلت رويترز عن صحيفة جام جم الإيرانية تصريحات شديدة اللهجة لمحمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني تحذّر من ردود انتقامية شديدة إذا ما وقع الهجوم من أرض دولة أخرى, معتبرًا "أن للدولة التي تعرضت للهجوم الحق في الردّ على العمل العسكري للعدو في المكان الذي بدأت منه العملية." وهدّد جعفري من أن إيران ستفرض قيودًا على الشحن في ممر نقل النفط الحيوي بالخليج إذا ما هوجمت قائلاً: "فيما يتعلق بالطريق الرئيسي لخروج موارد الطاقة فإن إيران ستعمل بالتأكيد على فرض قيود على الخليج الفارسي ومضيق هُرْمُز", وأنه "إذا وقعت مواجهة بيننا وبين عدوّ من خارج المنطقة فإن نطاق المواجهة سيمتد بالتأكيد للموضوع النفطي. وهو ما سيؤدي برأيه لارتفاع أسعار النفط بدرجة كبيرة جدًا مما يشكل عامل ردْع لمن وصفهم بالأعداء. وأشار جعفري إلى أن حلفاء إيران في المنطقة ومن بينهم حزب الله اللبناني يمكن أن يردوا أيضًا, مشيرًا إلى روابط إيران بمن يعيشون في جنوب لبنان.





هل تقع المواجهة مع إيران قبل أن تنقضي فترة جورج بوش الرئاسية؟ أم أن التهديد والوعيد بين إيران وأمريكا وحليفتها إسرائيل لا يعدو عن كونه جزءًا من الحملات النفسية لتحسين المواقف التفاوضية في إطار صفقة قادمة. بكل الأحوال, إذا ما عقدت الصفقة وتمّت ترتيبات معينة فإن العرب سيكونون الخاسر الأكبر وستكون المقايضة على حساب مصالحهم وسيادة دول عربية.


أما إذا ما نشبت الحرب فإن المنطقة العربية ستكون ساحة للصراع المدمر, وها هي إيران عبر قائد حرسها الثوري تتوعّد وتهدّد باستخدام حلفائها في المنطقة إذا ما ضُربت دون الأخذ بالاعتبار أحوال الدول التي يتواجد بها حلفاء إيران ولا التوازنات الديمجرافية الدقيقة فيها.




إيران هدّدت من قبل بضرب ما أسمته المصالح الأمريكية في المنطقة, وها هي الآن تحذّر من إغلاق ممر الملاحة في الخليج دون أن تربط ذلك بمواقف الدول العربية والتي أعلنت وبشكل صريح عن رفضها لضربة عسكرية إيرانية؟


فلماذا لا تحتج الدول والجامعة العربية على التهديدات الإيرانية لمصالح دول عربية وكأن الأمر لا يعنيها من قريب ولا بعيد؟ المطلوب من الدول العربية الاستعداد لكل الاحتمالات بشكل يعتمد على الذات ولا يستند لحسابات الآخرين والتي سرعان ما تتغير توجهاتها واتجاهاتها بتغير مصالحها أو موازيين القوى, وكما قيل: إن الاستعداد للحرب يبعد خطرها. من المؤسف أننا نجد أن الكثير من دولنا العربية منشغلة بمهرجانات الصيف واحتفالاته ومتابعة ما يحدث حولنا وفي منطقتنا من تطورات لها استحقاقات خطيرة وكبيرة علينا وعلى مستقبلنا أجيالنا وكأنها فيلم مرعب أو كابوس مزعج.


http://islamtoday.net/albasheer/show_articles_content.cfm?id=72&catid=79&artid=13195 (http://islamtoday.net/albasheer/show_articles_content.cfm?id=72&catid=79&artid=13195)