المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مداخله في برنامج سياسي



وحيد خياط
29-12-2001, 05:17 PM
أين الصواب واين الخطأ؟ ... أين الصادق وأين الكاذب؟ ... شيء ما مفقود بيننا ، بين المسلمين أولاً وبين العرب ثانياً ، شيء ما فقدناه منذ أحداث حرب الخليج وماتلاها من أحداث على الساحتين الأسلامية والعربية ... إنها (الحقيقة) ... نعم الحقيقة ، فلم نعد نميّز أو نرى ، فقط نسمع ... نسمع من كل الأفواه ، يتخبطنا ظلام الجهل ... الجهل بالحقائق ، ويزداد الظلام عُتمة وتزداد المصيبة سوءً عندما يحاول الواحد منا أن يكون رأياً له عما يحدث لكي يشعر بوجوده أو لكي يُشعر نفسه وهماً بأنه فاهم ، وعالم بالحقائق وبما يجري من حوله والنتيجة ماهي؟ ... النتيجة تجدها عندما تشاهد برنامجاً سياسياً في قناة إخبارية تستضيف شخصيات سياسية وفكرية لتحاورهم حول وقائع الساحة وتتناول الموقف وتحليلاته ثم يُسمح (وليته لا يُسمح) بالمداخلات الخارجية من عامة الناس عبر الهاتف ، وهنا تأتي الكارثة ، فيُخيّل إليك وانت تستمع إليهم وإلى مداخلاتهم أن كل واحد منهم في في فلك منفصل تماماً عن الآخر يسبح ، فكلّهم يتخبّط ويتفلسف وكل واحد منهم يرى الحقيقة مختلفة عن الآخر ... وهنا وللأسف الشديد تتضح وبجلاء بعض الصفات السيئة للأنسان العربي المعاصر والتي من أهمها الإندفاع والتسرّع في فهم الأمور من منطلق حكمه عليها وعلى الأشخاص على أساس عواطفه وأهوائه الشخصية ، والتأثر السريع بكل حدث صغير يحدث حوله وسرعة التشنّج والتعصّب والقبلية المفرطة ، وتحكيم العاطفة والهوى كما قلنا على العقل والمنطق ، ويأتي بعد ذلك عناده وقوة تمسكه برأيه حتى ولو كان خاطئاً فهو يعتبر التنازل عن رأيه والإعتراف بخطأه فضيحة لا تُغتفر ينقص بها وينزل قدره ، وأدهى الأمور هي أن يوفّق أحكام الشريعة الإسلامية وفقاً لأهوائه ولما هو يراه وينسى إحترام ولاة الأمر وهذا يؤدّي إما إلى الغلو والتطرّف وإما الى الإفراط والتفريط وكلاهما طامة كبرى .

إن مايحتاج إليه الإنسان العربي اليوم قبل أن يتّهم ويسبّ ويشتم ويحنق وقبل أن يصيب نفسه ويصيب الأخرين حوله بالإحباط هو أن يهدأ أولاً ويرمي جانباً كل نظرياته السابقة حول الأحداث، يرمي عاطفته وأهواءه جانباً ويحكّم عقله ثم يقف قليلاً ، يعود إلى الوراء خطوتين ليرى الصورة كاملة وشاملة ، يراها وينظر إليها دون تعليق ، ينظر ويُمعن النظر حيادياً دون تعصّب حتى يرى جذور الصورة لا أوراقها ، وليكن متأكداً من أنه سيرى الحقيقة المجرّدة ، سيرى الصواب وسيرى الخطأ ، وسيرى من كان صادقاً من الأساس ومن كان كاذباً أو مخطئاً من الأساس وسيبصر الطريق والنور ويرى الحلول المثلى والعقلانية الصحيحة (الصحيحة من ناحية الشريعة أولاً ومن ناحية قوانين الطبيعة ثانياً دون إهمال أحدهما) لخروج المسلمين والعرب من هذا النفق المظلم .
إفعل ذلك أنت وأخبر غيرك بأن يفعل ليصل بالتالي ونصل جميعاً إلي نفس ماوصلت إليه ... إلى الحقيقة والحلول ... نصل جميعنا إليها فتتوحد رؤيتنا وتتوحد كلمتنا ونكفّ عن كثرة الكلام وتبادل الأحلام ونضع بثقة طريقنا ومستقبل أمتنا ونعوّض مافاتنا ويعود الأقصى وتعود القدس ويعود السلام إسلاماً ، وتذكّر بأنه ليس مهماً الوقت لتحقيق ذلك بقدر ماهو مهم دراسة الخطوة .

م. وحيد خياط