المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يجلدون المسلمين جميعا إذا ما قام فرد مسلم أو مجموعة أفراد بعمل ما في الغرب أو الشرق.



إسلامية
27-07-2008, 08:23 AM
كراجيتش.. وأكثر من هدف لشركاء الأمس قضاة اليوم






أثناء كل هذه العاصفة السياسية والاعلامية التي واكبت اعتقال زعيم صرب البوسنة سابقا ردوفان كراجيتش، مدة 6 أيام (تاريخ كتابة هذا المقال) لم نلحظ أي إشارة لطبيعة الجرائم التي ارتكبها، دراكولا تسعينات القرن الماضي. نعم لقد اتهم كراجيتش بارتكاب جرائم إبادة وجرئم حرب وجرائم ضد الانسانية، وتم تعديد الفظائع التي ارتكبها ومنها قتل 12 ألف في سراييفو، و 20 ألف في بريدور و3 آلاف في بريتشكو ومثلهم في جوراجدة وكذلك في بيهاتش وأكثر من 10آلاف في سريبرينتسا وغيرها من البلدات والقرى، وبلغ عديد ضحاياه أكثر من 200 ألف نسمة، وهجر أكثر من مليون مسلم من ديارهم وهدم آلاف القرى ومئات البلدات وعشرات المدن بما فيها سراييفو حتى بلغت نسبة الدمار 90 في المائة من البنية التحتية.






كل ذلك صحيح، لكن السؤال الذي لم يطرح هو هل أن كراجيتش ارتكب كل تلك الفظائع بمفرده أو حتى صحبة العشرات ممن اتهموا بارتكاب جرائم حرب.
وهل كانت تلك الجرائم عفوية أو صدفة ؟وهل كانت من تخطيط كراجيش وبعض المتهمين أم أن الجرائم التي ارتكبت والمجازر التي حدثت خطط لها سلفا. وشارك فيها الآلاف من الصرب تطوعا وربما فعلوا من الجرائم أكثر مما كان كراجيتش نفسه يريده.




وليس ذلك تبريرا لما ارتكبه، فهو دموي بطبعه، ولم يتوان في الموافقة على أشد الإجراءات إجرامية؛ فالمليشيات التي عملت تحت إمرته لم تكن جيشا نظاميا حتى يقال أنها كانت تتلقى الأوامر، وإنما مجموعات من الهمج المدججين بالسلاح لم تكن في حاجة لأوامر لاقتراف أبشع الجرائم، من قتل واغتصاب واعتقال وتعذيب وتهجير.





ولم يكن كراجيتش يصنع السلاح الذي قتل به الأبرياء وروع به الآمنون، وإنما كانت دولة صربيا تزوده به. ليس السلاح فحسب بل المقاتلين أيضا،فمقاتلي أراكان، وفويسلاف شيشيلي (الأول مات مقتولا في بلغراد، والثاني يعاني الأمراض داخل السجن التابع لمحكمة لاهاي) كانوا يأتون من صربيا والجبل الأسود، بل كان هناك متطوعون روس ورومانيون وبلغار ويونانيون شاركوا في المذابح ضد المسلمين في البوسنة، وكانت صربيا هي التي تقوم بتسليحهم ودفع رواتبهم.





إذن لم يكن كراجيتش وحيدا. لكن لماذا يحاكم منفردا مع مجموعة قليلة ممن شاركوا في حرب الابادة ضد المسلمين في البوسنة. تلك هي السياسة الغربية لتبرئة صربيا والكثير من الصرب الملطخة أياديهم بدماء المسلمين.






إنها جريمة أمة من الصرب تتحمل مسؤوليتها دولة صربيا بقطع النظر عن موقف الحكومة الجديدة، والتي سبقتها أو الحكومات التي ستأتي.



وكلما شارف المسلمون على النسيان يذكرهم الصرب في مظاهراتهم كالتي جرت يوم 26 يوليو بأنهم " جميعا كراجيتش " ليس ذلك فحسب، بل يكررون تهديداتهم بالإبادة مجددا بصوت واحد في ملاعب كرة القدم وغيرها " نوج اي جيتسا سريبرينتسا " أي السكين والقيد سريبرينتسا...
إذن هي جريمة أمة وليس بضعة أشخاص حتى وإن كان عددهم بالعشرات...




دور الغرب في مأساة البوسنة:
لم يخف المسلمون ارتياحهم لاعتقال كراجيتش رغم إدراكهم،لنسبية العدالة الدولية، وهدف الغرب للاستفادة الشخصية من ذلك .


فهو يريد إخفاء الحقائق المتعلقة بما حصل في البوسنة من جرائم، لم يكن بعيدا عنها، سواء بالقبول والتواطئ أو التردد والسكوت. فالغرب كان قادرا على وقف الحرب في أيامها الأولى أو أسابيعها الأولى لكنه ظل يتفرج.




وهناك دلائل تفيد بأن الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش طلب من الغرب منحه 4 أشهر لينتهي من المسلمين في البوسنة. وهناك من يقول أن الغرب هو الذي منح ميلوسيفيتش مدة 4 أشهر،لذات المهمة. وعندما تجاوز ذلك الحد ولم يحقق أهدافه بدأ الغرب يتململ، ليس عطفا على الضحايا، وإنما خوفا من ردة فعل الرأي العام لديه وعلى المستوى الدولي. بل أن الغرب استخدم قضية المجازر في البوسنة كسلعة سياسية،فالرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك والذي خلف فرنسوا ميتران، (قدم الأخير للبوسنة سنة 1992 لا للتعبير عن تعاطفه مع الضحايا وإنما " لمنع قيام دولة اسلامية في أوربا " على حد قوله ).




الرئيس شيراك استخدم قضية البوسنة كدعاية انتخابية حيث زعم أنه سيوقف المذابح ضد المدنيين إذ وصل للسلطة لكنه لم يفعل ذلك.


كما أن بريطانيا حاولت استخدام المساعدات الغذائية للتغطية عن أنباء المجازر،وعندما طالت المدة وبدأ الرأي العام يعبر عن امتعاضه اختلف الغرب مع ميلوسيفيتش لكنه لم يقدم المساعدة للضحايا، فقد كان كراجيتش يستخدم مخزون صربيا من السلاح لقتل المسلمين بينما فرضت الامم المتحدة في عهد بطرس غالي حظرا للسلاح على يوغسلافيا.


وكان المتضرر الوحيد من ذلك هم المسلمون لانه ببساطة لدى الصرب أسلحة بل أن دولة صربيا من الدول المصنعة للسلاح،وتبيع خردتها لكل من مصر والكويت وليبيا وغيرها. وبالتالي فإن جريمة الابادة في البوسنة يتحمل المسؤولية عنها عدة أطراف، صرب البوسنة وبلغراد والغرب والامم المتحدة.




أما إقامة محكمة جرائم الحرب في لاهاي، فهي للانتقام الشخصي من أشخاص لم يلتزموا حرفيا،بأجندة الغرب أثناء الحرب وقتلوا عددا كبيرا من القوات الغربية، واحتجزوا 2008 جنود غربيين وربطوهم في أعمدة الكهرباء، فلم ينس الغرب لهم ذلك،أما الضحايا فلهم الله. إذ أن محاكمة أفراد تعد رشوة لصربيا لتسكت عن دور الغرب، وتبرئة لها يعفيها من مسؤولية الابادة في البوسنة.




بالمقابل يجلدون المسلمين جميعا والامة كلها ودينها وتاريخها إذا ما قام فرد مسلم أو مجموعة أفراد بعمل ما في الغرب أو الشرق.




ماذا يعني اعتقال كراجيتش:
ومع ذلك فإن اعتقال كراجيتش، أفضل من تركه حرا. لكن المسلمين في البوسنة يعلمون أن الماضي لن يعود، كما أنه يجب أن لا ينسى. ومطالبهم هي أن ما جرى يجب أن لا يتكرر مرة أخرى، وحتى لا يتكرر يجب أن تكون هناك ضمانات،والضمانات هي تجفيف مشروع كراجيتش وكل الشوفينيين الصرب.


وهذا المشروع هو الذي أدى إلى جرائم الإبادة، وهو لا يزال حيا بتعبير رئيس مجلس الرئاسة البوسني حارث سيلاجيتش. ومن الناحية العملية فإن أهالي الضحايا ورغم شعورهم برمزية اعتقال كراجيتش، إلا أنهم لم يستفيدوا من ذلك،من الناحية الموضوعية لا على المستوى السياسي، ولا على المستوى الاقتصادي، إذ إن عملية الاعتقال استثمرها الغرب لمديح نفسه على حرصه على تطبيق (العدالة)، ومكافأة صربيا بدل معاقبتها.




فعملية الاعتقال وضعت صربيا على أبواب أوربا، بينما لا يزال المسلمون يواجهون مشروع كراجيتش. وخروجهم للشارع كان تعبيرا عن فرح تنقصه جوانب كثيرة. وقد حاول بعض السياسيين الذين التقاهم "المسلم " مثل الرئيس البوسني الاسبق ورئيس " حزب العمل الديمقرطي " سليمان تيهيتش، إعطاء عملية الاعتقال بعدا مستقبليا، وقال " للمسلم " اعتقال كراجيتش يعيد الاعتبار للضحايا، ويعطي فرصة للسلام والمصالحة " وتابع " نحن لن نغير الماضي ولكننا نستطيع المساهمة في تحديد ملامح المستقبل، من خلال التغييرالحقيقي " وأضاف "لقد حاربنا من أجل بوسنة موحدة ولا تزال هذه معركتنا" وقال باكر علي عزت بيجوفيتش نائب رئيس حزب العمل" " للمسلم" "على المجتمع الدولي تغيير نظرته للبوسنة، واعتقال كراجيتش يعني أن البوسنة لن تكون مهددة في المستقبل وستصبح دولة طبيعية "وقال الدبلوماسي السابق وأستاذ القانون الدولي وعضو المحكمة الدستور البوسنية،قاسم ترنكة "للمسلم" "كراجيتش شاهد كبير على حقبة الإبادة في البوسنة، ومشروع صربيا الكبرى، وشهادته ستكون مثيرة "وحول الملاحظات في السطور الماضية قال "كل يعمل في مجاله، الصحافي يثير الأسئلة،والسياسي يبحث عن المكاسب الآنية والمستقبلية،والحقوقي يشير إلى أبعاد القضية فيما يخص الجريمة وكشف الحقيقة ".


واعتبر اعتقال كراجيتش "رسالة واضحة لصرب البوسنة فيما يخص تطلعاتهم الانفصالية وقضية الاصلاح ".وذهب وزير خارجية البوسنة الأسبق زلادكو لوجومجيا إلى ما هو أبعد من ذلك حيث اعتبر اعتقال كراجيتش " بداية محاكمة مشروع " وأنه " من المهم جدا أن تكون صربيا هي التي اعتقلت كراجيتش ".


وقال عمر ماشوفيتش رئيس اللجنة البوسنية للبحث عن المفقودين "للمسلم" " 13 سنة ضاعت، وكثير من الضحايا قضوا دون أن يروا كراجيتش أمام العدالة، لكن المهم هو اعتقاله بعد اختفاء طويل، فهو لن يتحدث عن نفسه بل عن شركائه، ولن يقدم سجنه العزاء للضحايا " واستطرد قائلا " ولكن ذلك سيكون بشكل رمزي "وقالت رئيسة منظمة "أمهات سريبرينتسا "منيرة سويباشيتش" انتظرنا 13 سنة، ونحن نأمل اعتقال كراجيتش وملاديتش ومن وجهة نظري كان اعتقال الجنرال راتكو ملاديتش أفضل" وعن الحل المرضي قالت "إبطال مشروع تقسيم البوسنة، ويجب أن تكون بنيالوك وموستار مفتوحتين للجميع مثل سراييفو، وبدون ذلك لا يمكن حدوث مصالحة" وقال رئيس مجلس الرئاسة البوسني حارث سيلاجيتش أنه قضى ليلة الاعلان عن اعتقال كراجيتش ساهرا يتابع الاخبار، واعتبر عملية الاعتقال متأخرة "لكنها ليست متأخرة كثيرا "ووصف الأجواء العامة بالفرح "ليس في البوسنة فحسب بل في العالم" وتابع "المهم العدالة والخبر الجيد يأتي متأخرا، ولكن الأمل يحيا "ويرى سيلاجيتش أن اعتقال كراجيتش جيد للجميع في منطقة غرب البلقان لكنه أكد مجددا على أنه لا يمكن سجن شخص و مشروعه يظل حيا "وعن محاكمة كراجيتش قال "المحكمة ليست عادلة ولكنها أفضل من لا شئ".


وفي انتظار تداعيات اعتقال كراجيتش ومن ثم محاكمته، تبقى الآراء متنوعة، بين تشاؤوم العقل وتفاؤل الارادة ، فقدت انتهت في البوسنة حرب، وبدأت حروب أخرى من نوع آخر، كما قال الراحل علي عزت بيغوفيتش رحمه الله.


http://almoslim.net/node/96785 (http://almoslim.net/node/96785)