المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معادنهــم رخيصــة



إسلامية
30-07-2008, 08:52 AM
أزمتنا الأخلاقية(1)





خلل كبير نعاني منه في حياتنا الإسلامية المعاصرة أيما معاناة، ذلك هو النقص في الأخلاق الأساسية التي يجب أن تتوافر في كل مسلم؛ لأنها إن ضعفت أو نقصت فلن تقوم للأمة قائمة، هذه الأخلاق كانت موجودة أو كثير منها عند العرب عندما جاءهم رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ بالنبوة والهداية.




كان خلق الوفاء والصدق والشجاعة والتذمم للصديق والجار شائعاً، وكان العربي يجد غضاضة في أن يوصم بالكذب أو الغدر، ولذلك لم يُتعب الرسول _صلى الله عليه وسلم_ نفسه في تأديب هؤلاء وتربيتهم على هذه الأخلاق والدعوة إلى ممارستها، فالإشارة منه لهذه الأخلاق كانت تكفي؛ لأنها ارتبطت بالتوحيد الذي جاءهم به، وهو الذي كان ينقصهم فلما تمثلوا به وأصبحت العبودية تامة لله _سبحانه_ كملت هداية الفطرة وهداية الوحي فكانوا كما قال _تعالى_: "نُورٌ عَلَى نُورٍ" (النور: من الآية35).




وفي هذه الأيام ابتلي المسلمون وابتليت الدعوة بمن تجرد من هذه الأخلاق، فالكذب – وهو أسوأ الأخلاق الرديئة – يقع فيه هؤلاء، سواء في أحاديثهم العادية أم في تجريح إخوانهم من الدعاة، ولا أدري بم يعللون هذه الفعلة الشنيعة، هل بمصلحة الدعوة؟! أ



ما الحقيقة فهي أن معادنهم رخيصة، وليس عندهم أخلاق الفطرة؛ لأنها فسدت بسبب البيئة التي عاشوا فيها، ولا أخلاق الإسلام؛ لأنهم تربوا على الأنانية والحزبية الضيقة، ويتبع هذه الخصلة السيئة قلة الإنصاف في الحكم على الآخرين،



فالتهم تكال كيلاً دون أدنى تحر للعدل والإنصاف، ويتناقل هذه التهم المغفلون والسذج دون أي تحرج أو تأثُّم، فكيف تستقيم حياتنا الإسلامية وفينا هذه الأخلاق، انظر إلى هذا الذي يقول عن إخوانه الذين يتصدون للظلم والقهر والإرهاب السافر، يقول عنهم في لقائه مع رئيس مجلس الدولة: "جئنا لتهدئة الأوضاع والخروج من الأزمة التي سالت فيها الدماء، فأصبح المقتول لا يعرف لماذا قُتِل، والقاتل لا يعرف لماذا قَتَل؟".
أهكذا أيها الداعية؟! المقتول لا يعرف لماذا قتل؟ الذين يجاهدون الظلم ويدفعون عن أنفسهم العدوان لا يعرفون لماذا يجاهدون؟ هل هذه أخلاق رجال؟ هل الذي يشمت بما يفعل بإخوانه يملك الأخلاق الأساسية التي هي من مقومات نهضة الأمة، وكان قد أظهر شماتته في أحداث سبقت وأيد نزول الجيش لإنهاء ما سماه (الفتنة).
إنها مصيبة – والله – أن يكون بعض من لا يتبنى الإسلام عنده من الجرأة والرجولة أكثر من هذا الذي يملك نفساً أنانية ولا يريد إلا التسلق على حساب مصائب إخوانه، ولذلك نقول: إن أزمتنا في بعض جوانبها أزمة أخلاقية.



أزمتنا الأخلاقية(2)



كم هو مؤلم للنفس أن يشكو إليك أخ مسلم حال بعض المنتسبين للدعوة، فيذكر من جفائهم وبعدهم عن تطبيق ما يأمر به الإسلام من الرفق واللين والكلمة الطيبة، والسؤال عن الحوائج وتفقد الأحوال، والزيارة الأخوية، ويتابع هذا الشاكي فيقول: "دخلت المستشفى فلم يزرني الإخوة الذين أعرفهم، وزارني زملاء العمل الذين هم أقرب لأن يكونوا من عوام المسلمين، وبعضهم يعرض عليَّ المساعدة المالية، أو أي خدمة يمكن أن يؤديها".



ونحن نسمع ونرى كيف يخدم أهل الباطل بعضهم، أو من يريدون وقوعه في شباكهم، مع أن المسلمين هم أوْلى الناس بكل مكارم الأخلاق ومحاسن العادات، ولا يجوز أن يسبقهم سابق في هذا المضمار، وإننا نذكِّر المسلم بحديث: "اشفعوا فلتؤجروا وليقض الله على لسان نبيه ما أحب"، وحديث العاهر التي سقت كلباً في يوم قائظ فغفر الله لها، وحديث المرأة التي عُذِّبت في هرة لها حبستها، وحديث الذي كان يقام عليه حد الخمر فلعنه أحدهم، فقال له رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "لا تلعنه إنه يحب الله ورسوله" كما نذكِّرهم بقصة الإمام أبي حنيفة مع جاره السكِّير الذي دخل السجن فشفع له أبو حنيفة، ثم تاب وأناب.




إن من أسباب هذا الجفاء والجفاف عند بعض المنتسبين إلى الدعوة هو ضيق عطنهم، وجهلهم بحال المدعو وبطريقة الرسول _صلى الله عليه وسلم_ وحاله في تأليف الناس، وطريقة العلماء الربانيين من هذه الأمة، ولذلك تجدهم إذا رأوا من هو مقصر في بعض السنن عاملوه بازدراء واستخفاف، وقد لا يسلمون عليه إلا بصوت منخفض، ولا يهتمون به ولا يحاولون استمالته بالكلمة الطيبة أو بصنع المعروف حتى يميل قلبه إلى محبة السنة وأهلها.



وهذا الذي ينظر إلى المقصرين بعين الازدراء وقع في داء أشد وهو العجب بالنفس والاستطالة على الخلق، وهؤلاء غالباً ما يقعون في الغيبة باسم النقد والتقويم، وهذا المرض أصبح فاشياً، فتُذكر معايب المسلم وقد لا تكون فيه، وأكثرها من الأوهام والظنون، ولا تسأل كذلك عن المكر الذي يستعمله بعضهم مع إخوانه ويعد هذا من الذكاء والكياسة، وينظر للمسلم الذي لا يستعمل هذا المكر على أنه مغفل مسكين.
وبعد هذا كله، ألا يحق لنا أن نصف بعض جوانب أزمتنا بأنها أخلاقية، وهي فرع ولا شك من تخلفنا العام الذي طال مكثه فينا، ونحن نحاول من هنا وهناك الخروج من هذا المأزق؟!




____________
(*) من كتاب (خواطر من الدعوة)




http://almoslim.net/node/82377 (http://almoslim.net/node/82377)





التربية بالأخلاق في الفترة المكية



كانت للعرب في الجاهلية أخلاق أهلتهم لحمل الرسالة، إلا أنها كانت كثيراً ما تتجاوز حدها الطبيعي، وقد جاء الإسلام فزكى هذه الأخلاق ونقاها من الأخلاق الرديئة، ونستطيع أن نقول: إن النبي تأيّد في الأخلاق بلون من الإعجاز، تمثل ذلك في قول النبي: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" أخرجه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني، وقد احتوى القرآن الكريم في التربية الأخلاقية على حقيقتين هما: النفي والإثبات، النفي لما تعلق من رواسب الجاهلية، وتثبيت أركان البناء الخلقي.





ومن النماذج الفريدة في ذلك: موقف العباس بن عبدالمطلب عم الرسول حين كان على دين قومه وحضر معه بيعة العقبة الثانية ليتوثق له ويتثبت له في هذا الأمر، وقال: "يا معشر الخزرج، إن محمداً منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه فهو في عز من قومه، ومنعة في بلده، وإنه أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم، فمن الآن فدعوه، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده".




ومن ذلك موقف عثمان بن أبي طلحة عندما رأى أم سلمة تريد الهجرة وحيدة للمدينة، حيث منعت أول الأمر من الهجرة مع زوجها، فقال لها: والله ما لك من مترك، فأخذ بخطام البعير، تقول: فانطلق معي يهوي بي، فوالله ما صحبت رجلاً من العرب قط أرى أنه كان أكرم منه، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ثم استأخر عني... إلى أن قالت: فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء، قال: زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعاً إلى مكة...




ومن ذلك خلق الجوار الذي استفاد منه المسلمون وهم مستضعفون في مكة، كجوار النجاشي، وجوار المطعم بن عدي للنبي بعد عودته من الطائف، ودخول أبي بكر في جوار ابن الدُّغنة، ولهذا يجوز للمسلمين الدخول في حماية غير المسلمين إذا دعت الحاجة سواء كان المجير كتابياً كالنجاشي أو مشركاً كأبي طالب، وقد يكون الجوار في عصرنا على شكل بلاد مفتوحة أمام المهاجرين، كما عرف في مصطلح الدبلوماسية المعاصرة بحق اللجوء السياسي.




ويمكن القول: إن المنهج الأخلاقي قد استكمل بناؤه في نفوس المسلمين في المرحلة المكية من جهة: بتوجيه القرآن الكريم، ومن جهة أنها تجلت في شخص الرسول ، ومن جهة أن بعض الأخلاق الحميدة كانت متأصلة في نفوس العرب منذ الجاهلية، وقد لعبت دوراً إيجابياً لمصلحة الدعوة مرحلة الاستضعاف.




إذن: فهما جهادان:
جهاد داخل النفس لإصلاحها وجهاد خارج النفس لإصلاح المحيط من حولها، غير أن جهاد النفس كان توطئة وإعداداً للمواجهة الخارجية، وهذه المواجهة مفروضة على المؤمنين؛ لأنها في حقيقتها معركة عقيدة وسنة ربانية لا محيص عنها.




التربية بالأخلاق في الفترة المدنية



وأولها: الشجاعة، فقد وجد الصحابة في رسول الله المثال الذي يحتذى، فكان أشجعهم، يسبقهم حين الفزع، ويثبت حين ينكشف المسلمون، بل يلوذ به شجعان الصحابة، وفي تأمل مواقف أبي دجانة وأنس بن النضر وعلي بن أبي طالب وقادة مؤتة الثلاثة ما يستوقف القارئ عجباً، على أن الشجاعة ليست إقداما وجرأة في القتال وحسب، بل هناك أوصاف تتفرع عنها كإغاثة الملهوف وحب النجدة والسماحة والصفح والمروءة.




ومن الأخلاق: الكرم، وهو موجود لدى العرب، إلا أن النبي كان له القدح المعلا في ذلك فهو أجود بالخير من الريح المرسلة، ولا يرد سائلا، وقد ضرب عثمان -رضي الله عنه- مثالاً عالياً في مواقفه لنصرة المسلمين كشراء بئر رومة، وكذلك أبو طلحة الأنصاري الذي تبرع ببيرحاء، وأبو الدحداح الذي أقرض ربه حائطه، وكرم المسلمين رغم فاقتهم في تجهيز غزوة تبوك، وفي مقدمتهم عثمان.
والوفاء من أخلاق العرب الأصيلة، التي وثقها الإسلام ودعا لها، ومن أمثلته: وفاؤه يوم الحديبية لقريش حين رد عليهم أبا بصير –رضي الله عنه- وإعادته لمفتاح الكعبة لحاجب الكعبة عثمان بن طلحة وقال له: اليوم يوم بر ووفاء، ومن أمثلة الصحابة: وفاء حذيفة بن اليمان بعدم القتال مع الرسول يوم بدر؛ لأنه عاهد قريشاً ألا يشارك الرسول في القتال لما أخذوه، وقال لهم رسول الله لما سألوه: نفي لهم بعهدهم.


وخلاصة القول: إن أخلاق الصحابة كان لها أثر على المدعوين من الأمم الأخرى، ففتحوا القلوب كما فتحوا الآفاق.




http://almoslim.net/node/82805 (http://almoslim.net/node/82805)

أسيـــل
31-07-2008, 11:38 AM
أخيتـــــي ..

بوركـــتِ على هذا الطرح الطيب


.

.


نفعكـِ الله بعلمكـِ وجعله حجَّة لكـِ

وأسعدكـِ في الدارين


.

إسلامية
02-08-2008, 02:58 AM
شكرا على مرورك اختي الكريمة أسيـــل
جزاك الله خيرا

The. Doctor
03-08-2008, 03:14 AM
قال صلى الله عليه وسلم : " إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم "
وقال صلى الله عليه وسلم " .... والكلمة الطيبة صدقة"
وقال صلى الله عليه وسلم " ... وخالق الناسَ بخُلقٍ حسن"
حسن الخلق أيسر و أسهل عبادة
جزاكِ الله خيراً على هذا الموضوع

إسلامية
04-08-2008, 01:24 PM
وياكم اخي الكريم شكرا على مرورك وفقك الله

-Cheetah-
04-08-2008, 10:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قال صلى الله عليه وسلم : " إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم "
وقال صلى الله عليه وسلم " .... والكلمة الطيبة صدقة"
وقال صلى الله عليه وسلم " ... وخالق الناسَ بخُلقٍ حسن"
حسن الخلق أيسر و أسهل عبادة
جزاكِ الله خيراً على هذا الموضوع


ليتها كذلك أخي الحبيب.
"خالق الناس بخلق حسن"

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم).

فلو كانت المسألة بتلك السهولة ما كان الثواب عليها مضاعفا.

لكن في رأيي الأصعب هو الحلم، لأنه يعتم على الشخص ومن حوله، ولذلك حدد في الحديث اعلاه، لكن ما دونه كالصدق والأمانة فلا تعتمد إلا على الشخص ذاته، فليس يوجد ما يجبر الآدمي على الكذب أو الخيانة إلا ضعف نفسه وجبنه.

The. Doctor
07-08-2008, 01:09 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



ليتها كذلك أخي الحبيب.
"خالق الناس بخلق حسن"


فلو كانت المسألة بتلك السهولة ما كان الثواب عليها مضاعفا.

لكن في رأيي الأصعب هو الحلم، لأنه يعتم على الشخص ومن حوله، ولذلك حدد في الحديث اعلاه، لكن ما دونه كالصدق والأمانة فلا تعتمد إلا على الشخص ذاته، فليس يوجد ما يجبر الآدمي على الكذب أو الخيانة إلا ضعف نفسه وجبنه.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلاً بالأستاذ شيتا ، أخي أنا كنت أقصدُ بقولي " حسنُ الخلقِ أيسرُ عبادة" الإبتسامة والكرم والشهامة والسهولة والتواضع والصدق .........إلخ من فضائل الأخلاق.
وكلامك حول الحلم رااائع جداً ويشهدُ له قوله تعالى : ( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) بعد قوله ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )

جزاكم الله خيرا