شــظــايــا
30-07-2008, 11:37 PM
http://www.alqanat.com/images/arabia/2008/7/95486-l1.jpg
لن يكون مشهد المنطقة مألوفاً ومتناغماً مع لعبة التحالفات التقليدية فى ظل تسارع ما يحصل على صعيد أكثر من عاصمة إقليمية وتحديداً، ما يجرى بين باريس ودمشق، وعلى خط دمشق أنقرة تل أبيب.
ولعل أكثر الأطراف اللبنانية استشعاراً بسرعة ما يجرى كان حزب الله الذى فاجأ أمينه العام السيد حسن نصرالله الجميع فى خطابه الذى تلاه فى احتفال الأسرى المحررين، وهذا الخطاب كان فعلاً خطاباً يقال إنه على قياس بدء مرحلة جديدة لا يعرف إلى الآن هويتها ومداها وألغازها.
خطاب يلخص رؤية للمرحلة
ويقول مرجع لبنانى مطلع للوطن العربى إن خطاب نصرالله الذى أبدى فيه مرونة استثنائية إزاء مناقشة الاستراتيجية الدفاعية حمل أكثر من معنى وأكثر من تموضع، لا بل أكثر من مجرد التقاط إيجابى لمناسبة تحرير الأسرى، فهذا الخطاب كما يقول المرجع كان الترجمة العملية لرؤية حزب الله بالنسبة للتطورات الآتية التى يمكن رصد أبرز معالمها، وهى :
1- يشعر حزب الله أن شيئاً ما على درجة عالية من السرية يحصل بين إسرائيل وسورية فى مفاوضاتهما غير المباشرة، وهذه المفاوضات هى فعلاً مفاوضات حقيقية تشكل بداية لما يمكن وصفه بأنه دخول سورى سريع على خط التسوية، لكن أسئلة حزب الله غير المعلنة بالأثمان التى سيضطر النظام السورى إلى دفعها لقاء دخوله فى التسوية، وهل هذه الأثمان ستصل إلى حد قطع المساعدة عن حزب الله وقطع طريق إمداده عبر سورية وهذا مطلب أساسى للمفاوض الإسرائيلى لابد أن يكون فى صلب عملية المحادثات؟ وهذا يعنى إذا حصل أن الحزب سيضطر إلى الاعتماد على استراتيجية دفاع مختلفة كلياً عن تلك التى اعتمدها فى مراحل الدعم السورى غير المحدود، ويتوقف حزب الله عند كلام الرئيس السورى بشار الأسد الذى قال فيه إن السلاح لن يصبح وجوده ضرورياً فى حال تحررت الأرض، وهذا الكلام يرتبط بشكل محدد بموضوعى حماس وحزب الله.
2- تسيير عملية الانفتاح الفرنسية على سورية بشكل يؤشر إلى محاولة فرنسية لترتيب تسوية للنظام السورى فى كل المواضيع الأساسية التى يخشى منها، وخصوصاً موضوع المحكمة وقد توقف الكثير من المراقبين فى لبنان عند طبيعة الزيارة التى قام بها الأسد لباريس ومشاركته فى القمة المتوسطية .
فهذه المشاركة كانت لافتة جداً فى زوايا كثيرة تتعلق بالشكل والمضمون، فمن ناحية الشكل، اصطحب الأسد إلى باريس صهره آصف شوكت، ولوحظ أن الدوائر الفرنسية تعاطت مع الأخير ومع شقيقة الرئيس الأسد بشرى بشكل حميم، بحيث تم تمييزه إلى حد بعيد فى الاستقبالات وفى المواضيع البروتوكولية، وهذا لا يدل فقط على استمرار متانة العلاقة التى ربطت شوكت بساركوزى منذ توليه وزارة الداخلية، وقيام الأول بمساعدة الأمن الفرنسى على رصد حركات الإسلاميين فى فرنسا، بل يرتبط بمدى أهمية ورمزية أن يكون شوكت فى عداد الوفد، وهو فى دائرة الشك بالنسبة لملف رفيق الحريرى، فضلاً عن أن الكثير من التقارير الإعلامية وغير الإعلامية تربط بينه وبين اغتيال مغنية عن تقصير أو غير تقصير، وبمجرد قيام الأسد باصطحاب شوكت إلى باريس، ينفى كلياً الاتجاه الذى ساد بعد اغتيال مغنية عن عزل الأخير وعن تسليم مهامه إلى اللواء على مملوك كما أنه أيضاً يدل على أن ملامح تسوية ما برعاية فرنسية قد تتم فى موضوع المحكمة الدولية، وهذا الأمر له أبعاد كثيرة لبنانياً لأن التسوية هذه سوف تتطلب اختراع كبش محرقة لتلبيسه مسؤولية ما فى عملية الاغتيال.
وتضيف المعطيات أن التحضير للقرار الاتهامى فى اغتيال الحريرى قد بدأ ينضج، وهذا القرار سيكون دليلاً على أن المحكمة الدولية انطلقت فعلاً بتصور كامل أو مجتزئ لرواية الاغتيال وللمسؤولين عنها، ولكل من تورط فيها، وهنا تقول المعطيات إن التوقيت أصبح حساساً جداً بالنسبة للسوريين، فالملف الأول الذى يهمهم هو ملف المحكمة، وهم يفاوضون على كل الجبهات وحتى الإسرائيلية منها كى يتفادوا أن يكون القرار الاتهامى مشتملاً على عناصر أساسية تدين الحلقة القريبة والأساسية للنظام.
http://www.alqanat.com/images/arabia/2008/7/95486-l3.jpg .. واغتيال مغنية
وتقول المعطيات فى هذا الإطار بأن عملية اغتيال مغنية تدخل فعلاً فى نتائج الملفات الأخرى وهى ربما تكون على ترابط مع اغتيال الحريرى ومع غيرها من محاولات الاغتيال، فالكثير من الأطراف بات يهمها أن يتم تضييع التحقيق وإلصاق المسؤوليات بأطراف ثالثة أو رابعة وهذا بحد ذاته سينتج انقلابات كثيرة فى التحقيق وفى التحالفات خصوصاً على خط العلاقة بين سورية وحزب الله الذى لا يزال معنياً بسماع الرواية السورية عن التحقيق الذى تجريه السلطات السورية فى الاغتيال. هذا التحقيق الذى تم تجميده بعد أن كانت بعض الجهات السورية تخطط لإلصاق تهمة الاغتيال بأطراف عربية أساسية.
3- تتوقع بعض المراجع اللبنانية أن يكون سبب مرونة حزب الله مرتبطاً بمحاولة تكييف موقف الحزب داخلياً، مع ما قد يستجد فى المنطقة فإذا كان النظام السورى وفقاً لهذه القراءة يستعد للدخول فى مرحلة جديدة تطوى سلوكه السابق إلى غير رجعة، فإن حزب الله بدوره يستعد لحماية نفسه داخلياً بالانفتاح على الداخل من خلال الاحتماء بالحوار الوطنى من خلال التقدم إلى الأمام خطوات جريئة، فى موضوع الاعتراف بالقرارات الدولية، وهذا الاحتماء كان لافتاً كثيراً خصوصاً لجهة إعلان حزب الله أن عملية تبادل الأسرى جرت برعاية الأمم المتحدة.
4- ترتبط عملية التموضع المتوقعة على المديين القصير أو الطويل بما سيجرى فى الملف النووى الإيرانى، فما يرشح من معطيات لدى أكثر من طرف دولى وعربى يفيد بأن حسم هذا الملف قد أصبح قريباً، فإسرائيل تضغط على الولايات المتحدة الأميركية وعلى أوروبا لوقف تخصيب اليورانيوم أى عملياً لوقف التسارع الزمنى الإيرانى الهادف إلى إنتاج قنبلة نووية، وهذا الضغط يتخذ أشكالاً مختلفة أولها التهديد بالتصرف بشكل منفرد أى توجيه ضربة عسكرية جوية للمنشآت النووية، وهذا يعنى إذا حصل إدخال الولايات المتحدة فى الصراع أو إدخالها فى لعبة الضغط المباشر على إيران سواء لجهة التفاوض غير الدبلوماسى الذى سيجرى قريباً بين واشنطن وطهران، على طريقة التفاوض مع صدام بعد غزوه الكويت أو لجهة التهديد الفعلى لإيران بتوجيه ضربة كاسحة تقضى على حلمها النووى كحد أدنى وتهدد بقاء نظامها كحد أقصى .
والتعامل مع إيران سلماً أو حرباً يبدو أنه ترك تأثيره على سلوك الأطراف فى الداخل وخصوصاً حزب الله الذى أعاد الاعتبار للكثير من أدبياته وسلوكه وتموضعه.
هدنة الدوحة
وعلى أطراف هذه التحولات الكبرى دخلت الساحة اللبنانية عملياً فى هدنة الدوحة فالجبهات ارتاحت وطمست أحداث طرابلس بسحر ساحر وتحركت لغة الصدام إلي لغة الهدوء وحتى إشعار آخر، فإن أوساط الموالاة والمعارضة تتوقع أن يستمر هذا الهدوء على الأقل حتى الأشهر التى تسبق إجراء الانتخابات النيابية، فعمليات التسلم والتسليم فى الوزارات كانت هادئة لا بل كانت حارة خصوصاً بين الخصوم الاتصالات والشؤون الاجتماعية ومرد هذه الحرارة يعود إلى رغبة كل الأطراف بترييح الواقع الداخلى، لأن لا مصلحة لأى طرف باعتماد لغة التشنج منذ الآن، فهذه اللغة تنهك القواعد الشعبية، كما أنها تنهك كل القوى السياسية التى تحتاج إلى قسط من الراحة كافٍ للتحضير للمعركة الفاصلة أى لانتخابات العام .2009
وتعول أطراف عدة على هذه المعركة من زاوية أنها ستحدد مصير الأكثرية، كما مصير الأقلية، كما أنها سترسم خريطة القوى المقبلة.
فى داخل 14 مارس آذار بدأت الورشة الحقيقية الإعلامية والسياسية لوضع استراتيجية مواجهة خصوصاً فى الأماكن المسيحية، وهذه الاستراتيجية ستتركز على تنبيه المسيحيين من الخطر الذى يشكله استمرار سلاح حزب الله من دون ضوابط، وفى المعلومات أن فريق 14 مارس آذار يتحضر لعقد مؤتمر البيال- 2- لرسم استراتيجية موحدة فى مواجهة المعارضة، وهذا المؤتمر سيحاول تجاوز الأزمة التى نتجت عن المشكلة التى حصلت فى داخل 14 مارس آذار جراء الخلاف على الحصص فى تشكيل الحكومة.
ففريق 14 مارس آذار تعرض لهزة عنيفة جراء هذا التشكيل إذا سجل خلاف أساسى بين النائب وليد جنبلاط وسمير جعجع موضوعه توزيع الحقائب المسيحية وكاد هذا الخلاف يؤدى إلى تفجير 14 مارس آذار من الداخل .
وهذا ما أدى إلى قيام النائب سعد الحريرى بعملية وساطة مكثفة نجحت فى نزع فتيل التفجير إلى حين، هذا مع العلم بأن توزيع اللوائح الانتخابية داخل 14 مارس آذار خصوصاً فى الأقضية التى فيها تداخل سنى- مسيحى- ودرزى- مسيحى هذا التوزيع سيكون صعباً للغاية، لأنه سيحدد أحجام كل طرف داخل 14 مارس آذار.
إذا فى انتظار المنازلة الكبرى سيبقى الهدوء سيد الموقف وسيبقى هذا الهدوء عنواناً أساسياً للمرحلة فى انتظار جلاء مصير الخيارات الكبرى فى المنطقة.
http://www.alqanat.com/news/shownews.asp?id=95486 (http://www.alqanat.com/news/shownews.asp?id=95486)
لن يكون مشهد المنطقة مألوفاً ومتناغماً مع لعبة التحالفات التقليدية فى ظل تسارع ما يحصل على صعيد أكثر من عاصمة إقليمية وتحديداً، ما يجرى بين باريس ودمشق، وعلى خط دمشق أنقرة تل أبيب.
ولعل أكثر الأطراف اللبنانية استشعاراً بسرعة ما يجرى كان حزب الله الذى فاجأ أمينه العام السيد حسن نصرالله الجميع فى خطابه الذى تلاه فى احتفال الأسرى المحررين، وهذا الخطاب كان فعلاً خطاباً يقال إنه على قياس بدء مرحلة جديدة لا يعرف إلى الآن هويتها ومداها وألغازها.
خطاب يلخص رؤية للمرحلة
ويقول مرجع لبنانى مطلع للوطن العربى إن خطاب نصرالله الذى أبدى فيه مرونة استثنائية إزاء مناقشة الاستراتيجية الدفاعية حمل أكثر من معنى وأكثر من تموضع، لا بل أكثر من مجرد التقاط إيجابى لمناسبة تحرير الأسرى، فهذا الخطاب كما يقول المرجع كان الترجمة العملية لرؤية حزب الله بالنسبة للتطورات الآتية التى يمكن رصد أبرز معالمها، وهى :
1- يشعر حزب الله أن شيئاً ما على درجة عالية من السرية يحصل بين إسرائيل وسورية فى مفاوضاتهما غير المباشرة، وهذه المفاوضات هى فعلاً مفاوضات حقيقية تشكل بداية لما يمكن وصفه بأنه دخول سورى سريع على خط التسوية، لكن أسئلة حزب الله غير المعلنة بالأثمان التى سيضطر النظام السورى إلى دفعها لقاء دخوله فى التسوية، وهل هذه الأثمان ستصل إلى حد قطع المساعدة عن حزب الله وقطع طريق إمداده عبر سورية وهذا مطلب أساسى للمفاوض الإسرائيلى لابد أن يكون فى صلب عملية المحادثات؟ وهذا يعنى إذا حصل أن الحزب سيضطر إلى الاعتماد على استراتيجية دفاع مختلفة كلياً عن تلك التى اعتمدها فى مراحل الدعم السورى غير المحدود، ويتوقف حزب الله عند كلام الرئيس السورى بشار الأسد الذى قال فيه إن السلاح لن يصبح وجوده ضرورياً فى حال تحررت الأرض، وهذا الكلام يرتبط بشكل محدد بموضوعى حماس وحزب الله.
2- تسيير عملية الانفتاح الفرنسية على سورية بشكل يؤشر إلى محاولة فرنسية لترتيب تسوية للنظام السورى فى كل المواضيع الأساسية التى يخشى منها، وخصوصاً موضوع المحكمة وقد توقف الكثير من المراقبين فى لبنان عند طبيعة الزيارة التى قام بها الأسد لباريس ومشاركته فى القمة المتوسطية .
فهذه المشاركة كانت لافتة جداً فى زوايا كثيرة تتعلق بالشكل والمضمون، فمن ناحية الشكل، اصطحب الأسد إلى باريس صهره آصف شوكت، ولوحظ أن الدوائر الفرنسية تعاطت مع الأخير ومع شقيقة الرئيس الأسد بشرى بشكل حميم، بحيث تم تمييزه إلى حد بعيد فى الاستقبالات وفى المواضيع البروتوكولية، وهذا لا يدل فقط على استمرار متانة العلاقة التى ربطت شوكت بساركوزى منذ توليه وزارة الداخلية، وقيام الأول بمساعدة الأمن الفرنسى على رصد حركات الإسلاميين فى فرنسا، بل يرتبط بمدى أهمية ورمزية أن يكون شوكت فى عداد الوفد، وهو فى دائرة الشك بالنسبة لملف رفيق الحريرى، فضلاً عن أن الكثير من التقارير الإعلامية وغير الإعلامية تربط بينه وبين اغتيال مغنية عن تقصير أو غير تقصير، وبمجرد قيام الأسد باصطحاب شوكت إلى باريس، ينفى كلياً الاتجاه الذى ساد بعد اغتيال مغنية عن عزل الأخير وعن تسليم مهامه إلى اللواء على مملوك كما أنه أيضاً يدل على أن ملامح تسوية ما برعاية فرنسية قد تتم فى موضوع المحكمة الدولية، وهذا الأمر له أبعاد كثيرة لبنانياً لأن التسوية هذه سوف تتطلب اختراع كبش محرقة لتلبيسه مسؤولية ما فى عملية الاغتيال.
وتضيف المعطيات أن التحضير للقرار الاتهامى فى اغتيال الحريرى قد بدأ ينضج، وهذا القرار سيكون دليلاً على أن المحكمة الدولية انطلقت فعلاً بتصور كامل أو مجتزئ لرواية الاغتيال وللمسؤولين عنها، ولكل من تورط فيها، وهنا تقول المعطيات إن التوقيت أصبح حساساً جداً بالنسبة للسوريين، فالملف الأول الذى يهمهم هو ملف المحكمة، وهم يفاوضون على كل الجبهات وحتى الإسرائيلية منها كى يتفادوا أن يكون القرار الاتهامى مشتملاً على عناصر أساسية تدين الحلقة القريبة والأساسية للنظام.
http://www.alqanat.com/images/arabia/2008/7/95486-l3.jpg .. واغتيال مغنية
وتقول المعطيات فى هذا الإطار بأن عملية اغتيال مغنية تدخل فعلاً فى نتائج الملفات الأخرى وهى ربما تكون على ترابط مع اغتيال الحريرى ومع غيرها من محاولات الاغتيال، فالكثير من الأطراف بات يهمها أن يتم تضييع التحقيق وإلصاق المسؤوليات بأطراف ثالثة أو رابعة وهذا بحد ذاته سينتج انقلابات كثيرة فى التحقيق وفى التحالفات خصوصاً على خط العلاقة بين سورية وحزب الله الذى لا يزال معنياً بسماع الرواية السورية عن التحقيق الذى تجريه السلطات السورية فى الاغتيال. هذا التحقيق الذى تم تجميده بعد أن كانت بعض الجهات السورية تخطط لإلصاق تهمة الاغتيال بأطراف عربية أساسية.
3- تتوقع بعض المراجع اللبنانية أن يكون سبب مرونة حزب الله مرتبطاً بمحاولة تكييف موقف الحزب داخلياً، مع ما قد يستجد فى المنطقة فإذا كان النظام السورى وفقاً لهذه القراءة يستعد للدخول فى مرحلة جديدة تطوى سلوكه السابق إلى غير رجعة، فإن حزب الله بدوره يستعد لحماية نفسه داخلياً بالانفتاح على الداخل من خلال الاحتماء بالحوار الوطنى من خلال التقدم إلى الأمام خطوات جريئة، فى موضوع الاعتراف بالقرارات الدولية، وهذا الاحتماء كان لافتاً كثيراً خصوصاً لجهة إعلان حزب الله أن عملية تبادل الأسرى جرت برعاية الأمم المتحدة.
4- ترتبط عملية التموضع المتوقعة على المديين القصير أو الطويل بما سيجرى فى الملف النووى الإيرانى، فما يرشح من معطيات لدى أكثر من طرف دولى وعربى يفيد بأن حسم هذا الملف قد أصبح قريباً، فإسرائيل تضغط على الولايات المتحدة الأميركية وعلى أوروبا لوقف تخصيب اليورانيوم أى عملياً لوقف التسارع الزمنى الإيرانى الهادف إلى إنتاج قنبلة نووية، وهذا الضغط يتخذ أشكالاً مختلفة أولها التهديد بالتصرف بشكل منفرد أى توجيه ضربة عسكرية جوية للمنشآت النووية، وهذا يعنى إذا حصل إدخال الولايات المتحدة فى الصراع أو إدخالها فى لعبة الضغط المباشر على إيران سواء لجهة التفاوض غير الدبلوماسى الذى سيجرى قريباً بين واشنطن وطهران، على طريقة التفاوض مع صدام بعد غزوه الكويت أو لجهة التهديد الفعلى لإيران بتوجيه ضربة كاسحة تقضى على حلمها النووى كحد أدنى وتهدد بقاء نظامها كحد أقصى .
والتعامل مع إيران سلماً أو حرباً يبدو أنه ترك تأثيره على سلوك الأطراف فى الداخل وخصوصاً حزب الله الذى أعاد الاعتبار للكثير من أدبياته وسلوكه وتموضعه.
هدنة الدوحة
وعلى أطراف هذه التحولات الكبرى دخلت الساحة اللبنانية عملياً فى هدنة الدوحة فالجبهات ارتاحت وطمست أحداث طرابلس بسحر ساحر وتحركت لغة الصدام إلي لغة الهدوء وحتى إشعار آخر، فإن أوساط الموالاة والمعارضة تتوقع أن يستمر هذا الهدوء على الأقل حتى الأشهر التى تسبق إجراء الانتخابات النيابية، فعمليات التسلم والتسليم فى الوزارات كانت هادئة لا بل كانت حارة خصوصاً بين الخصوم الاتصالات والشؤون الاجتماعية ومرد هذه الحرارة يعود إلى رغبة كل الأطراف بترييح الواقع الداخلى، لأن لا مصلحة لأى طرف باعتماد لغة التشنج منذ الآن، فهذه اللغة تنهك القواعد الشعبية، كما أنها تنهك كل القوى السياسية التى تحتاج إلى قسط من الراحة كافٍ للتحضير للمعركة الفاصلة أى لانتخابات العام .2009
وتعول أطراف عدة على هذه المعركة من زاوية أنها ستحدد مصير الأكثرية، كما مصير الأقلية، كما أنها سترسم خريطة القوى المقبلة.
فى داخل 14 مارس آذار بدأت الورشة الحقيقية الإعلامية والسياسية لوضع استراتيجية مواجهة خصوصاً فى الأماكن المسيحية، وهذه الاستراتيجية ستتركز على تنبيه المسيحيين من الخطر الذى يشكله استمرار سلاح حزب الله من دون ضوابط، وفى المعلومات أن فريق 14 مارس آذار يتحضر لعقد مؤتمر البيال- 2- لرسم استراتيجية موحدة فى مواجهة المعارضة، وهذا المؤتمر سيحاول تجاوز الأزمة التى نتجت عن المشكلة التى حصلت فى داخل 14 مارس آذار جراء الخلاف على الحصص فى تشكيل الحكومة.
ففريق 14 مارس آذار تعرض لهزة عنيفة جراء هذا التشكيل إذا سجل خلاف أساسى بين النائب وليد جنبلاط وسمير جعجع موضوعه توزيع الحقائب المسيحية وكاد هذا الخلاف يؤدى إلى تفجير 14 مارس آذار من الداخل .
وهذا ما أدى إلى قيام النائب سعد الحريرى بعملية وساطة مكثفة نجحت فى نزع فتيل التفجير إلى حين، هذا مع العلم بأن توزيع اللوائح الانتخابية داخل 14 مارس آذار خصوصاً فى الأقضية التى فيها تداخل سنى- مسيحى- ودرزى- مسيحى هذا التوزيع سيكون صعباً للغاية، لأنه سيحدد أحجام كل طرف داخل 14 مارس آذار.
إذا فى انتظار المنازلة الكبرى سيبقى الهدوء سيد الموقف وسيبقى هذا الهدوء عنواناً أساسياً للمرحلة فى انتظار جلاء مصير الخيارات الكبرى فى المنطقة.
http://www.alqanat.com/news/shownews.asp?id=95486 (http://www.alqanat.com/news/shownews.asp?id=95486)